قال ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات:
ولما أسر الفرنسيس نوبة دمياط تسلمه الطواشي جمال الدين صبيح المعظمي ووضع في رجليه قيد، وسجنه في الدار التي كان فيها فخر الدين ابن لقمان كاتب الإنشاء،
فلذلك قال الصاحب جمال الدين ابن مطروح لما بلغ المسلمين عودة الفرنسيس في المرة الثانية:
قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال حق من مقول فصيح
آجرك الله على ما جرى ... من قتل عبّاد يسوع المسيح
أتيت مصر تبتغي ملكها ... تزعم أن الزمر يا طبل ريح
فساقك الحين إلى أدهمٍ ... ضاق به عن ناظريك الفسيح
وكل أصحابك أوردتهم ... بسوء أفعالك بطن الضّريح
خمسون ألفاً لا يرى منهم ... إلاّ قتيل أو أسير جريح
وفقك الله لأمثالها ... لعلّ عيسى منكم يستريح
إن كان باباكم بذا راضياً ... فربّ غش قد أتى من نصيح
وقل لهم إن أضمروا عودة ... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح
دار ابن لقمانٍ على حالها ... والقيد باقٍ والطواشي صبيح
واشتهرت هذه الأبيات وسارت بها الركبان، خصوصاً البيت الأخير فلهذا قال بعض المغاربة لما قدم الفرنسيس تونس:
يا فرنسيس هذه أخت مصرٍ ... فتيقّن لما إليه تصير
لك فيها دار ابن لقمان قبرٌ ... وطواشيك منكر ونكير
وقال آخر في المعنى الأول أيضاً:
قل للفرنسيس إنّ كلاًّ ... له من المسلمين شاكر
لأنّه محسنٌ إلينا ... بقوده نحونا العساكر
ساق إلى مصر ما اقتناه ... أمة عيسى من الذخائر
وأورد الجمع بحر حربٍ ... مصدره بالمنون آخر
أركبهم أدهماً خضمّاً ... ورابح الشرّ فهو خاسر
ورام باباهم أموراً ... فأخلفت ظنّه المقادر
وأذهل القوم هول حربٍ ... تشخص من خوفه النواظر
لم تعم أبصارهم ولكن ... قد عميت منهم البصائر
ولم يفد وفق فيلسوف ... طلّسمه كاهنٌ وساحر
فإن يعد طالباً لثارٍ ... من أرض دمياط فليبادر
فذلك البحر تعرفوه ... والسيف ماض والجيش حاضر
أعاده الله عن قريب ... لمثلها؛ إنّه لقادر
بحيث لا يبق للنصارى ... من بعد كسر الصليب جابر
ويستريح المسيح منهم ... من كلّ علجٍ وكل كافر