أهمية علم أصول التفسير


الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهُمَّ صَلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، أمَّا بعد:
علم التفسير من أهم العلوم التي ينبغي لطالب العلم العناية بها؛ إذ إن شرف العلم بشرف المعلوم، قال ابن عبدالبر رحمه الله: فأوَّل العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهُّمه، وكل ما يعين على فهمه فواجبٌ معه.
وقال ابن عطية رحمه الله: فلمَّا أردت أن أختار لنفسي، وأنظر في علم أُعِدُّ أنوارَه لظُلَمِ رَمْسي سَبَرتها بالتنويع والتقسيم، وعلمتُ أنَّ شرف العلم على قدر شرف المعلوم، فوجدتُ أَمْتَنَها حبالًا، وأرسخها جبالًا، وأجملها آثارًا، وأسطعَها أنوارًا، عِلْمَ كتاب الله جلَّتْ قدرتُه، وتقدَّسَتْ أسماؤه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، الذي استقلَّ بالسُّنَّة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، هو العلم الذي جعل للشرع قوامًا، واستعمل سائر المعارف خُدَّامًا... إلى أن قال: قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5] قال المُفسِّرون: أي علم معانيه والعمل بها؛ ا. هـ.
وقال ابن تيمية رحمه الله: قد فتح الله علَيَّ في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثيرٌ من العلماء يتمنَّونَها وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن.
وتأتي أهمية علم أصول التفسير من حيث الامتثال لأمر الله بتدبُّر القرآن وتفهُّمه، قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].
إنَّ الطريق للوصول للقول الصحيح في التفسير عند الاختلاف يمنع من التسوُّر على كتاب الله، وتحريف معانيه، ومعرفة حال المتصدي للتفسير، وشروطه، والعلوم التي يحتاج إليها.
وفوائد التفسير كثيرة، منها:
تفسير القرآن الكريم من أعظم العلوم وأجَلِّها؛ لأن القرآن كلام الله، وشرف العلم من شرف المعلوم، وترجع أهمية تفسير القرآن إلى ما يلي:
أن المسلم مأمور بفَهْم القرآن وتدبُّره؛ لقول الله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82]، ويكون التدبُّر بتفسير القرآن وفَهْمه أوَّلًا.
عبادة الله على الشكل الصحيح؛ لأن أعظم أحكام الدين والعِبادات جاءت في القرآن.
زيادة الإيمان تتمُّ من خلال فَهْم القرآن وتفسيره.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصَحْبه أجمعين، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.