﴿ فَذُوقُوا۟ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٣٠﴾] عن عبد الله بن عمرو، قال: لم تنزل على أهل النار آية أشد من هذه: (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً)؛ قال: فهم في مزيد من العذاب أبداً. الطبري: 24/169.
﴿ وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَٰهُ كِتَٰبًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٢٩﴾] كل شيءٍ من قليل وكثير (أحصيناه كتابا) أي: كتبناه في اللوح المحفوظ، فلا يخشى المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء، أو ينسى منها مثقال ذرة. السعدي: 907.
﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٢١﴾] يعني: أنه لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا، وإلا احتبس. ابن كثير: 4/464.
﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٩﴾] أي راحة لكم، وقطعاًً لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتنقطع حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة. السعدي: 906.
﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلْأَرْضَ مِهَٰدًا ﴿٦﴾ وَٱلْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴿٧﴾ وَخَلَقْنَٰكُمْ أَزْوَٰجًا ﴿٨﴾ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ﴿٩﴾ وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ لِبَاسًا ﴿١٠﴾ وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشًا ﴿١١﴾ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴿١٢﴾ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴿١٣﴾ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَٰتِ مَآءً ثَجَّاجًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٦﴾] وإنما ذكر الله تعالى هنا هذه المخلوقات على جهة التوقيف ليقيم الحجة على الكفار فيما أنكروه من البعث؛ كأنه يقول: إن الإله الذي قدر على خلقة هذه المخلوقات العظام قادر على إحياء الناس بعد موتهم. ابن جزي: 1/2541.
﴿ ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٣﴾] وجيء بالجملة الاسمية في صلة الموصول دون أن يقول: «الذي يَختلفون فيه»، أو نحو ذلك؛ لتفيد الجملة الاسمية أن الاختلاف في أمر هذا النبأ متمكن منهم ودائم فيهم؛ لدلالة الجملة الاسمية على الدوام والثبات. ابن عاشور: 30/11.
﴿ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ ﴿١﴾ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ ﴾ [سورة النبأ آية:﴿١﴾] ذكر سبحانه تساؤلهم عن ماذا، وبيَّنه فقال: (عن النبأ العظيم). فأورده سبحانه أولاً على طريقة الاستفهام مبهماً لتتوجه إليه أذهانهم، وتلتفت إليه أفهامهم، ثم بيَّنه بما يفيد تعظيمه وتفخيمه؛ كأنه قيل: عن أي شيء يتساءلون؟ هل أخبركم به؟ ثم قيل بطريق الجواب: (عن النبأ العظيم). الشوكاني: 5/363.
﴿ هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿١٥﴾] وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم؛ أي إن فرعون كان أقوى من كفار عصرك ثم أخذناه، وكذلك هؤلاء. القرطبي:22/53.
﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴿٨﴾ أَبْصَٰرُهَا خَٰشِعَةٌ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٨﴾] (أبصارها خاشعة): كناية عن الذل والخوف. ابن جزي:1/2545.
﴿ وَٱلنَّٰشِطَٰتِ نَشْطًا ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٢﴾] قال بعض السلف: إن الملائكة يسلون أرواح المؤمنين سلا رقيقا، ثم يتركونها حتى تستريح رويدا، ثم يستخرجونها برفق ولطف؛ كالذي يسبح في الماء؛ فإنه يتحرك برفق لئلا يغرق، فهم يرفقون في ذلك الاستخراج لئلا يصل إلى المؤمن ألم وشدة. الألوسي:30/23.
﴿ إِنَّآ أَنذَرْنَٰكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يَٰلَيْتَنِى كُنتُ تُرَٰبًۢا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٤٠﴾] عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أن الله تعالى يقتص يوم البعث للبهائم، بعضها من بعض ثم يقول لها: كوني تراباً، فتكون؛ فيتمنى الكافر مثل ذلك. فقد عُلِم أن ذلك اليوم في غاية العظمة، وأنه لا بد من كونه. البقاعي:21/216.
﴿ إِنَّآ أَنذَرْنَٰكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يَٰلَيْتَنِى كُنتُ تُرَٰبًۢا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٤٠﴾] الكافر يقول ذلك يوم القيامة، حين لا تُقبل توبة، ولا تنفع حسنة، وأما من يقول ذلك في الدنيا فهذا يقوله في دار العمل على وجه الخشية لله، فيُثاب على خوفه من الله، وقد قالت مريم: (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً) [مريم:23]، ولم يكن هذا كتمني الموت يوم القيامة. ابن تيمية:6/456.
﴿ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّٰبًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٣٥﴾] فلما أحاط بأهل جهنم أشدُّ الأذى بجميع حواسهم، من جراء حرق النار وسقيهم الحميم والغساق، لينال العذاب بواطنهم كما نال ظاهر أجسادهم، كذلك نفى عن أهل الجنة أقل الأذى، وهو أذى سماع ما يكرهه الناس فإن ذلك أقل الأذى. ابن عاشور:30/46.
﴿ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّٰبًا ﴾ [سورة النبأ آية:﴿٣٥﴾] قوله: (لا يسمعون فيها لغواً ولا كذابا) كقوله: (لا لغو فيها ولا تأثيم) [الطور: 23]؛ أي: ليس فيها كلام لاغٍ عارٍ عن الفائدة، ولا إثم كذب، بل هي دار السلام، وكل ما فيها سالم من النقص. ابن كثير: 4/465.
﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَىٰهَا ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٤٥﴾] أي: إنما بعثت لتنذر بها، وليس عليك الإخبار بوقتها، وخص الإنذار بـ(من يخشاها)؛ لأنه هو الذي ينفعه الإنذار. ابن جزي:2/535.
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ ﴿٤٠﴾ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٤٠﴾] وأصل الهوى: مطلق الميل وشاع في الميل إلى الشهوة، وسمي بذلك على ما قال الراغب: لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل واهية وفي الآخرة إلى الهاوية، ولذلك مدح مخالفه. قال بعض الحكماء: إذا أردت الصواب فانظر هواك فخالفه. وقال الفضيل: أفضل الأعمال مخالفة الهوى. الألوسي:3/36.
﴿ وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٣٦﴾] الظاهر أن تبرز لكل راء فأما المؤمن فيعرف برؤيتها قدر نعمة الله عليه بالسلامة منها وأما الكافر فيزداد غما إلى غمه وحسرة إلى حسرته. الشوكاني:5/380.
﴿ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُ ۚ بَنَىٰهَا ﴿٢٧﴾ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّىٰهَا ﴿٢٨﴾ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَىٰهَا ﴿٢٩﴾ وَٱلْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ ﴿٣٠﴾ أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَىٰهَا ﴿٣١﴾ وَٱلْجِبَالَ أَرْسَىٰهَا ﴿٣٢﴾ مَتَٰعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَٰمِكُ مْ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٢٧﴾] يقول تعالى مبيناً دليلاًً واضحاًً لمنكري البعث ومستبعدي إعادة الله للأجساد: (أأنتم) أيها البشر (أشد خلقاً أم السماء)... فالذي خلق السماوات العظام وما فيها من الأنوار والأجرام، والأرض الكثيفة الغبراء وما فيها من ضروريات الخلق ومنافعهم لا بد أن يبعث الخلق المكلفين، فيجازيهم على أعمالهم، فمن أحسن فله الحسنى، ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه؛ ولهذا ذكر بعد هذا قيام الساعة ثم الجزاء. السعدي: 909.
﴿ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰٓ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿٢٦﴾] فإن من يخشى الله هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، فإذا رأى عقوبة فرعون عرف أن كل من تكبر وعصى وبارز الملك الأعلى عاقبه في الدنيا والآخرة، وأما من ترحلت خشية الله من قلبه فلو جاءته كل آية لم يؤمن بها. السعدي:909.
﴿ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿١٩﴾] وتفريع (فتخشى) على (وأهديك) إشارة إلى أن خشية الله لا تكون إلا بالمعرفة؛ قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر:28]؛ أي: العلماء به، أي: يخشاه خشية كاملة لا خطأ فيها ولا تقصير. ابن عاشور:30/77.
﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ ﴾ [سورة النازعات آية:﴿١٨﴾] حَثُّهُ على أن يستعد لتخليص نفسه من العقيدة الضالة، التي هي خبث مجازي في النفس فيقبَلَ إرشاد من يرشده إلى ما به زيادة الخير. ابن عاشور:30/77.
﴿ فَلْيَنظُرِ ٱلْإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ ﴾ [سورة عبس آية:﴿٢٤﴾] أمر بالاعتبار في الطعام كيف خلقه الله بقدرته ويسره برحمته، فيجب على العبد طاعته وشكره ويقبح معصيته والكفر به. ابن جزي:2/538.
﴿ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ ﴿١٨﴾ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ ﴿١٩﴾ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ ﴿٢٠﴾ ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقْبَرَهُۥ ﴾ [سورة عبس آية:﴿١٨﴾] فقد عرف بهذا أن أول الإنسان نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة، فما شرَّفَه بالعلم إلا الذي أبدعه وصوره، وذلك موجب لأن يشكره لا أن يكفره. البقاعي:21/262.
﴿ ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقْبَرَهُۥ ﴾ [سورة عبس آية:﴿٢١﴾] أي أكرمه بالدفن، ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها على وجه الأرض. السعدي:911.
﴿ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ ﴿١٨﴾ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ ﴾ [سورة عبس آية:﴿١٨﴾] أي: من أي شيء خلق الله هذا الكافر فيتكبر؟! أي: اعجبوا لخلقه (من نطفة) من ماء يسير مهين جماد خلقه، فلِمَ يغلط في نفسه؟! قال الحسن: كيف يتكبر من خرج من سبيل البول مرتين؟! القرطبي:22/79.
﴿ كَلَّآ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴿١١﴾ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ ﴿١٢﴾ فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ﴿١٣﴾ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍۭ ﴿١٤﴾ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ ﴿١٥﴾ كِرَامٍۭ بَرَرَةٍ ﴾ [سورة عبس آية:﴿١١﴾] (كلا إنها تذكرة): يعني: القرآن. (بأيدي سفرة * كرام بررة) أي: خلقهم كريم، حسن، شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة، ومن ههنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرشاد. ابن كثير:4/472.
﴿ وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ ﴿٨﴾ وَهُوَ يَخْشَىٰ ﴿٩﴾ فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ﴾ [سورة عبس آية:﴿٨﴾] الممنوع عنه في الحقيقة الإعراض عمن أسلم، لا الإقبال على غيره والاهتمام بأمره حرصا على إسلامه. الألوسي:15/243.
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ﴿١﴾ أَن جَآءَهُ ٱلْأَعْمَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ﴿٣﴾ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰٓ ﴿٤﴾ أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ ﴿٥﴾ فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ ﴿٦﴾ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ ﴿٧﴾ وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ ﴿٨﴾ وَهُوَ يَخْشَىٰ ﴿٩﴾ فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ﴾ [سورة عبس آية:﴿١﴾] هذه فائدة كبيرة، هي المقصودة من بعثة الرسل، ووعظ الوعاظ، وتذكير المذكرين، فإقبالك على من جاء بنفسه مفتقراً لذلك منك هو الأليق الواجب، وأما تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير مع تركك من هو أهم منه، فإنه لا ينبغي لك، فإنه ليس عليك أن لا يزكى، فلو لم يَتَزَكَّ فلست بمحاسب على ما عمله من الشر. فدل هذا على القاعدة: أنه لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة. السعدي:911.
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَٰلَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿٢٧﴾] هذا القرآن ذكر لجميع الناس؛ يتذكرون به ويتعظون: (إن هو إلا ذكر للعالمين * لمن شاء منكم أن يستقيم) أي: من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن؛ فإنه منجاة له وهداية، ولا هداية فيما سواه. ابن كثير:4/481.
﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَٰنٍ رَّجِيمٍ ﴿٢٥﴾ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿٢٥﴾] فمن علم هذه الأوصاف للقرآن والرسولين الآتيين به الملكي والبشري؛ أحبه وأحبهما، وبالغ في التعظيم والإجلال، وأقبل على تلاوته في كل أوقاته، وبالغ في السعي في كل ما يأمر به والهرب مما ينهى عنه، ليحصل له الاستقامة رغبة في مرافقة من أتى به ورؤية من أتى من عنده. البقاعي:21/294.
﴿ إِنَّهُۥ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿١٩﴾ ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ ﴿٢٠﴾ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿١٩﴾] هذا كله يدل على شرف القرآن عند الله تعالى، بأنه بعث به هذا الملك الكريم، الموصوف بتلك الصفات الكاملة، والعادة أن الملوك لا ترسل الكريم عليها إلا في أهم المهمات، وأشرف الرسائل. السعدي:913.
﴿ وَإِذَا ٱلْمَوْءُۥدَةُ سُئِلَتْ ﴿٨﴾ بِأَىِّ ذَنۢبٍ قُتِلَتْ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿٨﴾] إشعار بأنه لا ذنب لها فتقتل بسببه، بل الجرم على قاتلها؛ ولكن لعظم الجرم يتوجه السؤال إليها تبكيتا لوائدها. الشنقيطي:8/438.
﴿ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿٧﴾] قُرِنَ كل صاحب عمل بشكله ونظيره، فقُرِنَ بين المتحابين في الله في الجنة، وقُرِنَ بين المتحابين في طاعة الشيطان في الجحيم، فالمرء مع من أحب شاء أو أبى. ابن القيم:3/257.
﴿ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿١﴾......عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ ﴾ [سورة التكوير آية:﴿١﴾] هذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم القيامة من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب، وتشتد من أجلها الكروب، وترتعد الفرائص، وتعم المخاوف، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم. السعدي:912.
﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴿٤٠﴾ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴿٤١﴾ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ ﴾ [سورة عبس آية:﴿٤١﴾] أي الذين خرجوا عن دائرة الشرع خروجاً فاحشاً حتى كانوا عريقين في ذلك الكفر والفجور، وهم في الأغلب المترفون الذين يحملهم غناهم على التكبر والأشر والبطر، فلجمعهم بين الكفر والفجور جمع لهم بين الغبرة والقترة. البقاعي:21/273.
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَٰفِظِينَ ﴿١٠﴾ كِرَامًا كَٰتِبِينَ ﴿١١﴾ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الإنفطار آية:﴿١٠﴾] قد أقام الله عليكم ملائكة كراماً يكتبون أقوالكم وأفعالكم، ويعلمون أفعالكم،... فاللائق بكم أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم. السعدي:914.
﴿ أَلَا يَظُنُّ أُو۟لَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٤﴾] وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن ووصف اليوم بالعظيم وقيام الناس فيه لله خاضعين ووصف ذاته برب العالمين بيان بليغ لعظم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف. القرطبي:22/136.
﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِي نَ ﴿١﴾ ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿١﴾] وفي ذلك تنبيه على أن أصل الآفات الخلق السيِّء، وهو حب الدنيا الموقع في جَمْعِ الأموال من غير وجهها ولو بأخس الوجوه: التطفيف الذي لا يرضاه ذو مروءة، وهم من يقاربون ملء الكيل وعدل الوزن ولا يملؤون ولا يعدلون. البقاعي:21/311.
﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِي نَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿١﴾] والتقديم في افتتاحية هذه السورة بالويل للمطففين، يشعر بشدة خطر هذا العمل، وهو فعلا خطير; لأنه مقياس اقتصاد العالم وميزان التعامل، فإذا اختل أحدث خللا في اقتصاده، وبالتالي اختلال في التعامل، وهو فساد كبير. الشنقيطي:8/454.
﴿ إِنَّ ٱلْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ ﴿١٣﴾ وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ ﴾ [سورة الإنفطار آية:﴿١٣﴾] لا تحسب أن الآية مقصورةٌ على نعيم الآخرة وجحيمها فقط، بل في دورهم، أعني: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، فهؤلاء في نعيم، وهؤلاء في جحيم، وهل النعيمُ إلا نعيم القلب؟ وهل العذاب إلا عذاب القلب؟ وأي عذابٍ أشد من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر وإعراضه عن الله والدار الآخرة وتعلقه بغير الله وانقطاعه عن الله بكل وادٍ منه شعبة؟! وكل من تعلق به وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب. ابن القيم:3/267.
﴿ إِنَّ ٱلْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ ﴾ [سورة الإنفطار آية:﴿١٣﴾] فهؤلاء جزاؤهم النعيم في القلب والروح والبدن في دار الدنيا، وفي دار البرزخ، وفي دار القرار. السعدي:914.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ ﴾ [سورة الإنفطار آية:﴿٦﴾] التعبير بالرب مع دلالته على الإحسان يدل على الانتقام عند الإمعان في الإجرام؛ لأن ذلك شأن المربي، فكان ذلك مانعاً من الاغترار لمن تأمل. البقاعي:21/302.
﴿ وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓا۟ إِلَىٰٓ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُوا۟ فَكِهِينَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٣١﴾] أي: مسرورين مغتبطين، وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا، حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد أنهم أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، وتجرؤا على القول عليه بلا علم. السعدي:916.
﴿ وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسْنِيمٍ ﴿٢٧﴾ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٢٧﴾] والتسنيم أعلى أشربة الجنة، فأخبر سبحانه أن مزاج شراب الأبرار من التسنيم، وأن المقربين يشربون منه بلا مزاج...وهذا لأن الجزاء وفاق العمل، فكما خلصت أعمال المقربين كلها لله خلص شرابهم، وكما مزج الأبرار الطاعات بالمباحات مزج لهم شرابهم، فمن أَخْلَصَ أُخْلِص شرابه، ومن مَزَج مُزِج شرابُه. ابن القيم:3/270.
﴿ خِتَٰمُهُۥ مِسْكٌ ۚ وَفِى ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَٰفِسُو نَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٢٦﴾] وفي هذه الآية الكريمة لفت لأول السورة، إذا كان أولئك يسعون لجمع المال بالتطفيف، فلهم الويل يوم القيامة. وإذا كان الأبرار لفي نعيم يوم القيامة، وهذا شرابهم، فهذا هو محل المنافسة، لا في التطفيف من الحب أو أي مكيل أو موزون. الشنقيطي:8/463.
﴿ خِتَٰمُهُۥ مِسْكٌ ۚ وَفِى ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَٰفِسُو نَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٢٦﴾] المتنافسون أي الراغبون في المبادرة إلى طاعة الله تعالى وأصل التنافس التغالب في الشيء النفيس، ومجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم من غير إدخال ضرر على غيره وهي بهذا المعنى من شرف النفس وعلو الهمة. الألوسي:15/283.
﴿ كَلَّآ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿١٥﴾] قال الحسين بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته قال الزجاج في هذه الآية دليل على أن الله عز وجل يرى في القيامة. الشوكاني:5/400.
﴿ كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿١٤﴾] عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل منها، فإن عاد عادت حتى تعظم في قلبه، فذلك الران الذي قال الله: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)». الطبري:24/286.
﴿ كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿١٤﴾] هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب، قال مجاهد: هو الرجل يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ثم يذنب الذنب، فيحيط الذنب بقلبه حتى تغشى الذنوب قلبه..قال بكر بن عبدالله: إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة، ثم إذا ثانيا صار كذلك ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل أو كالغربال لايعي خيراً ولا يثبت فيه صلاح. القرطبي:22/143.
﴿ بَلَىٰٓ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرًا ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿١٥﴾] أي ناظراً له وعالماً به أبلغ نظر وأكمل علم، فتركه مهملاً مع العلم بأعماله مناف للحكمة والعدل والملك، فهو شيء لا يمكن في العقل بوجه. البقاعي:21/345.
﴿ إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿١٤﴾] هذا الظن مما يشعر أن عدم الإيمان بالبعث أو الشك فيه هو الدافع لكل سوء والمضيع لكل خير، وأن الإيمان باليوم الآخر هو المنطلق لكل خير والمانع لكل شر، والإيمان بالبعث هو منطلق جميع الأعمال الصالحة كما في مستهل المصحف: (هدى للمتقين) [البقرة: 2]. الشنقيطي:8/471.
﴿ إِنَّهُۥ كَانَ فِىٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًا ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿١٣﴾] أي: فرحاً لا يفكر في العواقب، ولا يخاف مما أمامه، فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل. ابن كثير:4/490.
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهْرِهِۦ ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿١٠﴾] وتمييز الكفرة بكون الإعطاء من وراء ظهورهم ولعل ذلك لأن مؤتي الكتب لا يتحملون مشاهدة وجوههم لكمال بشاعتها أو لغاية بغضهم إياهم، أو لأنهم نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم الألوسي:30/81.
﴿ وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًا ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿٩﴾] فإنه كان في الدنيا في أهله مشفقاً من العرض على الله مغموماً مضروراً يحاسب نفسه بكرة وعشياً حساباً عسيراً مع ما هو فيه من نكد الأهل وضيق العيش وشرور المخالفين. البقاعي:21/341.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَٰقِيهِ ﴾ [سورة الإنشقاق آية:﴿٦﴾] حثٌّ على الاجتهاد في الإحسان في العمل؛ لأن من أيقن بأنه لا بد له من العرض على الملك أفرغ جهده في العمل بما يحمده عليه عند لقائه. البقاعي:21/339.
﴿ عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ ﴾ [سورة المطففين آية:﴿٣٥﴾] أي إلى ما يشتهون من الجنان والأنهار والحور والولدان، ليس لهم شغل غير ذلك وما شابهه من المستلذات. وقال الإمام القشيري: أثبت النظر ولم يبين المنظور إليه لاختلافهم: منهم من ينظر إلى قصوره، ومنهم من ينظر إلى حوره، ومنهم ومنهم، والخواص على دوام الأوقات إلى الله تعالى ينظرون كما أن الفجار دائماً عن ربهم محجوبون. البقاعي:21/327.
﴿ بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ ﴿٢١﴾ فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍۭ ﴾ [سورة البروج آية:﴿٢١﴾] (في لوح محفوظ): من التغيير والزيادة والنقص، ومحفوظ من الشياطين، وهو اللوح المحفوظ الذي قد أثبت الله فيه كل شيء. وهذا يدل على جلالة القرآن وجزالته، ورفعة قدره عند الله تعالى. السعدي:919.
﴿ هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ ﴿١٧﴾ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ﴾ [سورة البروج آية:﴿١٧﴾] تسلية له صلّى اللّه عليه وسلم بالإشعار بأنه سيصيب كفرة قومه ما أصاب الجنود... والمعنى: قد أتاك حديثهم وعرفت ما فَعَلُوا وما فُعِل بهم فذكِّر قومك بأيام اللّه تعالى وشؤونه سبحانه،وأنذرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم. الألوسي:30/39.
﴿ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ ﴾ [سورة البروج آية:﴿١٤﴾] قالوا المودة هي المحبة الصافية، وفي هذا سر لطيف، حيث قرن الودود بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا غفر لهم ذنوبهم وأحبهم. السعدي:919.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُوا۟ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰت ِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا۟ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ ﴾ [سورة البروج آية:﴿١٠﴾] قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة. ابن كثير:4/497.
﴿ ٱلَّذِى لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [سورة البروج آية:﴿٩﴾] (الذي له ملك السموات والأرض): خلقاً وعبيداً، يتصرف فيهم تصرف المالك بملكه، (والله على كل شيء شهيد): علماً وسمعاً وبصراً، أفلا خاف هؤلاء المتمردون على الله أن يبطش بهم العزيز المقتدر؟! أوَما علموا أنهم جميعهم مماليك لله، ليس لأحد على أحد سلطة من دون إذن المالك؟! أوَخفي عليهم أن الله محيط بأعمالهم، مجازٍ لهم على فعالهم؟! كلا إن الكافر في غرور، والظالم في جهل وعمى عن سواء السبيل. السعدي:918.
﴿ قُتِلَ أَصْحَٰبُ ٱلْأُخْدُودِ ﴿٤﴾ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ ﴾ [سورة البروج آية:﴿٤﴾] قال علماؤنا: أعلم الله عز وجل المؤمنين من هذه الأمة في هذه الآية ما كان يلقاه من وحد قبلهم من الشدائد يؤنسهم بذلك وذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم قصة الغلام ليصبروا على ما يلاقون من الأذى والآلام والمشقات التي كانوا عليها ليتأسوا بمثل هذا الغلام في صبره وتصلبه في الحق وتمسكه به وبذله نفسه في حق إظهار دعوته ودخول الناس في الدين مع صغر سنه وعظيم صبره. القرطبي:22/192-192.
﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [سورة البروج آية:﴿٣﴾] من المخلوقات ما هو مشهود عليه، ولا يتم نظام العالم إلا بذلك، فكيف يكون المخلوق شاهداً رقيباً حفيظاً على غيره، ولا يكون الخالق تبارك وتعالى شاهداً على عباده مطلعاً عليهم رقيباً. ابن القيم:3/278.
﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ ﴾ [سورة الأعلى آية:﴿٩﴾] التذكر التام يستلزم التأثر بما تذكره؛ فإن تذكر محبوباًً طلبه، وإن تذكر مرهوباًً هرب منه. ابن تيمية: 6/502.
﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ ﴾ [سورة الأعلى آية:﴿٩﴾] أي: ذكر حيث تنفع التذكرة، ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم؛ فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: «ما أنت بمحدث قوماًً حديثاًً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم». وقال: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!». ابن كثير: 4/501.
﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ﴾ [سورة الأعلى آية:﴿٨﴾] أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعاًً سهلاًً سمحاًً مستقيماًً عدلاًً؛ لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر. ابن كثير: 4/105.
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴾ [سورة الطارق آية:﴿١٥﴾] ويُعلَمُ بِهذا مَن الغالب؛ فإن الآدمي أضعف وأحقر من أن يغالب القوي العليم. السعدي: 920.
﴿ فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴾ [سورة الطارق آية:﴿١٠﴾] فما للإنسان الكافر يومئذ من قوة يمتنع بها من عذاب الله وأليم نكاله، ولا ناصر ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوة من عشيرته يمتنع بهم ممن أراده بسوء، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه واضطهده. الطبري: 24/359.
﴿ يَوْمَ تُبْلَى ٱلسَّرَآئِرُ ﴾ [سورة الطارق آية:﴿٩﴾] وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة: وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاًً، فتبدو سريرته على وجهه نوراًً وإشراقاًً وحياء، ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاًً لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سواداًً وظلمة وشيناًً، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها. ابن القيم: 3/288-289.
﴿ يَوْمَ تُبْلَى ٱلسَّرَآئِرُ ﴾ [سورة الطارق آية:﴿٩﴾] أي: تخرج مخبآتها وتظهر؛ وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر وأضمره من إيمان أو كفر... قال ابن عمر رضي الله عنهما: يبدي الله يوم القيامة كل سر خفي فيكون زيناً في الوجوه وشيناً في الوجوه. القرطبي: 22/212-214.
﴿ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى ٱلْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ [سورة الغاشية آية:﴿١٧﴾] حض على النظر في خلقتها لما فيها من العجائب: في قوتها وانقيادها مع ذلك لكل ضعيف، وصبرها على العطش، وكثرة المنافع التي فيها من الركوب والحمل عليها، وأكل لحومها وشرب ألبانها، وأبوالها وغير ذلك. ابن جزي: 2/566.
﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ﴾ [سورة الغاشية آية:﴿١٣﴾] وقوله: (فيها سرر مرفوعة): والسرر: جمع سرير، (مرفوعة) ليرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما خوَّله ربه من النعيم والملك فيها، ويلحق جميع ذلك بصره. الطبري: 24/387.
﴿ لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةً ﴾ [سورة الغاشية آية:﴿١١﴾] بل المسموع فيها الذكر من: التحميد والتمجيد والتنزيه؛ لحمل ما يرى فيها من البدائع على ذلك، مع نزع الحظوظ الحاملة على غيره من القلوب بما كانوا يكرهون من لغو أهل الدنيا المنافي للحكمة. البقاعي: 22/9.
﴿ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [سورة الغاشية آية:﴿١٠﴾] ووصف الجنة بــ(عالية) لزيادة الحسن؛ لأن أحسن الجنات ما كان في المرتفعات. ابن عاشور: 30/299.
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَٰشِعَةٌ ﴿٢﴾ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ [سورة الغاشية آية:﴿٢﴾] (خاشعة): ذليلة. ولم توصف بالذل ابتداء لما في وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وأنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع، وكذا حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه عاملة ناصبة. الألوسي: 15/325.
﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة الأعلى آية:﴿١٦﴾] المراد بإيثار الحياة الدنيا هو الرضاء والاطمئنان بها، والإعراض عن الآخرة بالكلية. الألوسي: 15/322.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ ﴾ [سورة الأعلى آية:﴿١٤﴾] وقدَّم التزكّي على ذكر الله والصلاةِ لأنه أصل العمل بذلك كله؛ فإنه إذا تطهرت النفس أشرقت فيها أنوار الهداية، فعلمت منافعها وأكثرت من الإِقبال عليها. ابن عاشور: 30/288.
﴿ وَلَا تَحَٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٨﴾] أي: لا يحض بعضكم بعضاًً على طعام المحاويج من المساكين والفقراء؛ وذلك لأجل الشح على الدنيا ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب. السعدي: 924.
﴿ فَأَمَّا ٱلْإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبْتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكْرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَكْرَمَنِ ﴿١٥﴾ وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَهَٰنَنِ ﴿١٦﴾ كَلَّا ۖ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٥﴾] يقول تعالى منكراًً على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره بذلك فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له، وليس كذلك بل هو ابتلاء وامتحان... وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه وضيَّق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانة له؛ كما قال الله تعالى: (كلا) أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا ولا في هذا؛ فإن الله تعالى يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين: إذا كان غنياًً بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيراًً بأن يصبر. ابن كثير: 4/510.
﴿ فَأَمَّا ٱلْإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبْتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكْرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَكْرَمَنِ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٥﴾] صفة الكافر الذي لا يؤمن بالبعث؛ إنما الكرامة عنده والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقلَّته، فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه الله بطاعته وتوفيقه المؤدي إلى حظ الآخرة، وإن وسع عليه في الدنيا حمده وشكره. القرطبي: 22/276.
﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَاد ِ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٤﴾] قال ابن عباس: يسمع ويرى، يعني: يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي كلاًًّ بسعيه في الدنيا والأخرى، وسيعرض الخلائق كلهم فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلاًًّ بما يستحقه، وهو المنزه عن الظلم. ابن كثير: 4/510.
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٣﴾] استعارة السوط للعذاب لأنه يقتضي من التكرار ما لا يقتضيه السيف وغيره. قاله ابن عطية، وقال الزمخشري: ذكر السوط إشارة إلى عذاب الدنيا؛ إذ هو أهون من عذاب الآخرة، كما أن السوط أهون من القتل. ابن جزي: 2/569.
﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلْأَوْتَادِ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿١٠﴾] أي الذي ثبّت ملكه تثبيت من يظن أنه لا يزول بالعساكر والجنود، وغيرهم من كل ما يظن أنه يشد أمره، فصارت له اليد المبسوطة في الملك. البقاعي: 22/30.
﴿ هَلْ فِى ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿٥﴾] أي: لذي عقل ولب ودين وحجى، وإنما سمي العقل حِجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال. ابن كثير: 4/508.
﴿ هَلْ فِى ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ ﴾ [سورة الفجر آية:﴿٥﴾] أي: لذي عقل ولب ودين وحجى، وإنما سمي العقل حِجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال. ابن كثير: 4/508.
﴿ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴾ [سورة البلد آية:﴿١٥﴾] (ذا مقربة) أي: قرابة، وخُصَّ به لأن الإطعام في حقه أفضل وأولى من غيره، وفيه الحديث: إن الصدقة على القريب صدقة وصلة، و على البعيد صدقة فقط. الشنقيطي: 8/533.
﴿ فَلَا ٱقْتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ ﴾ [سورة البلد آية:﴿١١﴾] والعقبة عبارة عن الأعمال، الصالحة المذكورة بعد، وجعلها عقبة استعارة من عقبة الجبل؛ لأنها تصعب ويشق صعودها على النفوس. ابن جزي: 2/574.
﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُۥ عَيْنَيْنِ ﴿٨﴾ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿٩﴾ وَهَدَيْنَٰهُ ٱلنَّجْدَيْنِ ﴾ [سورة البلد آية:﴿٨﴾] فهذه المنن الجزيلة تقتضي من العبد أن يقوم بحقوق الله، ويشكر الله على نعمه، وأن لا يستعين بها على معاصيه. السعدي: 925.
﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا ﴾ [سورة البلد آية:﴿٦﴾] وسمى الله تعالى الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكاًً لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق، ولا يعود عليه من إنفاقه إلا الندم والخسار والتعب والقلة. السعدي: 925.
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِى كَبَدٍ ﴾ [سورة البلد آية:﴿٤﴾] المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم يقوم الأشهاد، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد، ويوجب له الفرح والسرور الدائم، وإن لم يفعل فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد. السعدي: 925.
﴿ يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّة ُ ﴿٢٧﴾ ٱرْجِعِىٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ [سورة الفجر آية:﴿٢٧﴾] أي الموقنة يقيناًً قد اطمأنت به؛ بحيث لا يتطرق إليها شك في الإيمان، وقيل: المطمئنة التي لا تخاف حينئذ. ابن جزي: 2/572.
﴿ يَقُولُ يَٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى ﴾ [سورة الفجر آية:﴿٢٤﴾] يعني: يندم على كل ما سلف منه من المعاصي إن كان عاصياًً، ويود لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاًً. ابن كثير: 4/511.
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ ۥ لِلْيُسْرَىٰ ﴾ [سورة الليل آية:﴿٥﴾] قال بعض السلف: من ثواب الحسنة: الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة: السيئة بعدها. ابن كثير: 4/520.
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ ۥ لِلْيُسْرَىٰ ﴿ ﴾ [سورة الليل آية:﴿٥﴾] أي نهيئه للطريقة اليسرى؛ وهي فعل الخيرات وترك السيئات. وضد ذلك تيسيره للعسرى، ومنه قوله ﷺ: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) أي: يهيئه الله لما قدر له، ويسهل عليه فعل الخيرات أو الشر. ابن جزي: 2/589.
﴿ وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلْأُنثَىٰٓ ﴾ [سورة الليل آية:﴿٣﴾] قسمٌ بخلقه للذكر والأنثى، وكمال حكمته في ذلك أن خلق من كل صنف من الحيوانات التي يريد بقاءها ذكراًً وأنثى ليبقى النوع ولا يضمحل، وقاد كلاًًّ منهما إلى الآخر بسلسلة الشهوة، وجعل كلاًًّ منهما مناسباًً للآخر. السعدي: 927.
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ﴾ [سورة الشمس آية:﴿١٤﴾] أي عقرها الأشقى، وأضيف إلى الكل لأنهم رضوا بفعله. القرطبي: 22/412.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ﴿٩﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ﴾ [سورة الشمس آية:﴿٩﴾] أي لقد فاز بكل مطلوب ونجا من كل مكروه من أنمى نفسه وأعلاها بالتقوى علما وعملا، ولقد خسر من نقصها وأخفاها بالفجور جهلاً وفسوقاً. الألوسي: 15/361.
﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَىٰهَا ﴾ [سورة الشمس آية:﴿٨﴾] عن محمد بن كعب قال: إذا أراد الله عز وجل بعبده خيراًً ألهمه الخير فعمل به، وإذا أراد به السوء ألهمه الشر فعمل به. القرطبي: 22/312.
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّىٰهَا ﴾ [سورة الشمس آية:﴿٧﴾] النفس آية كبيرة من آياته التي هي حقيقةٌ بالإقسام بها؛ فإنها في غاية اللطف والخفة، سريعة التنقل والحركة، والتغير والتأثر والانفعالات النفسية من: الهم، والإرادة، والقصد، والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة. السعدي: 926.
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [سورة الشرح آية:﴿١﴾] وإنما خص الصدر لأنه محل أحوال النفس من العلوم والإدراكات، والمراد: الامتنان عليه صلى الله عليه وآله وسلم بفتح صدره وتوسيعه حتى قام بما قام به من الدعوة، وقدر على ما قدر عليه من حمل أعباء النبوة وحفظ الوحي. الشوكاني: 5/461.
﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [سورة الضحى آية:﴿١١﴾] التحدث بها شكر لها؛ ولذا استحب بعض السلف التحدث بما عمله من الخير إذا لم يرد به الرياء والافتخار وعلم الاقتداء به. الألوسي: 15/383.
﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [سورة الضحى آية:﴿١١﴾] التحدث بنعمة الله داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها؛ فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن. السعدي: 929.
﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [سورة الضحى آية:﴿١٠﴾] هذا يدخل فيه السائل للمال والسائل للعلم؛ ولهذا كان المعلم مأموراًً بحسن الخلق مع المتعلم، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه؛ فإن في ذلك معونة له على مقصده، وإكراماًً لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد. السعدي: 928.
﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴿٣﴾ وَلَلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلْأُولَىٰ ﴾ [سورة الضحى آية:﴿٣﴾] والحال أن الآخرة خير لك من الأولى وأنت تختارها عليها، ومن حاله كذلك لا يتركه ربه؛ ففيه إرشاد للمؤمنين إلى ما هو ملاك قرب العبد إلى الرب عز وجل، وتوبيخ للمشركين بما هم فيه من التزام أمر الدنيا والإعراض عن الآخرة. الألوسي: 15/379.
﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰٓ ﴿١٩﴾ إِلَّا ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلْأَعْلَىٰ ﴿٢٠﴾ وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ ﴾ [سورة الليل آية:﴿١٩﴾] أي لا يفعل الخير جزاء على نعمة أنعم بها عليه أحد فيما تقدم، بل يفعله ابتداء خالصاًً لوجه الله. [ابن جزي: 2/580].
﴿ ٱلَّذِى يُؤْتِى مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ ﴿١٨﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰٓ ﴾ [سورة الليل آية:﴿١٨﴾] في الآية الإرشاد إلى أن صاحب التقوى لا ينبغي له أن يتحمل مَنَّ الخلق ونعمَهم، وإن حمل منهم شيئاً بادر إلى جزائهم عليه؛ لئلا يتبقى لأحد من الخلق عليه نعمة تجزى، فيكون بعد ذلك عمله كله لله وحده، ليس للمخلوق جزاء على نعمته. ابن القيم: 3/326.
﴿ فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [سورة الشرح آية:﴿٥﴾] فالعسر وإن تكرر مرتين، فتكرر بلفظ المعرفة فهو واحد، واليسر تكرر بلفظ النكرة فهو يسران؛ فالعسر محفوف بيسرين: يسر قبله، ويسر بعده؛ فلن يغلب عسر يسرين. ابن القيم: 3/333.
﴿ كَلَّآ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَيَطْغَىٰٓ ﴿٦﴾ أَن رَّءَاهُ ٱسْتَغْنَىٰٓ ﴿٧﴾ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰٓ ﴾ [سورة العلق آية:﴿٦﴾] يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله. ثم تهدده وتوعده ووعظه فقال: (إن إلى ربك الرجعى) أي: إلى الله المصير والمرجع، وسيحاسبك على مالك من أين جمعته وفيم صرفته. ابن كثير: 4/531.
﴿ ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ ٱلْإِنسَٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [سورة العلق آية:﴿٣﴾] من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم، فشرفه وكرمه بالعلم، وهو القدر الذي أمتاز به أبو البرية آدم على الملائكة. ابن كثير: 4/530.
﴿ ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ ﴾ [سورة العلق آية:﴿٣﴾] وخص من التعليمات الكتابة بالقلم لما فيها من تخليد العلوم ومصالح الدين والدنيا. ابن جزي: 2/590.
﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَٰكِمِينَ ﴾ [سورة التين آية:﴿٨﴾] أي: أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداًً؟! ومن عدله أن يقيم القيامة، فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه. ابن كثير: 4/529
﴿ ثُمَّ رَدَدْنَٰهُ أَسْفَلَ سَٰفِلِي ﴾ [سورة التين آية:﴿٥﴾] المتبادر من السياق الإشارة إلى حال الكافر يوم القيامة، وأنه يكون على أقبح صورة وأبشعها بعد أن كان على أحسن صورة وأبدعها؛ لعدم شكره تلك النعمة. الألوسي: 30/176.
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِىٓ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [سورة التين آية:﴿٤﴾] هو اعتداله واستواء شبابه... قال أبوبكر بن طاهر: «مزيناً بالعقل، مؤدياً للأمر، مهدياً بالتمييز، مديد القامة، يتناول مأكوله بيده»... أحسن خلق الله باطنا وظاهرا: جمال هيئة، وبديع تركيب الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، والفرج بما طواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه. القرطبي:22/368-370.
﴿ وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٥﴾] وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات؛ فإن الإخلاص من عمل القلب؛ وهو أن يراد به وجه الله تعالى لا غيره. القرطبي: 22/412.
﴿ وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٥﴾] وخص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله: (ليعبدوا الله مخلصين له الدين) لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين. السعدي: 932.
﴿ وَمَآ أُمِرُوٓا۟ إِلَّا لِيَعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٥﴾] (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) أي: متحنفين عن الشرك إلى التوحيد. (ويقيموا الصلاة) وهي أشرف عبادات البدن، (ويؤتوا الزكاة) وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج. (وذلك دين القيمة) أي: الملة القائمة العادلة، أو الأمة المستقيمة المعتدلة. وقد استدل كثير من الأئمة -كالزهري والشافعي- بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان. ابن كثير: 4/540.
﴿ وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٤﴾] وإنما خص الذين أوتوا الكتاب بالذكر هنا بعد ذكرهم مع غيرهم في أول السورة؛ لأنهم كانوا يعلمون صحة نبوّة سيدنا محمد ﷺ بما يجدون في كتبهم من ذكره. ابن جزي: 2/597.
﴿ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلْمُشْرِكِين َ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ ﴾ [سورة البينة آية:﴿١﴾] دل ذلك على غاية العوج لأهل الكتاب؛ لأنهم كانوا لما عندهم من العلم أولى من المشركين بالاجتماع على الهدى، ودل ذلك على أن وقوع اللدد والعناد من العالِم أكثر. البقاعي: 22/192.
﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ﴾ [سورة القدر آية:﴿١﴾] الضمير في أنزلناه للقرآن؛ دل على ذلك سياق الكلام، وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته والاستغناء عن تسميته، الثاني أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات، والثالث أن الله أسند إنزاله إلى نفسه. ابن جزي: 2/593.
﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ﴾ [سورة القدر آية:﴿١﴾] كون إنزال القرآن هنا في الليل دون النهار مشعر بفضل اختصاص الليل. وقد أشار القرآن والسنة إلى نظائره؛ فمن القرآن قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)، ومنه قوله: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك)، (ومن الليل فسبحه وأدبار السجود)، (إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلاً)، وقوله: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون). ومن السنة قوله ﷺ: (إذا كان ثلث الليل الآخر ينزل ربنا إلى سماء الدنيا) الحديث. وهذا يدل على أن الليل أخص بالنفحات الإلهية، وبتجليات الرب سبحانه لعباده؛ وذلك لخلو القلب وانقطاع الشواغل وسكون الليل، ورهبته أقوى على استحضار القلب وصفائه. الشنقيطي: 9/38.
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۥ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُۥ ﴾ [سورة الزلزلة آية:﴿٧﴾] عن أنس، أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله لا يظلم المؤمن حسنة: يثاب عليها الرزق في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة; وأما الكافر فيعطيه بها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة). الطبري: 24/553.
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۥ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُۥ ﴾ [سورة الزلزلة آية:﴿٧﴾] المثقال هو الوزن، والذرة هي النملة الصغيرة، والرؤية هنا ليست برؤية بصر، وإنما هي عبارة عن الجزاء. وذكر الله مثقال الذرة تنبيهاًً على ما هو أكثر منه من طريق الأولى؛ كأنه قال: من يعمل قليلاًً أو كثيراًً. ابن جزي: 2/600.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا۟ أَعْمَٰلَهُمْ ﴾ [سورة الزلزلة آية:﴿٦﴾] ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه؛ فإن كان محسنا فيقول: لم لا ازددت إحساناً؟! وإن كان غير ذلك يقول: لم لا نزعت عن المعاصي؟! وهذا عند معاينة الثواب والعقاب. وكان ابن عباس يقول: أشتاتا: متفرقين على قدر أعمالهم. القرطبي: 22/437.
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [سورة الزلزلة آية:﴿٤﴾] تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر؛ فإن الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم. السعدي: 932.
﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا۟ عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُۥ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٨﴾] فمن خاف ربه هذا الخوف انفك من جميع ما عنده مما لا يليق بجنابه سبحانه، ولم يقدح في البينة ولا توقف فيها. وما فارق الخوف قلباًً إلا خرب. البقاعي: 22/199.
﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا۟ عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُۥ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٨﴾] الخشية ملاك السعادة الحقيقية والفوز بالمراتب العلية؛ إذ لولاها لم تُترك المناهي والمعاصي، ولا استعد ليوم يؤخذ فيه بالأقدام والنواصي. الألوسي: 15/431.
﴿ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا۟ عَنْهُ ۚ ﴾ [سورة البينة آية:﴿٨﴾] لأنهم لم يبق لهم أمنية إلا أعطاهموها، مع علمهم أنه متفضل في جميع ذلك، لا يجب عليه لأحد شيء، ولا يقدره أحد حق قدره؛ فلو أخذ الخلق بما يستحقونه أهلكهم. وأعظم نعمه عليهم ما منّ عليهم به من متابعتهم رسول الله ﷺ ؛ فإن ذلك كان سبباًً لكل خير. البقاعي: 22/198.
﴿ ثُمَّ لَتُسْـَٔلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [سورة التكاثر آية:﴿٨﴾] أي: عن شكر النعيم؛ فيطالب العبد بأداء شكر نعمة الله على النعيم. ابن تيمية: 7/178.
﴿ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ ﴾ [سورة التكاثر آية:﴿٢﴾] عن قتادة قال: «كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعد من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم». القرطبي: 22/ 449-450.
﴿ أَلْهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ﴾ [سورة التكاثر آية:﴿١﴾] ولم يذكر المتكاثر به؛ ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون من: التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، وغير ذلك مما يقصد به مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود به الإخلاص لله تعالى. السعدي: 933.
﴿ أَلْهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ﴾ [سورة التكاثر آية:﴿١﴾] هذا خبر يراد به الوعظ والتوبيخ، ومعنى (ألهاكم): شغلكم، و(التكاثر): المباهاة بكثرة المال والأولاد، وأن يقول هؤلاء: «نحن أكثر»، ويقول هؤلاء: «نحن أكثر». ولما قرأها النبي ﷺ قال: (يقول ابن آدم: مالي مالي. وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت). ابن جزي: 2/605.
﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى ٱلْقُبُورِ ﴿٩﴾ وَحُصِّلَ مَا فِى ٱلصُّدُورِ ﴾ [سورة العاديات آية:﴿٩﴾] وجمع سبحانه بين القبور والصدور... فإن الإنسان يواري صدرُه ما فيه من الخير والشر، ويواري قبرُه جسمَه؛ فيخرج الرب جسمه من قبره، وسره من صدره؛ فيصير جسمه بارزاًً على الأرض، وسره بادياًً على وجهه. ابن القيم: 3/352-353.
﴿ وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [سورة العاديات آية:﴿٨﴾] أي: كثير الحب للمال، وحبه ذلك هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه؛ قدم شهوة نفسه على حق ربه؛ كل هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار، وغفل عن الآخرة. السعدي: 933.
﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٌ ﴾ [سورة العاديات آية:﴿٦﴾] (إن الإنسان لربه لكنود) أي: لكفور جحود؛ مِن: كند النعمة كفرها ولم يشكرها... المراد به كل الناس على معنى أن طبع الإنسان يحمله على ذلك؛ إلا إذا عصمه الله تعالى بلطفه وتوفيقه. الألوسي: 15/445.
﴿ ٱلَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى ٱلْأَفْـِٔدَةِ ﴾ [سورة الهمزة آية:﴿٧﴾] وخص الأفئدة مع كونها تغشى جميع أبدانهم لأنها محل العقائد الزائغة، أو لكون الألم إذا وصل إليها مات صاحبها؛ أي إنهم في حال من يموت وهم لا يموتون. الشوكاني: 5/494.
﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخْلَدَهُۥ ﴾ [سورة الهمزة آية:﴿٣﴾] أي أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا، فأحب ذلك المال كما يحب الخلود، وأقبل على التوسع في الشهوات والأعراض الزائلات عمل من يظن أنه لا يموت. وفيه تعريض بأنه لا يفيد الخلد إلا الأعمال الصالحة المسعدة في الدار الآخرة. البقاعي: 22/245.
﴿ ٱلَّذِى جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُۥ ﴾ [سورة الهمزة آية:﴿٢﴾] المقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة. القرطبي: 22/471.
﴿ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلصَّبْرِ ﴾ [سورة العصر آية:﴿٣﴾] (وتواصوا بالصبر) أي: على المصائب والأقدار، وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر. ابن كثير: 4/551.
﴿ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلصَّبْرِ ﴾ [سورة العصر آية:﴿٣﴾] فبالأمرين الأولين يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح العظيم. السعدي: 934.
﴿ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلصَّبْرِ ﴾ [سورة العصر آية:﴿٣﴾] أل التعريف في قوله: (الصالحات) تعريف الجنس مراد به الاستغراق؛ أي عملوا جميع الأعمال الصالحة التي أمروا بعملها بأمر الدين. وعَمل الصالحات يشمل ترك السيئات. ابن عاشور: 30/532.
﴿ وَٱلْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَفِى خُسْرٍ ﴿٢﴾ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْا۟ بِٱلصَّبْرِ ﴾ [سورة العصر آية:﴿١﴾] قال الشافعي رضي الله عنه: لو فكر الناس كلهم في هذه السورة لكفتهم. وبيان ذلك أن المراتب أربع، باستكمالها يحصل للشخص غاية كماله. إحداها: معرفة الحق. الثانية: عمله به. الثالثة: تعليمه من لا يحسنه. الرابعة: صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه. فذكر تعالى المراتب الأربع في هذه السورة. ابن القيم: 3/365.
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلْأَبْتَرُ ﴾ [سورة الكوثر آية:﴿٣﴾] أهل السنة يموتون ويحيى ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم؛ لأن أهل السنة أحيوا ما جاء به الرسول ﷺ فكان لهم نصيب من قوله: (ورفعنا لك ذكرك)، وأهل البدعة شنأوا ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكان لهم نصيب من قوله: (إن شانئك هو الأبتر). ابن تيمية: 7/198.
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلْأَبْتَرُ ﴾ [سورة الكوثر آية:﴿٣﴾] وكل جرم استحق فاعله عقوبة من الله إذا أظهر ذلك الجرم عندنا وجب أن نعاقبه، ونقيم عليه حد الله، فيجب أن نبتر من أظهر شنآنه، وأبدى عداوته. ابن تيمية: 7/196.
﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ ﴾ [سورة الكوثر آية:﴿٢﴾] ولما قدَّم الله الصلاة على النحر في قوله: (فصل لربك وانحر)، وقدَّم التزكي على الصلاة في قوله: (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى)، كانت السنة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر. ابن تيمية: 7/194.
﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [سورة الماعون آية:﴿٤﴾] أي: الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون؛ إما عن فعلها بالكلية... وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعاًً فيخرجها عن وقتها بالكلية. ابن كثير: 4/558.
﴿ أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ ﴿١﴾ فَذَٰلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ ﴾ [سورة الماعون آية:﴿١﴾] انظر الذي كذب بالدين تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال السيئة، وإنما ذلك لأن الدين يحمل صاحبه على فعل الحسنات وترك السيئات. ابن جزي: 2/614.
﴿ ٱلَّذِىٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍۭ ﴾ [سورة قريش آية:﴿٤﴾] في الجمع بين إطعامهم من جوع وأمنهم من خوف نعمة عظمى؛ لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معا؛ إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وتكمل النعمة باجتماعهما. الشنقيطي: 9/112.
﴿ فَلْيَعْبُدُوا۟ رَبَّ هَٰذَا ٱلْبَيْتِ ﴿٣﴾ ٱلَّذِىٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍۭ ﴿ ﴾ [سورة قريش آية:﴿٣﴾] أهلك الله من أرادهم بسوء، وعظَّم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب حتى احترموهم ولم يعترضوا لهم في أي سفر أرادوا؛ ولهذا أمرهم الله بالشكر فقال: (فليعبدوا رب هذا البيت) أي: ليوحدوه ويخلصوا له العبادة. السعدي: 894.
﴿ وَٱمْرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ ﴿٤﴾ فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍۭ ﴾ [سورة المسد آية:﴿٤﴾] كانت زوجته... وكانت عوناًً لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عوناًً عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال: (حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد) يعني: تحمل الحطب فتلقي على زوجها ليزداد في نار جهنم.
﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [سورة المسد آية:﴿١﴾] عرف بهذا أن الانتماء إلى الصالحين لا يغني إلا إن وقع الاقتداء بهم في أفعالهم؛ لأنه عم النبي ﷺ. البقاعي: 22/331.
﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابًۢا ﴾ [سورة النصر آية:﴿١﴾] الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار؛ كالصلاة والحج وغير ذلك، فأَمْرُ الله لرسوله بالحمد والاستغفار في هذه الحال إشارة إلى أن أجله قد انتهى، فليستعد ويتهيأ للقاء ربه، ويختم عمره بأفضل ما يجده صلوات الله وسلامه عليه. السعدي: 936.
﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابًۢا ﴾ [سورة النصر آية:﴿١﴾] إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين، ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله؛ فإن هذا من الشكر، والله تعالى يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين، وبعدهم في هذه الأمة؛ لم يزل نصر الله مستمراًً حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان، ودخل فيه ما لم يدخل في غيره، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث، فابتلاهم الله بتفرق الكلمة، وتشتت الأمر، فحصل ما حصل. السعدي: 936.
﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ ﴾ [سورة الكافرون آية:﴿٦﴾] في هذه السُّورة منهج إِصلاحي؛ وهو عدم قَبولِ ولا صلاحية أَنصاف الْحلُولِ; لأنَّ ما عَرَضُوهُ علَيه ﷺ مِنَ الْمشاركَة في الْعبادة يُعتَبَرُ في مقْياسِ الْمنطقِ حلاًّ وَسَطًا؛ لاحتمالِ إِصابة الْحقِّ في أَحد الْجانبينِ، فَجاء الرَّدُّ حاسمًاً وزاجرًا وبشدَّةٍ; لأَنَّ فيه -أَي فيما عَرَضُوهُ- مُسَاواةً للْباطلِ بِالْحقِّ، وفيه تعليق الْمُشكلَةِ، وفيه تقْرِير الْباطلِ إِن هو وافَقَهم ولَو لَحظَةً. الشنقيطي: 9/136.
﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ ﴾ [سورة الكافرون آية:﴿٦﴾] استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة على أن الكفر كله ملة واحدة...؛ لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان. ابن كثير: 4 /565.
﴿ وَلَآ أَنتُمْ عَٰبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ ﴾ [سورة الكافرون آية:﴿٣﴾] لعدم إخلاصكم لله في عبادته؛ فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة. السعدي: 936.
﴿ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ ﴾ [سورة الناس آية:﴿٦﴾] أخبر أن الموسوس قد يكون من الناس. قال الحسن: هما شيطانان: أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية. وقال قتادة: إن من الجن شياطين، وإن من الإنس شياطين؛ فتعوَّذ بالله من شياطين الإنس والجن. القرطبي: 22/583.
﴿ مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ ﴾ [سورة الناس آية:﴿٤﴾] وسوسة الشيطان في صدر الإنسان بأنواع كثيرة، منها: إفساد الإيمان والتشكيك في العقائد، فإن لم يقدر على ذلك أمره بالمعاصي، فإن لم يقدر على ذلك ثبَّطه عن الطاعات، فإن لم يقدر على ذلك أدخل عليه الرياء في الطاعات ليحبطها، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العُجْب بنفسه واستكثار عمله، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب حتى يقود الإنسان إلى شر الأعمال وأقبح الأحوال. ابن جزي: 2/63.
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ ٱلنَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة الناس آية:﴿١﴾] فإن قيل: لم قدم وصفه تعالى برب ثم بملك ثم بإله؟ فالجواب أن هذا على الترتيب في الارتقاء إلى الأعلى؛ وذلك أن الرب قد يطلق على كثير من الناس فيقال: فلان رب الدار، وشبه ذلك، فبدأ به لاشتراك معناه، وأما الملك فلا يوصف به إلا أحد من الناس -وهم الملوك- ولا شك أنهم أعلى من سائر الناس؛ فلذلك جاء به بعد الرب، وأما الإله فهو أعلى من الملك؛ ولذلك لا يدَّعي الملوك أنهم آلهة؛ فإنما الإله واحد لا شريك له ولا نظير؛ فلذلك ختم به. ابن جزي: 2/631.
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ ٱلنَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة الناس آية:﴿١﴾] في سورة الْفَلَقِ جاء في الاستعاذة بصفَة واحدة وهي «بِرب الْفَلَقِ». وفي سورة النَّاسِ جاء في الاستعاذة بثلاث صفَات، مع أَنَّ الْمستعاذ منه في الأُولَى ثلاثةُ أُمورٍ، والْمستعاذ منه في الثانيةِ أَمر واحد، فَلخطَرِ الأمرِ الْواحد جاءت الصفَات الثلاث. الشنقيطي: 9/183.
﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [سورة الفلق آية:﴿٥﴾] يدخل في الحاسد: العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس. السعدي: 937. هل تضمنت السورة الكلام على العاين؟ وضح ذلك.
﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ﴾ [سورة الإخلاص آية:﴿٢﴾] (الصمد) قال ابن الأنباري: لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم. وقال الزجاج: هو الذي ينتهي إليه السؤدد، ويصمد إليه -أي يقصده- كل شيء... وعن أبي هريرة: «هو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد». الألوسي: 30/ 273- 274.
﴿ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [سورة الإخلاص آية:﴿١﴾] واختلف في معنى قوله ﷺ: («قل هو الله أحد» تعدل ثلث القرآن) فقيل: إن ذلك في الثواب؛ أي لمن قرأها من الأجر مثل أجر من قرأ ثلث القرآن، وقيل: إن ذلك فيما تضمنته من المعاني والعلوم؛ وذلك أن علوم القرِآن ثلاثة: توحيد وأحكام وقصص، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد؛ فهي ثلث القرآن بهذا الاعتبار، وهذا أظهر. ابن جزي: 2/624.
الكلم الطيب