تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: زاد الداعية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي زاد الداعية

    زادُ الدَّاعِيَة

    صلاح صبري الشرقاوي


    اعلم - وفَّقك الله إلى ما يحب - أن أعظم وظيفة في الدنيا هي الدعوة إلى الله على بصيرة؛ وذلك لأنها وظيفةُ أشرفِ خَلْقِ الله؛ وهم أنبياؤه ورسله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]؛ قال الحسن: "هذا حبيب الله، هذا وليُّ الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحبُّ الخَلْقِ إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمِل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، فهذا خليفة الله"، وقال قتادة: "هذا عبدٌ صَدَّقَ قولَه عملُه، ومَولِجَه مَخْرَجُه، وسرَّه علانيتُه، وشاهده مَغيبه، وإن المنافق عبدٌ خالف قوله عمله، ومولجه مخرجه، وسره علانيته، وشاهده مغيبه"؛ [الطبري].

    قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]؛ قال الإمام ابن القيم: "فلا يكون الرجل من أتباعه حقًّا حتى يدعو إلى ما دعا إليه ويكون على بصيرة...ولأن من دعا إلى الله على بصيرة، فقد دعا إلى الحق عالمًا به...فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أُمَمِهم، والناسُ تَبَعٌ لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلِّغ ما أُنزل إليه، وضمِن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلِّغون عنه من أُمَّته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم لهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آيةً، ودعا لمن بلَّغ عنه ولو حديثًا، وتبليغ سُنَّتِهِ إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أُمَمِهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنِّه وكرمه، وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب (الحوادث والبدع) له قال: الحمد لله الذي امتنَّ على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل؛ بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحْيَوه، وضالٍّ تائه قد هَدَوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هَلَكَةِ العباد! فما أحسن أثرَهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم! يقبلونهم في سالف الدهر، وإلى يومنا هذا، فما نسِيَهم ربك؛ ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وجعل قصصهم هدًى، وأخبر عن حسن مقالتهم، فلا تقصر عنهم؛ فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إن لله عند كل بدعة كِيد بها الإسلام وليًّا من أوليائه، يذُبُّ عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضورَ تلك المواطن، وتوكلوا على الله"؛ [التفسير القيم].

    فإذا تبين لك ذلك، فاعلم - يا رعاك الله - أن الداعية يتحمل مسؤولية عظيمة، لا يستطيع النهوض بها إلا بزادٍ، أُشير إلى شيء منه، لعل الله أن ينفعَ به.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: زاد الداعية

    زاد الداعية (2)

    صلاح صبري الشرقاوي

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، فقد مَرَّ الكلام عن أهمية الدعوة، والآن يبدأ الكلام في زاد الداعية.

    أولًا: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]:
    أعظم ما يتزوَّد به الداعية لصلاح أمره واستقامته في سيره تحقيق العبودية لله والاستعانة به، فالأولى يصلح بها نفسه، والثانية يستعين بها على المشاقِّ والعقبات التي تواجهه في طريق الدعوة؛ ولذلك أوصى النبي معاذًا أن يقول دبر كل صلاة: ((اللهم أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحُسْن عبادتك))، فالداعية الذي ينشغل بالناس عن أوراده التعبُّدية من قيام ليل وصيام نوافل وأذكار الصباح والمساء ووِرْده من القرآن، سرعان ما ينقطع عزمه أو تفسد عليه نيَّتُه، ولا يستطيع مواصلة الطريق، ومن قصر في الاستعانة بالله وكله الله إلى نفسه، ومن وكله الله إلى نفسه وكله إلى عجز وضعف.

    فسعيك في إصلاح نفسك هو أول لبنة في إصلاح غيرك؛ إذ فاقد الشيء لا يعطيه، ولا فائدة في أن تنقذ غيرك ثم تضيع أنت.

    قالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ المُبارَكِ وغَيْرُهُ مِن السَّلَفِ: "صِنْفانِ مِن النَّاسِ إذا صَلَحا صَلَحَ النَّاسُ، وإذا فَسَدا فَسَدَ النَّاسُ، قِيلَ: مَن هُمْ؟ قالَ: المُلُوكُ، والعُلَماءُ"؛ تفسير ابن القيم.

    واعلم أن ( كثرة التقرُّب والتعبُّد هي الدروس الصامتة التي ترسم للناشئة منهج حياتهم الجديدة العامرة بالإيمان والطاعة، وإن المتربين ليستمعون بقلوبهم إلى عباداتك أكثر من استماعهم بآذانهم إلى أقوالك وحديثك..المربي الذي يؤثِّر على طلابه من خلال سلوكه وأفعاله، سيكون طلابُه أكثر ثباتًا وتدينًا وتحقيقًا للأهداف التربوية)؛ التربية من جديد بدر الزهراني، 217.

    ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ لك اللهم نَخشعُ ونَذِلُّ ونستكينُ، إقرارًا لك يا رَبنا بالرُّبوبية لا لغيرك ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ وإياك رَبنا نستعين على عبادتنا إيَّاك وطاعتنا لك، وفي أمورنا كلها لا أحدًا سواك)؛ الطبري.

    (فَأسْعَدُ الخَلْقِ أهْلُ العِبادَةِ والِاسْتِعانَةِ والهِدايَةِ إلى المَطْلُوبِ، وأشْقاهم مَن عُدِمَ الأُمُور الثَّلاثَة، ومِنهم مَن يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ مِن ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ونَصِيبُهُ مِن ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ مَعْدُومٌ أوْ ضَعِيفٌ؛ فَهَذا مَخْذُولٌ مُهِينٌ مَحْزُونٌ، ومِنهم مَن يَكُونُ نَصِيبُهُ مِن ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ قَوِيًّا ونَصِيبُهُ مِن ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ضَعِيفًا أوْ مَفْقُودًا؛ فَهَذا لَهُ نُفُوذٌ وتَسَلُّطٌ وقُوَّةٌ، ولَكِنْ لا عاقِبَةَ لَهُ، بَلْ عاقِبَتُهُ أسْوَأُ عاقِبَةً، ومِنهم مَن يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ مِن ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، ولَكِنْ نَصِيبُهُ مِن الهِدايَةِ إلى المَقْصُودِ ضَعِيفٌ جِدًّا، كَحالِ كَثِيرٍ مِن العِبادِ والزُّهَّادِ الَّذِينَ قَلَّ عِلْمُهم بِحَقائِقِ ما بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مِن الهُدى ودِينِ الحَقِّ....ولِلَّ هِ سُبْحانَهُ عَلى كُلِّ أحَدٍ عُبُودِيَّةٌ بِحَسَبِ مَرْتَبَتِهِ، سِوى العُبُودِيَّةِ العامَّةِ الَّتِي سَوَّى بَيْنَ عِبادِهِ فِيها؛ فَعَلى العالِمِ مِن عُبُودِيَّتِهِ نَشْرُ السُّنَّةِ والعِلْمِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ما لَيْسَ عَلى الجاهِلِ، وعَلَيْهِ مِن عُبُودِيَّةِ الصَّبْرِ عَلى ذَلِكَ ما لَيْسَ عَلى غَيْرِهِ، وعَلى الحاكِمِ مِن عُبُودِيَّةِ إقامَةِ الحَقِّ وتَنْفِيذِهِ وإلْزامِهِ مِمَّنْ هو عَلَيْهِ بِهِ والصَّبْر عَلى ذَلِكَ والجِهاد عَلَيْهِ ما لَيْسَ عَلى المُفْتِي. وعَلى الغَنِيِّ مِن عُبُودِيَّةِ أداءِ الحُقُوقِ الَّتِي في مالِهِ ما لَيْسَ عَلى الفَقِيرِ، وعَلى القادِرِ عَلى الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَن المُنْكَرِ بِيَدِهِ ولِسانِهِ ما لَيْسَ عَلى العاجِزِ عَنْهُما)؛ التفسير القيم، سورة الفاتحة.



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: زاد الداعية

    زاد الداعية (3)

    صلاح صبري الشرقاوي
    عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: "اغْدُ عالمًا، أو متعلِّمًا، ولا تَغْدُ إمَّعةً فيما بين ذلك"؛ [مشكل الآثار (15 /407)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن].

    وفي الباب آثار أخرى عن النبي لم تصحَّ إليه؛ قال أبو جعفر الطحاوي بإسناده إلى أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغْدُ عالمًا، أو متعلمًا، أو مُحِبًّا، أو مُستمِعًا، ولا تَكُنِ الخامسَ فتهلِك))، قال مسعر بن كدام: هذه خامسة، زادنا الله لم تكن في أيدينا، إنما كان في أيدينا: ((اغْدُ عالمًا، أو متعلمًا، أو مستمعًا، ولا تكُنِ الرابع فتهلِك))، يا عطاء، ويل لمن لم يكن فيه واحدة من هذه، قال ابن مسعود: كنا ندعو الإمعة في الجاهلية الذي يُدعَى إلى الطعام فيذهب معه بآخر، وهو فيكم الْمُحْقِبُ دينَه الرجالَ، الذي يمنح دينَه غيرَه فيما ينتفع به ذلك الغير في دنياه، ويبقى إثمُهُ عليه، وقد ذكر لنا ذلك علي بن عبدالعزيز، عن أبي عبيد في حديث عبدالله قال: الإمعة الذي يقول: أنا مع الناس؛ يعني: يُتابع كلَّ أحدٍ على رأيه، ولا يثبُت على شيء، فكان هذا ما وصفنا منه للذي يكون كذلك، لا وصفَ فيه للذي يجرُّه إلى ذلك، والقوم يلعنهم، والله الموفق"؛ [انتهى من مشكل الآثار باختصار].

    فتلخَّص من ذلك أن "الإمعة هو المقلِّد للآخرين دون وعيٍ شرعيٍّ؛ فالإمَّعَةُ هو الذي لا رأي له، ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه، ولا يثبت على شيء"؛ [الدرر السنية].

    قال ابن القيم: "وإذا كانت الدعوةُ إلى الله أشرفَ مقامات العبد وأجلَّها وأفضلها، فهي لا تحصُل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حدٍّ أقصى يصل إليه السعي، ويكفي هذا في شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يُؤتي فضله من يشاء"؛ [التفسير القيم].

    فسلاح الداعية هو العلم بما يدعو إليه؛ حتى لا يقول على الله بغير علم، فالقول على الله بغير علم من عظائم الأمور: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

    ومن مضى في طريق الدعوة بغير علمٍ، أفسَدَ أكثرَ مما يصلح، ولم يستطع أن يرُدَّ شبهات أعداء الإسلام التي تفتك بالمسلمين الآن، وتحيط بهم في كل مكان.

    والناس في هذا طَرَفانِ ووسطٌ؛ فأما الطرفان، فأحدهما يظل سنواتٍ طوالًا يطلب العلم، ولا يبلِّغ الناس، بحجة أنه يريد الوصول إلى الأهلية، والثاني يُقبِل على تعليم الناس دون أن يُتقِنَ المسائل التي سيتكلم فيها، بحُجَّة أن الجهل منتشر، والوسط هو الذي يجتهد في التعلُّم ويترقَّى فيه، ولكنه يبلِّغ مع تعلُّمه ما أتقَنَهُ حتى يسُدَّ الخَلَلَ، فإذا سُئِل عما لا يعلم قال: لا أدري، وسعى في تعلُّمِهِ، فيكون بذلك عالمًا متعلمًا.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: زاد الداعية

    زاد الداعية (4)

    صلاح صبري الشرقاوي



    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن والاه؛ أما بعد:
    فقد تقدم في الأجزاء الثلاثة الأولى بيان أهمية الدعوة، ثم بيان أن أول زاد الداعية تحقيق: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، ثم الحث على أن يكون الداعية؛ إما عالمًا أو متعلمًا، والآن يأتي الكلام على أعظم زادٍ للداعية؛ وهو بعنوان: لا خلاص إلا بالإخلاص.

    لا بد للداعية من توحيد جهده في الدعوة إلى الله، والدلالة على الطريق الموصل إلى مرضاة ربه؛ فهو لا يدعو إلى نفسه، وتقديس الناس له، ولا يدعو إلى طائفة ينتمي إليها، ويحشد الناس حولها، فيكون سببًا في تفرق الأُمَّة وشرذمتها؛ وليتذكر دومًا: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 108].

    قال البقاعي في تفسير قول الله تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]: "وهذه الآية من أعظم الدلائل على أن المطلوب من أعمال الظاهر رعاية أحوال القلب في إخلاص النية، وتصفية الداعية عن الالتفات إلى غرض دنيوي، فإن كان رياء انقلبت، فصارت من أعظم المفاسد".

    فاهتمام الداعية بقلبه ليس من نافلة القول، بل هو بيت القصيد؛ ولذا وردت الإشارة إليه في نصوص الوحيين كثيرة، فتارة تأتي للحث عليه؛ كقول ربنا: ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ [الأعراف: 29]، ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزمر: 2]، ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر: 14]، ﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 65]، وتارة تأتي لبيان ثمرة الإخلاص؛ كقول ربنا: ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]، ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّ هُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 39، 40]، وتارة تأتي لاعتزاز أهل الإخلاص به؛ كقول ربنا: ﴿ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَ ا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ [البقرة: 139].

    وتارة لمدح أهله؛ كما في قول ربنا: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 51].

    وتارة في التخويف من تركه؛ كما في الحديث الإلهي: ((أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ))؛ [مسلم (2985)].

    والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، والمقصود هنا الإشارة فقط، وأما التفاصيل فيُرجع إليها في كتب التزكية، وخاصة "مدارج السالكين" و"طريق الهجرتين" لابن القيم رحمه الله.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •