تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: بل أنت عند الله غالٍ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,610

    افتراضي بل أنت عند الله غالٍ

    بل أنت عند الله غالٍ

    قصة عجيبة يخبرنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ كَانَ يُهْدِي إلى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم الْهَدِيَّةَ فَيُجَهِّزُهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ"، قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟"، فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا! فَقَالَ: "لَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ *لَسْتَ *بِكَاسِدٍ"، أَوْ قَالَ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"؛ رواه ابن حبان، والترمذي في الشمائل، وأحمد، وصححه الألباني.وفي هذه القصة دروس وهدايات منها:أولًا: عناية هذا الصحابي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم وإهداؤه له، صورة من صور حب النبي صلى الله عليه وسلم، إنه زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ من أهل البادية يأتي إلى المدينة محملًا بهدايا البادية مما لا يوجد في المدينة فيهديه لحبيبه صلى الله عليه وسلم، وهو بذلك يعمق حبه في قلب النبي، كيف لا؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"؛ رواه البخاري في الأدب، وصحَّحه الألباني.
    وفي أحداث القصة لقطة مؤثرة مثيرة تكشف عن مكنونات الصدور وما تحويه من فيض الحب والوداد للنبي صلى الله عليه وسلم، فما هي هذه اللقطة؟ تأمل قول أنس رضي الله عنه: "فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ" مشهدٌ فريدٌ للحب، ها هو المحب يلصق ظهره بصدر حبيبه ليزداد قربًا وتمازجًا للتعبير عن عظيم سعادته وغاية أنسه باحتضان رسول الله له، يلصق ظهره بصدر رسول الله ليعمق الحب والوداد ولينهل من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    نعم إنه مشهد من مشاهد الحب يتمنَّى الكثير لو كان في موضع زاهر رضي الله عنه، إنها قصة من أروع قصص الحب، فصلى الله وسلم عليك يا رسول الله ورضي الله عنك يا زاهر!
    ثانيًا: عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأتباعه ومقابلة إحسانهم بإحسان مثله، فها هو صلى الله عليه وسلم يجهز زاهرًا رضي الله عنه ويجمع له ما يحتاج إليه من المدينة مما ليس في البادية، ليكشف لنا أن العلاقة بينهما قوة متينة، إنها علاقة وطيدة من الحب والوداد لخَّصَها صلى الله عليه وسلم بقوله: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ" بل العلاقة أعلى من ذلك تصل إلى المزاح بالقول والفعل في مشهد كله أُنْسٌ وحبٌّ وودادٌ، تأملوا المشهد: زاهرٌ في السوق يبتاع ويشتري والسوق قد غصَّ بروَّاده، فأتي صاحب القلب الودود الرحيم عليه الصلاة والسلام إلى السوق فاتجه إلى زاهر ممازحًا ومداعبًا "فَاحْتَضَنَه مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟".
    لله أنت يا رسول الله! ما أعظم شمائلك! ما أعظم تواضعك! ما أطيب قلبك! ما أسعد القلوب التي عاشرتك وشاهدت هذا المشهد! مشهدٌ غايةٌ في التواضع، غايةٌ في الطيبة، غايةٌ في الحب، غايةٌ في اليسر والسماحة، إنه مشهدٌ من مشاهد التواضع، صاحبه أعظم من مشى على الأرض، وخير من طلعت عليه الشمس، ما أسعدك وأهنأك يا زاهر رضي الله عنك وأرضاك! إذ فزت بحِضْن النبي صلى الله عليه وسلم، وفزت بمزاحه ومداعبته.
    إن هداية هذا المشهد درسٌ بليغ للمربين وحُمَّال الدين ودُعاة الخير، درسٌ للآباء والأمهات؛ أن اقتربوا ممن تقومون على تربيتهم وتعليمهم، لا تجعلوا بينكم وبينهم حواجز، مازحوهم ولاعبوهم، أدخلوا عليهم الفرح والأنس والسرور، تعهدوهم بالهدية والإحسان، تعهدوهم بالمدح والثناء على ما يقومون به من خير وصلاح ونجاح، إنكم بذلك تدخلون السعد على نفوسهم وتبنون فيها صروحًا من الخير، وتدفعونهم إلى مزيد من العطاء والنجاح.
    يخطئ كل الخطأ من يزعم أن المزاح مع الأهل والأبناء والمتربين والتلطف بهم والإهداء إليهم والتبسُّم في وجوههم والثناء عليهم يسقط هيبة المتربي، أقول لأولئك: دونكم هدي محمد صلى الله عليه وسلم، دونكم هدي خير من زكَّى النفوس وقام على تربيتها وكفى.
    ثالثًا: القصة درس عظيم في التواضع؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيض الحب على رجل من البادية وصف -في رواية لابن حبان- بأنه كَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فيقبل عليه، ويقبل هديته، ويهدي إليه ويمازحه، وهذا زاهر رضي الله عنه يستصغر نفسه عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟" فَقَالَ زَاهِرٌ: تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا! أي: لا قيمة لي ولا ثمن، وكان ثمرة هذا التواضع واستصغار النفس أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبه الكبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم البشارة العظيمة والوسام الذي ظفر به رضي الله عنه وأرضاه، لقد فاز بوسام: "لَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ *لَسْتَ *بِكَاسِدٍ"، ووسام: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"، فما أعظمها من بشارة! وما أعظمه من وسام! هكذا يرفع الله المتواضعين ويعلي شأنهم: قال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"؛ رواه مسلم
    تواضَعْ تَكُنْ كالنجمِ لاحَ لِنَاظرٍ
    على صَفحَاتِ الماءِ وهو رَفِيعُ

    ولا تكُ كالدُّخَانِ يعْلُو بنَفْسِه
    إلى طبَقَاتِ الجوِّ وهْو وَضِيعُ

    رابعًا: أن قيمة العبد عند الله ليست بشكله ولا بهيئته؛ بل بما وقر في القلب من الإيمان والتقوى ومحبة الله ورسوله، فهذا رجل من البادية دميم الخلقة، ومع ذلك بَشَّره رسولُه صلى الله عليه وسلم بقوله: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"، وما أعظم أن يكون العبد غاليًا عند الله عز وجل! ولعلَّ الذي أوصله لهذه المنزلة عظيم محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه في تلك المحبة، وما كان عليه من التقوى والصلاح، فيا فوز من كان مُتقيًا لله وعَمرَ قلبه بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، فيكون غالي الثمن عند ربِّه عَزَّ وجَلَّ.
    عباد الله؛ من يرد أن يكون غاليًا عند الله عز وجل فعليه بطاعة الله وتقواه، والمداومة على ذكر الله عز وجل ومحبته ورسوله صلى الله عليه وسلم، لنتذكر قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,610

    افتراضي رد: بل أنت عند الله غالٍ

    كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أحد الصحابة ( مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ) وهو من الأحرار؟!

    السؤال

    ممّا هو معلوم أنّ الكذب حرام بكلِّ أنواعه، ولكن أشكل عليّ الحديث الذي جاء فيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك بزاهر بن حزام، وقال عبد للبيع"، مع أنه لم يكن عبدا، مع العلم أنني مؤمنٌ بأنه صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقا.


    ملخص الجواب

    قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ). ليس فيه ما يجانب الحق، فكل إنسان يصح وصفه بالعبودية، وإن كان حرا؛ لأن كل الناس عبيد لله تعالى وهو ربهم سبحانه وتعالى.

    الجواب

    الحمد لله.
    روى الإمام أحمد في "المسند" (20 / 90 - 91)، وابن حبان "الإحسان" (13 / 106)، وابن أبي شيبة في "المصنف"، والترمذي في "الشمائل" (240)، وغيرهم:
    عن عَبْد الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا، وَكَانَ يُهْدِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ. وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَلَا يُبْصِرُهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ، فَعَرَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟
    فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا وَاللهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا.
    فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ، أَوْ قَالَ: لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ .
    قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
    " وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط الصحيحين " انتهى من "البداية والنهاية" (8/ 490).
    وصححه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/6).
    وصححه الشيخ الألباني في "التعليقات الحسان" (8/266).
    وقال محققو المسند: " إسناده صحيح على شرط الشيخين" انتهى.
    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟) هو حق أبلج؛ لا شية فيه من باطل، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول الباطل، أو يعمل به، أو يرضاه.
    قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "وقال لرجل احتضنه من ورائه: ( مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ). فقال: يا رسول الله، تجدنى إذا كاسدا. قال: ( لَكِنك عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ).
    وهذا كله من التأويل والمعاريض، وقد سماه النبى صلى الله عليه وسلم حقا، فقال: ( لَا *أَقُولُ *إِلَّا *حَقًّا ) " انتهى من "المغني" (13/500).
    وبيان ذالك:
    أن لفظ: ( الْعَبْدَ ) لا يراد به الرقيق، فقط، بل يصلح أن يطلق على كل إنسان في هذه الدنيا، فكل الناس عبيد لله تعالى. وقد وصف الله تعالى المختارين من عباده بوصف العبودية.
    قال الله تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ، وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ، إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الزخرف/57 - 59.
    ووصف به من استجاب لدينه.
    كما في قوله تعالى: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ سبأ /9.
    قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:
    " ووجه تسميته عبدا ظاهر، فإنه عبد الله " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/624).
    وأما عبارة: ( مَنْ يَشْتَرِي؟).
    فقد ذكر لها أهل العلم جملة من التـأويلات، وبعضها فيه تكلف.
    قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:
    " ووجه الاستفهام على الاشتراء الذي يطلق لغة على مقابلة الشيء بالشيء تارة، وعلى الاستبدال أخرى، أنه أراد من يقابل هذا العبد بالإكرام، أو من يستبدله مني بأن يأتيني بمثله، ويمكن أن يكون من قبيل التجريد، والمعنى من يأخذ هذا العبد " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8 /624).
    ولعل الأصوب، أن يقال: أن هذا استفهام وليس بخبر، فلا يمكن وصفه بعدم الصدق، فقد يقول الشخص: من يشتري هذا الشيء؟ ولا يقصد البيع، ولا يعد كاذبا، وهذا أظهر الأقوال؛ فمن أراد أن يشتري هذا العبد، لم يجده محلا للبيع والشراء!!
    قال ابن القيم، رحمه الله: " وقصد صلى الله عليه وسلم أنه عبد اللَّه، والصيغة صيغة استفهام " انتهى من "إعلام الموقعين" (4/541).
    وقال الملا علي القاري، بعد ما تعقب الوجوه التي ذكروها، وما فيها من تكلف: " فالوجه الوجيه أن الاشتراء على حقيقته، وأن *العبد فيه تورية أو تشبيه أو قبله مضاف مقدر أي: *من *يشتري مثل هذا *العبد مني، ولا يلزم من هذا القول لا سيما والمقام مقام المزاح إرادة تحقق بيعه ليشكل على الفقيه بأن بيع الحر غير جائز". انتهى، من "جمع الوسائل في شرح الشمائل" (2/30).
    والأقوال المحتملة تعتبر بحسب قصد قائلها، فبهذا جاءت شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم.
    كما في قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
    " الاعتبار بالمعاني والمقاصد في الأقوال والأفعال، فإن الألفاظ إذا اختلفت عباراتها أو مواضعها بالتقدم والتأخر والمعنى واحد؛ كان حكمها واحدا، ولو اتفقت ألفاظها واختلفت معانيها كان حكمها مختلفا، وكذلك الأعمال، ومن تأمل الشريعة حق التأمل علم صحة هذا بالاضطرار " انتهى من "إعلام الموقعين" (4/552).
    والله أعلم.https://islamqa.info/ar/answers/4779...B1%D8%A7%D8%B1
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •