تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة

    بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
    تعتبر منظومة العلامة السفاريني من أهم كتب العقيدة التي احتوت على معظم عقائد اهل السنة والأثر ولكن بعض العلماء رحمهم الله نبهوا الى وجود بعض المآخذ عليها والفاظ مجملة تحتاج الى تفصيل لهذا أحببت أن أعلق على بعض أبياتها في ضوء ما استفتدته من علماء السنة حفظهم الله وهذا لا ينقص من قدر المنظومة وصاحبها رحمه الله ولكن كل يؤخذ منه ويرد على الا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكني سأوضح بعض ما فيها وأفصل ما هو مجمل منها
    وقد نبه العلماء رحمهم الله على ذلك
    قال الشيخ ابن قاسم رحمه الله في شرحه عليها ما معناه ... أنها أرجوزة مفيدة ولكنه أدخل فيها من آراء المتكلمين ما لعله لم يتفطن إليه ..
    وقال الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله ما معناه أنها منظومة جيدة إلا في بعض الوجوه فإنه دخلها من عقائد الأشعرية ما دخلها .... الفتاوى 1/ 201

    وسأكتب التعليقات عليها بما يفيد طالب العلم ليتعلم العقيدة الصحيحة السنية إن شاء الله
    قال العلامة السفاريني رحمه الله
    ٤ - فكل ما جاء من الآيات ... أو صح في الأخبارعن ثقات
    ٢٥ - من الأحاديث نمره كما ... قد جاء فاسمع من نظامي واعلما
    معنى نمرها كما جاءت أي نؤمن بنصوص القرآن والسنة لفظا ومعنى بدون تفريق ونفوض كيفتها أي حقيقتها الى الله فمذهب أصحاب الحديث هو الاثبات والايمان بصفات الله لا تفويض المعنى بل تفويض حقائقها الى الله كما قال تعالى ولا يحيطون به علما وننزه الله عن التشبيه والتمثيل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
    كما قال نعيم بن حماد رحمه الله من شبه الله بخلقه كفر ومن أنكر ما وصف الله به نفسه كفر وليس فيما وصف الله به نفسه او وصف به رسوله تشبيه ولا تمثيل
    ----------------------------------------------------------------------------------
    وقال رحمه الله
    ٤ - صفاته ك ذاته قديمة ... أسماؤه ثابتة عظيمة
    صفات الله الذاتية وصفاته الخبرية كلها قديمة بقدم أبدية بأبديته سبحانه وبحمده قال الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
    أما صفات الله الفعلية فهي قديمة النوع نوعها قديم في حق الله سبحانه معنى ذلك أن الله سبحانه لم يزل فعالا ولا يزال فعال لم يزل متصفا بها ولا يزال قال الله تعالى فعال لما يريد
    وكلام الله قديم أزلي أي ان الله لم يزل متكلما ولا يزال متكلما فهو باعتبار اصله صفة ذاتية أزلية أبدية وكلامه سبحانه صفة فعل أيضا أي أن الله لم يزل متكلما إذا شاء كيف شاء فكلام الله قديم والله يتكلم بمشيئته وقدرته قال الله تعالى إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقال تعالى وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا
    فالصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين : ذاتية وفعلية
    أ - الذاتية : هي التي لم يزل الله ولا يزال متصفاً بها ، وهي التي لا تنفك عنه ـ سبحانه وتعالى ـ كالعلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والعزة ، والحكمة ، والوجه ، واليدين .
    ب - الفعلية : وتسمى الصفات الاختيارية ، وهي التي تتعلق بمشيئة الله ، إن شاء فعلها ، وإن شاء لم يفعلها ، وتتجدد حسب المشيئة كالاستواء على العرش ، والنزول إلى السماء الدنيا .
    وقد تكون الصفة ذاتية وفعلية باعتبارين ، كالكلام ؛ فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية ؛ لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً ، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية ؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته ، يتكلم متى شاء بما شاء ، وكل صفة تعلقت بمشيئته ـ تعالى ـ فإنها تابعة لحكمته ، وقد تكون الحكمة معلومة لنا ، وقد نعجز عن إدراكها ، لكننا نعلم علم اليقين أنه ـ سبحانه ـ لا يشاء إلا وهو موافق لحكمته ، كما يشير إليه قوله ـ تعالى ـ : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ) [الإنسان : 30] .

    ونوع الكلام في حق الله قديم لا الآحاد المعين والدليل على ذلك قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم
    فكلم الله نبيه آدم بعد خلقه وصوره وأمثال ذلك كثيرة في القرآن كقوله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون وقوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه وقوله تعالى ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين إلى غير ذلك من الآيات من كتاب الله سبحانه الدالة على ذكرت
    وكذلك نوع الأفعال في حق الله قديم لا الآحاد المعين بدليل قوله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم
    انما يكون ذلك يوم القيامة وقول الله تعالى الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش
    فالله خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش كما وصف نفسه سبحانه
    وكذلك يدل على ذلك حديث النزول المتفق على صحته ولفظه : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له
    إلى غير ذلك من النصوص الدالة على ما سبق
    والله سبحانه لم يزل متصفا بصفاته قديما بصفاته قبل خلقه كما لم يزل بها أزليا كذلك فلا يزال بها أبديا ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بعد احداثه البرية استفاد اسم البارئ بل الله هو الخالق والبارئ قبل خلقه للخلق وهو البارئ سبحانه قبل احداثه البرية وهكذا جميع صفات الله عز وجل فصفاته كذاته كلها قديمة ليس شيء منها مخلوقا ولا حادثا ولا محدثا لأن الله منزه عن أن تحدث صفة متجددة لم تكن

    وأهل السنة يقولون بقيام الأفعال بمشيئته وإرادته على الوجه اللائق به، أما مصطلح (حلول الحوادث) فلا يثبتونه ولا ينفونه، إنما يُستفصل في مراد القائل، ولا يصفون الله به، كما لا يصح وصف الله بالجسم والجوهر والعرض، وإن كان يُفصّل فيه من جهة المعنى، فيُقبل الحق ويُرد الباطل.

    يقول ابن أبي العز في شرحه للطحاوية : “حلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيُه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة، وفيه إجمال، فإن أريد بالنفي أنه لا يحلّ في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدّد لم يكن فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد، ولا يتكلم بما شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته، فهذا نفي باطل. وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث، فيسلّم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلّم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له، وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل، وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه”
    فالحاصل أن حلول الحوادث لفظ مجمل، يُستفصل فيه، فإن أُريد به الأفعال الاختيارية فالمعنى صحيح، وإن كانت اللفظة ذاتها من ابتداع أهل الكلام، وإذا أُريد به أن الله يحل فيه الحوادث المخلوقة أو التي تُحيله وتجعله محلًّا للتغيرات المخلوقة والاستحالات أو أن الله استحدث صفة لم تكن موجودة من قبل كما تقول الكرامية، فالمعنى واللفظ خطأ معًا بل الله منزه عن حدوث وصف متجدّد كما بين العلماء

    ----------------------------------------------------------------------------------

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة


    قال السفاريني رحمه الله
    ٠ - وأن ما جاء مع جبريل ... من محكم القرآن والتنزيل
    ٤١كلامه سبحانه قديم ... أعيى الورى بالنص ياعليم

    لم يرد وصف القرآن بالقديم في القرآن ولا في السنة ولم يقله أحد من السلف كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي رحمهما الله ومذهب أهل السنة ان الله تكلم بمشيئته بالقرآن وان الله تعالى لم يزل متكلما إذا شاء كيف شاء والقرآن سمعه جبريل من الله سبحانه فبلغه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الله قديم أولي لم يزل الله متكلما ولا يزال سبحانه ونوع الكلام في حق الله قديم أزلي أبدي لا الآحاد المعين كما يدل عليه القرآن وكما سبق في التعليق السابق
    القرآن كلام الله غير مخلوق ولا محدث وهو كلام الله من صفات ذاته لم يزل به متكلما كما قال اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة
    قال الإمام اللالكائي
    سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة
    عن وكيع بن الجراح
    1) حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ وَكِيعٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ فَقَدْ كَفَرَ» إسناده صحيح كما قال محقق الكتاب.
    2) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السُّوَيْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآن مُحْدَثٌ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كُفْرٌ». إسناده صحيح.

    فلا يقال عن القرآن أنه قديم وهذه اللفظة فيها اجمال
    لا ينبغي الخوض في كلمة قديم عن القرآن بل نقول انه كلام الله غير مخلوق وكلام الله أزلي قديم والله يتكلم بمشيئته اختياره لم يزل متكلما اذا شاء سبحانه ونسكت لا نزيد على ذلك والقرآن لا يوصف بالقديم
    وصف القرآن بالقدم ، أو وصف كلام الله تعالى بأنه قديم ، يراد به معنيان :
    الأول : أنه غير مخلوق ، وأن جنس الكلام ، في حق الله تعالى ، قديم ، لم يزل متكلما ، متى شاء ، وكيف شاء ، ويكلم من عباده من شاء . وهذا حق ، وهذا هو مأخذ من أطلق " القِدَم " في حق القرآن ، أو في حق كلام الله تعالى عامة ، من أهل السنة أن القرآن ، وسائر كلام الله تعالى ، منزل من عنده غير مخلوق ، ومع ذلك فهو متعلق بمشيئته واختياره، فمراده صحيح


    والمعنى الثاني : أن القرآن معنى ، أو معنى وحروف ، تكلم الله بها في الأزل ، ثم لم يتكلم بعدها ، وهذا من بدع الأشاعرة ومن وافقهم من أهل الكلام ، التي أرادوا بها الخروج من بدعة المعتزلة والجهمية القائلين بخلق القرآن .
    فمن قال في القرآن ، أو غيره من صفات الله تعالى وأفعاله الاختيارية : إنه قديم ، وأراد ذلك فمراده باطل ، ثم إن اللفظ الذي أطلقه مجمل غير مأثور .
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

    لكن هؤلاء [ يعني : الأشاعرة ومن وافقهم ] اعتقدوا أن القرآن وسائر كلام الله قديم العين ، وأن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته . ثم اختلفوا :
    فمنهم من قال : القديم هو معنى واحد ، هو جميع معاني التوراة والإنجيل والقرآن ؛ وأن التوراة إذا عبر عنها بالعربية صارت قرآنا ، والقرآن إذا عبر عنه بالعبرية صار توراة : قالوا : والقرآن العربي لم يتكلم الله به ، بل إما أن يكون خلقه في بعض الأجسام ، وإما أن يكون أحدثه جبريل أو محمد ؛ فيكون كلاما لذلك الرسول ، ترجم به عن المعنى الواحد القائم بذات الرب ، الذي هو جميع معاني الكلام .
    ومنهم من قال : بل القرآن القديم هو حروف ، أو حروف وأصوات ، وهي قديمة أزلية قائمة بذات الرب أزلا وأبدا ...؛ إذا كلم موسى أو الملائكة أو العباد يوم القيامة فإنه لا يكلمه بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته حين يكلمه ، ولكن يخلق له إدراكا يدرك ذلك الكلام القديم اللازم لذات الله أزلا وأبدا .
    وعندهم لم يزل ولا يزال يقول : يا آدم اسكن أنت وزوجك و : يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك و يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ونحو ذلك وقد بسط الكلام على هذه الأقوال وغيرها في مواضع .
    والمقصود أن هذين القولين لا يقدر أحد أن ينقل واحدا منهما عن أحد من السلف ؛ أعني الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين المشهورين بالعلم والدين ، الذين لهم في الأمة لسان صدق ، في زمن أحمد بن حنبل ولا زمن الشافعي ولا زمن أبي حنيفة ولا قبلهم . وأول من أحدث هذا الأصل هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ... " الفتاوى (17/85)
    فمن أراد المعنى الثاني ونفى أن يتعلق كلام الله تعالى بمشيئته واختياره ، فمراده باطل ، واللفظ الذي أطلقه ـ أيضا ـ مبتدع .

    فالقرآن الكريم هو كلام الله غير مخلوق، والقول بأنه أزلي بمعنى أنه تكلم الله به في الأزل، وأنه قديم العين يعتبر من البدع بلا شك، ولم يكن من هدي السلف الخوض في مثل هذه المسائل، بل كانوا يقولون كلام الله غير مخلوق
    وقال الذهبي في ترجمة ابن كلاب: (وكان يقول بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة، وهذا ما سبق إليه أبداً) اه سير أعلام النبلاء
    قال الإمام الذهبي في سير النـبلاء
    /١١ ٥١٠ : ) وقالت طائفة القرآن محدث كداود الظاهري ومن تبعه فبدعهم الإمام أحمد
    وأنكر ذلك وثبت على الجزم بأن القرآن كلام االله غير مخلوق وأنه من علم االله وكفر من قال بخلقه وبدع من قال بحدوثه وبدع من قال لفظي بالقرآن غير مخلوق ولم يأت عنه ولا
    عن السلف القول بأن القرآن قديم ، ما تفوه أحد منهم بهذا فقولنا قديم من العبـارات
    المحدثة المبتدعة كما أن قولنا هو محدث بدعة اه)
    وفي سير النبلاء /١٢ ٢٩٠ : ) ومذهب داود وطائفة أنه كلام االله وأنه محدث مع قـولهم
    بأنه غير مخلوق، وقال آخرون من الحنابلة وغيرهم : هو كلام االله قديم غير محـدث ولا
    مخلوق وقالوا إذا لم يكن مخلوقا فهو قديم ونوزعوا في هذا المعنى وفي إطلاقه اه)

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " السلف قالوا : القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء . فبينوا أن كلام الله قديم ، أي : جنسه قديم لم يزل .
    ولم يقل أحد منهم : إن نفس الكلام المعين قديم ، ولا قال أحد منهم القرآن قديم .
    بل قالوا : إنه كلام الله منزل غير مخلوق .
    وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته ، كان القرآن كلامه ، وكان منزلا منه غير مخلوق ، ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله ، وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء ؛ فجنس كلامه قديم .
    فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض " انتهى مجموع الفتاوى (12/54) .
    وقال شيخ الإسلام بن تيمية كما في شرح العقيدة الأصفهانية:
    والفصل الثاني أن القرآن غير قديم فان الكلابية وأصحاب الاشعرى زعموا أن الله كان لم يزل يتكلم بالقرآن وقال أهل الجماعة بل أنه إنما تكلم بالقرآن حيث خاطب به جبرائيل وكذلك سائر الكتب.
    بقول شيخ الإسلام ابن تيمية: الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه هو حديث، وهو أحسن الحديث، وليس بمخلوق باتفاقهم، ويسمى حديثًا وحادثًا، وهل يسمى محدثًا ؟ على قولين لهم. ومن كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المحدث إلا على المخلوق المنفصل كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآن في محنة الإمام أحمد رحمه اللّه وكانوا لا يعرفون للمحدث معنى إلا المخلوق المنفصل فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال: القرآن محدث، بل من قال: إنه محدث، فقد قال: إنه مخلوق. ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كتب إليه أنه تكلم بذلك، فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا فأنكره أئمة السنة. وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام اللّه غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه، وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره. والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي، فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام اللّه قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقين على أن اللّه يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم: إن القرآن قديم. وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كُلاب. اهـ.
    وقال أيضا رحمه الله: إن أردت بقولك: محدث، أنه مخلوق منفصل عن الله كما يقول الجهمية والمعتزلة والنجارية، فهذا باطل لا نقوله، وإن أردت بقولك: إنه كلام تكلم الله به بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك مع أنه لم يزل متكلما إذا شاء فإنا نقول بذلك. وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو قول السلف وأهل الحديث. اهـ.



    قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله كما في في موقع طريق الإسلام
    لا يقال عن القرآن بأنه قديم، ولكن يقال عن كلام الله بأن نوعه قديم، بمعنى: أن الله لم يكن غير متكلم ثم تكلم، بل هو متكلم بلا ابتداء، ويتكلم بلا انتهاء، فنوع كلامه قديم، وآحاده حادثة. فالكلام الذي كلم الله به موسى عليه السلام حصل في زمن موسى، وسمع موسى كلام الله من الله، فهذا من آحاد الكلام التي وجدت في زمن موسى، والكلام الذي سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله ليلة المعراج حصل ليلة المعراج، وسمعه عندما تكلم الله به في ليلة المعراج، لذلك عند أهل السنة: أن نوع الكلام قديم، وأن آحاده حادثة، وكلام الله القرآن من آحاد الكلام، لكن لا يوصف بأنه قديم.


    قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه المسمى فتح الباري شرح صحيح البخاري: والمحفوظ عن جمهور السلف ترك الخوض في ذلك والتعمق فيه، والاقتصار على القول بأن القرآن كلام الله، وأنه غير مخلوق، ثم السكوت عما وراء ذلك.
    وقال ابن حجر أيضا في فتح الباري: من شدة اللبس في هذه المسألة كثر نهي السلف عن الخوض فيها واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئا، وهو أسلم الأقوال. اهـ.
    والذي عليه أهل السنة والجماعة فهو أن الله تعالى لم يزل متكلما اذا شاء فالله يتكلم متى شاء، وأن كلامه بحرف وصوت يسمع، فالكلام صفة ذاتية فعـلية، فهو صفة ذاتية باعتبار أصله، لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلما، وصفة فعلية باعتبار آحاد الكلام، لأن الكلام يتعلق بمشيئته فيتكلم كيف شاء ومتى شاء ونؤمن ان القرآن كلام الله غير مخلوق ونتوقف في وصف القرآن بالقديم لا نطلق ذلك البتة وكلام الله قديم أزلي ولم يزل الله متكلما ولا يزال متكلما سبحانه واعترف العلامة السفاريني في شرحه على منظومته أن الله لم يزل متكلما إذا شاء فلهذا يجب أن نحسن الظن به وفهم كلامه بما سبق بيانه من مذهب أهل السنة

    القرآن كلام الله غير مخلوق ولا محدث يعني غير مخلوق وهو كلام الله من صفات ذاته لم يزل به متكلما أي نوع الكلام في حق الله قديم كما سبق من كلام العلماء رحمهم الله تعالى لا تقولوا عنه محدث ولا قديم بل نتوقف ولا نخوض فيما لم يرد فيجب علينا ان نلتزم بنصوص القرآن والسنة بلا زيادة ولا نقصان وكلام الله قديم ازلي لم يزل الله متكلما ولا يزال سبحانه
    ----------------------------------------------------------------------------------


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة


    قول السفاريني رحمه الله
    ٣ - وليس ربنا ب جوهر ولا ... عرض ولا جسم تعالى ذو العلا

    هذه الفاظ أهل الكلام لم يعرفها السلف وليس من مذهب أهل السنة الخوض فيها بل يجب التقيد بالكتاب والسنة كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لا يوصف الله إلا بما وصف نفسه لا يتجاوز القرآن والحديث
    قال الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله في كتابه الاقتصاد في الاعتقاد
    فمن السنة اللازمة السكوت عما لم يرد فيه نص عن الله ورسوله، أو يتفق المسلمون على إطلاقه، وترك التعرض له بنفي أو إثبات. فكما لا يثبت إلا بنص شرعي، كذلك لا ينفى إلا بدليل سمعي انتهى

    وهذه الألفاظ يستعملها أهل البدع ليموهوا على أهل السنة لينكروا صفات الله والإمام السفاريني من أهل السنة ولكن مع ذلك ينبغي للسني ان يجتنب هذه الألفاظ المحدثة كالجسم والعرض والجوهر والاتصال والانفصال وغيرها من الألفاظ المبتدعة فيجب اجتنابها أصلا والاكتفاء بما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله نفيا وإثباتا لا نزيد على ذلك ولا ننقص وهذا مذهب السلف وأصحاب الحديث

    قال الإمام ابن القيم رحمه الله
    ومن العجب أنهم سموا توحيد الرسل شركا وتجسيما وتشبيها مع أنه غاية الكمال ، وسموا تعطيلهم وإلحادهم وبغيهم توحيدا ، وهو غاية النقص ; ونسبوا أتباع الرسل إلى تنقيص الرب ، وقد سلبوه كل كمال ، وزعموا أنهم أثبتوا له الكمال قد نزهوه عنه ، فهذا توحيد الجهمية والمعطلة .

    وأما توحيد الرسل فهو إثبات صفات الكمال له وإثبات كونه فاعلا بمشيئته وقدرته واختياره ، وأن له فعلا حقيقة ، وأنه وحده الذي يستحق أن يعبد ويخاف ويرجى ويتوكل عليه ، فهو المستحق لغاية الحب بغاية الحب بغاية الذل ، وليس لخلقه من دونه وكيل ، ولا ولي ، ولا شفيع ، ولا واسطة بينه وبينهم في رفع حوائجهم إليه ، وفي تفريج كرباتهم وإجابة دعواتهم .

    بينه وبينهم واسطة في تبليغ أمره ونهيه وإخباره ، فلا يعرفون ما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ، ولا حقائق أسمائه وتفصيل ما يجب له ويمتنع عليه ويوصف به إلا من جهة هذه الواسطة ، فجاء هؤلاء الملاحدة فعكسوا الأمر وقلبوا الحقائق ; فنفوا كون الرسل وسائط في ذلك وقالوا : يكفي توسط العقل ، ونفوا حقائق أسمائه وصفاته وقالوا : هذا التوحيد ، ويقولون : نحن ننزه الله عن الأعراض والأبعاض والحدود والجهات ، وحلول الحوادث ، فيسمع الغر المخدوع هذه الألفاظ فيتوهم منها أنهم ينزهون الله عما يفهم من معانيهما عند الإطلاق والنقائص والحاجة ، فلا يشك أنهم يمجدونه ويعظمونه ، ويكشف النافذ البصير ما تحت هذه الألفاظ فيرى تحتها الإلحاد وتكذيب الرسل ، وتعطيل الرب تعالى عما يستحقه من كماله ، فتنزيههم عن الأعراض هو من أحد صفاته كسمعه وبصره وحياته ، وعلمه وكماله وإرادته ، فإن هذه أعراض لا تقوم إلا بجسم ، فلو كان متصفا بها لكان جسم وكانت أعراضا له وهو منزه عن الأعراض ، وأما الأعراض فهي الغاية والحكمة التي لأجلها يخلق ويفعل ، ويأمر وينهى ، ويثيب ويعاقب ، وهي الغايات المحمودة المطلوبة له من أمره ونهيه وفعله ، فيسمونها أعراضا وعللا ينزهونه عنها .

    [ ص: 138 ] وأما الأبعاض فمرادهم بتنزيهه عنها أنه ليس له وجه ولا يدان ؟ ولا يمسك السماوات على إصبع ، والأرض على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، فإن ذلك كله أبعاض ، والله منزه عن الأبعاض .

    وأما الحدود والجهات فمرادهم بتنزيهه عنها أنه ليس فوق السماوات رب ، ولا على العرش إله ، ولا يشار إليه بالأصابع إلى فوق كما أشار إليه أعلم الخلق به ، ولا ينزل منه شيء ، ولا يصعد إليه شيء ، ولا تعرج الملائكة والروح إليه ، ولا رفع المسيح إليه ، ولا عرج برسول الله محمدصلى الله عليه وسلم إليه ، إذ لو كان كذلك لزم إثبات الحدود والجهات له ، وهو منزه عن ذلك .

    وأما حلول الحوادث فيريدون به أنه لا يتكلم بقدرته ومشيئته ، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا ، ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء ولا يغضب بعد أن كان راضيا ، ولا يرضى بعد أن كان غضبان ، ولا يقوم به فعل البتة ، ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن ، ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن مريدا له ، فلا له كن حقيقة ، ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا ، ولا يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا ، ولا يقول للمصلي إذا قال : ( الحمد لله رب العالمين ) حمدني عبدي ، فإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال : مجدني عبدي فإن هذه كلها حوادث ، وهو منزه عن حلول الحوادث .

    قال ابن تيمية رحمه الله
    " وإذا قالوا : لا تحله الحوادث , أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلاً للتغيرات والاستحالات , ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم , وهذا معنى صحيح , ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه ولا له كلام , ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته , وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء ,وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعل أصلاً بل عين المخلوقات هي الفعل ليس هناك فعل ومفعول وخلق ومخلوق بل المخلوق عين الخلق والمفعول عين الفعل ونحو ذلك .
    "درء التعارض" (1|245)


    فالمقصود أن الألفاظ الأجنبية التي لم ترد في القرآن ولا في السنة كالاتصال والانفصال والجسم والعرض والجوهر وغيرها من الالفاظ المحدثة لا يجوز للمسلم ان يثبتها لله بل يجب ان يتوقف في اللفظ لا يقوله ويستفصل في المعنى فتقبل المعاني الواردة في نصوص القرآن والسنة وننفي عن الله المعاني الباطلة فلا يجوز اطلاق هذه الالفاظ نفيا او اثباتا
    قال ابن ابي العز في شرحه للطحاوية
    ذكر بين يدي الكلام على عبارة الشيخ رحمه الله مقدمة، وهي: أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل، وهم المتبعون للسلف، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها الا إذا تبين، ما أثبت بها فهو ثابت، وما نفي بها فهو منفي. لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام، كغيرها من الألفاظ الإصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي. ولهذا كان النفاة ينفون بها حقاً وباطلاً، ويذكرون عن مثبتها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلاً، مخالفاً لقول السلف، ولما دل عليه الكتاب والميزان. ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفياً ولا إثباتاً، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون.
    فالواجب أن ينظر في هذا الباب، أعني باب الصفات، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه. والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني. وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا اثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها: فإن كان معنى صحيحاً قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة، إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، ونحو ذلك.
    والشيخ رحمه الله أراد الرد بهذا الكلام على المشبهة، كداود الجواربي وأمثاله القائلين: إن الله جسم، وانه جثة وأعضاء وغير ذلك ! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

    وقال شارح الطحاوية ابن أبي الحنفي رحمه الله
    وأما لفظ الأركان والأعضاء والأدوات - فيستدل بها النفاة على نفي بعض الصفات الثابتة بالأدلة القطعية، كاليد والوجه. قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأكبر: له يد ووجه ونفس، كما ذكر تعالى في القرآن من ذكر اليد والوجه والنفس، فهو له صفة بلا كيف، ولا يقال: أن يده قدرته ونعمته، لأن فيه إبطال الصفة، انتهى. وهذا الذي قاله الإمام رضي الله عنه، ثابت بالأدلة القاطعة: قال تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي } 2.
    { وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } 3 وقال تعالى: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } 4، { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ } 5 وقال تعالى: { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } 6 وقال تعالى: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } 7 وقال تعالى: { وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } 8 وقال تعالى: { وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ } 9
    وقال ﷺ في حديث الشفاعة لما يأتي الناسُ آدم فيقولون له: ( خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء ) الحديث. ولا يصح تأويل من قال: إن المراد باليد: القدرة، فإن قوله: { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ } 10.
    لا يصح أن يكون معناه بقدرتي مع تثنية اليد، ولو صح ذلك لقال إبليس: وأنا أيضاً خلقتني بقدرتك، فلا فضل له علي بذلك. فإبليس -مع كفره - كان أعرف بربه من الجهمية. ولا دليل لهم في قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } 11 لأنه تعالى جمع الأيدي لما أضافها إلى ضمير الجمع، ليتناسب الجمعان اللفظيان، للدلالة على الملك والعظمة. ولم يقل "أيديَّ" مضاف إلى ضمير المفرد ولا "يدينا" بتثنية اليد مضافة إلى ضمير الجمع فلم يكن قوله: { مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } 12 نظير قوله: { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ } 13.
    وقال النبي ﷺ عن ربه عز وجل: حجابه النور، ولو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
    ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء، أو جوارح، أو أدوات، أو أركان، لأن الركن جزء الماهية، والله تعالى هو الأحد الصمد، لا يتجزأ، سبحانه وتعالى، والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية، تعالى الله عن ذلك، ومن هذا المعنى قوله تعالى: { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } 14. والجوارح فيها معنى الإكتساب والإنتفاع. وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة. وكل هذه المعاني منتفية عن الله تعالى، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله تعالى. فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني، سالمة من الإحتمالات الفاسدة، فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً، لئلا يثبت معنى فاسد، أو ينفى معنى صحيح. وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل.
    وأما لفظ الجهة، فقد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق،، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله تعالى كان مخلوقاً، والله تعالى لا يحصره شيء، ولا يحيط به شيء من المخلوقات، تعالى الله عن ذلك. وإن أريد بالجهة أمر عدمي، وهو ما فوق العالم، فليس هناك إلا الله وحده. فإذا قيل: إنه في جهة بهذا الاعتبار، فهو صحيح، ومعناه: أنه فوق العالم حيث انتهت المخلوقات فهو فوق الجميع، عال عليه


    روى الهروي عن نوح الجامع قال: «سألتَ أبا حنيفة عما أحدثه الناس من الكلام في الأعراض والأجسام، فقال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة؛ فإنها بدعة
    وجاء في المحنة برواية حنبل: «قال أبو عبد الله: وقد احتجوا عليَّ بشيءٍ ما يقوى قلبي ولا ينطق لساني أن أحكيه.. وما ظننتهم على هذا، جعل برغوث يقول: الجسم وكذا وكذا، وكلامًا هو الكفر بالله العظيم، فجعلتُ أقول: ما أدري ما هذا، إلا أنني أعلم أنه صمد لا شبه له ولا عدل
    وذكره الحافظ ابن كثير، قال: «وقال أحمد بن حنبل: سمعت منهم مقالات لم أكن أظن أن أحدًا يقولها، وقد تكلم معي برغوث بكلام طويل ذكر فيه الجسم وغيره بما لا فائدة فيه، فقلت: لا أدري ما تقول، إلا أني أعلم أن الله أحد صمد، ليس كمثله شيء، فسكت عني»(

    والقصد مما سبق أن الإمام أحمد بن حنبل لما وجد أنهم استخدموا مصطلح “الجسم” استخدامًا سيئًا ليردّوا به الآثار، وألزموه أن صفة الكلام من صفات الحوادث والأجسام، حينئذٍ توقف في المصطلح الكلامي، إذ لم يأتنا خبر به؛ لأنه لو نفاه لظهر أمامهم متناقضًا جاحدًا للضروريات، وإن أثبته فقد تقوَّل على الله بغير علم، فلما ألزموه الحجة العقلية ليردوا الآثار توقف في مصطلحهم،.
    يقول الحافظ ابن عبد البر: «الذي أقول: إنه من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجًا علم أن الله تعالى لم يَعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين بأعلام النبوة ودلائل الرسالة، لا مِن قبل حركة، ولا من باب الكل والبعض، ولا من باب كان ويكون، ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبًا وفي الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازمًا ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم»(

    ويقول الدارمي ردًّا على المريسي في «نقضه» (ص: 406): «وأمَّا دعواك أنَّهم يقولون: جارح مركب، فهذا كفرٌ لا يقوله أحدٌ من المسلمين، ولكنَّا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف، كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه، وأثبت له الرسول، وهذا الذي تكرره -كما تكررون أنتم اليوم مرة بعد مرة جارح عضو وما أشبهه- حشو وخرافات وتشنيع، لا يقوله أحد من العالمين، وقد روينا روايات السمع والبصر والعين في صدر هذا الكتاب بأسانيدها وألفاظها عن رسول الله ﷺ، كما قال، ونعني كما عنى، والتكييف عنَّا مرفوع، وذكر الجوارح والأعضاء تكلف منك وتشنيع».

    وقد اعترف ابن عقيل قائلًا: أنا أقطع أن الصحابة ماتوا ولم يعرفوا لا الجوهر ولا العرَض. فإن رضيتَ أن تكون مثلهم فكن، وإن رأيت طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت

    ومقصود هؤلاء الرد على طريقة المتكلمين في «دليل الحدوث والأعراض»، وجعل النظر فيها أول واجب على المُكلف.
    قد سئل القاضي ابن سريج عن التوحيد، فذكر توحيد المسلمين، وقال: «وأما توحيد أهل الباطل فهو الخوض في الجواهر والأعراض، وإنما بُعث النبي ﷺ بإنكار ذلك

    وبنحو ذلك استدل أبو المظفر السمعاني حيث يقول: «وقد علمنا أن النبي ﷺ لم يدعهم في هذه الأمور إلى الاستدلال بالأعراض والجواهر وذكر ماهيتهما، ولا يمكن لأحد من الناس أن يروي في ذلك عنه ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم من هذا النمط حرفًا واحدًا فما فوقه، لا في طريق تواتر ولا آحاد»

    قال حافظ حكمي في معارج القبول
    قلت تفسير الاستواء بالاستقرار لم يرد في الكتاب ولا السنة ونحن لا نصف الله إلا بما ثبت في الكتاب والسنة لا نزيد عليه ولا ننقص منه


    وقال الإمام الألباني رحمه الله وطيب الله ثره
    "لا يجوز اعتقاد أن الله عز وجل يقعد على العرش، ولا نسبة الاستقرار عليه؛ لأنه لم يرد؛ فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل، وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى، وهذا مما لم يرد؛ فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل"اهـ (مختصر العلو ص 16، المقدمة ط. المكتب الإسلامي بيروت - عمان - دمشق ط. سنة 1412هـ- 1991م )


    ----------------------------------------------------------------------------------

    قول السفاريني رحمه الله تعالى أن يحد

    كما سبق بيانه في الكلام السابق فكذلك كلمة الحد من الألفاظ المجملة التي يجب اجتنابها والتوقف في لفظ الحد لا نقوله لا نثبته ولا ننفيه بل نستفصل عن المعنى فاذا اريد به الله بائن من خلقه مستو على عرشه منزه عن الحلول والاتحاد في شيء من خلقه فهذا المعنى حق ولكن نجتنب اللفظ واذا اريد به الانحصار فهذا باطل لأن الله منزه عن ان يحصره شيء او ان يحيط به شيء سبحانه وتعالى عن ذلك ولعل هذا هو مراد الشيخ السفاريني رحمه الله فافهموا رحمكم الله واجتنبوا الالفاظ المحدثة والتزموا بما في الكتاب والسنة بلا زيادة ولا نقصان

    نقل الذهبي في ترجمة أبي القاسم التيمي أنه سئل: هل يجوز أن يقال: لله حد، أو لا؟ وهل جرى هذا الخلاف في السلف؟ فأجاب: هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها، لغموضها، وقلة وقوفي على غرض السائل منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني: تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة، محصولها أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل: ليس لله حد: لا يحيط علم الحقائق به، فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك: لا يحيط علمه تعالى بنفسه، فهو ضال، أو كان غرضه: أن الله بذاته في كل مكان، فهو أيضا ضال. اهـ.
    قال الذهبي: الصواب الكف عن إطلاق ذلك، إذ لم يأت فيه نص، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله، خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا إيماننا. اهـ.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة


    قوله رحمه الله
    ٩ - فسائر الصفات والأفعال ... قديمة الله ذي الجلال
    المعنى الصحيح الذي ينبغي فهمه هو أن نوع الكلام والأفعال في حق الله قديم أزلي أبدي فالله سبحانه لم يزل متكلما ولا يزال ولم يزل فعالا ولا يزال والله قديم بصفاته منزه أن تحدث صفة متجددة لم تكن وللمزيد من الفائدة راجعوا تعليقي السابقه على قول الناظم ٤ - صفاته ك ذاته قديمة ... أسماؤه ثابتةعظيمة راجعوا التفصيل السابق

    ----------------------------------------------------------------------------------

    قوله رحمه الله
    ٥ - وجاز للمولى يعذب الورى ... من غير ما ذنب ولا جرم جرى

    فهذه العبارة ليست من قول السلف ولا هي من الثناء على الله فإنه سبحانه حرم الظلم على نفسه والنصوص النافية للظلم تثبت العدل في الجزاء وأنه لايبخس عاملا عمله فان الله تعالى يثيب المؤمنين ولا يظلمهم شيئا ويعذب الكفار والعصاة ولا يظلم ربك أحدا بل الله جواد كريم فيضاعف الحسنات ويعفوا عن السيئات ان شاء ولا يظلم مثقال ذرة

    هذا ما أردت أن أعلق عليه من منظومة العلامة السفاريني رحمه الله أسأل الله أن يرحمه ويرحم جميع علماء المسلمين ويغفر لكم ويجزيهم عنا خير الجزاء والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,613

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة

    بارك الله فيك ...

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة

    آمين وفيك بارك الله ياأخي الكريم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    273

    افتراضي رد: التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة

    قد شرح العقيدة السفارينية الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله على هذا الرابط

    https://shkhudheir.com/series/92342957

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •