تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خطر الإلحاد وانتشاره في بلاد المسلمين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي خطر الإلحاد وانتشاره في بلاد المسلمين

    خطر الإلحاد وانتشاره في بلاد المسلمين

    د. أمين بن عبدالله الشقاوي

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..
    فإن من المصائب العظمى، والبلايا الكبرى التي ابتلي بها العالم الإسلامي في الآونة الأخيرة: ظهور الإلحاد ونشره من قبل أعداء الإسلام وأعني بالإلحاد الكفر بالله، والميل عن طريق أهل الإيمان، والرشد، وظهور التكذيب بالخالق، وبالبعث، والجنة، والنار، والتطاول على الله أو على النبي صلى الله عليه وسلم، أو على دين الإسلام، ونحو ذلك. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} [فصلت: 40]. وقال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون} [الأعراف:180].

    ومواقع نشر الإلحاد كثيرة كالقنوات الفضائية، والمواقع الإلكترونية والمقاهي الليلية المغلقة، وشبكة التواصل الاجتماعي، والفيسبوك، وتويتر والكتب، والمقالات، والصحف، والمجلات.. وغيرها. وللأسف أن هؤلاء الملاحدة قد زاد شرهم في الآونة الأخيرة، وبدؤوا يصرحون بكفرهم وزندقتهم عبر الوسائل الإعلامية السابقة، مع أنهم وُلِدُوا في بيئة مسلمة، ومن أبوين مسلمين، ولكن الشياطين اجتالتهم عن الدين القويم إلى هذا المسلك المنحرف، قال تعالى: ﴿   {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا} [النساء:137].

    روى مسلم في صحيحه من حديث عياض المجاشعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُم ْ عَنْ دِينِهِمْ» [1].

    ومن أقوال هؤلاء الملاحدة قبَّحهم الله:
    قول أحدهم: الله والشيطان وجهان لعملة واحدة، وقال أيضًا: الانتحار نصر على الله.
    وقال آخر: عليك أن تثبت وجود الله علميًّا وبالصور، وبعدها تثبت أنه هو من خلق الذبابة التي تَتَحَدَّوْنَ فيها العالم.
    وقال آخر: بالنسبة للقرآن فهو لون أدبي معروف لدى العرب، قبل الإسلام، وبعد الإسلام.
    وقال آخر: أنا لا أؤمن بحديث شرب أبوال الإبل، وحديث الذبابة لأنها تتنافى مع العقل الصحيح، والفطرة السليمة.
    وقال آخر: أعتقد أن الأديان مجرد تراث وفلكلور.
    وقالت إحداهن: إن كان الله في قسوته يتمثل بوجه أمي، فهو غاضب على الدوام علينا، قال تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف:5].

    وقد سبق هؤلاء الملحدون مثلهم كثير، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ} [المائدة: 64].

    وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} [الأنعام: 91].

    وحكى الله عن فرعون قوله: {يَاأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38].

    وحكى الله عنهم قولهم في القرآن: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان:5]. فهؤلاء هم قدوتهم ومثلهم الذي يتبعونه، وأخطر ما في هؤلاء الملحدين، زعم بعضهم أنه مسلم، بل ربما ادعى الصلاح والإصلاح، كما حكى الله عن قائدهم فرعون لعنه الله عندما قال: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَاد} [غافر:29].

    وبناءً على ما سبق، فقد تمت دراسة هذه الظاهرة من بعض الدعاة، والمصلحين، وتبينت لهم أسبابها، وأذكر هنا بعضًا من تلك الأسباب، للحذر من سلوكها وإنكارها:
    1- الابتعاث إلى بلاد الكفار للدراسة دون التقيد بالضوابط الشرعية، ويبقى الطالب هناك سنوات عديدة، فينبهر بالحضارة الغربية الزائفة، ويختلط بالكفرة والملحدين من اليهود والنصارى وغيرهم، مع ضعف العلم الشرعي للرد على شبهاتهم وضلالتهم، فيبقى متشككًا في دينه وعقيدته، وفي النهاية قد ينتهي به الأمر إلى الإلحاد والزندقة، كما حصل لبعضهم عند عودته إلى بلاده، وتنكره لدينه، وعقيدته، بل إن بعضهم آثر البقاء في بلاد الكفار، وعدم العودة إلى ديار المسلمين. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: السفر إلى البلاد التي فيها الكفر، والضلال، والحرية، وانتشار الفساد من الزنا، وشرب الخمر وأنواع الكفر، والضلال، فيه خطر كبير وعظيم على الرجل، والمرأة، وكم من صالح سافر ورجع فاسدًا؟! وكم من مسلم رجع كافرًا؟![2].

    2- القراءة فيما يسمى بكتب الفكر والفلسفة، أو الحداثة التي تحوي الإلحاد والزندقة، ورد الأحاديث الصحيحة بحجة أنها تنافي العقل، وفي هذه الكتب أيضًا تمجيد لحضارة الغرب الزائفة، وأن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم وأخلاقهم، والتعرض للذات الإلهية بالتنقص، فالقراءة في مثل هذه الكتب المسمومة يؤثر على عقيدة القارئ، ومع كثرة القراءة، وتنوع الكتب، قد ينشأ عنده الفكر الإلحادي، كما صرَّح بعضهم بأن سبب اعتناقه لفكر الإلحاد هو القراءة في كتب النصارى المستشرقين، والعلمانيين المحسوبين على المسلمين.

    3- الاطلاع والتصفح والنظر للمواقع الإلكترونية، أو القنوات الفضائية اليهودية، أو النصرانية التي تدعو لعقيدة التثليث، أو الشيوعية الإباحية، وقد تكون البداية الاطلاع من باب الفضول، ومعرفة ما عند الغير، فيقع المحظور.

    4- حب الشهوات والملذات، والتخلص من التكاليف الشرعية والانطلاق في عالم الإباحية، والمجون، قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيم} [يوسف: 53].

    5- إهمال الآباء تربية أبنائهم التربية الإسلامية الصحيحة. روى أبو داود في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مُرُوا أَوْلَادَكُم بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِينَ» [3].

    قال ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدًى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد، إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا[4].

    6- مخالطة رفقاء السوء، والإنسان مجبول على التأثر بصاحبه وجليسه، والأرواح جنود مجندة. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ، إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً؛ وَنَافِخُ الْكِيرِ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» [5]. فجليس السوء يؤثِّر على صاحبه، ويدعوه إلى البعد عن الدين ومماثلته في الوقوع في المحرمات. قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ودت الزانية لو زنى النساء كلهن. وصدق الله القائل: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} [النساء: 89]. وقال تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} [النساء:27].

    7- التفكك الأسري، وذكرت إحدى الطبيبات النفسية أنه بعد عدة نقاشات مع هؤلاء الملاحدة، تقول: تكونت لدي قناعات بأنهم من أسر مفككة، ومن الفاشلين في التكيف مع الحياة والمجتمع، وناقمين على الظروف التي وجدوا أنفسهم فيها، وأنهم لجؤوا للإلحاد وغيره من التوجهات الفكرية، هروبًا من الواقع الذي يعيشونه لضعف شخصياتهم، وأحيانًا التقليد الأعمى للمجتمع الغربي بكل آفاته، وأمراضه النفسية التي ترسخت في العقلية الملحدة[6].

    8- العجب والغرور بالنفس، واستحقار الناس كما حصل لأحدهم: كان يؤلِّف المؤلَّفات العظيمة في الدفاع عن العقيدة والدين، حتى أُعجب بنفسه، وأصابه الغرور، حتى استحقر الأنبياء، وقال: إن العلم الذي عنده والفضل، لو قسم على الخلق، لأغنى عما عند الرسل، وألف كتابه المعروف: (هذه هي الأغلال)، يعني بها ثوابت الإسلام، وتكلم في الأنبياء، وكذب أشياء في القرآن.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

    أما طرق العلاج فمنها:
    1- إحالة هؤلاء العابثين من الزنادقة وغيرهم إلى القضاء الشرعي، وتنفيذ أحكام الشريعة فيهم، وفي الحديث: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» [7].

    2- أن يقوم حكام المسلمين بواجبهم، وذلك بمنع أسباب الإلحاد وعدم السماح بنشرها بين المسلمين، سواء كان كتبًا، أو مواقع، أو قنوات، أو برامج إذاعية، أو فضائية، أو مقالات، أو تجمعات.

    3- توجيه الوزارات المعنية كالإعلام، والشؤون الإسلامية، ووزارة التعليم العالي، والمؤسسات التعليمية، والمدارس الحكومية، والقنوات الإسلامية ببث البرامج النافعة التي تغرس الإيمان، وترد على شبه الإلحاد والتشكيك في الدين، وتعظِّم الدين في قلوب الناس، وتربية النشء من طلاب وطالبات على العقيدة الصحيحة، والتأكيد على الخطباء والدعاة والمشايخ بمواجهة بوادر الإلحاد الآخذة في التوسع، وإقامة المحاضرات، والدروس، والندوات، وتوزيع الكتب والمقالات التي تحارب الفكر الإلحادي.

    4- التواصل مع الشباب الذين ابتلوا بمثل هذه الشكوك ودلالتهم على الحق، والرد على كل الشبهات التي تعترضهم، فالعلماء هم أقدر الناس على الرد عليها، وعليهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من نشر هذا العلم، بكل ما يستطيعون عبر الوسائل الحديثة، وفتح أبواب مجالسهم لهم.

    5- على الآباء والأمهات، والمعلمين، والمعلمات، أن يقوموا بواجبهم في تربية الجيل على الإيمان، والخير والهدى، وتحذيرهم من الكفر، والفسوق والعصيان، والمسؤولية في ذلك كبيرة.. وفي الحديث: «كُلُّكُم رَاعٍ، وَكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [8].

    جاء في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية:
    1- عدم إرسال أي طالب للدراسة في الخارج من المدنيين، والعسكريين على حساب الدولة، أو على الحساب الخاص إلا بعد مرحلة الجامعة، وبعد الزواج، والخدمة مدة من الزمن حتى يصلب عوده وترسخ عقيدته، ويعرف عقيدة السلف، والمذاهب الهدامة والمنحرفة، ويعرف زيفها لئلا يسهل صده عن دين الله.

    2- أن يُجلب كل من لا تتوفر فيه الشروط السابقة، ويعاد لإكمال دراسته في الداخل سواء من كان على حساب نفسه وذويه، أو على حساب الحكومة، أو إحدى المؤسسات[9].

    {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب}.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    ============================== =====
    [1] برقم (2865).
    [2] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (2 /195)، للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
    [3] سنن أبي داود برقم 495، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1 /97) برقم 466.
    [4] تحفة المودود في أحكام المولود، ص80.
    [5] صحيح البخاري برقم (5534)، وصحيح مسلم برقم (2628).
    [6] د. سناء المجذوب استشارية الطب النفسي في تصريح لصحيفة سبق الإلكترونية.
    [7] صحيح البخاري برقم 6922.
    [8] صحيح البخاري برقم 2558، وصحيح مسلم برقم 1829.
    [9] مختصرًا وللمراجعة رقم القرار 88، وتاريخ 11 /11 /1401هـ.


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: خطر الإلحاد وانتشاره في بلاد المسلمين

    خطر الإلحاد (2)

    د. أمين بن عبدالله الشقاوي



    الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:

    فاستكمالًا للحديث عن خطر الإلحاد:
    فقد تَمَّت دراسة هذه الظاهرة من بعض الدعاة والمصلحين، وتبيَّن لهم أسبابها، وأذكر هنا بعضًا من تلك الأسباب للحذر من الوقوع فيها وتحذير الغير؛ منها:
    1- السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية[1]، فإذا لم يكن الطالب وغيره متحصنًا بالإسلام معتصمًا بربه، حَذِرًا من المخاطر التي تواجهه، فإن إعجابه بالحضارة الغربية واختلاطه بالكفرة والملحدين من اليهود والنصارى وغيرهم، وسهولة الوقوع في الشهوات المحرمات - من أعظم الأخطار على عقيدة المسلم ودينه وخلقه، وقد يعود إلى بلاده متنكرًا لدينه، ومناوئًا لأهل الإسلام، داعيًا إلى الكفر والانحلال.


    قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: «السفر إلى البلاد التي فيها الكفر، والضلال، والحرية، وانتشار الفساد من الزنا، وشرب الخمر وأنواع الكفر، والضلال - فيه خطرٌ كبير وعظيم على الرجل والمرأة، وكم من صالح سافر ورجع فاسدًا؟! وكم من مسلم رجع كافرًا؟!»[2].


    2- القراءة فيما يسمى بكتب الفكر والفلسفة، أو الحداثة التي تحوي الإلحاد والزندقة، وما في هذه الكتب من تمجيد لحضارة الغرب الزائفة، وأن سبب تخلف المسلمين هو تمسُّكهم بدينهم وأخلاقهم، والتعرض للذات الإلهية، ولدين الإسلام، ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالطعن والاستهزاء تلميحًا وتصريحًا، فمطالعة هذه الكتب المسمومة يغرس في قلب القارئ العقائد الفاسدة والأفكار الخبيثة، فتنمو مع كثرة القراءة وتنوُّع الكتب، فينشأ عنده الفكر الإلحادي، كما صرَّح بعضهم بأن سبب اعتناقه لفكر الإلحاد هو القراءة في كتب النصارى المستشرقين، والعلمانيين المحسوبين على المسلمين.


    3- الاطلاع والتصفح والنظر لِما يُنشر في المواقع الإلكترونية من الشبهات، والتي غالبًا ما يتخذ أصحابها الشهوات وسائل لإغراء السامع والقارئ والمشاهد للاقتناع بها، فالواجب على من يريد نجاة نفسه أن يُحْكِمَ إغلاق الباب عن الدخول في هذه المواقع والقنوات الفضائية. فكم من شخصٍ هلك في دينه وخلقه مع أن البداية كان سببها حبَّ الفضول ومعرفة ما عند الغير؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء: 27]، وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ [القصص: 41].


    روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرّاعِي يَرْعى حَوْلَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ...»[3].


    اللهم يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، اللهم إنا نعوذ بك من الزَّيغ والضلال، اللهم توفَّنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان.


    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    الأسئلة:
    1- اذكر قول الشيخ عبدالعزيز بن باز في التحذير من السفر إلى بلاد الكفار؟


    2- ما وجه الخطورة في القراءة في كتب الفكر والفلسفة؟


    3- اذكر بعضًا من أسباب الإلحاد؟
    ============================== ==========
    [1] انظر كلمة خطورة الابتعاث للمؤلف من موسوعة الدرر المنتقاة (8/ 353 – 361).

    [2] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (2/195) للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.

    [3] صحيح البخاري برقم (52)، وصحيح مسلم برقم (1599) واللفظ له.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: خطر الإلحاد وانتشاره في بلاد المسلمين

    خطر الإلحاد (5)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي

    الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
    فلا زال الحديث عن الإلحاد وطرق علاجه، ومنها:
    4- التواصل مع الشباب الذين ابتُلوا بمثل هذه الشكوك ودلالتهم على الحق، والرد على كل الشبهات التي تعترضهم، فالعلماء هم أقدرُ الناس على الرد عليها، وعليهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من نشر هذا العلم الشرعي بكل ما يستطيعون عبر الوسائل الحديثة، وفتح أبواب مجالسهم لهم.


    5- على الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات - أن يقوموا بواجبهم في تربية الجيل على الإيمان والخير والهدى، وتحذيرهم من الكفر والفسوق والعصيان، والمسؤولية في ذلك كبيرة؛ روى البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّكُم رَاعٍ، وَكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»[1].



    جاء في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية[2]:
    1- عدم إرسال أي طالب للدراسة في الخارج من المدنيين والعسكريين على حساب الدولة، أو على الحساب الخاص إلا بعد مرحلة الجامعة، وبعد الزواج، والخدمة مدة من الزمن حتى يصلب عوده وترسخ عقيدتُه، ويَعرِف عقيدة السلف، والمذاهب الهدامة والمنحرفة، ويعرف زيفها لئلا يسهل صدُّه عن دين الله.


    2- أن يُجلَب كلُّ مَن لا تتوفر فيه الشروط السابقة، ويعاد لإكمال دراسته في الداخل، سواء من كان على حساب نفسه وذويه، أو على حساب الحكومة أو إحدى المؤسسات.


    اللهم ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران: 8].


    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    الأسئلة:
    1- ما واجب الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات تجاه أبنائهم وبناتهم وطلابهم؟


    2- اذكر بعضًا من طرق علاج ظاهرة الإلحاد.


    3- اذكر الضوابط التي جاء ذكرُها في قرار هيئة كبار العلماء.
    ========================
    [1] جزء من حديث في صحيح البخاري برقم 2558، وصحيح مسلم برقم 1829.

    [2] مختصرًا وللمراجعة رقم القرار 88، وتاريخ 11/ 11 / 1401 هـ.



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •