تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الصوم ... والتأهيل الحضاري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي الصوم ... والتأهيل الحضاري

    الصوم ... والتأهيل الحضاري


    بقلم الدكتور ماجد الدرويش
    الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
    " الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي"، وذكروا لها عناصر أربعة: "الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون" واعتبروا أنها "تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضيِّ في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها".
    وعلى هذا فالحضارة نتاج للشعور بالأمن والاستقرار، ونتيجة من نتائج توجيه القدرات البشرية نحو الخير والصالح العام.
    دعوة الأنبياء وانعكاساتها الاجتماعية.
    لا يخفى على ذي لب من المسلمين أن الوظيفة الأساس التي خلق الله الخلق لأجلها هي عبادته.
    وأن مهمة الرسل إرشاد الخلق للقيام بهذه الوظيفة، وأن هذه المهمة تتحقق من خلال وسائل يجمعها دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام:
    ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ الآية (129) من سورة البقرة.
    فبين أن مهمة الرسل في إرشاد الخلق لتحقيق وظيفة العبادة، تقوم على أسس ثلاث، هي:
    - تلاوة الآيات. ( بيان دلائل التوحيد ).
    - تعليم الأحكام وكيفية تطبيقها.
    - التزكية.
    وقد استجاب الله تعالى لدعوة أبي الأنبياء، وبيَّن هذه الاستجابة في عدَّة مواضع من القرآن الكريم، مع تعديل طفيف في ترتيب مفردات المهمة، فقال سبحانه في سورة البقرة:

    ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ الآية (151).
    وقال تعالى في سورة آل عمران: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (164).
    وقال تعالى في سورة الجمعة: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (2).
    في كل هذه المواضع تقديم التزكية على التعلم، مما يدلل على أهمية عملية التزكية قبل تعلم الأحكام الشرعية وتطبيقاتها العملية.
    فما هي التزكية؟ ولم هي مقدَّمة على التعليم؟ وما دور شهر الصوم فيها؟



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: الصوم ... والتأهيل الحضاري

    الصوم ... والتأهيل الحضاري


    بقلم الدكتور ماجد الدرويش



    -2-

    ما هي التزكية؟ ولم هي مقدَّمة على التعليم؟ وما دور شهر الصوم فيها؟

    التزكية لغة واصلاحا:

    في معجم مقاييس اللغة: (زَكَى) الزَّاءُ وَالْكَافُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَمَاءٍ وَزِيَادَةٍ. وَيُقَالُ الطَّهَارَةُ زَكَاةُ الْمَالِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مِمَّا يُرْجَى بِهِ زَكَاءُ الْمَالِ، وَهُوَ زِيَادَتُهُ وَنَمَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَتْ زَكَاةً لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ. قَالُوا: وَحُجَّةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103] . وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إِلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَهُمَا النَّمَاءُ وَالطَّهَارَةُ.

    وفي الشرع تطلق على معنيين:

    - النماء الحاصل من بركة الله تعالى.




    - وعلى التعديل الذي هو ضد الجرح، فإذا كان الجرح طعنا في الشخص فالتزكية توثيق له، والتوثيق مهم في حياة المسلم ليكون من الأمة المزكاة بقوله تعالى: ) كنتم خير أمة أخرجت للناس ( وقوله تعالى: )وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا( والشاهد لا تقبل شهادته إن لم يكن موثقا.

    فالتزكية في الشهادة اصطلاحا: نسبة الشاهد إلى الطهارة مما يبطلها من الكبائر. لذلك قالوا:

    وأصل التزكية نفي ما يستقبح قولا أو فعلا، وحقيقتها الإخبار عما ينطوي عليه الإنسان.

    لماذا التزكية قبل التعليم؟

    سبق أن مهمة الرسل لخصت بالخطوات الثلاث.

    ولما كان نبينا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وكانت أمته هي التي أنيط بها حمل أمانة الدعوة والإرشاد والتبليغ، كان لا بد أن تكون الأمة مزكاة وموثقة وغير مطعون فيها ليقبل قولها.

    فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام مزكون خِلْقَةً، فهم من لحظة خروجهم إلى الدنيا تتولاهم عناية الله تعالى بالحفظ والمنع، وهي العصمة الواجبة لهم.





    وبالرغم من ذلك وجدنا أن أقوامهم وقفوا منهم هذه المواقف الشديدة بالرغم من أنهم يعرفون تمام المعرفة صدقهم وأمانتهم. فما بالكم بمن ليسوا معصومين من أول الخِلقة؟ وهم هنا أمة سيدنا محمد التي أنيطت بها أمانة الدعوة، فهذه الأمة الوسط، والتي وصفها الله تعالى بالخيرية، لا يمكن أن تنجح بمهمة التبليغ إذا لم تكن على درجة عالية من العدالة والصدق والأمانة ، وأن لا تفعل خطأ تعلمه، أي تتعمد ذلك.
    والتاريخ يشهد أن تحقق هذه الأوصاف في كثير من أفراد الأمة قديما كان من أسباب انتشار الإسلام السريع، والتاريخ الحالي يشهد بأن بُعد أفراد كثيرين من الأمة عن هذه الأوصاف من جملة الأسباب التي تساهم ليس في بعد الناس عن الإسلام، وإنما في اتخاذ ذلك ذريعة لعدم الاقتراب منه، وربما لمحاربته. كما قال تعالى حكاية عن دعاء المؤمنين: ) لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا (. و)لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (. قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: وَتَكُونُ الْفِتْنَةُ الصَّدَّ عَنِ السَّبِيلِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •