تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الحوار التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تعزيز الأمن الفكري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي الحوار التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تعزيز الأمن الفكري

    الحوار التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تعزيز الأمن الفكري



    حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على حماية الشباب فكريا وسلوكيا كما في حديث الشاب الذي استأذنه في الزنا فعالج صلى الله عليه وسلم الأمر من خلال القناعة الفكرية بسوء ما يفكر به دون زجر أو عقاب

    من أنسب الأساليب المتبعة لتحقيق الأمن الفكري أسلوب الحوار التربوي وقد نهجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته فحاور الناس وجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة
    الهدف الأساس من الحوار التربوي هو هداية الخلق إلى الحق لا غلبتهم أو إلحاق الهزيمة بهم
    حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تعليم المؤمنين أمور دينهم من عقائد وعبادات وأخلاق وذلك من خلال حواره مع الصحابة والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم
    تعليم الأفراد المنحرفين بأن القصاص ينتظرهم يجعله رادعًا لهم قبل الإقدام على الجريمة وبذلك يأمن كل فرد على نفسه والمجتمع
    للأمن الفكري أهمية عظيمة في حياة الفرد والمجتمع؛ فهو وسيلة المحافظة على الأمة وشخصيتها، وعنصر أساسي في تقدم الشعوب، ويحدد تصور الإنسان للحياة ووجوده فيها، فالمساس به يمس المجتمع كله، واختلاله يؤدي إلى سلب هوية الأمة، وتحقيقه لدى الفرد يؤمن تحقيقًا تلقائيا للأمن في الجوانب الأخرى كافة، والأمن الفكري يستمد جذوره من عقيدة الأمة ومسلماتها، ولا يكتب النجاح للدعوة إلا في وجوده، فمبعث أمان الأمة وعنوان تقدمها مرهون بسلامة عقول أفرادها ونزاهة أفكارهم، وحماية لوجود الأمة وتميزها عن باقي الأمم، ويتطلب حماية جميع المنازل من الاختراق قدر الإمكان.
    ومن أنسب الأساليب المتبعة لتحقيق الأمن الفكري، أسلوب الحوار التربوي؛ فهو أسلوب مخاطبة العقل، ومواجهة الفكر بالفكر، وتقديم نموذج راقٍ للحوار، وقد نهجه الرسول -[- في حياته، فحاور الناس وجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
    مراحل تحقيق الأمن الفكري
    أكد خبراء التربية أنَّ الأمن الفكري يتحقق من خلال مراحل أساسية وهي: 1- مرحلة التعليم والبناء الفكري. 2- مرحلة الوقاية. 3- مرحلة التقويم. 4- مرحلة العلاج. وقد استخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجموعة من الأساليب التربوية لتحقيق الأمن الفكري، ونتعرض هنا لبعض الأمثلة من سيرته - صلى الله عليه وسلم - من خلال استخدامه أسلوب الحوار التربوي الهادف في المراحل المختلفة السابقة للأمن الفكري:
    المرحلة الأولى: التعليم والبناء الفكري
    حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تعليم المؤمنين أمور دينهم من عقائد وعبادات وأخلاق، وذلك من خلال حواره مع الصحابة والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم عن الأمور التي أشكلت عليهم والإقرار بالصواب وتصحيح الأخطاء، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتدرون ما الغِيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «ذِكرُك أخاك بما يكره»، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه فقد اغتبتَه وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه»، وفي هذا الحوار أسلوب تربوي، فيه مخاطبة لعقول الصحابة؛ مما يعمل على نشر الأمن في المجتمع.
    حديث الأعرابي
    كذلك ما ورد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في الحديث: بينما نحن جلوس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم عَقَلَه، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم - متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال له الرجل: يا ابن عبدالمطلب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد أجبتك»، فقال الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني سائلك فمُشدِّدٌ عليك في المسألة، فلا تجدْ عليَّ في نفسك. فقال: «سل عما بدا لك» فقال: أسألك بربك ورب مَن قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم نعم»؛ فقال الرجل: آمنت بما جئتَ به، وأنا رسول مَن ورائي مِن قومي، وأنا ضِمامُ بن ثَعلبَة أخو بني سعد بن بكر. فأسلوب الحوار الذي قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعله يغير من فكره وينقل ذلك إلى قبيلته، وبذلك نشر الحق في المجتمعات.
    المرحلة الثانية: الوقاية
    وهي اتخاذ الأساليب والإجراءات العملية لحماية الفكر من الانحراف، ومن الأمثلة على ذلك ما قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقرأ التوراة؛ حيث غضب الرسول - صلى الله عليه وسلم - خوفًا من المفسدة التي ستسببها، وخوفًا من اختلاط الحق بالباطل، وبذلك يتم تجنب المفاسد قبل وقوعها، فعن جابر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكُتُب، فقال: يا رسول الله، إني أصبت كتابًا حسنًا من بعض أهل الكتاب، فغضب، وقال: «أمُتَهَوِّكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده، لو كان موسى حيًا اليوم ما وسعه إلا أن يتبعني».
    الابتعاد عن الشبهات
    وقد حرص أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حماية أنفسهم والابتعاد عن الشبهات، مخافة الانحراف الفكري، فعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- يقول: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في الجاهلية في شر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم وفيه دَخَن». قلت وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر». قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها». قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ فقال: «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا». قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»، وفي هذا الحوار التربوي وقاية لما قد يصيب المجتمع من ضلال فكري، وكيفية الوقاية منه.
    المرحلة الثالثة: التقويم
    وهي تعني تقويم ما يراه الإنسان من أخطاء وتصحيحها وعدم الصمت حيالها ما دام يعلم عدم صوابها، عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمًا، فقلت: يا رسول الله، أعط فلانًا فإنه مؤمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أو مسلم» أقولها ثلاثًا، ويرددها علي ثلاثًا «أو مسلم»، ثم قال: «إني لأعطي الرجل، وغيره أحبُّ إليَّ منه، مخافة أن يكبه الله في النار»، ففي الحديث حوار دار بين سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - والرسول - صلى الله عليه وسلم - حول كونِ الرجل الذي لم يعطَ مؤمنًا، ولكن الرسول يقوم الأخطاء ويبين أن هناك فرقًا بين الإيمان والإسلام فلا نحكم على الأمور بظاهرها، وبين له سبب العطاء لغيره من المؤلفة قلوبهم. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل لك من إبل؟» قال: نعم، قال: «فما ألوانها؟» قال: حمر، قال: «هل فيها من أورَقَ؟» قال: إن فيها لَوُرقًا، قال: «فأنى أتاها ذلك؟» فقال: عسى أن يكون نزعه عرقٌ، قال: «وهذا عسى أن يكون نزعه عرق»، ففي هذا الحديث تصحيح مسار السائل، وذلك مما يحقق الأمن الفكري للمجتمع؛ حيث إن الحوار مع هذا السائل أدى إلى إبعاد الشكوك عن قلبه، التي وجودها كان من الممكن أن يسبب خللاً أسريًا، ومن ثم تفكك المجتمع.
    المرحلة الرابعة: العلاج
    وهي آخر مرحلة من مراحل تحقيق الأمن الفكري التي تكون بعد تقويم الفرد ومحاورته للتخلص من مشكلاته الفكرية، فلا يمكن تركه دون علاج؛ لأنه قد يسبب تهديدًا للأمن والاستقرار ونشر الفكر المنحرف إذا لم تتم معالجته، وهذا العلاج على درجات: التعريض: ففي الحديث كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، إذا بلغَه عن الرجلِ الشيءُ، لم يقل: ما بالُ فلانٍ يقولُ، ولكن يقولُ: «ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا وكذا»، وفي ذلك حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على مشاعر الناس، ويستخدم التعريض ثم ينهى أو يأمر بالواجب، فيتعلم الجميع دون أن يتأذى المسيء.
    التوجيه المباشر: عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما- قال: كنت في حَجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت يدي تَطيشُ في الصَّحْفَة، فقال لي: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك».
    التوبيخ: فعن المَعرور بن سويد -رحمه الله- قال: رأيتُ أبا ذرٍّ - رضي الله عنه - وعليه حُلّةٌ، وعلى غُلامه مثلُها، فسألتُه عن ذلك، قال: فذكر أنه سَابَّ رجلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعَيَّرهُ بأمه، قال: فأتى الرجلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنك امرُؤٌ فيكَ جاهليةٌ، إخوانُكم وخَوَلُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه، فليُطعِمه مما يأكل، وليُلبِسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه».
    الترغيب والترهيب: ففي الأحاديث وصف للجنة والنار، والجزاء والعقاب وفي ذلك علاجٌ للانحراف الفكري، فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ألا أُنبِّئُكُم بأكبرِ الكبائرِ» «ثلاثًا» «الإشراكُ باللهِ وعقوقُ الوالدَيْن وشهادة الزور أو قولُ الزُّورِ»، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متكئًا فجلس، فما زال يكررها حتَّى قلنا ليته سكت!
    حماية الشباب فكريا وسلوكيا
    وقد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على حماية الشباب فكريا، فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إن فتى شابًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه. فقال: «ادنه»، فدنا منه قريبًا. قال: فجلس قال: «أتحبه لأمك؟» قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم». قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم». قال: «أفتحبه لعمتك؟» قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبَه، وطهر قلبَه، وحصن فرجَه». قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. ففي الحديث أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقر في ذهن السائل ومن بعده قاعدة مهمة وهي «ما لا ترضاه لنفسك لا ترضه للناس» وبذلك عالج الموضوع فكريا دون زجر أو عقاب، بل من خلال القناعة الفكرية بسوء ما يفكرون به، وهو ما لا يقبله عاقل لنفسه أو غيره.
    مرحلة تنفيذ العقوبة
    وإذا لم يتم معالجة الفكر بالحوار التربوي، تأتي مرحلة تنفيذ العقوبة عليه، لكن لابد من الحوار للتثبت قبل إقامة الحد بالإقرار والبينة ولفتح باب التوبة له، وذلك كما حدث أنَّ ماعزَ بنَ مالكٍ أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لَهُ: «لعلكَ قبَّلتَ أو غَمزتَ أو نظرتَ» قالَ لا، قالَ: فعلتَ كَذا وكَذا؟ لا يَكنِي. قالَ: نعم، فعند ذلك أمرَ برجمِه. فمعرفة الأفراد المنحرفين بأن القصاص ينتظرهم يجعله رادعًا لهم قبل الإقدام على الجريمة، وبذلك يأمن كل فرد على نفسه، والمجتمع.
    أهداف الحوار التربوي
    الهدف الأساس من الحوار التربوي: هداية الخلق إلى الحق، لا غلبتهم أو إلحاق الهزيمة بهم، قال الشافعي -رحمه الله في ذلك-: «ما ناظرتُ أحدًا قط إلا أحببت أن يُوفَّق ويُسدَّد ويُعان ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما ناظرت أحدًا إلا ولم أبال بَيَّنَ اللهُ الحقَّ على لساني أو لسانه»، فالحوار التربوي الهادئ مفتاح القلوب وطريق للنفوس وبه تحصل الدعوة.
    ضوابط الحوار التربوي وآدابه
    الرحمة بالخلق والحرص على هدايتهم.
    الحكمة والموعظة الحسنة واللين مع المخاطبين.
    فهم طبيعة المخاطب وذكر الحجج بعيدًا عن التجريح والألفاظ النابية.
    حسن الاستماع للطرف الآخر، فالحوار مسألة تبادل للآراء.
    إخلاص النية لله -تعالى-، ودفع حب الظهور والتميز والتعالي على الأنداد عن النفس.
    اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان






  2. افتراضي رد: الحوار التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تعزيز الأمن الفكري

    جميل اخي ابو وليد كتب الله اجرك ورفع قدرك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: الحوار التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تعزيز الأمن الفكري

    آمين وإياكم
    أحسن الله إليكم


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •