6279 - ( لا حاجةَ لي في ابنتِك . قاله لامرأةٍ آثَرَتْةُ بها) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف .
أخرجه أحمد (3/155) : ثنا عبدالله بن بكر أبو وهب : ثنا سنان
ابن ربيعة عن الحضرمي عن أنس بن مالك :
أن امرأة أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت : يا رسول الله! ابنة لي كذا وكذا - ذكرت من
حسنها وجمالها - فآثرتك بها ، فقال : قد قبلتها ، فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها
لم تصدع ، ولم تشتك شيئاً قط ! قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : الحضرمي هذا ، إن كان ابن عجلان مولى الجارود ؛ فهو مجهول
الحال ، روى عنه ثلاثة ، ولم يوثقه غير ابن حبان (6/249) ، واستغرب له الترمذي
حديثاً في العطاس ، وصححه الحاكم ، وهو مخرج في "الإرواء" (3/245) ، وقال
الذهبي في " الكاشف " :
"صدوق" . وقال الحافظ :
"مقبول " .
وإن كان هو ابن لاحق التميمي اليمامي ؛ فقد روى عنه ثلاثة آخرون غير سنان
ابن ربيعة ، منهم سليمان التيمي ، وفيه قال ابن معين :
"ليس به بأس" . ونحوه قول ابن عدي (2/454) :
"أرجو أنه لا بأس به" .
ومن الغريب - مع هذا كله - قول ابن حبان في "ثقاته " (6/246) :
"لا أدري من هو ؟ ولا ابن من هو ؟" . وتبعه الذهبي في كتابيه "الميزان "
و" المغني " [فقال] :
"لا يعرف" . وأشار في "الكاشف " إلى تضعيف توثيقه بقوله :
"وثق "! وتبنى الحافظ قول ابن معين وابن عدي فقال :
"لا بأس به " .
ولعله الأرجح . والله تعالى أعلم .
وأقول : وسواء كان هذا الحضرمي أو ذاك . وترجح قول من عرفه أو جهله ،
فمن المتفق عليه أنه ليس تابعياً ؛ بل هو من أتباعهم ، وابن حبان نفسه أورده في
طبقة هؤلاء ؛ فيكون الإسناد منقطعاً ، وهذه هي العلة الأولى .
والأخرى : سنان بن ربيعة ؛ فإنه مختلف فيه ، وقال الحافظ مشيراً إلى ذلك :
"صدوق فيه لين " .
ولعل الحافظ من أجل هذا سكت عن الحديث في "الفتح " (8/525) ،
وخفيت عليه العلة الأولى!
ثم بدت لي علة ثالثة ، وهي : المخالفة لرواية ثابت البناني قال :
كنت عند أنس - وعنده ابنة له - قال أنس :
جاءت امرأة إلى رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعرض عليه نفسها ، قالت : يا رسول الله!
ألك بي حاجة ؟
فقالت بنت أنس : ما أقل حياءها ، واسوءتاه! قال : هي خير منك ؛ رغبت
في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرضت عليه نفسها .
أخرجه البخاري (5120 و6122) ، والنسائي (2/76) ، وابن ماجه (2001) ،
وأحمد (3/268) .
ولم يذكر في هذا الحديث جواب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها بعد العرض ، وقد ثبت
الجواب فِي حَدِيثِ سهل بن سعد الثابت في الكتب الستة وغيرها في هذه القصة ،
وهو مخرج في "الإرواء" (6/345/1925) ، وذلك في رواية للبخاري (9/198/
5141 ) ، وهي رواية الدارمي (2/142) ، والبيهقي (7/57 و 144) ، والطبراني في
"الكبير" (6/225 - 226) بلفظ :
" مالي اليوم في النساء من حاجة" .
وله شاهد ذكره الحافظ في "الفتح" (9/206) من حديث أبي هريرة عند
النسائي : جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرضت نفسها عليه ، فقال لها :
"اجلسي" ، فجلست ساعة ثم قامت ، فقال :
"اجلسي بارك الله فيك ؛ أما نحن فلا حاجة لنا فيك " .
سكت الحافظ عنه ، وذلك يعني أنه حسن عنده على الأقل ولم أقف عليه ،
فلعله في "كبرى النسائي " .
قلت : ومن رواية ثابت عن أنس ، وحديث سهل وأبي هريرة يقبين لنا خطأ
حديث الترجمة ؛ ونكارته لخالفته لهذه الروايات الصحيحة من ناحيتين :
الأولى : أن المرأة فيها هي التي عرضت نفسها له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وليس أنها عرضت
ابنتها .
والأخرى : أن قوله لا حاجة لي ... " هو خطاب منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موجه إلى المرأة لا
إلى ابنتها .
ثم إن الحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (7/232/479) فقال : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبدالله بن بكر عن سنان بن ربيعة الحضرمي ...
كذا دون قوله : "عن الحضرمي" وكذا في مصورة (الآصفية) ؛ فالظاهر أنه سقط
قديم ، لم يتنبه له المعلق على "المسند" ، وإلا كان عليه أن يبين الفرق بين هذا وبين
"مسند أحمد" ؛ كما يقتضيه التحقيق العلمي ، ولا سيما وهو يعلم - فيما أظن - أن
سناناً هذا بصري ، وأن أحداً لم يترجمه بأنه حضرمي! ولا أدري إذا كان هذا الفرق
موجوداً في نسخة "المسندين" للهيثمي ، فقد رأيته يقول في "المجمع " (2/294) :
"رواه أحمد وأبو يعلى ، ورجاله ثقات " .
فلم يتعرض لبيان الفرق بين "المسندين "!
ولعل المعلق المشار إليه استأنس - على الأقل - بتوثيق الهيثمي هذ! فقال :
"إسناده حسن "!
فهذا مردود لما تقدم من التحقيق . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد يقال : لعل تحسينه قائم على أنه من رواية سنان عن أنس مباشرة .
فأقول : هذا من الممكن قوله ؛ لأنهم قد ذكروا لسنان رواية عن أنس ، ولذلك
جعله الحافظ من الطبقة الرابعة ، بخلاف الحضرمي بن لاحق فجعله من الطبقة
السادسة ، والحضرمي بن عجلان من الطبقة السابعة .
قلت : كان من الممكن أن يقال بالتحسين المذكور ؛ لولا زيادة أحمد : "عن
الحضرمي" أولاً ، والمخالفة لرواية الثقات لمتن الحديث ثانياً . فتأمل .
ثم وجدت ما يؤكد سقوط الحضرمي من إسناد أبي يعلى ، وأن المحفوظ إثباته :
أن البيهقي أخرج الحديث في "الشعب " (7/177/9909) من طريق محمد بن
الفرج الأزرق : نا السهمي : نا سنان عن الحضرمي عن أنس ... به .
وهذه متابعة قوية من الأزرق هذا ، فإنه صدوق ربما وهم ؛ كما في "التقريب" .