من مؤلفات الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله - كتاب: (الطريقة السلفية لإصلاح الأمة الإسلامية)



قراءة في كتاب


إعداد:
د. خالد سلطان السلطان
د. محمد عثمان الدبيخي


بعد رحلة طويلة ومشرقة قضاها شيخنا الوالد عبدالله بن خلف السبت -رحمه الله- في مجال العلم والدعوة إلى الله، حتى انتهت هذه الرحلة المباركة -بقدر الله- بوفاة شيخنا في 19شوال 1433 الموافق 7/9/2012؛ فتوجهت الهمة لجمع مؤلفات شيخنا الراحل؛ فأخرج د.خالد جمعة الخراز، و د. خالد سلطان السلطان مجموع مؤلفات الشيخ عبدالله بن خلف السبت، وهو أول عمل جمع علوم الشيخ -رحمه الله- كان ذلك في عام 1438/2017، وكان عمل الباحثيْن هو جمع كتب الشيخ ورسائله وترتيبها بحسب سنة الطبع والتعليق عليها بالتخريج لأحاديثها، وشرح بعض الغريب من كلماتها، وتصويب أخطائها الطباعية، مع إعداد ترجمة مختصرة لمؤلفها -رحمة الله هليخ وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء.
بين أيدينا اليوم قراءة في الإنتاج العلمي العاشر للشيخ عبدالله السبت -رحمه الله- وهو كتاب (الطريقة السلفية لإصلاح الأمة الإسلامية) الذي طبع عام 1416 هـ - 1995م.
سبب التأليف
يقول الشيخ -رحمه الله-: إني نظرت في أحوال الشباب، ورأيت إقبالهم على الدعوة والعلم، ولكن ساءني أني أراهم يتنقلون في تعلمهم وقراءتهم من كتاب لآخر دون إتمام وروية وتدبر! مما يجعل الواحد منهم تمضي عليه فترة، دون أن يكون لنفسه الثقافة الشرعية الصحيحة، وما ذاك إلا لهذا التنقل دون صبر وترو.
علامات يهتدي بها طالب العلم
إن العلم النافع لا ينال إلا بالإخلاص والمثابرة، وإن إمامة الدين لاتُنال إلا بالصبر واليقين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِنَايَتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: ٢٤)، وهذه العلامات على النحو الآتي:
توزع الوقت بحسب الاستفادة
فالوقت -كما يقال- كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، والزمن هو عمرك، فرتب الوقت معطيا كل ذي حق حقه, فالاستفادة من الأوقات إنما هي بتوزيعها وليس بالانكباب العشوائي، ثم الفتور والملل، لا، وإنما بإشباع رغبة العقل والنفس معا، قال ابن الجوزي -رحمه الله-: ومن الغلط حفظ الكثير أو الحفظ من فتور، فإن القلب جارحة من الجوارح.
ومما صح عن نبينا المختار - صلى الله عليه وسلم - وعلى صحبه الأخيار، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» (رواه البخاري). ولا أظنك -يا عبدالله- ترضى الغَبْنَ في الدنيا، فكيف ترضاه لأخراك؟! فاحرص! -إذا- على الفوز واغتنام الأوقات.
الثانية: لا إفراط ولا تفريط
لا تهمل الطلب وتشغلك الحياة، ولا ترهق النفس لأن النفس تحتاج للراحة، والقلب يتعب ويمل، فلابد من الترويح بعض الوقت، ومن تمام التنظيم: ترتيب عطلة للراحة، وممارسة الرياضة البدنية من رحلة أو سير أو سياحة، أو مما ينعش البدن والروح مما أباح رب البرية -سبحانه-؛ فلا تكن متشددا، بل كن متبعا؛ فالرسول القدوة - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح ويسابق عائشة -رضوان الله عليها- فمن وفق للوسط فاز واستمر.
الثالثة: الإخلاص والعلم
وهي الأهم والأساس، ولا يقوم بنيان إلا عليها، بل إن كل عمل معلق بالإخلاص وإلا خاب صاحبه، ومن أشرف الأعمال وأعلاها العلم؛ فهو عبادة وقربة، وهو أصل الأصول، قال بعض العلماء: العلم صلاة السر، وعبادة القلب، وعليه فإن شرط العبادة: إخلاص النية لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الله حنفاة ويُقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَوةَ وَذَلِكَ دين القيمة} (البينة: ٥).
الرابعة: علو الهمة
كلما كبرت النفس أتعبت البدن، فهي كما وصفها المتنبي:
وَإِذَا كَانت النفُوسُ كبارًا
تَعِبَتْ في مُرادِها الأجسام
فشمر يا فتى واهجر ما ألِفَتْه النفس مجاهدًا، لعلك ترقى في منازل الفضلاء، فمن سجايا الإسلام: التحلي بكبر الهمة، ومن لوازم علو الهمة: الغبطة، وهي كما وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا».
الخامسة: فضل العلم
طلب العلم من أكبر القربات والطاعات الله -سبحانه- وقد عد بعض أهل العلم فضل العلم خيرًا من فضل العبادة، ويكفي العلم فخرًا أن الله جعل أهل العلم شهداء {شَهدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ والملائكة وَأُولُوا الْعِلْمِ قائما بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العزيز الحكيم}، وقال الشيخ صالح الفوزان في العلم والعمل: {العلم النافع والعمل الصالح قرينان لا يصلح أحدهما دون الآخر، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} (الصف:9).
السادسة: تعرض إلى النفحات الربانية
إن العلم نور يقذفه الله في قلب من شاء من عباده؛ فتعرض -رحمك الله- إلى نفحات رب العزة -سبحانه-، لتلقي هذه الأنوار؛ فإن ذلك يحتاج إلى نفس تواقة، مخلصة عاملة، موقنة مضحية، فوطّن النفس إذاً على خصال لازمة لك، واجعلها سجية لك، وقال محمد ابن الحنفية: «أصحاب وقار وعفة لا يسفهون، وإن سفه عليهم حلموا، فمن رزق التواضع ولين الجانب أحبه الناس، فكان ذلك جديرا بأن يعلموه أو يتعلموا منه، أما إن جفلت منك النفوس فقد حرمت الخير كله».
تثقيف الأمة
من المعلوم أن الأمة المسلمة مطالب كل فرد فيها أن يلم بالعلم الشرعي الضروري، تحقيقا لقوله -تعالى-: {فَأَعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (محمد:١٩)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: طلب العلم فريضة على كل مسلم، ويجب على طلاب العلم أن يتولوا إرشاد الأمة، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك من خلال:
أولا - المسجد
(أ) تقام حلقة عامة يوميا يُدرس فيها كتاب (رياض الصالحين) للإمام: النووي -رحمه الله.
(ب) حلقة يومية يدرس فيها كتاب: (منهاج المسلم) لأبي بكر الجزائري، بعد العصر أو الفجر.
ثانيا- تحضير درس
في كتب العقيدة والتزكية ومنها: (أصول الإيمان), الإمام محمد بن عبدالوهاب، و(فضل الإسلام), الإمام محمد بن عبد الوهاب، و(كشف الشبهات) الإمام محمد بن عبد الوهاب (شرح محمد بن صالح العثيمين)، و(صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم ), محمد ناصر الدين الألباني.
ثالثا- طريقة التدريس
-هذه الكتب تدرس كلها بالتسلسل، قراءةً وشرحًا لعموم المصلين؛ بحيث تنتهي خلال سنة كاملة، وتعاد نفسها في السنة التالية، وهكذا تكرر، ولا تظن أنها فهمت، بل كرر ذلك كل عام؛ لأن الناس يتجددون والعلم يثبت بالتكرار.
رابعا- كتب يُنصح المصلون من رواد الحِلَقِ بقراءتها
بحيث يقرؤون شهريا كتابًا أو اثنين بحسب القدرة، ويُشجَّعون على ذلك برصد جوائز وما إلى ذلك، ومنها: (أهوال القيامة)، (صفات التابعين)، (حقيقة التصوف), د.صالح الفوزان، و(تعظيم قدر الصلاة)، وغيرها من الكتب السلفية.
منهاج المرحلة الأولى لطالب العلم
ونقصد بها مرحلة ما بعد أن يكون طالب العلم قد حضر مجالس العلم التي تقام في المسجد، وكذلك الحلقات العامة والمحاضرات.
طريقة الدراسة
- أولا: لا نرى تحديد زمن معين؛ فإن ذلك يخضع للوقت والنشاط، لكن لا تستعجل، بل أسس وانطلق، فكلما كان الأساس قويا كان البناء متيناً قوياً.
- ثانيًا: الحرص على أن يتولى تدريس هذا المنهاج شيخ متمكن، فإن تعذر في بلدك ذلك، فاحرص على من هو أقل منه، لكن الحرص أن يكون صاحب عقيدة سليمة، فإن تعذر، فاستعن بالله، وادرس بنفسك مع إخوانك.
- ثالثا: يترك تحديد الأوقات لكل أهل مصر ومنطقة، فإن ذلك أنفع، وهم أدرى بأحوالهم.
- رابعًا: احرص على أن يكون التدريس في المسجد، فإن تعذر ففي أي مكان مناسب.