السمات السلوكية


أ.د. محمود نديم نحاس

تحدثت سابقاً عن الأنماط الستة عشر للشخصية. وهناك تصنيف آخر للبشر يتعلق بسلوكهم، وضعه سنة 1928م أحد علماء النفس من جامعة هارفارد الأمريكية، ويقسم الناس إلى أربعة أنواع: صاحب الهيمنة Dominance وصاحب التأثير Influence وصاحب الثبات Steadiness وصاحب الاستجابة Compliance، ويسمى بنظرية ديسك DISK المؤلفة من أوائل هذه الكلمات.
صاحب الهيمنة منافس وقوي ودوافعه ذاتية وصاحب مبادرة، ويحب التحدي والمغامرة والتنوع في العمل والمنافسة وبيئة العمل الديناميكية المتغيرة، ويبحث دوماً عن آفاق جديدة، ويحب أن يرى هدفه محققاً، وأن يقدّر الآخرون جهده، ويعمل لساعات طويلة لحل مشكلات صعبة. وقد ينتقل من عمل إلى غيره ليحقق طموحاته، وقد يفقد حماسه تجاه أي موضوع لا يجد فيه التحدي المناسب. وفي علاقاته مع الآخرين يحب أن يكون في المقدمة، وقد يجرح مشاعر الناس دون أن يشعر، وقد يكلفهم فوق طاقتهم، وقد يظهِر عدم الرضا عن عملهم، وقد يسحب منهم الصلاحيات. ومؤسسته تجني منه كثيراً لوجود الدافع الذاتي لتحقيق النتائج، وتسريع إجراءات اتخاذ القرار، وعدم التسليم بالأمور القائمة، بل يسعى لتغييرها.
صاحب التأثير مؤثر ومقنع وودود ومتفوق في التواصل. وهو متفائل، يرى الجانب الحسن من الأشياء، والناس يتجاوبون معه تلقائياً، ويؤدي عمله في جو هادئ متناغم. وعلاقاته مع الآخرين علاقات صداقة وحب ومحاولة إقناع. ومؤسسته تجني منه التأثير على الناس ليتصرفوا بإيجابية وبالطريقة المرغوبة، وتحفيزهم للعمل، وخلق الحماس لديهم، وبث روح التفاؤل.
صاحب الثبات مثابر منصت عطوف متأنٍ محبوب يُعتمد عليه. يتصف باللطف والأنس والهدوء دون تكلف وعلى سجيته، ويحب خدمة الآخرين، ويخفي مشاعره، ولا يمكن استثارته بسهولة، ويتخذ قراراته بصبر وروية، ولا يحب التغيير الفجائي. ويحب العمل الرتيب دون أن يمل. وفي علاقاته مع الآخرين يقيم علاقات ودودة، ويساعدهم ويسعدهم، وعلاقاته وثيقة مع مجموعات العمل، ويعمل بشكل جيد ضمن فريق العمل ويتناغم بسهولة مع أعضاء الفريق. ومؤسسته تجني منه الثبات في أداء العمل لتحقيق نتائج متناغمة، وتطوير المهارات، وإكمال العمل مع المحافظة على التناسق.
صاحب الاستجابة ملتزم ومنظم ودقيق ومثالي ومنطقي. ويتصف بالحساسية، ويبذل قصارى جهده لما هو متوقع منه، ويتخذ القرارات ببطء بعد التأكد من جميع المعلومات المتوفرة، وينافح من أجل حياة مستقرة ونظامية في العمل والبيت، ويفكر ويعمل بطريقة نظامية يمكن التنبؤ بها، ويحب الدقة ويميل إلى معالجة التفاصيل. وفي علاقته مع الآخرين مسالم متكيف متواضع ويتحاشى الصراع. ومؤسسته تجني منه تحسين المعايير والجودة النوعية والبحث عن الحقائق وتقييم المخاطر.
كل إنسان فيه خليط من هذه بنسب متفاوته، لكن تبرز واحدة منها بشكل أكبر. وعند الموهوبين تبرز اثنتان.
بقي أن أقول بأن هناك اختبارات تقوم بها شركات متخصصة لقياس أو تحليل السمات السلوكية، لمساعدة المؤسسات على توظيف أفضل الكوادر لديها.