" حقيقة موقف الرازي من السحر والتنجيم وانكار ابن تيمية عليه
للباحث / سلطان العميري
....
مقدمة الكتاب
قال العميري في مقدمة كتابه :
" فقد اشتهر عن ابي عمر الرازي انه الف كتابا يتعلق بموضوع السحر والنجوم اسماه " السر المكتوم في مخاطبة النجوم "
وقد اختلف الناس كثيرا في نسبة هذا الكتاب اليه فمنهم من جزم بانه له ومنهم من تردد في ذلك ومنهم من جزم بأنه ليس له
والصحيح ان الكتاب ثابت النسبة الى الرازي وقد اثبت نسبته اليه عدد كبير منهم نسبته اليه عدد كبير من المؤرخين والباحثين ومن اقوى الأدلة على ذلك انه ذكر تأليفه لهذا الكتاب في مواطن متعددة من كتتبه واحال اليه ونبه على انه حقق ببعض المسائل فيه
وممن جزم بأنه للرازي واغلظ الانكار عليه ابن تيمية بل وصفه بالردة والشرك
افتتح الرازي كتابه :
اما بعد فهذا كتاب يجمع فيه ما وصل الينا من علم الطلسمات والسحريات والعزائم ودعوة الكواكب مع التبري عن كل ما يخالف الدين وسلم اليقين
يتناول الكتاب موضوع السحر والتنجيم، وقد تمسّك الرازي بتقديم آراء تعتبر السحر نوعاً من العلوم المفيدة، مشيراً إلى تأثير النجوم على الأحداث الأرضية، مما أثار جدلاً كبيراً، خاصة من ابن تيمية الذي اعتبر ذلك ردة عن الإسلام. يهدف البحث إلى تحقيق موقف الرازي من السحر، وتحديد موقف ابن تيمية منه، مع استعراض الأدلة والشهادات المتعلقة بالموضوع. يبرز العميري أن الكتاب يحتوي على تبريرات للعلماء الذين انتقدوا السحر، ليظهر كيفية تباين الآراء حول هذا الموضوع
:
يبدأ الرازي الكتاب بالتأكيد على أنه يتبرأ من كل ما يخالف الدين.
يمدح الرازي علم السحر ويعتبره ذا فوائد، مع ذكر قصص وأحداث تدعم ذلك.
يبرز تأثيرات النجوم والكواكب على الأحداث الأرضية، ويشدد على ضرورة معرفة هذه التأثيرات لتحقيق الأهداف.
ابن تيمية وانتقاداته:
يتناول الباحث موقف ابن تيمية الذي اعتبر آراء الرازي في السحر ردة عن الإسلام.
يصف ابن تيمية الكتاب بأنه يدعو إلى عبادة الكواكب، وينتقد الرازي بشدة، مشدداً على أن ذلك يتعارض مع العقيدة الإسلامية.
دفاع الأشاعرة:
يناقش الكتاب محاولات بعض الأشاعرة المعاصرين للدفاع عن الرازي، مثل سعيد فودة، حيث اعتبروا أن ابن تيمية قد بالغ في انتقاداته.
تحليل الموقف:
يقدم العميري تحليلاً للموقف العلمي للرازي، ويشدد على أهمية عدم تعميم الأحكام على جميع الأشاعرة بناءً على آراء الرازي
وتناول الرازي في الفصل الرابع:
السحر المبني على تصفية النفس حتى يسهل عليها الاتصال بالقوى السماوية وقدم فيها توصيات كثيرة لاجل البلوغ الى تلك المنزلة وقال : " من أراد ان تصير العلاقة بين نفسه وبين الأرواح العلوية الخارجية مستحكمة وجب عليها في اول الأمر النفور عن الشواغل الخارجية بأقصى الوجوه
وذكر انه يجب على المشتغل بعلم الطلسمات ان يحرص على احكام العلاقة بينه وبين الأرواح الفلكية ونقل عن ابن وحشية ان صاحب الطلسمات لا بد ان يمدح صنم الشمس وعطارد وان يصلي لها ثم عقب الرازي على نقله مباشرة بقوله " إن هذه الصنعة لا تتم إلا تعلق الفكر والوهم بروح ذلك الكوكب المعين بحيث يصير ذلك ملكة مستقرة
ثم نقل عن طمطم الهندي كلاما يوضح فيه كيفية التعلق بالارواح السماوية وعلق عليه الرازي مباشرة بقوله " أقول هذا فصل نفيس ... ومجموعه يدل على ان مزوال هذه الصنعة لا بد ان يترك شيئا من ....
ومدح الرازي لكلام هذا المنجم مع انه متضمن للشرك بالله دليل واضح على انه متبن لرأيه وانه ليس مجرد ناقل للاقوال فحسب وهي دعوة صريحة الى التعلق بالكواكب والاستعانة بها
ولم يكتف الرازي بذلك وإنما اخذ في توضيح الاعمال واللآداب التي ينبغي ان يقوم بها من يريد التعلق بالارواح الفلكية حتى يكون تعلقه اكثر ففاعلية وذكر أنواعا من الرقى والعقد والكتابة والاعتقاد في تأثير الكواكب
وقال في الفصل الآخر ( ص 8 )
في الدلائل الاعتبارية التي تدل على ان النجوم مؤثرة في هذا العالم وقال " فمن أراد ان يعمل عملا مخصوصا فلا بد ان يكون محيطا بطبائع هذه الكواكب وافرادها ومركباتها حتى لا يخيب عمله ولا يضيع سعيه " .
والرازي في كتابه لا يتحدث عن حكم تعلم السحر أو علم التنجيم ونحوه وإنما يتحدث عن تحسين علم السحر ذاته ويقرر تأثير النجوم وارتباط كل الحوادث الأرضية بها ويدعو الى التعلق بها والخضوع لها والتسبيح باسمها ويدافع عن ذلك كله .
وقال المختصر ( ص 11 )
وهذا كلها دلائل قوية تؤكد على ان الرازي يرى صحة ما أورده في كتابه وانه لم يكن مجرد ناقل لكلام غيره فقط وإنما يقرر قوله ومذهبه
ومما يقوي ذلك ان تقرير هذا ليس غريبا على الرازي فإن موقفه من السحر والتنجيم ظاهر المخالفة للشريعة في عدد من كتبه
يقول الرازي في جزء النبوات من كتاب " المطالبة العالية " مقدمة في بيان أنواع السحر النوع الأول وهو اعظمها واشدها تأثيرا على ما يقال : السحر المبني على مقتضيات أحكام النجوم ان مبادى حدوث الحوادث في هذا العالم هو الاشكال الفلكية والاتصالات الكوكبية ثم ان التجارب المعتبرة في علم الاحكام انضافت الى تلك الدلائل فقويت تلك المقدمة جدا ثم ان التجارب النجومية دلت على اختصاص كل واحد من هذه الكواكب السيارة باشياء معينة في هذا العالم السفلي
ثم ذكر النوع الخامس من السحر فقال : السحر المبني على الاستعانة بالارواح الفلكية فإنا قد بينا ان اكثر فرق اهل العلم مطبقون على اثبات هذه الأرواح وعلى ان لها تأثيرا عظيمة في هذا العالم يمكن الاستعانة بهم بطرق مخصوصة وإن حصل ذلك الاتصال فقد حصلت القدرة على خوارق العادات