تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الناقض السابع السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    461

    افتراضي الناقض السابع السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

    الناقض السابع
    السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر
    * تعريف السِّحر: «السِّحر في اللغة: عبارة عن الشيء الخفي ولهذا يقول العلماء: السِّحر ما خُفي ولطف سببه».
    * السِّحر في الشرع ينقسم إلى قسمين:
    1- حقيقي: عبارة عن عمل يؤثر في الأبدان أو في القلوب منه ما يقتل ومنه ما يُمرض.
    2- التخييلي: ما يؤثر في الأبصار والأنظار فترى الشيء على خلاف ما هو عليه.
    * حكم السِّحر: «تعلم السِّحر وتعليمه والعمل به والرضا على ذلك كفر».
    * قال ابن هبيرة رحمه الله: «أجمعوا على أن السِّحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال: لا حقيقة له».
    * حقيقة السِّحر: «الحق أن للسحر حقيقة والأدلة والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وسلف الأمة كثيرة جداً».

    * السِّحر يدخل في الشرك من جهتين:
    1- استخدام الجن والشياطين والتقرب إليهم من دون الله بما يريدونه.
    2- ادِّعاء علم الغيب ومنازعة الله في خصوصيته.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    461

    افتراضي رد: الناقض السابع السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

    حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
    فنظرًا لكثرة المشعوذين في الآونة الأخيرة ممن يدعون الطب، ويعالجون عن طريق السحر أو الكهانة، وانتشارهم في بعض البلاد، واستغلالهم للسذج من الناس ممن يغلب عليهم الجهل، رأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن أبين ما في ذلك من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين؛ لما فيه من التعلق بغير الله تعالى، ومخالفة أمره وأمر رسولهﷺ.
    فأقول مستعينا بالله تعالى يجوز التداوي اتفاقًا، وللمسلم أن يذهب إلى دكتور أمراض باطنية أو جراحية أو عصبية أو نحو ذلك، ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الأدوية المباحة شرعًا حسبما يعرفه في علم الطب؛ لأن ذلك من باب الأخذ بالأسباب العادية، ولا ينافي التوكل على الله، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء، عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله، ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم. فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجمًا بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادَّعوا علم الغيب.
    وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي ﷺ قال: من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمدﷺ رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم، عن النبي ﷺ بلفظ: من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمدﷺ وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهﷺ: ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمدﷺ رواه البزار بإسناد جيد.
    ففي هذه الأحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئا من ذلك في الأسواق وغيرها، والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يجوز أن يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يأتي إليهم من الناس، فإنهم جهال لا يجوز التأسي بهم؛ لأن الرسول ﷺ قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم؛ لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر الجسيم والعواقب الوخيمة، ولأنهم كذبة فجرة، كما أن في هذه الأحاديث دليلا على كفر الكاهن والساحر؛ لأنهما يدعيان علم الغيب، وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله، وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه، والمصدق لهم في دعواهم على الغيب يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برئ منه رسول اللهﷺ، ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجًا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس، ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم، كما لا يجوز أيضا لأحد من المسلمين أن يذهب إليهم ليسألهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه، أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
    والسحر من المحرمات الكفرية، كما قال الله عز وجل في شأن الملكين في سورة البقرة: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102].
    فدلت هذه الآيات الكريمة على أن السحر كفر، وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه، كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعًا ولا ضرًا، وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدري؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر، ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين، ولبسوا بها على ضعفاء العقول، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
    كما دلت الآية الكريمة على أنالذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق، أي من حظ ونصيب، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102] والشراء هنا بمعنى البيع، نسأل الله العافية والسلامة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين.
    كما نسأله سبحانه أن يقي المسلمين شرهم، وأن يوفق حكام المسلمين للحذر منهم وتنفيذ حكم الله فيهم، حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثة، إنه جواد كريم، وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه، وأوضح لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه، رحمة منه لهم وإحسانًا منه إليهم وإتمامًا لنعمته عليهم.
    وفيما يلي بيان للأشياء التي يُتقى بها خطر السحر قبل وقوعه، والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعًا، أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه، فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والمعوذات المأثورة، ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام، ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم، وهي قوله سبحانه: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] ومن ذلك قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] خلف كل صلاة مكتوبة، وقراءة السور الثلاث ثلاث مرات في أول النهار بعد صلاة الفجر، وفي أول الليل بعد صلاة المغرب. ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل وهما قوله تعالى: آمَنََ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] إلى آخر السورة.
    وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح وصح عنه أيضًا ﷺ أنه قال: من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه والمعنى والله أعلم: كفتاه من كل سوء. ومن ذلك الإكثار من التعوذ بـ (كلمات الله التامات من شر ما خلق) في الليل والنهار وعند نزول أي منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر؛ لقول النبيﷺ: من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل ثلاث مرات: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) لصحة الترغيب في ذلك عن رسول اللهﷺ، وأن ذلك سبب للسلامة من كل سوء.
    وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضًا من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه، مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس، ومن الأدعية الثابتة عنه ﷺ في علاج الأمراض من السحر وغيره، وكان ﷺ يرقي بها أصحابه: اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما يقولها ثلاثًا، ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي ﷺ وهي قوله: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك ويكرر ذلك ثلاث مرات.
    ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضًا، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله، أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه، ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيها آية الكرسي و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] وآيات السحر التي في سورة الأعراف، وهي قوله سبحانه: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ۝ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلََ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف:117، 119] والآيات التي في سورة يونس، وهي قوله سبحانه: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ۝ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ۝ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ۝ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [يونس:79-82] والآيات التي في سورة طه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ۝ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَاا تَسْعَى ۝ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ۝ قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ۝ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:65-69] وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء.
    ومن علاج السحر أيضًا وهو من أنفع علاجه، بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يُتقى بها السحر ويعالج بها، والله ولي التوفيق.
    وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان، بل من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول ﷺ من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة.
    وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه سئل عن النشرة؟ فقال: هي من عمل الشيطان رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد. والنشرة هي حل السحر عن المسحور ومراده ﷺ بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي سؤال الساحر ليحل السحر أو حله بسحر مثله من ساحر آخر، أما حله بالرقية والمتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك كما تقدم، وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم والشيخ عبدالرحمن بن حسن في فتح المجيد-رحمة الله عليهما، ونص على ذلك أيضًا غيرهما من أهل العلم، والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم دينهم ويرزقهم الفقه فيه والعافية من كل ما يخالف شرعه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه[1].
    نشر جزء من هذه المقالة في الجزء الثاني من كتاب مجموع فتاوى بعنوان (بيان أشياء التي يتقي بها شر السحر) وكذلك صدرت المقالة بكاملها بنشرة من الرئاسة بعنوان: (رسالة في حكم السحر والكهانة) ونشرت في مجلة اليمامة-ومجلة البحوث الإسلامية] (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 3/ 274) رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    461

    افتراضي رد: الناقض السابع السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

    حكم السحر والساحر

    التصنيف:السحر والجن والحسد
    حكم السحر والساحر


    جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها، فحرم الكفر والردة لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات الحسية والمعنوية .

    والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إلا وأفسدها، فالسحر والكفر قلما يفترقان، والسحر سبيل لتبذير المال وتضييعه، وهو مفسد للذرية بتفريق رباط الأسرة، وهو مدخل للزنا والاعتداء على الأعراض؛ وهو كذلك سبيل لاغتيال العقول وطمسها، فلا غرو حينئذ أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم .

    وبين يديك - أخي القارئ – جملة من أحكام الشريعة الإسلامية، التي تبين لك كيف وقف الإسلام من السحر وأهله، وكيف تعامل مع أعمالهم وإفسادهم .

    حكم تعلم السحر وتعليمه :

    اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" "...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".

    ورغم اتفاقهم على حرمة تعلم السحر وتعليمه وممارسته إلا أنهم اختلفوا في تكفير فاعله، فذهب جمهور العلماء ومنهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفيره .

    وذهب الشافعي إلى التفصيل، فإن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر، كفر بذلك، وإلا لم يكفر.

    واستدل الجمهور القائلون بكفر الساحر بقوله تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } قال الحافظ في "الفتح": " فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: { إنما نحن فتنة فلا تكفر } فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح ".

    واستدل الشافعية بما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه . قالوا: دل الحديث على أن السحر ليس من الشرك بإطلاق، ولكن منه ما هو معصية موبقة كقتل النفس وشبهها .


    واستدلوا أيضاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن مدبَّرة لها سحرتها استعجالاً لعتقها فباعتها عائشة ولم تقتلها " رواه الشافعي والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط الشيخين . قال ابن قدامة تعليقا على أثر عائشة : " لو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها ولم يجز استرقاقها " .

    قال الشيخ الشنقيطي : " التحقيق في هذه المسألة – يعني تكفير الساحر - هو التفصيل . فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة " البقرة " فانه كفر بلا نزاع .. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء ."

    عقوبة الساحر

    اختلف أهل العلم في عقوبة الساحر فذهب الحنفية إلى أن الساحر يقتل في حالين: الأول: أن يكون سحره كفرا, والثاني: إذا عرفت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر . وذهب المالكية إلى قتل الساحر, لكن قالوا: إنما يقتل إذا حكم بكفره , وثبت عليه بالبينة لدى الإمام , وعند الشافعية: إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر به, فهو فسق لا يقتل به، إلا إذا قتل أحداً بسحره عمداً فإنه يقتل به قصاصاً .

    وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكن لا يقتل إلا بشرطين: الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن الأعصم , أو يعتقد إباحة السحر . الثاني: أن يكون مسلماً, فإن كان ذميا لم يقتل ; لأنه أقرَّ على شركه وهو أعظم من - السحر , ولأن ( لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله ) .

    واستدل من رأى قتل الساحر بأنه مرتد، والمرتد كافر وحكمه القتل، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري .

    وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر في يوم . رواه أحمد وأبو داود .

    كما روي قتل السحرة عن عدد من الصحابة منهم عثمان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن سعد ، ومن التابعين سبعة منهم عمر بن عبد العزيز .

    قال الشيخ الشنقيطي : " والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر ولم يقتل به إنسانا أنه لا يقتل . لدلالة النصوص القطعية ، والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح . وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي. والعلم عند الله تعالى، مع أن القول بقتله مطلقا قوي جدا لفعل الصحابة له من غير نكير " .

    فك السحر بالسحر ( النشرة )

    اتفق الفقهاء على أن حل السحر بالرقى والأوراد الشرعية جائز ومشروع، أما حل السحر بسحر مثله فمحرم؛ لأنه لا يخرج عن كونه سحراً محرماً كغيره من أنواع السحر، قال ابن القيم : حل السحر بسحر مثله من عمل الشيطان, فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل العمل عن المسحور، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن النشرة ؟ فقال : ( هي من عمل الشيطان ) ذكره أحمد وأبو داود .

    هذه بعض أحكام السحر تعلماً وتعليماً وممارسةً وهي أحكام صارمة، القصد منها التنفير عن هذا الفعل الشنيع واجتنابه، وحماية الناس من شره ومفاسده، فكم جلب السحر على الناس من شرور، وأوقع بينهم من عداوات، وأورث بينهم من أحقاد، وكم هدم من أسر، وأدخل من ضرر على العباد، ولا يمارسه إلا من باع دينه وذهب خلقه: { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } فينبغي للعاقل أن يجتبه أشد الاجتناب فلا يتعلمه مشافهة ولا قراءة من كتاب، ولا يأت ساحراً ولا يسأله فما وراءهم إلا الدمار والهلاك .

    منقول من الشبكة الإسلامية



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: الناقض السابع السِّحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

    بارك الله فيك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •