نعمة اعرفوا قدرها - الهداية والثبات على منهج السلف



تتعدد المعتقدات والفرق في الدين الواحد، قال -تعالى-: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} على الهدى والحق، فقد كان أبونا آدم -[- نبيًّا، ثم حصل من ذريته الاختلاف والتنازع في الدين؛ بسبب وسوسة الشيطان وكيده؛ {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} (البقرة: 213)، وبتعدد الأمم والشعوب ومرور القرون، تعددت الرسالات الربانية والكتب السماوية، ولكن كيد الشيطان مستمر حتى يوم القيامة {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّ هُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (الحجر: 36-40).
ومن كيد الشيطان المستمر لأمة الإسلام جرّهم لاتّباع الفرق الضالة والأهواء المنحرفة، «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملَّة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي» أخرجه الترمذي وحسّنه الألباني.
الالتزام بنهج النبي - صلى الله عليه وسلم
والالتزام بنهج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، هو ما أمرنا الله -عز وجل- به في صريح القرآن الكريم، ومن ذلك قوله -تعالى-: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: 31)، وقوله -سبحانه-: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 115)، فاتّباع النبي - صلى الله عليه وسلم - واتباع الصحابة هو المنهج المنجي من النار، وهو المقصود بمنهج السلف، وهو منهج يقوم على اتّباع كلام الله -عز وجل- في القرآن الكريم واتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والالتزام بفهم الصحابة الكرام ومَن تبعهم بإحسان من التابعين وأتباعهم من الأئمة المرضيين.
فهم منهج السلف والثبات عليه
ومما يساعدنا على فهم حقيقة عِظم نعمة الهداية لمنهج السلف والثبات عليه، التأمل في واقع الناكصين اليوم عن منهج السلف ممن سار فيه زمنًا، والتأمل في واقع الأمة الإسلامية قبل مئة سنة، وكيف كان حال التدين فيها قبل ظهور المنهج السلفي وانتشاره بتوفيق الله -عز وجل- على يد العلماء والمصلحين السلفيين، ونقتصر في هذا المقال على سرد بعض أحوال مَن انتكسوا عن منهج السلف في وقتنا الحاضر، وهل هُدوا لمنهج أفضل وأحسن؟ أم تردّوا للوقوع في الشرك والبدع والخرافات والمنكرات؟
الانحراف بمجاراة أهل البدع
فها هو ذا أحد المختصين بالحديث الشريف من الذين تبدل حالهم، فأصبح يجاري أهل البدع ويهوّن من الشرك، ويسعى لتحريف مفهوم العبادة، بحجة التعايش وترك التشدد، ثم تمادى فأصبح يوجه الاتهام للعقيدة السلفية.
التلاعب بدين الله -عز وجل
وذاك الشاب صاحب الحضور الإعلامي المميز في مواعظه وإجابته للسائلين، انقلبت حاله؛ فبعد تعظيم صحيح البخاري أصبح يطعن فيه! وبعد الدفاع عن السنة وأهلها أصبح يتقارب مع المخالفين وبعد فتاوى الحجاب والحشمة أصبح يفتي بكشف العورات والتهاون في الحجاب والعفاف، وبعد صفاء العقيدة أصبح من مجيزي التهنئة بأعياد الكفار والمشركين، فضلاً عما ابتلي به من التلاعب بدين الله -عز وجل- من أجل مكاسب دنيوية.
هذا هو حال الناكصين
فعلى من اختصه الله بنعمة هذا المنهج، أن يعرف قدْر النعمة التي خصّك الله -عز وجل- بها، وتمسّك بها بالنواجذ في زمن الفتن والأهواء والشبهات والشهوات التي تضربك من الجهات الأربع.


أسامة شحادة