■ حُكم من صلى وفي ثوبه أو بدنه أو مكانه نجاسة :
جمع وإعداد العبد الفقير إلى الله /عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
● وبعد
الطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان مع الذكر والقدرة شرط من شروط صحة الصلاة وهذا قول جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وقول عند المالكية .
وللمالكية أيضاً في حُكم إزالة النجاسات عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه قولان مشهوران :
أحدهما : أن إزالة النجاسة سنة من سنن الصلاة على كل حال سواء ذكرها أم لم يذكرها وسواء قدر على إزالتها أم لم يقدر .
والقول الثاني : وهو المشهور أنها واجبة مع الذكر والقدرة أي قادراً على إزالتها بوجود ماء مُطلق يزيلها به أو وجود ثوب طاهر أو قادراً على الانتقال من المكان الذي فيه الخبث إلى مكان طاهر .
فمن صلى بها ذاكراً قادراً أعاد ويسقط الوجوب بالعجز والنسيان فلا يعيد إن صلى ناسياً أو عاجزاً .
● والراجح ما ذهب إليه الجمهور فيجب على المُصلي أن يتنزه من ذلك قبل الشروع في الصلاة فإن صلى وهو مُتلبس بهذه النجاسة فصلاته باطلة .
● واستدل الجمهور بما يلي :
1- قوله تعالى : ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) .
قال ابن سيرين : " اغسلها بالماء " أي اغسله ونظفه من النجاسة بالماء .
وقال ابن زيد : أمره الله أن يطهر الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها وذلك أن المشركين كانوا لا يُطهرون ثيابهم .
وهذا أظهر الأقوال فيها وهو حمل اللفظ على الحقيقة وهو أولى من حمله على المجاز .
2- عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها : أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي وابن حبان وابن خزيمة وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
3- عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة بنت أبى حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال : ( لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلى ) رواه البخاري ومسلم .
4- عن أبى هريرة رضي الله عنه : أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إنه ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع قال : ( إذا طهرت فاغسليه ثم صلى فيه ) فقالت : فإن لم يخرج الدم قال : ( يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره ) رواه أبو داود وأحمد وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
فهذه الأحاديث فيها دلالة على أن الصلاة ممنوعة ولا تصح في هذا الثوب المُتنجس بدم الحيض قبل غسله.
وإذا كان دم الحيض مانعاً من صحة الصلاة إذا كان في الثوب فكذلك سائر النجاسات .
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري .
هذا الحديث فيه دلالة على أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتطهير الموضع الذي بال فيه الأعرابي في المسجد وذلك بصب الماء عليه وهذا يدل على وجوب المسارعة إلى تطهير المكان الذي تصيبه النجاسة .
6- أن الإنسان إذا صلى وهو متلبس بهذه النجاسة فإنه يكون قد صلى على وجهٍ لم يُرِده الله ورسوله ولا أمر به الله ورسوله وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود عليه عمله ولا يُقبل منه .
● قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( من شروط صحة الصلاة اجتناب النجاسات أي : التنزه منها وهذا في البدن والثوب والبقعة ونحتاج إلى دليل لكل هذه الثلاثة فنقول :
أما البدن فالدليل على اشتراط الطهارة فيه ووجوب التنزه من النجاسة : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان وأحدهما كان لا يستتر من البول .
وهذا دليل على أنه يجب التنزه من البول وكذلك أحاديث الاستنجاء والاستجمار كلها تفيد أنه يجب التنزه من النجاسة في البدن .
وأما دليلها في الثوب فمن أدلتها :
1- قوله تعالى : " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " على أحد التفاسير .
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحائض إذا أصابها دم الحيض أن تغسله ثم تصلي فيه .
3- خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه لما أخبره جبريل أن فيهما أذى .
وهذا يدل على أنه لا يجوز استصحاب النجاسة في حال الصلاة .
وأما الدليل على طهارة المكان : فمنها قوله تعالى في سورة البقرة : " أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ " .
ومنها أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المساجد : " إنه لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر " وأمر أن يصب على بول الأعرابي ذنوب من ماء ليطهره .
وجمهور أهل العلم على أن التنزه من النجاسة شرط لصحة الصلاة وأنه إذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطلة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها ليست شرطاً للصحة ولكنها واجبة فلو صلى وعليه نجاسة فهو آثم وصلاته صحيحة .
والقول الراجح : هو قول الجمهور لأن هذا الواجب خاص بالصلاة وكل ما وجب في العبادة فإن فواته مبطل لها إذا كان عمداً .
وعلى هذا فنقول : إن القول الراجح أن صلاته باطلة فكأنه قيل : لا تصل وأنت متلبس بهذه النجاسة فإذا صلى وهو متلبس بها فقد صلى على وجه ما أراده الله ورسوله ولا أمره به الله ورسوله وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " فهذا وجه تقرير كون اجتناب النجاسة من شروط الصلاة ) أهـ .
● والمقصود بالنجاسة التي يجب اجتنابها والتنزه عنها هي النجاسة المُؤثرة التي لا يُعفى عنها أما إن كانت مما يُعفى عنه وهو يسير النجاسات فلا حرج على المرء أن يُصلي بها .
● وفي حُكم أثر هذا اليسير من النجاسة خلاف بين العلماء :
فقال بعض أهل العلم : لا يُعفى عن يسير النجاسة مُطلقاً .
وقال بعضهم : يُعفى عن يسير سائر النجاسات وهو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا سيما فيما يُبتلى به الناس كثيراً فإن المشقة في مراعاته والتطهر منه حاصلة ولقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) .
والصحيح ما ذهب إليه أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله .
ومن يسير النجاسات التي يُعفى عنها لمشقة التحرز منه يسير سلس البول لمن ابتلي به وتحفظ منه تحفظاً كثيراً قدر استطاعته .
● وأما حد اليسير فضابطه هو العرف : فما اعتبره الناس كثيراً فهو كثير وما اعتبروه قليلاً فهو قليل وهو الراجح .
● أما حُكم من صلى وعلى ثوبه أو بدنه أو مكانه نجاسة لا يُعفى عنها .
فإن صلى وهو عالم بها فلا تصح صلاته لأنه خالف أمر الله ورسوله فوجب عليه إعادة الصلاة وهو قول جمهور العلماء وقد سبق بيان ذلك .
وإن صلى وهو مُتلبس بالنجاسة على الثوب أو البدن أو المكان لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة أو كان يعلم بوجود هذه النجاسة وفي نيته إزالتها ولكنه نسي وصلى ثم تذكر بعد ذلك .
ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال :
● القول الأول :
صلاته صحيحة ولا إعادة عليه وهو قول : ابن عمر وعطاء وسعيد ابن المسيب وسالم ومجاهد وأبو ثور والشعبي والنخعي والزهري والأوزاعي وإسحاق وابن المنذر والشافعي في قول وأحمد في رواية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
● القول الثاني :
صلاته باطلة ويعيد الصلاة وهو قول : أبي قلابة والشافعي في الأصح والإمام أحمد في رواية وعليها المذهب لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم تسقط بجهلها كطهارة الحدث .
● القول الثالث :
أنه يُعيد ما كان في الوقت ولا يُعيد بعده وهو قول ربيعة ومالك والحسن .
● الترجيح :
الراجح في هذه المسألة هو القول الأول أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه لما يلي :
1- أنه لم يعلم بالنجاسة إلا بعد انتهاء الصلاة وقد قال تعالى : ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا ) .
2- حديث عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه : قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : ( ما حملكم على إلقائكم نعالكم ) قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً ) وقال : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ) رواه أبو داود والبيهقي وابن حبان وابن خزيمة وأحمد والحاكم وأبو يعلى والبزار وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
وهذا الحديث فيه دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لبس نعليه وفيهما قذراً لكنه لم يكن عالماً بذلك ولو كانت الصلاة تبطل مع الجهل لاستأنف النبي صلى الله عليه وسلم صلاته من أولها لكنه مضى في صلاته بعد أن تخلص من هذه النجاسة بخلع نعليه .
فدل هذا على أن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو متلبس بنجاسة غير عالم بها أو ناسياً لها ثم علم بها أثناء الصلاة فإنه يجب عليه إزالتها ثم يستمر في صلاته ويبني على ما صلى ولا إعادة عليه .
● قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء وهو مذهب مالك وغيره وأحمد في أقوى الروايتين وسواء كان علمها ثم نسيها أو جهلها ابتداء لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة لما أخبره جبريل أن بهما أذى ومضى في صلاته ولم يستأنفها مع كون ذلك موجوداً في أول الصلاة لكن لم يعلم به فتكلفه للخلع في أثنائها مع أنه لولا الحاجة لكان عبثاً أو مكروهاً ... يدل على أنه مأمور به من اجتناب النجاسة مع العلم ومضيه يدل على العفو عنها في حال عدم العلم بها ... الخ ) أهـ .
● وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن ذلك فقال :
( إذا كان لم يعلم نجاستها إلا بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا أخبره جبريل وهو في الصلاة أن في نعليه قذَراً خلعهما ولم يُعد أول الصلاة .
وهكذا لو علمها " أي النجاسة " قبل الصلاة ثم نسي فصلى فيها ولم يذكر إلا بعد الصلاة لقول الله عز وجل : " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " .
أما إذا شك في وجود النجاسة في ثوبه وهو في الصلاة لم يجز له الانصراف منها سواء كان إماماً أو منفرداً وعليه أن يتم صلاته ) أهـ .
● وسُئل أيضاً رحمه الله : عن حُكم من وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم من صلاته هل يعيد صلاته ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : ( من صلى وفي بدنه أو ثوبه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة في أصح قولي العلماء وهكذا لو كان يعلمها سابقاً ثم نسيها وقت الصلاة ولم يذكر إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة لقول الله عز وجل : " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فقال الله : " قد فعلت " كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه صلى الله عليه وسلم صلى في بعض الأيام وفي نعله قذر فأخبره جبرائيل بذلك فخلعها واستمر في صلاته ولم يستأنفها وهذا من تيسير الله سبحانه ورحمته بعباده ) أهـ .
● وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( من صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه وصلاته صحيحة مثال الناسي أن يصيب الإنسان أن يصيب الإنسان نجاسةٌ في ثوبه وينسى أن يغسلها أو ينسى أنها أصابته ثم يصلي وبعد صلاته ذكر أن عليه أن على ثوبه نجاسة فلا إعادة عليه وكذلك لو كان جاهلاً بأن أصابه رشاش بول لم يعلم به وبعد انتهائه من صلاته علم بذلك فإنه لا إعادة عليه لأنه كان جاهلاً والناسي والجاهل معذوران بنص الكتاب قال الله تعالى " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فقال الله تعالى قد فعلت .
ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه وعليه نعلاه ثم خلعهما فخلع الناس نعالهم فلما انصرف من الصلاة سألهم : لماذا خلعوا نعالهم فقالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال صلى الله عليه وسلم : " إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذىً أو قذراً فخلعتهما " ولم يستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فدل ذلك على أن من صلى وعلى ثوبه أو شئ من ملابسه نجاسة وهو جاهل بذلك فلا إعادة عليه .
فإن قال قائل ما الفرق بين هذا وهذا أي ما الفرق بين كون الإنسان إذا صلى محدثاً ناسياً أو جاهلاً وجبت عليه الإعادة بعد الوضوء ومن صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه ؟
فالجواب أن الفرق بينهما هو أن من صلى محدثاً فقد ترك مأموراً والعبادة إذا ترك المأمور فيها لم تصح وأما من صلى وعلى ثوبه نجاسة فإنه قد فعل محظوراً وهو تلبسه بالنجاسة وفعل المحظور إذا كان الإنسان فيه ناسياً أو جاهلاً فإنه لا يؤاخذ به ولا يترتب عليه أثر ) أهـ .
● وقال أيضاً رحمه الله : ( من صلى بنجاسة ناسياً أو جاهلاً فصلاته صحيحة مثال الناسي أن يكون في ثوبه نجاسة بول أو غائط وينسى أن يغسله ثم قام فصلى ناسياً ولما انتهى من الصلاة ذكره فلا شيء عليه يعني أن صلاته صحيحة كذلك أيضاً لو كان جاهلاً بأن يكون صلى في ثوب نجس ولكنه لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من صلاته فصلاته صحيحة والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فقال الله تعالى قد فعلت وقول الله تبارك وتعالى " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ " وهذان دليلان عامان وهنالك دليل خاص وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " صلى يوماً بأصحابه وفي أثناء الصلاة خلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما سلم سألهم : لماذا خلعوا نعالهم فقالوا : يا رسول الله إنك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً فخلعتهما " ولم يبدأ الصلاة من جديد بل بنى على صلاته .
خلاصة الجواب : أن من صلى وفي ثوبه نجاسة أو في بدنه نجاسة فنسي أن يغسلها أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة فلا شيء عليه وصلاته صحيحة أما من صلى محدثاً ناسياً أو جاهلاً فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة من جديد مثال ذلك في الجاهل رجل أكل لحم إبل وهو لم يعلم أنه لحم إبل فصلى ثم قيل له إن اللحم لحم إبل فهنا يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة ومثال الناسي رجل أحدث بأن بال واستنجى وقام ثم صلى ناسياً أنه أحدث فهنا نقول يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة والفرق بينهما أن النجاسة من باب التخلي عن المحظور وأما الحدث فهو من باب فعل المأمور والمأمور لا يسقط بالنسيان والجهل وأما المحظور فيسقط بالنسيان والجهل ... ) أهـ .
● وقال أيضاً رحمه الله : ( إذا وجد المصلى في ثوبه نجاسة بعد أن صلى فإنه لا إعادة عليه وكذلك لو كان يعلم بالنجاسة قبل الصلاة ولكن نسي أن يغسلها ثم صلى فلا إعادة عليه ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " صلى بأصحابه ذات يوم وكان لابساً نعليه وفي أثناء الصلاة خلعهما فخلع الصحابة نعالهم تأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما قضى الصلاة سألهم : لماذا خلعوا النعال فقالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً فخلعتهما " فهنا علم النبي صلى الله عليه وسلم بما في نعليه من القذر واستمر في صلاته بعد خلعهما ولم يستأنف الصلاة لأنه كان لا يعلم عليه الصلاة والسلام أن فيهما قذراً فدل ذلك على أن من جهل النجاسة في لباسه من نعال أو سروال أو قميص أو غترة حتى صلى فإن صلاته صحيحة وإن علم في أثناء الصلاة خلع النجس إن أمكنه خلعه واستمر في صلاته وإن لم يمكنه خلعه مثل أن تكون النجاسة في قميص ليس عليه غيره فإنه يقطع صلاته ليغسل النجاسة أو يبدل الثوب النجس بثوب طاهر ...
المهم أن نقول كل من صلى بثوب نجس وهو لا يعلم أنه نجس فصلاته صحيحة وكل من صلى بثوب نجس كان عالماً أنه نجس لكن نسي أن يغسل النجاسة فإنه لا يعيد صلاته أما من صلى بغير وضوء ناسياً أو جاهلاً ثم تبين له فعليه أن يعيد الصلاة كما لو أكل الإنسان لحم إبل وهو لا يدري أنه لحم إبل فصلى ثم تبين له بعد الصلاة أنه أكل لحم إبل وجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة لأنه صلى بغير وضوء فيفرق بين من صلى بغير وضوء وبين من صلى في ثوب نجس وكذلك لو أن الإنسان أصابته جنابة في نومه فقام ولم يعلم بها فتوضأ وصلى الفجر ثم تبين له بعد ذلك أن في ملابسه جنابة كانت من الليل فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة لأنه صلى وهو محدث ) أهـ .
● أخي الحبيب :
أكتفي بهذا القدر وأسأل الله عز وجل أن تحصل به الفائدة وأسأل الله جل وعلا أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا الفردوس الأعلى في الجنة والنجاة من النار .
كما أسأله الله سبحانه أن يوفقنا ويهدينا للصواب وأن يرزقنا فهم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
هذا وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان والله الموفق .
وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .
■ ■ ■ ■ ■
لا تنسونا من الدعاء
أخوكم / عبد رب الصالحين العتموني
مصر / سوهاج / طما / قرية العتامنة