تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا ورع كالكف

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي لا ورع كالكف

    لا وَرَعَ كالكَفِّ
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار



    عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا أبا ذر، لا عَقْل كالتدبير، ولا وَرَع كالكف، ولا حَسَب كحُسْن الخُلُق)).

    هذا الحديث فيه جمل ثلاث هُنَّ وصايا من المعصوم صلَّى الله عليه وسلَّم لصاحبه أبي ذر، خاصة وهنَّ لأمته عامة:
    الوصية الأولى:
    في بيان العقل وعلاماته وآثاره، وأن العقل الممدوح في الكتاب والسنة - هو قوة ونعمة أنعم الله بها على العبد يعقل بها الأشياء النافعة، والعلوم والمعارف، ويتعقَّل بها، ويمتنع من الأمور الضارة والقبيحة؛ فهو ضروري للإنسان لا يستغني عنه في كل الأحوال الدينية والدنيوية، وصدق المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا عقل كالتدبير))؛ أي تدبير أمور العبد الدينية وأموره الدنيوية، فتدبيره لأمور دينه أن يسعى في تعرف الصراط المستقيم، وما كان عليه النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الأخلاق والهدى والسمت، ثم يسعى في سلوكه بحالة منتظمة فمتى دبَّر أحواله الدينية بهذا الميزان الشرعي، فقد كمل عقله ودينه؛ لأن المطلوب من العقل أن يوصل صاحبه إلى العواقب الحميدة من أقرب طريق وأيسره، وأما تدبير المعاش، فإن العاقل يسعى في طلب الرزق بالطرق المشروعة الميسَّرة، ولا يتخبَّط في طلب الأسباب خبط عشواء، أو يلتمس طُرقًا محرَّمة، والعاقل متى انفتح له باب رزق، استمرَّ عليه وثابر، وفي ذلك الخير والبركة، وهذا التدبير في تحصيل الرزق.

    وهناك تدبير آخر في تصريفه وإنفاقه، فلا ينفق في طرق محرَّمة أو طريق غير نافعة، أو يسرف في النفقات المباحة أو يقتر، وميزان ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

    الوصية الثانية:
    ((لا وَرَع كالكف))، فالوَرِع الحقيقي: هو الذي يكفُّ نفسه وقلبه ولسانه، وجميع جوارحه عن الأمور المحرَّمة الضارة، فمَن حفظ قلبه عن الشكوك والشبهات، وعن الشهوات المحرمة والغلِّ والحقد، وعن سائر مساوئ الأخلاق، وحفظ لسانه عن الغيبة والنميمة، والكذب والشتم، وعن كل إثم وأذى وكلام محرم، وحفظ بصره وفرجه عن الحرام، وحفظ بطنه عن أكل الحرام، وجوارحه عن كسب الآثام - فهذا هو الوَرِع حقيقة، ومَن ضيَّع شيئًا من ذلك، نقص من ورعه بقدر ذلك، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: (الوَرَع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة).

    الوصية الثالثة:
    ((ولا حسب كحُسْن الخُلق)) الحسب مرتبة عالية عند الخلق وصاحب الحسب له اعتبار وشرف ومكان رفيع في أعين الناس، والحسب نوعان:

    الأول: يتعلق بنسب الإنسان وشرف بيته، وهذا لا يمدح صاحبه، إلا إذا كان مترفِّعًا عن الشر ومساوئ الأخلاق، فإذا جمع مع الحسب التقوى، فذلك جماع الخير، وصدق الحبيب المصطفى إذ يقول: ((الناس معادن، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا)).

    الثاني: الحسب الحقيقي الذي هو وصف للعبد وجمال له وزينة، وخير في الدنيا والآخرة، وهو حُسن الخُلق المحتوي على الحِلم والصبر، والعفو وبذل المعروف والإحسان، واحتمال الإساءة والأذى، ومخالقة طبقات الناس بخُلق حسَن، وهو نوعان: حُسْن الخُلق مع الله، وهو أن تتلقى أحكامه الشرعية والقدرية بالرضا والتسليم لحُكْمه، والانقياد لشرعه بطمأنينة ورضا وشكر لله على ما أنعم به.

    وحُسْن الخُلق مع الخَلْق، وهو بذل الندى وكف الأذى وصدق الله العظيم: ﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199] ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت34 - 35].

    فمن قام بحُسْن الخُلق مع الله ومع خَلْقه، فقد نال الخير العظيم، وفاز بالفلاح في الدنيا والآخرة، وذاق طعم السعادة التي حرم منها الكثيرون.

    إن حُسْن الخُلق مرتبة عالية في الدين يهبها الله لمن يشاء من عباده، وهؤلاء هم الفضلاء الذين ينفعون الناس ويدلونهم على الخير، كالإدلاء على الصراط المستقيم الذي من حوله طرق ملتوية معوجَّة، على كل طريق منها طائفة تدعو إلى نحلتها أو مذهبها، وكل منهم يغنيِّ على ليلاه، لكن وسط هذه الطرق الملتوية المعوجة طريق واضح مستقيم، ندعو بكل صلاة أن يهدينا إليه ربنا - اهدنا الصراط المستقيم - والذين يسلكون هذا الطريق هم الناجون يوم القيامة، هم الهاشون الباشون، الآلفون المألوفون، هم المتحبِّبون للخَلْق المحبوبون منهم، أولهم الأنبياء وبعدهم العلماء المخلصون، ومن سار على نهجهم، والتزم طريقهم إلى يوم الدين.

    والأمَّة أحوج ما تكون إلى هؤلاء الذين يأخذون بيد المخطئ بأسلوب شرعي، فما تلبث أن تراه يقلع عن خطأه، ويعود إلى الجادة، أمَّا أولئك الذين يعيبون على الناس ويعنفونهم، ويسيئون إليهم ويحاسبونهم على نيَّاتهم، فهؤلاء لا ينفع الله بهم، ولا يبارك في جهودهم، بل قد يكون ضررهم أكثر من نفعهم، فلينتبه المقصرون؛ فليست كل بيضاء شحمة، ولا حمراء لحمة.

  2. #2

    افتراضي رد: لا ورع كالكف

    لعل الشيخ استشهد بهذه الرواية من باب أنه لا بأس بالعمل بالحديث الضعيف السند في فضائل الأعمال
    فقد مر بي في هذا الموقع ذاته " الألوكة " أن تخريجه : رواه البَيهقيُّ في شُعَب الإيمان، وهو في ضعيف الترغيب .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,692

    افتراضي رد: لا ورع كالكف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو ريان الصالحي مشاهدة المشاركة
    لعل الشيخ استشهد بهذه الرواية من باب أنه لا بأس بالعمل بالحديث الضعيف السند في فضائل الأعمال
    فقد مر بي في هذا الموقع ذاته " الألوكة " أن تخريجه : رواه البَيهقيُّ في شُعَب الإيمان، وهو في ضعيف الترغيب .
    نعم، بارك الله فيك.
    في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 216):
    (رواه الطبراني، وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •