دين الإسلام يأمُرُ بمكارم الأخلاق ويحُثُّ على معالي الأمور


الفرقان





في خطبته التي جاءت بعنوان: {بعض محاسن دين الإسلام وفضائله}، بين الشيخ: بندر بن بليلة أنَّ أعظم النِّعَمِ وأَولاها، وأكرم المِنَنِ وأَسناها: دينُ الإسلام، واسطةُ عِقْدِ الأديانِ وتاجُها، وخاتِمةُ الشرائعِ ورِتاجُها، سبيلُ اللهِ القويمُ، وصراطُهُ المستقيمُ، قال -سبحانه-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}(آل ِ عِمْرَانَ: 19)، وقال -سبحانه-: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(يُو سُفَ: 40)، والانتسابُ له عِزٌّ ومَفخرةٌ، والعيشُ في ظِلاله أُنسٌ ومَطهَرةٌ، يقول -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}(النِّس َاءِ: 125).
حقيقة الإسلام
ثم أكد الشيخ ابن بليلة أنَّ الإسلام يعني الاستسلامُ لله بالتوحيد، ونفيُ الشريكِ له والنَّديد، واليقينُ بخَلْقه للكونِ وتدبيرُه للكائنات، وإثباتُ ما له مِنَ الأسماءِ الحُسنى، والعُلى من الصفاتِ، وتعظيمُه والإنابةُ إليه، وطاعتُه وطاعةُ رسولِه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأساسُه الكتابُ المفَصَّل، والذِّكْرُ المنزَّل، كلامُ اللهِ الذي لا يأتيه الباطلُ مِنْ بينِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلفِه، يقول -تعالى-: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(هُودٍ: 1)، ويقول -تعالى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }(النَّحْلِ: 89).
شعار الإسلام الصدق
ثم أكد أنَّ الصِدقُ شِعار الإسلام، والحقُّ له دِثار، والحِكمةُ رائدُه ورَايَتُه، والرحمةُ رُوحُه وغايتُه، والصلاحُ والإصلاحُ حالُه وأعمالُه، أحكامُهُ أصَحُّ الأحكام وأسَدُّها، وشرائعُهُ أقومُ الشرائعِ وأحكَمُها، لا حَرجَ فيها ولا مشقةَ ولا عَنَتَ، وبها زَكاءُ القلوب، وصَلاحُ الأرواح، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(الْم َائِدَةِ: 50)، وقال -تعالى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(الْحَجِّ : 78)، وقال -سبحانه-: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(الْبَ قَرَةِ: 185)، أباح لنا الطيباتِ، مِنَ المآكلِّ والمشاربِ والملابسِ والمعامَلاتِ، وحَفِظَ الضروراتِ والمصالحَ والحاجِيَّاتِ، وحرَّمَ علينا الخبائثَ والمضارَّ والمفاسدَ في كل الحالات.
الإسلام يأمر بمكارم الأخلاق
ومن محاسن دين الإسلام وفضائله: أنه يأمُرُ بمكارم الأخلاق، ويحُثُّ على معالي الأمور، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالحَ الأخلاق» (أخرجه الإمامُ أحمد)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يُحبُّ معاليَ الأمورِ ويَكرهُ سَفسافَها» أخرجه الطبرانيُّ والحاكمُ)، حَفِظَ دِينُكم الحقوقَ لأصحابها، وصانَ الأماناتِ لأربابها، فأمَر بِبِرِّ الوالدينِ، وصلةِ الأرحامِ، وإكرامِ الضيفِ، والإحسانِ إلى الجيران، ورِفْدِ المحتاجينَ.
التعاون والمودَّة والائتلاف
ودين الإسلام يدعو إلى التعاون والمودَّة والائتلاف، ويَنهَى عن التفرُّق والتنازُعِ والاختلاف، قال -سبحانه-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آلِ عِمْرَانَ: 103)، وقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنيان يشُدُّ بعضُه بعضا»(أخرجه البخاري ومسلم).
دينُ سَعيٍ وجِدٍّ وعَمَلٍ
ودين الإسلام دينُ سَعيٍ وجِدٍّ وعَمَلٍ، لا دين عَجْزٍ وتوانٍ وكَسَلٍ، يَجمَع بين مَطالِبِ الروحِ والقلبِ والجسدِ، ويندُبُ للجَمْع بينَ الدِّينِ والدنيا، قال -سبحانه-: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون}(التَّ وْبَةِ: 105)، وقال -سبحانه-: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}(النَّجْمِ : 39-40)، وقال -سبحانه-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}(الْق َصَصِ: 77)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «احُرِصْ على ما ينفعكَ، واستعِنْ بالله ولا تَعجَز» (أخرجه مسلم).
تفرُّد الله -سبحانه- بالكمال المطلَق
ودين الإسلام أجلُّ شاهد بتفرُّد الله -سبحانه- بالكمال المطلَق، وسَعة الحكمة والعِلْم، وعظمة نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه رسولُ الله حقًّا صِدقًا، إنه لا أحسنَ ممَّن أسلمَ وجهَه لله، وأحْسَنَ إلى عباد الله، واستقام على دِين الله، فانصبغَ قلبُه بالإخلاص والتوحيد، واستقامَتْ أخلاقُه وأعمالُه على الهداية والتسديد، {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}(الْب َقَرَةِ: 138).