كن طيبا في أخلاقك، وإن لم يرض بك البعض

ما أجمل أن يتخلَّقَ المسلم بالأخلاق النبوية، تصورًا وعملًا، تعبُّدًا لله عز وجل؛ هذا هو الأصل، ومع ذلك، فليعلم أن قَبولَ الناس الكليَّ له يكاد يكون مستحيلًا في الكل، وإن كان متحققًا في الغالبية؛ ولذا النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب الخلق العظيم؛ بل وصفه الله بكمال الخلق غير المتصنَّع: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، ومع ذلك لم يرضَ به بعض الناس؛ لأن منهجه يخالف منهجهم، وقِيَمَه تخالف قِيَمَهم، ومبادئه تعارض شهواتِهم ورغباتِهم؛ ولذا من حرَصَ على التحلِّي بالأخلاق النبوية، وهي معايير التحاكم والقبول لدى العقلاء والْمُنْصِفين، وإن لم يكونوا مسلمين، فكيف بالمسلم الصادق؟

لا شكَّ أن غالبية الناس سيكون لديهم قبول وتقبُّل له، وإن لم يتقبله ويرضَ به آحادهم أو بعضهم؛ فهذا هو الأصل والطبيعي، نسأل الله من فضله وكريم عطائه، أمَّا من يتصنع خلقًا ما، فسرعان ما ينكشف عورَ ذلك التصنع في أقرب موقف أو محكٍّ، أو الانتهاء من المصلحة القائمة للتصنع به.

ولذا هذه العبارة تحمل الصحة في بعضها، وليس كلها؛ لأن القبول الكلي من الناس لشخص ما، وإن بلغ ما بلغ، فلن يكون ذلك، ولو كان ذلك، لكان لخير الخلق أجمعين، محمدٍ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3].
منقول