قال ابن القيم: (الضابط النافع في أمر الخلطة أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة، والأعياد والحج، وتعلم العلم، والجهاد، والنصيحة ويعتزلهم في الشر، وفضول المباحات، فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر، ولم يمكنه اعتزالهم؛ فالحذر الحذر أن يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر. ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له وتعظيم، وثناء عليه منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين. وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له، ومقت، وذم منهم ومن المؤمنين، ومن رب العالمين.
فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة، وأحمد مآلا، وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه، ويشجع نفسه ويقوي قلبه، ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك، بأن هذا رياء ومحبة لإظهار علمك وحالك، ونحو ذلك، فليحاربه، وليستعن بالله، ويؤثر فيهم من الخير ما أمكنه). [مدارج السالكين: (1/ 453 - 454)].