تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 33 من 33

الموضوع: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    صور التنفس العميق:

    للتنفس العميق صورتان:

    الأولى: تتعلق بممارسات الطب التكميلي البديل، حيث تهدف لإدخال المزيد من الأكسجين إلى خلايا الجسم، والتي يعتقد أن لها منافع صحية ونفسية كالاسترخاء وإزالة التوتر وخفض ضغط الدم ونحو ذلك، وهو في هذه الحالة ممارسة علاجية مؤقتة تقدم للمرضى لمساعدتهم، ويقيم صحتها وفائدتها الأطباء المتخصصون، وهي وصفة يوصى بها لمريض يراجع العيادات الطبية للتخلص من أمراض معينة، كبعض حالات الربو، ونقص الأكسجين في الدم وغيرها…، ويرجع لأهل الاختصاص في تقدير الحاجة إليها لمرضاهم.

    الثانية: هي مايعرف بالتنفس الطاقي، ويزعم من خلالها إدخال مايعرف بطاقة البرانا أو طاقة الحياة المزعومة، هدفها الأهم الوصول إلى حالة من الشعور بالوحدة والاتصال مع مصدر وجودك أو إلهك الداخلى (باعتقادهم)، والمرور بتجربة روحانية كشفية عميقة (كما يسمونها).


    حقيقية التنفس الطاقي:
    هو ممارسة مهاريشية هندوسية مرتبط بالتأملات الروحانية والطقوس الشرقية، كاليوغا والتاي تشي ونحوها، وقد يكون للتنفس الطاقي أهدافا صحية ربما تمثل مدعاة للتلبيس والإيهام وإبعاد شبهة الممارسة الدينية عنها، إلا أن له بعدا دينيا وثنيا -وإن لم يصرح الممارسون المسلمون بحقيقته-…
    فقد كشف رهبان البوذيين ذلك، مثل تصريح الراهب الفيتنامي Thich Nhat Hanh …حيث أكد في تسجيل مرئي له بأن التنفس العميق هو أن تتنفس مثل بوذا.
    وهذا النوع من التنفس العميق (التنفس الطاقي) عادة يقترن بالمصطلحات الفلسفية مثل: تشي وبرانا والطاقة والكونداليني والوعي والإشراق والاستنارة وغيرها وبوضعيات اليوغا الجسدية، وبالنطق بألفاظ رتيبة مكررة أو سماعها وتسمى "مانترا"، ويوصف زورا بأنه منهج حياة وسلوك يومي للأصحاء، وقد يربطونه بالذكر والعبادات.
    ….وذكر في موقع هندو ويب سايت أن التنفس في الهندوسية يسمى برانا بجانب الذات والذات العليا…




    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    حقيقة التنفس التحولي:

    لوحظ في الفترات الأخيرة كثرة تردد أخوات مسلمات على جلسات ما يسمى بالتنفس التحولي Transformational breath ، ومن خداع رواد التنفس التحولي إيهام الناس أن ما يشعرون به بعد هذا النوع من التنفس إنما هو بسبب كمية الأكسجين…!
    فهل تنفس الأكسجين بهذه الصورة يمسح عقد الطفولة من الذاكرة ويحول الإنسان المعقد إلى إنسان سليم!؟
    هل الأكسجين يشفي الصدمات النفسية والأمراض المستعصية؟
    هل تنفس الأكسجين من الفم شهيق وزفير دون توقف لساعات يخلق حالة الحب الغربية وغير الطبيعية التي يشعرون بها بعد ممارسة هذا التنفس؟!
    إن رواد التنفس التحولي في الغرب يصرحون في أقوالهم أن ذلك بسبب قوة طاقة الحياة (المشبوهة) Life Force ذات الترددات العالية، والتي هي ذاتها برانا وتشي و…و…، وغالبا يصاحب هذا النوع من التنفس ممارسات باطنية مثل ترديد التوكيدات، ووضع اليد على الصدر، وترديد أصوات وابتهالات…!
    بل إن جوديث كرافيتز -مؤسسة هذا النوع من التنفس- ذكرت في مقالة لها أن الممارس للمستوى الثالث سيتعرض لرؤى وتجارب باطنية نتيجة انفتاحه عى أبعاد أخرى في الوجود والتي يتلقى منها الإرشاد!

    فأي تنفس هذا الذي يغير وعيك تماما والذي يصرحون أنه يربطك بمصدر ذاتك الروحي؟
    وأي تنفس هذا الذي تعترف فيه رائدته ومؤسسته بأنه لا يهدف لإدخال الأكسجين، بل البرانا؟!
    ويصرح رواده بأن الهدف منه هو معرفة: من أنت؟ ولتحقيق تجارب روحية!

    وقد اعتمدت "جوديث" …على طريقة تنفس…اخترعها ليونارد أور…وقد قامت "جوديث" بدمج هذه الممارسة مع بعض الإضافات لتطويرها، وسجلت الممارسة الجديدة -تجاريا- باسم "التنفس التحولي" والذي يبني على معتقدات بالية متخلفة، حيث تم تصنيفه بالعلم الزائف من قبل المحافل العلمية والطبية.


    سنقوم ببيان أصل وحقيقة التنفس التحولي… من تصريحات في الموقع الرسمي لمؤسسة التنفس التحولي جوديث كرافتز:

    أولا: قامت جوديث بدمج مبادئ مختلفة من دراسات الدكتوراه في الميتافيزيقا، ويوجا، الكونداليني،…
    وغيرها من المبادئ العلاجية والروحية المصنفة عالميا كعلم زائف.
    ثانيا: ثناء الملحد الروحاني ديباك شوبرا، والراهب البوذي التبتي Rinpoche Tulku Lama على جوديث وعلمها، وأن ماتقوم به هو الطريق المختصر للاستنارة.
    والاستنارة عند البوذيين تعني أن نصبح بوذا، وهو أقصى نمو لكامل إمكانياتنا البشرية والهدف النهائي للبوذية.
    ثالثا: تؤكد "جوديث" أن أحد برامج التدريب التمهيدية للتنفس التحولي لا يهدف فقط إلى الحصول على صحة جسدية، بل أيضا للكمال الروحي!
    …وادعت أننا بممارسة التنفس التحولي نصل إلى المستويات الروحية الأعمق من وجودنا، وبلاشك أن المستويات العليا من الوعي عند الصوفيين والطاويين واليوجيين الهنود، تعني التواصل مع أرواح الحكماء والآلهة التي يقدسونها ويتواصلون معها في تأملاتهم، وهذه هي الروحانية التي تشير إليها "جوديث"، فهل ذلك يناسبنا كمسلمين موحدين؟
    رابعا: ذكر في الموقع أن من أهداف التنفس التحولي التطوير الروحاني لأنه:
    ١- يعمق التأمل.
    ٢- يقوي الاتصال الإلهي.
    ٣- يوسع الوعي.
    ٤- يطور المواهب الروحانية.
    ٥- يسمح بالتعبير الأكمل عن الحب والفرح.
    خامسا: تؤكد جوديث في موقعها على المعلومات المتوفرة على الموقع هو فقط للمعلوماتية، وليس للأغراض التشخيصية أو العلاجية لأي مرض أو حالة، وأنه لم يتم الإدعاء بأي فوائد صحية محددة، وأنه يجب استشارة الطبيب قبل القيام بالممارسة، وأن المؤسسة تخلي مسؤوليتها عن المخاطر المحتمل حدوثها لمن يستخدم المعلومات حول التنفس التحولي من هذا الموقع، حيث يتحمل هو كامل المسؤولية عن ذلك، كما أكدت أن المحتوى لم يتم تقييمه أو الموافقة عليه من قبل FDA (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية)!
    سادسا: هناك مقطع لجوديث وهي تصرح بأن الذي تعنيه في تقنيتها ليس الأكسجين، بل البرانا، فالتنفس التحولي "يسمح للخلايا بأخذ الدم المشبع بالأكسجين وطاقة البرانا الحيويه"، وطاقة البرانا هي طاقة فلسفية معروفة في مدرسة اليوغا الهندوسية.
    …وتعترف أن ممارسة التنفس التحولي غير مرخصة دوليا، إلا أن المعالجات بهذه الممارسة المشبوهة تدعين فاعليتها في علاج الأمراض، السؤال هنا نوجهه للممارسات: كيف يسلم المريض نفسه لمن لا يحمل أي مؤهلات طبية؟!


    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    دحض ممارسة التنفس الطاقي:

    إن التنفس العميق محل جدل مشهور، وقد يختلط الأمر على كثير، بل وحتى على بعض الأطباء الموثوق بهم، فلا يفرقون بين التنفس العلاجي الحقيقي وبين التنفس الطاقي المشبوه.
    وفي الحقيقة إن انتشار الدعاية للتنفس العميق في العصر الحديث وفي غالب دورات التنمية البشرية ما هو إلا دعوة للتنفس الطاقي والذي له منافع مزعومة ومضار متوقعة فيما يتعلق بالأصحاء، بينما هو في حقيقته ترويج للتنفس الطاقي التابع للتيار البطني الروحاني ذو العلاقة الوثيقة بالفلسفات والروحانيات الباطنية وممارساتها الشرقية التي تسعى لإدخال الناس في حالات مغيرة للوعي، وهذا ضمن فلسفتها في الحياة.
    فهل التنفس من الفم شهيق وزفير دون توقف هو التنفس الصحيح؟ أم أنه تغيير لخلق الله لقوله تعالى: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا}.

    أ-المخاطر الصحية للتنفس الطاقي:
    يدعي مروجوا التنفس الطاقي بأننا لانتنفس بالصورة الصحيحة، وأنه لابد من الرجوع إلى التنفس البطني الذي يمارسه الأطفال!
    الرد عليهم بأنه لو كان ذلك صحيحا فلماذا لم يجعلنا الله تعالى -أحسن الخالقين- نستمر في التنفس البطني بعد أن كبرنا؟
    يرى غالب الأطباء أن التنفس بالطريقة الطبيعية المعتادة والتي تتناسب مع الجهد المبذول هو كاف للأصحاء وهو أفضل الطرق وأنفعها في التنفس، بل هناك من ينبه على خطر المداومة على تمارين التنفس العميق، أو المبالغة في أدائها.


    وحول المخاطر الصحية من جراء ممارسة التنفس الطاقي نورد التصريحات العلمية الموثقة التالية:

    ١) نشرت شركة aspd للتقدم العلمي والنشر… مقالا للدكتور Michael J. Parkes …نشرت مقالا يحذر فيه من المبالغة في التنفس قائلا:
    "إن الذين يتفوقون في حبس النفس يعتمدون عادة على أربعة مبادئ جوهرية. فإطالة حبس النفس تسبب مجازفات خطيرة من فقد الوعي إلى أذى الدماغ وحتى إلى الموت. لذلك يجب أن تكون العناية الطبية دوما في حالة تأهب".

    ٢) نشرت مجلة العلوم النفسية…آثار زيادة معدل التنفس وخطورة إدخال كميات كبيرة من الأكسجين إلى الدماغ عبر ما يسمى بتمارين التنفس أو غيره دون رقابة طبية موثوقة:
    * إن زيادة معدل التنفس Hyperventilation تعني التنفس بشكل يزيد عن حاجة الجسم ووجود اضطراب في عملية التنفس.
    * إذا لم تكن العضلات بحاجة إلى الأكسجين الزائد، فيمكن أن يكون الأثر سيئا ومتعبا، ويمكن أن يؤدي إلى ظهور الأعراض التالية:
    - سرعة التنفس مع وجود صعوبة في التقاط الأنفاس.
    - الشعور بضيق في الصدر.
    - زيادة كبيرة في معدل ضربات القلب.
    - زيادة نسبة التعرق.
    - الشعور بعجز خفيف أو تنميل.
    - الإغماء.
    - تخيل أوهام.
    - تشويش أو اضطراب في الرؤية.
    - تيبس وشد في العضلات.
    - ثورات انفعالية مفاجئة مثل البكاء.
    - الشعور بحرارة أو برودة شديدة في الجسم.
    - عندما تبدأ في التنفس بشكل زائد، يحدث اختلال في ميزان الغازات في الرئتين…

    ٣) في تقرير عن التنفس التحولي صادر عن "دان مارتن" خبير كبير في التخدير والرعاية الحرجة:
    "إن زيادة كمية الأكسجين (حوالي ٦٠٪ ومافوق) يعد ضارا في الواقع، ويطلق عليه سمِّيَّة الأكسجين، ونفى "مارتن" ادعاء أصحاب التنفس التحولي أن ٧٠٪ من السموم في أجسادنا يتم القضاء عليها من خلال تنفسنا، لأن السموم تتم إزالتها عبر الكلى والرئتين، وتتم إزالة ثاني أكسيد الكربون بالفعل من الجسم عبر الرئتين".
    كذلك نفى الادعاء بأن ٨٠٪ من طاقتنا يأتي من أنفاسنا، وأكد أن الغاز الذي نتنفسه لا يحتوي على أية طاقة على الإطلاق… فالهواء لا يحتوي على طاقة، حيث أن الأكسجين يستخدم كعامل أكسدة لإطلاق الطاقة من الكربوهيدرات التي نأكلها، أما الأكسجين فلا يتحول إلى طاقة.

    ٤) صدر عن مركز UC San Diego Health الطبي في موقعهم الالكتروني من تعريف لما يسمى بسُمِّية الأكسجين على أنه تلف للرئة يحدث من التنفس الإضافي للأكسجين، ويمكن أن يسبب السعال ومتاعب في التنفس، بل قد يؤدي حتى إلى الموت في الحالات الشديدة.



    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    ب- حكم ممارسة التنفس الطاقي:

    أنه من الطقوس الشرقية التي لايجوز للمسلم ممارستها، لما في تلك الممارسات من مشابهة للكفار فيما هو من خصائص دينهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وقال شيخ الإسلام في الاقتضاء: "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم".
    أما المنفعة الصحية المزعومة فليست حصرا على طقوس الهندوس، بل في ما افترضه الله من العبادات وما سنه الرسول من الهدايات وما أحله الشرع من الرياضات والتمارين الصحية العامة سعة للمؤمن وغنية عن هذه الروحانيات.
    أما بالنسبة للتنفس التحولي بصورة خاصة فيمكن القول بأنها ممارسة ومنظومة محددة ترتبط بالفلسفات الاستشفائية الشرقية بشكل ظاهر، وتخلط بين الفوائد الجسدية والأهداف الروحانية الباطنية، مع عدم وجود منافع جسدية ثابتة علميا تميزها عن تمارين الاسترخاء والتنفس الأخرى، بل إن إدخال كميات كبيرة من الأكسجين لا يصلح لكل إنسان وفي أي حال لابد وأن يكون تحت إشراف طبيو لذلك Kravitz Judith في موقع مؤسسة التنفس التحولي تخلي مسؤوليتها إذا حصلت مضاعفات للممارسين أثناء التدريب كي لا تساءل قانونيا.
    ثم أي خير يرتجى من ممارسة التنفس التحولي إذا كانت مؤلفته "جوديث كرافتز" خريجة العلوم اللاهوتية من جامعة تدرس هذه العلوم، وحاصلة درجة الدكتوراه ليس في العلوم الطبيعية بل في الميتافيزيقيا (علوم ماوراء الطبيعة)، والتي يتخصص فيها دعاة حركة العصر الجديد لترويج الخرافات والشعوذات المستندة على الديانات الوثنية والفلسفات الشرقية…

    ومن خلال عرضنا لحقيقة التنفس التحولي تبين لنا أن الهدف من ممارسته ليس فقط التشافي الجسدي، بل أيضا الدخول في عالم الروحانيات من خلال التأملات العميقة، والتي يعتمد عليها أصحاب الديانات الشرقية الوثنية كالهندوس والبوذيين لخوض تجارب روحانية، والتي تعني لهم التواصل مع أرواح السابقين من الحكماء والمرشدين الروحيين لتحصل لهم الاستنارة، وهذا هو المقصود بالتطور الروحاني، والذي لا يمت بأي صلة بالروحانية في الإسلام..

    وبناء على ذلك لا يجوز تعلمها ولا تعليمها ولا الاستشفاء بها، وفي ما أباحه الشرع مما لم يتلوث بالأفكار الباطنية غنية وكفاية، والله تعالى أعلم.



    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    جدلية قانون الجذب وتوابعه

    تعريف قانون الجذب:
    يلزم لمعرفة معنى أي مصطلح الرجوع إلى مصادره الرئيسية، ورواده الذين ابتدعوه أو روجوا له، فبالنسبة لما يعرف بقانون الجذب يعتبر فيلم وكتاب السر The Secret المرجعان الرئيسيان لرواده،
    وهما لمنتجة الأفلام الأسترالية (روندا بايرن) المولودة ١٩٥١، والتي تنتمي لحركة الفكر الجديد، والتي يؤمن أصحابها بمجموعة من المبادئ (الميتافيزيقية) والمختصة بطرائق العلاج، وتطوير الذات، وتأثير الفكرة في الماديات.
    وكتاب وفيلم (السر) يدوران حول هذه المفاهيم، ويروجان لها وفق منظومة هذه الحركة.
    …إذن فالسر هو المصطلح الجديد للتعبير عن مبدأ "قانون الجذب" (The Law of Attraction).

    وفيلم السر هو فيلم وثائقي عرض باللغة الإنجليزية يتحدث عن السر الذي أخفاه بعض الناس عن العامة كي يستأثروا بالمنافع العظيمة التي تأتي من وراء تطبيق هذا السر، والذي إن طبقته لم يعد شيء يقف بينك وبين كل أحلامك حتى المستحيلة منها والتي تظن أنه لا يمكن أن تحقق.
    ثم يظهرون في الفيلم أشخاصا معروفين يتكلمون عن قانون جذب الأفكار وكيف حولهم هذا القانون من أناس بائسين…إلى أشخاص أنجح ما يكون ماديا وعاطفيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وحياتيا بشكل عام،
    وعلى ذلك فإن هذا القانون حسب الكتاب والفيلم يدعو بكل بساطة إلى توجيه أفكار الشخص كاملة نحو الإيجابيات وليس السلبيات، ويتخيل كل مايريد أن يصل إليه ويستشعر ذلك بكل ذرة في كيانه، وهذا سوف يؤدي إلى إطلاق طاقة كامنة في جسده إلى الفضاء تجذب كل الظروف والأسباب التي تؤدي في النهاية إلى تحقيق أمنياته التي استشعرها بكل جوارحه.

    ومن ذلك يمكننا تعريف "قانون الجذب" على أنه مبدأ (عند معتنقيه طبعا) يقوم على الاعتقاد بأن الوقائع والأحداث الحقيقية في هذا العالم من الكون والأفلاك إنما هي نتيجة المشاعر والأفكار التي في أذهان الناس، والتفكير في شيء يجذبه إلى حياة من يفكر به،

    ويزعم أنصاره أنه قانون كوني يُمكِّن الإنسان من اجتذاب كل ما يريده من الحياة (الصحة، السعادة، الثروة، الحب…) إلى نفسه.


    وللمزيد من التوضيح لمفهوم قانون الجذب نستعرض جملة من أقوالهم:
    "

    *"إذا توافقت ذبذبات شيء تريده مع ذبذباتك فهذا شيء جيد، فذبذباتك تجذب الأشياء".
    *" إن الكون يتكون من ذرات والذرات تتكون من نواة وإلكترونات وأن أساس النواة جزيئيات أصغر وأصغر حتى نصل إلى أنها مجرد ذبذبات، لذا فالكون كله ذبذبات وليس مادة".
    *"ذبذبات السعادة والثراء عالية، وذبذبات الحزن والفقر منخفضة ولها قياس معين".
    *"ارفع مستوى ذبذباتك ترتفع طاقتك".
    *"الإنسان يجذب الأشياء".
    *"الإنسان يؤثر في الكون ويجذب كل ما يريد".



    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    التفنيد العلمي لقانون الجذب:

    القائلون بما يعرف بـ "قانون الجذب" يصرحون بأن هناك " قانون" وهناك "جذب"، فما هو القانون علميا؟ وماهي الخرافة؟ وهل الجذب قانون أم خرافة؟
    أما القانون فهو خلاصة لفرضيات ونظريات أجمع على صحتها ولا تقبل النقض، فأي فكرة لموضوع معين أو لتحليل ظاهرة ما تبدأ بوضع فرضية نفترض حدوثها بشكل ما،
    ثم نبدأ بعمل اختيارات من كافة الجوانب العلمية وللعديد من أمثلة هذه الظاهرة، فإذا أتت كلها بنتيجة واحدة ترتقي لجعلها نظرية، ثم يجب أن تخضع النظرية لاختبار آخر وهو التخطئة، أي نحاول جعلها خطأ، فأي نظرية مزعومة نستطيع نقضها لا تتعدى أن تكون مجرد توهمات أو خزعبلات لا أساس لها علميا، نستثني من ذلك الأمور العقائدية التي أثبتها الشرع.
    أي أن الافتراض أو الفكرة المطروحة حتى تسمى قانونا لابد من إخضاعها للمنهج العلمي، والذي يقوم على أساس افتراضات مقبولة عقلا تدعمها شواهد كثيرة ونتائج تجارب تأكدت صحتها!
    وأما الخرافة فهي الاعتقاد أو الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة، وترتبط الخرافات عادة بفلكلور الشعوب، حيث أن الخرافة عادة ما تمثل إرثا تاريخيا تتناقله الأجيال.



    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    فهل قانون الجذب ينطبق عليه تعريف العلم أم تعريف الخرافة؟
    سنعرف ذلك من خلال التفنيد العلمي لأقوال رواد الجذب وأفكارهم:


    ١- حقيقة خاصية الجذب في الدماغ:
    يرى أصحاب الجذب أنه طالما أن هناك موجات كهرومغناطيسية في الدماغ، وتيار كهربي يمر بالخلايا العصبية، إذن هذا التيار يخلق مجالا كهرومغناطيسيا هو السر في قوة جذب الأمور والأشياء،
    والرد العلمي على ذلك:
    أنه بالرغم من ثبات وجود تلك الموجات في الدماغ والتيار الكهربي في الخلايا العصبية، إلا أن مجالها غاية في الضعف لدرجة أن العلماء يستخدمون أجهزة غاية في الدقة من أجل التقاطه،
    أما كتاب "السر" فيدعي أن هذا المجال الخاص بدماغنا يمكن له ليس فقط أن يخرج منه -وهذا مستحيل- ولكن أيضا أن ينطلق ليسير في أجواء الكون كله!
    إذن هذه هي الخرافة الأولى.

    ٢-حقيقة الذبذبات:
    ليس للذبذبات أصلا خاصية الجذب، كما أن كل مادة أو جسم لايمكن أن يهتز إلا وفق ترددات محددة تعتمد على كتلة ومرونة تلك الأجسام، وحتى هذه الترددات أو الذبذبات الصادرة عن الماديات ليس لها خصائص جذب، فكيف يكون هناك خصائص جذب لترددات المعنويات التي أصلا لاوجود مادي لها؟

    هم جعلوا للسعادة كيان وذبذبات عالية، وللثراء كيان ذبذبات عالية، وكذلك لغيرها من المعاني الإيجابية، وفي المقابل جعلوا للحزن والفقر كيان وذبذبات منخفضة، وكذلك لجميع المعاني السلبية، وابتدعوا لكل منها قياس معين، في حين أنه علميا المعنويات والمشاعر والأحاسيس الإيجابية منها والجميلة (كالسعادة والسكينة والغنى والصحة)، والسلبية منها والذميمة (كالحزن والغضب والفقر والمرض)، أصلا لاوجود لكيان مادي لها، وبالتالي لا ترددات لها، ولا تصدر ذبذبات، فضلا عن وجود أجهزة لقياسها تجريبيا؟
    إذن هذه هي الخرافة الثانية.

    ٣- الفجوة بين المشاعر الإيجابية وجذب الأحداث:
    في كتاب "السر"، وفي مفهوم قانون الجذب عموما هناك الكثير من القفزات مما هو علمي إلى ماهو محض هراء وخرافة، والتي لم يستطيعوا هم أنفسهم تبريرها،
    أهمها وأبرزها تلك القفزة والفجوة الكبيرة غير المفهومة بين تأثير العلاج الوهمي (Placebo) والذي يعني أن بعض الحالات في بعض الأمراض قد واجهت تحسناً حينما تعرض المرضى إلى أدوية على أنها تعالج أمراضهم فتحسّنت حالاتهم بدرجات، لكن تلك الأدوية لم تكن بالأصل سوى حبات سكر، أو ادعاء الكتاب أن "العلم يقول" أن الأفكار الموجبة تحسن حالة أصحابها، ثم بعد ذلك يقفز الكتاب من هذه الفكرة المقبولة والثابتة علميا إلى أفكار ونتائج خيالية غير مفهومة الارتباط مع تلك الفكرة العلمية، ألا وهي كيفية جذب الثروة أو السعادة أو جلب الحبيب أو...أو…،
    وهذه هي الخرافة الثالثة.

    ٤- حقيقة الطاقة في قانون الجذب:
    هم يقومون بإيهام الناس بالحديث عن حقائق فيزيائية ليست ذات صلة بما يدّعون مستخدمين مصطلح "طاقة" ليلبسون الخرافة قناع العلم، فليست هي الطاقة التي يستخدمونها مجازا بمعنى القدرة، أو الهمة، أو الايمانيات العالية، بل يشيرون إلى طاقة كونية ذات مفهوم فلسفي قائم على عقائد أديان الشرق خصوصا الصين، والهند، والتبت، وتسمى بأسماء مختلفة حسب اللغة (التشي، الكي، البرانا، مانا،…) ويزعم مروجوها من المسلمين -جهلا أو تدليسا- أنها المقصودة بمصطلح البركة عند المسلمين، ويدّعون قياسها بواسطة أجهزة خاصة مثل: كاميرا كيرليان، وجهاز الكشف عن الأعصاب، وغيرها…، ويزعمون أن النتائج الظاهرة هي قياسات الطاقة الكونية في الجسد ليلبسوها قسرا لبوس العلم، مستغلين جهل أغلب الناس بهذه الأجهزة وحقيقة ما تقيس.
    والنقد العلمي لقانون الجذب يطول شرحه وتفصيلاته.. ونستنتج من ذلك أن الجذب لا يقبل علميا،
    وبالتالي فهو يصنف كخرافة وليس كقانون.




    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    النقض الشرعي لقانون الجذب:
    بالنظر في كتاب السر وتفحص أقوال وتعريفات قانون الجذب المتداولة عند رواده، تبين وجود جملة من الانحرافات العقدية الخطيرة تتمثل في التصادم التام مع الركن السادس للإيمان (القضاء والقدر) ومراتبه الأربع (العلم، والمشيئة، الكتابة، الخلق)، ويتصادم مع المفاهيم الأخرى المرتبطة بالقضاء والقدر كالتسيير والتخيير،
    حيث أن الفكرة الرئيسية لقانون الجذب تقوم على أن الإنسان يختار قدره، ومن قال غير ذلك فهو إما أنه يجهل مايعرف بقانون الجذب، أو أن لديه خلل عقدي في فهم القضاء والقدر،
    وتتلخص أوجه المصادمة الشرعية كالتالي:

    ١- الدعوة إلى ترك العمل:
    فيه دعوة للإعراض عن تحصيل الأسباب لنيل المطلوب، والاتكال على الأماني والأحلام،
    فيزعمون أن الفكرة الواقعة في العقل تؤثر بذاتها في محيط الإنسان وما حوله، وتجتذب من خير الكون وشره مما هو على نفس الموجة،
    في حين أن الله تعالى أمر بالعمل والسعي في الأرض، ورتب الرزق على بذل الأسباب، وليس على الأماني والخيالات، قال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}.

    ٢- الغلو في تعظيم ذات الإنسان والكون:
    أما تعظيم ذات الإنسان فبإعطائه هالة من القداسة والعظمة، بالاعتقاد أنه ذو قدرات مطلقة، وطاقات هائلة تبلغ به حد القدرة على الإيجاد والخلق، في حين أن الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}.

    فقانون الجذب يدفع معتنقيه إلى التقرير بأن الإنسان قادر بذاته، ويزعمون أن ذاتنا العليا تملك إمكانيات غير محدودة!
    وهذا التعظيم للقدرات البشرية راجع إلى الاعتقاد بالطبيعة الإلهية للإنسان، وأنه ليس سوى تجسيدا للإله، وذلك الاعتقاد مستوحى من العقائد الشرقية، ولذلك غالبا من يؤمن بقانون الجذب يعظم الذات ويقدسها ويعطيها قدرات تفوق البشر،
    والتناقض الرهيب الذي يضع فيه نفسه أنه يقول هو من الدين ثم يتلفظ بكلمات ليست من الدين، فيقول:
    فكر في الهدف، تخيل أنك حصلت عليه، عش المشاعر، كن في اللحظة، كرر توكيدات إيجابية بصيغة الماضي وليس المستقبل بشرط لا تحتوى على كلمة لا، كرر الامتنان من قبل ومن بعد، أُشعر بالاستحقاق، أرسل النيه للكون، ثم انتظر من الكون يستجيب ليتجلى لك هدفك!
    إذن أصبح الإنسان بذلك عندهم كالإله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

    وفيه أيضا تعظيم للكون الذي هو من خلق الله تعالى، فمفردة الكون شرط أساسي في التطبيق، حيث أنه من شروط سريان قانون الجذب المزعوم أنك توجه للكون نواياك وتوكيداتك وتنتظر التجلي!
    وهم بالطبع لا يستطيعون تغيير كلمة الكون لأن القانون لن يعمل معهم بزعمهم، بل هم مطالبون بإتمام شروط هذا القانون ومبادئه كاملة كما وصلهم من كتب الغرب، تلك الكتب التي تعتبر مناهج يسيرون عليها دون تغيير إلا لزوم الأسلمة!
    فكيف رغم كل تلك الألفاظ والمفاهيم الشركية يقولون أن قانون الجذب من الدين؟!

    ٣-فيه إحياء لجملة من العقائد الشرقية والفلسفات الوثنية:
    كديانات البوذيين والهنادكة وغيرهم، وقد قام أصحاب هذه الملل والأديان بالثناء والفرح بكتاب السر هذا لما قام به من نشر مبادئ هذه الأديان والترويج لها.

    ٤- نسبة الخير والشر للإنسان نفسه:
    فأصحاب الجذب يعتقدون أن الإنسان هو وحده المسؤول الذي يجلب إليه الخير، كالنجاح والسعادة والصحة والثراء و…و…، كما أنه هو الذي يجذب لنفسه الضرر والشر، كالمرض والابتلاءات والفقر والشفاء، وحتى الموت وطريقة حدوثه،
    وهذا فهم مغلوط في نسبة المصائب والابتلاءات، فيقولون: وهل الله يصيب عباده بالشر والضرر والمصائب؟ ويستدلون بقوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.

    الرد على هذه الشبهة، وهو في الحقيقة رد على القدرية الذين يرون أن الإنسان مخير في كل شيء سواء كان خيرا أو شرا:
    فسر المفسرون قوله: {فبما كسبت أيديكم}، أي عن سيئات اجترحتموها، فتأتي البلاءات هنا لتطهر هذا العبد من هذه السيئات، حتى يرجع إلى الله تعالى نقيا طاهرا،
    وذلك ليس على إطلاقه، لورود آيات أخرى تقرر أنه قد يصيب الله عبده بالبلاء ليدفعه للصبر فيثيبه، مثل قوله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.
    ...الله تعالى أصاب الأنبياء جميعهم بابتلاءات، وهم أقرب الخلق إليه، وقد اصطفاهم سبحانه ليكونوا أنبياء، فابتلى أيوب عليه السلام بالأمراض العضال، ونقص في الأولاد والمال، ويونس عليه السلام…تعرضوا لابتلاءات عظيمة، فالله تعالى قد يصيبنا بما نكره من أمراض و أوجاعو أو فقر، أو خوف، وغيرها والتي نحسبها شر لنا ولكنها خير.. يصيبنا بذلك ليس لأنه يحبه لنا، بل ليربينا، وليدفعنا لدعائه، والتذلل له، والانكسار بين يديه، ولنعرف قدرنا، وضعفنا وقلة حيلتنا،
    وكي لاننسى أن الدنيا دار ابتلاء وفناء، وليست دار مجازاه وبقاء، فيها النعم وفيها النقم، وكله من عند الله، ولكن الله تعالى كما أن أنعمه تكون إما مجازاة أو اختبار لمدى شكرنا، فكذلك نقمه تكون إما عقابا أو اختبارا لدرجة صبرنا، فالرب يربينا بالنعم والنقم…

    نقول سبحان الله! لو كنا مخيرين في كل شيء إذن فسيحاسبنا الله حتى على المرض لأننا اخترناه!
    وهناك حديث صحيح هو أكبر دليل على أن الله قد يقسم لنا ويقدر ما لا نحبه من مرض أو بلاء،

    كما أنه لاينبغي أن نقول: أن المرض والبلاء شر محض، لأن الله لا يقسم إلا الخير!
    فالمرض ظاهره شر ولكن في باطنه خير إن صبر المريض واحتسب الأجر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكرا فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)
    إن هذا الحديث يهزم مزاعم قانون الجذب من أساسها.

    وعلى ذلك فإن الرد على من ينسب للإنسان المسؤولية الكاملة في اختياره لنتائج سعيه يكون بالنفي،
    لأن الإنسان مخير في اختيار الفعل فقط (كالسعي للرزق، اتخاذ سبل الوقاية من المخاطر أو الأمراض، اختيار الدواء، الجد والاجتهاد في الدراسة لنيل التفوق…)،
    ولكنه غير مخير في اختيار النتيجة التي يصبو إليها كما يدعي أصحاب قانون الجذب، فنحن نبذل السبب فقط، ونسعى ونعمل لننال المرغوب، وفي نفس الوقت نتوكل على الله تعالى في حصول النتيجة التي يرضاها لنا، فقد يشاء الله مالا يشاء العبد، وهنا معنى قول الله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}،
    فنقول عندما لا يحصل ما نريد: قدر الله وما شاء فعل، فنبدي الرضا والاستسلام لله تعالى مع عدم التذمر،
    وما كانت صلاة الاستخارة إلا إقرارا للعبد بقلة حيلته في اختيار ما يصلح له في دنياه وآخرته…



    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    محاولات الأسلمة لقانون الجذب:

    حاول رواد قانون الجذب من المسلمين أسلمته محكمين قناعاتهم الشخصية في الاستدلال على سريانه، وذلك فيه من الخطورة مافيه، فالقناعات الشخصية لايجب أن نعملها في العبادات، فما بالك في العقائد!
    ولو أجيز لنا تحكيم عقولنا وتفسيراتنا وقناعاتنا في الأمور العقدية لجاز لنا من باب أولى تحكيمها في الأعمال التعبدية.

    وتتمثل محاولات الأسلمة في التالي:


    ١- الزعم بأن قانون الجذب تفاؤل بالخير!

    هل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته تطبيقا للتفاؤل توجيه التوكيدات والامتنان للكون أم توجيه دعاء وشكر لرب الكون؟
    وأصلا " تفاءلوا بالخير تجدوه" ليس بحديث!
    وإن يحمل معنى يصح أحيانا، لكن ليس على إطلاقه، فكم من متفائل بالخير حدث له مالم يكن في الحسبان، فقد عزيز فجأة، أو فقد مال، أو صحة، في حين أنه محافظ ومتمسك بهذه النعم ولم يفكر يوما في زوالها.
    أما حول التفاؤل، ففيما ذكرته د. مديحة بنت إبراهيم السدحان -دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الأميرة نورة-:
    "إن الشخص الذي يعمل ويأخذ بالأسباب، ثم يتوقع الخير وينشرح صدره لأنه رأى أو سمع مايسره، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع إذا خرج من بيته: يا راشد يا نجيح".
    كما تقول: صاحب هذا القانون يكتفي بالأماني فلا يأخذ بالأسباب كأن يتعلم صنعة، أو يبيع ويشتري، كل هذا لا يساوي عندهم شيئا، فلا تتحقق أمانيك عندهم إلا بثلاث:
    اطلب…آمن…تلق، أي: أطلق أمنيتك، ولا تشك في حصول مرادك، ثم استلمه!

    أما التفاؤل بمعناه الصحيح فيجب ألا يعتمد عليه صاحبه، ولا يدفعه مارآه أو سمعه للعمل، وإنما يأخذ بالأسباب ثم ينشرح صدره ويتوقع الخير (يتفاءل)، مع اليقين بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأن عليه أن يعمل، فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وسنن في الكون لا تحابي أحدا، للاستزادة في موضوع التفاؤل يمكن الرجوع إلى كتاب (الفأل المفترى عليه) د. هيفاء الرشيد.

    ونرى من يتبنى " بقانون الارتداد"، وبأن ما تقوله أو تسلكه يرتد حتما إليك، ويستدل على ذلك بحث نوح عليه السلام قومه عى الاستغفار كي يرزقون المطر والزرع والمال والبنين،
    وردنا على ذلك:
    بأن هذه الطريقة في التفكير تضع أداء العبادات (كالصدقة والاستغفار وغيرها) في قوالب وكأنها مقايضة! وذلك يفرغ العبادة من روحانياتها!
    ثم إن وعود الله تعالى لقوم نوح ووعوده بأن الصدقات تقي مصارع السوء و…و… لايصح أن نسميها قانون الارتداد ونعمم على كل الحالات، فكم من مستغفر لم يرزق، وكم من متصدق أصيب بمصارع السوء، إنما هي عبادات نؤديها لله تعالى ابتغاء رضاه والجنة، فإن رزقنا الدنيا وخيراتها حمدنا، وإن حرمنا رضينا،
    وحول خطورة تحويل العبادة إلى قانون، تقول إحدى الأخوات الداعيات أن ذلك قد:
    ١- يُشعر بوجود النتيجة عند وجود السبب، مثل سقوط الشيء إلى الأسفل بفعل قانون الجاذبية.
    ٢- ينزع روح العبودية والتذلل لله سبحانه بالتعامل مع قانون وليس مع الله تعالى المدبر للأمور.
    ٣- القانون الجامد يسري على المسلم والكافر، لكن العبادات تصح فقط من المؤمن، وتقبل منه دون غيره.
    ٤- وعود الله مرتبطة بوجود الشروط وانتفاء الموانع، وهذا غفل عنه المتحدث.
    ٥- وقد توجد الشروط وتنتفي الموانع، ولا يُعطى العبد في الدنيا، بل يُدخر له الثواب في الآخرة.
    وبذلك نرى أن المسألة أكبر من أن نضعها في قانون، ثم أن تسميته (ارتداد) لا يحمل معاني جميلة، كأنك أمام شيء جامد، شتان بين معاملة الله تعالى للعبد برحمته ولطفه وحكمته وعلمه، وبين قانون يرتد عليك!


    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    ٢- الزعم بأن قانون الجذب هو نفسه إحسان الظن بالله!

    مستدلين على ذلك بالحديث: (أنا عند ظن عبدي بي…)، وفي ذلك إساءة فهم لهذا الحديث الصحيح من قبل أهل قانون الجذب المزعوم، وكعادة متبني علم الطاقة والجذب يستدلون بنصوص مبتورة ويلوونها لياً لتتوافق مع أفكارهم المخالفة!

    حديث إحسان الظن بالله عظيم، يتعلق بما وعد الله به عباده المؤمنين من المغفرة والأجور في الآخرة،
    فإحسان الظن بالله تعالى ليس معناه أن نتأله على تعالى فننوي نحن أقدارنا، ونختارها، ونجذبها،
    فإن لم تتحقق نلقي اللوم على طريقة جذبنا لها، وكأننا المتحكمين المتصرفين في الكون وتوزيع الأرزاق والنعم والعياذ بالله..
    بل إحسان الظن معناه أننا لا نظن بالله تعالى إلا خيرا، فإن جاءت أقدارنا كما نرغب فرحنا وشكرنا ربنا المنعم،
    وإن جاءت على عكس رغباتنا نحسن الظن بأن الله تعالى لا يقسم إلا مايصلح لنا.
    فعسى أن نكره شيئا ويكون فيه خيرا كثيرا، قد يريد الله تعالى أن يربينا بهذا البلاء، أو يمحص إيماننا بالقضاء والقدر، أو يزيدنا رفعة وأجرا لرضانا ولصبرنا، أو لأي حكمة لا نعلمها.


    ٣- الزعم بأن قانون الجذب دعاء شرعي!
    هذا قول مردود، فالدعاء الشرعي الذي نعرفه لله الواحد الأحد، وهم في القانون يوجهون التوكيدات ويكررونها ويجتهدون أن تكون صفتها صحيحه ويقررونها وكأنها تحققت، ثم يتوجهون بذلك لمن؟
    للعقل الباطن، أو لذواتهم، أو للكون، وليس لله تعالى.

    فأي دين هذا وأي دعاء في تعاليم الجذب التي تسقط الله سبحانه وتعالى من قاموسهم، وتحذف مشيئته من واقعهم، وتجعل مشيئتهم واختيارهم فوق كل شيء!
    أي تعاليم تلك التي توهمك أنك قادر على صناعة واقعك!

    لذلك، فإن كل ما يتداوله البعض من مفاهيم مغلوطة مثل:
    أنت وماتريد، كن ما تشاء حكم القضآء أن الذي تنويه كائن، أجذب قدرك، اصنع حياتك، اختر بين الاحتمالات،
    وغير ذلك من إفرازات قانون الجذب المخالف للعقيدة الصحيحة، هذه كلها مخالفات عقدية أتى بها رواد علم الطاقة الكونية الفلسفية من الديانات الوثنية البائدة.

    الرد على من يقول: ولكننا استفدنا كثيرا من قانون الجذب، فتحققت أمانيينا،
    نقول: لو كان تحقيق الأماني (إن صح قولهم) باستخدام قانون الجذب مبررا لقبوله، لقبلنا أيضا تحقيق الأماني بالسحر! لكن الغاية لاتبرر الوسيلة،
    فقد يحقق الله لنا مانرجوه، وإن اتبعنا وسيلة لا يرضاها ليختبرنا،
    وقد يحرمنا ليعرف مدى رضانا عن قدره، وصبرنا على البلاء، ولو كان في هذه العلوم خيرا لانتفع بها مكتشفوها وواضعوها من الديانات الأخرى الذين لم يهتدوا بهذه العلوم لمعرفة الله الواحد الأحد.




    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة


    ٤- التبرير بمقولة: "الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أولى بها":

    وهذا طبعا ليس بحديث، لكنه قد يصح كمعنى بشرط صحة مصادر الحكمة: كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوال علماء الأمة، أما الضلالة وأقوال الضالين من الوثنيين والملاحدة فليست ضالة المؤمن أبداً،
    بل هي ما يجب أن يحذره و يتوقاه، فالعبرة بحقائق الأمور لا بالدعاوى القائمة عليها، فلن تكون الضلالة حكمة لمجرد تسميتها باسم الحكمة و توشحها بلباسها.
    وقد سئل "جو فيتال" -أحد الذين أبرزهم فيلم السر- أثناء لقاء له على الهواء في برنامج عن الإله في كل هذا؟ (أي في موضوع الفيلم والكتاب) فكان جوابه: كلنا الإله، فالإله هو السر، وكل شيء عن السر هو الإله، وهذا قانون من الإله! فهل هذه حكمها يغتنمها المسلم؟!

    صدق من قال في هذه الأسلمة المضللة أنها كما لو أن أحدا ظن ذبح الخنزير على الطريقة الإسلامية يجعله حلالا طيبا! الباطل يُرفض مهما تضمن من نفع أو تلبس بحق، وفي الحق غنية ولله الحمد.

    في الحقيقة نحن في غنى عن هذه الجهود لأسلمة الجذب، فقد أغنانا عنه الله عز وجل بما زخر به ديننا بحمدلله تعالى، فكيف وأن منهج الإسلام ومنهج قانون الجذب متضادان تماماً في حقيقة الأمر وإن ظهر وجه من وجوه التشابه في الظاهر، فإنما سميت الشبهة شبهة لأنها باطل يلبس لباس الحق فيشتبه على الناس،
    فمنهج الإسلام يقتضي أن يستشعر الإنسان فقره وحاجته وضعفه مقابل غنى ربه وملكه وقدرته ورحمته، وقربه ممن دعاه، فيطيعه العبد ويدعوه ويتوسل إليه ويرجوه…
    بينما منهج قانون الجذب يقتضي أن يستشعر الإنسان قوته وقدرته غير المتناهية، ويستحضر مطالبه وأمانيه، ثم يرسل للكون بقوة تفكيره ذبذبات الجذب فيحصل على تلك المطالب والأمنيات، فإن أخفق لام نفسه وعاد فكرر المحاولة بتوجه أكبر!
    فشتان بين المنهجين! هنا يتبين لنا ضرورة التسلح بالإيمان بالقضاء والقدر وفهمه تماما حتى لا يلتبس الأمر علينا.




    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    المفاهيم الملحقة بقانون الجذب:

    ١- ترديد التوكيدات:
    جاء في معنى التوكيدات: أن الفكرة أو الكلمة هي التي تخلق الواقع والقدر، فحقيقته أن الإنسان هو الخالق والمدبر للأقدار، وهو الممرض والشافي، والمانع والمعطي، والنافع والضار، فلو تحدثت عن الفقر تملكه! ولو تحدثت عن الوفره تملكها! تحدث عن المرض تملكه! وتحدث عن الصحة تملكها!
    وذلك خداع يوهم الإنسان تدريجيا أن أفكاره ومشاعره وكلماته هي التي تصنع واقعه وتجذب له الخير أو الشر، وأنه مسؤول عن كل ما يصيبه من أمراض وفقر، حتى الكوارث التي تحدث فهو الذي يجذبها.

    فما يسمى بالتوكيدات خدعة تأخذ ممارسيها خطوة خطوة نحو تأليه الذات وتأليه الكون، وهذا الاعتقاد خطير جدا لأنه ينطلي على شرك الربوبية، بل منازعة لها، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا،
    والتوكيدات في كل الأحوال استبدال للمنهج الصحيح في طلب المراد، حيث يظن أن الكون يحقق بالتأكيد ما أردده ويستجيب، وهذا غاية في الضلال، وهو قول القدرية بأن الإنسان يخلق قدره.

    فإن قيل: التوكيدات هدفها التحفيز وتنشيط النفس،
    فنقول: لدينا في اليوم والليلة من الأدعية المأثورة، والآداب النبوية الثابتة، والأعمال والأقوال ما هو كفيل بإمدادنا بالهمة، الإقبال على الأعمال، وإنجاز المسؤوليات بنشاط وحب،
    كما أنه لدينا بما ثبت بالعقل والتجربة من طرق التخطيط، وترتيب الأولويات، والأخذ بأسباب النشاط والهمة ونحو ذلك ما يغنينا عن ممارسة تلك التوكيدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فالعدول عن ما تواتر بالنقل وما ثبت بالعقل من وسائل في تزكية النفس وإصلاح الذات إلى توكيدات تتمحور حول الذات أو الكون يعتبر طريقا إلى المذاهب الباطنية في تأليه النفس.
    فالتوكيدات الإيجابية فكرة باطنية خبيثة الحقيقة، جميلة المظهر، من اعتقد فيها واعتمدها في نظامه اليومي سيجد أنها شيئا فشيئا ومع الأيام ستحل محل الدعاء الذي هو العبادة!
    فالتوكيدات الإيجابية تفضي إلى العجب بالذات وتضخيمها.


    ٢- إطلاق النوايا:
    النية من المصطلحات الإسلامية التي حرف دعاة الطاقة معناها، حيث زعموا أن إرسال النية للكون يحقق المراد! و كأنهم جعلوا الكون إله..
    ويعرف رواد العصر الجديد ومعلمي الطاقة الغربيين النية: على أنها قوة تركيز بقصد الخلق المتعمد، وهو نفس المفهوم المتعارف عليه عند السحرة الوثنيين الشامان والويكا! فالنية ومعناها الفلسفي في الديانات الشرقية: تسمى بالسنسكريتية سانكالبا (Sankalpa) وترتبط في الديانات الهندية بعقيدتي الكارما وقانون الثواب والعقاب.
    هذه عقيدتهم الباطله في النية، حيث يقول ديباك شوبرا في موقعه: " إن النية هي القوه الخلاقه التي تحقق مانريد".

    فالنية في الدين تعني الاخلاص الذي يترتب عليه قبول العمل والثواب عليه، ونية العبادة ومحلها القلب كنية الصلاة فرض أو نفل وهكذا.
    ولكن الباطنيون كعادتهم يلجؤون إلى تحريف معنى الحديث الصحيح: ( إنما الأعمال بالنيات)، وذلك بزعمهم أن للنية قدرة على تغيير القدر والعياذ بالله،
    وما يقصدونه نيه لا تشبه النيه في الاسلام، لا شكلا ولا مضموناً، بل هي قوة تركيز ذهني أسمتها الروحانية إيستر هيكس: "التركيز عن قصد للخلق المتعمد لإنتاج ظواهر محسوسه!"، فكيف نشبهها بالنيه في الاسلام!

    …فالنية في الإسلام شيء وما فسره رواد الطاقة الكونية شيء آخر،
    الاسلام يتحدث عن النية بغرض الإقدام على الفعل، ولا علاقة بين نية العبد وانجذاب الأحداث والأرزاق له. باختصار:
    انو عملك بعد التوكل على الله، ولا تنوِ نتيجته..
    فالمسلم يتوكل على الله ثم ينوي القيام بالعمل الصالح والسلوك الصحيح، أما ثمرة عمله الصالح من سعادة في الدنيا أو الآخرة فليس من شأنه أن ينويها، إنما يرجوها، يدعو الله أن ينالها يتوسل إلى الله أن يجريها، يتذلل إلى الله أن يتقبل عمله الصالح ودعاءه، هذا هو معنى العبودية، فلنتأدب مع الخالق ونعظمه.




    يتبع إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي رد: سلسلة عن الإلحاد الروحاني وصناعة الخرافة

    ٣- الشعور بالاستحقاق:

    نسمع البعض يردد: أنا أستحق الثراء! أنا أستحق السعادة! أنا أستحق الجمال!
    ويسمونه: قانون الاستحقاق!

    ولطالما سمعت بعض المدربات في التنمية البشرية تجيب على من يسألها عن سبب عدم تجلي أمنياته، فتقول: ارفع درجة استحقاقك كي تحصل على ماتريد!

    فما هو قانون الاستحقاق؟
    قانون الاستحقاق مبني على فلسفة أن الإنسان يستطيع صنع قدره بنفسه عن طريق التواصل مع ذبذبات كونية تقوم مقام الخالق سبحانه في الخلق والإيجاد والتدبير.

    …الاستحقاق أقل ما يقال عنه أن ليس فيه تلطف مع الله تعالى ولا تأدب في الطلب من رب العزة.. فسبحان الله!
    لو كان لوزير حاجة عند ملك عادل حتما لا يقول له: أنا أستحق كذا وكذا.. تأدبا معه، هذا وهو وزير .. فكيف بحال عبد فقير حاجته عند ملك الملوك؟
    وحقيقة الاستحقاق أنه موجّه للكون ليحصل توافق ذبذبي فيجذب الإنسان قدره! وهذا باطل لأنه محض خرافة واقتباس من شركيات الوثنيين.

    نحن نسأل الله من فضله، فهل تقرير "أنا أستحق" نفس معنى "السؤال"؟
    للسؤال والطلب من رب العالمين آدابه، فنحن نتوجه لله العطيم، المنان الكريم، المنعم والمتفضل، خالق السموات والأرض ومن فيهن، فنتذلل له ونخضع، وننكسر ونخنع، لنبدي له فقرنا وفاقتنا، ونعترف بقلة حيلتنا، ونعلن له مدى حاجتنا، فإن أعطانا مانريد شكرنا وحمدنا، وإن لم يعطينا ما نريد كررنا الطلب والدعاء، وإن أعطنا عكس مانريد حمدناه على كل حال ورضينا، وأحسنا الظن بربنا بأنه لا يعطينا إلا ما يصلح لنا،
    لا أن نردد (سواء سرا أو جهرا): أنا أستحق! ثم من الذي يقرر أننا نستحق أو لا نستحق تلك النعمة أو ذاك الفضل؟! نحن لا نعلم إن كنا نستحقه أم لا! … أوليس الله أعلم من عبده بما يصلح له وما لا يصلح؟

    وأجادت أستاذة جمانة بنت طلال -ماجستير كتاب وسنة ، جامعة الملك عبدالعزيز- أجادت في وصف الاستحقاق بأنه:
    سير على منهج قارون حينما قال {إنما أوتيته على علم عندي}، وذكرت أن المفسرين لهذه الآية قالوا: أن قارون يقول للناس أن الله تعالى إنما أعطاه هذا المال لعلمه بأنه يستحقه، وكأنه يقول: إنما أُعطيته لعلم الله فيّ أني أهل له، وهكذا يقول من قل علمه إذا رأى من وسع الله عليه يقول: لولا أنه يستحق ذلك لما أعطي!
    وجاء الرد على قارون في نفس الآية مباشرة، فقال تعالى: {أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}.


    ٤- توجيه الامتنان:
    …وصورته أن تشكر بعمق وامتنان كل من حولك، حتى الجمادات والمعنويات كالصحة والجمال والمال و…و… فتمتن للشمس التي ترسل إليك شعاعها، ولطعامك الذي يغذيك، يقولون: ردد أنا ممتن للطبيعة التي تمنحني السعادة بجمالها، ممتن للقلم الذي يكتب أفكاري، وللصحة التي تسكن جسدي،…وهكذا، فتناغم امتنانك مع الكون لتصل له ذبذبات الامتنان والسكينة، فيرسل لك ذبذبات السعادة والراحة فتعود له ويمتن لك في تناغم فريد بزعمهم!

    ومن المخالفات العقدية في هذا التطبيق ارتباطه بفلسفة الطاقة الكونية، والتي يعبرون بها عن الوجود الكلي المطلق، وهي إحدى صور عقيدة وحدة الوجود الكفرية، وهذا يختلف تماما عن عبادة الشكر التي دعا إليها الإسلام، وهي شكر الله تعالى المتفضل المنان والرضا عن كل ما يقسم ويقدر.

    ووجه الانحرافات العقدية في قانون الامتنان ما يلي:
    ١- ارتباطه بمعتقدات كفرية لدى الفلسفات الشرقية الوثنية، حيث يرون الطاقة -وهي عندهم الموجود الأول- بمثابة الإله فشكرها والانسجام معها يحقق السعادة.
    ٢-عدم ثبوت سببية قانون الامتنان، أو حتى وجوده كونا، فهو يدخل في الشرك في باب الأسباب، والشكر في الشرع إنما هو لله سبحانه وتعالى رب هذه الجمادات، وأيضا لمن أسدي إليك معروفا من البشر، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من لايشكر الناس لا يشكر الله)، أما شكر الجمادات فهو شكر لمن لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا.

    ….وقبل الختام، نورد ما ختم به الدكتور عبدالله العجيري كتابه (خرافة السر) بأن:
    "سر السعادة الحقيقي هو لزوم العبودية واستشعار الافتقار ودوام التضرع والدعاء، قال ابن تيمية رحمه الله: ودعاء الله وحده لاشريك له دل الوحي المنزل والعقول الصحيحة على فائدته ومنفعته، ثم التجارب التي لا يحصى عددها إلا الله، فتجد المؤمنين قد دعوا الله وسألوه أشياء أسبابها منتفيه في حقهم، فأحدث الله لهم تلك المطالب على الوجه الذي طلبوه، فالتزام الدعاء، ودوام الاستماع لخطاب الوحي أمرا ونهيا وخبرا، والعمل بمقتضاه، ومنهجه في الحياة، هو سبب سعادة الدارين، وليس سرا مكتوما، بل هو هداية الله للعالمين، أرسل بها رسله، وأنزل لبيانها كتبه، سبحانه ما أرحمه وأعدله".
    انتهى كلامه

    وفي الختام نقول، إذا كان المطبق لقانون الجذب ينوي الشيء، ثم يكتبه وكأنه تحقق، ثم يردده ويكرر توكيدات بشأنه، ثم يتوجه للكون ليطلق النوايا، ويرسل امتنانه لكل الوجود، ويختار تجلي تلك النوايا، فإن تحقق قال: أنا جذبته!
    إذن : ماذا أبقى لله عز وجل! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

    … فعجبا لمن يمتلك قصورا، وما لذ وطاب من المآكل والمشارب، ثم يستجدي من الفقراء صدقة أو طعاما بائتا يسد به جوعه!
    ذلك مثل المسلم الذي يمتلك هذا الدين القويم والنعمة العظيمة، ثم تبهره وتستهويه ثقافات وممارسات، بل ومعتقدات أديان وثنية سالفة مليئة بالخرافات والخزعبلات، ويعتبر ذلك رقياً وانفتاحا!







    الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، لخصت ونقلت من مذكرة : التأهيل الدعوي للتصدي للإلحاد الروحاني، د. هناء أيوب الأيوب -كبير اختصاصي إرشاد ديني في مركز تعزيز الوسطية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية-.

    .
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •