طباعة جديدة لكتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
من الصعب أن تصف فرحة طالب العلم بصدور كتابٍ جديد، وتزداد هذه الفرحةُ إذا كان هذا الكتاب فيه منافع للناس، وتصل الفرحة إلى تمامها إذا كان هذا العمل يتصل بصحيح البخاري.
وقد تَجَمَّع ذلك وغيره في كتاب «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» والصادر عن مركز الرسالة للدراسات وتحقيق التراث، وهو من منشورات الأستاذ مروان دعبول، وصدر الكتاب في ثلاثين مجلدًا، تبدأ بمجلدين لكتاب «هُدَى الساري» وهو الباب الذي يؤدي بطالب العلم إلى معرفة «فتح الباري»، وينتهي بمجلد يحتوي فهارس الكتاب.
«فتح الباري» هو البيان والحل لكل ما خفي على طالب العلم في «صحيح البخاري»، ففي مقدمته: «هُدَى الساري» بضم الهاء شرح مؤلفه ابنُ حَجَر العسقلاني كما ذكر هو ما يلي:
1ـ بيان الحِكْمة في تقطيع البخاري للحديث واختصاره, وفائدةِ إعادتِه للحديث وتَكراره.
2ـ بيان السبب في إيراد البخاري للأحاديث المُعلَّقة, والآثار الموقُوفة, مع أنَّها تختلف مع أصل موضوع الكتاب, وألحق ابن حَجَر سياقَ الأحاديث المرفُوعة المُعَلَّقة, والإشارة لمن وَصَلها على سبيل الاختصار.
3ـ اجتهد ابن حَجَر في ضبط غريب الحديث الواقع في مُتونه, مُرَتِّبًا له على حُروف المُعجم, بأَلخَصِ عِبارة وأخلَصِ إشارة, لتسهُل مُراجعتُه, ويَخِفَّ تكراره، كما ذَكَر.
4ـ وضبَط ابن حَجَر الأسماء المُشكلةِ التي في «صحيح البخاري», وكذا الكُنى والأنساب, حيث قال: وهي على قسمين: الأوَّل: المُؤتَلِفة والمختلفة الواقعة فيه, حيثُ تدخُل تحتَ ضابطٍ كُلي لتَسهُل مُراجَعتُها ويخِفَّ تَكرارُها, وما عدا ذلك فيُذكر في الأصلِ. والثاني: المفرَدات مِن ذلك.
5ـ وعرَّف ابن حَجَر شيوخ البخاري الذين أهمَلَ نسبهم إذا كانت يكثُر اشتراكها, كـ «محمد»، لا مَن يقلُّ اشتراكُه كـ «مُسدَّد»، وفيه الكلام على جميع ما فيه مِن مُهمَل ومُبهَم على سياقِ الكتاب مختصرًا.
6ـ ومن فضائل هذا الكتاب الكبرى سياقِ الأحاديث التي انتقدها على البخاري حافظُ عَصرهِ أبو الحسن الدارَقُطني وغيرُه مِن النقاد, والجواب عنها حديثًا حديثًا.
ومن المعروف لدى عامة طلبة العلم أن كتاب «التَّتَبُّع» الذي ذكر فيه الدارقطني هذه الأحاديث صدرت طبعته محرفة، ويمكن للطلبة تدارك ذلك من هذا التحقيق الطيب لفتح الباري الذي نحن بصدد الحديث عنه، وهذا من حسنات هذه الطبعة.
7- جمع ابنُ حَجَر جميعَ مَن طُعِنَ فيه مِن رجال البخاري على ترتيب الحُروف.
8- ثم أردف ابن حَجَر بسياقِ أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم «صحيح البخاري» مُرتِّبًا لهم على الحُروف, وعَد ما لكُلِّ واحدٍ منهم عنده مِن الحديث, ومنه يظهر تحرير ما اشتمل عليه كتابه مِن غير تكرير.
9- ثم ختم ابن حَجَر مُقدَّمته بترجمةٍ وافيةٍ عن خصائص البخاري ومَنَاقبه, جامعةٍ لمآثره ومَنَاقبه, ليكون ذكره واسطةَ عِقْدِ نِظامِها, وسُرَّةَ مِسْكِ خِتامها.
- ثم انتقل بعد ذلك ابن حَجَر في بيان منهجه في شرح أحاديث الكتاب، فقال:
ـ افتَتَحتُ شرح الكتاب مستعينًا بالفتاح الوهاب، فأسُوق إن شاء الله البابَ وحديثَه أولاً, ثم أذكر وجه المناسبة بينهما إن كانت خفية.
ثم أستخرجُ ثانيًا ما يتعلق به غَرضٌ صحيحٌ في ذلك الحديث مِن الفوائد المَتْنِيَّة والإسنادية مِن تتمات وزيادات, وكشفِ غامضٍ, وتصريح مُدلِّسٍ بسماعٍ, ومُتابَعَة سامعٍ مِن شيخٍ اختلط قبل ذلك, مُنتزِعًا كل ذلك مِن أُمَّهات المسانيد والجوامع والمُستخْرَجات والأجزاء والفوائد.
وثالثًا: أصِلُ ما انقطعَ مِن مُعلَّقاته وموقُوفاته, وهناك تلتئم زوائد الفوائد, وتنتظمُ شَوَارِدُ الفرائد.
ورابعًا: أضبِط ما يُشكِل مِن جميع ما تقدَّم أسماءً وأوصافًا, مع إيضاح معاني الألفاظ اللغوية, والتنبيه على النُّكَت البيانية ونحو ذلك.
فأسأل الله سبحانه التوفيق والسداد لكل من اجتهد في خدمة الإسلام وخاصة في أبواب العلم وتيسيره للمسلمين.
محمود محمد خليل الصعيدي
صاحب المسند الجامع والمسند المصنف المعلل.