{وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا}





يمر الإنسان بمراحل عدة، من الخلق إلى التكليف، وتسلط الشيطان عليه، ثم يلاقي ربه، فإما إلى جنة وإما إلى نار، وحينها -ومن هول الموقف- يصدر هذا الاستغراب {وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا}، وقد وردت كلمة (إنسان) في القرآن نصا (65) مرة.

- ومن أمثلة بيان تطور خلق الإنسان وهيئته وما عليه، أن الله خلق الإنسان ولم يكن شيئا، {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} (مريم :٦٧)، وأنه خلق من طين {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} (المؤمنون :١٢)، وخلق من نطفة، {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} (النحل :٤)، و{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ} (الانسان:2) فهو ضعيف، قال -تعالى-: {وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} (النساء:٢٨)، وهو يكدح ويتعب في الدنيا {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد:4)، وعلمه الله ما ينفعه {عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:5)، وفي النهاية يلاقي الله {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} (الإنشقاق:6) وأنه سوف يموت ويخرج حيا {وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} (مريم:٦٦).

- ومن أمثلة ما يقع عليه من مصائب وأهوال قال -تعالى-: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (يونس:١٢)، ومثلها الآيتان 8 و49 من سورة الزمر.

- ومن أمثلة بيان ما وصى الله به الإنسان قال -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (العنكبوت:٨)، وأيضا {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان:١٤)، {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}... (الأحقاف:15).

- ومن أمثلة بيان كفره وجحوده وجهله وأن الإنسان كثير اليأس، يكفر نعمة ربه، قال -تعالى-: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} (هود:٩)، وهو كثير الظلم والجحود في الآية {إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (٣٤ ابراهيم)، وأنه شديد البخل {وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا} (الإسراء:١٠٠)، وأنه كثير الجدال {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (الكهف:٥٤) وأنه كثير الجهل {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (الأحزاب:٧٢)، وأنه كثير المخاصمة {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} (يس:٧٧)، وهو يشرك بالله في حال النعمة {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} (الزمر:٨).

- ومن أمثلة بيان تسلط الشيطان عليه {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (يوسف:5).

- {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} (53 الإسراء)، {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} (الفرقان:29)، {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الحشر:16).

- ومن أمثلة بيان أحواله يوم القيامة وأن الله سيحاسبه {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} (القيامة:3)، فلا مفر {يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} (القيامة:10)، فكل شيء مكتوب {يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (القيامة:13)؛ لذا فلا يترك هكذا دون عقاب {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} (القيامة:36)، هنا يحار الإنسان ويستغرب من هول المصاب {وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا} (الزلزلة:3).

- فهل نستعد قبل أن نقول: {مالها}؟!.


سالم الناشي