تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:

  1. #1

    افتراضي دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:

    دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:
    دار الإفتاء الليبية اعتراض يحتاج إلى جواب: واضح من بيانكم تعويلكم على عدم إمكانية الرؤية لعدم وجود الهلال باعتبار ما يقرره علم الفلك، على أن خبر الحاسب قرينة تقدح في شهادة الشهود إن ادعى شاهد رؤية الهلال, فكيف يرى ما لا وجود له أصلا؟! وهو ما تعبر عنه بعض كتب الفقه وآراء مجامع فقهية معاصرة بالأخذ بخبر الحاسب في النفي دون الإثبات، ومن قبل كتب د. الصادق الغرياني في أواخر أيام النظام السابق مقالين تناول فيه المسألة، ومما نقله عن الفقهاء أن شهادة الرائي بالرؤية مع خبر الحاسبين بالنفي يعد ظني في مقابل ظني بحسب أقوال الفقهاء الآخذين بخبر الحاسب على أنه قرينة ترد بها شهادة الشهود وإذا تعارض ظني في مقابل ظني تساقط الخبران فكأنهما كالمعدوم ويعتبر الهلال كأنه لم يرَ، أو كالمعدوم، واليوم تقر دار الإفتاء بقطعية الحسابات الفلكية تبعا لآراء جماعة من الفقهاء المعاصرين، وأن نسبة الخطأ فيها مع تطور الأجهزة الحديثة لا تكاد تذكر، ويمكن حساب منازل القمر بالدقيقة والثانية، بل والأجزاء من الثانية، ويمكن للمناظير المزودة بآلات تصوير دقيقة تصوير الهلال ولو في رائعة النهار، وبالتالي انتهجت دار الإفتاء الليبية انتقاد شهادة الشهود المثبتين للرؤية في حال إخبار الحاسبين باستحالة الرؤية لأن الهلال غير موجود بعد غروب الشمس ونادت بإسقاطها، ولو كانت جماعة مستفيضة كما اشترطت بعض المذاهب الفقهية، بل والتطور الملحوظ التغير في بيان دار الإفتاء على مدى عامين باعتبار استحالة الرؤية بخبر الحاسبين في عموم حكم تعذر الرؤية المنصوص عليها في الأحاديث مع وجود الفارق بين المسألتين، وبالتالي ترك ذكر سنة الترائي في بيان هلال عيد الفطر الماضي وهلال رمضان الحالي اكتفاء بالتقارير، ولم تنشر أي خبر عن خروج لجانها لإحياء سنة الترائي، فكان البيانان مقتضبين في تفصيل هذه المسألة، بل ويسخر عضو منتسب للدار سخرية شديدة بمن يعول على قول الجمهور بعدم الأخذ بالحساب الفلكي نفيا أو إثباتا، في كلام له في أحد دروسه نشر هذا الكلام بعنوان: لماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاة الفطر نقودا؟
    حاول هذا الشيخ تفسير هذه المسألة ثم قال: "ولكن كيف سيفهم هذا من يقول اليوم في عصرنا إن الأرض لا تدور؟ ويقول إن الفلك لا يكون شاهد نفي في إثبات الرؤية، الفلك الذي نسبة الخطأ فيه قليلة لا أدري كم إلى آلاف؟،"، ثم يستطرد في ذكر ما سبق من تقرير قاعدة قطعية الحسابات الفلكية في عصرنا الحاضر، وأن الأخذ بالحساب قرينة في النفي مما لا يفهمه المعولون على الرؤية، والقائلين بثبات الأرض وعدم دورانها، وكأن ثبات الأرض وعدم دورانها مذهب مستقر مسلم به عند خصومه الذين ينتقدهم؟ وكأن القول بعدم الأخذ بالحساب نفيا أو إثباتا مختزل في خصومه اللذين ينتقدهم ولم يكن قولا لجمهور العلماء! وبالتالي فالقائلون به جهال متخلفون وبالذات في العصر الحاضر الذي أصبحت فيه الحسابات الفلكية قطعية مسلمةولكنه التجني والضحك على الذقون كما يقال في أبشع صوره، فيا ليته حين يبحث المسائل العلمية يبحثها بعدل وإنصاف، فعليه وزره ووزر من تأثر به في طريقته, فإن هذا العلم دين فلينظر المرء عمن يأخذ دينه، ويكفي أن يقال له: لو تمسك بلد مسلم بالقول القديم الذي عليه جمهور العلماء بعدم التعويل على خبر الحاسب فهل يقول هو بتأثيمهم؟ وإلا فالظن به وبمن على رأيه أنه لو صام بلد أخذا بقول من يعتبر وجود الهلال ولو لم يُرَ فلن يقولوا بتأثيمه لأن له سلفا من العلماء يقول بجواز ذلك، فلو كان العكس, تمسك بلد مسلم بعدم التعويل على الحساب الفلكي نفيا وإثباتا تمسكا بظاهر النصوص، وتبنيا لعلة تعليق الصوم والفطر بالرؤية، وهو قول عليه جمهور العلماء كما سيأتي نقله عن ابن عبد البر المالكي رحمه الله، هل لو قال الحساب الفلكي بالنفي وفتح ذلك البلد المسلم محاكمه، وتقدم للقاضي شهود توثق من عدالتهم أقروا بأنهم رأوا الهلال، وصاموا مع نفي الحساب الفلكي لوجود هلال تحت الأفق، هل يأثمون عنده؟ فهؤلاء لهم سلف في الأخذ بالحساب في حال وجود الهلال وحال دونه قتر أو غيم، وهؤلاء لهم سلف في ترك الأخذ بالحساب جملة وتفصيلا ولو في باب الشهادات، لو قال بتأثيمهم تسليما بقطعية الحسابات الفلكية وانتفاء علة الأمية عن الأمة، وبأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فماذا سيقول عن الذين أفطروا في حال العلم بوجود الهلال مع حيلولة القتر أو الغيم، والعلة هي العلل, قطعية الحسابات الفلكية، وارتفاع علة الأمية عن الأمة؟! فلو أثمهم كان تأثيما مع صريح النص, {فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما}،
    لو قيل باطراد قاعدة, الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فإن نصوص التعويل على الرؤية دلالتها دلالة منطوق، فهي علة مصرح بها، وعلة الرؤية منقولة، وعلة قطعية الحسابات معقولة، كما سيأتي، ومن هنا يبدأ الاعتراض.
    هذا بيان دار الإفتاء الليبية حول هلال شهر شوال 1443هـ.
    (بيان مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية بتحديد بداية شهر شوال لعام 1443هـ)
    •الأثنين 15 شوال 1443ﻫ 16-5-2022م0152 دقيقة واحدة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلين؛ سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، أمّا بعدُ؛
    فإنّه لمّا كانَ القمرُ في هذهِ الليلةِ – ليلة الثلاثينَ مِن رمضان – يغربُ قبلَ غروبِ الشمسِ في كلّ البلادِ الإسلاميةِ، مِن إندونيسيا شرقًا إلى نواكشوط غربًا، ولا إمكانيةَ لرؤيةِ الهلالِ عند غروبِ الشمس؛ لعدمِ وجودِه في الأفقِ في وقتِ الرؤيةِ، وإنه حتّى لو ادّعَى الرؤيةَ أحدٌ في هذه الحالةِ – حالة عدمِ وجود الهلال في الأفق – فإنّ شهادتَهُ تُردُّ؛ لمخالفتِها للواقعِ، حسبَمَا هو مقرر في أحكام الشهادات في الفقه الإسلامي، وما قررته المجامعُ الفقهيةُ المعاصرةُ، ونظرًا إلى أنّ انعدامَ رؤيةِ الهلالِ عند المغربِ ليلةَ الثلاثين، يدخلُ تحتَ عمومِ قولِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (… فَإَنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدّةَ ثَلاثِينَ)؛ فقدْ قررَ مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاء: أنّ غدًا الأحد هو المتممُ لشهرِ رمضانَ المباركِ، وأنّ يومَ الإثنين هو أولُ أيامِ عيدِ الفطرِ المبارك لعام 1443 للهجرةِ النبوية، الموافق لليوم الثاني مِن الشهرِ الخامسِ لعام2022م.
    وبهذهِ المناسبةِ؛ يهنئُ المجلسُ الشعبَ الليبيَّ الكريمَ، والأمةَ الإسلاميةَ، بحلولِ عيدِ الفطرِ المبارك، داعينَ الله تبارك وتعالى أن يتقبلَ الصيامَ والقيامَ، وأن يجعلهُ عيدَ عِزةٍ وتمكينٍ، ونصرةٍ للمظلومينَ، في بلادِنا وبلادِ المسلمين، وفي البلدِ المباركِ فلسطين، على عصاباتِ صهاينةِ اليهودِ، الذينَ يقتلونَ المصلينَ في الحرمِ الشريفِ، مسرَى النبي صلى الله عليه وسلم، وقبلةِ المسلمينَ الأولى، فاللهم احمِ حرمَكَ، وانصرْ جندكَ، وسدّدْ رميَهم، واحفظهم بحفظكَ التام، واكلأهُم بعينك التي لا تنامُ، وتقبّلَ قَتلانَا وقتلاهُم في الشهداءِ الأبرارِ، واشفِ الجرحَى، وفكّ سَراحَ الأسرَى، وافتحْ بينَنا وبينَ قومِنا بالحقِّ وأنتَ خيرُ الفاتِحينَ.
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    مجلسُ البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء.
    https://ifta.ly/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D...D8%AF-4/23504/
    فتأمل كيف أجمل البيان بأن نفي الحساب يعد قرينة في رد شهادة الشهود وأنه مقرر في كتب الفقه، وكأنها مسألة إجماعية! وتأمل كيف وفق البيان بين مفترقين، استحالة الرؤية بنفي الحساب، واحالة حيلولة القتر والغيم، فرق بين ما ورد به النقل، وما لم يرد وقياسه عليه قياس مع الفارق، فرق بين ما كان موجودا وحال بيننا وبينه حائل، وبين ما كان معدوما، وأقل ما يقال فيه تقويل للشارع ما لم يقله أو يرد النص عليه، وإلا فهل يعجز نمن أوحي إليه وأوتي جوامع الكلم أن يقول: فإن كان الهلال معدوما أو غم عليكم فأكملوا العدة؟!
    وهذا بيانها حول شهر رمضان 1444هـ.:
    (بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراسات الشرعية بدار الإفتاء بدخولِ شهرِ رمضانَ لعامِ 1444هـ)
    الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلينَ؛ سيدِنَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ:
    فقدِ اطَّلعَ مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدارِ الإفتاءِ، على التقاريرِ المقدمةِ إليهِ، مِن اللَّجنةِ المكلفةِ برصدِ ومتابعةِ الأهلةِ بدارِ الإفتاءِ.
    ولمَّا كانَ القمرُ في هذِه الليلةِ - ليلةِ الثلاثينَ من شعبان - يغربُ قَبْلَ غُرُوبِ الشّمس، أو معها، في كلِّ البلادِ الإسلاميةِ، ولا إمكانيةَ لرؤيةِ الهلالِ عندَ غروبِ الشمسِ؛ لعدمِ وجودِهِ في الأفقِ في وقتِ الرؤْيَة، وأنَّهُ حتّى لوِ ادَّعَى ا لرؤيةَ أحَدٌ في هذهِ الحالةِ - حالةِ عدمِ وجودِ الهلالِ في الأفقِ - فإنَّ شهادَتَهُ تُردُّ؛ لمخالفتِها للواقعِ، حسبَمَا هو مُقررٌ في أحكامِ الشهاداتِ في الفقهِ الإسلاميّ، وما تقررَ أيضًا لدَى المجامعِ الفقهيةِ المعاصرةِ، ونظرًا إلى أنَّ انعدامَ رؤيةِ الهلالِ عند المغربِ ليلةَ الثلاثينَ، يدخُلُ تَحتَ عمومِ قولِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (... فَإنْ غمَّ عليكمْ فأكمِلوا العدَّةَ ثَلاثينَ).
    بناءً على ذلكَ؛ فقد قرَّر مجلِسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعية بدارِ الإفتاءِ: أنَّ غدًا الأربعاء هو المتمِّمُ لشهرِ شعبان، وأنَّ يومَ الخميسِ هو أوَّل أيامِ شهرِ رمضانَ المبارك، لعام 1444 للهجرة النبوية، الموافق للثالثِ والعشرينَ من الشهر الثَّالثِ لعام 2023م.
    وبهذِه المناسبةِ؛ يهنّئُ مجلسُ البحوثِ الشعبَ الليبيَّ الكريم، والأمةَ الإسلاميةَ، بدُخولِ الشهرِ المبارك، داعينَ اللهَ تباركَ وتعالى أنْ يتقبّل الصيامَ والقيامَ، وأن يجعلهُ خيرًا وبركةً، وهِدايةً ونصرةً للمظلومينَ، في بلادِنا وبلادِ المسلمينَ.
    وصلَّى اللهُ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
    مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعية بدارِ الإفتاء.
    الثلاثاء: 29 شعبان 1444 هــ.
    الموافق: 21/ 3/ 2023م.
    https://www.facebook.com/story.php?s...VcN8ow&paipv=0
    دار الإفتاء الليبية اعتبرت خبر الحاسب قرينة تطعن في شهادة الشاهد المثبت للرؤية، ونسبت هذا لما هو مقرر في كتب الفقه، وعبارتهم هذه توحي بأنها محل إجماع, جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج للهيتمي المطبوع معه حاشيتا الشرواني والعبادي من كلام الشرواني رحمه الله في الحاشية (3/374) ما نصه:
    "قَوْلُ الْمَتْنِ (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَدَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَجَرَى الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ هُنَا كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الْحِسَابُ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ وَعَلَى أَنَّ مُقَدِّمَاتِهَا قَطْعِيَّةٌ فَإِذَا فُرِضَ وُقُوعُ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَشْهُودِ بِهِ إمْكَانُهُ عَقْلًا وَعَادَةً وَشَرْعًا وَلِأَنَّ غَايَةَ الشَّهَادَةِ الظَّنُّ".
    فالمسألة في كتب الفقه ليست مقررة بل مختلف عليها كما ذكر الشرواني رحمه الله، وهذا يرد على ذلك المفتي المستهزئ، لا سيما مع تبويب أبي داوود, باب إذا أخطأ القوم الهلال
    وذكر فيه حديث:
    2324 حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه قال وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف.
    قال الخطابي في معالم السنن, (2/95-96):
    " معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلاّ بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض فلا شيء عليهم من وزر أو عتب. وكذلك هذا في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة فإنه ليس عليهم إعادته ويجزيهم أضحاهم كذلك؛ وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده ولو كلفوا إذا أخطؤوا العدد أن يعيدوا أن يأمنوا أن يخطؤوا ثانيا وأن لا يسلموا من الخطأ ثالثا ورابعا فإن ما كان سبيله الاجتهاد كان الخطأ غير مأمون فيه".
    وقد ذكر ذلك د. الصادق الغرياني في مقاليه المشار إليهما آنفا، ولذا, فقد تكون الدورة الفلكية للشهر الجديد, لرمضان مثلا، قد بدأت ويتجاوز الله عز وجل عن الناس في يوم كان الهلال موجودا فيه وحال دونه حائل، مع أنه محسوب من الدورة الفلكية الجديدة، ولم يقل أحد بتأثيم من علم بوجود الهلال ثم أفطر، فلماذا لا يقال في اليوم الذي يصام يظن أنه من رمضان بناء على شهادة الشهود ونفي الحساب أن ذلك من توسعة الله عز وجل على الأمة، ومن القواعد المقررة بخصوص رمضان أنه يجوز الدخول فيه بناء على الظن لكن لا يخرج منه إلا بيقين، ومعلوم أن قصد من قرر هذا الاعتماد على خبر الواحد في دخول رمضان، مما يجعل عنده احتمالية أن يكون هذا اليوم الذي يصام من شعبان، وفي هذه الحالة ينتفي التأثيم، ، ولذلك نظائر, كمثل اكل من لم يتبين له طلوع الفجر ثم اكتشف أن الفجر قد طلع، وكإفطار من ظن غروب الشمس ثم تبين له عدم غروبها كما وقع في عهد عمر رضي الله عنه، والتوقيت في الشريعة تقديري مرتبط بعلامات ظاهرة لكل أحد، فلما تكبد المسلمون المشقة وتركوا توسعة الله عز وجل على عباده قل عنهم الخير، وكثر فيهم الخلاف, جاء في فتح الباري لابن حجر العسقلاني المتوفى أواخر ذي الحجة 852 -ه (4/199):
    " تَنْبِيهٌ مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ إِيقَاعِ الْأَذَانِ الثَّانِي قَبْلَ الْفَجْرِ بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ وَإِطْفَاءِ الْمَصَابِيحِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الصِّيَامَ زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إِلَّا آحَادُ النَّاسِ وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُوا لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِينِ الْوَقْتِ زَعَمُوا فَأَخَّرُوا الْفِطْرَ وَعَجَّلُوا السُّحُورَ وَخَالَفُوا السُّنَّةَ فَلِذَلِكَ قَلَّ عَنْهُمُ الْخَيْر وَكثير فِيهِمُ الشَّرُّ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ".
    ومثل ذلك جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين سأله: "فما بالنا نقصر وقد أمنا؟"، فكان الجواب: {صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته}، والفارق لن يكون كبيرا، ولن تضيع بدايات الشهور ونهاياتها مع انتظام الدورة الفلكية للقمر، فلن يكون الشهر مثلا ستة وعشرين يوما، أو أربعة وثلاثين يوما، كما أن قطعية الحساب الفلكي لم تمنع الخلافات, فمن قائل بالأخذ به في النفي دون الإثبات، ومن قائل بالأخذ به نفيا وإثباتا.
    والمهم أن الفقهاء الذين اعتبروا خبر الحاسب في النفي دون الإثبات بنوا رأيهم على تساقط الظنيين، فخبر الحاسب عندهم ظني، وشهادة الشهود ظنية، ولذا لا يمكن للفلكي أن يعترض علي هؤلاء في إهدار خبر الحاسب في الإثبات، بخلاف عمل دار الإفتاء الليبية باعتبارها تنظر في أمور الهلال في بلادنا على قطعية الحسابات الفلكية وتعتمدها في النفي دون الإثبات، فإن الفلكي بل والعامي يمكن أن يحاج مشايخ الدار بأنه ما دام خبر الحاسب قطعي ونسبة الخطأ فيه تكاد تكون معدومة، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، ووصف الأمية إن كان يعنى به ضد العلم زال عن هذه الأمة بالعلم، فما الذي يفرق بين حالي النفي والإثبات في خبر الحاسب؟ أم إنها مرحلة تمهيدية لها ما بعدها؟ فإن قيل: إهدار خبر الحاسب في الإثبات إعمال للنص الذي فيه بناء الحكم على علة الرؤية، فيلزمكم ذلك في حال النفي أيضا، فالنص هو النص، والعلة المنصوص عليها لم تتغير، وإن كان إهدار خبر الحاسب في النفي ينافي العلة المعقولة وهي قطعية الحسابات الفلكية في وقتنا المعاصر قيل: علة ربط الصيام بالصوم والإفطار وغيرهما منقولة، وقطعية الحسابات الفلكية معقولة، فإن كانت العلة المنقولة مقدمة على المعقولة فما الفارق في تقديمها في الحالين من باب التعبد؟ وإن كان إهدار العلة المعقولة تخلفا في أحد الحالين فلا فارق مع القول بالقطعية في اعتبار إهدارها تخلفا في الحالة الأخرى، ولئن كان غروب القمر وشروقه قطعيان بالحساب، فمعرفة المفارقة بعد المحاق أو الاستسرار قطعية أيضا، والحساب له طريقتان, طريقة تعنى بالعلم بوجود الهلال بعد الغروب ولو حال دونه حائل، وطريقة اعتماد الولادة الفلكية، وتتفق الطريقتان بحسب معايير عصرنا في القطعية، ويتفق الفلكيون على أن الولادة الفلكية واحدة على مستوى دول العالم، وهي قطعا عندهم بداية دورة فلكية جديدة، بخلاف شروق القمر وغروبه ومكثه بعد الغروب فهو يختلف من مكان إلى آخر وإن كانت إمكانية حسابه دقيقة، .
    فإذا تقرر هذا فللحاسب الذي يعنى بوجود الهلال بعد الغروب الاعتراض على من يقول بالقطعية مع التفرقة بين حالي النفي والإثبات بأن الحكم واحد مع اتحاد علة القطعية، فلماذا التفريق ؟ وللحاسب الذي يعتمد الولادة الفلكية باعتبار ما قبل الفجر أو بعده في جبر الكسر أن يعترض أيضا، فلئن وقعت الولادة الفلكية بعد الغروب أو قبل الفجر بثوان، والدورة الفلكية الجديدة بدأت فعلا فلماذا لا يستعمل معيار ما قبل الفجر أو بعده بديلا عن معيار مكث الهلال بعد الغروب بناء على علة القطعية؟ فإهدار الرؤية اكتفاء بالعلم بوجود الهلال عند القتر أو الغيم يشبه من بعض الوجوه أهدار اعتبار ما بعد غروب الشمس معيارا للعلم ببداية الشهر بالنسبة لمن يرجح معيار الولادة الفلكية أو الاقتران، وقضية جبر الكسر في جميع الأحوال قائمة،, فالفلكيون يقرون بأن الدورة الفلكية تسعة وعشرين يوما وكسور، وحينئذ شرعا وحسابا بالطريقتين لا بد من جبر الكسر، فتستوي طريقتا الحساب في كونهما قطعيتان، وترجيح أحدهما على غيره على ما تقدم ترجيح بلا مرجح، ومع الإقرار قطعية الحساب الفلكي يزداد الأمر تعقيدا في النقاش بين أصحاب الطريقتين، وقد وقع, فاعترض معترض على دار الإفتاء الليبية بحجة قطعية العلم بولادة الهلال بعد غروب الشمس، وأنه هلال رمضان، فكان على الدار احتساب يوم الإربعاء أول رمضان لا الخميس، هكذا قال المعترض، والحل، العدول عن الطريقتين والبقاء على الأصل الذي هو النقل مع ما فيه من تيسير وتجاوز في الكسور التي تصل إلى فارق يوم شرعي أو إلى أكثر من أربع وعشرين ساعة فلكية على وفق حكمة العليم الحكيم، ..
    سيفرحون ويقولون: لكن هناك فارق بين اعتبار العلم بوجود الهلال واعتبار الولادة الفلكية, وهو مخالفة قول الله تعالى: {يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج}، واعتبار الولادة الفلكية لم يقل به أحد من المسلمين، فعاد الأمر بحمد الله في الجواب الأول منهم إلى المنقول، وتقديم المعيار المنقول على المعقول، فاعتبار الهلال بداية للشهر وهو ما يكون بعد غروب الشمس لا يختلف عن معيار الرؤية في كونهما معياران منقولان، واختلافات العلماء من باب أولى ترد إلي المنقول، فالذي نص على اعتبار معيار بعد غروب الشمس هو الشارع ذاته الذي أمر ألا نصوم حتى نراه، ولا نفطر حتى نراه، وقد كان العمل على الولادة الفلكية وجبر الكسر باعتبار وقوع الولادة الفلكية قبل طلوع الفجر معمولا به في هذه البلاد بلا نكير إلا على استحياء خمس عشرة سنة تقريبا، حتى لم يجهر ببطلانه إلا في فترات متأخرة من فرد أو فردين، والباقي سكوت.
    ولئن كان إعمال هذه العلة المعقولة, قطعية الحسابات الفلكية في اعتبار الأهلة من سعة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، فليس إعمال العلة المنقولة بأولى من العلة المعقولة في هذا، لا سيما مع النظريات العلمية الفلكية المبنية على نظرية النسبية ونظريات (الشوش) كما يقولون أو فوضى الكون التي تقر بتمدد الأجرام السماوية من حيث تلاشي مجرات ووجود أخرى، وبالتالي التغيرات التي تطرأ عليها, وها نحن صرنا نسمع عن توقف دوران لب الأرض، ودورانه بعد ذلك بعكس دوران اتجاه الأرض، ومن ذلك ما ذكروه عن التغير في حركة القمر تسارعا وتباطؤا، قد تبدو فرضيات سخيفة عند من يقر بقطعية الحسابات الفلكية، لكن، ماذا لو قرأو ما يقال عن ابتعاد القمر عن الأرض كل عام بمقدار بوصة ونصف، وأنه قد يتغير طول اليوم، وماذا لو قرأوا عن احتمالية اختفاء القمر بعد ما يقارب ستمائة مليون سنة؟!
    اقرأ هذا من هنا:
    https://ngalarabiya.com/article/4225...B1%D9%86%D8%A7
    والمقصود من هذا الكلام إن مبدأ قطعية الحسابات الفلكية لا ينبغي أن يفهم على إطلاقه، بل على وفق نوع الاستقرار في المعادلات في الوضع القائم الآن من حيث حركة الأجرام السماوية، أو على الأقل نحتاج أن نفهم من القائلين بقطعية الحسابات ما إذا كان هناك فارق بين الدقة والقطعية، بمعنى, لو تغيرت الحسابات تبعا لأي تغير في نظام الأجرام السماوية ولو كان على المدى البعيد وتغيرت نتائج الحسابات تبعا لذلك التغير، فهل ستصمد القطعية، فالدقة موجودة في الحالين, وإنما تباينت النتائج تبعا للتغير، وعلى هذا فالقطعية أشمل من الدقة، والدقة تتغير بحسب العوامل والظروف إذا ما استثنينا الأخطاء، لكن القطعية إذا انتقضت عراها آلت إلى الضد وهو الظن، فماذا يقصد القائلون بالقطعية، هل هي القطعية المطلقة, بمعنى أن الحسابات لا يمكن أن تتخلف في أي وقت من الأوقات، أم يعنون بها الدقة؟ وإلا فالدراسات تحدثنا عن يوم في قديم الزمن كان أربع ساعات فقط، وعن يوم مقداره ثمانية عشر ساعة، كل هذا يفهم في نظريات القوم في إطار النسبية التي هي روح العلم عندهم ومادته.
    ومن الحكم والمصالح التي جاءت بها الشريعة الإسلامية توحيد المعايير وتيسيرها،, يقول الله عز وجل:+
    {وجعلنا الليل والنهار آيتين، فمحونا آية اللي وجعلنا آية النهار مبصرة، لتبتغوا فضلا من ربكم، ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا}، المشكلة مع أهل الحساب أنهم يقتطعون من هذه الآية والتي ستذكر بعد هذه الجزئية, {ولتعلموا عدد السنين والحساب}، ويقولون: هذا دليل الحساب، ويقول الله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدره منازل، لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله ذلك إلا بالحق، يفصل الآيات لقوم يعلمون}، وأهل الحساب كانوا مع هذه الآية أشد تعنتا, فاجتزأوا, {وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب}، فعزلوها عن مضمون الآية التي سبقتها، وعن قول الله تعالى: {يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج}، وحاصل الآيتين الأوليين مخالفة الله بين الليل والنهار بآيتيهما, القمر والشمس، وبتمايز كل منهما بآيته تعرف الأيام وبالتالي الجمع والشهور والسنين، ولولا تمايزهما لما علم ذلك، فالسياق سياق امتنان، ليس فيه حض على الاشتغال بحساب الدورة القمرية التي هي في متوسطها عند أهل الحساب تسعة وعشرين يوما ونصف وأربعة وأربعين دقيقة وكسر تقريبا, تزيد وتنقص بحسب الاقتراب والابتعاد والتسارع والتباطؤ بكسر يهمل عند المشتغلين بالحساب، يؤكد ما سبق تقدم ذكر الآيتين على ذكر الحساب، فلو قدر أن النهار كان أربع ساعات فلا يهم, فلدينا الآيتان، ولو طال النهار أكثر من أربع وعشرين ساعة فلدينا الآيتان، لا يخالف القائلون باعتبار الحساب في هذا، لكن الإشكال في اعتمادهم قطعية الحسابات الفلكية التي يعكر عليها ما سلف من فرضيات تقول بالتغيرات، وربط الشريعة أحكامها بالمحسوسات، وما لم يعلق الشرع الحكيم به حكما فاعتباره والاعتماد عليه نوع افتيات وإن حسنت نية القائل به.
    وأما ما تتحدث عنه الفرضيات من تباعد للقمر عن الأرض والتغاير في السرعة انتهاء باختفاء القمر كما يفترضون فهذا يؤدي لتغيير في الحسابات، وهل سيفتح أمامنا هذا الكلام مثلا إن قيل به أن نتوقع تباعد ما بين الهلالين, فنجد الفارق بين هلالي رمضان وشوال مثلا واحدا وثلاثين يوما؟ أو أن يكون نهار الصيام في الاعتدال الربيعي أربعا وعشرين ساعة نهارا وأربعا وعشرين ساعة ليلا هي محل الفطر والقيام؟ وفي كل مرة يكتشف شيء جديد سيقال بنظرية تختلف. فإن أحالنا أهل الحساب على الاحتمالات العقلية القائمة على فرضيات ابتعاد القمر وإمكانية اختفائه بعد ستمائة مليون سنة نهائيا فذلك ممكن، وإن أحالونا إلى نصوص الشرع التي تخبر بأن النظام الكوني في الغالب لا يتغير، قلنا لهم أنتم عدلتم بنا عن المنقول فكان هذا مجاراة لكم، وإن قالوا نتكلم اليوم في قطعية الحسابات على ما هو مقرر وغير ذلك, (دعوها حتى تقع)، قيل لهم تسليمكم بقطعية الحساب هو ما جر لهذه المناقشة، وهي قطعية لا يمكن القول بها واعتبارها معيارا شرعيا إلا مع افتراض ثبات الكون واستقراره على نظام لا يتخلف، وهذا لا يسلم لكم من حيث النظريات العلمية الحديثة، وقد مر نقل شيء من كلام القوم، ولا يسلم لكم من ناحية شرعية أيضا، فإن من حكمة الله عز وجل ومن البراهين التي أقامها على وحدانيته وقدرته أن أجرى الكون على نظام مستقر، لكنه يتغير متى شاء وكيف شاء، ومن أسباب ذلك دفع إيهام أنه نظام طبيعي ليس عن مشيءة وقدرة من ذات فاعلة مختارة، فنحن مثلا ليس عندنا خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن صلاة كسوف واحدة، وفي أعوامنا هذه يتكرر الخسوف والكسوف، ومع دقة حساب الكسوف والخسوف وعمر القمر وأطواره هل يمكننا التسليم أنها لن يقع عليها تغيير من الله عز وجل تماشيا مع القانون سالف الذكر، فيؤخر الله الاقتران عن وقته المحسوب، أو يتغير وقت الخسوف والكسوف؟ هل عندنا ضمان بهذا من الله أو عند القوم؟ بينما ما قرره الله في شرعه وبنى عليه أحكامه فتغيره مع عدم وجود بديل منصوص عليه يطعن في حكمة الحكيم وهذا محال.
    وقد صح الخبر بمثل هذا في موضوع الزمن من نصوص الشريعة فيما مضى وفيما يستقبل, ففيما مضى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي الذي قاتل في سبيل الله من العصر ويكاد يفتح الله عليه بالنصر لولا دنو غروب الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري رحمه الله وغيره: { فَقَالَ لِلشَّمْسِ : إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ}، سيقولون: آية لنبي، ومن مثل الأنبياء؟ فيقال: الشاهد وقوع خرق العادة والإخبار عن تكرره فيما يستقبل من الزمان, فقصة المسيح الدجال ومكثه في الأرض معروفة مشهورة، ففي الحديث, { قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : " أَرْبَعُونَ يَوْمًا ، يَوْمٌ كَسَنَةٍ ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ " قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : " لَا ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ}.
    قال النووي في شرحه على مسلم, (18/66):
    " وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هَذَا حُكْمٌ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ شَرَعَهُ لَنَا صَاحِبُ الشَّرْعِ قَالُوا وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ وَوُكِلْنَا إِلَى اجْتِهَادِنَا لَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ ومعنى أقدروا له قدره أَنَّهُ إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
    فما كان ليسمى يوما إلا لأن له شروقا واحدا وكذلك له غروبه، وله ليل ونهار، وإلا ما سمي يوما، لطول الأول كزمن سنة خصه الشارع بصلاة سنة، والثاني كزمن شهر فخص بصلاة شهر، والثالث بصلاة أسبوع لأن زمنه كأسبوع، وتهمنا هنا فائدتان، أن قطعية الحسابات الفلكية مخصوصة بتلك المرحلة، وثبوت تغير في الزمن شرعا، مع الإخبار بعودته كما كان، فضمن بهذا ثبوت غالبية أيام الدهر إلى زمن المسيح الدجال على ما هي اليوم باعتبار قرينة الخطاب المباشر للصحابة رضوان الله عليهم، وعليه فمن بنى قطعية الحسابات الفلكية على فرضيات النظريات الناشئة في فلك النسبية فهو محجوج بمقولات القوم، وبنصوص الشرع التي تثبت إمكانية تغير الزمن، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن مكث المسيح الدجال ليس فيه إثبات أو نفي إمكانية التغير في غيره من الأزمان، ولكن، يرحم الله امرأ وقف عند ما علم، وإن كان معوله في قطعية الحسابات على النص الشرعي, { وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ} فمع كونه ليس نصا صريحا في إثبات عدم التغير في غيره من الأزمان، يكون حجة على من استدل بالمنقول على المعقول، فلماذا العدول عن منقول وهو الرؤية إلى معقول يستدل له بمنقول وهو إثبات الشهور بالحساب ما دام المنقول هو الأصل والمعول؟
    زد على ذلك إن التعويل على معيار الرؤية بنص الشرع يعطيه قوة مهما كان من متغيرات, فالله عز وجل المتصف بالحكمة المطلقة والعلم المطلق، هو الأعلم بتغير الكون أو ثباته، وهذا ضمان لثبات للمعيار المنصوص عليه مع تغير الظروف، بخلاف النظريات القائمة على النسبية، فمعيارها لا يقوى على الثبات إلا من خلال توفر ظروف المعادلة ذاتها، وأي تغير ينشأ عنه ربما تغيير جذري في النتائج، والثمرة أنه لا قطعية، بينما يقطع المؤمن باعتقاد راسخ في نص الشارع الحكيم أنه لن يختل معيار رتب عليه الشارع ما يحتاج إليه الناس في عباداتهم مثلا، وثبات معايير الشريعة فيما تمس الحاجة إليه مصدر قوتها، وعدم صلاحية هذا المعيار في وقت ما يطعن على الشريعة التي هي حكم ومصالح من الحكيم العليم، وهذا محال،
    ومما يقوي التمسك بالمعايير التي شرعها الله عز وجل أن الله عز وجل وصف أهل الدنيا فقال: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} ويدخل في هذا الوصف أهل العلم التجريبي بشهادتهم هم على أنفسهم، فقد يبنون حكما وتصورا ليس على حقيقته، أو تخفى بعض جوانبه، من ذلك ما ركز عليه الشيخ المستهزئ في مسألة حساب الخسوف والكسوف، جاء في فتح الباري لابن حجر (2/537):
    " وَمِمَّا نقض بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْكَسِفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يَحُولُ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ فَقَالَ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فِي الْجِرْمِ فَكَيْفَ يَحْجُبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ إِذَا قَابَلَهُ أَمْ كَيْفَ يُظْلَمُ الْكَثِيرُ بِالْقَلِيلِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَيْفَ تَحْجُبُ الْأَرْضُ نُورَ الشَّمْسِ وَهِيَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَكْبَرُ مِنَ الْأَرْضِ بِتِسْعِينَ ضِعْفًا".
    وما أسهل أن تناقش الدراسات العلمية الحديثة هذه الحجج من ابن العربي رحمه الله، وما أسهل أن يقول الحاسبون إن ابن العربي ليس فلكيا، وابن تيمية ليس فلكيا، فلماذا تعتدون بأقوالهم وهم ليسوا من أهل الاختصاص؟
    فيقال: اعتماد أقوال ابن العربي وابن تيمية لا على أنهما من أهل الاختصاص، لكن هو نظير ما تفعله المجامع الفقهية الإسلامية اليوم من محاولتها استدعاء أهل الاختصاص وفهم الأمور منهم لإيجاد حكم شرعي، ولعل تلك المحاولات من علماء المسلمين الذين تكلموا في الفلك وغيره نواة أو بواكير لما يعرف في عصرنا اليوم بمجامع الفقه، وفي هذا مزية لابن العربي رحمه الله ومن على شاكلته من أهل العلم على جماعات من المعاصرين الذين يأخذون ما يقال على أنه مسلمات، فها هو يناقش علماء الفلك في زمانه، على أنه ليس هذا المقصود تقريره هنا بإيراد نص ابن حجر رحمه الله وإنما هو مابعد هذا الكلام من نص ابن حجر، وهو قوله:
    "وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْكُسُوفِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَالَ إِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا قَالَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تصادم أصلا من أصُول الشَّرِيعَة قَالَ بن بَزِيزَةَ هَذَا عَجَبٌ مِنْهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ دَعْوَى الْفَلَاسِفَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَا تَصَادِمُ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كرى الشَّكْلِ وَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعْطِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ فِي هَذَيْنِ الْجِرْمَيْنِ النُّورَ مَتَى شَاءَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ رَبْطٍ بِاقْتِرَابٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ النُّورِيَّةَ وَالْإِضَاءَةَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتْ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدِ انْكَسَفَتْ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ وَقَالَ هِيَ أخوف لله منا".
    وللأمانة فالحديث لا يخلو من مقال في سنده، ونقل ذلك يطول المقصود أكثر، إلا أن هذه الزيادة, {وأذا تجلى الله لشيء من خلقه خشع له}، لها طرق كثيرة، وشاهدها مر من القرآن الكريم، خلافا لمن احتمل أنها مدرجة في لفظ الحديث، والذي يرمى إليه من إيرادها، أننا نؤمن اليوم مسلمين بأن الكسوف نتيجة حجب ضوء الشمس في نهاية الشهر القمري لوقوع الشمس والقمر والأرض في خط واحد، والفارق في الدرجة صفر، ماذا لو جاءت دراسة فلكية تثبت أن الذي يحدث في كسوف الشمس طمس مؤقت لأشعتها وليس حجبا؟ وإذا وجد الاحتمال في تغير النظرة المسلمة في سبب الكسوف، فما المانع أن تتغير أمور أخرى مما نعده اليوم نحن من المسلمات في العلم؟ لن يجيب المسلمون المقلدون للآخرين بشيء غير استبعاد ذلك, لوقوع الكسوف في نهاية الشهر القمري، وهذا يقوي احتمال الحجب، لذا ما أبدع ما ختم به ابن حجر رحمه الله شرحه لحديث الكسوف، حيث نقل عن ابن دقيق العيد فقال في المصدر نفسه:
    وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ رُبَّمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ يُنَافِي قَوْلَهُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بهما عباده وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ ذَلِكَ وَقُدْرَتَهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَا تِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يذكرهُ أهل الْحساب إِن كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَ ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَى".
    ولعله يتفرع على هذا أن نتساءل ماذا لو تعرضت قطعية الحسابات الفلكية المستفادة من علوم القوم لخرق العادة الذي نص عليه العلماء بقدرة الله عز وجل، هل حينها سنتمسك بنفي الحساب لوجود الهلال بعد الغروب؟ ماذا لو كانت شهادة الشهود المستفيضة التي اعتمد عليها في بعض الدول في بعض السنوات هي من خرق العادة؟ سؤال افتراضي قد تكذبه المراصد الفلكية والأجهزة التي هي كل يوم في جديد، لكن، بالمقابل ماذا لو أقر مرصد فلكي بوجود ما يشبه الهلال في ليلة أطبق فيها الفلكيون على استحالة الرؤية؟
    وإجراء العادة لا ينفي خرقها من العليم القدير، واعتبار معيار لا يراعي ذلك فيه تغرير بالشرع، أما المعيار الذي نبه عليه الشارع فالاعتقاد فيه أنه لا يتخلف.
    خلاصة القول:
    بعيدا عن الفرضيات، إن التنظير اعتبار الحساب الفلكي ناقضا لشهادة الشهود في حال النفي دون الإثبات لا يستقيم إلا على اعتبار الحساب الفلكي ظنيا كما تقدم نقله عن الشرواني، فهذا ما قرره الفقهاء المعتبرون في اعتبار الحساب في باب الشهادات، فيكون المعول عليه في الأصل الرؤية والتعويل على الحساب الفلكي أمر فرعي، أما مع اعتبار الحساب الفلكي قطعيا فلا يسلم من يأخذ بالحساب الفلكي في النفي دون الإثبات من معارضة، فلا فرق مع القطعية بين حالي النفي والإثبات، ولا فرق بين حالي الصحو والقتر والغيم ما دام المقصود العلم بوجود الهلال دون رؤيته، ومن ذلك اعتبار سنة الترائي في حال النفي شيئا من العبث إذ هو وسيلة لغيره، وما دام تحقق غيره بوسيلة أضبط فلا حاجة إليه، بل لا حاجة لسنة الترائي حتى في حال الإثبات، مع القول بأن شهادة الرائي في أعلى درجاتها تفيد الظن، وأخبار الحاسبين تفيد القطع، الحاسبين الذين بقطعية أخبارهم لا يختلف الحال بين برهم وفاجرهم، وبالتالي فنحن بحاجة إلى تعديل شروط العدالة تبعا لهذا التطور، ليس في هذا الباب فقط، بل في أبواب كثيرة إذا ما أثبتت مثلا الاختبارات الجينية بنوة ولد للزاني فإننا لن نعتبر بحديث الولد للفراش على معنى الولد للزوج، ويستوي في هذا إخبار البر والفاجر، ومع قطعية معيار قطعية الحسابات الفلكية لا اعتبار لخرق العادة، مع أن النظريات تحدثنا عن تباعد القمر وما يطرأ تبعا لذلك من تغيرات، كل هذا يعتمد فيه على نظريات نشأت وتربت في حضن النسبية، ومصطلح قطعي لا ندري ما يقصد به أهله، هل هي قطعية مطلقة أم بحسب الظروف الآنية، فإن كانت مطلقة تناقضت مع ما تقوله النظريات من تغير عبر الزمن، وإن كانت قطعية بحسب نوع الاستقرار والانتظام ففيه تعويل على معيار لا ضمان له في المستقبل ولو بعد ستمائة مليون سنة، بينما تعبدنا الله بمعيار على وفق حكمته وعلمه فشرع لنا ما لا يمتري فيه اثنان من علامات حسية، وتجاوز عنا على ما تقتضيه حكمته من سماحة الشريعة إن أخطأنا في يوم أفطرناه أو صمناه من بداية دورة فلكية جديدة، يستوي في هذا المعيار الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب والعالم، ولذا تناقضت دار الأفتاء الليبية في البيانين، ولم تتحدث عن سنة الترائي إلا إجمالا، وهكذا حال من يخالف النصوص، لا بد أن يتناقض في أحكامه، والله أعلم.

  2. #2

    افتراضي رد: دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:

    دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:
    دار الإفتاء الليبية اعتراض يحتاج إلى جواب: واضح من بيانكم تعويلكم على عدم إمكانية الرؤية لعدم وجود الهلال باعتبار ما يقرره علم الفلك، على أن خبر الحاسب قرينة تقدح في شهادة الشهود إن ادعى شاهد رؤية الهلال, فكيف يرى ما لا وجود له أصلا؟! وهو ما تعبر عنه بعض كتب الفقه وآراء مجامع فقهية معاصرة بالأخذ بخبر الحاسب في النفي دون الإثبات، ومن قبل كتب د. الصادق الغرياني في أواخر أيام النظام السابق مقالين تناول فيه المسألة، ومما نقله عن الفقهاء أن شهادة الرائي بالرؤية مع خبر الحاسبين بالنفي يعد ظني في مقابل ظني بحسب أقوال الفقهاء الآخذين بخبر الحاسب على أنه قرينة ترد بها شهادة الشهود وإذا تعارض ظني في مقابل ظني تساقط الخبران فكأنهما كالمعدوم ويعتبر الهلال كأنه لم يرَ، أو كالمعدوم، واليوم تقر دار الإفتاء بقطعية الحسابات الفلكية تبعا لآراء جماعة من الفقهاء المعاصرين، وأن نسبة الخطأ فيها مع تطور الأجهزة الحديثة لا تكاد تذكر، ويمكن حساب منازل القمر بالدقيقة والثانية، بل والأجزاء من الثانية، ويمكن للمناظير المزودة بآلات تصوير دقيقة تصوير الهلال ولو في رائعة النهار، وبالتالي انتهجت دار الإفتاء الليبية انتقاد شهادة الشهود المثبتين للرؤية في حال إخبار الحاسبين باستحالة الرؤية لأن الهلال غير موجود بعد غروب الشمس ونادت بإسقاطها، ولو كانت جماعة مستفيضة كما اشترطت بعض المذاهب الفقهية، بل والتطور الملحوظ التغير في بيان دار الإفتاء على مدى عامين باعتبار استحالة الرؤية بخبر الحاسبين في عموم حكم تعذر الرؤية المنصوص عليها في الأحاديث مع وجود الفارق بين المسألتين، وبالتالي ترك ذكر سنة الترائي في بيان هلال عيد الفطر الماضي وهلال رمضان الحالي اكتفاء بالتقارير، ولم تنشر أي خبر عن خروج لجانها لإحياء سنة الترائي، فكان البيانان مقتضبين في تفصيل هذه المسألة، بل ويسخر عضو منتسب للدار سخرية شديدة بمن يعول على قول الجمهور بعدم الأخذ بالحساب الفلكي نفيا أو إثباتا، في كلام له في أحد دروسه نشر هذا الكلام بعنوان: لماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاة الفطر نقودا؟حاول هذا الشيخ تفسير هذه المسألة ثم قال: "ولكن كيف سيفهم هذا من يقول اليوم في عصرنا إن الأرض لا تدور؟ ويقول إن الفلك لا يكون شاهد نفي في إثبات الرؤية، الفلك الذي نسبة الخطأ فيه قليلة لا أدري كم إلى آلاف؟،"، ثم يستطرد في ذكر ما سبق من تقرير قاعدة قطعية الحسابات الفلكية في عصرنا الحاضر، وأن الأخذ بالحساب قرينة في النفي مما لا يفهمه المعولون على الرؤية، والقائلين بثبات الأرض وعدم دورانها، وكأن ثبات الأرض وعدم دورانها مذهب مستقر مسلم به عند خصومه الذين ينتقدهم؟ وكأن القول بعدم الأخذ بالحساب نفيا أو إثباتا مختزل في خصومه اللذين ينتقدهم ولم يكن قولا لجمهور العلماء! وبالتالي فالقائلون به جهال متخلفون وبالذات في العصر الحاضر الذي أصبحت فيه الحسابات الفلكية قطعية مسلمةولكنه التجني والضحك على الذقون كما يقال في أبشع صوره، فيا ليته حين يبحث المسائل العلمية يبحثها بعدل وإنصاف، فعليه وزره ووزر من تأثر به في طريقته, فإن هذا العلم دين فلينظر المرء عمن يأخذ دينه، ويكفي أن يقال له: لو تمسك بلد مسلم بالقول القديم الذي عليه جمهور العلماء بعدم التعويل على خبر الحاسب فهل يقول هو بتأثيمهم؟ وإلا فالظن به وبمن على رأيه أنه لو صام بلد أخذا بقول من يعتبر وجود الهلال ولو لم يُرَ فلن يقولوا بتأثيمه لأن له سلفا من العلماء يقول بجواز ذلك، فلو كان العكس, تمسك بلد مسلم بعدم التعويل على الحساب الفلكي نفيا وإثباتا تمسكا بظاهر النصوص، وتبنيا لعلة تعليق الصوم والفطر بالرؤية، وهو قول عليه جمهور العلماء كما سيأتي نقله عن ابن عبد البر المالكي رحمه الله، هل لو قال الحساب الفلكي بالنفي وفتح ذلك البلد المسلم محاكمه، وتقدم للقاضي شهود توثق من عدالتهم أقروا بأنهم رأوا الهلال، وصاموا مع نفي الحساب الفلكي لوجود هلال تحت الأفق، هل يأثمون عنده؟ فهؤلاء لهم سلف في الأخذ بالحساب في حال وجود الهلال وحال دونه قتر أو غيم، وهؤلاء لهم سلف في ترك الأخذ بالحساب جملة وتفصيلا ولو في باب الشهادات، لو قال بتأثيمهم تسليما بقطعية الحسابات الفلكية وانتفاء علة الأمية عن الأمة، وبأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فماذا سيقول عن الذين أفطروا في حال العلم بوجود الهلال مع حيلولة القتر أو الغيم، والعلة هي العلل, قطعية الحسابات الفلكية، وارتفاع علة الأمية عن الأمة؟! فلو أثمهم كان تأثيما مع صريح النص, {فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما}،لو قيل باطراد قاعدة, الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فإن نصوص التعويل على الرؤية دلالتها دلالة منطوق، فهي علة مصرح بها، وعلة الرؤية منقولة، وعلة قطعية الحسابات معقولة، كما سيأتي، ومن هنا يبدأ الاعتراض.هذا بيان دار الإفتاء الليبية حول هلال شهر شوال 1443هـ.(بيان مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية بتحديد بداية شهر شوال لعام 1443هـ)•الأثنين 15 شوال 1443ﻫ 16-5-2022م0152 دقيقة واحدةبسم الله الرحمن الرحيمالحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلين؛ سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، أمّا بعدُ؛فإنّه لمّا كانَ القمرُ في هذهِ الليلةِ – ليلة الثلاثينَ مِن رمضان – يغربُ قبلَ غروبِ الشمسِ في كلّ البلادِ الإسلاميةِ، مِن إندونيسيا شرقًا إلى نواكشوط غربًا، ولا إمكانيةَ لرؤيةِ الهلالِ عند غروبِ الشمس؛ لعدمِ وجودِه في الأفقِ في وقتِ الرؤيةِ، وإنه حتّى لو ادّعَى الرؤيةَ أحدٌ في هذه الحالةِ – حالة عدمِ وجود الهلال في الأفق – فإنّ شهادتَهُ تُردُّ؛ لمخالفتِها للواقعِ، حسبَمَا هو مقرر في أحكام الشهادات في الفقه الإسلامي، وما قررته المجامعُ الفقهيةُ المعاصرةُ، ونظرًا إلى أنّ انعدامَ رؤيةِ الهلالِ عند المغربِ ليلةَ الثلاثين، يدخلُ تحتَ عمومِ قولِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (… فَإَنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدّةَ ثَلاثِينَ)؛ فقدْ قررَ مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاء: أنّ غدًا الأحد هو المتممُ لشهرِ رمضانَ المباركِ، وأنّ يومَ الإثنين هو أولُ أيامِ عيدِ الفطرِ المبارك لعام 1443 للهجرةِ النبوية، الموافق لليوم الثاني مِن الشهرِ الخامسِ لعام2022م.وبهذهِ المناسبةِ؛ يهنئُ المجلسُ الشعبَ الليبيَّ الكريمَ، والأمةَ الإسلاميةَ، بحلولِ عيدِ الفطرِ المبارك، داعينَ الله تبارك وتعالى أن يتقبلَ الصيامَ والقيامَ، وأن يجعلهُ عيدَ عِزةٍ وتمكينٍ، ونصرةٍ للمظلومينَ، في بلادِنا وبلادِ المسلمين، وفي البلدِ المباركِ فلسطين، على عصاباتِ صهاينةِ اليهودِ، الذينَ يقتلونَ المصلينَ في الحرمِ الشريفِ، مسرَى النبي صلى الله عليه وسلم، وقبلةِ المسلمينَ الأولى، فاللهم احمِ حرمَكَ، وانصرْ جندكَ، وسدّدْ رميَهم، واحفظهم بحفظكَ التام، واكلأهُم بعينك التي لا تنامُ، وتقبّلَ قَتلانَا وقتلاهُم في الشهداءِ الأبرارِ، واشفِ الجرحَى، وفكّ سَراحَ الأسرَى، وافتحْ بينَنا وبينَ قومِنا بالحقِّ وأنتَ خيرُ الفاتِحينَ.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.مجلسُ البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء.https://ifta.ly/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D...D8%AF-4/23504/فتأمل كيف أجمل البيان بأن نفي الحساب يعد قرينة في رد شهادة الشهود وأنه مقرر في كتب الفقه، وكأنها مسألة إجماعية! وتأمل كيف وفق البيان بين مفترقين، استحالة الرؤية بنفي الحساب، واحالة حيلولة القتر والغيم، فرق بين ما ورد به النقل، وما لم يرد وقياسه عليه قياس مع الفارق، فرق بين ما كان موجودا وحال بيننا وبينه حائل، وبين ما كان معدوما، وأقل ما يقال فيه تقويل للشارع ما لم يقله أو يرد النص عليه، وإلا فهل يعجز نمن أوحي إليه وأوتي جوامع الكلم أن يقول: فإن كان الهلال معدوما أو غم عليكم فأكملوا العدة؟!وهذا بيانها حول شهر رمضان 1444هـ.:(بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراسات الشرعية بدار الإفتاء بدخولِ شهرِ رمضانَ لعامِ 1444هـ)الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلينَ؛ سيدِنَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ:فقدِ اطَّلعَ مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدارِ الإفتاءِ، على التقاريرِ المقدمةِ إليهِ، مِن اللَّجنةِ المكلفةِ برصدِ ومتابعةِ الأهلةِ بدارِ الإفتاءِ.ولمَّا كانَ القمرُ في هذِه الليلةِ - ليلةِ الثلاثينَ من شعبان - يغربُ قَبْلَ غُرُوبِ الشّمس، أو معها، في كلِّ البلادِ الإسلاميةِ، ولا إمكانيةَ لرؤيةِ الهلالِ عندَ غروبِ الشمسِ؛ لعدمِ وجودِهِ في الأفقِ في وقتِ الرؤْيَة، وأنَّهُ حتّى لوِ ادَّعَى ا لرؤيةَ أحَدٌ في هذهِ الحالةِ - حالةِ عدمِ وجودِ الهلالِ في الأفقِ - فإنَّ شهادَتَهُ تُردُّ؛ لمخالفتِها للواقعِ، حسبَمَا هو مُقررٌ في أحكامِ الشهاداتِ في الفقهِ الإسلاميّ، وما تقررَ أيضًا لدَى المجامعِ الفقهيةِ المعاصرةِ، ونظرًا إلى أنَّ انعدامَ رؤيةِ الهلالِ عند المغربِ ليلةَ الثلاثينَ، يدخُلُ تَحتَ عمومِ قولِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (... فَإنْ غمَّ عليكمْ فأكمِلوا العدَّةَ ثَلاثينَ).بناءً على ذلكَ؛ فقد قرَّر مجلِسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعية بدارِ الإفتاءِ: أنَّ غدًا الأربعاء هو المتمِّمُ لشهرِ شعبان، وأنَّ يومَ الخميسِ هو أوَّل أيامِ شهرِ رمضانَ المبارك، لعام 1444 للهجرة النبوية، الموافق للثالثِ والعشرينَ من الشهر الثَّالثِ لعام 2023م.وبهذِه المناسبةِ؛ يهنّئُ مجلسُ البحوثِ الشعبَ الليبيَّ الكريم، والأمةَ الإسلاميةَ، بدُخولِ الشهرِ المبارك، داعينَ اللهَ تباركَ وتعالى أنْ يتقبّل الصيامَ والقيامَ، وأن يجعلهُ خيرًا وبركةً، وهِدايةً ونصرةً للمظلومينَ، في بلادِنا وبلادِ المسلمينَ.وصلَّى اللهُ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.مجلسُ البحوثِ والدراساتِ الشرعية بدارِ الإفتاء.الثلاثاء: 29 شعبان 1444 هــ.الموافق: 21/ 3/ 2023م.https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0QwB UGWJJhrH7rJ1hxLB2eWf88Ja5yFFd1 vVhRFkDgoWD8B8dgp3GVULf6n4qjss 8l&id=100068828666140&eav=AfYQ vOBB1jT0m9_zluYL4EuvTG-uJux310qxO6hFdUoIr2NKZM-zIZANMBgluS2lROg&refid=17&_ft_ =encrypted_tracking_data.0AY__ W7A_65U0W07oxgybMTsX5Cif6I0WeK tKQYaUVkDMF89QQFSTcm8YZ_HWj6Ov LVBnfG7vvJzRKkI_znQxDd02ndkdpn pnALI9VjFpcozbpq7BJQDzaQRsyqUH 27GwBYKhM8xHso5sIXpD5a9eKogcr-7p_C2LIkapPzCJdSJcX8L1M4MzF7D5 C9MfP8sbb_hl-Og6N4GvN_k-aGZINgho--E8UNemsdCksCYIU7wGIOBO7NmWowFo QSplWtkW24ktXoVVJya0-VjsD8-u8HtnuehyTMFSYh6pFiXNzoTG4s7YP WhOZrWf-21dUt1Xw4EmavfaP2t74k6bdtEzvfs 6SnxtOC46mWHEzuSAD7hcRfC4PdqRK UbkhJyZvU6RE9XXB9InsSDrOlXYqLN 4Kn6lrIDpzyVVUiORj4pJN6ibd6qLZ juhxmbSKgTl-sys1HalBOzCACYr5qntXXsmSrCIcq1 dZ1V9SQTRTXgw-hnJfKSFxE0XvhyfB54L10i01jFjHuI UcHpCCE5xzgr9pn9e6DVh6wrgHMhdb onDSxRDE9O6Zt3KuMXa66zt7Kd82ea FWFFs_6MYJhLeiK3tt1zJ2f9K3Bz7C STXLE9i4hJSbEjBtneWbLsuuraVw0x 2uxEBUjPYq2MNfhgysJwOwzsFEFTWx 0erVBl1ifKSL6BpeaTIontQLP2rJeL 6JJIXCHprkgFDMU4ESKKM9nDvtdJ00 uGgS3c31Y15MbSblGuGslV6zZBS5nk IgRVzBOx4KsfQcOhaEoYPrj8i8d-0h_NKCAUTJI0yFo2IgWrMcMwrR3BEK _oh1AWlgpDnrFFt7ZQ5pOvu_s9mSVu jj2TSdos5aOrFo2BmvXo95eT9LrKAq-ZmFbkxuLrzYMbKFXcuHCWjQYqfVbwq UKI0xlXSNi6Y6DkUAgv731kinzkT3v 6tRoeHRR6PDYDpwvUpaNos-VdRKCxKPQAjqEAIkjlB1hf4pKKnoK3 wNVnr2MgnJvE8d-nZNSz1--6kqwjeyYSpWudSN_xllkYdzVoHGp0P wUDut8UYkMem0seFq_luICxiRqWOTY vt6bu28VmX_ijFEqhhu-pVuBRDJVpDoLBf_ekF2CshnC4maLYi 2q-zmajKxawroDRXfVE0AJBxZRoSutpo1 XroPNuj3UhbS0sZhVmjyyMuz23JhVs 5oQ9ZknLOfsc39SqZGrr1NlOyx8pys 77N4JZemWG9NaM3hJCz9yFJvMPnnGu Ct47GwDFEdzn18fe0o5_Y5vtlA_Hh1 Eg2InX97BQEo4TVVaxlig12v-5G7Kf0mtoWFPA4EeWEtDxseE3gWoqy 3rBygU6dliFVTAz0hANBziaLcA7rju FNh35l_ckycmwHFL9aML5W4-ous34Oh0V2vchqKRbw0_xdW3D4qJvO UbfnOnKLpstk4Gb6vIEqwZFzTz4bPi uEv9ujk_iHtRY9dH0ZvEY5e3Zh4lZn r6mlAmY8fYG8ltBvsCbiLuB__ESJx3 ME5NjoAo99hljo9syJpTr0PmeFDe3Y M-dnePqzERDPIj4QpnAM176CVcN8ow&p aipv=0دار الإفتاء الليبية اعتبرت خبر الحاسب قرينة تطعن في شهادة الشاهد المثبت للرؤية، ونسبت هذا لما هو مقرر في كتب الفقه، وعبارتهم هذه توحي بأنها محل إجماع, جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج للهيتمي المطبوع معه حاشيتا الشرواني والعبادي من كلام الشرواني رحمه الله في الحاشية (3/374) ما نصه:"قَوْلُ الْمَتْنِ (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَدَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَجَرَى الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ هُنَا كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الْحِسَابُ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ وَعَلَى أَنَّ مُقَدِّمَاتِهَا قَطْعِيَّةٌ فَإِذَا فُرِضَ وُقُوعُ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَشْهُودِ بِهِ إمْكَانُهُ عَقْلًا وَعَادَةً وَشَرْعًا وَلِأَنَّ غَايَةَ الشَّهَادَةِ الظَّنُّ".فالمسألة في كتب الفقه ليست مقررة بل مختلف عليها كما ذكر الشرواني رحمه الله، وهذا يرد على ذلك المفتي المستهزئ، لا سيما مع تبويب أبي داوود, باب إذا أخطأ القوم الهلالوذكر فيه حديث:2324 حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه قال وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف.قال الخطابي في معالم السنن, (2/95-96):" معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلاّ بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض فلا شيء عليهم من وزر أو عتب. وكذلك هذا في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة فإنه ليس عليهم إعادته ويجزيهم أضحاهم كذلك؛ وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده ولو كلفوا إذا أخطؤوا العدد أن يعيدوا أن يأمنوا أن يخطؤوا ثانيا وأن لا يسلموا من الخطأ ثالثا ورابعا فإن ما كان سبيله الاجتهاد كان الخطأ غير مأمون فيه".وقد ذكر ذلك د. الصادق الغرياني في مقاليه المشار إليهما آنفا، ولذا, فقد تكون الدورة الفلكية للشهر الجديد, لرمضان مثلا، قد بدأت ويتجاوز الله عز وجل عن الناس في يوم كان الهلال موجودا فيه وحال دونه حائل، مع أنه محسوب من الدورة الفلكية الجديدة، ولم يقل أحد بتأثيم من علم بوجود الهلال ثم أفطر، فلماذا لا يقال في اليوم الذي يصام يظن أنه من رمضان بناء على شهادة الشهود ونفي الحساب أن ذلك من توسعة الله عز وجل على الأمة، ومن القواعد المقررة بخصوص رمضان أنه يجوز الدخول فيه بناء على الظن لكن لا يخرج منه إلا بيقين، ومعلوم أن قصد من قرر هذا الاعتماد على خبر الواحد في دخول رمضان، مما يجعل عنده احتمالية أن يكون هذا اليوم الذي يصام من شعبان، وفي هذه الحالة ينتفي التأثيم، ، ولذلك نظائر, كمثل اكل من لم يتبين له طلوع الفجر ثم اكتشف أن الفجر قد طلع، وكإفطار من ظن غروب الشمس ثم تبين له عدم غروبها كما وقع في عهد عمر رضي الله عنه، والتوقيت في الشريعة تقديري مرتبط بعلامات ظاهرة لكل أحد، فلما تكبد المسلمون المشقة وتركوا توسعة الله عز وجل على عباده قل عنهم الخير، وكثر فيهم الخلاف, جاء في فتح الباري لابن حجر العسقلاني المتوفى أواخر ذي الحجة 852 -ه (4/199):" تَنْبِيهٌ مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ إِيقَاعِ الْأَذَانِ الثَّانِي قَبْلَ الْفَجْرِ بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ وَإِطْفَاءِ الْمَصَابِيحِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الصِّيَامَ زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إِلَّا آحَادُ النَّاسِ وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُوا لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِينِ الْوَقْتِ زَعَمُوا فَأَخَّرُوا الْفِطْرَ وَعَجَّلُوا السُّحُورَ وَخَالَفُوا السُّنَّةَ فَلِذَلِكَ قَلَّ عَنْهُمُ الْخَيْر وَكثير فِيهِمُ الشَّرُّ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ".ومثل ذلك جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين سأله: "فما بالنا نقصر وقد أمنا؟"، فكان الجواب: {صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته}، والفارق لن يكون كبيرا، ولن تضيع بدايات الشهور ونهاياتها مع انتظام الدورة الفلكية للقمر، فلن يكون الشهر مثلا ستة وعشرين يوما، أو أربعة وثلاثين يوما، كما أن قطعية الحساب الفلكي لم تمنع الخلافات, فمن قائل بالأخذ به في النفي دون الإثبات، ومن قائل بالأخذ به نفيا وإثباتا.والمهم أن الفقهاء الذين اعتبروا خبر الحاسب في النفي دون الإثبات بنوا رأيهم على تساقط الظنيين، فخبر الحاسب عندهم ظني، وشهادة الشهود ظنية، ولذا لا يمكن للفلكي أن يعترض علي هؤلاء في إهدار خبر الحاسب في الإثبات، بخلاف عمل دار الإفتاء الليبية باعتبارها تنظر في أمور الهلال في بلادنا على قطعية الحسابات الفلكية وتعتمدها في النفي دون الإثبات، فإن الفلكي بل والعامي يمكن أن يحاج مشايخ الدار بأنه ما دام خبر الحاسب قطعي ونسبة الخطأ فيه تكاد تكون معدومة، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، ووصف الأمية إن كان يعنى به ضد العلم زال عن هذه الأمة بالعلم، فما الذي يفرق بين حالي النفي والإثبات في خبر الحاسب؟ أم إنها مرحلة تمهيدية لها ما بعدها؟ فإن قيل: إهدار خبر الحاسب في الإثبات إعمال للنص الذي فيه بناء الحكم على علة الرؤية، فيلزمكم ذلك في حال النفي أيضا، فالنص هو النص، والعلة المنصوص عليها لم تتغير، وإن كان إهدار خبر الحاسب في النفي ينافي العلة المعقولة وهي قطعية الحسابات الفلكية في وقتنا المعاصر قيل: علة ربط الصيام بالصوم والإفطار وغيرهما منقولة، وقطعية الحسابات الفلكية معقولة، فإن كانت العلة المنقولة مقدمة على المعقولة فما الفارق في تقديمها في الحالين من باب التعبد؟ وإن كان إهدار العلة المعقولة تخلفا في أحد الحالين فلا فارق مع القول بالقطعية في اعتبار إهدارها تخلفا في الحالة الأخرى، ولئن كان غروب القمر وشروقه قطعيان بالحساب، فمعرفة المفارقة بعد المحاق أو الاستسرار قطعية أيضا، والحساب له طريقتان, طريقة تعنى بالعلم بوجود الهلال بعد الغروب ولو حال دونه حائل، وطريقة اعتماد الولادة الفلكية، وتتفق الطريقتان بحسب معايير عصرنا في القطعية، ويتفق الفلكيون على أن الولادة الفلكية واحدة على مستوى دول العالم، وهي قطعا عندهم بداية دورة فلكية جديدة، بخلاف شروق القمر وغروبه ومكثه بعد الغروب فهو يختلف من مكان إلى آخر وإن كانت إمكانية حسابه دقيقة، .فإذا تقرر هذا فللحاسب الذي يعنى بوجود الهلال بعد الغروب الاعتراض على من يقول بالقطعية مع التفرقة بين حالي النفي والإثبات بأن الحكم واحد مع اتحاد علة القطعية، فلماذا التفريق ؟ وللحاسب الذي يعتمد الولادة الفلكية باعتبار ما قبل الفجر أو بعده في جبر الكسر أن يعترض أيضا، فلئن وقعت الولادة الفلكية بعد الغروب أو قبل الفجر بثوان، والدورة الفلكية الجديدة بدأت فعلا فلماذا لا يستعمل معيار ما قبل الفجر أو بعده بديلا عن معيار مكث الهلال بعد الغروب بناء على علة القطعية؟ فإهدار الرؤية اكتفاء بالعلم بوجود الهلال عند القتر أو الغيم يشبه من بعض الوجوه أهدار اعتبار ما بعد غروب الشمس معيارا للعلم ببداية الشهر بالنسبة لمن يرجح معيار الولادة الفلكية أو الاقتران، وقضية جبر الكسر في جميع الأحوال قائمة،, فالفلكيون يقرون بأن الدورة الفلكية تسعة وعشرين يوما وكسور، وحينئذ شرعا وحسابا بالطريقتين لا بد من جبر الكسر، فتستوي طريقتا الحساب في كونهما قطعيتان، وترجيح أحدهما على غيره على ما تقدم ترجيح بلا مرجح، ومع الإقرار قطعية الحساب الفلكي يزداد الأمر تعقيدا في النقاش بين أصحاب الطريقتين، وقد وقع, فاعترض معترض على دار الإفتاء الليبية بحجة قطعية العلم بولادة الهلال بعد غروب الشمس، وأنه هلال رمضان، فكان على الدار احتساب يوم الإربعاء أول رمضان لا الخميس، هكذا قال المعترض، والحل، العدول عن الطريقتين والبقاء على الأصل الذي هو النقل مع ما فيه من تيسير وتجاوز في الكسور التي تصل إلى فارق يوم شرعي أو إلى أكثر من أربع وعشرين ساعة فلكية على وفق حكمة العليم الحكيم، ..سيفرحون ويقولون: لكن هناك فارق بين اعتبار العلم بوجود الهلال واعتبار الولادة الفلكية, وهو مخالفة قول الله تعالى: {يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج}، واعتبار الولادة الفلكية لم يقل به أحد من المسلمين، فعاد الأمر بحمد الله في الجواب الأول منهم إلى المنقول، وتقديم المعيار المنقول على المعقول، فاعتبار الهلال بداية للشهر وهو ما يكون بعد غروب الشمس لا يختلف عن معيار الرؤية في كونهما معياران منقولان، واختلافات العلماء من باب أولى ترد إلي المنقول، فالذي نص على اعتبار معيار بعد غروب الشمس هو الشارع ذاته الذي أمر ألا نصوم حتى نراه، ولا نفطر حتى نراه، وقد كان العمل على الولادة الفلكية وجبر الكسر باعتبار وقوع الولادة الفلكية قبل طلوع الفجر معمولا به في هذه البلاد بلا نكير إلا على استحياء خمس عشرة سنة تقريبا، حتى لم يجهر ببطلانه إلا في فترات متأخرة من فرد أو فردين، والباقي سكوت.ولئن كان إعمال هذه العلة المعقولة, قطعية الحسابات الفلكية في اعتبار الأهلة من سعة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، فليس إعمال العلة المنقولة بأولى من العلة المعقولة في هذا، لا سيما مع النظريات العلمية الفلكية المبنية على نظرية النسبية ونظريات (الشوش) كما يقولون أو فوضى الكون التي تقر بتمدد الأجرام السماوية من حيث تلاشي مجرات ووجود أخرى، وبالتالي التغيرات التي تطرأ عليها, وها نحن صرنا نسمع عن توقف دوران لب الأرض، ودورانه بعد ذلك بعكس دوران اتجاه الأرض، ومن ذلك ما ذكروه عن التغير في حركة القمر تسارعا وتباطؤا، قد تبدو فرضيات سخيفة عند من يقر بقطعية الحسابات الفلكية، لكن، ماذا لو قرأو ما يقال عن ابتعاد القمر عن الأرض كل عام بمقدار بوصة ونصف، وأنه قد يتغير طول اليوم، وماذا لو قرأوا عن احتمالية اختفاء القمر بعد ما يقارب ستمائة مليون سنة؟!اقرأ هذا من هنا:https://ngalarabiya.com/article/4225...B1%D9%86%D8%A7والمقصود من هذا الكلام إن مبدأ قطعية الحسابات الفلكية لا ينبغي أن يفهم على إطلاقه، بل على وفق نوع الاستقرار في المعادلات في الوضع القائم الآن من حيث حركة الأجرام السماوية، أو على الأقل نحتاج أن نفهم من القائلين بقطعية الحسابات ما إذا كان هناك فارق بين الدقة والقطعية، بمعنى, لو تغيرت الحسابات تبعا لأي تغير في نظام الأجرام السماوية ولو كان على المدى البعيد وتغيرت نتائج الحسابات تبعا لذلك التغير، فهل ستصمد القطعية، فالدقة موجودة في الحالين, وإنما تباينت النتائج تبعا للتغير، وعلى هذا فالقطعية أشمل من الدقة، والدقة تتغير بحسب العوامل والظروف إذا ما استثنينا الأخطاء، لكن القطعية إذا انتقضت عراها آلت إلى الضد وهو الظن، فماذا يقصد القائلون بالقطعية، هل هي القطعية المطلقة, بمعنى أن الحسابات لا يمكن أن تتخلف في أي وقت من الأوقات، أم يعنون بها الدقة؟ وإلا فالدراسات تحدثنا عن يوم في قديم الزمن كان أربع ساعات فقط، وعن يوم مقداره ثمانية عشر ساعة، كل هذا يفهم في نظريات القوم في إطار النسبية التي هي روح العلم عندهم ومادته.ومن الحكم والمصالح التي جاءت بها الشريعة الإسلامية توحيد المعايير وتيسيرها،, يقول الله عز وجل:+{وجعلنا الليل والنهار آيتين، فمحونا آية اللي وجعلنا آية النهار مبصرة، لتبتغوا فضلا من ربكم، ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا}، المشكلة مع أهل الحساب أنهم يقتطعون من هذه الآية والتي ستذكر بعد هذه الجزئية, {ولتعلموا عدد السنين والحساب}، ويقولون: هذا دليل الحساب، ويقول الله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدره منازل، لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله ذلك إلا بالحق، يفصل الآيات لقوم يعلمون}، وأهل الحساب كانوا مع هذه الآية أشد تعنتا, فاجتزأوا, {وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب}، فعزلوها عن مضمون الآية التي سبقتها، وعن قول الله تعالى: {يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج}، وحاصل الآيتين الأوليين مخالفة الله بين الليل والنهار بآيتيهما, القمر والشمس، وبتمايز كل منهما بآيته تعرف الأيام وبالتالي الجمع والشهور والسنين، ولولا تمايزهما لما علم ذلك، فالسياق سياق امتنان، ليس فيه حض على الاشتغال بحساب الدورة القمرية التي هي في متوسطها عند أهل الحساب تسعة وعشرين يوما ونصف وأربعة وأربعين دقيقة وكسر تقريبا, تزيد وتنقص بحسب الاقتراب والابتعاد والتسارع والتباطؤ بكسر يهمل عند المشتغلين بالحساب، يؤكد ما سبق تقدم ذكر الآيتين على ذكر الحساب، فلو قدر أن النهار كان أربع ساعات فلا يهم, فلدينا الآيتان، ولو طال النهار أكثر من أربع وعشرين ساعة فلدينا الآيتان، لا يخالف القائلون باعتبار الحساب في هذا، لكن الإشكال في اعتمادهم قطعية الحسابات الفلكية التي يعكر عليها ما سلف من فرضيات تقول بالتغيرات، وربط الشريعة أحكامها بالمحسوسات، وما لم يعلق الشرع الحكيم به حكما فاعتباره والاعتماد عليه نوع افتيات وإن حسنت نية القائل به.وأما ما تتحدث عنه الفرضيات من تباعد للقمر عن الأرض والتغاير في السرعة انتهاء باختفاء القمر كما يفترضون فهذا يؤدي لتغيير في الحسابات، وهل سيفتح أمامنا هذا الكلام مثلا إن قيل به أن نتوقع تباعد ما بين الهلالين, فنجد الفارق بين هلالي رمضان وشوال مثلا واحدا وثلاثين يوما؟ أو أن يكون نهار الصيام في الاعتدال الربيعي أربعا وعشرين ساعة نهارا وأربعا وعشرين ساعة ليلا هي محل الفطر والقيام؟ وفي كل مرة يكتشف شيء جديد سيقال بنظرية تختلف. فإن أحالنا أهل الحساب على الاحتمالات العقلية القائمة على فرضيات ابتعاد القمر وإمكانية اختفائه بعد ستمائة مليون سنة نهائيا فذلك ممكن، وإن أحالونا إلى نصوص الشرع التي تخبر بأن النظام الكوني في الغالب لا يتغير، قلنا لهم أنتم عدلتم بنا عن المنقول فكان هذا مجاراة لكم، وإن قالوا نتكلم اليوم في قطعية الحسابات على ما هو مقرر وغير ذلك, (دعوها حتى تقع)، قيل لهم تسليمكم بقطعية الحساب هو ما جر لهذه المناقشة، وهي قطعية لا يمكن القول بها واعتبارها معيارا شرعيا إلا مع افتراض ثبات الكون واستقراره على نظام لا يتخلف، وهذا لا يسلم لكم من حيث النظريات العلمية الحديثة، وقد مر نقل شيء من كلام القوم، ولا يسلم لكم من ناحية شرعية أيضا، فإن من حكمة الله عز وجل ومن البراهين التي أقامها على وحدانيته وقدرته أن أجرى الكون على نظام مستقر، لكنه يتغير متى شاء وكيف شاء، ومن أسباب ذلك دفع إيهام أنه نظام طبيعي ليس عن مشيءة وقدرة من ذات فاعلة مختارة، فنحن مثلا ليس عندنا خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن صلاة كسوف واحدة، وفي أعوامنا هذه يتكرر الخسوف والكسوف، ومع دقة حساب الكسوف والخسوف وعمر القمر وأطواره هل يمكننا التسليم أنها لن يقع عليها تغيير من الله عز وجل تماشيا مع القانون سالف الذكر، فيؤخر الله الاقتران عن وقته المحسوب، أو يتغير وقت الخسوف والكسوف؟ هل عندنا ضمان بهذا من الله أو عند القوم؟ بينما ما قرره الله في شرعه وبنى عليه أحكامه فتغيره مع عدم وجود بديل منصوص عليه يطعن في حكمة الحكيم وهذا محال.وقد صح الخبر بمثل هذا في موضوع الزمن من نصوص الشريعة فيما مضى وفيما يستقبل, ففيما مضى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي الذي قاتل في سبيل الله من العصر ويكاد يفتح الله عليه بالنصر لولا دنو غروب الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري رحمه الله وغيره: { فَقَالَ لِلشَّمْسِ : إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ}، سيقولون: آية لنبي، ومن مثل الأنبياء؟ فيقال: الشاهد وقوع خرق العادة والإخبار عن تكرره فيما يستقبل من الزمان, فقصة المسيح الدجال ومكثه في الأرض معروفة مشهورة، ففي الحديث, { قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : " أَرْبَعُونَ يَوْمًا ، يَوْمٌ كَسَنَةٍ ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ " قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : " لَا ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ}.قال النووي في شرحه على مسلم, (18/66):" وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هَذَا حُكْمٌ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ شَرَعَهُ لَنَا صَاحِبُ الشَّرْعِ قَالُوا وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ وَوُكِلْنَا إِلَى اجْتِهَادِنَا لَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ ومعنى أقدروا له قدره أَنَّهُ إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ".فما كان ليسمى يوما إلا لأن له شروقا واحدا وكذلك له غروبه، وله ليل ونهار، وإلا ما سمي يوما، لطول الأول كزمن سنة خصه الشارع بصلاة سنة، والثاني كزمن شهر فخص بصلاة شهر، والثالث بصلاة أسبوع لأن زمنه كأسبوع، وتهمنا هنا فائدتان، أن قطعية الحسابات الفلكية مخصوصة بتلك المرحلة، وثبوت تغير في الزمن شرعا، مع الإخبار بعودته كما كان، فضمن بهذا ثبوت غالبية أيام الدهر إلى زمن المسيح الدجال على ما هي اليوم باعتبار قرينة الخطاب المباشر للصحابة رضوان الله عليهم، وعليه فمن بنى قطعية الحسابات الفلكية على فرضيات النظريات الناشئة في فلك النسبية فهو محجوج بمقولات القوم، وبنصوص الشرع التي تثبت إمكانية تغير الزمن، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن مكث المسيح الدجال ليس فيه إثبات أو نفي إمكانية التغير في غيره من الأزمان، ولكن، يرحم الله امرأ وقف عند ما علم، وإن كان معوله في قطعية الحسابات على النص الشرعي, { وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ} فمع كونه ليس نصا صريحا في إثبات عدم التغير في غيره من الأزمان، يكون حجة على من استدل بالمنقول على المعقول، فلماذا العدول عن منقول وهو الرؤية إلى معقول يستدل له بمنقول وهو إثبات الشهور بالحساب ما دام المنقول هو الأصل والمعول؟زد على ذلك إن التعويل على معيار الرؤية بنص الشرع يعطيه قوة مهما كان من متغيرات, فالله عز وجل المتصف بالحكمة المطلقة والعلم المطلق، هو الأعلم بتغير الكون أو ثباته، وهذا ضمان لثبات للمعيار المنصوص عليه مع تغير الظروف، بخلاف النظريات القائمة على النسبية، فمعيارها لا يقوى على الثبات إلا من خلال توفر ظروف المعادلة ذاتها، وأي تغير ينشأ عنه ربما تغيير جذري في النتائج، والثمرة أنه لا قطعية، بينما يقطع المؤمن باعتقاد راسخ في نص الشارع الحكيم أنه لن يختل معيار رتب عليه الشارع ما يحتاج إليه الناس في عباداتهم مثلا، وثبات معايير الشريعة فيما تمس الحاجة إليه مصدر قوتها، وعدم صلاحية هذا المعيار في وقت ما يطعن على الشريعة التي هي حكم ومصالح من الحكيم العليم، وهذا محال،ومما يقوي التمسك بالمعايير التي شرعها الله عز وجل أن الله عز وجل وصف أهل الدنيا فقال: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} ويدخل في هذا الوصف أهل العلم التجريبي بشهادتهم هم على أنفسهم، فقد يبنون حكما وتصورا ليس على حقيقته، أو تخفى بعض جوانبه، من ذلك ما ركز عليه الشيخ المستهزئ في مسألة حساب الخسوف والكسوف، جاء في فتح الباري لابن حجر (2/537):" وَمِمَّا نقض بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْكَسِفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يَحُولُ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ فَقَالَ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فِي الْجِرْمِ فَكَيْفَ يَحْجُبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ إِذَا قَابَلَهُ أَمْ كَيْفَ يُظْلَمُ الْكَثِيرُ بِالْقَلِيلِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَيْفَ تَحْجُبُ الْأَرْضُ نُورَ الشَّمْسِ وَهِيَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَكْبَرُ مِنَ الْأَرْضِ بِتِسْعِينَ ضِعْفًا".وما أسهل أن تناقش الدراسات العلمية الحديثة هذه الحجج من ابن العربي رحمه الله، وما أسهل أن يقول الحاسبون إن ابن العربي ليس فلكيا، وابن تيمية ليس فلكيا، فلماذا تعتدون بأقوالهم وهم ليسوا من أهل الاختصاص؟فيقال: اعتماد أقوال ابن العربي وابن تيمية لا على أنهما من أهل الاختصاص، لكن هو نظير ما تفعله المجامع الفقهية الإسلامية اليوم من محاولتها استدعاء أهل الاختصاص وفهم الأمور منهم لإيجاد حكم شرعي، ولعل تلك المحاولات من علماء المسلمين الذين تكلموا في الفلك وغيره نواة أو بواكير لما يعرف في عصرنا اليوم بمجامع الفقه، وفي هذا مزية لابن العربي رحمه الله ومن على شاكلته من أهل العلم على جماعات من المعاصرين الذين يأخذون ما يقال على أنه مسلمات، فها هو يناقش علماء الفلك في زمانه، على أنه ليس هذا المقصود تقريره هنا بإيراد نص ابن حجر رحمه الله وإنما هو مابعد هذا الكلام من نص ابن حجر، وهو قوله:"وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْكُسُوفِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَالَ إِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا قَالَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تصادم أصلا من أصُول الشَّرِيعَة قَالَ بن بَزِيزَةَ هَذَا عَجَبٌ مِنْهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ دَعْوَى الْفَلَاسِفَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَا تَصَادِمُ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كرى الشَّكْلِ وَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعْطِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ فِي هَذَيْنِ الْجِرْمَيْنِ النُّورَ مَتَى شَاءَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ رَبْطٍ بِاقْتِرَابٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ النُّورِيَّةَ وَالْإِضَاءَةَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتْ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدِ انْكَسَفَتْ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ وَقَالَ هِيَ أخوف لله منا".وللأمانة فالحديث لا يخلو من مقال في سنده، ونقل ذلك يطول المقصود أكثر، إلا أن هذه الزيادة, {وأذا تجلى الله لشيء من خلقه خشع له}، لها طرق كثيرة، وشاهدها مر من القرآن الكريم، خلافا لمن احتمل أنها مدرجة في لفظ الحديث، والذي يرمى إليه من إيرادها، أننا نؤمن اليوم مسلمين بأن الكسوف نتيجة حجب ضوء الشمس في نهاية الشهر القمري لوقوع الشمس والقمر والأرض في خط واحد، والفارق في الدرجة صفر، ماذا لو جاءت دراسة فلكية تثبت أن الذي يحدث في كسوف الشمس طمس مؤقت لأشعتها وليس حجبا؟ وإذا وجد الاحتمال في تغير النظرة المسلمة في سبب الكسوف، فما المانع أن تتغير أمور أخرى مما نعده اليوم نحن من المسلمات في العلم؟ لن يجيب المسلمون المقلدون للآخرين بشيء غير استبعاد ذلك, لوقوع الكسوف في نهاية الشهر القمري، وهذا يقوي احتمال الحجب، لذا ما أبدع ما ختم به ابن حجر رحمه الله شرحه لحديث الكسوف، حيث نقل عن ابن دقيق العيد فقال في المصدر نفسه:وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ رُبَّمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ يُنَافِي قَوْلَهُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بهما عباده وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ ذَلِكَ وَقُدْرَتَهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَا تِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يذكرهُ أهل الْحساب إِن كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَ ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَى".ولعله يتفرع على هذا أن نتساءل ماذا لو تعرضت قطعية الحسابات الفلكية المستفادة من علوم القوم لخرق العادة الذي نص عليه العلماء بقدرة الله عز وجل، هل حينها سنتمسك بنفي الحساب لوجود الهلال بعد الغروب؟ ماذا لو كانت شهادة الشهود المستفيضة التي اعتمد عليها في بعض الدول في بعض السنوات هي من خرق العادة؟ سؤال افتراضي قد تكذبه المراصد الفلكية والأجهزة التي هي كل يوم في جديد، لكن، بالمقابل ماذا لو أقر مرصد فلكي بوجود ما يشبه الهلال في ليلة أطبق فيها الفلكيون على استحالة الرؤية؟وإجراء العادة لا ينفي خرقها من العليم القدير، واعتبار معيار لا يراعي ذلك فيه تغرير بالشرع، أما المعيار الذي نبه عليه الشارع فالاعتقاد فيه أنه لا يتخلف.خلاصة القول:بعيدا عن الفرضيات، إن التنظير اعتبار الحساب الفلكي ناقضا لشهادة الشهود في حال النفي دون الإثبات لا يستقيم إلا على اعتبار الحساب الفلكي ظنيا كما تقدم نقله عن الشرواني، فهذا ما قرره الفقهاء المعتبرون في اعتبار الحساب في باب الشهادات، فيكون المعول عليه في الأصل الرؤية والتعويل على الحساب الفلكي أمر فرعي، أما مع اعتبار الحساب الفلكي قطعيا فلا يسلم من يأخذ بالحساب الفلكي في النفي دون الإثبات من معارضة، فلا فرق مع القطعية بين حالي النفي والإثبات، ولا فرق بين حالي الصحو والقتر والغيم ما دام المقصود العلم بوجود الهلال دون رؤيته، ومن ذلك اعتبار سنة الترائي في حال النفي شيئا من العبث إذ هو وسيلة لغيره، وما دام تحقق غيره بوسيلة أضبط فلا حاجة إليه، بل لا حاجة لسنة الترائي حتى في حال الإثبات، مع القول بأن شهادة الرائي في أعلى درجاتها تفيد الظن، وأخبار الحاسبين تفيد القطع، الحاسبين الذين بقطعية أخبارهم لا يختلف الحال بين برهم وفاجرهم، وبالتالي فنحن بحاجة إلى تعديل شروط العدالة تبعا لهذا التطور، ليس في هذا الباب فقط، بل في أبواب كثيرة إذا ما أثبتت مثلا الاختبارات الجينية بنوة ولد للزاني فإننا لن نعتبر بحديث الولد للفراش على معنى الولد للزوج، ويستوي في هذا إخبار البر والفاجر، ومع قطعية معيار قطعية الحسابات الفلكية لا اعتبار لخرق العادة، مع أن النظريات تحدثنا عن تباعد القمر وما يطرأ تبعا لذلك من تغيرات، كل هذا يعتمد فيه على نظريات نشأت وتربت في حضن النسبية، ومصطلح قطعي لا ندري ما يقصد به أهله، هل هي قطعية مطلقة أم بحسب الظروف الآنية، فإن كانت مطلقة تناقضت مع ما تقوله النظريات من تغير عبر الزمن، وإن كانت قطعية بحسب نوع الاستقرار والانتظام ففيه تعويل على معيار لا ضمان له في المستقبل ولو بعد ستمائة مليون سنة، بينما تعبدنا الله بمعيار على وفق حكمته وعلمه فشرع لنا ما لا يمتري فيه اثنان من علامات حسية، وتجاوز عنا على ما تقتضيه حكمته من سماحة الشريعة إن أخطأنا في يوم أفطرناه أو صمناه من بداية دورة فلكية جديدة، يستوي في هذا المعيار الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب والعالم، ولذا تناقضت دار الأفتاء الليبية في البيانين، ولم تتحدث عن سنة الترائي إلا إجمالا، وهكذا حال من يخالف النصوص، لا بد أن يتناقض في أحكامه، والله أعلم.

  3. #3

    افتراضي رد: دار الإفتاء الليبية والتناقض في بياناتها بين علة قطعية الحسابات الفلكية واعتبار العلة النقلية بخصوص الأهلة:

    المشاركة الأولى ناقصة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •