2573 - " ارملوا بالبيت ليرى المشركون قوتكم " .


قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 150 :


أخرجه أحمد ( 1 / 373 ) : حدثنا روح حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن أيوب بن
جبير عن ابن عباس : أن قريشا قالت : إن محمدا و أصحابه قد وهنتهم حمى يثرب
، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم العام الذي اعتمر فيه قال لأصحابه :
فذكره ، فلما رملوا قالت قريش : ما وهنتهم . هذا سند صحيح على شرط مسلم . و قد
علقه البخاري في " صحيحه " ( 5 / 86 ) عن حماد بن سلمة به نحوه ، و تابعه حماد
بن زيد عن أيوب به نحوه ، و لفظه : " و أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن
يرملوا ثلاثة أشواط ، و يمشوا ما بين الركنين ليري المشركين جلدهم ، فقال
المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم ، هؤلاء أجلد من كذا و كذا !
" . و في " المسند " ( 1 / 305 ) طريق آخر رواه عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ( مر الظهران ) في عمرته بلغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول : ما يتباعثون من العجف ! فقال أصحابه : لو
انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه و حسونا من مرقه أصبحنا غدا حين ندخل على
القوم و بنا جمامة ، قال : " لا تفعلوا و لكن اجمعوا إلي من أزوادكم " ، فجمعوا
له و بسطوا الأنطاع فأكلوا حتى تولوا <1> ، و حثا كل واحد منهم في جراب ، ثم
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد - و قعدت قريش نحو الحجر -
فاضطبع بردائه ثم قال : " لا يرى القوم فيكم غمزة " ، فاستلم الركن ثم دخل حتى
إذا تغيب عن الركن اليماني مشى إلى الركن الأسود ، فقالت قريش : ما يرضون
بالمشي ، إنهم لينقزون نقز الظباء ، ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة ، قال أبو
الطفيل : و أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع
. و سنده صحيح على شرط مسلم أيضا . و أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 3 /
3 / 1 ) من الوجهين . و رواه مسلم ( 4 / 64 ) من طريق الجريري عن أبي الطفيل
نحوه . و هو مخرج في " الإرواء " ( 4 / 315 ) . ثم روى من طريق عطاء عن ابن
عباس قال : " إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم و رمل بالبيت ليري
المشركين قوته " . ( فائدة ) : قد يقول قائل : إذا كان علة شرعية الرمل إنما هي
إراءة المشركين قوة المسلمين ، أفلا يقال : قد زالت العلة فيزول شرعية الرمل ؟
و الجواب : لا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمل بعد ذلك في حجة الوداع كما
جاء في حديث جابر الطويل و غيره مثل حديث ابن عباس هذا في رواية أبي الطفيل
المتقدمة . و لذلك قال ابن حبان في " صحيحه " ( 6 / 47 - الإحسان ) : " فارتفعت
هذه العلة ، و بقي الرمل فرضا على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يوم
القيامة " .


-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل ، و كذا في " جامع المسانيد " ( 31 / 32 ) و " مجمع الزوائد " (
3 / 278 ) و الظاهر أن المراد : انصرفوا و قد شبعوا ، و زاد حتى حثها كل واحد .
اهـ .