وسطية أهل السنة في باب كرامات الأولياء

الكرامة أمرٌ خارق للعادة يُظهره الله - تعالى - لمَن يشاء من عباده المؤمنين، غير مقارن لدعوى النبوَّة، فإنْ لم يكن مقرونًا بالإيمان والعمل الصالح، فهو استدراج[1].

ومن أصول أهل السُّنَّة التصديقُ بكَرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق وعادات في أنواع العلوم والمكاشفات والتأثيرات، وأنَّ الكشف والكرامة ليسا بحجَّةٍ في أحكام الشريعة المطهَّرة، ولا يمتاز صاحب الولاية والكرامة عن آحاد المسلمين في شيءٍ من الزي والعمل والقول، ولا يختصُّ بالنذر وغيره ممَّا ينبغي لله سبحانه، فهم وسط في هذا الباب بين المتصوِّفة الذين غلوا في شأن الكرامة، وأفرَطوا وتجاوزوا فيها الحدَّ، حتى ادَّعوا للأولياء - باسم الكرامة - ما هو من خصائص الله وحدَه.
حتى قال بعضهم: إنَّ لله عبادًا لو شاؤوا من الله ألا يُقيم القيامة لما أقامها، وبين المعتزلة الذين جفوا في شأن الكرامة، وفرَّطوا فيها، ونفوا وقوعها، بحجَّة أنَّ الخوارق لو جاز وقوعُها من الأولياء لالتبس النبيُّ بغيره؛ إذ الفرق بينهما - عندهم - إنما هو المعجزة، وبنوا على ذلك ألا يجوز ظهور خارقٌ إلا لنبيٍّ [2].

[1] ينظر: "قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر" ص (100).
[2] وسطية أهل السنة والجماعة، الموسوعة الحرة.
______________________________ ____________________ _
الكاتب: الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي