عوائق الهداية إلى الصراط المستقيم
محمد بن سند الزهراني


يسير العبد إلى الله - جَلَّ وَعَلَا - في ليلهِ ونهارهِ صادقًا موقنًا، مخلصًا لله، قد تلازم هذا الباطن مع ظاهرهِ فلا ترى إلا أنوار الهدايات الربانية تغشى أهل الإيمان والصلاح، ونحن نقرأ قول الله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].

ينبغي للمسلم أنْ يعلم أنَّ هذا الصراط لهُ عوائق تحول بينهُ وبين هداية الله لهُ، بل هي قواطع لا يجد للعبادة فيها لذة، ولا للثباتِ والمناجاة نعمة، وهي على مراتبها من الخطورة:
1- الشرك.
2- البدع.
3- المعاصي.

إنَّ واقع بعض المسلمين اليوم يندى لهُ الجبين، ويتفطر القلب كمدًا، وتدمع العين حزنًا على مجانبة مقام التوحيد، والوقوع في صريح الشرك والكفر والضلال.

فأوَل عوائق الهداية إلى صراط الله المستقيم، الشرك، الشرك أخطر الذنوب والآثام، وأظلم الظلم، وليس من الظلم شيءٌ أعظم منهُ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وأي ظلمٍ أعظم من أنْ تصرف العبادة لغير الله - جَلَّ وَعَلَا - يرزق وينعم ويتفضل - جل جلالهُ - على خلقهِ، ثم يُدعَى غيرهُ! ثم يُسأل غيره!

هذا عبدالله بن مسعودٍ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ - يقول: "سألت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أي ذنبٍٍ أعظم عند الله؟"، قال: «أن تجعلَ للهِ نِدًّا وهو خلقكَ»[1]، وتنَبه هنا لقولهِ: «وهو خلقكَ»، فهو وحدهُ المنفرد دون سواه لخلقك، وإيجادك من العدم، يكفي هذا دليلًا على وجوب إقرارهِ وحدهُ لا شريك لهُ بالعبادة، فلا يُدعَى إلا هو، ولا يُسأل إلا هو، ولا يُستعان إلا بهِ، ولا يتوكل إلا عليهِ، ولا يُطلَب المدد والعون والنصرةُ إلا منهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لا ملكٌ مقرَّب ولا نبيٌ مرسل؛ قال تعالى: ﴿ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]؛ أي: تعلمون لا خالق لكم غير الله، إنما يفعلهُ أهل البدع أئمةُ الضلال من تزيين الباطل والتلبيس على الناس، فيجعلون الباطل في صورة الحق والهدى، فيقع الناس في الشركيات والبدع والحرمان من هدايات القرآن والانتفاع بآيات الرحمن.

إنَّ من يقرأ قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، يجب عليهِ أنْ يفهم قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، وقول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، ويفهم كذلك قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65].

اللهم أصلح لنا ديننا اَلذِي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا اَلتِي فيها معاشنا، وأصلِح لنا آخرتنا اَلتِي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

والحمد لله رب العالمين.

[1]صحيح.