﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٢﴾] وقدم المغفرة تطمينًا لقلوبهم؛ لأنهم يخشون المؤاخذة على ما فرط منهم من الكفر قبل الإسلام، ومن اللمم ونحوه، ثم أعقبت بالبشارة بالأجر العظيم، فكان الكلام جاريًا على قانون تقديم التخلية على التحلية. ابن عاشور:29/29.


﴿ وَقَالُوا۟ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىٓ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٠﴾] ووجه تقديم السمع على العقل.... لأن سمع دعوة النذير هو أول ما يتلقاه المنذَرون، ثم يُعمِلون عقولهم في التدبر فيها. ابن عاشور: 29/28.





﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلْغَيْظِ ۖ كُلَّمَآ أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٨﴾] هذه الآية تدل على أن الله تعالى لا يعذب بالنار أحداً إلا بعد أن ينذره في الدنيا. الشنقيطي: 8/233.





﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُومًا لِّلشَّيَٰطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٥﴾] قال قتادة: خلق الله النجوم لثلاثة أشياء: زينة السماء، ورجوم الشياطين، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر. ابن جزي: 2/ 494.



﴿ ثُمَّ ٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٤﴾] وإنما أمر بالنظر مرتين لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة لا يرى عيبه ما لم ينظر إليه مرة أخرى. القرطبي: 21/ 116.

﴿ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢﴾] قال فضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه... والعمل لا يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. البغوي: 4/435.

﴿ تَبَٰرَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١﴾] إليه كل تدبير، وبقدرته إظهار ما يريد، لا مانع له من شيء، ولا كفؤ له بوجه. البقاعي: 20/217

﴿ قُلْ هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَة َ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢٣﴾] (قليلاً ما تشكرون) أي: قلما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره. ابن كثير: 4/399.


﴿ أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِۦٓ أَهْدَىٰٓ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢٢﴾] ضرب الله مثلاً للمؤمن والكافر: (مكباًً) أي: منكساًً رأسه؛ لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله؛ فهو لا يأمن من العثور والانكباب على وجهه، كمن (يمشي سوياًً) معتدلاًً ناظراًً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله. القرطبي: 21/129.

﴿ ءَأَمِنتُم مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلْأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٦﴾] وقدم التهديد بالخسف على التهديد بالحاصب لأن الخسف من أحوال الأرض، والكلام على أحوالها أقرب هنا، فسُلك شبه طريق النشر المعكوس، ولأن إرسال الحاصب عليهم جزاء على كفرهم بنعمة الله التي منها رزقهم في الأرض المشار إليه بقوله: (وكلوا من رزقه)؛ فإن منشأ الأرزاق الأرضية من غيوث السماء؛ قال تعالى: (وفي السماء رزقكم) [الذاريات: 22]. ابن عاشور: 29/36.


﴿ هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًا فَٱمْشُوا۟ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا۟ مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٥﴾] ثم نَبَّه بقوله: (وإليه النشور) على أَنَّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين، بل دخلناه عابري سبيل، فلا يحسن أن نتخذه وطناًً ومستقراًً، وإنما دخلناه لنتزود منه إلى دار القرار؛ فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر لا وطن ومستقر. ابن القيم: 3/174.

﴿ هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًا فَٱمْشُوا۟ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا۟ مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٥﴾] واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاًً إلا أن ييسره الله لكم؛ ولهذا قال تعالى: (وكلوا من رزقه)؛ فالسعي لا ينافي التوكل. ابن كثير: 4/398.

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٤﴾] ثم ختم الحجة باسمين مقتضيين لثبوتهما، وهما: اللطيف؛ الذي لطف صنعه وحكمته ودق، حتى عجزت عنه الأفهام. والخبير؛ الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها. فكيف تخفى على اللطيف الخبير ما تحويه الضمائر وتخفيه الصدور. ابن القيم: 3/173.


﴿ وَأَسِرُّوا۟ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُوا۟ بِهِۦٓ ۖ إِنَّهُۥ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [سورة الملك آية:﴿١٣﴾] أي: بما فيها من النيات والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى؟! السعدي: 876.

﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴾ [سورة القلم آية:﴿١٠﴾] وذلك أن الكاذب -لضعفه ومهانته- إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى، واستعمالها في كل وقت في غير محلها. ابن كثير: 4/404.

﴿ فَلَا تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴿٨﴾ وَدُّوا۟ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿٩﴾ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَّشَّآءٍۭ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾ عُتُلٍّۭ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٨﴾] الأخلاق مكتسبة بالمعاشرة، ففيه تحذير عن اكتساب شيء من أخلاقهم بالمخالطة لهم؛ فليأخذ حذره؛ فإنه محتاج إلى مخالطتهم لأجل دعوتهم إلى الله تعالى. ابن تيمية: 6/370.

﴿ فَلَا تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢٨﴾] النهي عن طاعة المرء نهيٌ عن التشبه به بالأولى؛ فلا يُطاع المكذب والحلاف، ولا يعمل بمثل عملهما. ابن تيمية: 6/370.

﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِين َ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٧﴾] هذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين. السعدي: 879.

﴿ نٓ ۚ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿١﴾] القسم بالقلم لشرفه بأنه يُكتب به القرآن، وكتبت به الكتب المقدسة، وتكتب به كتب التربية ومكارم الأخلاق، والعلوم؛ وكل ذلك مما له حظ شرف عند الله تعالى. ابن عاشور: 29/60.


﴿ قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢٩﴾] (وعليه) أي: وحده. (توكلنا): لأنه لا شيء في يد غيره، وإلا لرحم من يريد عذابه أو عذب من يريد رحمته؛ فكل ما جرى على أيدي خلقه من رحمة أو نقمة فهو الذي أجراه. البقاعي: 20/270.

﴿ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [سورة الملك آية:﴿٢٩﴾] الإيمان يشمل التصديق الباطن، والأعمال الباطنة والظاهرة، ولما كانت الأعمال وجودها وكمالها متوقفةً على التوكل، خص الله التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان ومن جملة لوازمه. السعدي: 878.

﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٢﴾] عوقبوا بنقيض ما كانوا عليه؛ لما دُعوا إلى السجود في الدنيا وامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم، كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب عز وجل، فيسجد له المؤمنون، ولا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد، بل يعود ظهر أحدهم طبقاًً واحداًً. ابن كثير: 4/407.

﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٣٤﴾] تقريبهم دل على رضاه سبحانه، ورضا صاحب الدار مطلوب قبل نظر الدار. البقاعي: 20/317.


﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٢٨﴾] (أوسطهم): أفضلهم وأقربهم إلى الخير؛ وهو أحد الإِخوة الثلاثة. والوسط يطلق على الأخْيَر الأفضلِ؛ قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) [البقرة: 143]، وقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) [البقرة: 238]. ابن عاشور: 29/86.






﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٢٧﴾] حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتَرْكِنا الاستثناء. البغوي: 4/451.





﴿ وَغَدَوْا۟ عَلَىٰ حَرْدٍ قَٰدِرِينَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٢٥﴾] عزموا على منع المساكين، وطلبوا حرمانهم ونكدهم وهم قادرون على نفعهم، فغدوا بحال لا يقدرون فيها إلا على المنع والحرمان. الألوسي: 15/36.




﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿١٩﴾] وعُجل العقاب لهم قبل التلبس بمنع الصدقة لأن عزمهم على المنع وتقاسمهم عليه حقق أنهم مانعون صدقاتهم فكانوا مانعين. ويؤخذ من الآية موعظة للذين لا يواسون بأموالهم. ابن عاشور: 29/82.




﴿ إِنَّا بَلَوْنَٰهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ ﴾ [سورة القلم آية:﴿١٧﴾] إنا بلونا هؤلاء المكذبين بالخير، وأمهلناهم، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد وطول عمر، ونحو ذلك مما يوافق أهواءهم، لا لكرامتهم علينا، بل ربما يكون استدراجاًً لهم من حيث لا يشعرون. السعدي: 880.





﴿ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٥٢﴾] أي والحال أن هذا القرآن أو الرسول ﷺ (ما هو إلا ذكر) أي: موعظة وشرف (للعالمين) أي: كلهم؛ عاليهم ودانيهم؛ ليس منهم أحد إلا وهو يعلم أنه لا شيء يشبهه في جلالة معانيه، وحلاوة ألفاظه، وعظمة سبكه، ودقة فهمه، ورقة حواشيه، وجزالة نظومه، ويفهم منه على حسب ما هيأه الله له. البقاعي: 20/336.





﴿ وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَٰرِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا۟ ٱلذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُۥ لَمَجْنُونٌ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٥١﴾] أي: يَعينونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك؛ لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل. ابن كثير: 4/408.




﴿ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٨﴾] هو يونس -عليه السلام- وسماه صاحب الحوت لأن الحوت ابتلعه، وهو أيضاًً ذو النون، والنون هو الحوت، وقد ذكرنا قصته في الأنبياء والصافات، فنهى الله محمداًً ﷺ أن يكون مثله في الضجر والاستعجال حين ذهب مغاضباً. ابن جزي: 2/494.





﴿ سَنَسْتَدْرِجُه ُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٤﴾] قال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر، وقال الحسن: كم مستدرج بالإحسان إليه، وكم مفتون بالثناء عليه، وكم مغرور بالستر عليه، وقال أبو روق: أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار....، وفي الحديث: (أن رجلاً من بني إسرائيل قال: يارب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني، قال: فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له: كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر؛ إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت. القرطبي: 21/180.




﴿ فَذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُه ُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٤﴾] أي سنستنزلهم إلى العذاب درجة فدرجة؛ بالإمهال وإدامة الصحة وازدياد النعمة، مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ أنه استدراج، بل يزعمون أن ذلك إيثار لهم وتفضل على المؤمنين، مع أنه سبب لهلاكهم. الألوسي: 15/41.





﴿ وَقَدْ كَانُوا۟ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٣﴾] قال إبراهيم التيمي: يعني إلى الصلاة المكتوبة بالأذان والإقامة، وقال سعيد بن جبير: كانوا يسمعون حي على الفلاح فلا يجيبون. البغوي: 4/454.





﴿ خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا۟ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ ﴾ [سورة القلم آية:﴿٤٣﴾] ونسبة الخشوع إلى الأبصار -وهو الخضوع والذلة- لظهور أثره فيه. الشوكاني: 5/275.





﴿ إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ ﴿٣٣﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٣٣﴾] لأن مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله، الذي أصله الإيمان بالله، والإحسان إلى الخلق بوجوه الإحسان، الذي من أعظمها دفع ضرورة المحتاجين بإطعامهم ما يتقوتون به، وهؤلاء لا إخلاص ولا إحسان، فلذلك استحقوا ما استحقوا. السعدي: 884.




﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٣٤﴾] ووصفه بأنه (لا يحض على طعام المسكين) يدل على أنه لا يطعمه من باب أولى، وهذه الآية تدل على عظم الصدقة وفضلها؛ لأنه قرن منع طعام المسكين بالكفر بالله. ابن جزي: 2/494.





﴿ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَٱسْلُكُوهُ ﴿٣٢﴾ إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ ﴿٣٣﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٣٢﴾] كان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين، ويقول: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان أفلا نخلع نصفها. اقتبس ذلك من الآية. الألوسي: 15/57.





﴿ كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ هَنِيٓـًٔۢا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلْأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٢٤﴾] وثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل). ابن تيمية: 6/388.





﴿ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَٰقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٢٠﴾] كلما كان الإنسان أعلى كان الاستشعار والنقص من نفسه أكثر... يكفي العاقل في الخوف الحامل له على العمل. البقاعي: 20/362.




﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَٰعِيَةٌ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿١٢﴾] والوعي: العلم بالمسموعات، أي: ولتعلم خبرها أذن موصوفة بالوعي، أي: من شأنها أن تعي. وهذا تعريض بالمشركين؛ إذ لم يتعظوا بخبر الطوفان والسفينة التي نجا بها المؤمنون، فتلقوه كما يتلقون القصص الفكاهي. ابن عاشور: 29/123.





﴿ وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَٰعِيَةٌ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿١٢﴾] فالوعيُ توصف به الأذن كما يوصف به القلب؛ يقال: قلب واعٍ، وأذن واعية؛ لِمَا بين الأذن والقلب من الارتباط؛ فالعلم يدخل من الأذن إلى القلب، فهي بابه والرسول والموصل إليه العلم، كما أن اللسان رسوله المؤدي عنه. ومن عرف ارتباط الجوارح بالقلب علم أن الأذن أحقها أن توصف بالوعي، وأنها إذا وعت وعى القلب. ابن القيم: 3/189.





﴿ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٩﴾] العِهن هو الصوف، شبّه الجبال به في انتفاشه وتخلخل أجزائه. ابن جزي: 2/495.




﴿ يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ ﴿٨﴾ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٨﴾] فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار. السعدي: 886.





﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُۥ بَعِيدًا ﴿٦﴾ وَنَرَىٰهُ قَرِيبًا ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٦﴾] والله يراه قريباً؛ لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب. السعدي: 886.





﴿ فَٱصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٥﴾] يعني: صبراً لا جزع فيه. الطبري: 23/603.




﴿ فَٱصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٥﴾] (فاصبر) أي: على أذاهم. ولا ينفك ذلك عن تبليغهم؛ فإنك شارفت وقت الانتقام منهم أيها الفاتح الخاتم الذي لم أبين لأحد ما بينت على لسانه. والصبر: حبس النفس على المكروه. البقاعي: 20/392.





﴿ وَإِنَّهُۥ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٤٨﴾] أي من العالمين؛ لأنهم المنتفعون به لإقبالهم عليه إقبال مستفيد. البقاعي: 20/383.




﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الحاقة آية:﴿٤٣﴾] ما تضمنه قوله: (تنزيل من رب العالمين) أن ربوبيته الكاملة لخلقه تأبى أن يتركهم سدى؛ لا يأمرهم، ولا ينهاهم، ولا يرشدهم إلى ما ينفعهم، ويحذرهم ما يضرهم، بل يتركهم هملاً بمنْزلة الأنعام السائمة؛ فمن زعم ذلك لم يقدر رب العالمين قدره، ونسبه إلى ما لا يليق به تعالى. ابن القيم: 3/191.





﴿ كَلَّآ ۖ إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٣٩﴾] وفي المقصود بهذا الكلام ثلاثة أوجه؛ أحدها: تحقير الإنسان والردّ على المتكبرين. الثاني: الردّ على الكفار في طمعهم أن يدخلوا الجنة؛ كأنه يقول: إنا خلقناكم مما خلقنا منه الناس، فلا يدخل أحد الجنة إلا بالعمل الصالح؛ لأنكم سواء في الخلقة. الثالث: الاحتجاج على البعث بأن الله خلقهم من ماء مهين، فهو قادر على أن يعيدهم؛ كقوله: (ألم يك نطفة من مني يمن) [القيامة: 37]. ابن جزي: 2/495.





﴿ ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ ﴿٢٣﴾ ﴾وقوله تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٢٣﴾] وكرر ذكر الصلاة لاختلاف ما وصفهم به أولاً وما وصفهم به ثانياً؛ فإن معنى الدوام هو أن لا يشتغل عنها بشيء من الشواغل -كما سلف- ومعنى المحافظة أن يراعى الأمور التي لا تكون صلاة بدونها. الشوكاني: 5/293.


﴿ وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِم ْ قَآئِمُونَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٣٣﴾] لا يُعبد إِلا إِيَّاه بجَميعِ أَنواعِ الْعبادةِ، فَهذا هو تحْقيق شهادة أَن لا إِلَه إِلا اللَّه، ولهَذا حرَّم اللَّه علَى النَّارِ من شهِد أَن لا إِلَه إِلا اللَّه حقيقَةَ الشهادة، ومحَال أَن يدخل النار مَنْ تحَقَّق بحَقيقَة هذه الشهادة وقَام بها، كَما قَال تعالَى: (والذين هم بشهاداتهم قائمون) فَيكُون قَائمًا بشهادته في ظَاهرِه وباطنهِ، في قَلْبِه وقَالَبِه، فَإِن من النَّاسِ مَنْ تكُون شهادته ميِّتةً، ومنهم مَنْ تكُون نائمةً، إِذا نبهت انْتبهت. ابن القيم: 3/197.





﴿ وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٢٧﴾] خائفون على أنفسهم مع ما لهم من الأعمال الفاضلة؛ استقصاراً لها، واستعظاماً لجنابه عز وجل؛ كقوله تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) [المؤمنون: 60]. الألوسي: 15/71.




﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾ إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿١٩﴾] وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق؛ ولذلك استثنى منه المصلين؛ لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون من شرها، ولا يبخلون بخيرها. ابن جزي: 2/495.





﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾ إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿١٩﴾] فالنفس لا تكون إلا مريدة عاملة، فإن لم توفق للإرادة الصالحة وإلا وقعت فى الإِرادة الفاسدة والعمل الضار؛ وقد قال تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعاً*إذا مسه الشر جزوعاً*وإذا مسه الخير منوعًا*إلا المصلين) فأَخبر تعالى أَن الإنسان خلق على هذه الصفة، وأن من كان على غيرها فلأَجل ما زكاه الله به من فضله وإِحسانه. ابن القيم: 3/196.





﴿ يُبَصَّرُونَهُم ْ ۚ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍۭ بِبَنِيهِ ﴿١١﴾ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ ﴿١٢﴾ وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِى تُـْٔوِيهِ ﴿١٣﴾ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿١١﴾] وبدأ جل ثناؤه بذكر البنين، ثم الصاحبة، ثم الأخ، إعلاماً منه عباده أن الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء يفتدي نفسه، لو وجد إلى ذلك سبيلاً بأحب الناس إليه كان في الدنيا، وأقربهم إليه نسباً. الطبري: 23/606.

﴿ ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ﴿٨﴾ ثُمَّ إِنِّىٓ أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿٨﴾] ذكر أولاًً أنه دعاهم بالليل والنهار، ثم ذكر أنه دعاهم جهاراًً، ثم ذكر أنه جمع بين الجهر والإسرار، وهذه غاية الجد في النصيحة وتبليغ الرسالة صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. ابن جزي: 2/495.




﴿ وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ ﴾ [سورة نوح آية:﴿٧﴾] أي دعوتهم ليؤمنوا فتغفر لهم؛ فذكر المغفرة التي هي سبب عن الإيمان ليظهر قبح إعراضهم عنه؛ فإنهم أعرضوا عن سعادتهم. ابن جزي: 2/494.




﴿ أَنِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ﴾ [سورة نوح آية:﴿٣﴾] فجعل العبادة والتقوى لله وحده، وجعل الطاعة للرسول؛ فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله. ابن تيمية: 6/398.

﴿ قَالَ يَٰقَوْمِ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [سورة نوح آية:﴿٢﴾] افتتاح دعوته قومَه بالنداء لطلب إقبال أذهانهم. ونداؤهم بعنوان: أنهم قومه تمهيداً لقبول نصحه؛ إذ لا يريد الرجل لقومه إلاّ ما يريد لنفسه. وتصدير دعوته بحرف التوكيد لأن المخاطبين يترددون في الخبر. ابن عاشور: 29/188.





﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦٓ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة نوح آية:﴿١﴾] وعُدل عن أن يقال له: «أنذر الناس» إلى قوله: (أن أنذر قومك) إلهاباً لنفس نوح؛ ليكون شديد الحرص على ما فيه نجاتهم من العذاب؛ فإن فيهم أبناءه وقرابته وأحبته. ابن عاشور: 29/187.


﴿ خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يُوعَدُونَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٤٤﴾] وفي ختام السورة الكريمة لهذا الوصف والوعيد الشديد تأييد للقول بأن سؤالهم في أولها: «بعذاب واقع» إنما هو استخفاف واستبعاد. فبيَّن لهم تعالى بعد عرض السورة نهاية ما يستقبلون به; ليأخذوا حذرهم ويرجعوا إلى ربهم. فارتبط آخر السورة بأولها. الشنقيطي: 8/305.





﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا۟ وَيَلْعَبُوا۟ حَتَّىٰ يُلَٰقُوا۟ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ ﴾ [سورة المعارج آية:﴿٤٢﴾] الخوض في الباطل ضد التكلم بالحق، واللعب ضد السعي الذي يعود نفعه على ساعيه؛ فالأول ضد العلم النافع، والثاني ضد العمل الصالح، فلا تكلم بالحق، ولا عمل بالصواب؛ وهذا شأن كل من أعرض عما جاء به الرسول؛ لا بُدَّ له من هذين الأمرين. ابن القيم: 3/201.




﴿ رَّبِّ ٱغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَٱلْمُؤْمِنَٰت ِ ﴾ [سورة نوح آية:﴿٢٧﴾] خص المذكورين لتأكد حقهم، وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء. السعدي: 890.

﴿ رَّبِّ ٱغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَٱلْمُؤْمِنَٰت ِ ﴾ [سورة نوح آية:﴿٢٨﴾] يؤخذ من هذا أن سنة الدعاء أن يقدم الإنسان الدعاء لنفسه على الدعاء لغيره. ابن جزي: 2/495.




﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا۟ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓا۟ إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿٢٧﴾] أي: بقاؤهم مفسدة محضة؛ لهم ولغيرهم، وإنما قال نوح عليه السلام ذلك لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، ومزاولته لأخلاقهم، علم بذلك نتيجة أعمالهم؛ لا جرم أن الله استجاب دعوته فأغرقهم أجمعين، ونجّى نوحاً ومن معه من المؤمنين. السعدي: 889.

﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَٱتَّبَعُوا۟ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿٢١﴾] فإن البسط لهم في الدنيا كان سبباًً لطغيانهم وبطرهم، واتباعهم لأهوائهم حتى كفروا واستغلوا غيرهم، فغلبوا عليهم، فكانوا سبباً في شقائهم وخسارتهم بخسارتهم. البقاعي: 20/447.





﴿ مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿١٣﴾] لو عظَّموا الله وعرفوا حق عظمته وحَّدوه وأطاعوه وشكروه؛ فطاعته سبحانه واجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره في القلب. ابن القيم: 3/203.


﴿ مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿١٣﴾] أي: ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أحدكم بالعقوبة، أي: أيُّ عذر لكم في ترك الخوف من الله. القرطبي: 21/255.




﴿ فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ﴾ [سورة نوح آية:﴿١١﴾] في الآية دليل على أن الاستغفار يوجب نزول الأمطار، ولذلك خرج عمر بن الخطاب إلى الاستسقاء فلم يزد على أن أستغفر ثم انصرف، فقيل له: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: والله لقد استسقيت أبلغ الاستسقاء. ابن جزي: 2/495.





﴿ فَمَن يُؤْمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١٣﴾] قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته؛ لأن البخس النقصان، والرهق العدوان». القرطبي: 21/292.




﴿ وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٦﴾] فلا يخاف بخساً ولا رهقاً لأنه لم يبخس أحداً حقاً، ولا رهقه ظلماً؛ فلا يخاف جزاءهما. الألوسي: 15/100





﴿ وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١١﴾] فلما قاموا مقام دعوة إخوانهم إلى اتباع طريق الخير لم يصارحوهم بنسبتهم إلى الإِفساد، بل ألهموا وقالوا: (منا الصالحون)، ثم تلطفوا فقالوا: (ومنا دون ذلك). ابن عاشور: 29/232.





﴿ وَأَنَّا لَا نَدْرِىٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى ٱلْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١٠﴾] وأسند فعل إرادة الشر إلى المجهول، ولم يسند إلى الله تعالى مع أن مقابله أسند إليه بقوله: (أم أراد بهم ربهم رشداً) جرياً على واجب الأدب مع الله تعالى في تحاشي إسناد الشر إليه. ابن عاشور: 29/231.

﴿ وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٦﴾] والمعنى: أن الجن زادوا الإنس ضلالاًً وإثماًً لما عاذوا بهم، أو زادوهم تخويفاًً لما رأوا ضعف عقولهم، وقيل: ضمير الفاعل للإنس، وضمير المفعول للجن: والمعنى إن الإنس زادوا الجن تكبراًً وطغياناًً لما عاذوا بهم، حتى كان الجن يقول: أنا سيد الجن والإنس. ابن جزي: 2/495.




﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلْإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٥﴾] هذا مرشد إلى أنه لا ينبغي التقليد في شيء؛ لأن الثقة بكل أحد عجز، وإنما ينكشف ذلك بالتجربة، والتقليد قد يجر إلى الكفر المهلك هلاكاً أبدياً، وإليه أرشد النبي ﷺ فيما أخرجه الشيخان عن النعمان بن بشير رضي الله عنه بأن: (من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)، وفي ذلك غاية الحث على أن الإنسان لا يقدم ولا يحجم في أصول الدين إلا بقاطع. البقاعي: 20/471.





﴿ يَهْدِىٓ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٢﴾] في هذا توبيخ للكفار من بني آدم؛ حيث آمنت الجن بسماع القرآن مرة واحدة، وانتفعوا بسماع آيات يسيرة منه، وأدركوا بعقولهم أنه كلام الله وآمنوا به، ولم ينتفع كفار الإنس. الشوكاني: 5/303-304.





﴿ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا۟ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْءٍ عَدَدًۢا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٢٨﴾] والمعنى: أن علمه سبحانه بالأشياء ليس على وجه الإجمال، بل على وجه التفصيل؛ أي: أحصى كل فرد من مخلوقاته على حدة. الشوكاني: 5/313.




﴿ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِۦٓ أَحَدًا ﴿٢٦﴾ إِلَّا مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ﴾ [سورة الجن آية:﴿٢٦﴾] هذا يعم الرسول الملكي والبشري. ابن كثير: 4/433.

﴿ قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلْتَحَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٢٢﴾] أي: لا أحد أستجير به ينقذني من عذاب الله، وإذا كان الرسول الذي هو أكمل الخلق لا يملك ضراً ولا رشداً، ولا يمنع نفسه من الله شيئاً إن أراده بسوء، فغيره من الخلق من باب أولى وأحرى. السعدي: 891.

﴿ قُلْ إِنِّى لَآ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿٢١﴾] فيه تهديد عظيم وتوكيل إلى الله جل وعلا وأنه سبحانه هو الذي يجزيه بحسن صنيعه وسوء صنيعهم. الألوسي:15/105.




﴿ وَأَنَّ ٱلْمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١٨﴾] قيل المعنى أفردوا المساجد لذكر الله ولا تتخذوها هزوا ومتجراً ومجلسا ولا طرقا ولا تجعلوا لغير الله فيها نصيبا. القرطبي:21/300.





﴿ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَٰهُ م مَّآءً غَدَقًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١٦﴾] قال عمر رضي الله عنه: «أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة، وضُرب الماء الغدق الكثير لذلك مثلاً لأن الخير والرزق كله بالمطر يكون، فأقيم مقامه». القرطبي: 21/295.




﴿ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَٰهُ م مَّآءً غَدَقًا ﴾ [سورة الجن آية:﴿١٦﴾] والطريقة هي طريقة الإسلام وطاعة الله؛ فالمعنى: لو استقاموا على ذلك لوسع الله أرزاقهم؛ فهو كقوله: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) [الأعراف: 96]. ابن جزي: 2/497.





﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَٰهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ﴾ [سورة المزمل آية:﴿١٥﴾] واختير لهم [أي كفار مكة] ضرب المثل بفرعون مع موسى عليه السلام لأن الجامع بين حال أهل مكة وحال أهل مصر في سبب الإعراض عن دعوة الرسول هو مجموع ما هم عليه من عبادة غير الله، وما يملأ نفوسهم من التكبر والتعاظم على الرسول المبعوث إليهم. ابن عاشور: 29/273.




﴿ وَذَرْنِى وَٱلْمُكَذِّبِي نَ أُو۟لِى ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ﴾ [سورة المزمل آية:﴿١١﴾] ووصفهم بــ(أولي النعمة) توبيخاً لهم بأنهم كذَّبوا لغرورهم وبطرهم بسعة حالهم، وتهديداً لهم بأن الذي قال: (ذرني والمكذبين) سيزيل عنهم ذلك التنعم. ابن عاشور: 29/269.





﴿ وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٨﴾] جاء على التفعيل لسِرٍّ لطيف: فإن في هذا الفعل إيذاناًً بالتدريج، والتكلف، والتعمل، والتكثر، والمبالغة. ابن القيم:3/212.

﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْـًٔا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٦﴾] أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار؛ لأنه وقت انتشار الناس، ولغط الأصوات، وأوقات المعاش. ابن كثير: 4/436.

﴿ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٤﴾] الترتيل هو التمهل والمد وإشباع الحركات وبيان الحروف، وذلك مُعينٌ على التفكر في معاني القرآن، بخلاف [الهذ] الذي لا يفقه صاحبه ما يقول، وكان رسول الله ﷺ يُقَطِّع قراءته حرفاًً حرفاًً، ولا يمرُّ بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمرّ بآية عذاب إلا وقف وتعوَّذ. ابن جزي: 2/501.

﴿ نِّصْفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿٣﴾ أَوْ زِدْ عَلَيْ ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٣﴾] إن قيل: لم قيد النقص من النصف بالقلة فقال: (أو انقص منه قليلاًً)، وأطلق في الزيادة فقال: (أو زد عليه)، ولم يقل: «قليلاً»؟ فالجواب: أن الزيادة تحسن فيها الكثرة فلذلك لم يقيدها بالقلة بخلاف النقص؛ فإنه لو أطلقه لاحتمل أن ينقص من النصف كثيراًً. ابن جزي: 2/501.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ ﴾ [سورة المزمل آية:﴿١﴾] وفي خطابه بهذا الاسم فائدتان: إحداهما: الملاطفة؛ فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها... والفائدة الثانية: التنبيه لكل متزمل راقد ليله ليتنبه إلى قيام الليل وذكر الله تعالى فيه. القرطبي: 21/316.


﴿ وَبَنِينَ شُهُودًا ﴾ [سورة المدثر آية:﴿١٣﴾] لا يغيبون، أَي: حضورا عنده لا يسافرون بالتجارات، بل مواليهِم وأُجراؤهم يتولَّون ذلكَ عنهم، وهم قُعود عند أَبيهِم يتمتع بهِم ويتملَّى بهِم،... وهذا أَبلَغ في النعمةِ؛ وهو إِقَامتهم عنده. ابن كثير: 4/442.

﴿ فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴿٩﴾ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٩﴾] قال الزمخشري: إن (غير يسير) كان يكفي عنها (يوم عسير)، إلا أنه ليبين لهم أن عسره لا يرجى تيسيره كعسر الدنيا، وأن فيه زيادة وعيد للكافرين، ونوع بشارة للمؤمنين لسهولته عليهم. ولعل المعنيين مستقلان، وأن قوله تعالى: (يوم عسير) هذا كلام مستقل وصف لهذا اليوم، وبيان للجميع شدة هوله. الشنقيطي: 8/363.

﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤﴾] عن محمد بن سيرين: (وثيابك فطهر) قال: اغسلها بالماء. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وثيابك فطهر) قال: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره أن يتطهر ويطهر ثيابه. الطبري: 23/12.

﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤﴾] ويحتمل أن المراد بثيابه الثياب المعروفة، وأنه مأمور بتطهيرها عن جميع النجاسات في جميع الأوقات، خصوصاً عند الدخول في الصلوات. وإذا كان مأموراً بتطهير الظاهر فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن. السعدي: 895.

﴿ وَٱسْتَغْفِرُوا ۟ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌۢ ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٢٠﴾] وجملة (إن الله غفور رحيم) تعليل للأمر بالاستغفار؛ أي: لأن الله كثير المغفرة شديد الرحمة. والمقصود من هذا التعليل الترغيب والتحريض على الاستغفار بأنه مرجو الإجابة. وفي الإتيان بالوصفين الدالين على المبالغة في الصفة إيماء إلى الوعد بالإجابة. ابن عاشور: 29/290.

﴿ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى ٱلْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ ۙ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٢٠﴾] ذكر سبحانه عذرهم فقال: (علم أن سيكون منكم مرضى) فلا يطيقون قيام الليل، (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) أي: يسافرون فيها للتجارة والأرباح؛ يطلبون من رزق الله ما يحتاجون إليه في معاشهم، فلا يطيقون قيام الليل، (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) يعني: المجاهدين؛ فلا يطيقون قيام الليل. ذكر سبحانه ها هنا ثلاثة أسباب مقتضية للترخيص ورفع وجوب قيام الليل، فرفعه عن جميع الأمة لأجل هذه الأعذار التي تنوب بعضهم. الشوكاني: 5/322.

﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَىِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ ۚ...... ﴾ [سورة المزمل آية:﴿٢٠﴾] وافتتاح الكلام بـ(إن ربك يعلم أنك تقوم) يشعر بالثناء عليه لوفائه بحق القيام الذي أُمِر به، وأنه كان يبسط إليه ويهتم به، ثم يقتصر على القدر المعين فيه النصف أو أنقص منه قليلا أو زائد عليه، بل أخذ بالأقصى -وذلك ما يقرب من ثلثي الليل- كما هو شأن أولي العزم. ابن عاشور: 29/280.

﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلْخَآئِضِينَ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤٥﴾] إشارة إلى عدم اكتراثهم بالباطل ومبالاتهم به؛ فكأنهم قالوا: وكنا لا نبالي بباطل. الألوسي: 15/147.

﴿ قَالُوا۟ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ ﴿٤٣﴾ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤٣﴾] في الآية إشارة إلى أن المسلم الذي أضاع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مستحق حظاً من سقر على مقدار إضاعته، وعلى ما أراد الله من معادلة حسناته وسيئاته، وظواهره وسرائره. ابن عاشور: 29/328.

﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ ﴿٤٢﴾ قَالُوا۟ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤٢﴾] تنبيهاً على أن رسوخ القدم في الصلاة مانع من مثل حالهم، وعلى أن الصلاة أعظم الأعمال، وأن الحساب بها يقدم على غيرها. البقاعي: 21/75.

﴿ كُلُّ نَفْسٍۭ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴿٣٨﴾ إِلَّآ أَصْحَٰبَ ٱلْيَمِينِ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٣٨﴾] (إلا أصحاب اليمين) أي: الذين تقدم وصفهم؛ وهم الذين تحيَّزوا إلى الله؛ فائتمروا بأوامره، وانتهوا بنواهيه؛ فإنهم لا يرتهنون بأعمالهم، بل يرحمهم الله فيقبل حسناتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم. البقاعي: 21/71.

﴿ وَلَا يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُون َ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٣١﴾] أي: ليزول عنهم الريب والشك. وهذه مقاصد جليلة يعتني بها أولو الألباب؛ وهي: السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق. السعدي: 897.

﴿ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِيمَٰنًا ۙ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٣١﴾] بيان أن الواجب على المؤمن المبادرة بالتصديق والانقياد، ولو لم يعلم الحكمة أو السر أو الغرض؛ بناء على أن الخبر من الله تعالى. الشنقيطي: 8/365.

﴿ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَٰٓئِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِيمَٰنًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُون َ ۙ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٣١﴾] وهذا حال القلوب عند ورود الحق المنَزل عليها: قلب يفتتن به كفراً وجحوداً، وقلب يزداد به إيماناً وتصديقاً، وقلب يَتَيَقَّنه فتقوم عليه به الحجة، وقلب يوجب له حيرةً وعمىً فلا يدري ما يراد به. ابن القيم: 3/216.

﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿١٧﴾] قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه) فيه إشارة إلى أنه نزل مفرقاً، وإشارة إلى أن جمعه على هذا النحو الموجود برعاية وعناية من الله تعالى، وتحقيقا لقوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه)، ويشهد لذلك أن هذا الجمع الموجود من وسائل حفظه؛ كما تعهد تعالى بذلك، والله تعالى أعلم. الشنقيطي: 8/374.

﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ﴿١٦﴾ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ ﴿١٧﴾ فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ ﴿١٨﴾ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُۥ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿١٦﴾] في هذه الآية أدب لأخذ العلم: أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ من المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ منها سأله عما أشكل عليه، وكذلك إذا كان في أول الكلام ما يوجب الرد أو الاستحسان أن لا يبادر برده أو قبوله، حتى يفرغ من ذلك الكلام، ليتبين ما فيه من حق أو باطل، وليفهمه فهماً يتمكن به من الكلام عليه. السعدي: 899.


﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿١٦﴾] تضمنت التأني والتثبت في تلقي العلم، وأن لا يحمل السامع شدة محبته وحرصه وطلبه عن مبادرة المعلم بالأخذ قبل فراغه من كلامه... فهكذا ينبغي لطالب العلم ولسامعه أن يصبر على معلمه حتى يقضيَ كلامه، ثم يعيده عليه، أو يسأل عما أشكل عليه منه، ولا يبادره قبل فراغه. ابن القيم: 3/230.

﴿ وَلَآ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿٢﴾] وَنَبَّه سبحانه بكونها لوامةً على شدة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى من يُعَرِّفُها الخير والشر، ويدلها عليه، ويرشدها إليه، ويلهمها إياه؛ فيجعلها مريدة للخير، مرشدة له، كارهة للشر، مجانبة له؛ لتخلص من اللوم، ومن شر ما تلوم عليه، ولأنها متلومة مترددة لا تثبت على حال واحدة، فهي محتاجة إلى من يُعَرِّفُها ما هو أنفع لها في معاشها ومعادها فتؤثره وتلوم نفسها عليه إذا فاتها. ابن القيم: 3/225.

﴿ وَلَآ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿٢﴾] هي التي تلوم نفسها على فعل الذنوب، أو التقصير في الطاعات؛ فإن النفوس على ثلاثة أنواع: فخيرها النفس المطمئنة، وشرها النفس الأمارة بالسوء، وبينهما النفس اللوامة. ابن جزي:2/513.

﴿ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٥٦﴾] هو أهل أن يخاف منه، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب. ابن كثير: 4/447.

﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ ﴾ [سورة المدثر آية:﴿٤٨﴾] إيماء إلى ثبوت الشفاعة لغيرهم يوم القيامة على الجملة، وتفصيلها في صحاح الأخبار. ابن عاشور: 29/328.

﴿ إِنَّا هَدَيْنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٣﴾] وجمع بين الشاكر والكفور، ولم يجمع بين الشكور والكفور -مع اجتماعهما في معنى المبالغة- نفيا للمبالغة في الشكر وإثباتا لها في الكفر؛ لأن شكر الله تعالى لا يؤدى فانتفت عنه المبالغة، ولم تنتف عن الكفر المبالغة. فقل شكره لكثرة النعم عليه وكثر كفره -وإن قل- مع الإحسان إليه. القرطبي: 21/450.

﴿ إِنَّا خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَٰهُ سَمِيعًۢا بَصِيرًا ﴿٢﴾ إِنَّا هَدَيْنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢﴾] أي: جعلنا له سمعاًً وبصراًً يتمكن بهما من الطاعة والمعصية. ابن كثير: 4/453.

﴿ نَّا خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَٰهُ سَمِيعًۢا بَصِيرًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢﴾] (من نطفة أمشاج) أي: ماء مهين مستقذر، (نبتليه) بذلك؛ لنعلم هل يرى حاله الأولى ويتفطن لها، أم ينساها وتغره نفسه. السعدي: 900.

﴿ ٱلْإِنسَٰنِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـًٔا مَّذْكُورًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿١﴾] تعريف الإنسان بحاله وابتداء أمره؛ ليعلم أن لا طريق له للكبر واعتقاد السيادة لنفسه، وأن لا يغلطه ما اكتنفه من الألطاف الربانية، والاعتناء الإلهي، والتكرمة؛ فيعتقد أنه يستوجب ذلك ويستحقه: (وما بكم من نعمة فمن الله) [النحل: 53]. البقاعي: 21/123.


﴿ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿٣٣﴾] أي يتبختر افتخاراً بذلك... وقيل: أصله يتمطط؛ وهو: التمدد من التكسل والتثاقل؛ فهو يتثاقل عن الداعي إلى الحق. القرطبي: 21/437.


﴿ وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿٢٧﴾] أي: من يرقيه -من الرقية- لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فلم يبق لهم إلا الأسباب الإلهية. السعدي: 900

﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ ﴿٢٠﴾ وَتَذَرُونَ ٱلْءَاخِرَةَ ﴾ [سورة القيامة آية:﴿٢٠﴾] لأن الدنيا نعيمها ولذاتها عاجلة، والإنسان مولع بحب العاجل، والآخرة متأخر ما فيها من النعيم المقيم؛ فلذلك غفلتم عنها وتركتموها كأنكم لم تخلقوا لها، وكأن هذه الدار هي دار القرار التي تبذل فيها نفائس الأعمار، ويسعى لها آناء الليل والنهار، وبهذا انقلبت عليكم الحقيقة، وحصل من الخسار ما حصل. السعدي: 900.

﴿ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴿٢٤﴾ وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٤﴾] أي اصبر لحكمه القدري فلا تسخطه، ولحكمه الديني فامض عليه، ولا يعوقك عنه عائق،... ولما كان الصبر يساعده القيام بعبادة الله والإكثار من ذكره أمره الله بذلك فقال: (واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً). السعدي: 902.

﴿ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ... ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٤﴾] أي: كما أكرمك بما أنزل عليك فاصبر على قضائه وقدره، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره. ابن كثير: 4/458.

﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَٰنٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿١٩﴾] وأحسن من يتخذ للخدمة الولدان؛ لأنهم أخف حركة وأسرع مشياً، ولأن المخدوم لا يتحرج إذا أمرهم أو نهاهم. ابن عاشور: 29/397.

﴿ وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُوا۟ جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴿١٢﴾ مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿١٢﴾] ولما كان في الصبر من حبس النفس، والخشونة التي تلحق الظاهر والباطن من: التعب، والنصب، والحرارة ما فيه؛ كان الجزاء عليه بالجنة التي فيها السعة، والحرير الذي فيه اللين والنعومة، والاتكاء الذي يتضمن الراحة، والظلال المنافية للحر. ابن تيمية: 6/445.

﴿ وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُوا۟ جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿١٢﴾] أي بصبرهم على الجوع وإيثار غيرهم على أنفسهم. ابن جزي:2/519.

﴿ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٨﴾] ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء، خرج من هذه الآية. ابن تيمية: 6/441.

﴿ يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُۥ مُسْتَطِيرًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٧﴾] أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر وهو لم يجب عليهم إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية من باب أولى وأحرى. السعدي: 901.

﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿١٩﴾] وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم؛ فإن لكل مكذب بشيء عذاباً سوى تكذيبه بشيء آخر. القرطبي: 21/501-502.


﴿ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿١٤﴾] أي: إنه أمر يستحق أن يسأل عنه ويعظم، وكل ما عظم بشيء فهو أعظم منه، ولا يقدر أحد من الخلق على الوصول إلى علمه؛ لأنه لا مثل له. البقاعي: 21/170.


﴿ وَٱلْمُرْسَلَٰت ِ عُرْفًا ﴿١﴾ فَٱلْعَٰصِفَٰتِ عَصْفًا ﴿٢﴾ وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشْرًا ﴿٣﴾ فَٱلْفَٰرِقَٰتِ فَرْقًا ﴿٤﴾ فَٱلْمُلْقِيَٰت ِ ذِكْرًا ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿١﴾] وفي تطويل القَسَم تشويقُ السامع لتلقي المقسم عليه. ابن عاشور: 29/419.

﴿ إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا ﴿٢٩﴾ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٩﴾] وقوله: فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا، علَّق اتخاذ السبيل إلى الله على مشيئة من شاء، وقيْدُها: ربط مشيئة العبد بمشيئة الله تعالى في قوله: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله)، وهذه مسألة القدر. الشنقيطي: 8/399.

﴿ نَّحْنُ خَلَقْنَٰهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَٰلَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٨﴾] (نحن خلقناهم) أي: أوجدناهم من العدم. (وشددنا أسرهم) أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده؛ فالذي أوجدهم على هذه الحالة قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم. السعدي: 903.

﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُۥ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٦﴾] أي: أكثر له من السجود، ولا يكون ذلك إلا بالإكثار من الصلاة. السعدي: 903.

﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُۥ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾ [سورة الإنسان آية:﴿٢٦﴾] وذكر الصلاة بالسجود تنبيهاً على أنه أفضل الصلاة؛ فهو إشارة إلى أن الليل موضع الخضوع. البقاعي: 21/157.

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُوا۟ لَا يَرْكَعُونَ ﴿٤٨﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٤٨﴾] ومن إجرامهم أنهم إذا أمروا بالصلاة التي هي أشرف العبادات، وقيل لهم: (اركعوا) امتنعوا من ذلك. فأيُّ إجرام فوق هذا؟! وأي تكذيب فوق هذا؟! السعدي: 905.

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُوا۟ لَا يَرْكَعُونَ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٤٨﴾] أي أطيعوا الله تعالى واخشعوا وتواضعوا له عز وجل بقبول وحيه تعالى واتباع دينه سبحانه، وارفضوا هذا الاستكبار والنخوة. (لا يركعون) لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على ما هم عليه من الاستكبار. الألوسي: 15/197.

﴿ كُلُوا۟ وَتَمَتَّعُوا۟ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٤٦﴾] فيه دلالة على أن كل مجرم نهايته تمتع أيام قليلة، ثم يبقى في عذاب وهلاك أبداًً. الألوسي:15/197.


﴿ كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ هَنِيٓـًٔۢا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٤٣﴾] فيه النص على أن عملهم في الدنيا سبب في تمتعهم بنعيم الجنة في الآخرة، وجاء في الحديث: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله)، ولا معارضة بين النصين؛ إذ الدخول بفضل من الله، وبعد الدخول يكون التوارث، وتكون الدرجات، ويكون التمتع بسبب الأعمال. فكلهم يشتركون في التفضل من الله عليهم بدخول الجنة، ولكنهم بعد الدخول يتفاوتون في الدرجات بسبب الأعمال. الشنقيطي: 8/404.

﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٣٩﴾] تعجيز لهم، وتعريض بكيدهم في الدنيا، وتقريع عليه. ابن جزي: 2/525.

﴿ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ ﴿٣٢﴾ كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٣٢﴾] (ﮗ ﮘ) وهي: السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة؛ لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها. السعدي: 905.


﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلْأَرْضَ كِفَاتًا ﴾ [سورة المرسلات آية:﴿٢٥﴾] تضم الأحياء على ظهرها، والأموات في بطنها. وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه. القرطبي: 21/505.


الكلم الطيب