سؤال/ ما رأيكم فيمن يخطئ تقويم "أم القرى" في دخول وقت الفجر؛ باعتباره متقدما على الوقت الشرعي للفجر بربع ساعة تقريبا!
فهل نتبع قوله، أو تقويم "أم القرى"؟
الجواب/ الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
وبعد، فالكلام عن هذه النازلة مما يطول ذكره وتفصيله، مما لا تتسع له هذه الرسالة المختصرة!
لكن مدار الجواب سيكون مختصرا كما يلي:
١- ينبغي للمسلم أن يلتزم بمواقيت بلده؛ سواء كان يُعمل فيه بتقويم "أم القرى" أو غيره.
٢- أن يعلم أن دخول المواقيت الشرعية تختلف باختلاف المطالع والشروق والغروب، كما لا يخفى!
لأجل هذا فقد اختلف أهل العلم في دخول شهر رمضان اختلافا كبيرا؛ فمنهم من خصص المطلع بأهل كل بلد دون غيرهم، ومنهم من عممه لعامة بلاد المسلمين، ومنهم من علّقه بأهل البلاد التي تخضع ولايتها تحت إمارة واحدة إلى غير ذلك من الأقوال.
٣- أن دخول وخروج أوقات الصلوات: فمحله اتفاق أهل البلد!
لذا فإنه ينبغي على المسلم أن يلتزم بالوقت المحدد الذي عليه أهل بلده، وهو تقويم "أم القرى" مثلًا في السعودية، ولا يجوز والحالة هذه أن يخالف الجماعة!
وما قاله بعض الأفاضل من أهل العلم عن تأخير تقويم "أم القرى" لوقت الفجر بقدر ربع ساعة أو نحوه: فليس صحيحا، بل هو اجتهاد منهم لا غير، ولهم فيما ذهبوا إليه أجر الاجتهاد.
٤- ثم اعلم أن ما تعارف عليه المسلمون واتفقوا عليه في توقيت أول دخول الصلاة أو الحج أو شهر رمضان: فإنه لا يجوز مخالفتهم فيه؛ لأن العبرة في اتفاقهم تحقيقا لمقصد الاجتماع الشرعي ولو كان ظنًا.
فكيف بمن يخالف جماعة المسلمين في تحقيق هذا المقصد الشرعي بطريق اجتهاده!
والأصل في ذلك قوله ﷺ: "الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون" أخرجه أبو داود والترمذي.
٥- ثم اعلم أن الذي يحكم على تحديد الأوقات الشرعية في المملكة العربية السعودية بحكم واحد: فقد خالف المطالع الفلكية (الشمسية والقمرية) لأن السعودية جزيرة كبيرة لا تنضبط أطرافها بتحديد مطلع واحد!
فتوقيت الشمال يختلف عن الجنوب وهكذا، لكن الفقهاء في بلادنا أخذوا بقولٍ معتبر وهو أن الناس تبع للإمام سواء اتسعت بلاده أو ضاقت!
وعليه؛ فلا يجوز لطالب العلم أن يشوش على المسلمين في عباداتهم باجتهاد منه يخالف اجتهاد غيره ممن اطمأنت قلوب الناس لفتاويهم وأحكامهم الشرعية.
وأخيرا فإني ادعوا عموم المسلمين: بأن يأخذوا تحديد مواقيت عباداتهم الزمانية والمكانية من أهل بلادهم؛ لاسيما إذا اتفقوا على حكم وأقرته الجهة المعنية بالفتاوى العامة، والله الهادي إلى سواء السبيل.


املاه
فضيلة الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي.
(٤ / رمضان / ١٤٤٤)
الطائف المأنوس.