(196) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " (ص 57) .
صحيح.
رواه أبو داود (641) والترمذى (2/215 ـ 216) وابن ماجه (655) وابن أبى شيبة (2/28/1) وابن الأعرابى فى " المعجم " (ق 197/1) والحاكم (1/251) والبيهقى (2/233) وأحمد (6/150 ,
ثم أسند الحاكم من طريق عبد الوهاب بن عطاء ابنى [1] سعيد عن قتادة عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره
وهذا المرسل علقه أبو داود عقب الموصول كأنه يعله به! وليس بعلة , فإن حماد بن سلمة ثقة وقد وصله عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية عن عائشة.
فهذا إسناد آخر لقتادة , وهو غير إسناد المرسل عن الحسن , فهو شاهد جيد للموصول , لاسيما وقد تابع حماد بن سلمة على وصله سميه حماد بن زيد.
كما أخرجه ابن حزم فى " المحلى " (3/219) .
وكما أن لقتادة فيه إسنادين , فكذلك لحماد بن سلمة فيه أسانيد , أحدها عن قتادة وهو هذا.
والثانى: عن هشام عن محمد بن سيرين عن حفصة (1) بنت الحارث عن عائشة نحوه.
أخرجه ابن الأعرابى عقب الإسناد الأول قال: أخبرنا أبو رفاعة أخبرنا أبو عمر عن حماد عن هشام به.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , هشام هو ابن حسان وهو ثقة , من أثبت الناس فى ابن سيرين , احتج به الشيخان.
وأبو عمر هو حفص بن عمر الضرير وهو ثقة من شيوخ أبى داود. وأبو رفاعة هو عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب العدوى البصرى ترجمه الخطيب فى تاريخه وقال: " وكان ثقة , ولى القضاء , مات سنة 271 ".
والثالث: عن أيوب عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة نحوه , قالت: فألقت إلى عائشة ثوبا فقالت: شقيه بين بناتك خمرا.
أخرجه أبو عروبة بإسناده السابق عن حماد عن أيوب به.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا.
وصفية بنت الحارث أوردها ابن حبان فى " ثقات التابعين " (1/94) , وجزم الحافظ ابن حجر فى " التقريب " بأنها صحابية , وقد أوردها فى " القسم الأول " من كتابه " الإصابة " (8/125) .
فقد ظهر مما سبق أنه اتفق ثلاثة من الثقات على رواية الحديث عن ابن سيرين عن صفية عن عائشة موصولا , فلا يضره رواية أحدهم وهو قتادة من طريق أخرى مرسلا , بل إنها تقوى الرواية الموصولة كما تقدم ذكره.
وكذلك لا يضره رواية ـ الآخرين ـ وهما هشام وأيوب منقطعا بإسقاط صفية من الإسناد.
كما رواه بعضهم عنهما , فقد قال الزيلعى فى " نصب الراية " (1/295 ـ 296) بعد أن أخرج الحديث: " قال الدارقطنى فى " كتاب العلل ": حديث " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " يرويه قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة , واختلف فيه على قتادة , فرواه حماد بن سلمة عن قتادة هكذا مسندا مرفوعا عن النبى صلى الله عليه وسلم , وخالفه شعبة , وسعيد بن بشير (2) فروياه عن قتادة موقوفا.
ورواه أيوب السختيانى وهشام بن حسان عن ابن سيرين مرسلا عن عائشة , أنها نزلت على صفية بنت الحارث حدثتها (3) بذلك , ورفعا الحديث وقول أيوب وهشام أشبه بالصواب. انتهى كلامه ".
قلت: وفى هذا التصويب عندى نظر , لأنه قائم على أساس ترجيح رواية الأكثر على الأقل , وهذا مقبول عند تعارض الروايتين تعارضا لا يمكن التوفيق بينهما بوجه من الوجوه المقررة فى علم المصطلح , وليس كذلك الأمر هنا , ذلك لأن رواية قتادة للحديث موصولا بذكر صفية بنت الحارث فى الإسناد , لا ينافى رواية أيوب وهشام المرسلة بل روايته تضمنت زيادة وهى الوصل , وهو ثقة فيجب قبولها.
وهذا يقال فيما إذا لم يرد الحديث موصولا من طريق المذكورين ذاتها , فكيف وقد صح عنهما موصولا أيضا كما سبق , وبذلك تبين أن الحديث صحيح كما قال الحاكم والذهبى , والحمد لله على توفيقه.
(تنبيهان) :
الأول: عزا الزيلعى الحديث لابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما وإسحاق بن راهوية وأبى داود الطيالسى فى مسنديهما , وتبعه على ذلك الحافظ العسقلانى فى " الدراية " (ص 65) .
ولم أجده فى مسند الطيالسى , ولا أورده الشيخ عبد الرحمن البناء فى ترتيبه إياه المسمى ب " منحة المعبود " , فلعله وقع فى بعض النسخ من المسند , وإلا فعزوه إليه وهم.
الثانى: قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 108) بعد أن خرج الحديث: " وأعله الدارقطنى بالوقف , وقال: إن وقفه أشبه.

__________
(1) كذا الأصل , وليس في الرواة "حفصة بنت الحارث" بل صفية بنت الحارث , فالظاهر أنه تحرف اسمها على بعض النسخ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , والصواب: أنبأ}
(2) الأصل (بر) وهو تصحيف.
(3) الأصل (حدثتها) وهو خطأ وحديثهما في المسند (6/96، 238)
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني