من مؤلفات الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله - كتاب: (خواطر دعوية)



قراءة في كتاب


إعداد:


إعداد: د. خالد سلطان السلطان

بهاء سعد على



بعد رحلة طويلة ومشرقة قضاها شيخنا الوالد عبدالله بن خلف السبت -رحمه الله- في مجال العلم والدعوة إلى الله، حتى انتهت هذه الرحلة المباركة -بقدر الله- بوفاة شيخنا في 19شوال 1433 الموافق 7/9/2012؛ فتوجهت الهمة لجمع مؤلفات شيخنا الراحل؛ فأخرج د.خالد جمعة الخراز، و د. خالد سلطان السلطان مجموع مؤلفات الشيخ عبدالله بن خلف السبت، وهو أول عمل جمع علوم الشيخ -رحمه الله- كان ذلك في عام 1438/2017، وكان عمل الباحثيْن هو جمع كتب الشيخ ورسائله وترتيبها بحسب سنة الطبع والتعليق عليها بالتخريج لأحاديثها، وشرح بعض الغريب من كلماتها، وتصويب أخطائها الطباعية، مع إعداد ترجمة مختصرة لمؤلفها -رحمة الله هليخ وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء.
بين أيدينا اليوم قراءة في الإنتاج العلمي السابع عشر للشيخ عبد الله السبت -رحمه الله- وهو كتاب: (خواطر دعوية)، الذي طبع عام ١٤٢٧هـ - ٢٠٠٦م
سبب التأليف
ذكر الشيخ -رحمه الله- أنه كتب هذه الرسالة ليؤكد بأن يجب على الإنسان أن يكون له مبدأ وعقيدة يشغل نفسه فيها، ويدافع من أجلها حتى يلقى الله -سبحانه وتعالى-، وأنه لهذا خلق الإنسان.
مفهوم التدين
الإنسان بهذه الدنيا خلقه الله -عز وجل- لوظيفة كبرى، وهي عمارة الأرض، التي تكون بأمرين، الأول: بالإيمان وعبادة الله -سبحانه وتعالى- ولهذا خلقنا، والثاني: بعمارتها في شؤون الحياة، والمسلمون مطالبون بالأمرين، بأن يصلحوا منهج الناس وحياة الناس، كما قال -جل وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 56- 58)، ومن الأفكار الدخيلة علينا أن الإنسان له خياران فقط، إما أن يكون عابدًا لله -عز وجل- محروما، أو يكون لاهيًا متمتعًا في الحياة ولا يعبد الله -عز وجل-! هذا الفكر الفاسد دخل على المسلمين من الكفار؛ لأن دينهم الذي حرفه المحرفون منهم لا يستطيع الإنسان أن يجمع فيه بين الأمرين، أما نحن فمن فضل الله -عز وجل- أن هدانا إلى هذا الدين الحق، أنه لا يمكن أن تحيا الحياة السعيدة إلا إذا كان عند الإنسان دين، لذلك لابد أن تعرفوا مفهوم الحياة السعيدة.
التدين هو استقرار الحياة
لابد أن ندرك بأن التدين إنما هو استقرار الحياة بالدرجة الأولى، وأخطأ من ظن أن الإنسان إذا أصبح متدينًا ملتزمًا بدين الله -عز وجل- فإنه لا يستطيع أن يستمتع بحياته، فلابد إذًا أن ندرك بأن ما حرم الله -عز وجل- علينا قليل، وأن الإنسان السوي يستطيع أن يتمتع بحياته تمتعًا كاملاً، واعلموا أن التدين ليس حرمانًا من الحياة، بل إن التدين هو الحياة، وما يفعله بعض الناس من منكرات إنما هو شذوذ، ولذلك لا يمارسونه أمام الناس.
المواطن الصالح
أن تتحقق غاية الإنسان في حياته، وهي: الهداية والأمن، وهذه لا تحقق إلا لأهل الدين، فكم تصرف الدول من المبالغ على ما يسمى بـ(إيجاد المواطن الصالح)، ماذا يريدون من المواطن الصالح؟ الذي لا يسرق، ولا يضرب ولا يعتدي ولا يفعل الفواحش، ونحن نقول: لا يمكن أن تحصلوا على هذا المواطن الصالح إلا إذا جعلتموه مسلمًا حقيقةً، فإذا أرادت الأمة أن تصلح نفسها وتبقى آمنة فعليها بالدين.
كن كالأئمة الأربعة
هل فكر الواحد منكم أن يكون مثل الإمام أحمد بن حنبل؟ أو مثل ابن تيمية؟ أو مثل محمد بن عبد الوهاب؟ أو مثل المجاهدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ أو مثل الشافعي؟ أو غيره من الأئمة؟ والجواب:ما الذي يمنع أن يكون أحدنا مثل هؤلاء؟ لا يوجد شيء يمنع إلا: علو همة ودنو همة، والعاقل من استطاع أن يوظف طاقاته في شيء عظيم.نحن الآن نذكر هارون الرشيد أحيانًا، ونذكر خلفاء بني أمية وبني العباس أحيانًا لكن في كل لحظة يُذكر البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والشافعي وابن خزيمة وأئمة الدين وإن هذا هو السؤدد كما يقال أو هذه هي الرئاسة الدائمة، ملوك الدنيا ذهبوا، الأغنياء ماتوا، لا أحد يعرف عنهم شيئا، لكن إلى الآن نحن نقول: قال الأحنف، قال عطاء قال فلان من العلماء، أصبحوا أئمة للدنيا، وما عندهم من الإمكانيات من مال أو جاه أو شيء لكنهم سهروا على طلب كتاب الله -عز وجل- حفظًا وقراءةً وفهمًا، وعلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم .
اعرف الحق تعرف أهله
إن مشكلة العصر التي يعاني منها الشباب في العالم الإسلامي الآن هي ما يمكن أن نطلق عليه: (اختلاط المفاهيم)، نحن الآن ابتلينا باختلاط في المفاهيم، وأصبح الكل يرفع شعار الكتاب والسنة شعار السلفية، والكل أصبح ينادي بها، والناس مساكين، ما قرؤوا الكتب الكبيرة لأهل العلم، وما تعرفوا على أقوال الرجال الذين ساروا على درب الصحابة -رضوان الله عليهم- فالتبست عندهم الأمور، فما أصبحوا يميزون بين السلفي حقيقة وبين مدعي السلفية من ناحية، ولا بين المفكرين الذين طغت أسماؤهم على الساحات الإسلامية، وتحولوا من كتاب مفكرين إلى علماء مفتين.
الصحابة هم القدوة
هذا الدين بسيط وليس فيه فلسفة ولا تعقيد، ولذلك الصحابة -رضوان الله عليهم- أخذوا الدين على بساطته الأولى فسلمت فطرهم بقول ربهم -سبحانه وتعالى-، وآمنوا بما جاء من عند الله -عز وجل- على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير الدخول في تعقيدات الأسئلة.
إخواني، لنقدم الدين للناس كما تلقاه الصحابة -رضي الله عنهم- وقدموه لمن دخل في الإسلام، إذًا: الآن الذي يأتي ويقول: والله الجماعات كثرت والمناهج كثيرة والمشايخ كثيرون، ماذا أعمل؟ أذهب مع هذا أم مع هذا؟ نقول: لا، أولاً: اعرف الدين، فقد يظهرون لك السلفية وهم ليسوا بسلفيين، وقد تنخدع ببهرج وزخرف من القول غرورًا.
السلف والعصر الحديث
بعض الناس يقول: أنتم دائمًا ترجعون الناس للسلف، نحن الآن عصر جديد! نقول: صحيح نحن في عصر جديد، نناقش: البلاتين، هل له زكاة؟ نناقش: كيف نصلي في الطائرة؟ شيء جديد نناقشه، لكن توجد ملائكة أو لا توجد؟ قضية قديمة لا تتغير، ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، يضحك ربنا -جل وعلا-، كلها أخبار لا تتغير بتغير الأزمنة، إذًا نحن فعندما نقول: علينا بفقه السلف، نقصد بفهم السلف لهذه النصوص.
وعندما نقول للناس ارجعوا إلى قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة لا نقول لهم ارجعوا في المسائل الجديدة التي تحتاج اجتهادا؛ لأن بعضهم يلبس على الناس بهذا.
فلابد من تأسيس الميزان والبنيان، ولذلك لماذا لم تنتشر البدع في عهد الصحابة والتابعين الكبار؟ لأن عندهم قواعد يزينون بها الأمور، فمن وضع الميزان يعرف الحق ويعرف الباطل، بهذا تستقيم لنا بعد ذلك الأمور، فإذا عرفنا هذا وبان، أصبح السؤال التقليدي: مع من أذهب؟ نقول له اعرف الحق تعرف أهله.
كن سبباً في إعلاء سنة الحبيب
إننا يجب أن تكون عندنا غيرة على السُنة، فإذا جاءت الغيرة على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة وطريقتهم، دخل في قلبنا بُغض أهل البدع والأهواء، فإذا دخل هذا في قلبنا تعصبنا للحق الذي وفقنا الله له وهدانا إليه، فعند ذلك نكون سببًا في إعلاء السنة، وأما إذا تساهلنا مع غيرنا وتلمسنا الأعذار ليل نهار، فلا تظهر السُّنة، ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا.