تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 22

الموضوع: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا

    أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟
    د.خالد النجار
    (1)


    رمضان ضيف عزيز، وشهر كريم، فيه تقال العثرات وتنهمر الرحمات، وتنعم الأسرة المسلمة بأجواء إيمانية ذات مذاق خاص، وتواصل اجتماعي متميز، تستعيد فيه الكثير من القيم والسلوكيات الإيجابية والمشاعر الدافئة التي ضاعت منا في زحمة الحياة، ولذلك أولى أن نولي هذا الشهر عناية خاصة تليق به، ونتعامل معه على أنه شهر عبادة وتجديد لا شهر طعام وتبديد.

    • للقدوة دور كبير في عملية تربية وتوجيه أبنائنا، خاصة في شهر رمضان حيث التواصل الاجتماعي فيه أكبر من أي شهر آخر، فلابد أن يلاحظ الصغير فينا التميز الخلقي والسلوكي الراقي كأحد مكاسب صومنا، وأن لا نجعل الصوم مبررا لعصبيتنا أو تضجرنا من أقل شيء، ولنعلم جيدا أننا بسلوكياتنا السلبية نرسخ في أذهان أحبابنا الصغار مفهوم ارتباط رمضان بالتشنج والتوتر تحت ذريعة أننا صائمون، ومن ثم يفقدون الإحساس بميزة هذا الشهر وتفضله على سائر الشهور، بل ربما يكرهون قدومه.

    • لا يدرك الطفل حتى سن الخامسة تقريبا ما تعنيه الفرائض الدينية ولا ما يعنيه شهر رمضان، لكن يمكننا الاستفادة من قدرة الطفل الخصبة على التخيل في هذه المرحلة العمرية ونساعده على توسيع مداركه وترك العنان لخياله مع الأنوار والزينات الملونة في كل مكان، واجتماع الأسرة كلها على مائدة طعام واحدة في ميعاد محدد كل يوم، كل ذلك يعد فرصة طيبة لتعميق العلاقات الأسرية واستمتاع الأبناء بالدفء الأسري الذي تسببت ظروف الحياة في حرمانهم منه باقي شهور السنة.

    • رمضان فرصة سانحة أخي المربي وأختي المربية لتدرب ابنك فيها على الصيام، الذي يعلمه الصبر والإرادة، ويرفع في نفسه قدر العبادة، وبالصيام نبدأ؛ لأنه عنوان هذا الشهر المبارك، وكما هو معلوم أن السن التي يجب فيها الصوم شرعا هي سن البلوغ، أما الوقت الذي يطالب فيه الطفل بالصوم قبل البلوغ هو سن الإطاقة، بمعنى قدرة الطفل على الصوم دون أي مضاعفات تضره، وهو يختلف باختلاف البنية الجسمية للطفل، وقد حددها بعض العلماء بعشر سنين. قال الخرقي: «وإذا كان الغلام له عشر سنين وأطاق الصيام أُخِذ به». قال ابن قدامة: يعني أنه يُلْزم الصيام ويؤمر به.
    وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يَأمُر من له ولاية عليه م
    ن الصغار بالصوم من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه، وتنطبع أُصول الإسلام في نُفُوسهم حتى تكون كالغريزة لهم. ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، ولا يشترط أن يصوم الطفل الشهر كله في البداية أو يصوم اليوم كله إلى نهايته، بل يتدرج معه فهو لم يبلغ سن التكليف بعد.

    • يمكن للآباء تشجيع أبنائهم على الصوم بوسائل متعددة، أهمها توضيح ثمار الصوم في الدنيا والآخرة، وتارة بالهدية وشراء ما يحبون، أو بالثناء عليهم وتشجيعهم، أو التنافس الشريف، وكذلك الحال في تلاوة القرآن الكريم، وإعطاء الصدقات، والانشغال بالذكر، وإفطار الصائمين، وصلاة التراويح والتهجد، مع توفير الأشرطة السمعية والمرئية والبرامج الثقافية الرمضانية الجذابة المبرمجة على الحاسوب أو غير ذلك من الوسائل المطبوعة، وغير المطبوعة.

    • من الأسس التربوية التي يجب على الآباء والأمهات مراعاتها في تحبيب العبادة إلى نفوس الأولاد أن يكون الدافع إلى العبادات حب الله تعالى، فهذا أجدى من الحافز المادي، أو بريق الثواب ولهيب العقاب، فالمربي الناجح هو الذي يؤثر في أطفاله، حتى يحبوا الله عز وجل، ومن ثم يعبدونه، لأنهم يحبونه، فالأطفال مفطورون على كره العقاب، فإذا أحبوا الله عبدوه بحب، وليس معنى ذلك إلغاء الثواب والعقاب.
    من المهم كذلك التنويع في الثواب والبدء به، وتأخير العقاب بعد استنفاد وسائل الثواب، وأن يكون العقاب مناسباً دون إفراط ولا تفريط، وأن يكون الضرب آخر وسائل العقاب وبضوابطه التربوية. كما ينبغي أن يحرص الآباء والأمهات على إفهام الأطفال معنى كل عبادة، وما يدور في العبادات
    من قول وعمل، فذلك يدفع أطفالنا إلى الإقبال على العبادة، ذلك أن فهمهم للعبادة يعطيهم روحها، فيتذوقون حلاوتها، ومن ثم يتعلقون بها.

    • حاولي أن تنظمي أوقات أبنائك في رمضان، والاستفادة المتوازنة بين العبادة والمذاكرة واللعب، ولو بوضع نظام خاص لهذا الشهر الفضيل بالمناقشة معهم، ولابد أن يعرف الأولاد بأنك أنت أيضا من حقك الاستفادة من رمضان؛ لذلك يجب عليهم مساعدتك في أعمال المنزل حتى تأخذي حظك من العبادات، ولتنمي فيهم روح الإيجابية وتحمل المسئولية، فحددي لكل منهم أعمالاً واضحة يستطيع أداءها، وخاصة الأعمال التي تتعلق بشئونهم، كتنظيم غرفهم وملابسهم وكتبهم وكل ما يخصهم.

    • من الضروري أن ترشد الأم ابنها بعدم بذل مجهود عنيف في المدرسة، كي لا تنفذ طاقته سريعا وتتسارع مشقة الصيام إليه، وينجح في إكمال صيام يومه، وعند العودة إلي المنزل يفضل أخذ حمام، والنوم لمدة ساعتين، ومن المهم الاستفادة من السكريات والفيتامينات التي توفرها العصائر الطبيعية في وجبة الفطور والسحور كي نحافظ على حيوية كل أفراد الأسرة طيلة اليوم.

    • يراعى في البرنامج الرمضاني الفروق الفردية بين أفراد الأسرة، فليس بالضرورة ما يصلح لأحد الأفراد يصلح للآخر، فلا مانع من أن تحفزي أحد أبنائك على حفظ القرآن مثلا، وآخر على التلاوة، ومن الأولاد من يصلح في العلاقات الاجتماعية كمساعدة الغير وتولي توزيع زكاة الفطر والمشاركة في الخدمة في الافطارات الجماعية، ومن الأبناء المنطوي الذي يتميز في العبادات أكثر، فمن المستحب أن تصطحبيه معك في صلاة التراويح وغيرها من مواطن وأوقات العبادة... وهكذا.

    • ما أجمل الحرص على الاستفادة من الأجواء الاجتماعية في رمضان، وبالأخص اصطحاب الأبناء في كل يوم بعد صلاة التراويح لزيارة قصيرة إلى أحد الأقارب، ولا بأس أن نلفت نظرهم بإيجاز إلى قيمة صلة الرحم في البركة في الأرزاق والأعمار.

    • الأطفال الذين لا يصومون اجعلي وجبتيهم الأساسيتين الإفطار والسحور؛ ليسمعوا الدعاء ويشاركوا الكبار فرحتهم.

    • شهر رمضان فرصة للتخلص من العادات الغذائية الخاطئة التي تعتمد على الكمية وليس النوعية، فمن المهم تجنب الوجبات الدسمة واختيار الأصناف الخفيفة التي لا تثقل كاهل البدن ولا تبعث على الخمول فتفقد العبادة في هذا الشهر رونقها ولذتها. وقد كان الهدي النبوي في الإفطار أن يجعل -عليه أفضل الصلاة والسلام- من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه، فكان يكسر صومه تدريجيّاً
    ويأكل بكميات قليلة تبدأ بالتمر والماء.

    • ما يقوم به كثير من الناس في عصرنا هذا من السهر في رمضان فإنه يقترب إلى العادة أكثر من العبادة لعدة أسباب منها أنه لم يعهد عن السلف الصالح سهر كل الليل، وقد كان السلف يقضون جلَّ وقتهم في عبادة الله بينما كثير من الناس في عصرنا هذا يقضون جل وقتهم فيما لا فائدة فيه، ولم يعهد عند السلف نوم نهار رمضان بينما نجد في عصرنا هذا من ينام جلّ يوم رمضان. وكانت الغاية من سهر رمضان عند السلف هي العبادة بينما الغاية عند بعض الناس في عصرنا هذا التسلية والترفيه. كل تلك الأمور تجعل السهر في رمضان في وقتنا الحاضر عادة خاطئة أقرب منها للعبادة.






  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    عشر وسائل لإستقبال رمضان وعشر حوافز لإستغلاله
    خالد الدرويش
    (2)


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
    هذه رسالة موجهة لكل مسلم أدرك رمضان وهو في صحة وعافية، لكي يستغله في طاعة الله تعالى، وحاولت أن تكون هذه الرسالة في وسائل وحوافز إيمانية تبعث في نفس المؤمن الهمة والحماس في عبادة الله تعالى في هذا الشهر الكر
    يم، فكانت بعنوان ( عشر وسائل لاستقبال رمضان وعشر حوافز لاستغلاله ) فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
    كيف نستقبل رمضان؟


    س: ما هي الطرق السليمة لاستقبال هذا الشهر الكريم؟
    ينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات، وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها، قال الله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُو نَ الآية
    [المطففين:26].
    فاحرص أخي المسلم على استقبال رمضان بالطرق السليمة التالية:
    الطريقة الأولى: الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية، حتى تنشط في عبادة الله تعالى، من صيام وقيام وذكر، فقد روي عن أنس بن مالك أنه قال كان النبي إذا دخل رجب قال: { اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان } [رواه أحمد والطبراني]. لطائف المعارف.
    وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم.
    ** فإذا أهل هلال رمضان فادع الله وقل: { الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله }
    [
    رواه الترمذي، والدارمي، وصححه ابن حيان].

    الطريقة الثانية: الحمد والشكر على بلوغه، قال النووي رحمه الله في كتاب الأذكار: (اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكراً لله تعالى، أو يثني بما هو أهله) وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة، والعبادة فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها، فالحمد لله حمداً كثير
    اً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
    الطريقة الثالثة: الفرح والابتهاج، ثبت عن رسول الله أنه كان يبشر أصحابه بمجئ شهر رمضان فيقول: { جاءكم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم... الحديث } [أخرجه أحمد].
    وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.


    الطريقة الرابعة: العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان، الكثيرون من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة، ونسيان أو تناسى أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة، التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات، فيضع المسلم له برنامجاً عملياً لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان في طاعة الله تعالى إن شاء الله تعالى.
    الطريقة الخامسة: عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد:21].
    الطريقة السادسة: العلم والفقه بأحكام رمضان، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه، ليكون صومه
    صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7].





    الطريقة السابعة: علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟! قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
    الطريقة الثامنة: التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل، وسماع الأشرطة الإسلامية من المحاضرات والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه فكان النبي يهيء نفوس أصحابه لاس
    تغلال هذا الشهر، فيقول في آخر يوم من شعبان: جاءكم شهر رمضان... إلخ الحديث أخرجه أحمد والنسائي [لطائف المعارف].
    الطريقة التاسعة: الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه، من خلال:
    1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيراً جيداً لألقائها في مسجد الحي.
    2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي.
    3- إعداد (هدية رمضان) وبإمكانك أن تستخدم في ذلك (الظرف) بأن تضع فيه شريطين وكتيب، وتكتب عليه (هدية
    رمضان).
    4- التذكير بالفقراء والمساكين، وبذل الصدقات والزكاة لهم.
    الطريقة العاشرة: نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع:
    أ*- الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة.


    ب*- الرسول بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.
    ج- مع الوالدين والأقارب، والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة.
    د- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعاً
    قال : { أفضل الناس أنفعهم للناس }.
    ** هكذا يستقبل المسلم رمضان استقبال الأرض العطشى للمطر واستقبال المريض للطبيب المداوي، واستقبال الحبيب للغائب المنتظر.
    فاللهم بلغنا رمضان وتقبله منا إنك أنت السميع العليم.
    كيف تتحمس لاستغلال رمضان؟
    لكي تتحمس لاستغلال رمضان في الطاعات اتبع التعليمات التالية:
    1- الإخلاص لله في الصيام:
    الإخلاص لله تعالى هو روح الطاعات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات،وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن، قال ابن القيم رحمه الله: (وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه وتعالى وإعانته... ).
    وقد أمرنا الله جل جلاله بإخلاص العمل له وحده دون سواه فقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَ
    اءَ
    الآية [البينة:5].




    فإذا علم الصائم أن الإخلاص في الصيام سبب لمعونة الله وتوفيقه هذا مما يحفز المؤمن لاستغلال رمضان في طاعة الرحمن سبحانه وتعالى. ( صيام + إخلاص لله ) = حماس وتحفيز.
    2- معرفة أن النبي كان يبشر أصحابه بمقدم هذا الشهر الكريم:
    وخصلة أخرى تدعوك للتحمس لاستغلال رمضان في طاعة
    الرحمن ألا وهي: معرفة أن الرسول كان يبشر أصحابه فيقول: { جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه... الحديث } وهذا يدل على عظم استغلال رمضان في الطاعة والعبادة، لذا بشر به الرسول الصحابة الكرام ليستعدوا لاغتنامه.
    3- استشعار الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين ومنها:
    أ*- أن أجر الصائم عظيم لا يعلمه إلا الله عز وجل { كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به }.
    ب*- من صام يوماً في سبيل الله يبعد الله عنه النار سبعين خريفاً، فكيف بمن صام الشهر كاملاً.


    ج- الصيام يشفع للعبد يوم القيامة حتى يدخل الجنة.
    د- في الجنة باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون.
    هـ- صيام رمضان يغفر جميع ما تقدم من الذنوب.
    و- في رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران.
    ز- يستجاب دعاء الصائم في رمضان.
    أخي هلا أدركت الثواب العظيم الذي أعده الل
    ه للصائمين.
    فما عليك إلا تشمر عن ساعد الجد، وتعمل بهمة ونشاط لتكون أحد الفائزين بتلك الجوائز العظيمة.
    4- معرفة أن من هدي الرسول في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات:
    (وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور)، ومما يزيدك تحمساً لاستغلال رمضان أن تعلم أن رسولك العظيم كان يكثر من أنواع العبادات من صلاة، وذكر ودعاء وصدقة، وكان يخص هذا الشهر من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور الأخرى، فهل لك في رسول الله قدوة وأسوة؟ والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] فتكثر من أنواع الطاعات
    في هذا الشهر.
    5- إدراك المسلم البركة في هذا الشهر الكريم، ومن ملامح هذه البركة حتى تزيدك خامساً:





    أ*- البركة في المشاعر الإيمانية: ترى المؤمن في هذا الشهر قوي الإيمان، حي القلب، دائم التفكر، سريع التذكر، إن هذا أمر محسوس لا نزاع فيه أنه بعض عطاء الله للصائم.
    ب*- البركة في القوة الجسدية: فأنت أخي الصائم رغم ترك الطعام والشراب، كأنما ازدادت قوتك وعظم تحملك على احتمال الشدائد، ومن ناحية أخرى يبار
    ك الله لك في قوتك فتؤدي الصلوات المفروضة، ورواتبها المسنونة، وبقية العبادات رغم الجوع والعطش.
    ج- البركة في الأوقات: تأمل ما يحصل من بركة الوقت بحيث تعمل في اليوم والليلة من الأعمال ما يضيق عنه الأسبوع كله في غير رمضان.
    ** فاغتنم بركة رمضان وأضف إليها بركة القرآن، واحرص على أن يكون ذلك عوناً لك على طاعة الرحمن، ولزوم الاستقامة في كل زمان ومكان.
    وهذا مما يزيدك تحمساً وتحفزاً على استغلال بركة هذا الشهر.
    6- ومما يعين على التحمس لاستغلال هذا الشهر الفضيل في الطاعة:
    استحضار خصائص شهر رمضان.


    ** أخي الحبيب خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها:
    1- خلوف فم الصائ
    م أطي
    ب عند الله من ريح المسك.
    2- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.
    3- يزين الله في كل يوم جنته ويقول: { يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك }.
    4- تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار.
    5- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.
    6- يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان.
    7- لله عتقاء من النار في آخر ليلة م
    ن رمضان.




    7- استشعار أن الله تعالى اختص الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال:
    ومزية عظيمة يحصل عليها مستغل رمضان في الخير، تجعل المرء لا يفرط في رمضان ألا وهي: أن الله تعالى اختص قدر الثواب والجزاء للصائم لنفسه من بين سائر الأعمال كما في الحديث قال : قال الله عز وجل: { كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به... } إن هذا الاختصاص مما يزيد المؤمن حماساً لاستغلال هذا الفضل العظيم.
    8- معرفة مدى اجتهاد الصحابة الكرام والسلف الص
    الح في الطاعة في هذا الشهر الكريم:
    لقد أدرك الصحابة الأبرار فضل شهر رمضان عند الله تعالى فاجتهدوا في العبادة، فكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، وكانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان؟ وإطعام الطعام وتفطير الصوام، وكانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون أعداء الله في سبيل الله لتكون كلمة اله هي العليا ويكون الدين كله لله.
    9- معرفة أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:


    وخصلة أخرى تزيدك تعلقاً بالصيام وحرصاً عليه هي أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، عند الله تعالى، ويكون سبباً لهدم الذنب عنه، فنعم القرين، قرين يشفع لك في أحلك المواقف وأصعبها، قال : { الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: يقول الصيام أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن ربّ منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان } [رواه أحمد في المسند].
    10- معرفة أن رمضان شهر القرآن وأنه شهر الصبر:
    وأن صيامه وقيامه سبب لمغفرة الذنوب، وأن الصيام علاج لكثير من المشكلات الاجتماعية، والنفسية، والجنسية، والصحية.
    ** فمعرفة كل هذه الخصال الدنيوية والأخروية للصائم مما يحفز على استغلاله والمحافظة عليه.
    هذه بعض الحوافز التي تعين المؤمن على استغلال مواسم الطاعات، وشهر الرحمات والبركات، فإياك والتفريط في المواسم فتندم حيث لا ينفع الندم قال تعالى: وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا [الإسراء:21].
    نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا




    ضيف جديد .. هل من مـرحب ؟؟
    وارد نجـــد
    (3)


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    يسرنا ويسركم . ويسر كل مسلم أن يكون هذا الضيف بين أظهرنا ..
    لكنه - وللأسف - لن يطيل المقام بينكم .. لأسباب لا يعلمها إلا عالم الغيب والشهادة .
    فنسأل الله العظيم المنان أن يعيننا على إكرامه ..
    فحي هلاً نتعرف عليه :
    - عرف بنفسك أيها الضيف المبارك :
    أنا شهر رمضان المبارك . شهر الرحمة والغفران .. والعتق من النيران .
    وأنا شهر الصيام ، والصيام : هو التعبد لله تعالى بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .

    - متى فرضك الله علينا ؟
    أولاً أنا الركن الخامس في الإسلام ..
    فمن ضيعني فليس له حظ في الإسلام .. بل يكون مرتداً يستتاب من هذا الذنب أويقتل .
    وقد فرضني الله على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة ..
    - وكم أدرك صيامك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
    أدرك تسع سنوات .
    - كيف يثبت دخولك حتى نصوم ؟
    بأمرين :
    1) برؤية الهلال ،،،
    2) إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً .
    - هل تحدثنا عن القرآن وأنت شهر القرآن ؟
    الله المستعان .. يقول جل شأنه : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }
    ويقول : { إنا أنزلناه في ليلة القدر }

    ومن السنة تلاوة القرآن في هذا الشهر والإكثار منها ، ومدارسة القرآن ..
    ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم من أجود الناس ، وكان أجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ))
    وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ..
    وكان للشافعي ستون ختمة في هذا الشهر غير مايقرأه في الصلاة !!
    ويقول الزهري : إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام .
    ويقول محمد بن كعب : كنا نعرف قارئ القرآن بصفرة لونه ؛ يشير إلى سهره وطول تهجده .
    وقال وهيب بن الورد : قيل لرجل : ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القرآن أطرن نومي .

    وأنشد ذو النون :

    مــــــنع القـــرآن بوعده ووعيــــده *** مقل العـــيون بليلها لاتهجـــعُ
    فهمــــوا عن الملك العظـــيم كلامـــه *** فهماً تذل له الرقـــاب وتخضعُ
    - الله أكبر .. وهل تذكر لنا من السنة ما يرغب في القرآن والصيام ..
    نعم ، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :
    (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام : أي رب .. منعته الطعام والشهوات بالنهار ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، فيشفعان )) حسنه الألباني .

    نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن ، وأن يعيننا على الصيام والقيام ..
    حسناً .. هل تخبرنا عن الدروس التي سنستفيدها منك إن شاء الله ؟
    دروس الصيام كثيرة .. لا أستطيع في هذه العجالة إستيفاءها
    ولكن نشير إشارةً لبعض منها بإيجاز ..

    1- الصبر
    2- الأمانة
    3- الرحمة والمواساة وقضاء حوائج الناس .
    4- التعاون على البر والتقوى .
    5- ضبط النفس .
    6- التقوى .
    7- رقة القلب .
    8- أعطي في هذا الشهر منهجاً رائعاً للتغير ..
    - ماذا عن فضل تفطير الصائم ؟
    أما عن تفطير الصائم فسأذكر حديث وأثرين فقط ؛ لأن الوقت بدأ يدركنا ..

    قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الترمذي : (( من فطر صائماً فله مثل أجره ))
    وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .
    وكان كثير من سلف هذه الأمة يؤثرون غيرهم بفطورهم ؛ وربما باتوا طاوين .

    - وماذا تقول للسفهاء الذين يبغظونك ؟
    - أقول : كيف يكرهونني وفيني يغفر الله الذنوب !! ويقيل العثرات !!
    ويستجيب لهم الدعوات ، ويرفع لهم الدرجات !! سبحان الله .
    أقول من كانت هذه حاله ؛ فالبهائم أعقل منه ..
    وقبح الله تلك الوجوه .
    - نسأل الله أن يهديهم .. حسناً ؛ ما الأشياء التي تكرهها أنت وغيرك ..
    أو تلاحظها على بعض الناس في هذا الشهر ؟؟
    ما أكثرها .. وسأشير إلى بعضها :
    1- الكسل الشديد ، وكثرة النوم .
    2- كثرة السهر لغير حاجة ، أو في معصية الله .. هذا ملاحظ جداً .
    3- تضييع الأوقات .
    4- كثرة الأكل في الإفطار مما يثقل عن صلاة التراويح .

    5- اجتهاد كثير من الناس في أول الشهر ، وفتورهم في آخره .
    6- ما يعرض من مسلسلات وفوازير على أجهزة الإعلام ، وانتشار الغناء ..

    وغير ذلك كثير ، نسأل الله أن يصلح أحوالنا ..
    نسأل الله أن يبارك لنا فيك يا رمضان ، وأن يلحقناك ، ويعيينا فيك على الصيام والقيام


    جاء شهر الصوم بالبركات *** أكرم به من زائرٍ هو آتي
    وننتقل الآن إلى الأسئلة :
    - هذا سائل يسأل عن من يجب عليه الصوم ؟
    الجواب ،، الحمد لله .. يجب على كل من :
    المسلم العاقل البالغ القادر مقيم غير مسافر خال من الموانع ..
    فلا يصوم الكافر .. ولا المجنون .. ولا العاجز .. ولا المريض مرضاً طارئاً
    ولا الحامل والمرضع .. ولا المسافر .. والله اعلم .




    - وهذا سائل يسأل : هل يعتمد الحساب الفلكي في إثبات الشهر ؟؟
    الجواب .. لا يجوز اعتماد الحساب في إثبات الشهر .. وبذلك أفتى
    الشيخ بن باز رحمه الله ،، بل قد حكى ابن تيمية رحمه الله الاجماع على عدم جوازه ..
    - سائل يسأل : ما هي مفسدات الصوم ؟
    مفسدات الصوم ثمانية :
    1- الجماع
    2- الأكل والشرب المتعمد .

    3- إنزال المني يقظة إستمناءٍ أو مباشرة .
    4- حقن الإبر ( المغذية ) التي يستغنى بها عن الطعام . أما الإبر التي لا تغذي فلا تفطر ، سواءً استعملها في العضلات أو في الوريد ، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجد .
    5- حقن الدم ..
    6- خروج دم الحيض والنفاس .
    7- إخراج الدم من الصائم بحجامة أو فصد أو سحب للتبرع به أو لإسعاف مريض .
    فأما خروج الدم بلا إرادة ؛ كالرعاف أو خروجه بقلع سن ونحوه .. فلا يفطر .
    8- التقيئ عمداً .


    - أحسن الله إليكم ،،ما الأشياء المباحة للصائم والتي لا تضر بصومه ؟
    الجواب :
    يباح للصائم أمور :
    1- بلع اللعاب ،، فلا يفطر به . أما البلغم الغليظ فيجب إخراجه وعدم بلعه .
    2- خروج المذي أيضاً .. لا يضر بالصوم .
    استعمال الطيب للصائم يجوز ، أما البخور فإنه لا يجوز استنشاقه ؛ لأن له جرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان المنبعث منه .
    3- يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان ؛ لكن ينبغي التحرز منه .
    4- يجوز إستعمال قطرة العين والأذن في أصح قولي العلماء .
    5- يجوز إستخدام بخاخ الفم المستخدم في علاج الربو .
    6- أخذ الدم اليسير يجوز للتحليل ونحوه .
    7 - أخذ الحقنة الشرجية للصائم يجوز ، ولا يؤثر على الصوم .
    8- يجوز تذوق الطعام لحاجة .. بأن يجعله على طرف لسانه ، ليعرف حلاوته ، أو ملوحته .. ولكن لايبتلع منه شيء .
    9- تقبيل الزوجة ممن يملك نفسه ولايضر صيامه ، فإن أنزل بطل الصوم .
    حقيقةً .. الحديث ذو شجون ،، والعرض شيق ولكن الوقت ضيق ..
    وقبل الختام نود منكم كلمة أخيرة ..
    أقــــــول :

    يا من ضيع عمره في غير الطاعة يا من فرط في شهره بل في دهره وأضاعه ! يا من بضاعته التسويف والتفريط ، وبئست البضاعة ..
    كل صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به ، لا يورث صاحبه إلا مقتاً
    كل قيام لا ينهى عن الفحشاء والمنكر ، لا يزيد صاحبه إلا بعداً ..
    رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، وقائم حظه من قيامه السهر ..
    يا قوم !! أين آثار الصيام ؟ أين أنوار القيام ؟
    هذا - عباد الله - شهركم الذي أنزل فيه القرآن ، وهذا كتاب الله يتلى ويسمع !!
    وهو القرآن .. الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدع .. ومع هذا .. فلا قلب يخشع !! ولا عين تدمع !! فهذا رمضان آتاكم .. وفي قدومه للعابدين مستمتع
    وخذ في بيان الصوم غير مقصر *** عبادة سر ضد طبع معود

    وصبر لفقد الإلف في حالة الصبا *** وفطم عن المحبوب والمتعود
    فثق فيه بالوعد القديم من الذي *** له الصوم يُجزى غير مخلف موعد
    وحافظ على شهر الصيام فإنه *** لخامس أركان لدين محمد
    تغلق فيه أبواب الجحيم إذا أتى *** وتفتح أبواب الجنان لعبدِِِِِ
    وقد خصه الله العظيم بليلة *** على ألف شهر فضلت فلترصد






  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    بسم الله الرحمن الرحيم
    رمضان فرصة للشباب
    دار الوطن
    (4)

    الحمد لله الذي جعل شهر رمضان موسماً للأجور والأرباح ، والصلاة والسلام على نبي الهُدى والفلاح ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم السرور والأفراح .. أما بعد
    *حديثي إليك – أخي الشاب – حديث أخ لأخيه ، ومحبٍّ لحبيبه ، وصديق مشفق ناصح لصديقه ، يريد له الخير ، ويرجوا له الفوز والفلاح .

    فأرعني سمعك ، وافتح لكلماتي قلبك ، ولا تنظر إلى عيب الناصح ، بل انظر فيما يدعوك إليه ، فإن كان خيراً قبلتَه ، وإن كان غير ذلك فلستُ عليك بوكيل .

    *أخي الحبيب ، ماذا أعددت لنفسك في شهر رمضان ؟ ذلك الشهر العظيم الذي تُفَتَّح فيه أبواب الجنة ، وتُغَلَّقُ أبواب النار ، وتُسَلْسًلُ الشياطين ، وفيه يعتِقُ الله عباده الصالحين من النار .
    * هل عزمت فيه على التوبة ؟ وهل قررت العودة والأوبة ؟ وهل نويت التخلص من جميع المعاصي والمنكرات ، وفتح صفحة جديدة مع ربِّ الأرض والسموات ؟ وهل خططت لبرنامجك التعبدي اليومي في هذا الشهر ؟ وبماذا ستستقبل أيامه ولياليه ؟
    أسئلة لا بد من الإجابة عليها بكل صدق وأمانة ،ومصارحة للنفس في ذلك حتى لا يدخل الشهر ويخرج بلا عبادة ولا طاعة ، وتضيع أيامه وساعاته هباء منثوراً .

    ابدأ بالتوبة
    *أخي الشاب! لست أتهمُك بنصيحتي إياك أن تبدأ بالتوبة ، فالتوبة هي بداية الطريق ونهايته ، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في جميع مراحل سفرهم وهجرتهم إليه سبحانه .
    *فليست التوبة – إذن – من منازل العصاة والمخلِّطين فحسب كما يظن كثير من الناس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – وهو سيد الطائعين وإمام العابدين – (( يا أيها الناس ! توبوا إلى الله ، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة )) [رواه مسلم].

    *ولما أمر الله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال سبحانه : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور:31] ، ونحن جميعاً ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات ، فمن منا لا يخطئ ؟ ومن منا لا يُذنب ؟ ومن منا لا يعصي ؟


    *والله سبحانه غفَّار الذنوب ، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، ويفرح بتوبة التائبين وندم العصاة والمذنبين ، ولذلك فقد جعل سبحانه للتوبة باباً من قِبَلِ المغرب عرضُه أربعون سنة ، لا يُغْلِقُه حتى تطلع الشمس من مغربها ، كما قال الصادق المصدوق .[رواه أحمد والترمذي وقال:حسن صحيح ].
    *والتوبة – أخي الشاب – أمر سهل ميسور ، ليس فيه مشقة ، ولا معاناة عمل ، فهي امتناع وندم وعزم ؛ امتناع عن الذنوب والمخالفات ، وندم على اقترافها في الماضي ، وعزم على عدم العودة إليها في المستقبل .

    أهمية الوقت

    *أخي الشاب ! إذا ندمت على ما فات ، وتركت المخالفات والذنوب في المستقبل ، توجَّب عليك بعد ذلك الاهتمام بعمرك ، وإصلاح وقتك الحاضر الذي بين ما مضى وما يُستقبل ، فإنك إن أضعته أضَعْتَ سعادتك ونجاتك ، وإن حفظته بما ذكرت نجوت وفُزْتَ بالراحة واللذة والنعيم .
    * قال الإمام ابن الجوزي : رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ؛ إن طال الليل فبحديث لا ينفع ، أو بقراءة كتاب سمر . وإن طال النهار فبالنوم ، وهم في أطراف النهار على نهر دجلة أو في الأسواق !! فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم ، وما عندهم خبر ، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل .. فالله الله في مواسم العمل ، والبدار البدار قبل الفوات .


    *وقال أيضاً : ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قرية ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل ، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ، وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات ، فنُقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قال له : كلِّمني ، فقال له : أمسك الشمس !!
    *ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلي ، فعاتبوه على ذلك فقال : الآن تطوى صحيفتي !!
    * فإذا علم الإنسان – وإن بالغ في الجد – أن الموت يقطعه عن العمل ، عمِل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته .

    صّوَرٌ من اجتهاد السلف

    *هذه – أخي الشاب – نماذج مضيئة وصور مشرقة تشير إلى اجتهاد سلفنا الكرام في عبادة الله تعالى وطاعته ، لعلك إن نظرت فيها أورثك ذلك علوّ الهمة والإقبال على العبادة :
    1-صلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى تفطَّرت قدماه ، فراجعوه في ذلك فقال : (( أفلا أكون عبداً شكوراً )) [متفق عليه].
    2-وكان أبو بكر رضي الله عنه كثير البكاء وبخاصة في الصلاة وعند قراءة القرآن .
    3-وكان في خدِّ عمر رضي الله عنه خطَّان أسودان من كثرة البكاء .


    4-وكان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن في ركعة .
    5-وكان علي رضي الله عنه يبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع ، وكان يقول : يا دنيا غرِّي غيري ، قد طلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه !

    6-وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائماً وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة .
    7- وكان سفيان الثوري يبكي الدم من الخوف !
    8- كان سعيد بن المسيب ملازماً للمسجد ، فلم تَفُتْه صلاة في جماعة أربعين سنة !!

    رمضان فرصة للشباب
    *أخي الشاب !
    * إن تجار الدنيا لا يألون جهداً ، ولا يدّخرون وسعاً في اغتنام أي فرصة ، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير ، والمكسب الوفير ، فلماذا لا تتاجر أنت مع الله ؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات ، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى .


    * ورمضان – أخي الشاب – من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون ، ويَعُدَّ لها عُدَّتها المتقون ، ولا يغفل عن اقتناصها المتيقظون ، فهو شهر مغفرة الذنوب ، والفوز بالجنة ، والعتق من النيران ، لمن سلم قلبه ، واستقامت جوارحه ، ولم يُضَيَّع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد .
    * وإليك – أخي الشاب – بعض الأمور التي تُعينك على اغتنام أوقات هذا الشهر وإعمارها بالأعمال الصالحات :

    1- الصيام عبادة وليس عادة :


    * قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] ، ومعنى قوله : (( إيماناً )) أي : إيماناً بالله وبما أعده من الثواب للصائمين . ومعنى قوله : (( احتساباً )) أي : طلباً لثواب الله ، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة ، ولا طلب مال ولا جاه .
    2- رمضان نعمة يجب شكرها :

    * تأمل – أخي الشاب – في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان ، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم ، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة ، ولا فعل معروف وإن كان يسيراً .
    * أما أنت – أخي الشاب – فقد مد الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم ، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور . وهذا – والله – نعمة كبرى ينبغي شكرها ، والثناء على الله تعالى بإسدائها .
    3- النوم والسهر :


    * أخي الحبيب ، إذا قضيت نهار رمضان في النوم ، وليله في السهر واللعب ، حُرمت أجر الصيام والقيام ، وخرجت من الشهر صفر اليدين ، فهي - والله – أيام معدودة ، وليال مشهودة ، ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام ، فاجتهد فيها – رحمك الله – بالطاعة والعبادة تفز باللذة والنعيم غداً . وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ، ثم انسلخ قبل أن يغفر له )) [ رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني ] .
    4- تلاوة القرآن :


    * رمضان شهر القرآن ، وقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآن ويقدمونها على كل عبادة ، حتى رُوي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة ، فاجتهد رحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر ، واقرأ بترسُّل وترتيل وتدبر وخشوع ، والتزم بأحكام التلاوة ما استطعت .
    5- قيام الليل :

    * قيام الليل سنة مؤكدة في غير رمضان ، وهو أشد تأكيداً في رمضان ، وهو صلاة التراويح التي يصليها الناس في المساجد ، فينبغي الحرص عليها وإتمامها كاملة مع الإمام ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) [ رواه أهل السنن وقال الترمذي :حديث صحيح ]

    6- الصدقة :


    * الصدقة في رمضان لها مزية وفضيلة عن غيره من الشهور ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة ، فاحرص على التصدُّق في هذا الشهر والجود بما عندك .
    7- تفطير الصائمين :

    * واحرص كذلك على تفطير الصائمين ، وإطعام الفقراء والمساكين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من فطَّر صائماً كان له مثل أجره )) [رواه أحمد والترمذي وصححه]

    8- لزوم المساجد :


    * خير بقاع الأرض المساجد ، فاحرص على صلاة الجماعة في المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، ولا تدع شيئاً من النوافل ، فإنها تسدُّ خلل الفرائض ، وتوجب محبة الله تعالى ؛ قال تعالى في الحديث القدسي : (( ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه )) [رواه البخاري].
    9- العمرة في رمضان :


    * للعمرة في رمضان فضل كبير ، فقد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( عمرة في رمضان تعدل حجة – أو قال حجة معي )) [ رواه البخاري].
    10- العشر الأواخر :

    * احرص – أخي الشاب – على أن يكون اجتهادك في العشر الأواخر أكثر من اجتهادك فيما قبلها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظ أهله ، وأحيا ليله ، وجدَّ وشدَّ المئزر .[متفق عليه].
    11- ليلة القدر :



    * تحرَّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ، وبخاصة في ليالي الوتر منها ، فأحي الليالي بالعبادة من صلاة وقيام وقراءة قرأن وذكر ودعاء وغير ذلك من الطاعات ، فإن ثواب العبادة في هذه الليلة أفضل من ثواب العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
    12- غضُّ البصر :

    * غضُّ البصر عبادة قل العمل بها ، فلم لا تحيي هذه الفريضة العظيمة .

    13- الذكر :

    * كن ذاكراً لله على كل حال ، فقد فاز الذاكرون بخيري الدنيا والآخرة .

    14- الدعاء :


    * الدعاء هو العبادة ، وهو دليلٌ على افتقار العبد إلى ربِّه وضرورته إليه في كل حال ، وقد سماه الله تعالى عبادة في قوله : { وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر:60]. فأين أنت – أخي الشاب – من عبادة الدعاء ؟
    15- الاعتكاف :

    * وهو لزوم المسجد والانفراد لطاعة الله ، فلا تضيَّع أيام اعتكافك وساعاته في اللغو والكلام في سفاسف الأمور ، فيكون الذي لم يعتكف أفضل منك !!

    16- الطعام والشراب :

    * إياك وكثرة الطعام أو الشراب فإنها تؤدي إلى التراخي والفتور والتكاسل عن العبادة .

    17- منكرات يجب اجتنابها :

    * إقلاعك عن التدخين في نهار رمضان دليل على قوة عزيمتك ، فلم لا تمتنع عنه بالكلية في الليل والنهار ؟!
    * إياك وسماع الغناء ، فإنه يفسد القلب ، وينبت فيه الرعونة وقلة الغيرة .

    * اجعل من شهر رمضان فرصة للتخلص من أسرِ مشاهدة المسلسلات والأفلام والمسابقات والبرامجالتافهة .
    * إياك وكثرة المزاح والضحك ، فإنها يورثان قسوة القلب والغفلة عن ذكر الله .



    * لا تصاحب الأشرار الفارغين ، فإنك إن صاحبتهم كنت مثلهم .
    * شرُّ بقاع الأرض الأسواق ، فإياك والتواجد فيها لغير حاجة .
    * الخلوة والاختلاط بالنساء الأجنبيات من أكبر أسباب الشرور والفساد والعقوبات العامة ؛ فاحذر من ذلك .
    * إياك ومنكرات اللسان ، فإنها تُضعف ثواب الصيام جداً ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [ رواه البخاري].

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .







  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    رمضان والقــــــرآن
    إبراهيم بن محمد الحقيل
    (5)

    { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا } أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أخشى الناس لربه واتقاهم لمولاه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
    أما بعد: ففي رمضان يقبل كثير من الناس على كتاب الله تعالى قراءة وحفظاً وأحيانا تفسيراً وتدبراً وما ذاك إلا لأن رمضان موسم للخيرات تتنوع فيه الطاعات وينشط فيه العباد بعد أن سلسلت الشياطين ، وفتحت أبواب الجنان ، وغلقت أبواب النيران .
    ورمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن (
    هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة:185 وكان جبريل يدارس فيه رسول الله القرآن فالحديث عن القرآن في رمضان له مناسبته وله خصوصيته لاسيما مع إقبال الناس عليه .

    من فضائل القــران
    1ـ انه هدى : وصف هذا القرآن بأنه (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) أي يهتدون بآياته ومعانيه حتى يخرجهم من ظلمات الشرك والجهل والذنوب إلى نور التوحيد والعلم والطاعة يهتدون به فيما يعود عليهم بالصلاح في دنياهم وأخراهم كما قال سبحانه (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) الإسراء
    2ـ أن عبره أعظم العبر ومواعظه أبلغ المواعظ وقصصه أحسن القصص كما في قول الله تعالى ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف
    3ـ إنه شفاء كما في قوله سبحانه ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) .
    شفاء للصدور من الشبه والشكوك والريب والأمراض التي تفتك بالقلوب والأبدان ولكن هذا الشفاء لا ينتفع به إلا المؤمنون كما قال تعالى (
    وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراًً ) [الإسراء] وقال سبحانه ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ )


    3 ـ أنه حسم أكثر الخلاف بين اليهود والنصارى في كثير من مسائلهم وتاريخهم وأخبارهم كاختلافهم في عيسى وأمه عليه السلام واختلافهم في كثير من أنبيائهم قال تعالى ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [النمل] [انظر : تفسير ابن كثير 3/597] .
    فأهل الكتاب لو كانوا يعقلون لأخذوا تاريخهم وأخبار سابقيهم من هذا الكتاب الذي ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) [فصلت].
    لكن كيف يغفل ذلك أهل الكتاب وكثير من المؤمنين وقد زهدوا في كتابهم وتبعوا اليهود والنصارى حذو القذة بالقذه ؟
    فالمؤمن بهذا الكتاب يمتلك من أخبار الصدق ما لا يمتلك اليهود والن
    صارى عن دينهم الذي زورت كثير من حقائقه وأخباره على أيدي أحبار السوء ورهبان الكذب .
    5ـ أن القرآن العظيم حوى كثيراً من علوم الدنيا تصريحاً او تلميحاً أو إشارة أو إيماءً . ولا يزال البحث العلمي في علوم الإنسان أو الحيوان أو النبات والثمار والأرض والبحار والفضاء والأفلاك والظواهر الكونية والأرضية يتوصل إلى معلومات حديثه مهمة ذكرها القرآن قبل قرون طويلة مما جعل كثيراً من الباحثين الكفار يؤمنون ويهتدون قال تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) وقال (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) . فكل ما يحتاج إليه البشر لإصلاح حالهم ومعادهم موجود في القرآن كما دلت الآيتان السابقتان ولا يعني ذلك الاكتفاء عن السنة النبوية لأن من اتبع القرآن وعمل بما فيه لابد أن يأخذ السنة ويعمل بما فيها ذلك أن القرآن أحال على السنة في كثير من المواقع كما في قوله تعالى ( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقوله (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وبين سبحانه انه من أحبه فلابد أن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) واتباع الرسول متمثل في الأخذ بسنته والعمل بما فيها .

    6- يتميز القرآن بميزة تظهر لكل واحد وهي : سهولة لفظه ووضوح معناه كما قال تعالى ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قال ابن كثير رحمه الله (أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراد ؛ ليتذكر الناس) [تفسير ابن كثير 4/411] قال مجاهد (هونا قراءته) [تفسير الطبري 27/96] وقال السدي ( يسرنا تلاوته على الألسن ) [تفسير ابن كثير 4/411] وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : ( لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع احد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل) [تفسير ابن كثير 4/411] .

    وقال سبحانه ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)
    هذه آية من أعظم الآيات ودليل من أوضح الأدلة على عظمة هذا القرآن وإعجازه فحفظه
    وإتقانه أيسر واهون من سائر الكلام وقراءته ميسره حتى إن بعض الأعاجم ليستطيع قراءته وهو لا يعرف العربية سواه وحتى إن كثير من الأميين لا يستطيع أن يقرأ غيره .
    وأما المعنى : فنجد أن كلاً من الناس يأخذ منه حسب فهمه وإدراكه ؛ فالعامي يفهمه إجمالاً ، وطالب العلم يأخذ منه على قدر علمه ، والعالم البحر يغوص في معانيه التي لا تنتهي حتى يستخرج منه علوماً وفوائد ربما أمضى عمره في سوره أو آية واحده ولم ينته من فوائدها ومعانيها .

    قيل : ( إن شيخ الإسلام أبا إسماعيل الهروي رحمه الله عقد على تفسير قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى) ثلاثمئة وستين مجلساً [السير للذهبي 18/514]
    وتصانيف العلماء في سوره أو آية واحده كثيرة ومشهورة وما ذاك إلا لغزارة المعاني والعلوم التي يحويها هذا الكتاب العظيم .

    لماذا أنزل القــــــرآن؟
    المقصود الأعظم من إنزاله : فهم معانيه ، وتدبر آياته ، ثم العمل بما فيه كما قال تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) وقال تعالى ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا ) وقال سبحانه ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) وقال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) وكلما تدبر العبد لآياته عظم انتفاعه به وزاد خشوعاً وإيماناً .
    ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخشع الناس وأخشاهم وأتقاهم ؛ لأنه أكثرهم تدبراً لكلام الله تعالى .
    قال ابن مسعود رضي الله عنه ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ عل
    ي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال (إني أشتهي أن أسمعه من غيري) قال فقرأت النساء حتى إذا بلغت ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) رفعت رأسي ، أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل ) رواه البخاري

    ولاشك في أن تدبر القرآن والانتفاع به يقود إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، يقول الحسن رحمه الله ( يا ابن آدم والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك وليشتدن في الدنيا خوفك وليكثرن في الدنيا بكاؤك) [نزهة الفضلاء 1/448]
    كم اهتدى أناس بهذا القرآن كانوا من الأشقياء ؟ نقلهم القرآن من الشقاء إلى السعادة ومن الضلال إلى الهدى ومن النار إلى الجنة .
    قوم ناوَؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وناصبوه العداء وأعلنوا حربه ؛ سمعوا هذا القرآن فما لبثوا إلا يسيراً حتى دخلوا في دين الله أفواجاً ، ثم من أتى بعدهم كان فيهم من كان كذلك ، وأخبارهم في ذلك كثيرة ومشهورة .
    ولعل من عجائب ما يذكر في هذا الشأن : قصة توبة الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله إذ كان شاطراً يقطع الطريق وكان سبب توبته أنه عشق جاريه فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تالياً يتلوا قوله تعالى ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ ) فلما سمعها قال : بلى يا رب ! قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها سابلة - أي قافلة - فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى نصبح ؛ فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا ، قال ففكرت وقلت : " أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا يخافونني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام " [نزهة الفضلاء 2/600]

    فرحم الله الفضيل بن عياض ، قادته آية من كتاب الله إلى طريق الرشاد وجعلته من عباد الله المتألهين ومن العلماء العاملين فهل نتأثر بالقرآن ونحن نقرؤه ونسمعه كثيراً في هذه الأيام ؟!

    هل ينتفع أهل الكفر والعصيان بالقرآن؟
    الكفار لا ينتفعون بالقرآن بسبب إعراضهم عنه وتكذيبهم له .
    أما أهل المعاصي والفجور فهم أقل انتفاعاً به بسبب هجرانهم له ، وانكبابهم على شهواتهم قال تعالى ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ) . هذا حال الكفار والمنافقين قد حجبوا عن الانتفاع به .
    أما أهل المعاصي فقد اكتفوا بغيره بديلا ًعنه حتى هجروه ؛ لذا عظمت شكاية الرسول إلى الله تعالى منهم كما في قول الله سبحانه ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ) ذكر ابن كثير رحمه الله : " أنهم عدلوا عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهوا أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره " [تفسير ابن كثير 3/507]

    وكم من أناس في هذا الزمن ولعوا بالغناء والمعازف حتى لا تفارق أسماعهم ! وهجروا كلام الله حتى لا يطيقون سماعه ولا تجتمع محبة القرآن ومحبة الغناء في قلب واحد .
    بيوت يحي ليلها ويقضى نهارها في سماع الغناء والمعازف ؛ حتى إن أصواتها لتـنبعث من وراء الجدران ؛ مبالغة في الجهر بالعصيان .
    بيوت خلت من ذكر الرحمن ، وعلا ضجيجها بمزمار الشيطان ؛ حتى انتشرت الشياطين في أرجائها وأركانها وجالت في قلوب أصحابها ؛ فحرفتهم عن سبيل الهدى والرشاد إلى سبيل الغي والفساد ، فكثرت فيهم الأمراض النفسية ، والانفعالات العصبية ، والأحلام المزعجة ، فكانوا كمن قال الله فيهم ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ) .
    ويخشى على من كان كذلك أن يختم له بالسوء ، وان ينعقد لسانه حال احتضاره عن شهادة الحق ، وقد اشتهرت حوادث كثيرة في ذلك .
    وما راجت سوق الغناء والمعازف ، وكثير المغنون والمغنيات إلا بسبب كثرة السامعين والسامعات فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .
    أما أهل الإيمان والقران ففرحهم بلقاء الله لا يوصف ، عظموا كتاب الله فرزقهم الله حسن الختام ، وأكثروا قرأته وتدبره والعمل به فاستقبلتهم الملائكة في مواكب مهيبة تبشرهم بالرضى والجنان فشوهدوا حال احتضارهم وهم في أمن وطمأنينة .
    هذا الإمام المقرىء المحدث الفقيه أبو بكر بن عياش رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بكت أخته ! فقال لها : " ما يبكيك ؟ انظري الى تلك الزاوية فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة " [نزهة الفضلاء 675]
    فهل يستوي هذا مع من سمع آلاف الأغاني وقضى آلاف الساعات في العصيان ؟ كلا والله لا يستويان .


    ومما يؤسف له أن يربى الأولاد الصغار على الأغاني والمعازف ، ويفاخر بهم في هذا الشأن كما يفاخر أهل القرآن بأولادهم في حفظ القران !! وتلك مصيبة أن يربى أهل القران على مزمار الشيطان ، وكان الأولى بل الواجب أن يربوا على كلام الله تعالى .
    ورمضان أنزل فيه القران ، وهو فرصة لإحياء مساجدنا وبيوتنا بكلام الله
    تعالى ، لاسيما مع إقبال الناس على القران .
    وينبغي للصائمين ألا يذروا في بيوتهم شيئاً يزاحم القران ، لاسيما إذا كان يعارضه ويناقصه ، كما هو الحال في كثير من البرامج الفضائية والتلفازية التي ينشط أهل الشر في عرضها وتزينيها في رمضان ؛ بقصد جذب المشاهدين إلى قنواتهم ، والتي لا تزال تـزاحم القرآن والذكر وسائر العبادات في هذا الشهر العظيم .

    أسأل الله الغفور الرحيم أن يتغمدنا برحمته ، وأن يصلح سرنا وعلانيتنا ، وأن ويجعلنا من عباده المقبولين ، إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .






  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا



    الأبعـــاد العمليــــة لمدرســــة الصيـــام (01 من 02)
    الكاتب: جمال زواري أحمد

    (6)


    إن شهر الصيام مدرسة عملية ، ينخرط في صفوفها المؤمنون ، ليتعلّموا من خلالها ما يؤهّلهم إلى المراتب العالية عند بارئهم ، ويتشرّبوا في أحضانها لذّة العبودية ، ويتذوّقوا في رحابها حلاوة القرب والمناجاة ، ويتفيئوا في ظلالها مقامات الاستعلاء الإيماني والترقّي الروحي ، ويثأرون فيها من عدوهم المتربص بهم في كل وقت وينتقمون منه شرّ انتقام ، مستثمرين تصفيده وتكبيله في هذا الشهر
    الكريم ، ويعملون بجدّ على تقوية رصيدهم وتكثيره من الأعمال الصالحة والقربات الفاضلة ، تجاوبا مع كرم الكريم عز وجل وتتالي عطاياه وتنوّعها فيه.



    ليبشّروا في نهاية المطاف بالوصول ، ويلجوا من باب الريان الذي فضّل الله به الصائمين دون غيرهم ، قال صلى الله عليه وسلم إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) (رواه البخاري).
    ويزفّوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )(آل عمران133).
    هذه التقوى التي اكتسبوها وكالوا منها الكيل الأوفى في رحاب هذا الشهر، والتي هي غايته العظمى ، كما بيّن رب العزّة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )(البقرة183).
    وقد قهروا نفوسهم وروّضوها وقدّموها مهرا مستحقّا إلى تلكم الجنّة التي قيل أنها عروس ومهرها قهر النفوس .

    ولقد أراد المولى عز وجل لشهر الصيام أن يكون محطة تزوّد وفرصة تحوّل ومناسبة تغيير نحو الأفضل والأحسن والأنجى لجموع المؤمنين.
    ولا يتم كل ذلك ، إلا إذا أدركنا الأبعاد العملية للصيام وحققناها بنسب مقبولة في مدرسته على أرض الواقع ، وأن نزن مدى قبولنا في هذه المدرسة أو رسوبنا فيها ، من خلال تحقيقنا لهذه الأبعاد وممارستها والعمل على ترسيخها وتثبيته
    ا على المستوى الفردي والجماعي ، والانتقال بذلك من صيام العادة والتقليد والمحاكاة ــ الذي يمارسه عدد كبير من المسلمين للأسف الشديد ــ إلى صيام العبادة بمفهومها الشامل والإيجابي كما أراده مشرّعه سبحانه .
    ولعل أهم هذه الأبعاد العملية لمدرسة الصيام هي:

    1) ــ البعد الروحي :

    ففي مدرسة الصيام يصقل المؤمنون أرواحهم ، ويضاعفوا من شفافيتها ورقتها وخشوعها وإقبالها على مولاها بصدق ورغبة وخشية و
    حب ، كما أنهم يعمقون صفاءها ويجلّون غبشها وصدأها الناتج عن الأكدار والأقذار الدنيوية التي تراكمت عليها خلال السنة كلها ، وكذا الغوص بهذه الأرواح في الأجواء الإيمانية لشهر الصيام وتذوق طعم العبادات بمختلف أنواعها واستشعار لذتها فيه ، وذلك للانتقال بها في درجات العبودية والترقي بها في مدارج السالكين الراغبين في الوصول ، والصعود بها في معارج القبول.
    وتكتسب بفيوضات الصيام التي تتدفق عليها تترى ، مناعة وحصانة ويقظة ، بحيث يرهف حسها بعد ذلك لكل ما يكدّر صفوها ويهدد جلاءها ويفسد ذوقها ويطفئ نورها وإشراقها ويثني من عزمها وينزل من سقف إرادتها وإقبالها.
    ومن فقد هذا البعد للصيام ولم يذق طعمه ويعيشه عمليا ويخرج به في نهاية السباق واكتمال العدد ، ولم يجد أثاره الطيبة على روحه وقلبه ، فقد حرم خيرات الشهر ومنع بركاته وضيّع فرصه ، وإن أراد وأدّعى.


    ولعل ما يشير إلى هذا البعد في الصيام الآية الكريمة سالفة الذكر ، وحديث إذا كان أول ليلة من رمضان صفّدت الشياطين ومردة الجان ، وغلّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة )( رواه الحاكم).
    وحديث: (من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(متفق عليه).
    وحديث رَغِمَ أنف رجل ذكرتُ عنده فلم يصلِ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يُغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يُدخلاه الجنة)(رواه أحمد وابن حبان والترمذي).

    2) ــ البعد التربوي والأخلاقي:

    كذلك فمدرسة الصيام تعتبر معهدا تربويا بامتياز ودورة تربوية مركّزة ، يتناول من خلالها الصائمون الكثير من المواد التربوية والأخلاقية ويطبّقونها ميدانيا وعمليا .
    ففي ظلال هذه المدرسة يتربّى المؤمن على سلامة الصدر وطهارة القلب من كل الأمراض التي رانت عليه وتسببت في ظلمته ووحشته وكثفت من حجبه
    ، والتي عجز أن يتخلص منها بقية الأيام ، فيأتي شهر الصيام ببركاته وآثاره وروحانياته وأجوائه ، فينسف هذه الأمراض من قلوب المؤمنين نسفا ويزيل حجبها ويغسلها من كل ذلك ، فيخرجها في نهايته بيضاء نقية سليمة.
    وفي هذه المدرسة كذلك يتربى المؤمن الصائم ويتمرّن على إمساك لسانه ولجمه عن كل ما من شأنه أن يؤدي به إلى الإفلاس في الدنيا والآخرة ، والتخلص بذلك من حبائله وحصائده المهلكة والمكبّة في النار على الوجوه ، فيمتلك بتربية الصيام هذه بحق لسانه وما يسببه له من المصائب ، حساسية مفرطة منه على طول العام تكون سببا للنجاة .


    وفي هذه المدرسة أيضا يتربى المؤمن الصائم على مكارم الأخلاق ويخرج في تمامه بكنوز معتبرة منها ، تكون له خير زاد فيما عداه من الشهور.
    فالصيام تربية عملية على الإخلاص والإحسان والصدق والصبر والحلم والتواضع والحياء والزهد والقناعة والتسامح والأمانة وحسن المعاملة وغيرها من أمهات الأخلاق التي جاء بها الإسلام وحث عليها ورغّب فيها وجعلها ميزان التفاضل
    عند الله عز وجل في الدنيا والآخرة ، كما أنه بالمقابل يطهر النفوس المؤمنة من رذائل الأخلاق كالشح والبخل والكبر والحسد والرياء وغيرها .
    فمن لم يستشعر بأثر الصيام الإيجابي في أخلاقه وتربيته ، ولم يحس بأنه قد زاد في إخلاصه وحلمه وصبره وتواضعه وحيائه على ما كانت عليه قبل شهر الصيام ، وبأن هناك تغيرا ملحوظا وتطورا محسوسا في مستواه التربوي والأخلاقي نحو الأفضل ، وبأنه قد خرج بزاد تربوي كبير على مستوى أخلاقه
    ومعاملاته في نهاية الشهر ، فليعلم بأنه حرم بعدا مهما من الأبعاد التي فرض من أجلها الصيام .


    ويشير إلى هذا البعد للصيام الحديث القدسي كل عمل بن آدم له إلا الصيام ؛ فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنّة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه ) (رواه البخاري و مسلم).
    وحديث(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)( رواه البخاري) .
    وقول ابن مسعود رضي الله عنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدًا)( رواه عنه الإمام أحمد في الزهد).
    فكذلك صومه وحجه وزكاته وسائر عباداته.

    3) ــ البعد الاجتماعي:


    كذلك من الأبعاد المهمة للصيام والدروس العملية لمدرسته البعد الاجتماعي ، بحيث يغرس الروح الجماعية والاجتماعية لدى المؤمن ، فيعمق لديه الشعور بآلام الآخرين وحاجاتهم ومعاناتهم ، عندما يعرف عمليا معنى الجوع وفقدان الطعام والشراب ، الأمر الذي يدفعه إلى السعي الحثيث ليساهم في سد حاجات الفقراء والمساكين وأهل الحاجة من المؤمنين والعمل على تحسس معاناتهم والمشاركة في دفعها ما استطاع.
    كما أن أجواء الصيام الروحية والإيمانية تساعد على إصلاح ذات البين والتغلب على الخصومات والمشاحنات والتصارم والشنآن الحاصل بين أهل الإيمان فيما قبل رمضان ، فيأتي الصيام ليكون فرصة سانحة وعملية لتجاوز كل ذلك وتنقية القلوب وطي الصفحة والانطلاق من جديد وبنفس جديد وأجواء جديدة يسودها الصفاء والتآلف والود.
    كما يعتبر شهر الصيام فرصة كذلك لمضاعفة بر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران تعميق الإخاء بين الإخوان وإجبار النقص والكس
    ر الحادث في هذه العلاقات الاجتماعية قبل رمضان ، والخروج منه بعلاقات أكثر متانة وصلات أكثر وثوقا ، أعطاها الصيام من روحه وبركانه وخيراته وفضائله لتستمر بسقف مرتفع ومستوى متميز ، لتعم إيجابياتها وثمارها الطيبة المجتمع ككل والأمة جمعاء.


    فالصيام دواء فعال لمرض الأنا المتضخم لدى البعض ، فيضيق دوائره في نفس المؤمن الصائم ، لتحل محلها الروح الجماعية وحب الخير للناس ، وتتسع لديه لتشمل الجميع الصغير والكبير والقريب والبعيد والمحسن والمسيء .
    ويشير إلى هذا البعد في الصيام حديث مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيء)(رواه الترمذي).
    حديثكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة )(رواه البخاري).

    يتبــــع ...






  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    الأبعاد العمليـــة لمدرسة الصيام(2 من 2)
    الكاتب: جمال زواري أحمد
    (7)



    لقد أشرنا في الجزء السابق من المقال إلى ثلاثة أبعاد مهمة لمدرسة الصيام هي : البعد الروحي والبعد التربوي والأخلاقي والبعد الاجتماعي ، ونكمل في الجزء الثاني بقية الأبعاد التي ينبغي أن تكون حاضرة عمليا لدى المؤمنين الصائمين ليكونوا قد فقهوا دروس مدرسة الثلاثين يوما ونالوا فيها الدرجات العالية التي تؤهلهم للفوز والنجاح والقبول في النهاية وهي:

    4) ــ البعد الصحي والوقائي:
    كذلك تعتبر مدرسة الصيام فرصة وقائية وعلاجية ، يتخلص فيها جسم الصائم من الكثير من السموم المسببة للعديد من الأمراض ، كما أن الصيام يس
    اهم مساهمة فعالة في عملية الهدم التي يلفظ فيها الجسم الخلايا القديمة والزائدة عن حاجته ، بحيث يقوم الصيام مقام مبضع الجراح في إزالة الخلايا التالفة والضعيفة والزيادات الضارة ، ليسترد جسم الصائم من خلال ذلك سلامته وحيويته ونشاطه.
    كما يعتبر الصيام طبيب تخسيس بامتياز ، بحيث يؤدي إلى إنقاص الوزن والتخلص من الشحوم وتحفيز حرق السعرات الحرارية والوقاية بذلك من مضاعف
    ات السمنة والبدانة وكوارثها على الجسم .



    كما أن الصيام يساعد الجسم على التخلص من الكلسترول الضار وتخفيضه والرفع من الكلسترول الحميد وكذا السيطرة على ارتفاع ضغط الدم وداء النقرس وضبط مستوى السكر في الدم بالنسبة لمرضى السكري المسموح لهم بالصيام.
    أيضا للصيام تأثير إيجابي على الذهن وتنمية الذاكرة وتنشيطها لدى الصائم ليم
    تلك بذلك القدرة على التفكير السليم.
    كما أن الصيام يزيد من عناصر المناعة ويقويها لدى جسم الصائم ، وكم من أناس في هذا العالم ــ ومنهم الكثير من المسلمين للأسف الشديد ــ جرّت عليهم شهواتهم الزائدة وشراهتهم النهمة لأنواع الأطعمة الكوارث الصحية على أجسادهم جرّاء ذلك ، ولو أنهم التزموا بمدرسة الصيام ووعوا أبعادها وأدركوا فوائدها وذا
    قوا لذائذها وأعطوها من الاهتمام والعناية الروحية والصحية والأخلاقية والاجتماعية ، لكان ذلك خير لهم وأسلم لأجسامهم وأرواحهم ونفوسهم ومجتمعاتهم على كل الأصعدة مصداقا لقوله تعالى وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )(البقرة184 ).
    ولأهمية البعد الصحي والوقائي للصيام وفعاليته العلاجية والوقائية ، جعلت غير المسلمين يعترفون بتأثيره الإيجابي وقدرته العلاجية للكثير من الأمراض ، الأمر الذي دفع بعض الدول الأوربية ــ كألمانيا ــ أن تفتح أقسام طبية تست
    خدم الصيام على الطريقة الإسلامية في علاجها لبعض الأمراض .
    يشير إلى هذا البعد للصيام حديث صوموا تصحوا)(رواه الطبراني ). الحديث وإن كان ضعيفا إلا أن معناه صحيح.

    5) ــ البعد الدعوي:
    كذلك فإن لشهر الصيام بعدا دعويا ، بحيث تكون أجواؤه الإيمانية والروحية وعطايا المولى عز وجل المضاعفة فيه وتصفيد الشياطين وتكبيلها خ
    لال أيامه ، وكذا ترطيبها وتعطيرها بالقران الكريم تلاوة وسماعا في التراويح والتهجد والقيام وغير ذلك في كل الأنحاء والربوع والنجوع ، كل ذلك يضفي على نفوس المؤمنين الصائمين وأرواحهم رقة وخشية ورغبة في الخير وإقبالا عليه ، يجعلها مهيأة لتلقي كل توجيه ونصيحة وموعظة وتصويب وترغيب ، كما يجعل قلوبهم إلى الخير أقرب ومفتوحة لتقبل كل ما يلقى إليها من تذكير ووعظ ، لذا ينبغي على الدعاة والأئمة والموجهين استثمار هذه الأجواء التي يضفيها الصيام على القلوب والنفوس ، ليكثفوا حملاتهم الدعوية وتخول الناس بالموعظة وترغيبهم في التوبة والرجوع إلى الله ، وتشريع الأبواب على مصراعيها ، لتلج من خلالها قوافل التائبين والراجعين إلى الحق والراغبين في طي صفحة الغفلة والانغماس في بحور الرذائل والآثام وترك طرق الغواية والشهوات ، والانطلاق بنفوس جديدة وقلوب طاهرة يحدوها حب الله ورسوله ودينه والطمع في عفوه ومغفرته وقبوله ، والتجاوز عن سيئاتهم وذنوبهم ، لينضموا إلى بقية إخوانهم الذين أدركوا نعمة الهداية قبلهم وذاقوا لذتها وتمتعوا بنعمها وخيراتها ، ليشملهم كل ذلك هم أيضا ويستدركوا ما فاتهم منها في سالف الأيام.
    على الدعاة أن يفعلوا كل ذلك ويضاعفوا جهودهم مقتنصين فرصة جاهزية أجهزة الاستقبال لدى الغالبية من الصائمين ، ليكون الرصيد زاخرا وتتضاعف أعداد التائبين الراغبين في سلوك طريق الله بشوق وحب وندم وحسرة على ما ضاع منهم
    فيما مضى من أعمارهم ، بحيث يتركون الشيطان وجنده يسفون الملّ غيظا وكمدا وحزنا على خسارتهم لهذه الأعداد الهائلة من رصيدهم.


    لكن هذا البعد المهم لشهر الصيام ينبغي على الدعاة أن يستمروا في تفعيله وتشغيله بعد رمضان ، للحفاظ على هذه الجموع التائبة وتحصينها حتى لا تنتكس بعد فقدانها للجرعات الإيمانية والروحية الهائلة التي تلقوها في مدرسة الصيام ، فلا بد من مواصلة العلاقة بهؤلاء ومداومة إمدادهم بشيء من هذه الجرعات بما يثبتهم ويقطع صلتهم نهائيا بوضعهم الذي كانوا عليه قبل التوبة ، وتزويدهم بالزاد الروحي والإيماني والتربوي والأخلاقي والعلمي بشكل مستمر ، كي يخسرهم معسكر الشيطان إلى الأبد ومن غير رجعة إن شاء الله.
    لعله يشير إلى هذا البعد للصيام حديث أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا، ويستجيب الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهى بكم ملائكته، فأَرُوا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي مَن حُرم فيه رحمة الله عز وجل)(رواه الطبراني).

    6) ــ البعد السياسي:
    كذلك فإن لمدرسة الصيام بعدا سياسيا ، بحيث يكون هذا الشهر الكريم مظهرا من مظاهر وحدة الأمة ونموذجا عمليا لذلك في إتحاد مشاعرها وشعائرها وشرائعها في كل البقاع ، حكامها ومحكوميها أسودها وأبيضها وأصفرها أغنيائها وفقرائها عربها وعجمها ، الأمر الذي يحرك أشواق أبناء الأمة وتطلعهم إلى إمكانية عودة الكيان الدولي الموحد لأمة التوحيد ، وتوحي إليهم الوحدة العملية التي مارسوها وعاشوها
    بمشاعرهم وأحاسيسهم خلال شهر الصيام ، أن بعث كيان الأمة الموحد من جديد ممكن التحقيق وليس أضغاث أحلام كما يريد أن يصور أعداؤها وبعض اليائسين المنهزمين المستلبين حضاريا من أبنائها.
    كذلك فإن قائمة الانتصارات التي حققتها الأمة على مدار تاريخها في شهر رمضان من بدر إلى فتح مكة إلى عين جالوت إلى غيرها من الانتصارات القديمة والمعاصرة ، كلها تسترجع الأمة من خلال تذكرها ثقتها في قدراتها وت
    دفعها إلى اليقين في إمكانية تكرار ذلك في معاركها مع أعدائها في الكثير من الميادين المفتوحة في العصر الحديث ، وتغريها هذه الانتصارات باستنساخها من جديد ، إذا وفرت شروطها التي وفرها أسلافها ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.


    ومن مظاهر البعد السياسي للصيام كذلك هو أن أجواءه الروحية تضيق هوامش الجرائم إلى حد كبير ، الأمر الذي يساهم في استقرار المجتمعات والأوطان .

    7) ــ البعد الاقتصادي:
    كذلك فإن لمدرسة الصيام بعدا اقتصاديا أيضا ، يضاف إلى بقية الأبعاد ، بحيث تتمثل الجوانب الاقتصادية لشهر الصيام في كونه وسيلة مهمة في ترشيد الاستهلاك وتربية الصائمين على ذلك ، كما أنه يحدّ من ظواهر الإسراف والتبذير وليس العكس كما نرى في واقع الكثير من الصائمين ، الذين يصورون شهر رمضان وكأنه لهث زائد
    وراء أنواع الأطعمة وتنويعها ، ليكون مصير الكثير منها أكياس القمامة بعد ذلك ، وتغييب كل الأبعاد التي يراد للأمة أن تتعلمها وتدركها وتمارسها من مدرسة الصيام ومنها البعد الاقتصادي.
    كذلك فإن الترغيب في الصدقة تحديدا في شهر رمضان ، وكذا وجوب دفع زكاة الفطر فيه التي هيطهرة للصائم وطعمة للمساكين) ، و
    الفدية التي أمر بها غير المستطيع للصيام ليدفعها عوض ذلك للفقراء والمساكين ، كلها وسائل عملية ذات بعد اقتصادي في هذا الشهر الفضيل ، لتحسين الواقع المعيشي لمستحقيها والتوسعة على المحتاجين وسد حاجاتهم ، لتكون مقدمات ــ لو تم تفعيل هذا البعد المهم بعد ذلك ــ في معالجة مشكل الفقر الذي يجتاح الكثير من المسلمين ، ويضيق هوامش الفوارق الاجتماعية والطبقية بين أبناء الأمة الواحدة وحتى القطر الواحد والبلد الواحد ، بين من يصل إلى حد التخمة والبذخ وبين من يصل إلى حد الموت من الجوع ، دون أن يشعر الأول بواجبه ومسؤوليته نحو أخيه الثاني ، ويفيض عليه مما أنعمه الله عليه ويسد رمقه ويساعده على العيش بكرامة بل وينقذه من حافة الهلاك جوعا وحرمانا .


    كما أن الصيام لم يفرض ليكون وسيلة خمول وكسل ونوم كما يفعل البعض ، بل المفروض أن يكون وسيلة لمضاعفة الجهد ونزول البركة لزيادة الإنتاج وإتقان العمل ، فالصيام هو اختبار لقدرة المؤمن الصائم على الصبر وتربيته على قوة التحمل وأن يخشوشن ، لأن التنعم لا يدوم ، فيكون مهيئا للتكيف والتأقلم مع كل الحالات والوضعيات والطوارئ.
    كذلك فإن البعد الروحي للصيام يخدم البعد الاقتصادي له ، بحيث أن أجواء الصيام الروحية والتعبدية تدفع بعض أصحاب الأموال من المسلمين إلى التوبة عن الحرام والتخلص من مظاهره كالربا والغش والتدليس وأكل أموال
    الناس بالباطل ، والحرص على تحرّي الحلال ، الأمر الذي يكون له تأثير إيجابي على الحركية الاقتصادية الصحية والسليمة للمجتمع والأمة.

    هذه جملة من الأبعاد العملية لشهر الصيام ، أحرى بالمؤمنين الصائمين أن يفقهوها ويدركوها بوضوح ، ويمارسونها ميدانيا ويفعّلونها في واقعهم ، ليكون لهذا الركن الركين من أركان الإسلام تأثيره الإيجابي على مختلف جوانب حياتهم ، وتحقيق عنصر الشمول التربوي والتغييري لمدرسة الثلاثين يوما ، وعدم حصرها في خانة التعبّد الفردي ، البعيد عن الأبعاد التي ذكرناها في صلب هذا الموضوع ، فإن ذلك يتنافى والتصور الصحيح والسليم والدور المطلوب لفريضة الصيام .






  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    رمضان و مظاهر الأخطاء التربوية عند المربّي والمتربّي
    عماد الدين الكناني
    (8)


    لقد شرع الله جل وعلا صيام هذا الشهر من أجل تحقيق غاية سامية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّ
    قُونَ ) سورة البقرة: 183. والمسلم الصادق - سواء كان مربّياً أو متربّياً - يجب أن يحرص على التمسّك بكل ما من شأنه أن يقرّبه من تحقيق هذه الغاية، وأن يبتعد عن كل ما يُعَدُّ خللاً تربوياً مناقضاً لها.
    فالمربّون من دعاة ومعلّمين ومصلحين – بصورة خاصّة - من واجبهم أن يزيدوا حرصهم لتحصيل كلّ ما من شأنه مساندة رسالتهم التربوية، سواء كان ذلك على مستوى البرامج، أو الأهداف، أو الوسائل، أو غير ذلك، إذ أنّهم يعتبرون الأداة الأكثر فاعلية في إيصال مضمون الرسالة التربوية.

    ومن باب التسديد والمقاربة، لا بد أن نحرص جميعاً على تعقّب مظاهر الأخطاء التربوية، حتى نعمل على معالجتها، وهذا لا يعني بحال من الأحوال أنّ هذه الأخطاء عامة! أو أنّه لم يسلم منها أحد! بل أنّها تتفاوت وتختلف باختلاف الأفراد من المربّين والمتربّين.
    وعلى وجه العموم فما يلي يشكّل جملة لأبرز هذه الأخطاء، آملين من الله جلّ وعلا أن يعيننا على إصلاح أنفسنا، وإخواننا المسلمين.

    أولاً: أخطاء المربّين:
    1. ضعف التأهيل والحصيلة التربوية لدى كثير من المربّين، وخاصّة قليلي الخبرة من صغار السن.
    2. عدم وجود رؤية واضحة ومنهجية للبرامج والمواد التربوية التي يتطلّبها هذا الشهر، وهذا قد يفرز تخبّطاً يقلل من فاعلية الرسالة التربوية.
    3. عدم وجود جدول مسبق ومحدّد المعالم لما يودّ المربّي تقديمه في هذا الشهر الكريم.
    4. قصر أغلب الدروس على تناول الجوانب التي تصحّح العبادة، مع قلّة المواد التربوية المتعلّقة باستغلال شهر رمضان في تربية النفس وتزكيتها، وتربية الأب
    ناء وأهل البيت، ومعالجة ما عندهم من مظاهر الخلل التربوي.
    5. اقتصار المعالجات التربوية على جانب الفتوى وبيان الحلال والحرام، وغياب جانب المعالجة التربوية التي تتلمّس جوانب المشكلة بصورة دقيقة، ثمّ تقدّم الخطوات العملية اللازمة لحلّها.

    6. غياب الأهداف التربوية ذات الصياغة المدروسة، أو عدم وضوحها من خلال من المعالجات التربوية المقدمة.
    7. قصر بعض المربّين برامجهم على العناية بالنفس دون المجتمع.
    8. تسلّل ضعف الهمّة لبعض المربّين، وذلك مع توالي أيام الشهر.


    9. الصورة التقليدية لدرس المسجد, وفقد روح التجديد والتشويق في الخطاب، مما يؤدي لغياب التفاعل والتّواصل بن المُلقي والمتلقّي.
    10. ضعف الجانب الابتكاري، وغياب عوامل الجاذبية والتجديد بالنسبة لبرامج المسجد، مع تكرارٍ في بعض المواد الملقاة، بنفس الأسلوب، و
    بنفس العبارات.
    11. حرص بعض أئمة المساجد على المسارعة في قراءة القرآن في صلاة القيام، وذلك بصورة تُخِلُّ بترتيل آياته، وتدبّر معانيها، وذلك بهدف ختمه واستكمال قراءته.
    12. غياب التّجديد في المادة الدعويّة المكتوبة والمسموعة (أشرطة/ كتب/ رسائل/ مطويات) مع ضعف أو غياب الأفكار والبرامج التربوية الرصينة.
    13. غفلة بعض المربّين عن إيجاد توازن بين الحاجات التربوية لأسرته ولمجتمعه، وهذا قد ينجم عنه نوع من القصور في رعاية المربّي لأسرته بالصورة المطلوبة، وصياغة برنامج خ
    اص لهم.
    14. إتباع الصورة التقليدية للنشاط الدعوي، والغفلة عن الاستفادة من بعض الوسائل المؤثرة، والتي تزيد من توثيق الصلة بالمتربّين، كالالتقاء بالمصلين، ومشاركتهم في بعض حلقات التلاوة، وتفقّد بعض أهل الحيّ في منازلهم، وصياغة برامج خاصة بشباب المسجد، وآخر للنساء، وآخر للأطفال... وإلخ
    15. تفويت بعض الفرص المتاحة لدعوة المقصّرين، مثل تجمعات الإفطار الجماعي للصائمين، وتجمعات الشباب اللّيلية في البر، والأماكن التي يقضون فيها أوقاتهم.
    16. ظهور مظاهر الخمول والتّعب على وجوه بعض المدرّسين، وذل
    ك من جرّاء السّهر، وهذا بدوره قد يقدّم للطلاب انطباعاً وقدوة سيئة، ورسائل ذات مضمون سالب، مفادها أنّ رمضان موسم للسّهر والبطالة وترك العمل أو التّفريط فيه... وإلخ.
    17. ضعف البرامج المدرسية، والأنشطة المصاحبة - إن لم تكن غائبة بالمرة - والتي ينبغي أن تركّز على بعض الأهداف السلوكية الرامية للاستفادة من رمضان، وذلك باعتباره موسماً تربويّاً مهمّاً في حياة المسلم.
    18. ضعف البرامج التربوية المقدّمة للنساء، والهادفة لبناء المرأة بناءاً تربويّا سليماً، وتفعيل دورها في داخل أسرتها في هذا الشهر، سواء كان
    ت زوجة، أو أمّا، أو أختاً، أو ابنةً، وقصر الخطاب على تناول أمور معينة ومكررة، مثل منكرات الأسواق.. وإلخ.

    ثانياً: أخطاء المتربّين:
    1. غياب الفهم الكامل والسليم للهدف من الصوم, فالبعض ينظر للفائدة الصحية، والبعض يظنه إمساك عن المباح من شهوتي البطن والفرج فقط، مع عدم التحرّز الوقوع في المحرّمات.
    2. الإقبال على الصيام بروح التضجّر والملل، وعدم استشعار القيمة الحقيقية لأيّام هذا الشهر من مغفرة للذنوب، ورفع للدرجات وغير ذلك.
    3. التفريط في أمر الصلوات والناس في هذا درجات:

    أ*. من يصوم رمضان, ولا يصلي فيه ولا في غيره.
    ب*. من يصوم رمضان ولا يصلي إلا فيه.
    ت*. من يصوم رمضان ولا يعرف الصلاة ولا الجماعة طيلة أيام العام، إلا صلاة الجمعة, وصلاة المغرب في رمضان!!.
    ث*. من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر والظهر والعصر جماعة، ويصليهن في بيته،وربما كان خارج أوقاتهن.


    ج*. من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر طيلة العام, وربما يصليها في رمضان إن كان مستيقظاً!!.
    ح*. من يصوم رمضان ولكنه لا يعرف طريق المسجد والجماعة، لا في رمضان ولا في غيره.
    خ*. من يصوم رمضان وينشط في أوله بالصلاة، إلا أنّه يكسل بعد مضي أيام منه, لا سيما الأيام الفاضلة في آخره.
    د*. من يصوم رمضان ويحرص على صلاة التراويح، وتجده في الوقت نف
    سه يتخلّف ويفرّط في الصلوات المفروضة.
    ذ*. من يصوم رمضان ويصلي مع جماعة المسلمين, إلا أنّه لا يحرص على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام, وربما تفوته الجماعة، وإضافة إلى ذلك فهو مضيّع للسنن القبلية والبعدية.(1)
    4. الإسراف والتبذير، حيث يستقبل بعض المسلمين هذا الشهر الكريم بالمبالغة في شراء الأطعمة والمشروبات، والأواني المنزلية بكميات هائلة بدلاً من الاستعداد للطاعة، والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين.

    5. إعداد الوجبات بكميات أكبر من حاجة الأسرة، وطرح الفائض في المزابل بدلاً من جعله صدقة لجمعيات البرّ، وغيرها من جهات العمل الخيري.


    6. ضيق صدر البعض، وذلك بمقابلة الشتم بالشتم، ومبادلة الجهل بمثله، وخاصّة عند بعض قائدي السيارات. فبقرب وقت الإفطار تكثر الحوادث، ويسدُّ البعض المسارات الخاصّة بالسيارات الأخرى...وإلخ.
    7. السّهر بنيّة نوم النهار، وليته كان سهراً في الطاعات
    !.
    8. اعتبار أيام الشهر أياماً للنوم والكسل، وترك العمل والإنتاج.
    9. تضييع الأوقات الفاضلة، وصرفها في متابعة البرامج التلفازية، والمسلسلات والأفلام الهابطة.
    10. غفلة بعض الآباء والأمّهات عن تعليم الأبناء الصغار، وتلقينهم المبادئ الأساسية لما يجب عليهم فعله في هذا الشهر، وما يرافق ذلك من حثّ وتعويد على الصوم وتحبيبه لهم.
    11. غفلة بعض الآباء والأمّهات، أو تغافلهم عن المظاهر السّالبة في البيت، كفطر بعض المكلّفين من أهل البيت، ومظاهر التفريط في الصلاة، و
    تضييع الأوقات في السهر والذي هو في أقلّ درجاته متابعة للّغو، وهذا إن لم يكن الأبوان مشاركان فيه.
    12. غياب البرامج والجلسات الأسرية التي تهدف لزيادة الترابط داخل الأسرة على مستوى البيت وعلى مستوى الأقارب والعائلة، وإن جدت فكثيراً ما تخرج عن مسارها، فتصبح جلسات لمجرّد الأنس وتبادل الأحاديث، دون التناصح، بل وقد تكون في غير طاعة.


    13. عدم الاهتمام بتلاوة القرآن بالصورة اللائقة بهذا الشهر، ومن ذلك ضعف اهتمام الأسرة بالقرآن، وقلة حلقات التلاوة في التي تجمع أفراد الأسرة. وضعف الإقبال على حلقات التلاوة في المساجد.
    14. الإقبال على المساجد في أول أيام الشهر ثم هجرانها.
    15. الغفلة وإضاعة بعض السنن كالتراويح، وفضيلة التعبّد في العشر الأواخر، بما في ذلك تحرّي ليلة القدر، وهذا يقع من أهل الأسواق خاصّة من التجّار، ومرتاديها من الأسر، وكذلك تضييع سنّة الاعتكاف، بالرغم من حصول كث
    ير من العاملين على إجازة تمكنهم من الاعتكاف، ولو جزءاً من العشر الأواخر.
    16. الغفلة والتقصير في أعمال البرّ كالإنفاق وتفقّد الفقراء، وذوي الحاجات، من المرضى الضعفاء في المستشفيات، وأماكن إيواء العجزة والمسنين، وأُسرِ المسجونين، والأرامل الأيتام.
    17. الانتكاسة بعد انصرام الشهر، بالانقطاع عن الصوم، وعدم الاستفادة من آث
    اره الصوم فيما يأتي من الأيام، بالعودة للمعاصي واتباع الشهوات.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
    ـــــ
    (1) النّقاط الفرعيّة من (أ) إلى (ذ) مقتبسة من مطوية بعنوان ( الناس والصلاة في شهر رمضان ) إعداد طلال بن عيسى، من منشورات دار القاسم. الرياض.






  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا

    رمضان طريق التوبة

    صيد الفوائد
    (9)


    الحمد لله رب العالمين أحمده حمد الشاكرين الذي خلق الريان بابا للصائمين وأثنى عليه ما دامت السموات والأراضين حمدا يليق بجلال وجهه الكريم . وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين صلاة دائمة زكية وآل بيته الطاهرين وبعد :

    أبواب الجنان تفتح ، وأبوب النيران تغلق ، ورب رحيم تواب أشد فرحا بتوبة
    عبده من الأم بملاقاة ولدها بعد الفراق ، وفرص العبادة متعددة ، والأجور مضاعفة ، والطريق سالكة إلى الخير ، فالشياطين قد سلسلت وصفدت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجان ، وغلقة أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين .

    * الصيام لغة : الإمساك عن الشيء من قول أو فعل .

    * الصيام شرعا : الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل .

    ويدخل في الصوم الإمساك عن اللغو والرفث والكلام المحرم ، لحديث : (( من لم يدع قول الزور والعمل به ، أو الجهل ، فليس لله في أن يدع طعامه وشرابه )) رواه البخاري وأبو داود . وقول الزور هو كل محرم يتلفظ به اللسان ، والعمل به هو فعل الإثم والعدوان .

    * حكم الصيام وفضله

    ¨ الصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة ،بدليل قوله تعالى ( يا أيها الذي! ن آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )

    ¨ يجب الصيام على كل مسلم ، بالغ ، عاقل ، قادر ، مقيم ، خال من الموانع الشرعية.

    ¨ ويجب رؤية هلاله أو إكمال شعبان ثلاثين يوما ، لقوله تعالى :  فمن شهد منكم الشهر ف! ليصمه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأتموا عدة شعبان ثلاثين يوما ) رواه البخاري. ويجب برؤية الواحد العدل كما هو مذهب الجمهور . ويكره صيام يوم الشك الذي هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان غيم أو نحوه، ويجب في الصيام تبيت النية من الليل ، الحديث : ( من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ) رواه الخمسة. وأما صوم التطوع فلا تشترط فيه النية من الليل ، لفعله صلى الله عليه وسلم.

    في فضل صيام شهر رمضان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها قيل سبعمائة ضعف قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ، يدع شهوته وطعامه من أجلى ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء
    ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجه 0

    * فـضـائـل الـصـوم
    قد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثابت من السنة أن الصوم حصن من الشهوات ومن النار جنة وأن الله تبارك اسمه خصه بباب من أبواب الجنة وأنه يفطم الأنفس عن شهواتها ويحبسها عن مؤلوفاتها فتصبح مطمئنة . وهذا الأجـر الوفير والثر الكبير تـفضله الأحاديث الصحيحة:

    1- الصيام جنة : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصيام جنة يستجن بـها الـعبد من النار ) رواه أحمد.

    2- الصيام يدخل الجنة : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال ( قلت : يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة ؟ قال : عليك بالصوم لا مثيل له ) رواه النسائي.

    3- الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما : قال صلى الله عليه وسلم ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ،ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال : فيشفعان ) رواه أحمد .

    4- الصيام كفارة : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والـصيام والصدقة) رواه البخاري .

    5- الريان للصائمين : عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( للصائمين باب في الجنة يقال له الريان لايدخل فيه أحد غيرهم ، فاذا دخل آخرهم أغلق ، ومن دخل شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ) رواه البخاري.

    6- للصائم فرحتان : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله تعالي : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فانه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة واذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل أني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عـند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربـه فرح بصومه ) رواه البخاري

    * ركن الفتوى

    س : هل تجب النية لكل يوم من رمضان ، أم تكفي نية واحدة للشهر كله ؟
    ج : يقول الشيخ محمد بن عثيمين ذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف ، وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله فإنه يجزئه عن الشهر كله ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع ، كما لو سافر في أثناء رمضان ، فإنه إذا عاد يجب عليه أن يجدد النية . الممتع : 6/369

    * أهــل الأعـذار
    يعذر بترك الصيام الأصناف التالية :
    1/ من عجز عن صيامه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا مدّ بر أو نصف صاع من غيره ، لقول ابن عباس في قوله تعــــالى ) وعلـى الذيـن يطيقونه فدية ( ليست منسوخة هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم

    2/ المسافر والمريض الذي يرجى شفاؤه يباح لهما الفطر وعليهما القضاء لقوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر )

    3/ الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا وقضتا 0 وفى الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميه إن كانت الحامل تخاف على جنينها فإنها تفطر وتقضى عن كل يوم يوما ، وتطعم عن كل يوم مسكينا رطلا من خبز بأدمة ) أما إذا خافتا على نفسيهما - أي الحامل والمرضع - فلهما الفطر وعليهما القضاء بلا خلاف 0

    4 / الحائض والنفساء يجب عليهما الفطر والقضاء ، ويحرم عليهما الصيام .

    5/ يجب الفطر على من احتاج إليه لإنقاذ معصوم من مهلكة كغرق ونحوه لأنه يمكنه تدارك الصوم بالقضاء 0، ويحرم على من لا عذر له الفطر في رمضان وعليه القضاء والتوبة إلى الله عز وجل

    * المفطرات التي يفسد بها الصوم

    و المفطرات التي ينتقض بها الصوم هي
    1/ الأكل والشرب
    2/ الجماع
    3/ خروج دم الحيض والنفاس
    4/ الردة عن الإسلام ، لقوله تعالى ( لئن أشركت ليحبطن عملك )
    5/ ويفطر بالعزم على الفطر ، قاله في
    الكافي وكذا إن تردد فيه
    6/ ويفطر بالقيء عمدا لحديث ( من استقاء فعليه القضاء ، ومن غلبه القيء فلا قضاء عليه )
    7/ ويفسد الصوم بخروج المذي إذا تعدى ملامسة ونحوها ، لا إن خرج بنفسه ، كما يفطر بإنزال المني في كل حال إلا الإنزال بالاحتلام لأنه ليس باختياره
    8/ ويفطر باستعمال ما يدخل إلى الجوف 0 قال في المغني ( يفطر الصائم بكل ما أدخله عمدا إلى جوفه أو إلى مجوف في جسده كدماغه أو حلقه) وأما الإبر ففيها تفصيل عند العلماء المعاصرين حيث قالوا : لا بأس بالإبرة التي ليست مغذية ، والأحوط تركها إلا لمضطر 0
    9/ ويفطر بالحجامة ، لحديث ( أفطر الحاجم والمحجوم )

    * الصيام على ألسنة الحكماء

    * قيل للأحنف بن قيس : ( إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك فقال : إني أعده لسفر طويل ، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه 0

    * قال وكيع الجراح ( رحمه الله ) في قوله تعالى ) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية ( الحاقة : 24 ، هي أيام الصيام إذ تركوا فيها الأكل والشرب 0

    * وكان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان ، اللهم قد أظلّنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له ، وارزقنا صيامه وقيامه ، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط وأعذنا فيه من الفتن 0 وكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم 0 وكان من دعائهم ، اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لى رمضان ، وتسلمه مني متقبلا 0

    * فوائد التمر
    1/ فيه كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ، ونصحه لهم حيث دل ما ينفع حتى في مثل هذه الأمور
    2/ فيه بيان فوائد ومنافع التمر ، وذكر بعض الأطباء فوائد الإفطار على التمر فقال : ( وبدء الإفطار بالتمر له كثير من المزايا الصحية والغذائية منها :
    - التمر غذاء سهل الهضم ، فلا يرهق معدة الصائم0
    - يحد التمر من الشعور بالجوع الشديد الذي يشعر به الصائم ، فلا يندفع في الإفراط فى تناول الطعام ، فيصاب بارتباكات هضمية 0
    - يهيء التمر المعدة لاستقبال الطعام بعد سكونها طوال اليوم بتنشيط الإفرازات والعصائر الهضمية 0
    - التمر غذاء غني بالطاقة السكرية ، فيتزود الجسم بأهم احتياج له من المغذيات ، وهو السكر الذي لا بديل عنه كغذاء لخلايا المخ والأعصاب
    - يقي الصائم من الإصابة بالقبض ( الإمساك ) الناتج عن تغيير مواعيد تناول الوجبات الغذائية 0 أو انخفاض نسبة الألياف في الوجبات الغذائية
    - تعمل الأملاح القلوية الموجودة في التمر على تصحيح حموضة الدم الناتجة عن الإفراط في تناول اللحوم والنشويات ، والتي تتسبب في الإصابة بكثير من الأمراض الوراثية كالسكري ، والنقرس والحصوات الكلوية ، والتهابات المرارة ، وارتفاع ضغط الدم ، والبواسير ).بحث منافع التمر ، إعداد قسم التغذية بإدارة المستشفيات في وزارة الصحة في الكويت!

    * أحكام يحتاج إليها الصائم :

    1/ الأكل والشرب حال النسيان : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه0


    2/ من أدركه الفجر جنبا : لا شىء عليه فعن عائشة رضى الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ، ثم يغتـسل ويصوم ) متفق عليه

    3/ الطيب بأنواعه : لا بأس به ولم يأتي ما ينهى عنه ، إلا البخور فالأولى اجتنابه 0

    4/ بلع الريق : لم يرد فيه شيء ، ولأنه لا يمكن الاحتراز عنه ، كغبار الطريق وغربلة الدقيق 0

    5/ نزول الماء والانغماس فيه للتبرد وغيره : لا بأس به للحديث السابق ( كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل ) فإن دخل الماء فى جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح 0

    6/ الاكتحال والقطرة : لا شيء فيهما لأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف 0

    7/ القبلة والمباشرة : لا شيء فيهما لمن قدر على ضبط نفسه ، فقد ثبت عن عائشة رضى الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ،ويباشر وهو صائم ، وكان أملككم لإربة ) متفق عليه . أى كان أقدركم على ضبط نفسه

    8/ القىء وخروج الدم من الأنف : لا شيء على من غلبه القيء لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض ) رواه أحمد وأبو داود

    9/ الحقنة ومداواة الجائفة المأمومة : الحقنة قال في المصباح : حقنت المريض إذا أوصلت الدواء إلى باطنه من مخرجه بالمحقنة ، فهذه هي الحقنة التي يقول شيخ الإسلام إنها لا تفطر ، وقوله حق ولكن يوجد في هذا الزمان حقن آخر ، وهو إيصال بعض المواد الغذائية إلى الأمعاء يقصد بها تغذية بعض المرضى ، والأمعاء من الجهاز الهضمي كالمعدة وقد تغني عنها فهذا النوع من الحقنة يفطر الصائم : ( قاله رشيد رضا (( حقيقة الصيام )) ص 55 )

    - أما الجائفة : فهي الجراحة التي تصل إلى الجوف 0
    - والمأمومة : الشجة في الرأس تصل إلى أم الدماغ 0ولا شيء فى استعمال الدواء لهما كما يراه ابن تيمية

    10/ الحامل والمرضع : إذا خافتا الضرر فإنهما يفطران وتقضي عن كل يوم يوما ، إذا قدرت على ذلك .

    أتى رمضــان مــزرعة العبــاد ... لتطـهير القلــوب من الفســاد
    فــأد حقــوقــه قــولا وفعــلا ... وزادك فــاتـخـذه إل الـمعــاد
    فـمـن زرع الحبوب وماسقـاها ... تـأوه نـادمـا يــوم الـحصــاد





  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    تربية الأولاد في رمضان
    خالد بن علي الجريش

    (10)


    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد،،
    إن نعمة الأولاد هي من زينة الحياة الدنيا وهم من كسبنا ويُرجى أن يكون عملهم من سعينا، فيُكتب لنا مثل أجورهم، فهم قُرة أعيننا بإذن الله تبارك وتعالى، وهم كأكبادنا وقلوبنا نُحب لهم ما نُحبه لأنفسنا ونكره لهم ما نكرهه لأنفسنا، وهذه
    فطرة فطرها الله في قلوب الوالدين، وتِباعًا لهذا تعيّن على الوالدين مقابلة ذلك الجانب بالتربية الجادة الصالحة في كل وقت عمومًا، وفي شهر رمضان على سبيل الخصوص، حيث إن شهر الصيام شهرٌ تهيّأت فيه النفوس للقبول، لقُربها من بعض ولخضوعها وخشوعها في صيامها، ولتصفيد الشياطين المردة ونحو ذلك، فكان التركيز في التربية خلال هذا الشهر فرصة للأبوين الكريمين أن يهتما في هذا الجانب، ويعتبرا شهر رمضان دورة تربوية إيمانية للأولاد، وهما القدوة في هذه الدورة المباركة، وإنني في هذا الموضوع سأطرح عليك أخي الكريم خمس عشرة وقفة لعلها تكون زادا لي ولك في هذا الباب، وفقك الله وأعانك.

    الوقفة الأولى: عليكما أخي الأب وأختي الأم بناء الارتباط معهم والاندماج في هذا الشهر أكثر من غيره، وذلك لتغيّر الجو الرمضاني عن الشهور الأخرى سواءً في العبادات الخاصة به أو العادات في طبيعة الناس بهذا الشهر، فهي تحتاج إلى نوع من التهيئة والتفاهم والتوازن حتى ينجح مشروعنا التربوي مع أولادنا خلال هذا الشهر المبارك.

    الوقفة الثانية: توجيه الأولاد في حُسن استثمار لحظات هذا الشهر وساعاته من خلال الجلسات العادية العائلية أو الأحاديث الثنائية معهم أو رسائل الواتس ونحو ذلك، بحيث يفهم هؤلاء الأولاد أهمية التوازن في حياتهم خلال هذا الشهر بين المرح والجد والنوم والعبادة ونحوها، فإن هذا يدفعهم بإذن الله تعالى إلى الشعور الإيجابي في معرفة حاجتهم التربوية والإيمانية للاستفادة من شهر رمضان المبارك.

    الوقف الثالثة: على المربي والمربية في هذه الأسرة عقد جلسة شبه يومية ولو كانت قصيرةً مع الأولاد أو بعضهم للحديث التربوي والإيماني عن مزايا هذا الشهر وفضائله، فإننا بذلك نبني هؤلاء الأولاد تربويًا وعلميًا وسلوكيًا، خصوصًا إذا جعلناهم فاعلين مشاركين في هذه الجلسة التربوية مع ما يكون فيها من مشوّقات من مأكول أو مشروب أو هدايا خفيفة ونحوها، مع تكليفهم أحيانًا بالطرح أو التعليق وقد نجحت كثير من الأسر في هذا الجانب في شهر رمضان وغيره، وكافيك من هذا المجلس المبارك حلول الملائكة في هذا البيت ونزول السكينة وغشيان الرحمة وأن يذكرهم الله تعالى في من عنده، ومِن واقع تجارب في هذا المجال فإن تلك الجلسات كان لها الأثر الفعّال والقوي في حلّ كثير من المشاكل الأسرية، كيف لا وهو متوافق مع الفطرة فلا يُصادمها ولا يُضادها فكن أخي وأختي من السابقين إلى مثل هذا المنشط في جميع شهوركم فأنتم الرابحون قبل أولادكم، كما يمكن أن يكون من نقاط هذا البرنامج سؤال أسبوعي أو يومي ويهدف هذا السؤال إلى جانب تربوي وعلمي يُستهدف فيه الأولاد، ويكون التكريم فيه فوريًا أو في نهاية الشهر.

    الوقفة الرابعة: إن أولادنا بحاجة إلى أن نناقش معهم أهمية قراءة القرآن من خلال هذا الشهر المبارك، وكيف يكون برنامجهم فمن الممكن أن يكون لكل واحد منهم ما يناسبه في هذا البرنامج قلةً وكثرة من القراءة، نظرًا للفروق الفردية بينهم، لكن الجميع بحاجة ماسة إلى لمساتك معهم وتوجيهاتك لهم حيال ذلك، فجلسة واحدة مع كل واحد منهم يُمكن فيها رسم برنامجٍ للشهر كاملا، كما أنهم بحاجة إلى التشجيع والتحفيز اللفظي فهو يعني لهم الكثير في تقوية العزيمة وشد الأزر ولعل هذا يعود للأبوين الكريمين مثله من الأجر حيث بذلا جُهدًا كبيرًا فيه.

    الوقفة الخامسة: إدراك فترة المراهقة وأنها تغير نفسي وعضوي ومزاجي فعلى الأبوين الكريمين معرفة ذلك، والتعامل معه بالطريق الأمثل لأن هذا هو زمن الولادة الثانية للأبناء، ليخرجوا من حياض الطفولة إلى حياض الرجولة فهم سيُرى منهم ما يحتاج معه الأبوان إلى الصبر والتوجيه المناسب، والسؤال عما أشكل في معاملتهم، فهي مرحلة لها برنامجها وتعاملها الخاص، فلا تغضب عندما تسمع أو ترى ما لا يُعجبك بل قُم بالتوجيه والتسديد والبيان والنظر في العواقب والمداراة حتى تسير تلك المرحلة بسلام، فهي مرحلة لها سماتها وصفاتها، ولها معاملتها الخاصة بها، فبعض الآباء يعامل المراهق وكأنه يُعامل رجلًا كبيرًا راشدا، فهو يريد من هذا ما يفعله هذا، وهذا لا يمكن أن يأتي دفعة واحدة، لكنه يحتاج إلى شيء من التأني والتوجيه والصبر، وسيوفق من هذا وصفه إلى النتائج الطيبة بإذن الله تبارك وتعالى.

    الوقفة السادسة: تعويد الأولاد في شهر رمضان خصوصًا وفي غيره عمومًا على الإحسان هو أمر مهم ومطلب طيب، فيُحسن الابن والبنت في لفظاتهم ونظراتهم وجلساتهم في أخذهم وعطائهم، وفي معاملتهم لربهم عز وجل في العبادة، وفي خدمتهم للآخرين بما يستطيعونه، وأيضًا بيان جزاء المحسنين وهو محبة الله لهم، ومعيّته ورحمته بهم وجزاؤه لهم بالإحسان، فسيكون هذا الابن وتلك البنت عضوًا فاعلًا في أسرته وفي مجتمعه.

    الوقفة السابعة: إن كان الخطاب موجهًا إلى الآباء والأمهات في التربية، فمن جانب آخر نهمس في آذان الأولاد الكرام، بأن يأخذوا تلك التوجيهات بصدر رحب، فهي من أسباب صلاحهم وبرّهم وجمع كلمتهم على الحق والهدى، فإنهم هم الركن الآخر في التربية، وبهذا يتكامل العقد التربوي في تلك الأسرة.

    الوقفة الثامنة: جميل جدًا تعويد أنفسنا وأولادنا على الجود والصدقة، لا سيّما في هذا الشهر المبارك، فلها قدرها فيه، ويُقترح في ذلك وضع صندو
    ق في البيت يراه الجميع فيضعون فيه القليل والكثير، وفي نهاية الشهر يتم دفعه لمستحقّيه، ولعل هذا الشهر المبارك يكون انطلاقة في هذا المشروع لا سيّما أنه من الصدقة الخفية، التي يكون صاحبها تحت ظل العرش.

    الوقفة التاسعة: إن تحفيز الأولاد وتشجيعهم على القيام بالوظائف الشرعية خلال اليوم والليلة أمر مهم جدًا وذلك كصلاة الوتر وركعتي الضحى والسنن الرواتب ونحو ذلك خصوصًا في شهر رمضان المبارك ليعتادوه فيكون سلوكًا لهم في سائر شهورهم وأيامهم.

    الوقفة العاشرة: علينا معشر الآباء عندما نريد إخراج زكاة الفطر أن نخرجها أمام أولادنا مع ما يصحب ذلك من توضيح لحكمها وحكمتها وأن يقوم الولد بنفسه بأخذها وقياسها، ثم تُدفع إلى الفقراء وبهذا يتخرج لدينا جيل يعلم حكمة الشرع وأحكامه، وإذا سلكنا هذا المسلك في أمورنا الأخرى فإن هذا الجيل سيكون واعيا وداعيا .

    الوقفة الحادية عشرة: من المطالب المهمة أن يفقه الأولاد معنى قوله عليه الصلاة والسلام (أو ولد صالح يدعو له) فحثّهم على هذا وتعليمهم إيّاه وتذكيرهم به هو من المكاسب العظيمة للوالدين، فلربما سعدا بدعوة ولدهما.

    الوقفة الثانية عشرة: لعله من المناسب أن يكون من برنامج الأسرة أن يحفظ الأولاد خلال شهر رمضان كل يوم ذكرًا وأدبًا من الآداب ويصحب ذلك الحفظ التطبيق والتنفيذ مع معاهدتهم على المراجعة، فتكون من ضمن سلوكهم في جميع شهورهم ويُنتقى ذلك مما يدور معهم في يومهم وليلتهم، ويُقترح في ذلك كُتيّب جميل جدًا ب
    عنوان (مائة حديث من الصحيحين في عمل اليوم والليلة) وهو من إعداد مكتب الدعوة وتوعية الجاليات في جنوب بريدة بالقصيم، ويمكن تنزيله من الشبكة، فهو مُختصر ومفيد.

    الوقفة الثالثة عشرة: لابد من الاهتمام بمعرفة ثواب وأجر قيام ليلة القدر والحث على ذلك كثيرًا وتشجيعهم على قيامها واصطحابهم ومعرفتهم قبل ذلك لأحكامها وفضلها وشد أزرهم على الصبر خلال ساعاتها ولحظاتها، فهي خير عظيم لنا ولهم.

    الوقفة الرابعة عشرة: اغرسوا في أنفس أولادكم قيمة المراقبة للنفس، حتى يكون الأولاد هم يراقبون أنفسهم ويكفونكم المؤونة في كثير من شؤونهم،
    فمراقبة الجوارح ومراقبة الأرض بشهادتها على ما عُمل عليها من خير أو شر، ومراقبة الملائكة وتسجيلهم للحسنات والسيئات، مثل هذا يُغرس في نفوسهم ليعرفوا تلك القيمة ويتعلموها عمليًا.

    الوقفة الخامسة عشرة: لا تنسوا الدعاء لهم في كل وقت، فهو من أسباب صلاح وإصلاح الذرية، بل ومن أهم الأسباب، وفي مقابلة سريعة مع أب يحفظ ابناؤه وبناته القرآن وشيئًا من السنة، ويظهر عليهم الصلاح والسكينة والبر، قيل له: ما أعظم سبب تراه في صلاحهم بعد توفيق الله تعالى لك ولهم؟ فقال هو أنني لم أغفل عن الدعاء لهم في معظم أوقاتي، خصوصًا ساعات الإجابة، فلنكن نحن كذلك معاشر الآباء والأمهات، فقد يبحث الأبوان كثيرًا عن حل لمشاكل الأبناء، وينسيان سببًا بين أيديهم وهو الدعاء والابتهال فاجعلوا ذلك من أولوياتكم، ولا تملوا فلا تعلموا متى يقال: وجبت، وأنتم على خير عظيم في جميع أحوالكم ما دمتم داعين مبتهلين.

    نسأل الله تبارك وتعالى الصلاح والإصلاح في النية والذرية، وإلى حلقة أخرى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.







  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    البيت الإسلامي في رمضان
    زينه منصور
    (11)


    يقول عز من قائل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: من الآية 6)
    1. البيت أمانة ومسئولية ورعية، فهل من راع
    واع وهل من مسؤول أمين.
    صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنّه قال: "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته" [1] ورعاية البيت في رمضان وغيره هو أن تأمرهم بالصلاة، قال تبارك وتعالى ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ (مريم:55).





    2. إنّ أحوج ما يحتاجه البيت المسلم إلى أب رشيد وأم مؤمنة يقومان على تربية البيت.
    يقول الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ﴾ (النساء: من الآية 58) وإنّ من أعظم الأمانات أم
    انة البيت وإصلاح البيت.
    البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكراً وتلاوةً وخشوعاً وتقوى.
    البيت الإسلامي عامر بسنة محمد عليه الصلاة والسلام في الطعام الشراب والمدخل والمخرج واليقظة والمنام.
    البيت الإسلامي يحترم الحجاب ويدين لله به ويعتبره شرفاً وعزاً للمرأة، وأجراً ومثوبة عند الله عز وجل.


    3. ابتليت بيوت كثيرة باللهو وإضاعة الأوقات فى متابعة المسلسلات، فأفسد قلوب أهلها وضيع أوقاتها وفتّت قوّتها، ودخل الغناء واللهو بعض البيوت فخرج الذكر والسكينة والحشمة والوقار، قال تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(لقمان: من الآية6) ولهو الحديث عند أهل العلم هو الغناء، فكم عبث الغناء بالقيم وسفّه المبادئ وأرهق العقول.
    4. البيت الإسلامي يصحو على ذكر الله وينام على ذكره بعيدا عن اللغو والهراء، قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ (المؤمنون:3).
    5. البيت الإسلامي يستحي من الله تعالى، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال "استحيوا مِن الله حقَّ الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله إنَّا لنستحيي، والحمد للَّه. قال: ليس ذاك، ولكنَّ الاستحياء مِن الله حقَّ الحياء: أن تحفظ الرَّأس وما و
    عى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكَّر الموت والبِلَى، ومَن أراد الآخرة، ترك زينة الدُّنيا، فمَن فعل ذلك، فقد استحيا مِن الله حقَّ الحياء" [2]



    بيوت الصالحين لها دوي بذكر الله رب العالمين.
    لها نور من التوفيق عال كأن شعاعه من طور سينا.
    ليت البيوت الإسلامية تدخل العلم الشرعي جنباتها لتكون رياضاً للمغفرة وبساتين للعرفان.
    6. إنّ البيت يحتاج إلى مسائل مهمة من أعظمها المحافظة على الصلوات الخمس بخضوعها وركوعها وسجودها وروحانيتها، وعلى تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، وعلى ذكر الله عز وجل بالغدو والآصال، وعلى إحياء السنن في كل دقيقة وجليلة، ويحتاج إلى إخراج كل لهو وعبث واجتناب كل لغو وزور.




    قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ (فصلت:30)
    وقال تعالى ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآ
    خِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (ابراهيم:27)
    7. إنّ شهر رمضان يضفي على البيت المسلم رو
    حانية واطمئناناً، فيوقظ أهل البيت لقيام الليل، ويدعوهم إلى صيام النهار، ويحثهم على ذكر الله عز وجل.
    قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ
    غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (فاطر:29 - 30)
    نسألك يا أرحم الراحمين أن تملأ بيوتنا بالإيمان والحكمة والسكينة.





  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    كيف يستعد البيت المسلم ..
    لا ستقبال شهر رمضان
    (12)

    حل بنا شهر الخير والبركات، شهر كان يحرص رسولنا الكريم [على تنبيه أصحابه إلى قرب قدومه، حتى يستعدوا له، فعن أبي هريرة] قال:
    "كان رسول الله [يقول قد أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم" (رواه أحمد).

    إن شهراً هذه خصائصه، وتلك خيراته، لجدير بأن نفكر له، ونخطط لاستقباله، ولحقيق بأن نتلهف شوقاً للقائه، لما فيه من نفحات إيمانية، وروح ملائكية، وهبات إلهية، ومكرمات ربانية.

    السلف الصالح وشهر رمضان:

    ورد عن سلفنا الصالح أنهم كانوا يدعون ربهم ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، فكان عامهم كله رمضان. هناك ثمة أعمال يلزم أن يؤديها البيت المسلم، كي يُحسن استقبال هذا الشهر الكريم، وهذه الأعمال يمكن إيجازها في ستة أعمال هي:

    أولاً وقفة محاسبة:
    وأعني بها أن يقف المسلم مع نفسه وقفة تقويمية، يحاسب فيها نفسه على ما أسرف من ذنوب ومعاصٍ، وعلى ما فرَّط في جنب الله، وعلى ما أضاع من وقت، وعلى ما قصَّر في الطاعات، يقول الحق سبحانه: [يّا أّيَهّا الَّذٌينّ آمّنٍوا تَّقٍوا اللَّهّ ّلًتّنظٍرً نّ
    فًسِ مَّا قّدَّمّتً لٌغّدُ ّاتَّقٍوا اللَّهّ إنَّ اللَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا تّعًمّلٍونّ(18) لا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ نّسٍوا اللَّهّ فّأّنسّاهٍمً أّنفٍسّهٍمً أٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الًفّاسٌقٍونّ 19] (الحشر).

    إن خلوة المسلم بنفسه قبل رمضان، وبشكل دوري في سائر الأوقات لمحاسبتها عما بدر منها من الأقوال، والأفعال، ووزنها بميزان الشرع، لمن الأمور المهمة في التغيير الإيجابي في الشخصية المسلمة، كما أنها من علامات المؤمن. يقول الحسن البصري رحمه الله "لا تلقى المؤمن إلا بحساب نفسه ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟
    والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه، ومن أقواله أيضاً أي
    الحسن البصري "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته".
    وقال ميمون بن مهران "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل "النفس كالشريك الخوَّان؛ إن لم تح
    اسبه ذهب بمالك".


    وينبغي لرب البيت المسلم أن يبادر بذلك، ويبدأ بنفسه، حتى يكون قدوة لأهل بيته، ثم يدعو رعيته إلى ذلك، وينبههم إلى اغتنام فرصة رمضان، وذلك في جلسة خاصة، يكون قد خطط لها جيداً.
    والمحاسبة لازمة لتقويم المسلم في جميع الأوقات؛ فينبغي أن يفرد لها المسلم وقتها.
    وألا يغفل عنها، فمما ذكره الإمام أحمد رحمه الله عن وهب، قال
    مكتوب في حكمة داود حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات، وإجماماً للقلوب".

    وقد نبَّه الشاعر إلى فرح الإنسان بالدنيا وغفلته عن المحاسبة في قوله:

    إنا لنفرح بالأيام نقطعها. . وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل
    فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً.. فإنما الربح والخسر
    ان في العمل

    ثانياً الاستغفار والتوبة:

    فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون، وما دام ابن آدم خطاء.. فلا بد أنه بعد المحاسبة سيقف على أخطائه ويحددها، ومن ثم يجب أن يسعى إلى الدعاء والاستغفار، كي يغفر الله عز وجل له، كما تجب عليه التوبة..
    ولأهمية التوبة فقد أفردتُّ لها المقال السابق، وبقي ل
    ي أن أدعو نفسي وكل رُعاة البيوت المسلمة أن نقرأ جميعاً باب التوبة من كتاب رياض الصالحين، أو غيره من الكتب التي عالجت هذا الباب العظيم.

    ثالثاً تجهيز عدَّاد تنازلي يُوضع في مكان بارز في البيت:

    وينبغي استثمار القدرات الفنية للأولاد في تجهيز هذا العداد، وذلك يشعرهم بذواتهم، وبأنهم يقدمون شيئاً مفيداً، ويستثمرون به أوقاتهم، وحبذا أن يكافئهم
    رب الأسرة، وهذا العداد قد يُجهز من بطاقات ورقية..
    أو غير ذلك من الخامات، ويعلق في مكان بارز با
    لبيت، منذ منتصف شعبان، أو بعد مرور عشرين يوماً منه، وكلما مر يوم رُفعت البطاقة الورقية التي كتب عليها هذا اليوم وظهرت لأفراد البيت المسلم عبارة بقيت تسعة أيام، وفي اليوم التالي بقيت ثمانية أيام.. . وهكذا، وعلى من يرفع البطاقة أن ينبه بقية أفراد البيت إلى ذلك بصوت مسموع.

    رابعاً تدريب النفس والأهل والأولاد:

    على العبادات الرمضانية في شهر شعبان، كالصيام، والقيام، والصدقات.. . وغير ذلك.
    فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله [يصوم حتى نقول لا يفط
    ر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" (رواه البخاري).
    فمن فوائد الصوم في شعبان أنه تمرين وتدريب على صيام رمضان
    ، حتى لا يجد المسلم مشقة في صيام رمضان، بل يكون قد تمرّس على الصوم، فيدخل رمضان بهمّة ونشاط وقوة، فشعبان مقدّمة لرمضان، ومن ثمّ فمن المفيد لأفراد البيت المسلم أن يتدربوا على عبادات رمضان في شعبان، كالقيام، والصيام، وتلاوة القرآن، والصدقة.. . وغير ذلك، ولذلك كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أكثر من قراءة القرآن.

    وذكر بعض أهل العلم أن السبب في كثرة صيام النبي [في شعبان أنه شهر يغفل الناس عنه بين شهرين عظيمين شهر رجب الفرد.. وهو من الأشهر الحرم، وشهر رمضان المعظّم، واستشهدوا برده [على أسامة بن زيد عندما سأله عن كثرة صيامه في شعبان فقال "ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" (رواه النسائي).

    خامساً إصلاح ذات البين:
    ويكفي المسلم هنا أن يُصغي إلى قول الله عز وجل: [فّاتَّقٍوا اللَّهّ ّأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً ّأّطٌيعٍوا اللَّهّ ّرّسٍولّهٍ إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ] (الأنفال)، فإذا ما أ
    صغى واستمع وأنصت ووعى، فلا بد من أن يستجيب ويُنفذ ويطيع ربه سبحانه ورسوله [، ومن ثم يسعى المسلم للتصالح والتسامح والتغافر مع أقاربه وأصدقائه، وجيرانه وزملائه، في العمل وسائر المسلمين.

    سادساً صلة الرحم:

    فإذا كان الشرع الحنيف دعانا إلى ذلك في سائر الأوقات
    ، فإن ذلك في شهر رمضان أنفع وأنسب لاقتناص هذا الخير، قال تعالى محذراً من قطيعة الرحم: [فّهّلً عّسّيًتٍمً إن تّوّلَّيًتٍمً أّن تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ ّتٍقّطٌَعٍوا أّرًحّامّكٍمً 22أٍوًلّئٌكّ الَّذٌينّ لّعّنّهٍمٍ اللَّهٍ فّأّصّمَّهٍمً ّأّعًمّى" أّبًصّارّهٍمً 23] (محمد).

    منقول بتصرف





  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا



    الأسرة في استقبال رمضان
    خالد بن علي الجريش
    (13)


    الحمد لله حمد الشاكرين وصلى الله وسلم على خير البرية أجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد

    حينما يقدُم ضيف عزيز على أسرة من الأسر، فإن هذه الأسرة لا تكاد أن تُحصي مدى فرحتها وبهجتها في قدوم ذلك الضيف الكريم عليهم، ذلك أن هذا الضيف محبب إلى نفوسهم لأنهم يجدون فيه وعنده ومنه رغباتهم، بل لقاؤهم به هو أمنية لهم حيث تتحقق أمنياتهم وتسلو نفوسهم وتزكو أرواحهم، إن هذا ولله الحمد هو واقع أسرنا بقدوم ذلك الضيف المبارك شهر رمضان، فكم كانت النفوس متلهفة لبلوغه، وكم كانت متعطشة لوصوله، وضيف بهذه المكانة الرفيعة جدير بالحديث والطرح في جوانب عدة تهم الأسرة المباركة، وسيكون الحديث في عشر وصايا وهي كالتالي:

    الوصية الأولى: لابد من القراءة عن شهر الصيام، ولو كانت قراءةً يسيرة، حتى يجمع الصائم بين العلم والعمل، فاجتماع الأسرة ونقاشهم عن أحكام هذا الشهر هو من الرعاية الموكَلة للوالدين الكريمين، فإن هذا المجلس سيُعطي الأسرة جميعًا خلفيةً ولو مجملة عن هذا الشهر، سواءً كانت من الكتيبات الصغيرة أو من الأسئلة والأجوبة أو من المطويات، فإن هذا كله نافع ومفيد.

    الوصية الثانية: كم هو جميل جدًا أن تتناقش الأسرة جميعًا في إعداد برامج لهذا الشهر، ويُشجع بعضهم بعضًا خلال جلساتهم اليومية، وهذه البرامج منها ما هو عام للأسرة جميعًا، يشتركون فيه ويناقشونه، وذلك مثل مايلي : سؤال يومي للأسرة، فيُطرح كل يوم سؤال، فالسؤال الأول في اليوم الأول و يكون جوابه في الجزء الأول من القرآن، والسؤال الثاني في اليوم الثاني و يكون جوابه في الجزء الثاني من القرآن، وهكذا، فتُربط أيام رمضان بأجزاء القرآن، وفي هذا ربط أفراد الأسرة بالقرآن، ويكون التكريم فوريًا يوميًا أو في نهاية الشهر عن طريق جمع النقاط، ومن البرامج العامة للأسرة، تحديد جلسة أسبوعية أو نحوها تجتمع عليها الأسرة، يُطرح فيها ما يهمها في شهرها تشجيعًا وتحفيزا من مقروء ومسموع ونحو ذلك، فإن هذه الجلسة لها مُخرجاتها التربوية والإيمانية، ومن البرامج العامة أيضًا أن يحفظ أهل البيت كل يوم ذكرًا أو حديثًا يتردد معهم في يومهم وليلتهم من الأذكار التي لم يحفظوها من قبل فينطلقون في هذا الشهر بالعمل بها طوال عمرهم،

    فيكون هذا من مخرجات هذا الشهر المبارك، فلتتفق الأسرة على ثلاثين ذكرًا في عدد أيام الشهر، فما أجمله من عمل وما أحسنه من مُخرج لهذا الشهر المبارك، ونحو هذا من البرامج العامة بحيث تنفذها الأسرة جميعًا، وهناك برامج خاصة لكل فرد من أفراد الأسرة بحيث يرسم له برنامجًا يسير عليه خلال الشهر، متضمنًا لأنواع العبادة من القرآءة والصلوات والصدقات وغيرها، محاسبًا هذا الفرد نفسه بين الفينة والأخرى ليرى مدى التقدم والإخفاق في هذا البرنامج، إن رسم البرامج العامة والخاصة مهم جدًا، وهو من استثمار لحظات ذلك الشهر المبارك، أرأيت إن كان أحدنا يريد أن يُنشأ منزلًا، كيف يخطط ويدرس هذا التخطيط ويحذف ويضيف، إن شهر رمضان هو موسم من مواسم الآخرة جدير بالتخطيط والتأمل.

    الوصية الثالثة: على الأسرة إظهار الابتهاج والاستبشار بقدوم هذا الشهر المبارك، وأن يكون ذلك سلوة حديثهم ، استبشارًا واستعدادًا لاستقباله، مما يضيف عليهم الرغبة بصيامه وقيامه وفعل الخيرات فيه.

    الوصية الرابعة: من المستحسن أن يوضع بعض الكتيبات والمطويات عن شهر رمضان في مكان بارز للأسرة، بحيث يطّلع أفراد الأسرة عليها وقت فراغهم، تثقيفًا وتعليمًا وتحفيزًا لهم، وقد يُحدث هذا بينهم نقاشًا علميًا جميلًا تستثار فيه الأذهان عن حِكم وأحكام هذا الشهر المبارك.

    الوصية الخامسة: على ولي الأسرة أن يكون حريصًا على لحظات هذا الشهر فيتقدم قبله بشراء حاجيات الشهر ولوازمه من مأكول ومشروب، وليحذر الإسراف في هذا، فإنه شهر استثمار لا شهر استهلاك، وكذلك أهل البيت في شراء لوازم عيدهم بأن يتقدموا بشرائها، أما تأخيرها إلى دخول الشهر أو إلى دخول العشر الأواخر، فإن هذا خسارة واضحة كالشمس، فإن الناس يتعبدون ويجمعون الحسنات، وهؤلاء في الأسواق يرتعون خلف كل جديد، فلو تقدموا لأراحوا واستراحوا.

    الوصية السادسة: إن من خصوصيات شهر رمضان الصيام والقيام وكثرة قراءة القرآن والدعاء والصلاة النافلة وغيرها، وهذا يحتاج إلى اهتمام كبير من الأبوين الكريمين لأبنائهم وبناتهم تحفيزًا وتشجيعًا وترغيبًا بأساليب عدة قولية وعملية، لأنهم أبناؤنا وعملهم يُرجى أن يكون لنا مثله، لأنهم من كسبنا وسعينا، فيا معاشر الآباء والأمهات لا تغفلوا عن هذا ولا تملّوا ولا تسأموا، بل استمروا متابعين محفزين طوال شهركم، لا سيما في العشر الأواخر منه.

    الوصية السابعة: على المرأة وهي تعمل على طهيها وخدمتها في بيتها أن تعلم أنها على أجر عظيم فكما أنه قيام بالواجب، فقد يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) لأنهم قاموا على خدمة إخوانهم، فكيف بهذه المرأة وبناتها وقد خدموا وهم صائمون، فيا بشراهن كثيرًا، واعلمي أنك يمكن أن تجمعي بين الخدمة وعبادة الذكر، أرأيتِ أن سبحان الله وبحمده مائة مرة تكفّر الخطايا، ردديها، أرأيتِ أن الحمد لله تملأ الميزان، أرأيت أن سبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض، أرأيتِ أن لا إله إلا الله أفضل الحسنات، أرأيتِ أن لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، أرأيت أن لك بالصلاة الواحدة على النبي صلى الله عليه وسلم عشر صلوات فأكثري من تَرداد هذه الأذكار خلال عملك في رمضان وغيره، لتجمعي بين الحسنيين.

    الوصية الثامنة: هناك بعض الأخطاء يجب أن تختفي من الواقع لأنها خلل في العبادة وذلك كما يلي:
    أولًا: عدم إكمال التراويح مع الإمام فقد يصلي بعض الناس شيئًا ثم ينصرف وهذا لا شك أنه فاته خيرٌ كثير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) فحُرم هذا قيام الليل كله، وربما كان انصرافه في آخر صلاته، ومن الأخطاء أيضًا، عدم تناول السحور بحجة تأخير وجبة العشاء، ولو تناول هذا وأمثاله تمرات خفيفةً لكان سحورا، فإن الملائكة تصلي على المتسحرين.
    ثانيًا: التوسع في تصفح وسائل التواصل وتضييع لحظات ذلك الشهر وهي عزيزة وشريفة.





    ثالثًا: خروج المرأة إلى المسجد متعطرة أو متبرجة.
    رابعًا: إهمال البعض لأبنائهم في نومهم عن أداء صلواتهم المفروضة.
    وغير ذلك من الأخطاء التي قد تكون عند بعض الناس، فليُصحح المسار قبل ف
    وات الأوان.

    الوصية التاسعة: عند إخراج زكاة الفطر في نهاية رمضان أو في العيد، لتجتمع الأسرة جميعًا وليسمعوا درسًا عن زكاة الفطر، وليقيس الأبناء والبنات أصواعهم بأنفسهم في بيتهم وبين أهلهم ليعلموا درسًا عمليًا عن هذا الحكم الشرعي، بخلاف من يخرجها عن أبنائه وبناته ولا يعلم الأبناء والبنات شيئًا عن هذا، وهذا قد يكون خللًا في التربية.

    الوصية العاشرة: لابد من رسم الأهداف لتحقيقها في رمضان، وتختلف الأهداف من شخص لآخر، ومن أسرة لأخرى، لكن يمكن طرح نموذج لتلك الأهداف وهي كما يلي:
    الهدف الأول: الارتباط مع القرآن ولهذا الهدف وسائل عديدة، من هذه الوسائل: تحزيبه وقراءته ووضع جدولة لختمه عدة مرات خلال الشهر، ومن الوسائل أيضًا حفظ مقدار معين خلال الشهر سواءً، كان ذلك على مُقرئ أو كان داخل الأسرة، ومن الوسائل أيضًا، تحسين التلاوة للقرآن كاملًا على مقرئ بواقع جزء في كل يوم، فيكون قرأ القرآن كاملًا خلال هذا الشهر، ومن الوسائل أيضًا قراءة تفسير ما سيقرؤه الإمام في التراويح، ونحو ذلك من الوسائل.

    الهدف الثاني: تحقيق قيمة الجود والبذل والصدقة وتشجيع تلك القيمة وإحيائها، ولهذا الهدف وسائل كالحث على الصدقة وبيان فضلها والمبادرة إلى جعلها واقعً
    ا عمليًا ملموسًا في البيت وداخل الأسرة، وأيضًا من الوسائل وضع صندوق في مكان بارز من البيت ليضع فيه أهل البيت ما تجود به نفوسهم، ثم يُدفع دوريًا إلى الجهات الخيرية، وربما كانت هذه الصدقة صدقة سر يُرجى أن يكون صاحبها تحت ظل العرش، ونحو ذلك من الوسائل.

    الهدف الثالث: تعزيز الجانب الإيماني ولهذا وسائل كالمبادرة إلى الصلاة مع الأذان ولو بعض الأوقات، وإدراك الصف الأول ولو بعض الأوقات، وأيضًا كالمكث في المسجد كثيرًا ومن الوسائل أيضًا المهمة، أن تنظر إلى كتب الفضائل، فتستخرج منها قائمةً بفضائل الأعمال الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تحاول تطبيقها خلال يومك وليلتك وتُحاسب نفسك في تطبيقها وتنفيذها، وهل نجحت أم أخفقت ونحو هذا من الأهداف والوسائل، فكل يُحدد ما يراه مناسبًا له من الأهداف التي يريد تحقيقها خلال هذا الشهر، فإن التخطيط هو بمثابة الزمام للنفس يقودها إلى مصالحها، وكُن كما قال خالد بن صفوان عن الأحنف بن قيس حيث قال: كان الأحنف أعظم الناس سلطانًا على نفسه فلا بد أن تقود أنت تلك النفس حتى توردها مراتع الصلاح والهدى، وتجنبها أماكن الردى، فإن النفس مطيعة لصاحبها إذا رأت منه القوة والعزيمة، وهذا كله توفيق من الله تبارك وتعالى.

    نسأل الله عز وجل السعادة في الدارين وأن يتقبل منا سائر أعمالنا وأن يُبلغنا شهرنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.






  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    المرأة في رمضان
    خالد بن علي الجريش
    (14)


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونصلي ونسلم على خير البرية وأزكى البشرية وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،،
    أختي الكريمة، إن شهر رمضان موسم عظيم قد أطلّ عليكِ
    ونفحات رحمة ومغفرة وعتق تغمركِ، فهيئي عزمك في نوالها واكتسابها فالشهر يناديكِ فاستجيبي مستثمرةً لحظاته وساعاته، حيث إن استثماركِ هذا سيكون في ميزان الحسنات، نسأل الله تعالى القبول للجميع.
    وها هي وقفات معدودة معكِ في هذا الشهر المبارك لكِ ولغيركِ من بني جنسكِ فكوني دالةً على الخير وداعية إليه وفقكِ الله وأسعدكِ في الدنيا والآخرة.


    الوقفة الأولى: المرأة أحوج ما تكون لترتيب الأولويات في استثمار أوقاته
    ا في شهر رمضان المبارك، حيث إنها مشغولة في عمل بيتها وخدمة زوجها وأولادها ونحو ذلك، فهي بحاجة ماسة إلى ترتيب وقتها في خِضم تلك الظروف المنزلية، وإذا لم تفعل ذلك فإنها قد تخسر كثيرًا من وقتها من حيث لا تشعر.
    فيا أختي الكريمة اعملي على وضع برنامج للتوازن بين أعمال البيت وخدمته من جهة، وبين استثمار هذا الشهر من جهة أخرى، ولو استدعى ذلك تحرير هذا في ورقة تكون خطة عمل لكِ في بيتكِ، وليس هذا بكثير على هذا الشهر المبارك، وحينئذ ستعلمين كيف كان الفرق شاسعًا بين التخطيط وعدمه، واستشيري بذلك من ترينه مناسبًا لمساعدتكِ على ذلك، فالوقت شريف وعزيز.

    الوقفة الثانية: اعلمي أنك بخدمتكِ في بيتكِ على أجر عظيم، فكما أنه قيام بالواجب فهو يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) وذلك لأنهم قاموا على خدمة أصحابهم، فكيف بكِ وقد قمتِ بالخدمة وأنتِ صائمة، فلعل أجرك أعظم وأولى، ولكن احتسبي ذلك فهو أعظم لأجرك.

    الوقفة الثالثة: خلال عملكِ وخدمتكِ لزوجكِ وأولادكِ من طهي ونظافة وترتيب، تذكري دائمًا أنه يمكن أن يصحب هذا عمل اللسان من الذكر، فهو من أفضل الأعمال وأيسرها، ألم تسمعي قول النبي صلى الله عليه وسلم (والحمد لله تملأ الميزان) كرريها كثيرًا فأنتِ على خير عظيم، ألم تعلمي قول النبي صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) ما أعظمها وأعظم أجرها فسيُغرس لكِ بكل تسبيحة نخلة في الجنة، ولكِ بها عشر حسنات، أكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فلكِ بكل واحدة عشر صلوات كما رواه مسلم، وفي حديث آخر حسّنه الألباني، قال عليه الصلاة والسلام: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وكتب له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات) ألم تعلمي أن كلمة (لا إله إلا الله) أفضل الحسنات، كرريها ولا تملي من تكرارها، فهذه الأذكار وأمثالها خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، وقد تقول بعض النساء قد لا يتوافق قلبي مع لساني في الذكر، فيُقال إن توافقا كان الأجر أعظم وإن لم يتوافقا فأجركِ كامل بذكر اللسان من الحسنات العظيمة، ولكن إياكِ والسكوت، فإنه خسارة مقابل هذه الأذكار.

    الوقفة الرابعة: قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) وهذا يشمل الرجل والمرأة، لكن المرأة إذا خرجت إلى المسجد يجب عليها أن تكون متسترة وغير متعطرة، بخلاف ما يُشاهد أحيانًا من بعض نسائنا هداهن الله فتخرج إلى المسجد تبتغي ما عند الله تعالى من الأجر لكنها تخرج بحجاب غير ساتر أو بحجاب فاتن أو بعطر، فتمر قُرب الرجال ونحو ذلك، وهذا نوع من التعارض، فالأجر لا يُطلب بمعصية الله تعالى، فعليها أن تحترز من المحاذير الشرعية سواءً في لبسها أو في مشيها أو كلامها أو مُكثها في المسجد بين النساء ونحو ذلك، وعلى النساء تسوية صفوفهن وتراصّهن في الصف وسد الفُرج وعدم الأحاديث الجانبية أثناء الصلاة مما يؤذي بعض المصليات، أو اصطحاب بعض الأطفال المزعجين الذين بيوتهم خيرٌ لهم، فإذا كانت المرأة لن تخرج إلا بطفلها، فبيتها خير لها من أن تؤذي بطفلها الأخريات، من إزعاج الطفل أو بكائه أو لعبه ونحو ذلك، ولا تنزعجي من ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو في المدينة (وبيوتهن خيٌر لهن) فصلاتك في بيتك فيه خير كثير وكبير، واستثمري وجودكِ في المسجد بالعبادة ولا يكون المسجد ملتقى الأحاديث الجانبية، إلا ما دعت الحاجة إليه وكان خفيفًا.

    الوقفة الخامسة: أختي الكريمة ضعي لك برنامجًا يناسبكِ في شهر رمضان تقومين بتنفيذه، يحتوي على تحقيق أهداف عبادية وسلوكية ونحوها مع عدم إغفال التوازن بينه وبين خدمة البيت والزوج والأولاد، فإن هذا البرنامج يحدوكِ لترتيب الوقت والمحافظة عليه، فضعي قائمةً من الأعمال والأقوال الصالحة تُنفّذيها خلال يومكِ وليلتكِ وحاسبي نفسكِ في التنفيذ، ولا مانع أن تفعلي هذا بمشاركة إحداهن حتى يجتمع الرأي على أحسن حال، وعند تخطيطك لنفسكِ بخطة عمل لهذا الشهر المبارك، فلا مانع من نفع الأخريات بها وتقديمها على صورة برنامج مقترح لشهر رمضان، فالدال على الخير كفاعله، فزميلاتك وقريباتك بحاجة ماسة إلى توجيه الرأي والنصح في استثمار هذا الشهر المبارك.

    الوقفة السادسة: حاولي خلال هذا الشهر المبارك تربية هؤلاء الصغار أصلحهم الله على الأعمال الفاضلة اليسيرة حتى ينشأوا عليها ويتعلموها وتكون صدقة جارية لكِ، ويكون هذا الشهر المبارك انطلاقة لهم في هذا المشروع، فضعي لهم في كل أسبوع عملين واشرفي عليهم في التنفيذ، فهذا من الغرس الطيب تجدين بره وذُخره عند الله تعالى، وربما نشأ هؤلاء الصغار على ذلك حتى شابوا فلكِ مثل أجورهم فلا تيأسي منهم فهم يسمعون ويفهمون، ولكن رغّبيهم في طرحك وترغيبك وهديتك لهم في الأسلوب المناسب لهم وعلى مستواهم، واصبري على ذلك فإنكِ بهذا داعيةٌ إلى الله تعالى.

    الوقفة السابعة: إن المرأة لها خصائصها الشرعية والفطرية التي فطرها الله تعالى عليها فلها أحكامها التي تخصها ومن أبرز أحكامها فيما يتعلق في شهر رمضان، عدم صيامها و صلاتها حال عذرها الشرعي، ولكن لتعلمي أختي الكريمة أنكِ مأجورة بذلك، لأن الله تعالى هو الذي كتب هذا وقدّره، ويُرجى لكِ أن يُكتب لكِ ما كنتِ تعملينه لو لم يأتيك ذلك العذر، ولكن ثمة عبادات عظيمة عديدة تمارسها المرأة وهي على هذا الوصف من العذر الشرعي، فهي تترك الصوم والصلاة، واختلفوا في قراءة القرآن، فلها الذكر بأنواعه، والإحسان بأنواعه، والدعاء والصدقة والتفكر والتأمل والدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، فلو أشغلت لسانها وأكثرت من ذكر الله تعالى مكان ما كانت تصلي وتصوم وتقرأ من القرآن لكان ذلك خيرًا عظيمًا، فلعلكِ لا تغفلين عن هذا، إذن ليس الحل مع العذر الشرعي هو الخمول والكسل والنوم خلال وجود ذلك العذر، وإنما الحل هو النشاط في جانب آخر من العبادات.

    الوقفة الثامنة: المرأة والعشر الأواخر فيلاحظ من بعض النساء أنهن وفقهن الله لكل خير أنها جعلت لهذه العشر الفاضلة برنامجًا خاصًا مدروسًا فيه الاستثمار الأمثل لهذه العشر المباركة بشتى أنواع العبادة بما لا يؤثر على خدمة البيت ولا يتناقض معه، وهذا التصرف هو عين الحكمة والحنكة، فإنها ساعات معدودة وتنتهي هذه العشر، في حين أن البعض الآخر من النساء هداهن الله تدخل العشر وتخرج ولم تحرك ساكنًا، فهي كغيرها من الليالي وهذا نوع من الحرمان فليلة القدر بضع ساعات لكنها أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمتى نعقل جميعًا هذا الفضل العظيم ونقدّر له قدره فعجّلي وأجّلي ظروفكِ عن هذه العشر واعلمي أنها تاج الشهر وخُلاصته، وكم يحرص الشيطان على تضييعها، فلا يغلبنكِ الشيطان في ذلك، فالفرصة متاحة، وسيأتي وقت تُغلق هذه الفرصة، فهل استثمرناها؟.

    الوقفة التاسعة: كوني أختي الكريمة مؤثرة على غيرك التأثير الإيجابي، فما أحوج أخواتكِ إلى نصحكِ وتوجيهكِ فابذليه فإنه غرسكِ تجنينه يوم القيامة، وهذا الشهر من أفضل الفرص لذلك.

    الوقفة العاشرة: على الفتيات اللاتي لا يشهدن صلاة التراويح والقيام في المسجد أن يصلين في بيوتهن ما كتب الله لهن وليكثرن من ذلك خصوصًا في هذه العشر الفاضلة، فإنهن بذلك يتعرض لنفحات رب العالمين، ولا يشغلهن عن ذلك تسويل من الشيطان في أحاديث جانبية أو وسائل تواصل يمكن أن توجَد في وقت آخر، فالترتيب مطلب الجميع، فساعدن أيتها الأمهات بناتكن على رسم برنامج عبادي لهن في استثمار لحظات هذا الشهر.
    تقبل الله تعالى من الجميع أعمالهم وكتب أجورهم وإلى حلقة أخرى والسلام عليكم ورحمة وبركاته.





  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    بيتك في رمضان
    خالد بن علي الجريش
    (15)

    الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وصلى الله وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه والتابعين.
    إن البيت هو المستقر لهذه الأسرة وهو موضع اجتماعها ومعيشتها ومهجعها، هذا البيت هو المدرسة التربوية يتلقى فيها الأولاد عن آبائهم وأمه
    اتهم توجيهاتهم وتجاربهم، ويقوم الأولاد بالبر والتكريم لوالديهم، وشيء بهذه الخصوصية له توجيهاته الخاصة به من علم وتعلّم وأخلاق وسلوك، لاسيّما في شهر رمضان المبارك فهو دورة سنوية يقضيها أهل البيت فيما بينهم، مُفيدين ومستفيدين، وحول هذا الموضوع خلال هذا الشهر المبارك سيكون الحديث في خمس عشرة همسة، لعلها أن تكون داعمًا لأهل البيت يقوّي بعضهم بعضا.


    الهمسة الأولى: يتعين على الوالدين الكريمين استشعار الرعاية الشرعية على أولادهم، حيث جعلها الله لهم، قال عليه الصلاة والسلام: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّته) وإن كانت هذه الرعاية عامة في كل وقت فهي في أوقات المواسم تتأكد أكثر، استثمارًا لهذه الأوقات، فابذلا أيها الوالدان الكريمان جهدكما في حسن استثمار الوقت في هذا الشهر المبارك، فعززا وشجعا، وارسما البرامج لأولادكم فكل نتاج يحصلون عليه، فهو عائد لكم، إن هذه الرعاية إن حُفظت وسُددت فصاحبها مُفلح ورابح، وإن ضُيعت لا قدّر الله فإن صاحبها مسؤول عنها فليُتأمل هذا كثيرًا، حرصًا على النفس والأولاد، فماذا يُشاهدون وماذا يسمعون وهل تتابعت النصائح والتوجيهات عليهم براءةً للذمة، وهل استُديم لهم الدعاء بالصلاح والإصلاح، كل هذه ونحوها عوامل تساهم بالنجاح والفلاح.

    الهمسة الثانية: إن أهل البيت عندما يعملون في طهي الطعام وإعداده ونحو ذلك ليعلموا أنهم مأجورون في ذلك، حيث إنهم يلاقون من المشقة الشيء الكثير، فليستحضروا النية الصالحة لتعظُم أجورهم ويستشعروا أنهم بذلك يتقربون إلى الله تعالى بالقيام بواجبهم، فتذكرهم لهذا واستحضاره يُزيل عنهم شيئًا من المشقة والتعب، وإن تربية البنات على هذا المعنى له إيجابياته المستقبلية في حياتهم ال
    زوجية.

    الهمسة الثالثة: جميل جدًا إن يوجد خلال شهر رمضان في البيت حلقة يومية رمضانية ولو كانت قصيرة، يتلقى فيها أهل البيت أحكام وحِكَم الصيام والقيام وغيرهما، فما أحوجنا لمثل هذا ليكون العمل موافقًا للشرع مع ما يطرأ من مسائل يتعلمونها وآداب يتخلّقون بها، إضافةً إلى الحالة الروحانية التي يجدها أهل البيت لأنهم بذلك نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، فيا بشراهم بهذه البشائر العظيمة.

    الهمسة الرابعة: من البرامج المقترحة في هذا المجال أن يطرح خلال الشهر في كل يوم سؤال عن أحكام شهر رمضان وحِكَمه ثم تُطلب الإجابة
    من أهل البيت ويُكرم الفائزون نهاية الشهر فإنهم بهذا يتسابقون في هذا الميدان العلمي والتربوي مما يجعلهم يبحثون عن الإجابة، فهي تربية وتعليم.

    الهمسة الخامسة: ليجعل أهل البيت لهم نصيبًا من عباداتهم النوافل في بيوتهم، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم (فإن الله جاعل من صلاته في بيته خيرًا) فيكون الآباء والأمهات قدوةً للأولاد في رؤيتهم لهم وهم يصلون أو يقرؤون أو يذكرون الله أو يدعون ويبتهلون، وفي مقابل هذا ليجعل أهل البيت لهم خبايا في بيوتهم فيُغلق عليه بابه فيصلي فلا يراه إلا الله، فهذه خبيئة يرجو فاعلها برّها وذُخرها عند الله عز وجل.

    الهمسة السادسة: إن بعض البيوت قد يتحول شهر رمضان عندهم من شهر استثمار إلى شهر استهلاك، وهذه مشكلة تحتاج إلى حل عاجل، فالإسراف مذموم في كل حال، لا سيما في هذا الوقت العظيم كشهر رمضان، فالإسراف في الطعام والشراب وفي النوم والأحاديث الجانبية والترفيه وفي وسائل التواصل الإسراف بهذه كلها قواطع لأهل البيت، وتشتيت لأمرهم، فما أحوج هؤلاء إلى أن ينظروا إلى منه
    جية بعض الأسر التي ضربت أروع الأمثلة في التوازن بين هذه الحاجيات كلها، فيستلهموا الدرس والعبرة قبل أن تضيع لحظات هذا الشهر المبارك وأوقاته سُدى.

    الهمسة السابعة: من تعظيم حرمات الله تعالى، تعظيم هذا الشهر المبارك ، وأيضًا من تعظيمه ألا ندخل على أهلنا ما يُعكّر صفو لياليه وأيامه من محذوراتٍ شرعية، ومن تعظيم حُرماته أيضًا ألا يُضيّع أبناؤنا صلاة الجماعة في المساجد، لأن في هذا إضاعة للنفس بحجة السهر ليلًا والنوم نهارا، ومن تعظيم حرماته، تعظيمه في قلوبنا وقلوب أبنائنا، ومن تعظيم حرماته الاهتمام بصيامه وقيامه على الوجه الصحيح، ومن تعظيم حرماته كثرة الذكر فيه إلى غير ذلك مما هو تعظيم له، فهو شهر عظيم عند الله تعالى، فلنعظّم ما عظّم الله عز وجل.

    الهمسة الثامنة: حيث إن البيت هو المستقر لهذه الأسرة فليُحصن بالحصون المانعة من المعصية والشياطين وذلك كذكر الله تعالى عند الدخول والسلام على أهل البيت وكثرة الصلاة فيه وقراءة القرآن فيه، وإخراج الصلبان والصور والكلاب منه، وتطهيره من مزامير الشيطان وتعليم أهل البيت على آلية التعاون بينهم على البر والتقوى وتشجيعهم على صلاة النوافل وتطبيقهم للأخلاق الفاضلة الحسنة ونحو ذلك، مما يجعل أهل البيت مجتمعين على كلمةٍ سواء، مُهتدين بهدي الله تعالى، وهذا من أعظم أسباب الثبات لهم على دين الله عز وجل.

    الهمسة التاسعة: صلاة المرأة في بيتها خيرٌ لها، قال عليه الصلاة والسلام: (وبيوتهن خير لهن) قال هذا في المدينة، ولا يخفى فضلها، حيث إن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة فكيف بما هو دون ذلك، فإن أرادت المرأة الخروج إلى المسجد للصلاة فلتخرج متسترة غير متعطرة وتبتعد عن الرجال، وأما إن كانت في بيتها فلتصل ما كتب الله لها أن تصلي، وتقرأ وتكثر من ذكر الله تعالى ولتعلّم بناتها منهجًا عباديًا يكون سلوكًا لهن خلال هذا الشهر المبارك.

    الهمسة العاشرة: الأولى بأهل البيت أن يجتمعوا على طعامهم ومجالسهم ولا يتفرّقوا لما في الاجتماع من الألفة والمحبة والترابط، فإذا أكلوا أكلوا
    جميعا فإن ذلك أكثر بركة لهم من أن يكونوا متفرقين، فيتعلم بعضهم من بعض، وربما كان مجلسهم هذا مجلس ذكر وخير، يشهد لهم عند الله تبارك وتعالى.

    الهمسة الحادية عشرة: ما يتبقى من الأطعمة يجب أن يكون له آليه معروفة متفق عليها وذلك شكر لله تعالى على نِعمه، وتقدير للنعمة حق قدرها فيؤسفنا كثيرًا ما يصدر من بعض العوائل والأسر بحيث يجمعون الأطعمة مع غيرها في نفايات واحدة، وهؤلاء يُخشى عليهم من العقوبة والحرمان، ولكن يُقترح في هذا ما يلي:
    وضع ما تبقى من الأطعمة في صحون بلاستيكية، وإعطائه للمحتاجين، فهم بانتظاره، وإن كان غير صالح للاستهلاك الآدمي، فيوضع في مكان ترده البهائم كالبر
    اري والصحاري، أو أن يُدفع لأصحاب الماشية والدواجن ونحو ذلك، مما يجعلنا نحمل شعار (الحفاظ على النعمة شكر لها).

    الهمسة الثانية عشرة: اجعل لأهل البيت منهجية مقترحة في الأعمال الصالحة واجعلهم يختارون منها ما يناسبهم من أقوال وأفعال واجعلهم شركاء في إعداد البرنامج تحت إشراف الوالدين الكريمين تحفيزًا لهم وتشجيعا، وهؤلاء الأولاد في الحقيقة هم المكسب الحقيقي.

    الهمسة الثالثة عشرة: يمكن للأسرة أن تجود في هذا الشهر المبارك وتبذل على الفقراء والمحتاجين ليكون وقايةً لها من عذاب الله ورِفعةً في درجاتها، ويُقترح لذلك وضع صندوق مصغّر في مكان بارز في البيت يتصدق فيه أهل البيت بالقليل والكثير، ويُدفع للفقراء بشكل دوري، وفي هذا إحياء لقيمة الجود والبذل، وهي صدقة سر
    صاحبها تحت ظل العرش بإذن الله تعالى.

    الهمسة الرابعة عشرة: نظرًا لكثرة القراءة للقرآن في هذا الشهر المبارك فيسهل ويحسُن أن يقرأ أهل البيت سورة البقرة يوميًا في بيتهم، فقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (اقرؤوا سورة البقرة فإن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان) رواه مسلم.

    الهمسة الخامسة عشرة: استودع بيتك عند خروجك، فإن الله إذا استودع شيئًا حفظه.
    أيها الإخوة الكرام إن حرص أهل البيت على استثمار لحظات هذا الشهر هو النقطة الأساسية بعد توفيق الله تعالى لهم، فشجعوا وحفّزوا وابذلوا وقتكم وجهدكم لتخرجوا في نهاية شهركم بنتائج مفرحه تقر بها العين وتست
    ريح لها النفس.

    وفقنا الله تعالى لكل خير وإلى حلقة أخرى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.







  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا



    من الأخطاء الشائعة في رمضان
    خالد بن علي الجريش
    (16)


    الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،،
    إن تحقيق القيام بأمر الله تعالى في الصيام والقيام أمر متعيّن، ويكون كمال هذا التحقيق بشرطين مهمين وهما: الإخلاص لله تعالى في الأعمال، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق العمل وتنفيذه وهذان الشرطان هما لكل عبادة، ومنها صيام رمضان وقيامه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري


    فكان لزامًا على المسلم أن يتعرف على ما تكمل به عبادته و تكون خالية من الاخطاء وسأسوق في هذه الحلقة ان شاء الله تعالى عشرين ملحوظة في شهر الصيام قد جُمعت من الواقع العملي لبعض الصائمين، والمقصود منها التنبيه والتصحيح ولتكون وقاية لمن لم يقع فيها ألا يقع فيها.

    الملاحظة الأولى: عدم القراءة عن أحكام الصيام ومسائله ومعرفتها قبل دخول الشهر المبارك فاقرأ حتى يكون العمل عن علم ودليل وكل بحسبه من القراءة والاطلاع فهناك كتب مطوّلة وهناك كتيّبات مختصرة ومطويات كُتبت بعناية، يحسن بالمسلم الاطلاع عليها وتثقيف نفسه ومن حوله بها فهي علم يُطلب، وكم هو جميل أن تعقد الأسرة حلقة ذكر في البيت لمدارسة أحكام الصيام وتعريف الأولاد بها.

    الملاحظة الثانية: تعجيل السحور وتأخير الإفطار، وهذا لا شك أنه خلاف السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخّروا السحور) وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الناس قد يؤخر وجبة العشاء فيكتفي بها عن تناول وجبة للسحور، ولا جناح عليه، لكن لو تناول شيئًا خفيفًا ولو تمرات قُبيل الفجر، لكان قد أتى بالسنة.

    الملاحظة الثالثة: بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن لا يصوم عن لحوم البشر، فخلال صيامه قد يتحدث ويجره الحديث إلى غيبة فلان وفلان وإلى قول الزور والنميمة والكذب والسب والشتم ونحو ذلك من آفات اللسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري.
    وليس هذا مبيحًا له في الطعام والشراب، ولكن وعيد على هذا المتحدث فينبغي الكفّ عن ذلك ورد كلام المغتاب أو مفارقة هذا المجلس حتى يسلم لك صيامك.

    الملاحظة الرابعة: تضييع الساعات في السهر السلبي ليلاً، أو كثرة النوم بالنهار، فإن المسلم مطالب بالمحافظة على لحظات هذا الشهر وساعاته، فهي كنوز عظيمة، فخذ راحتك الكافية في نومك ولكن لا يكُن على حساب كسبك للحسنات والأجور فكن مرتبًا لنومك ويقضتك، واعلم أنك إن بقيت في ليلك إلى الثلث الآخر فاقدر لهذه الساعة قدرها وادعُ واستغفر فهي ساعة إجابة ووقت نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وعظمته.

    الملاحظة الخامسة: قلة وضعف الاستبشار بقدوم شهر رمض
    ان وبلوغه، فبلوغه نعمة عظيمة، فالاستبشار والفرح بذلك يدفع النفس معنويًا وحسيًا إلى استثمار هذا الشهر المبارك ووضع البرامج العملية لهذه الاستثمار.

    الملاحظة السادسة: بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن جوارحه قد تنطلق في مشتهياتها، فالعين تنظر ما حرّم الله، والأذن تسمع ما حرم الله، وقد تمشي القدم إلى ما حرم الله، ونحو ذلك، فعلى المسلم أن تصوم جوارحه عن الحرام كل وقت، وفي شهر رمضان يتأكد ذلك، فإن للصيام تأثيرًا على الجوارح إذا كان حقيقيًا، أما الصيام الصوري قد لا تتأثر به الجوارح تأثيرًا واضحا واعلم أن هذه الجوارح مسؤولة عما فعلت فأقلل أو أكثر، واعلم أن التوبة تجُب ما قبلها من الإثم وتُزيله، فابدأ مشروعك في التوبة مع هذا الشهر المبارك تُفلح في الدنيا والآخرة.

    الملاحظة السابعة: يُلاحظ على بعض أحبابنا حرصهم على صلاة التراويح، لكنهم ينصرفون منها قبل انتهائها، وهؤلاء أدركوا خيرًا لكن
    فاتهم خيرٌ كثير وكبير، وهو كتابة قيام الليل لهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) رواه البخاري.
    فهؤلاء ربما انصرفوا قبل نهايتها بقليل فليُنتبه لذلك ولا ننصرف إلا بعد نهاية الصلاة.

    الملاحظة الثامنة: من الأخطاء التلفّظ بالنية كقوله: (نويت أن أصوم هذا اليوم) ونحو ذلك، فإن النية مكانها القلب وليس اللسان، فالتلفّظ بها باللسان لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا السلف ولم يؤثر عن أحد من أهل العلم أنه تلفّظ بالنية للأعمال، بل إن علمك أنك ستفعل هذا الشيء هو النية من دون تلفّظ بها.

    الملاحظة التاسعة: عدم الاستشعار لفضائل هذا الشهر المبارك في الأقوال والأفعال، فإن استمرار هذا الاستشعار يدفع المسلم إلى المحافظة والازدياد من العمل الصالح، فهو دائمًا يتذكر ذلك فيدفعه إلى الرغبة فيه، فلا يُفرّط فيه فهو رصيده لآخرته وهو موسمه الكبير.

    الملاحظة العاشرة: قد يدخل شهر رمضان ويخرج وقد لا يتغير شيء من السلبيات القولية أو الفعلية لدى بعض الناس، فهذا خطأ كبير، فشهر رمضان فرصة عظيمة للتغيير الإيجابي، فلاحظ ما عندك من سلبيات وحاول تركها وهذا من أرباحك في هذا الشهر المبارك، فقد تهيأت لك الأسباب وصُفّدت الشياطين، واقتربت أنت من رب العالمين، ودعاؤك أكثر من ذي قبل وغير ذلك من الأسباب فناقش هذا مع نفسك.

    الملاحظة الحادية عشرة: التساهل في سؤال أهل العلم عما أشكل في مسائل الصيام والقيام، فقد يقع في الخطأ ويتساهل عن السؤال ثم تتراكم عليه الأخطاء فعب
    ادة الصيام ركن من أركان الإسلام يعتريها مسائل وأحكام فلا تضعُف عزيمتك عن معرفتها فإنك بذلك تطلب العلم وتُزيل الجهل عن نفسك وعن غيرك، وكم هو جميل أن تحمل في جيبك دفترًا صغيرًا تكتب فيه ما يرِد عليك من الإشكالات الشرعية، سواءً سمعتها في الإذاعة أو الخطبة أو المحاضرة أو بمناقشة مع أهلك وزملائك، فسجل هذه الإشكالات في هذا الدفتر الصغير واسأل عنها أهل العلم فستحصل على خير عظيم وهي طريقة مجربة وناجحة ومفيدة.

    الملاحظة الثانية عشرة: بعض الناس اعتاد أن يدفع زكاته في رمضان فيدفعها إلى شخص أو أشخاص معينين كل سنة، وربما أن أحوال هؤلاء تغيرت وتحسنت ، ولكن لا يزال يدفعها إليهم، فلينتبه هذا وأمثاله أنها لا تُجزئ إذا وقعت في غير مكانها الصحيح.

    الملاحظة الثالثة عشرة: قلة قراءة القرآن عند بعض الناس مع الترغيب فيه في النصوص النبوية في حين أنهم مع وسائل التواصل جعلوا لها نصيبا أوفر وهذا نقص في ضبط الموازين، فالعاقل الحكيم يستثمر الفُرص ولا يضيّعها وليعط كلًا حقه من الأهمية، فلا يطغى جانبٌ على جانب ولنا أسوة بالجادّين في السابق واللاحق، فنجد أحدهم في وقتنا الحاضر يختم القرآن في رمضان كل يوم مرة، فاضبط منهجيتك مع القرآن، فالحرف بعشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء.

    الملاحظة الرابعة عشرة: بعض الناس إذا أكل أو شرِب ناسيًا استمر في ذلك ظانًا أنه قد فسد صومه، وليس الأمر كذلك، فإن الناسي إذا تذكر أو ذُكّر وقف عن أكله وشربه وصومه صحيح.

    الملاحظة الخامسة عشرة: مزاحمة النساء للرجال في الخروج من صلاة التراويح أو القيام، فينبغي أن يكون لكل منهم طريقٌ محدد ومعين وعندما يحرص القائمون على المسجد في ترتيب ذلك مع بذل الجهد فسيوفقون لحل ناجح في هذا المجال.

    الملاحظة السادسة عشر: التبرج من بعض النساء عند خروجها لصلاة التراويح والقيام وهذا تناقض أن تذهب إلى عبادة وهي متلبسة بمعصية فعليها بالتخلية قبل التحلية فاجتنبي يا أختي المباركة يا رعاك الله ذلك التبرج والتعطّر ليضاعف لك الأجر بإذن الله تعالى.

    الملاحظة السابعة عشرة: إفطار بعض المدخنين على هذه السجائر وربما إمساكهم في السحر كان معتادًا، فعياذًا بالله تعالى من هذا الصنيع أن يمسك أو يُفطر على معصية فمتى يفيق هؤلاء.
    فيا أخي المبارك إن شهر رمضان فرصة عظيمة للإقلاع، فاستعن بالله تعالى ثم باللجان المنتشرة ليساعدوك على ذلك فيسلم لك دينك ومالك وخلقك وخُلقك و
    أخراك وصحتك، فهي أيام قلائل وتكون بإذن الله تعالى وتوفيقه ورحمته من قائمة المعافين من هذا الشر الخطير.

    الملاحظة الثامنة عشرة: الإسراف في المأكول والمشروب وتنويعه وتشكيله أكثر من اللازم، فهناك كِباد جائعة، فكُل واشرب من غير سرف ولا مخيلة، ويا ليته إذا بقي شيء من هذه المأكولات أن يُستفاد منه بأي طريقة كانت، وجميل وضعه في حاويات بلاستيكية والتصدق به على الفقراء فهم بانتظارك.

    الملاحظة التاسعة عشرة: اصطحاب الأطفال الصغار لصلاة التراويح وإشغال المصلين بهم، فأطفال هؤلاء بيوتهم خيرٌ لهم.

    الملاحظة العشرون: النوم عن بعض الصلوات وجمعها من غير عذر، وهذا خطر عظيم جدًا، قال الله تعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) فهل لهؤلاء طاقة بعذاب الله تعالى؟ وهل يهنئون بنومهم وهم يقرؤون ويسمعون مثل هذا؟ نعوذ بالله تعالى من ذلك.

    هذه عشرون من الأخطاء على الصائمين اجتنابها والحذر منها والتحذير منها وانظر في نفسك وأولادك فاتّقوها.

    أسال الله تعالى لنا التوفيق والسداد والهدى والرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.







  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    ليلة القدر خير من ألف شهر
    خالد بن علي الجريش
    (17)


    اللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،
    إن الزمان يتفاضل بعضه على بعض، كما تتفاضل البقاع والأعمال والأشخاص بعضهم على بعض فهاهي ليلة القدر هي عدد محدود من الساعات كغيرها من حيث الزمن لكن سعة فضل الله ورحمته على عباده جعلها تُساوي عشرات السنين فاللهم لك الحمد كثيرًا ولك الشكر كثيرًا كما تُنعم كثيرًا، فيا إخوتي الكرام، هل لكم في مناسبة تستدركون فيها ما فات من أعماركم؟ هل لكم في ساعات تُضاعف الأعمال فيها أضعافًا كثيرة؟ هل لكم في ليلة إن وافقتموها أخرجتكم من ذنوبكم؟ هل لكم في ليلة هي أفضل من عشرات السنين؟ إنها ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فهو المحروم ولنا مع هذه الليلة الكريمة وقفاتٌ عدة:

    الوقفة الأولى: هذه الليلة هي خاصة بهذه الأمة، فضلًا من الله تعالى ورحمة حيث كانت أعمارهم أقصر من أعمار الأمم السابقة، فتفضّل الله تعالى عليهم بما يلحقون به من سبقهم من الأمم، فاستثمر أخي الكريم هذا الفضل الرباني أشد ما تستطيعه من الاستثمار فهي ليست وقتًا طويلا، هي ليلة من ليالي معدودات وتنتهي، فاجتهد في موافقتها واحرص عليها من خلال تهيئة الأسباب المعينة والتخلي عن الظروف الثانوية فستوفق بإذن الله تعالى.

    الوقفة الثانية: من بركة هذه الليلة أن الملائكة تعمُر الأرضَ فيها وتغمُرها فيتوافد سكان السماء على سكان الأرض من المؤمنين، فتنزل الملائكة وينزل جبريل، يهبطون من السماوات إلى الأرض ويؤمّنون على دعاء المسلمين، قال الله تعالى (تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) فهل هذا الحدث سيُغير فيك إلى همة عالية للتفاعل في تحصيل هذه المكاسب العظيمة؟.

    الوقفة الثالثة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليُخبر الناس بليلة القدر فتلاحى رجلان وتشاحنا، فرُفع العلم بها، فلم يُخبرهم، وفي هذا من قُبح المشاحنة ومضرّتها وسوئها ما الله به عليم، ولكن إخفاءها لعله خير من جانب آخر، حتى يجتهد الناس في جميع تلك الليالي، فيحصلون عليها وعلى غيرها، فمن اجتهد ليالي العشر كلها، فإنه قطعًا سيُوفق إليها بإذن الله تعالى، وما أيسر ذلك على من وفّقه الله إليه.

    الوقفة الرابعة: إن إحياء هذه الليلة إيمانًا واحتسابًا هو سبب لمغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم
    إن مغفرة ما سلف من ذنوبك هو مقابل ساعات معدودة خلال هذه الليالي المحدودة، إن هذا لهو الفضل العظيم والربح المبين، مع ما يُكتب لك من أجور مقابل أعمالك في إحياء هذه الليلة فأنت بين كسب الحسنات وتكفير السيئات.

    الوقفة الخامسة: المقصود من إحياء تلك الليلة هو استثمارها بالطاعات فاجعل لك برنامجًا إيمانيا في تلك الليالي كلها، وحتى لا تمل، اجعله منوعًا فالصلاة والدعاء والقرآن وسائر الذكر والتدبر والصدقة وتعظيم الشعائر وغير ذلك كلها عبادات جليلة عظيمة، فكن في كل ليلة متنقلًا بين تلك العبادات، مُغلبًا جانب الصلاة، لأنها تشمل كثيرًا مما ذُكر، فانتبه لهذا وفقك الله.

    الوقفة السادسة: إن من القواطع في تلك الليلة، الأحاديث الجانبية الكثيرة والاطلاع على وسائل التواصل كثيرًا، خصوصًا للمعتكف، فإنها وأمثالها تسرق الوقت من حيث لا يشعر صاحبه فالحريص الجاد يُقلل كثيرًا في تلك الليالي من هذه القواطع والموانع للوقت فإنه ثمين جدًا.

    الوقفة السابعة: معنى كلمة (إيمانًا واحتسابا) في الحديث في السابق، أن يجعل عمله موافقًا للسنة وخالصًا لله تعالى، فهما شرطان عظيمان في كل عبادة، فالمرائي والمبتدع ليس لهم حظ مما ذُكر وفي الحديث القدسي، ورد (تركته وشركه) وفي حديث آخر (وهو للذي أشرك) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود على صاحبه، فاحرص على الإخلاص في عباداتك واجعلها موافقةً للسنة.

    الوقفة الثامنة: أخي الكريم إن الطاعة قد يصحبها نوع من المشقة والتعب وهذا حاصل، لكني ألفت نظرك إلى أن المشقة للطاعة تزول في نهايتها ويبقى أجرها وثوابها، وكذلك فكر في المكاسب قبل أن تُفكر في المتاعب، علمًا أن ما تجده من متاعب وقواطع وموانع إنما هي ابتلاءات لك، فاعقد العزم على الصبر والعمل، فإن الله تعالى كتب لك حينها الأجر العظيم والثواب الجزيل، فلا تُفرط فيه مقابل حاجيّات يُمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها.

    الوقفة التاسعة: استشعر عظمة تلك الليالي وفكر في فضلها، وهل ستُدركها مرة أخرى؟، فإن هذا وأمثاله يدفعك إلى المسارعة إلى استثمارها والعمل الدؤوب فيها، خصوصًا إذا علمت أنها ليالي معدودات محدودات.

    الوقفة العاشرة: سُميت هذه الليلة ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها، أو لأن الله يُقدّر فيها ما يكون خلال السنة وهذا يُسمى التقدير السنوي، قال ابن كثير رحمه الله على قوله تعالى )فيها يُفرق كل أمر حكيم) قال: أي في ليلة القدر يُنزل الله من اللوح المحفوظ إلى الملائكة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق والمقادير الأخرى.

    الوقفة الحادية عشرة: الأرجح في ليلة القدر أنها متنقلة بين ليالِ العشر وليست ليلةً محددة، لكن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وقد وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إحدى وعشرين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها في العشر الأواخر ) وهي في أوتارها آكد .

    الوقفة الثانية عشرة: اقرأ عن ليلة القدر قبل دخول العشر لتحصل على دافع ذاتي بإذن الله تعالى لاستثمارها ومعرفة فضلها، ولتجمع بين العلم والعمل.

    الوقفة الثالثة عشرة: عليك بالإكثار من الدعاء في تلك الليلة، فهي من أوقات الإجابة ولا تمل ولا تسأم وكرر ولكن عليك بالجوامع من الأدعية، فإن كل التفاصيل داخلة في جوامع الأدعية، ومن الجوامع قولك: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وأيضًا سؤال الله تعالى الجنة وطلب النجاة من النار، ونحو ذلك من الجوامع، فاحفظ شيئًا منها وكرره مرارًا وتكرارا.

    الوقفة الرابعة عشرة: لا تنس في صلاتك وقراءتك أن تسأل الله تعالى عند آية الوعد وتستعيذ عند آية الوعيد، فإن هذا من مظان الإجابة، فإنك ستقرأ كثيرًا وتسمع من إمامك كثيرًا، فاسأل الله تعالى واستعذ ولا تغفل.

    الوقفة الخامسة عشرة: تأمّل كثيرًا ما حجم الأرباح لو أدركت تلك الليلة مجتهدًا فيها، وتأمّل أيضًا حجم الخسارة لو فاتت عليك تلك الليلة، فقارن بين من أدركها ومن أهملها، فستجد الفرق كبيرًا والبون شاسعا في الربح والخسارة، لكن الذين أدركوها زالت أتعابهم وحصّلوا الخير العظيم بخلاف من أهملوها فقد فات عليهم فرصةٌ أخروية عظيمة فأحسن الله عزاءهم وجبر مصابهم، وهنيئًا لمن أدركها وتقبل الله منهم.

    الوقفة السادسة عشرة: يعجُم لسانك ويحتار عقلك عندما تفكر في ثوابها فألف شهر مقابل سويعاتٍ معدودةٍ تقضيها في عبادة الله مع ما يحصل لك من السكينة والطمأنينة والانشراح، فهل يُفرط في هذا إلا محروم.

    الوقفة السابعة عشرة: عندما تتحدث لغة الأرقام، فنقول في عملية حسابية سريعة إن مجموع ليالِ العشر هو ما يُقارب في الساعات تسعين ساعة وأما مجموع ألف شهر من الساعات فهو ما يزيد على 720,000 ساعة، فقارن بين هذا وهذا، قارن بين العمل والجزاء، ذلك أن فضل الله تعالى عظيم وجزيل، وهل يُفرط هذا في هذا إلا محروم.

    الوقفة الثامنة عشرة: اجعل شعارك في هذه العشر المباركات (الصبر وحُسن الاستثمار) فإن الصبر على كُلفته ومرارته إلا أن عاقبته أحلى من العسل، فما نجح قوم بعد توفيق الله تعالى إلا بالصبر والتحمل ، فإن كل إنجاز إنما خلفه صبر وعزيمة فاصبر واستثمر، وهي أيام تُعد بأصابع اليدين.

    الوقفة التاسعة عشرة: علينا أن نوصي أولادنا صغارًا وكبارًا على القيام مع الإمام حتى ينصرف طوال العشر، لعلهم يوافقون تلك الليلة، فمن قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليلة، فإنهم قد لا يُدركون أجر وثواب القيام ولا يصبرون عليه، فما أقل أن نجعل من برنامجهم في العشر الصلاة مع الإمام حتى ينصرف.

    الوقفة العشرون: قد يتساهل البعض في ليالِ الأشفاع، بحجة أن ليلة القدر في الأوتار وهذا يجب أن لا يكون، لأنها تكون في الأوتار باعتبار ما مضى لكنها، قد تكون في الأشفاع باعتبار ما بقي، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لتاسعة تبقى لسابعة تبقى) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك في ليالي الأشفاع وتكون ليلة اثنتين وعشرين هي تاسعة تبقى، وهكذا كما يقوله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فعلينا جميعًا الاجتهاد في هذه العشر كلها لعلنا نُصيب تلك الليلة المباركة وليقوّي كل منا عزيمة الآخر على الجد والاجتهاد، وإياك أن يتسلل إليك الشيطان بالكسل والتسويف والتباطؤ فإن الكسل يجر بعضه بعضا، فاحذر هذا التكاسل والتسويف واترك مصاحبة اللاهين والغافلين، نسأل الله أن يجعلنا من الموفقين لها ولغيرها من الصالحات، وإلى حلقة أخرى وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وأصحابه أجمعين.





  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    نصائح للأخت المسلمة لاغتنام شهر رمضان
    إسلام محمود دربالة
    (18)


    شهر رمضان موسمٌ للطاعات عظيم، عظيمٌ في قدره، عظيمٌ في أجره، عظيمٌ في هباته، عظيمٌ في أيامه، عظيمٌ في لياليه.
    ينبغي للعاقل أن يغتنم أيامه ويجتهد في لياليه لتحصيل الرصيد الأعلى من الحسنات، وجمع القدر الأكبر من الطاعات.




    فرض الله عز وجل صيام نهاره وسن النبي صلى الله عليه وسلم قيام ليله فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر.
    فيه نزل القرآن، وكانت الانتصارات، والفتوحات والبطولات.
    فهو شهرٌ لا ككل الشهور، فينبغي التنبه لعظمته وقدره، وينبغي اغتنام أوقاته.
    فلربما عُتِقَتْ رَقَبَتِكْ أخي المسلمة في هذا الشهر الفضيل ولربما غ
    فر لك ما قدمت من الذنوب في هذا الموسم العظيم.



    فالوقت هو رأس مال الإنسان، قال الحسن: يا بن آدم إنما أنت أيام مجموعة ، كلما مضى يوم مضى بعضك.
    وقال: ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك النهار إلى الليل ، والليل إلى النهار، وحتى يسلمانك إلى الآخرة .
    وقال الحسن: لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الأجال .
    وكتب الأوزاعي إلى أخ له: أما بعد، فقد أحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والمقام بين يديه .



    وإليكِ أختي المسلمة جملةً من النصائح والتوجيهات لاغتنام هذا الشهر الفضيل واستثمار أوقاتك على الوجه الأمثل حتى تخرجي منه فتكوني من الفائزين:
    1- استحضار النية في الصيام والقيام وتصحيح القصد. «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
    2- تذكر الأجر العظيم من الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
    ومسلم.
    3- تدارس فضائل الشهر الكريم وفضائل الصيام وفوائده. «إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد» رواه البخاري ومسلم.




    4- تنويع العبادات في أثناء الشهر الكريم: صيام، قيام، قراءة قرآن، إطعام الطعام، إنفاق صدقات، ومع تنوع العبادات يتجدد النشاط.
    5- عد الأيام التي تمضي من هذا الشهر الكريم، فإن ذلك يشعرك بالرغبة بمزيد من الاجتهاد، والتشمير للطاعات.
    6- تذكر طول الوقت الذي سيمر حتى يأتي هذا الشهر مرةً أخرى، فستمر أشهر طويلة مديدة حتى يأتي الشهر مرةً أخرى، هذا التفكر يبعث على ازدياد الن
    شاط ومضاعفة العبادة وترك الكسل.
    7- تفريغ الأوقات للعبادة قدر المستطاع، وذلك بالتنسيق بين الرجل وزوجته، ولا شك أن من يعين زوجته على الخير يكن له نصيبٌ من ذلك.



    8- التقليل من المأكولات من أسباب حفظ الصحة، ومن أسباب خفة الجسم ونشاط الروح، ولنتذكر أن الزاد الحقيقي النافع هو التقوى.
    9- الإكثار من الأعمال الخيرية ولا سيما إطعام الطعام، في المساجد، وبين ذوي الحاجات.
    10- الموازنة بين أوقات الولائم الرمضانية، وأوقات العبادة فتفطير الصائم وإطعام الطعام أمر مطلوب، وكذلك العبادات الأخرى من ذكر لله وقراءة للقرآن، والدعاء لله، والقيام بالليل كل ذلك ينبغي أن يكون له وقته ونصيبه.
    11- الحرص على ساعات النزول الإلاهي للسماء الدنيا فإنها
    أوقات مباركة .
    12- تفويض بعض المهام إلى الأبناء أو من يمكنهم المساعدة في الأعمال المنزلية.
    13- البعد عن الملهيات ومجالس السمر الطويلة الوقت والقليلة النفع.

    وختامًا فهذا موسم من أعظم مواسم الطاعات ففي ذلك فلينافس المتنافسون: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].








  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    رمضان في حياة الأطفال والمراهقين والمراهقات
    د. خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع
    (19)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
    فلا يخفى أن رمضان مدرسة إسلاميةٌ إيمانية تربويةٌ أخلاقية اجتماعية عالمية ، ينهل منها كل واردٍ بحسب ما يكون عنده من الهمة والنشاط والإقبال .

    وقد تخرَّج في هذه المدرسة أجيالٌ وأجيال ، حيث إنه تهيئ الف
    رصة ( للجادين ) لينتقلوا بأنفسهم من الخطأ إلى الصواب ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الفشل إلى النجاح ، ومن الهزيمة إلى الفوز ، ومن كل نقص إلى كل كمال ، ليس في مجال واحدٍ فحسب ، ولكن في مجالات عديدة دينية واجتماعية واقتصادية وجهادية وغير ذلك .

    وحسبك من هذه المدرسة ذلك الانتصار على دعوات (النفس الأمَّارة بالسوء) حيث استطاع المسلم بصيامه لربه أن تنتصر إرادته انتصاراً يجد لذته ويحس بنشوته في مغرب كل يوم : " للصائم فرحتان : فرحةٌ عند فطرة وفرحةٌ عند لقاء ربه " .

    إنها مدرسة ترتقي بالناس إلى كل فاضل ، كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : يخاطب الله تعالى عباده المؤمنين من هذه الأمة ، آمراً لهم بالصيام ، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة .

    وهذه المدرسة تشرع أبوابها للتسجيل في كل عام مرة ، ولمدة شهر كامل ، وهذه الفرصة قد لا تتهيأ لكل أحد في مرةٍ قادمة ، ولذلك وجب استثمارها والاستفادة منها .

    وفي جانب مهم من جوانب التربية الرمضانية يجدر أن نتوقف عند أحوال الأطفال والمراهقين والمراهقات ، وكيفية تعاملهم مع شهر رمضان ، ومما يؤكد أهمية هذا التوقف والتأمل والمراجعة أنَّ هؤلاء الأطفال والمراهقين من الجنسين سيكونون في مستقبل الأيام هم عماد المجتمع ، من رجال أو نساء . وبحسب ما تكون عليه تربيتهم اليوم يكونون غداً .

    وموضوع كهذا ذو شجونٍ وله أبعاده الواسعة ، لكني أتلبَّث عند مسألتين مهمتين على سبيل الإجمال والاختصار :

    الأولى : كيف ينظر أطفالنا إلى رمضان ؟!
    الواقع أن الأطفال يتفاوتون في نظرتهم لرمضان وما يحمله من معان بحسب ما ينالونه من ( التعبئة ) قبل رمضان وأثناءه وما كان عوده عليه أه
    لوهم .

    فثمةَ من الأطفال من يعتبر رمضان موسم ( تسمين ) واكتناز ( خبرات ) في أنواع المأكولات ، وخاصةً إذا شاهد أن جلب المواد الغذائية إلى البيت في رمضان يفوق أي شهر آخر في أنواعها وكمياتها .

    وبات رمضان عند أطفال آخرين ذا مدلول مرتبط بما يعر
    ض عبر الشاشة من أفلام الأطفال ( المدبلجة ) أو بأفلام ومسلسلات مخصوصة برمضان برغم ما فيها من تبرج النساء ومشاهد الفسق والمجون .

    وعند آخرين أنه تحول في مواعيد النوم ، ليكون الليل نهاراً والنهار ليلاً ، تبعاً لما يعيشه أهل البيت ، وفي خضم ما يشهده المجتمع من تغيير أوقات العمل والدراسة وغيرها .
    وثمة أطفال ينظرون لرمضان على أنه فرصةٌ لتدريب النفس على المشاق واختبار مدى صبرها،ليثبتوا في نهاية كل يوم أنهم يدرجون في مراقي الفتوة والقوة ، ليصبحوا في مصافّ الرجال الذين يُعتمد عليهم ، وليقرروا أنهم على استعداد لحمل أمانة التكاليف الشرعية بكل قوة . وقد نال هذا الصنف حظه وافراً من صلاة التر
    اويح ومن قراءة القرآن وإتمامه مرةً وأكثر.
    والفرق بين هؤلاء وأولئك:هو ما قام في نفوس ذويهم من هم التربية والتوجيه،أو التساهل بذلك.

    وهذا الذي كان سلفنا الصالح يدركونه وكانوا تعظم عنايتهم به في تربية أطفالهم ، ألا وهو التوجيه العملي والتدريب المتدرج ، وهذا ما أخبرت عنه الرُّبَيِّعُ بنت معوِّذ رضي الله عنها من أنَّ الصحابة كانوا يصومون ـ تعني عاشوراء ـ ويُصَوِّمون صبيانهم الصغار ، وأنهم كانوا يجعلون للأطفال اللعبة من العِهْن ( الصوف ) فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياه عند الإفطار . رواه البخاري ومسلم .

    وكم نحن بحاجة إلى الالتفات للجوانب الوجدانية والتربوية نحو الصغار حتى يسلكوا مسالك العز والفضيلة .

    المسألة الثانية : غلطة الأمهات قبل البنات !!
    في كل عام يتكرر سؤال شرعي يوجه إلى أصحاب الفضيلة العلماء وهذه فحواه :
    تقول السائلة : إني عندما كنت صغيرة وبلغت سن التكليف وأتتني الدورة في رمضان تظاهرت بالصيام حتى في تلك الأيام ، كما كنت متعودة في رمضان ، ولم أقضِ ما أفطرته من أيام ، وتوالت السنين حتى بلغت الثلاثين أو الأربعين ولم
    أقض ، فماذا يجب علي ؟.

    إن هذا السؤال وأمثاله ليدل على التباعد الحاصل بين الفتيات وبين أمهاتهن ، حيث تتردد الفتاة في مصارحة أمها في كثير من الأمور التي تعرض لها حياءً وخجلاً ، ولهذا فإنَّ الفتيات وخصوصاً في فترة المراهقة ربما صرَّحن بأسرارهن ومكنونات أنفسهن إلى صديقاتهن المراهقات مثلهن ، ممن يفتقدن الحكمة والتجربة ، ولهذا ربما جاء تلك الاستشارة بالكوارث .

    إن المطلوب من الأمِّ أن تكون بمنزلة الصديقة لبنتها : تحادثها وتلاطفها وتروِّح عنها ، لتكون قريبةً من نفسها وخاصة في مرحلة المراهقة .
    ومن تأمل في النصوص الشرعية فإنه يدرك أن الأنثى قد جُبِلَت على رِقَّة المشاعر ورَهَف العواطف ، ولهذا فقد كان جاءت الشريعة حاضَّةً على أن يكون التعامل مع المرأة في عدد من القضايا ملاحَظاً فيه هذه الجِبِلَّة التي جُبِلَ عليها بنات آدم .

    وعندما يجاوز الناس هذا الاعتبار فإنه يصيبهم من الشطط والخطل بقدر مجاوزتهم لهذا الاعتبار الجليل . وهم اليوم على طرفي نقيض : فهناك الأنماط الأسرية التي تجعل للفتاة كامل الحرية في الذهاب والإياب والغيبة عن البيت متى شاءت ، وأين شاءت (!!) وهناك ما هو على النقيض وهو التشديد الشديد على الفتاة في حديثها ولبسها وتحركاتها ، بما يكون معه حرمانها مما أحل الله وأباحه ، فينشأ حينئذ هاجس البحث عن ملاذٍ آخر ومأوى بديل !!

    والصواب ما بين ذلك ، وهو ما جاء به الهدي النبوي الكريم ، وخاصة في تعامله عليه الصلاة والسلام مع بناته .

    روى أبو داود والترمذي عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت : ما رأيت أحداً كان أشبه سَـمْتاً وهدياً ودَلاً ، وحديثاً وكلاماً برسول الله  من فاطمة رضي الله عنها ، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذها بيدها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها " .

    إن هذا التعامل الراقي الذي يفيض رحمة ويتوهج عطفاً لتحتاج إليه الفتيات اليوم أكثر من أي يوم مضى ، ليشعرن بقرب أهليهن منهن وحرصهن عليهن ، فبذلك يسلمن من مسالك الخطأ ويتدرج في معارج الفضل والكرم والنُّبل .

    وفق الله الجميع لما فيه الخير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .





  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


    رمضان شهر البر
    يحيى بن موسى الزهراني
    (20)


    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي عم برحمته جميع العباد ، وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد ، ووفقهم بلطفه لبلوغ شهر رمضان ، ففازوا ببلوغ المراد ، أحمد حمد معترف بجزيل الإرفاد ، وأعوذ به من وبيل الطرد والإبعاد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة ادخرها ليوم المعاد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أبان طريق الهدى والسداد ، وقمع أهل الزيغ والفساد ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأجواد ، صلاة وسلاماً نبلغ

    بها الأمل والمراد ، أما بعد ، فيا أيها المسلمون ، اتقوا الله فإن تقواه أفضل زاد ، وأحسن عاقبة في معاد : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .
    أيها المسلمون الصائمون : ها أنتم تعيشون هذه الأيام المباركة من أيام شهر رمضان ، في خير وصحة وسؤدد ، فاحمدوا الله الذي بلغكم وفي أعماركم أمدد،
    شهر رمضان شهر كريم ، وموسم عظيم ، يحمل خيراتٍ كبيرة ، وبركات كثيرة ، ونعم وفيرة ، فيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات، مخصوصٌ بأسمى الصفات، وأزكى الدرجات ، إنه شهر رمضان ،شهر الهبات والأعطيات ، شهر الانتصارات والفتوحات، ألا وإن بلوغ هذا الشهر نعمة عظمى، وإدراكه منة كبرى، تستوجب الشكر ، وتقتضي اغتنام الفرص، بما يكون سبباً للفوز بدار القرار، والنجاة من النار، يقول الله العزيز الغفار : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ،

    ويقول صلى الله عليه وسلم : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : أي ربّ، منعته الطعام والشراب فشفعني فيه، ويقول القرآن : أي رب ، منعته النوم فشفعني فيه ، فيشفعان " [ حديث صحيح أخرجه أحمد والبيهقي ] ، هذا هو شهر رمضان، شهر العفو والرحمة والغفران، يقول صلى الله عليه وسلم :"إذا جاء شهر رمضان، فُتّحت أبواب السماء– وفي رواية:- أبواب الجنة،– وفي رواية:– أبواب الرحمة، وغلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين"[أخرجه الشيخان]، فاغتنموه وصوموه ، واستغلوه وقوموه .
    يا أهل الصيام والقيام : على المسلم أن يحرص على مواصلة الأعمال الصالحة ، ومن أعظم ذلك وأجله على الإطلاق ، برّ الوالدين وصلة الرحم ، لاسيما ونحن في شهر الصلة والبر ، والخير والأجر ، شهر رمضان ، شهر الصفاء والإخاء ، ونبذ البغضاء وترك الشحناء ، فالقطيعة بين عموم المسلمين محرمة ، و
    بين الأقارب والأرحام والجيران أشد حرمة ، قال تعالى : {

    فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له في رزقه ـ أي يوسع ويبارك له فيه ـ وينسأ له في أثره ـ أي يؤخر له في عمره ويزاد له فيه ـ فليصل رحمه " [ متفق عليه ] ، فاتقوا لله عباد الله وأصلحوا ذات بينكم ، وصلوا أرحامكم ، وبروا آباءكم ، تدخلوا جنة ربكم .
    أيها الصائمون القائمون : لقد جُبلت النفوس على حب من أحسن إليها ،
    وتعلقت القلوب بمن كان له فضل عليها ، وليس أعظم إحساناً ، ولا أكثر فضلاً بعد الله سبحانه وتعالى من الوالدين ، حيث قرن الله حقّهما بحقّه ، وشكرهما بشكره ، وأوصى بهما إحساناً بعد الأمر بعبادته : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً } ، فلله سبحانه وتعالى الخلق والإيجاد ، وللوالدين بإذنه نعمة التربية والإيلاد ، فرِضى الله في رِضى الوالدين

    ، وسخط الله في سخط الوالدين .
    أيها الصائمون : إحسان الوالدين عظيم ، وفضلهما سابق
    ، وتأملوا حال الصغر ، وتذكروا ضعف الطفولة ، حملتك أمّك في أحشائها تسعة أشهر وهناً على وهن ، حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً ، ولا يزيدها نموّك إلاّ ثقلاً وضعفاً ، وعند الوضع رأت آلاماً عضالاً ، ولكن لما رأتك إلى جنبها سُرعان ما نسيت آلامها ، وعلقت فيك جميع آمالها ، رأت فيك بهجة الحياة وزينتها ، ثم شُغلت بخدمتك ليلها ونهارها ، تغذيك بصحتها ، طعامك درُّها ، وبيتك حجرها ، ومركبك يداها وصدرها وظهرها ، تحيطك وترعاك ، تجوع لتشبع أنت ، وتسهر لتنام أنت ، فهي بك رحيمة ، وعليك شفيقة ، إذا غابت عنك دعوتها ، وإذا أعرضت عنك ناجيتها ، وإذا أصابك مكروه استغثت بها ، تحسب كل الخير عندها ، وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لحظتك بعينها ، هذه هي الأم الحنون ، والجوهرة المصون ، أمّا أبوك ، وما

    أدراك ما أبوك ؟ يكدّ ويسعى ، ويدفع عنك صنوف الأذى ، ينتقل في الأسفار ، يجوب الفيافي والقفار ، ويتحمل الأخطار ، بحثاً عن لقمة العيش ، يرعاك وينفق عليك ، ويصلحك ويربيك ، إذا دخلت عليه هش ، وإذا أقبلت إليه بش ، وإذا خرج تعلقت به ، وإذا حضر احتضنت حجره وصدره ، هذان هما والداك ، وتلك هي طفولتك وصباك ، فلماذا التنكر للجميل ؟ ولماذا لا تسلك أقوم السبيل ، وعلام الفظاظة ، ولم الغلظة والغضاضة ، وكأنك أنت المنعم المتفضل ؟ أخرج الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبايعك على الجهاد والهجرة أبتغي الأجر ، قال : " فهل من والديك أحدٌ حيٌّ ؟ قال نعم بل كلاهما ، قال : فتبتغي الأجر من الله ، قال : نعم ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " ] أخرجه مسلم [ ، وعند الطبراني بسند جيد : أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه

    وسلم يستشيره في الجهاد ، فقال عليه الصلاة والسلام " ألكَ والدان ؟ ، قال : نعم ، قال : الزمهما فإن الجنة تحت أقدامهما " .
    معاشر المسلمين : إن حق الوالدين عظيم ، ومعروفهما لا يُجازى ، وإن من حقهما المحبة والتقدير ، والطاعة والتوقير ، والتأدب وعدم التحقير
    ، حقق رغبتهما في المعروف ، وأنفق عليهما ما استطعت " أنت ومالك لأبيك " ، ادفع عنهما الأذى ، فقد كانا يدفعانه عنك ، لا تحدثهما بغلظة أو خشونة ، ولا ترفع صوتك عندهما ، جنبهما كل ما يورث الضجر { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ، تخير الكلمات اللطيفة ، والجمل العفيفة ، والعبارات الجميلة ، والقول الكريم ، تواضع لهما ، واخفض لهما جناح الذل ، رحمة وعطفاً ، وطاعة وأدباً ، لقد أقبلا على الشيخوخة والكِبر ، وتقدما نحو العجز والهرم ، بعد أن صرفا طاقاتهما وصحتهما في تربيتك ، وبذلا أموالهما في إصلاحك ، تأمل قول ربك وخالقك : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ

    أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ، إن كلمة ( عندك ) تدل على معنى التجائهما واحتمائهما وحاجتهما إليك ، فلقد أنهيا مهمتهما في تربيتك ، وانقضى دورهما في رعايتك ، وجاء دورك وهاهي مهمتك : { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } ، قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن لي أماً بلغ منها الكِبر أنها لا تقضي حوائجها إلاّ وظهري لها مطية ، فهل أديت حقها ؟ قال : لا ، لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك ، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها ، ولكنك محسن والله يثيب الكثير على القليل ، نعم إن حقهما عظيم ولكن الجأ إلى الدعاء لهما في حال الحياة وبعد الممات اعترافاً بالتقصير ، وأملاً فيما عند الله العلي الكبير { رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } ، والوالدان أقرب الناس إليك رحماً ، وأكثرهم عليك صبراً وحلماً ، فبرهما وكن لهما رفيقاً رحيماً ، بارك لي
    ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر

    الحكيم ، وجعلنا جميعاً من المتبعين لسنة سيد المرسلين ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

    الخطبة الثانية
    الحمد لله، تتمّ الصالحات بنعمته، وتكفَّر السيئات وتُقال العثرات بمنَّته، وتضاعَف الحسنات وترفع الدرجات برحمته، سبحانه { يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيّئَـٰتِ }، أحمده تعالى وأشكره على جزيل العطايا والهبات، وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له بارئ النسمات، وأشهد أن نبينا محمداً عبده المصطفى ورسوله المجتبى أفضل البريات، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أولي الف
    ضل والمكرمات، ومن اقتفى أثرَهم

    ما تجدَّدت الأعوام ودامت الأرض والسموات، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوه حقَّ التقوى، وراقبوه في السّر والنجوى، واشكروه جل وعلا أن هداكم للإسلام ، ووفَّقكم للصيام والقيام ، وعلى ما تنعمون به من الخير في هذه الأيام .
    معاشر الصائمين : من الفضيحة والعار ، والويل
    والشنار ، أن يُفاجأ الوالدان بالتنكر للجميل ، وبذل القليل ، كانا يتطلعان للإحسان ، ويؤملان الصلة بالمعروف ، فإذا بهذا العاق قد تناسى ضعفه وطفولته ، وغض الطرف عن أتعابه وقذارته ، وأعجب بشبابه وفتوته ، وغرّه تعليمه وثقافته ، وترفع بجاهه ومرتبته ، يؤذيهما بالتأفف والتبرم ، ويُجاهرهما بالسوء وفُحش القول ، يقهرهما وينهرهما ، بل ربما لطم بكف أو رفس برجل ، يريدان حياته ، ويتمنى موتهما ، { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } ، تئن لهما الفضيلة ، وتبكي من أجلهما المروءة ، وكأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين ، فيا أيها العاق : هل حينما كبرا

    فاحتاجا إليك ، جعلتهما أهون الأشياء عليك ؟! قدمت غيرهما بالإحسان ، ورددت جميلهما بالنسيان ، وقابلت الإحسان بالنكران ، { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ، شقّ عليك أمرهما ، وطال عليك عمرهما ، أما علمت أن من برّ والديه برّه بنوه ، ومن عقّهما عقّوه ، ولسوف تكون محتاجاً إلى بر أبنائك ، وسوف يفعلون بك كما فعلت بوالديك ، وكما تدين تدان ، والجزاء من جنس العمل ، أخرج الترمذي وغيره وقال : حديث حسن صحيح عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا - مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ - مِثْلُ الْبَغْيِ ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " ، وأن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين ، بهذا صحّ الخبر عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وفي حديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ

    ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَة ُ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " ] أخرجه النسائي وأحمد وابن خزيمة والبيهقي والحاكم [ ، وفي حديث آخر عن جابر رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا معشر المسلمين إيّاكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام ، والله لا يجد ريحها عاق " ، فاتقوا الله يرحمكم الله ، واعلموا أن بر الوالدين فرض لازم ، وأمر جازم ، وهو سعة في الرزق ، وطول في العمر ، وحسن في الخاتمة ، وصلاح في الأبناء ، أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ ، وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، وَيُدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةُ السُّوءِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " ] أخرجه الحاكم وأحمد وتابعه الذهبي ] ، فاتقوا رحمكم الله ، فمن برّ والديه برّه أبناؤه ، والعقوق خيبة وخسارة وخذلان ، وقد قيل : إن الله ليُعجل

    هلاك العبد إذا كان عاقاً ، ليُعجل له العذاب ، وإن الله ليزيد في عُمُر العبد إذا كان باراً ، ليزيده براً وخيراً ، هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى ، وأفضل من وطئ الثرى ، كما أمركم بذلك المولى جل وعلا ، فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد أبي القاسم ، ما تعاقب الجديدان وتتابعت المواسم ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، وعن الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم يا قوي يا عزيز! نسألك أن ترينا في اليهود

    عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزونك، اللهم انصر إخواننا في فلسطين عليهم يا قوي يا عزيز، اللهم فرق جمع اليهود ومن شايعهم، وشتت شملهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم هيئ لهذه الأمة من أمرها رشداً ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكانٍ يا رب العالمين ، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار ، { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ، عباد الله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون







الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •