الفرق بين الوسطية والاعتدال وبين الغلو والتفريط

الوسطية والاعتدال هما من أبرز سمات الإسلام، حيث يدعوان إلى التوازن والاعتدال في جميع جوانب الحياة، بعيدًا عن الغلو (الإفراط) والتفريط (التقصير). يُعد فهم الفرق بين هذه المفاهيم أساسيًا لتحقيق التوازن في حياة المسلم.
تعريف الوسطية والاعتدال:
الوسطية: هي التوسط بين طرفين متضادين، والابتعاد عن الإفراط والتفريط. تُشير إلى الاعتدال والتوازن في الأمور كلها، سواء في العقيدة، العبادة، أو المعاملات. قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، أي أمة معتدلة وخيّرة.
الاعتدال: هو السير على منهج مستقيم دون ميل إلى التطرف أو التساهل. يُعتبر الاعتدال تطبيقًا عمليًا للوسطية في سلوك المسلم وحياته اليومية.
تعريف الغلو والتفريط:
الغلو (الإفراط): هو تجاوز الحد المشروع في الأمور، سواء بزيادة في العبادة أو التشدد في الدين. نهى النبي ﷺ عن الغلو بقوله: "إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" [رواه ابن ماجه].
التفريط (التقصير): هو التهاون والتقصير في أداء الواجبات والفرائض، والابتعاد عن الالتزام بتعاليم الدين. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
الفرق بين الوسطية والاعتدال وبين الغلو والتفريط:
في العقيدة:
الوسطية والاعتدال: التمسك بالعقيدة الصحيحة دون زيادة أو نقصان، والابتعاد عن التأليه أو التعطيل.
الغلو: تأليه غير الله أو التشدد في مسائل العقيدة بما لم يأتِ به الشرع.
التفريط: التهاون في أركان الإيمان أو الشك في الثوابت الدينية.
في العبادة:
الوسطية والاعتدال: أداء العبادات كما شُرعت، دون زيادة تُرهق النفس أو تقصير يُخل بالواجبات.
الغلو: الزيادة في العبادات بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى المشقة والابتعاد عن السنة.
التفريط: التهاون في أداء الفرائض والواجبات الدينية.
الوسطية والاعتدال: التعامل بالحسنى والعدل مع الآخرين، دون ظلم أو تساهل في الحقوق.
الغلو: التشدد في المعاملات، مما يؤدي إلى النفور والعداوة.
التفريط: التساهل في الحقوق والواجبات، مما يؤدي إلى ضياعها.
في المعاملات:
أهمية التمسك بالوسطية والاعتدال:
تحقيق التوازن في حياة المسلم، والابتعاد عن التطرف والتقصير.
ضمان الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام وتطبيقها بشكل سليم.
المساهمة في بناء مجتمع متماسك ومعتدل، بعيد عن التشدد والانحلال.
خاتمة:
الوسطية والاعتدال هما السبيل لتحقيق التوازن في حياة المسلم، والابتعاد عن الغلو والتفريط يضمن فهمًا صحيحًا وتطبيقًا سليمًا لتعاليم الإسلام. لذا، يجب على المسلم التمسك بهذا المنهج الرباني لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.

______________________
كتبه فضيلة الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني