ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ويرحمْ صغيرَنا


إن من الأخلاق الفاضلة التي دعا الإسلام إلى الاتصاف بها، خلق التوقير والاحترام للكبير والرحمة بالصغير، وتقدير أهل العلم والعلماء، بهذا دلت العديد من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنه الحديث الذي جمع كل ما ذُكر، وهو حديث عباده بن الصامت - رضي الله عنه - مرفوعا قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا، ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ».
من خلال هذا الحديث لنا فيه ثلاث وقفات:


الوقفة الأولى: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا»؛ أي ليس من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم .
الوقفة الثانية: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يجل كبيرنا»، فيه الدعوة إلى احترام الكبير من الوالدين وتوقيرهما، والعلماء والمشايخ وحملة القرآن وكبار السن، وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم، ويكون التوقير باحترامهم والتواضع لهم والتأدب معهم والدعاء لهم، وغير ذلك من المبادئ الحميدة التي أمر بها ديننا الحنيف وحث عليها. قال الحكيم: «إجلال الكبير هو حق سنه لكونه تقلب في العبودية لله في أمد طويل».
الوقفة الثالثة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ويرحم صغيرنا»؛ فيه الدعوة إلى الرحمة بالصغار، وذلك بالشفقة عليهم، والإحسان إليهم، والتودد لهم. قال المناوي: «لعجزه وبراءته عن قبائح الأعمال، وقد يكون صغيرا في المعنى، مع تقدم سنه لجهله، وغباوته، وخرقه، وغفلته، فيرحم بالتعليم ،والإرشاد، والشفقة».
الوقفة الرابعة: «ويعرف لعالمنا» وذلك بأن يعرف منزلة العالم وقدره، «ومعرفة حق العالم هو حق العلم، بأن يعرف قدره بما رفع الله من قدره ، فإنه قال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} ثم قال: {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} فيعرف له درجته التي رفع الله له ، بما آتاه من العلم».

ومما تقدم يمكن أن نخلص إلى الآتي:
1-الدعوة إلى احترام الكبير وأهل الفضل وتوقيرهما.
2- الدعوة إلى الرحمة بالصغار.
3- الدعوة إلى تعظيم العلماء وذلك لقدرهم ومنزلتهم.
4-عدم الانتماء إلى هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند انتفاء هذه الصفات: التوقير والرحمة والتعظيم.
منقول