ذوو الاحتياجات الخاصة في الإسلا م حقوق.. وواجبات


العناية بذوي الاحتياجات الخاصة والقيام بأمرهم مما تميزت به شريعة الإسلام؛ لذلك كانت من فروض الكفاية التي أمر بها، فمن أوجب الواجبات على الأمة الاهتمام بهؤلاء الضعفاء، قال - صلى الله عليه وسلم - «ابْغُونِى الضعفاء؛ فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» رواه أبو داود، وروى مصعب بن سعد بن أبي وقاص أن سعدًا - رضي الله عنه - رأى أنَّ له فضلاً على من دونه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - «هل تُنْصَرون وتُرْزَقون إلا بضعفائكم؟» رواه البخاري، والمتأمل في التشريع الإسلامي يجد أنه منهج حضاري مُتكامل؛ ولذلك لم يقصر اهتمامه وعنايته على أصحاب القوة والصحة، بل تَجاوز ذلك ليشمل كل شرائح المجتمع، ومنهم تلك الفئة التي ابتلاها الله -تعالى- في قدراتها العقلية أو الحسية أو الجسمية، لحِكَمٍ ربانية دقَّت عن إدراكنا، ممن يُسمَّون بذوي الاحتياجات الخاصة.
أولاً: التكاليف الشرعية وذوو الاحتياجات الخاصة
الإسلام لم يهمل الإعاقة ولم ينكر وجودها ولم يتجاهل أثرها على صاحبها؛ لذلك وجه الإنسان إلى الصبر على ما يواجهه من نكبات وكوارث تحل في جسمه أو ماله أو أهله، كما جاءت التكاليف الشرعية دائمًا منسجمةً مع إمكانات الناس وقدراتهم، فإذا ما ضاق الأمر اتسع، وإذا ما طرأت المشقة على مكلَّفٍ ما، جاء التيسير من الله؛ ولذلك قال -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286)، وجاء التشريع الرباني مراعيًا لحاجات هذه الفئة من المجتمع، فخفَّف بعض التكاليف عنهم، وأمر بإعانتهم ورعايتهم، بل إنه أهَّلهم ليأخذوا مكانهم في مجتمعاتهم، ويَندمِجوا فيه اندماجًا كاملًا، مُتجاوزين عاهاتهم، ومحقِّقين ذواتهم وكرامتَهم، من خلال مشاركتهم في بناء المجتمع، والقيام بالأعمال والأنشطة التي تدخل في إطار إمكاناتهم، ومن أنواع ذلك التخفيف ما يلي:
(1) إسقاط فريضة الجهاد بالنفس عنهم
فقال -تعالى-: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (الفتح: 17)، وقال أيضًا: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُو نَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (النساء: 95)، وقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} (التوبة: 91).
(2) التخفيف في الصلاة
وقد أمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من يؤمُّ الناسَ بالتخفيف وعدم التطويل؛ رعايةً لحال كبار السن والضعفاء والمرضى والزَّمْنَى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّى أحدكم للناس فليُخفِّف؛ فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطوِّل ما شاء»، وقد رخَّص النبي -صلى الله عليه وسلم - لعمران بن حُصَين - رضي الله عنه - رعاية لما كان يُعانيه من مرض البواسير، فقال له: «صلِّ قائمًا، فإن لم تَستطِع فقاعدًا، فإن لم تَستطِع فعلى جنب»*، وهي رخصة لكل مريض وضعيف وزَمِنٍ، يَعجز عن أداء أركان الصلاة وشروطها كاملة.
(3) التخفيف في الإحرام بالحج
ومِن التخفيف أن أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمَّته -رعايةً لضعفها ومرضها- أن تُحرِم بالحجِّ، وتشترط بأن لو عجزت عن إكمال مناسكِه فهي حلال من إحرامها بالحج، فقال لها: «ما يَمنعك يا عمتاه من الحج؟»، فقالت: أنا امرأة سقيمة، وأنا أخاف الحبس، قال: «فأحرمي واشترطي أن محلَّك حيث حُبست».
(4) الترخيص في لبس الحرير
ومن ذلك أنْ رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه في لبس الحرير لحكَّة به، مع أن الأصل حُرمة لبس الحرير على الرجال*، ولكن إذا دعت الضرورة لذلك، زال الحظر، وجاز الاستعمال، كما رخَّص لصحابيٍّ آخر بأن يتخذ أنفًا من ذهب بعد أن قُطع أنفه، وذلك رعايةً لحاله.
ثانيًا: المشاركة في بناء المجتمع
وقد فتح الإسلام المجال لذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة في بناء المجتمع؛ وذلك ليندمجوا فيه، ويقدموا ما يستطيعون تقديمه، وفق إمكاناتهم البدنية، وقدراتهم الحسية والحركية؛ من ذلك: تكليف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أصحابه بالأذان وكان أعمى، وإذنه لصحابي آخر بأن يؤم قومه وهو أعمى.
ثالثًا: حفظ كرامتهم ومشاعرهم
وقد حفظ التشريع الإسلامي لأصحاب الحاجات الخاصة كرامتهم ومشاعرهم الخاصة، فأذن لهم بأن يأكلوا مع أقاربهم، ومع أفراد المجتمع المسلم، دون تحرُّج من عاهتهم، وحرم السخرية منهم، أو لمزهم والطعن فيهم، أو نبذهم بألقاب تنال من كرامتهم، أو الترفع عن مؤاكلتهم أو مجالستهم، فقال -تعالى-: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} (النور: 61)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات: 11)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم في بيان حرمة ذلك وخطره-: «بحسب امرئ مِن الشر أن يحقر أخاه المسلم».
رابعًا: مراعاة الحالة النفسية
وجاءت الأحاديث النبوية لترعى الحالة النفسية لأصحاب العاهات، وتَرقى بأحوالهم ليصلوا إلى حالة الرضا بقضاء الله -تعالى-، وأنَّ ما ادَّخره الله -تعالى- لهم من الأجر والثواب في الجنة حريٌّ بأن يَصبروا من أجله على عاهتهم التي ابتلاهم الله بها، فقال - صلى الله عليه وسلم -:»إنَّ الله قال: إذا ابتلَيتُ عبدي بحبيبتَيه فصبر، عوَّضتُه منهما الجنة»*، ومن ذلك المرأة التي أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أُصرَع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: «إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يُعافيك»، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادع الله لي ألا أتكشَّف، فدعا لها*.
خامسًا: التلطُّف بالضعفاء وأهل الحاجات
وقد أوجب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أفراد المجتمع التلطُّف بالضعفاء وأهل الحاجات، ومد يد العون لهم، وبيَّن بأنهم سبب من أسباب رحمة الله -تعالى- في المجتمع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ابغوني الضعفاء؛ فإنما تُرزقون وتُنصرون بضُعفائكم»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «على كل نفس في كل يوم طلعت عليه الشمس صدقة منه على نفسه، من أبواب الصدقة:* التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويَعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتَهدي الأعمى، وتُسمع الأصمَّ والأبكم حتى يفقه، وتدلُّ المستدل على حاجة له قد علمتَ مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك...».
موقف الخلفاء من ذوي الاحتياجات
وقد تحرك الخلفاء على نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى وجوب تكفل الحاكم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة صحيًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا، ونفسيًّا، والعمل على قضاء حوائجهم، وسدِّ احتياجاتهم، ولقد استجاب الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - لهذا المنهج النبوي السمح، فأصدر قرارًا إلى الولايات: أن ارفعوا إليَّ كُلَّ أعمى في الديوان، أو مُقعَد، أو مَن به فالج، أو مَن به زَمَانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة». فرُفعوا إليه، وأمر لكل كفيف بموظف يقوده ويرعاه، وأمر لكل اثنين من الزَّمْنَى - من ذوي الاحتياجات - بخادمٍ يخدمه ويرعاه، وعمل -رحمه الله- أيضاً إحصاء للمعاقين، وخصَّص مُرافِقًا لكل كفيف، وخادمًا لكل مُقعَد لا يَقْوَى على القيام، أو أداء الصلاة واقفًا.
الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك رحمه الله -تعالى
وعلى نفس الدرب سار الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك -رحمه الله تعالى-؛ فهو صاحب فكرة إنشاء معاهد أو مراكز رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، فأنشأ (عام 88هـ/ 707م) مؤسسة متخصصة في رعايتهم، وظَّف فيها الأطباء والخدام، وأجرى لهم الرواتب، ومنح راتبًا دوريًّا لذوي الاحتياجات الخاصة، وقال لهم: «لا تسألوا الناس». وبذلك أغناهم عن سؤال الناس، وعيَّن موظفًا لخدمة كل مقعد، أو كسيح، أو ضرير.
العصر المملوكي
وأيضًا في العصر المملوكي نجد السلطان قلاوون يُنشِئ مارستانًا - ما زالت بقاياه موجودة حتى الآن وتحمل اسمه - كان المريض يلقى الرعاية والاهتمام مدة وجوده بالمستشفى، ويُعطى المريض بعد خروجه بعض المال؛ حتى لا يضطر للعمل في فترة نقاهته.
التشريع الإسلامي تشريع حضاري
إن اهتمام التشريع الإسلامي بهذه الفئة من المجتمع، يدل دلالة واضحة على أنه تشريع حضاري، سبق كل قوانين ومواثيق حقوق الإنسان، ولا مجال لأحد أن يزايد على قيم الإسلام ومبادئه، فحريٌّ بكل مسلم أن يسعى لإظهار هذه القيم والمبادئ وترسيخها في المجتمع، معتزًّا بدينه وقيَمِه، وأن يكون بذلك النموذج العملي الصالح، الذي يُفحم تَقوُّل المُتقوِّلين، وجحود المنكرين.
وعْد الله للصابرين في الدنيا والآخرة
قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: قال الله -تعالى-: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} وقال -تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما أُعْطيَ أحد عَطاءً خَيْراً وأوسَعَ من الصبر» متفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «عجباً لأمر المؤمن إن أمرهُ كُلَّه له خيْر إنْ أصابتهُ سراءُ شَكرَ فكان خيراً له، وإنْ أصابته ضرَّاءَ صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» رواه مسلم، فالصابر له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة أو له الجنة والكرامة في الآخرة إلى أن قال -سبحانه-: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} والصبر والتقوى عاقبتها حميدة في جميع الأحوال. قال -تعالى في حق المؤمنين مع عدوهم-: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.
الله -تعالى- فاوت بين الخلق في التمام والنقص
سئل الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: أنَّ بعض الآباء أو الأمهات إذا كان لديهم طفل معاق، يلجؤون إلى إخفائه عن الناس وعدم الذهاب به إلى المناسبات الاجتماعية وعزله في المنزل، وقد يحاولون ألا يعرف الناس أن لديهم طفلا معاقا، فأجاب قائلاً: هذا خطأ، فإنه خلق الله وأمره، وليس لهم اختيار، والله -تعالى- هو الحكيم في خلقه وتدبيره؛ فعليهم الرضا بالقدر والقضاء واحتساب الأجر على الصبر، وعليهم إظهاره، فإن الله -تعالى- فاوت بين الخلق في التمام والنقص، حتى يُشكر على عبادته وعلى نعمته، فلا حرج في الذهاب به ولا في رؤية الناس له، إلا إن شق عليهم حمله ونقله جاز تركه تخفيفاً.
معاقون أفذاذ فى ظل الإسلام
ولقد تبوأ المعاق في ظل الإسلام مكانته اللائقة :- فنجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستخلف عبدالله ابن أم مكتوم وينيبه عنه -عليه السلام- على المدينة أربع عشرة مرة في غزواته وفي حجة الوداع، كما شهد هذا الصحابي الجليل فتح القادسية، وقُتل فيها شهيدًا، وكان مع اللواء يومئذٍ وهو الرجل الأعمى، فلم تنقص إعاقته من مكانته وأهميته في الإسلام شيئًا.
معاذ بن جبل - رضي الله عنه
وهذا صحابي آخر هو معاذ بن جبل - رضي الله عنه - :- يختاره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بين المسلمين ويرسله إلى اليمن عاملاً له عليها، بل ويكتب إلى أهلها قائلاً: «إني بعثت عليكم خير أهلي». وقد كان معاذ - رضي الله عنه - أعرجَ، فلم يمنعه العرج من تبوء المكانة التي يستحقها في الحياة السياسية والاجتماعية الإسلامية.
عبد الله بن عباس - رضي الله عنه
الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - (حَبْر الأمة وترجمان القرآن) الذي استطاع أن يجمع العلم في زمانه حتى أصبح مرجع الأمة في العلم الشرعي على مر الزمان، بل إن المبصرين يسألونه ويستفتونه في مسائلهم الخاصة، على الرغم من فَقْده لحاسة البصر، يقول ابن عباس في وصف حاله:
إن يأخذ الله من عيـني نورهمـا
ففي لساني وسمعي منهما نـور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي عـوج
وفي فمي صارم كالسيف مأثور
عطاء بن أبي رباح - رضي الله عنه
وقد كان عطاء - رضي الله عنه - أسود البشرة، مفلفل الشعر، أعور العين، أفطس الأنف، أشل اليد، أعرج القدم، لا يؤمل الناظر إليه منه طائلاً، لكن شريعتنا السمحة الغرَّاء جعلته إنسانًا عالمًا إمامًا، يرجع إليه الناس في الفتوى، ومدرسة يتخرج على يده الألوف من العلماء، وهو عندهم في محل الإكبار والحب والتقدير والاحترام (كتاب رعاية المعاق بين الشرائع السماوية: مركز خدمات المنظمات غير الحكومية، ص11- 12).
سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله
وفي هذا الزمان نجد أمثلة كثيرة ومنهم: سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- مع أنه كان فاقداً للبصر إلا أنه كان إماماً زاهدًا ورعًا ناصرًا للدين.


وائل رمضان