التوحيد .. أساس النهوض بالأمة


ابن باز من أراد صلاح المجتمع الإسلامي أو صلاح المجتمعات الأخرى في هذه الدنيا بغير الوسائل والعوامل التي صلح بها الأولون فقد غلط وقال غير الحق عبد العزيز آل الشيخ جعل النبي صلى الله عليه وسلم أول أمره اهتمامه بتحقيق التوحيد وبإرساء لا إله إلا الله في النفوس وباستئصال الشرك وعبادة غير الله من القلوب أساس إصلاح الأمة وسبيل نهضتها هو البدء بما بدأت به الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو التوحيد ولا غلبة على الأعداء في الداخل والخارج إلا بإصلاح هذا الأساس ابن عثيمين من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيد من المتأخرين يركزون على توحيد الربوبية وكأنما يخاطبون أقواماً ينكرون وجود الرب ولكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة الألباني سبب سوء الواقع الذي يعيشه المُسلمون اليوم جذريّا هو بُعدُهُم عَن الفهم الصحيح للإسلام فالواجب تصحيح العقيدة وتصحيح العبادة وتصحيح السلوك الفوزان يجب على طلبة العلم والدعاة أن يجعلوا الدعوة إلى التوحيد وإنكار الشرك ودحض الشبهات من أولويات دعوتهم فهذا هو الواجب وهذه دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام لا شك أنَّ البون شاسع بين حالنا الآن وحال الأمة الإسلامية سابقًا، تلك الأمة صاحبة المجد التليد والسؤدد والقيادة العالمية، فلا تكاد تخلو مجالس المهتمين بواقع الأمة وبالشأن العام فيها من حديث أو مقال أو أطروحة عن النهضة ودروبها، والإصلاح وسبله وطرائقه وآلياته ومحاولات استعادة المجد الضائع؛ فالجميع يشعر بالحاجة الماسة نحو النهوض والإصلاح وتجاوز المرحلة الحالية بما فيها من معاناة وتخلف وإحباط، ونحاول في هذه السطور إبراز أقوال العلماء في سبل النهوض بالأمة وأساس إصلاحها
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله من أراد صلاح المجتمع الإسلامي، أو صلاح المجتمعات الأخرى في هذه الدنيا بغير الوسائل، والعوامل التي صلح بها الأولون، فقد غلط وقال غير الحق، فليس إلى غير هذا من سبيل، وإنما السبيل إلى إصلاح الناس، وإقامتهم على الطريق السوي، هو السبيل الذي درج عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، ودرج عليه صحابته الكرام ثم أتباعهم بإحسان إلى يومنا هذا اهـ معرفة سبل صلاح الأولين
فواجب على مريد الإصلاح، وراغب نهضة الأمة معرفة هذه العوامل التي صلح بها الأولون، وسار عليها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعوهم من أهل خير القرون الذين أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وأخبر أن قرنهم خير القرون الشيخ عبدالعزيز ابن باز جماع عوامل الإصلاح التوحيد
وجماع هذه العوامل وأصلها وأساسها الذي يبنى عليها هو التوحيد، الذي هو أساس دعوة الرسل، قال الله تعالى وَلَقَدْ بِعَثْنَا فِي كُلَّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ أعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبوا الطَّاغُوتَ النحل ، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله مبيناً دلالة هذه الآية دالة على إجماع الرسل عليهم السلام على الدعوة إلى التوحيد، وأنهم أرسلوا به اهـ أول عمل للنبي صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ ابن باز رحمه الله الرسول صلى الله عليه وسلم كان أول عمل عمله، وأول أساس رسمه، أنه دعا الناس إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له، هذا أول عمل، وهذا أول أساس تكلم به، ودعا إليه وسار عليه، هو دعوة الناس إلى توحيد الله ، وإرشادهم إلى تفاصيل ذلك، والكلمة التي دلّت على هذا المعنى هي قول لا إله إلا الله هذه هي الأساس المتين، ومعها شهادة أن محمدا رسول الله، هذان الأصلان والأساسان هما أساس الإسلام، وهما أساس صلاح هذه الأمة من أخذ بهما واستقام عليهما عملاً وعلماً ودعوة وصبرا استقام له أمره ونفع الله به الأمة، على قدر جهاده، وقدرته، وأسبابه ومن أضاعهما أو أضاع أحدهما ضاع وهلك اهـ تحقيق التوحيد بتحقيق لا إله إلا الله
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يدع ابتداء إلى الصلاة ولا إلى الزكاة ولا إلى الحج ولا إلى غيره، وإنما جعل أول أمره اهتمامه بتحقيق التوحيد بتحقيق لا إله إلا الله، بإرسائها في النفوس، باستئصال الشرك وعبادة غير الله فاهتم بهذا الأمر العظيم غاية الاهتمام؛ لأن هذا هو الأصل، فبتحقيقه وتصفيته، وتنقيحه تستنير القلوب، وتستضيء بوحي الله ، وتنقاد الجوارح لأمر الله، أما إذا كان القلب منصرفاً لغير الله آلها غير الله، فإنه لن ينقاد للخير أبداً اهـ الشيخ صالح ابن عثيمين أساس إصلاح الأمة
وعليه؛ فإن أساس إصلاح الأمة، وسبيل نهضتها هو البداءة بما بدأت الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو التوحيد، ولا غلبة على الأعداء في الداخل والخارج إلا بإصلاح هذا الأساس والقاعدة النبوية التي سار عليها المرسلون عليهم السلام، وإن الناظر في واقع المسلمين اليوم، ليدرك مدى بعد كثير من أبناء الأمة عن التوحيد علماً، وعملاً، ودعوة، وولاء وبراء انتشار الشرك
قال الشيخ ابن باز رحمه الله بسبب تساهل الكثير من العلماء وطلبة العلم وأعيان أهل الإسلام الذين فقهوا توحيد الله؛ بسبب التساهل في هذا الأصل الأصيل انتشر الشرك في بلدان كثيرة ، وعبدت القبور وأهلها من دون الله، وصرف لها الكثير من عبادة الله ، فهذا يدعو صاحب قبر ، وهذا يستغيث به، وهذا ينذر له، وهذا يطلب المدد كما فعلت قريش وغيرها في الجاهلية مع العزى، وكما فعل غيرهم مع اللات، ومع مناة، ومع أصنام أخرى، وكما يفعل المشركون في كل زمان مع أصنامهم وأوثانهم في التعظيم والدعاء والاستغاثة والتمسح والتبرك وطلب المدد اهـ الشيخ صالح الفوزان شرك الألوهية
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله متعجبا من حال أصحاب الرأي الذين أعرضوا عن تقرير توحيد العبادة من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيد من المتأخرين يركزون على توحيد الربوبية، وكأنما يخاطبون أقوماً ينكرون وجود الرب، ولكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة ولهذا فينبغي أن يُركَّز على هذا النوع من التوحيد حتى نخرج إليه هؤلاء المسلمين الذين يقولون بأنهم مسلمون وهم مشركون ولا يعلمون اهـ البعد عن الفهم الصحيح للإسلام
قال الإمام الألباني رحمه الله ونَحنُ نعلم أنّ كثيراً من أولئك الدُّعاة يُشاركوننا في معرفة سبب سوء الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم جذرياً ، ألا وهو بُعدُهُم عَن الفهم الصَّحيح للإسلام فيما يَجبُ على كل فرد، وليس فيما يجب على بعض الأفراد فقط، فالواجب تصحيح العقيدة وتصحيح العبادة، وتصحيح السلوك اهـ البعد عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم
قال العلامة عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله كم من دعوات تدعو إلى الإسلام، وينادى أهلها بأنهم دعاة الإسلام، وهم بعيدون عن منهج محمد صلى الله عليه وسلم ولا يهتمون بأمر التوحيد ولا يهتمون بالعقيدة، بل لهم نظم وأمور أخرى الله أعلم بحالها، تَسَمَّواْ باسم الإسلام وتَستَرُوا، به والله يعلم إن هم إلا كما قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَستَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ اهـ الشرك موجود في الأمة وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله لما انتهت القرون المفضلة انتشر التصوف، وعند ذلك حدث الشرك في الأمة بعبادة القبور والأضرحة، وتقديس الأولياء والصالحين إلى وقتنا هذا وهذا الشرك موجود في الأمة اهـ ضعف التوحيد والإخلال به
والتقول عن أئمة الإسلام وعلماء السنة في وصف الواقع، وعزو سبب تخلف الأمة إلى حدوث الشرك كثيرة، وهذا الواقع الموصوف بما ذكرنا يدركه من لديه أدنى بصيرة، وعليه؛ يُعلم أن هذا الخلل وهو وقوع الشرك، وضعف التوحيد والإخلال به في الأمة هو سبب الهوان وأصل الضعف، وأساس الانتكاس إصلاح أساس الخلل
وإذا كان الأمر كذاك فحري بأبناء الأمة ورجالاتها أن يتجهوا لسبيل نهضة الأمة حقيقة وهو إصلاح أساس الخلل، ومنبع الفساد وهو وقوع الشرك، لا أن يتجهوا لأمور مهمة، لكن فسادها فرع عن فساد الأصل وهو إفراد الله تعالى بالتعلق التام والاستسلام له من كل وجه، والولاء في ذلك والعداء فيه، وصلاحها لا يجدي على صاحبه شيئاً ما دام معرضاً عن أصل فلاحها ونجاته في الدنيا والآخرة ؛ فماذا يجدي معاجلة الجرح والرأس مقطوع؟ الواجب على طلبة العلم
قال الإمام ابن باز رحمه الله الواجب على طلبة العلم وهم أمل الأمة بعد الله عزوجل، في القيادة المستقبلية، وهم رجال الغد في أي جامعة تخرجوا أن يقودوا السفينة بحكمة وإخلاص ،وصدق، وأن يُعنوا بالأساس، وأن يعرفوا العامل العظيم الذي عليه الارتكاز، الذي يتبعه ما سواه، وهو العناية بتوحيد الله والإخلاص له والعناية بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه رسول الله حقا، وأنَّ الواجب اتباعه والسير على منهاجه، وأن صحابته خير الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنهم حملة السنّة، وحملة القرآن، فوجب السير على منهاجهم اهـ آلالشيخ الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ هذا هو الشرط في نصر الله
إلى أن قال هذا هو الشرط في نصر الله لنا، كما قال الله تعالى وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ اهـ إلى أن قال هذا هو الأساس العظيم الذي يجب أن يكون المنطلق للدعاة المخلصين، والمصلحين في الأرض، الذين يريدون أن يتولوا إصلاح المجتمع والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة، وسفينة النجاة، كي يرتكز هذا الإصلاح على أعظم عامل اهـ اهتمام طلبة العلم بالتوحيد
وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله يجب على طلبة العلم والدعاة أن يهتموا بهذا الأمر، وأن يجعلوا الدعوة إلى التوحيد وإنكار الشرك ودحض الشبهات من أولويات دعوتهم؛ فهذا هو الواجب، وهذه دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ لأن كل أمر يهون دون الشرك؛ فما دام الشرك موجودا فكيف تنكر الأمور الأخرى؟ الالباني الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الدعوة إلى التوحيد
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله لا يتم الإيمان إلا إذا دعا إلى التوحيد، قال الله تعالى وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فلابد مع التوحيد من الدعوة إليه، وإلا كان ناقصاً ولا ريب أن هذا الذي سلك سبيل التوحيد لم يسلكه إلا وهو يرى أنه أفضل سبيل، وإذا كان صادقاً في اعتقاده فلا بد أن يكون داعياً إليه، والدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله من تمام التوحيد، ولا يتم التوحيد إلا به اهـ السبب العظيم للقوة
وعليه؛ فإذا ما تخلت الأمة عن هذا السبب العظيم للقوة فقد تخلّت عن أعظم سبب للنصر، ومتى ما كانت الأمة محققة للتوحيد فهي في عزّ وغلبة، وقوة وهيبة، وأمرها إلى خير في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتٌ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكَّلُو نَ الزمر ؛ ففي هذه الآية توجيه للمؤمن بتحقيق التوحيد، والاعتماد والتعلق بالله وحده؛ لأنه هو الكافي وحده، ولا يقع شيء إلا بإذنه، ولا يرفع إلا بمشيئته، وأنَّ غير الله سبحانه وتعالى من الأصنام والأنداد والطواغيت، وغير ذلك لا ينفع ولا يضر أعظم سبب للوهن
وعليه؛ فإن أعظم سبب للوهن الواقع في الأمة حدوث الشرك، وقلة المنكرين له، وأعظم سبيل للنهوض وأعظم عامل للقوة والعزة والنصر والغلبة على الأعداء هو التوحيد والدعوة إليه والولاء والبراء فيه قال الله تعالى لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا الإسراء أول ما يجب إصلاحه
إن أول ما يجب أن يتوجه إليه إصلاح المصلحين، وهو سبيل نهضة الأمة إصلاح التوحيد والعمل به، والدعوة إليه، والولاء والبراء فيه، أمّا أن تذهب الجهود لغير ذلك مع إهمال هذا الأصل، فو الله لن تزداد الأمة إلا وهنا وضعفًا، وكل دعوة لا تتجه للنهي عنه فهي دعوة ناقصة، أو دعوة غير صالحة، أو دعوة غير مثمرة وهذا هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الدعوة وهو البداءة بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، ثم بقيّة الأحكام



اعداد: وائل رمضان