الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وأثرها في استنباط الأحكام الشرعية


الموضوع من إعداد: ثمرات المطابع.
-------------------------

الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وأثرها في استنباط الأحكام الشرعية


تأليف : د. هادي أحمد فرحان الشجيري
الناشر : دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 26/11/2001
نوع التغليف: مقوى فاخر (فني) كعب مسطح
عدد الأجزاء : 1
الرقم في السلسلة : 0
عدد الصفحات : 568
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 35.0 ريال سعودي ($9.33)
التصنيف : / اللغات / اللغة العربية / قواعد اللغة العربية
الجامعة : جامعة بغداد - كلية الآداب
تاريخ الحصول على الدرجة : 29/04/2000
لتحميل الكتاب
لا اله الا الله
نوع الدرجة :
نبذة عن الكتاب : تبرز هذه الأطروحة جانباً مهماً في مؤلفات ابن تيمية ( ت728هـ ) - رحمه الله - وهو القضايا اللغوية والنحوية وأثرها في استنباط الأحكام الشرعية ، وقد جاءت مادة الرسالة مقسمة على ستة فصول ، تسبقها مقدمة وتمهيد يتضمن عرضاً موجزاً لحياة شيخ الإسلام ابن تيمية ، وبيان الترابط الوثيق بين علم العربية والعلوم الشرعية عامة وتلحق الفصول الستة خاتمة بأهم النتائج ، وثبت بالمصادر والمراجع .

أما موضوعات الفصول الستة فقد جاءت على النحو التالي :

الفصل الأول : فيه عرض لقضايا لغوية عامة ، تتعلق بنشأة اللغة أولاً ، وبمكوناتها من اللفظ والمعنى وأهميتها ثانياً ، وبالضوابط الضرورية لفهم النصوص اللغوية عامة والشرعية خاصة وتجنب الخلاف ثالثاً .

أما الفصل الثاني : فعنوانه الصوت والبنية وأثرهما في المعنى .

وأما الفصل الثالث : فعنوانه : المفردة دلالتها وأقسامها ،وجاءت مادته موزعة على خمسة مباحث هي على التوالي : دلالة المفردة وأقسامها ، والمتباين والخاص والعام ، والمتواطئ والمشترك ، والحقيقة والمجاز ، والترادف .

وأما الفصل الرابع : وهو خاتمة المباحث اللغوية ، ويبحث في طرق دلالة اللفظ على معناه ، وكيفية تأويل هذه الدلالة .

وأما الفصل الخامس : فقد تضمن السمات العامة للمنهج النحوي عند ابن تيمية .

وأما الفصل السادس وهو الأخير : فقد خصص لبحث المسائل النحوية التي جاءت موزعة على أربعة مباحث ، أولها في : الكلام وأقسامه ، ثم مباحث الأسماء ، ثم مباحث الأفعال ، وأخيراً مباحث الحروف .

الخلاصة : الفصل الأول : اللغة : نشأتها ومكوناتها وضوابط فهمها عند ابن تيمية .

1- نشأة اللغة : يرى شيخ الإسلام أن الخلاف في مبدأ اللغات محصور بين القول باصطلاح وبالتوفيق ، فالقول بالإصطلاح كمايصوره أن قوما اجتمعوا واصطلحوا أن يسمو هذا بكذا ، وهذا بكذا ، فيجعل هذا عاماً في جميع اللغات .

وقد رد ابن تيمية هذا القول وفصل في الرد عليه ، ولا يعني هذا عنده أن كل الأسماء غير أصطلاحية مطلقاً ، فقد يضع الناس الإسم لما يحدث مما لم يكن من قبله فيسميه، أما الذين قالوا بالتوقيف أي التي الهمها الله تعالى وعلمها آدم ، ورأي شيخ الإسلام وهو التوسط أي أن بعضها توفيقي وبعضها إصطلاحي .

2- مكونات اللغة :

يرى شيخ الإسلام في أهمية اللفظ والمعنى : أن حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق وأن الأصوات الصادرة من الإنسان على ثلاث درجات : الأولى : أن يدل على معنى بالوضع إما بنفسه ، أو مع غيره ، والثاني أن يدل على المعنى الطبع كالتأوه والأنين ، والثالث ألا يدل على معنى لا بالطبع ولا بالوضع كالنحنحه ، والمعاني التي في النفس لا تنضبط إلا بالألفاظ ، والتي قد جعلت لإبانة ما في القلب ، ولأهمية المعنى يقول (إن اللفظ يراد للمعنى ) .

خصائص اللفظ والمعنى وعلاقتهما :

أولاً : اللفظ طبيعته نطقية سمعية ، ومعناه إدراكه فطري : فاللفظ مادي بإعتبار أنه نطقي لا يصدر إلا عند جهاز النطق ، وسمعي لا يسمع إلا بجهاز السمع ، أما طبيعته فنفسية تتمثل في تصور المعاني فإنها لا تدرك إلا بالفطرة وهي أمر نفسي .

ثانياً / اللفظ تبع للمعنى : ويرى ابن تيمية أن المعنى له الأسبقية للفظ .

ومن خصائص اللفظ والمعنى : أن إشتراك اللفظ يوحي باشتراك المعاني ، حيث أن اللفظ مشترك فيه أكثر من معنى مثل (حيوان ) ، فيرى شيخ الإسلام في ذلك أن المعاني الحقيقية الموجودة في الخارج مختلفة غير مشتركة وإن كانت متشابهة في اللفظ ، والاشتراك يكون في المعاني الذهنية ، وأن عموم الألفاظ والإشتراك فيها هو الذي سوغ عموم المعاني الذهنية والإشتراك فيها .

3- ضوابط لفهم اللغة وتجنب الاختلاف .

حاول شيخ الإسلام أن يضبط معاني الألفاظ بضوابط من أجل الوصول إلى الحق فيما اختلف فيه العلماء ، ومن هذه الضوابط :

1- معرفة مدلولات الأسماء واجبة : فكل لفظ له دلالته المستقلة عن بقية الألفاظ ، والألفاظ يضبط معناها بثلاثة أمور ، لغة القوم عامة ، وما تعارف عليه أهل ذلك العصر الذي ورد النص عنهم ، وما اصطلح عليه كاتب النص ، وعدم معرفة مدلولات الأسماء بدقة من أسباب اختلاف العلماء ، وكتب الخلاف مليئة .

2- معرفة الزمن ضرورية لفهم المعنى : المقصود فهم لغة كل عصر في كل مصر حيث يقول رحمه الله (ومن لم يعرف لغة الصحابة التي كانوا يتخاطبون بها ، ويخاطبهم بها النبي صلى الله عليه وسلم وعادتهم في الكلام .

3- الإصطلاح الفاسد وأثره في سوء الفهم .

فمخاطبة القوم باصطلاحهم ولغتهم ليس بمكروه . إذا احتيج لذلك ، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا لم يخالف اللغة والشرع ولم يتضمن مفسدة ، مثل الذي ينشأ على اصطلاح حادث فيفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها مثل تأويلات الباطنية لكتاب الله على مصطلحاتهم .

4- الابتعاد عن الألفاظ المجملة : حيث أن اللفظ لابد أن يحمل معناً دقيقاً ، وقد نبه شيخ في ذلك وذكر أن كثيراً من اضطراب الناس في هذا الباب هو بسبب ما وقع من الإجمال والإشتراك في الألفاظ ومعانيها ، وأكثر إختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء وذكر شيخ الإسلام مثالاً لذلك هو اختلافهم في قولهم (لفظي بالقرآن مخلوق ) ، ومشهور ما حصل في ذلك من الإختلاف .

5- فهم معنى الكلام قدر زائد على مجرد معرفة ألفاظه (أو نظرية السياق ) : مثل قوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) فالمعنى المتبادر هو الحبال البيض والسود وهذا ما فهمه بعض الصحابة ، فدلالة اللفظ منفردة قد تختلف عنها إذا دخلت في سياق ما .

كما تختلف إذا دخلت في سياق آخر وهكذا ، ويرى ابن تيمية أن دلالات الألفاظ على معانيها محكومة بأمور منها ما يكون في العبارة نفسها ، وهذا هو السياق اللغوي ، ومنها ما يكون خارج العبارة كحال المتكلم والمخاطب هذا هو سياق الوقف ، وقد استخلص المؤلف عدة نقاط استخلصها من مؤلفات شيخ الإسلام لتعزز نظرية السياق عنده وهي :

1- أن النظر في السياق يعصم من الخطأ مثل من تدبر القرآن وتدبر ما قبل الآية وما بعدها .

2- معرفة عادة المتكلم في الكلام تعين على فهم مراده : حيث يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض ويؤخذ كلامه هاهنا ، وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر .

3- حال المخاطب تقيد دلالة اللفظ .

4- القاعدة الجامعة في الدلالة كما قال ابن تيمية (إن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه وما يصف به من القرائن اللفظية والحالية .

الفصل الثاني / الصوت والبنية وأثرهما في المعنى عند ابن تيمية .

وتضمن هذا الفصل الصوت وأثره في المعنى ، والبنية وأثرها في المعنى ، وقد نقل المؤلف رأي شيخ الإسلام في بعض الألفاظ ولهذا سنتجاوز هذا الفصل .

الفصل الثالث / المفردة دلالتها وأقسامها عند ابن تيميه .

1- دلالة المفردة وأقسامها :

يقسم ابن تيميه اللفظ كما بينه الأصولين إلى ثلاثة أقسام :

دلالة المطابقة ، ودلالة التضمن ، ودلالة الالتزام .

وأما أقسام المفرد : فالأصل أن يستعمل كل لفظ في الدلالة على معنى معين ، ولكن قد يكون عاماً كما يكون خاصاً للفظ معين ، وقد يكون متحد في الجنس وقد يكون مشترك ، وقد يكون حقيقي ومجازي .

2- المتباين والخاص والعام :

1- المتباين : ورد هذا المصطلح عند ابن تيميه معبراً عن الأسماء المختلفة الدالة على معاني مختلفة مثل السماء والأرض .

2- الخاص والعام :-

أ/ الخاص : يعرف ابن تيميه الخاص بأنه اللفظ الدال على واحد بعينه بخلاف العام والمطلق . وحيث أن الأصوليين يعرفونه بأنه اللفظ الذي وضع لمعنى واحد على سبيل الإنفراد .

وقد قصر شيخ الإسلام الخاص على المعين المعروف ،في حيث أن الخاص عند الأصوليين أوسع يشمل المعين وغير المعين ، وقد أخرج ابن تيميه من تعريفه للخاص المطلق الذي هو داخل في تعريف الأصوليين للمفرد .

ب/ العام : لم يجد المؤلف تعريفاً لابن تيميه بحرفية العام ، ونقل المؤلف صيغ العموم عن شيخ الإسلام مثل (متن ) وأسماء الجموع المعرفة ، وأسماء الجنس المعرفة ، وأسماء الشرط ، والأسماء الموصولة ، والنكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط ، والمتكلم باللفظ العام لابد أن يقوم بقلبه معنى عام مشترك ، فاللفظ لابد له من معنى .

جـ/ المتواطئ والمشترك : يعرف ابن تيميه الأسماء المتواطئة بأنها جمهور الأسماء الموجودة في اللغات ، وهي أسماء الأجناس اللغوية ، وهو الإسم المطلق على الشيء ما أشبهه سواء كان اسم عين أو صفة جامداً أو مشتقاً ...، كلها أسماء متواطئة ، وأعيان مسمياتها في الخارج متميزة ، ويرى أن الألفاظ المتواطئة تشترك في اللفظ والمعنى ، بعكس المشتركة فإنها تشترك في اللفظ دون المعنى ، ويعرف ابن تيميه المشترك بأنه اللفظ الدال على معنيين من غير أن يدل على معنى مشترك بينها ، وذكر شيخ الإسلام اختلاف الناس في وقوع المشترك في اللغة ، وقد ضعف شيخ الإسلام من قال بقوعه ، ونقل المؤلف مناقشة ابن تيميه للآمدي في ذلك ،ويرى شيخ الإسلام أن الألفاظ التي تطلق على الخالق والمخلوق هي من المتواطئ ، فإذا استعملت هذه الأسماء مقيدة خاصة معينة دلت على ما يختص به المسمى ، مثل (علم زيد ونزوله) وفائدةهذه المواطئه والمشاركة والمشابهة ،أن نفهم الغائب ونثبته وهذه خاصة العقل ، ولولا ذلك لم نعلم إلا ما نحسه ، ولم نعلم أموراً عامة ولا أموراً غائبة عن أحاسيسنا الظاهرة والباطنة .

وينبه شيخ الإسلام أن المشترك عنده هو المتشابه ، وهو سبب من أسباب اختلاف الناس سواء في التفسير أم في الحديث أم في خطاب الناس .

ويسمى الأسماء المشتركة في اللفظ بالوجوه والنظائر ، وضفوا في ذلك كتب الوجوه والنظائر في الأسماء المشتركة ، والأسماء المتواطئة .

4- الحقيقة والمجاز :

أ/ الحقيقة : تنقسم الحقيقة على ثلاثة أقسام : الحقيقة اللغوية ، والحقيقة الشرعية ، والحقيقة العرفية ، وإلى هذا أشار شيخ الإسلام ، والحد الذي ينتظم هذه الحقائق الثلاث هو اللفظ المستعمل فيما وضع له في إصطلاح التخاطب ، وهذا قيد مهم أشار إليه شيخ الإسلام .

الحقيقة اللغوية : هي استعمال اللفظ فيما وضع له أولاً في اللغة ،

أما الحقيقة الشرعية : فهي الألفاظ التي جرت في عرف الشارع على أنحاء لم تعهد في اللغة المحضة كالصلاة والصيام ونحوها ، واستنتج المؤلف من كلام ابن تيميه موقفه من الحقيقة الشرعية حيث : أنها باقية على استعمال أهل اللغة ، وليبست منقولة ، إلا أنها زيد فيها أمور .


وكذلك إنها منقولة إلى معان جديدة لم تكن العرب تعرفها ، وكذلك إن الشارع تصرف فما هذه الألفاظ الشرعية ، ولم يبقها على ما تقتضيه اللغة ، والشارع لم ينقلها ولم يقرها ،ولكن استعملها مقيدة فقط غير مطلقة .

أما الحقيقة العرقية : فيعرفها ابن تيميه (ما صار اللفظ دالاً فيها على المعنى بالعرف لا باللغة .)

ب/المجاز : مما اشتهر عن ابن تيميه إنكاره للمجاز ، وقد ذكر المؤلف أن شيخ الإسلام في هذه المسألة رأيان الأول أنه يرى بالمجاز إذا كان بدليل ، والرأي الثاني والأخير هو انكاره للمجاز ، واستنتج المؤلف أن إنكار ابن تيميه للمجاز يدور حول أربعة أطر ، الأول : مع المصطلح : حيث يرى ابن تيميه أن مصطلح المجاز هو عدم وروده عن سلف الأمة وعلمائها المتقدمين ، وأنه من صنيع المتأخرين وهم المعتزلة وظهر في أوائل المائة الثالثة وأشتهر في المائة الرابعة ، وهذا أول ما أثاره تمهيداً لانكاره المجاز ، والذي دعا شيخ الإسلام لانكاره المجاز هو عدم استقامته في معناه ، ولما يحمله من المفاسد الشرعية ، حيث أنه استندت عليه كثير من الفرق لبدعها .

الثاني : مع المفاهيم المجازية العامة :

وهذه المفاهيم هي أ/ الوضع والاستعمال : حيث نقل ابن تيميه عن القائلين بالمجاز أنه المستعمل في غيرما وضع له ، فيقرر عليهم أنهم احتاجوا إلى إثبات الوضع السابق على الاستعمال ، وهذا يتعذر ، ولايمكن لأحد أن ينقل عن العرب أو غيرهم أنهم اجتمعوا فوضعوا جميع هذه الأسماء ثم استعملوها في غير موضعها ، أما الإستعمال فيرى أن الألفاظ لا تستعمل إلا مقيدة ، وفي كل قيد هي حقيقة في ذلك المعنى ، وأنه لا وجود للألفاظ المطلقة ، وأن الاضافة من جنس التركيب ، وأن كل تركيب إضافي قد وضع وضعاً مستقلاً لا علاقة له بالتراكيب الإضافية الأخرى ولا بمفردات هذه التراكيب ، وقد سوى ابن تيميه بين نوعين من الإضافة وهما : ما أضيف فيه الشيء لما حقه أن يضاف إليه ، نحو : رأس الإنسان ورأس الجبل ، وقد نقل المؤلف عن أهل البلاغة مبحث القرينة في المجاز فقسموها إلى قرينة عقلية ، وعرفية ، ولفظية وقد نفي شيخ الإسلام هذه القرينة وفصل المؤلف في نقل ذلك .

الثالث / مع الفروق بين الحقيقة والمجاز : حيث ذكر أهل البلاغة فروقاً بين الحقيقة والمجاز حيث أن المجاز لا يفيد إلا مع قرينة ، ولا يقيد إلا مع تقييد ، ثم ذكر المؤلف عن ابن تيميه أمثلة على المجاز وكيفية رد شيخ الإسلام لذلك (ص240-249) .

5- الترادف : إن ابن تيميه رحمه الله من المثبتين للترادف في اللغة ، لكنه يقول أنه في اللغة قليل ، وقد أخرج كثيراً من الألفاظ المترادفة ، وجعلها تحت قسم الألفاظ المتكافئة ، ويرى أن الترادف في القرآن إما نادر أو معدوم لأن القرآن كتاب وهو أفصح كتاب وأبلغه وهو معجز في لفظه ونظمه ، وأما ما اثر من تفسير قسم من ألفاظ القرآن بألفاظ القرآن بألفاظ أخرى فليس من باب الترادف ، وإنما هو من باب التقريب كما يرى ابن تيميه رحمه الله .

الفصل الرابع : الكلام : دلالته وتأويله عند ابن تيميه .

1- طرق الدلالة : معروف في الأصول أن طرق الدلالة عند الشافعية تختلف عنها عند الحنفية ، فالشافعية (المتكلمون) يقسمونها على قسمين المنطوق والمفهوم ، والحنفية (الفقهاء ) يقسمونها إلى أربعة أقسام عبارة النص ، وإشارته ، واقتضاءه ، ودلالة النص .

أما موقف ابن تيميه منها ، فأما الدلالة بالمنطوق فقد أشار رحمه الله إلى دلالة المنطوق الصريح ودلالة الايحاء ، ودلالة الاشارة وهذا الأخير مما اشتهر به شيخ الإسلام ،وذلك لأنه يتحصل لقليل من العلماء ،لأنه يحتاج إلى إعمال الفكر والتأمل ، وقد ذكر ابن القيم أمثلة لذلك عن شيخه ابن تيميه ، أما دلالة الاقتضاء ، فلم يرى المؤلف ذكر ذلك عند ابن تيميه وقد يكون السبب إيثارة الابتعاد عن التصرف في النصوص بالزيادة فيها ، فهذه الدلالة مبناها على تقدير محذوفات يقتضيها السياق ، أما موقف ابن تيميه من المفهوم بشقيه مفهوم الموافقة والمخالفة ، فإنه رد على الظاهرية في إنكارهم لمفهوم الموافقة حيث أنهم لم يسبقهم أحد قبلهم بهذا الانكار ، وذكر عدة أمثلة لهذا المفهوم ، وقد وافق الجمهور في القول بدلالة مفهوم الموافقة (دلالة النص ) عند الحنفية ، أما مفهوم المخالفة فقد وافق فيه شيخ الإسلام مذهب الجمهور أي انه دليل مأخوذ به في الشرع .

وقد ذكر المؤلف أن هناك دلالات أخرى عند ابن تيميه قد يحصل الانسان له علم ومعرفة بها غير الكلام وهي : ودلالة لسان الحال ، وأن يكون الدال عالماً بالمدلول عليه ، لكنه لم يقصد إفهام مخاطب ، ولكن حاله دل المستدل على علمه كالبكاء والضحك ، وكذلك الدلالة التي يقصدها الدال بغير خطاب مسموع كاشارات الأخرس .

2- التأويل :

وهذا من المواضيع المهمة التي اهتم بها ابن تيميه لأنها تربط بين علم العقيدة واللغة ، وقد بين المؤلف موقف ابن تيميه من التأويل في النقاط التالية :

1- معاني التأويل : يذكر ابن تيميه رحمه الله للتأويل ثلاثة معان أحدهما : بمعنى تفسير الكلام وبيان معناه ، سواء وافق الظاهر أم خالفه ، والثاني هو نفس المراد بالكلام وحقيقته وما يؤول أمرة إليه ، والثالث حرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو الذي يتكلم عليه في أصول الفقه ، وهو الذي يتنازع عليه في باب الأسماء والصفات، وهذا التأويل الحادث يجر في كتب اللغة المتقدمة ، أما معنى التأويل في آية آل عمران ، فإنه لا يخرج عن المعنيين الأوليين ، والمعنى الثالث لم يكن يعرفه المتقدمون .

ثم ذكر المؤلف في البند الثاني موقف الفرق من التأويل ،

2- التأويل المقبول والمردود : لم يحرم ابن تيميه التأويل مطلقاً ، بل هناك تأويل مقبول وهو ما دل على مراد المتكلم ، وتأويل مردود ما كان بعيد عن التفسير قريباً إلى التحريف ، حيث كان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج مراد الله ورسوله التي هي نوع من تحريف الكلم عن مواضعه ، وقد بين المؤلف أنواع التأويلات الباطلة عند ابن تيميه رحمه الله وهي :

أ/ كل تأويل لم يحتمله اللفظ في أصل وضعه ، ولم تجربه العرب في خطابها كتأويلات الجهمية والقرامطة .

ب/ كل تأويل لم يحتمله اللفظ بحسب التركيب الخاص من تثنية وجمع ، كتأويل قوله تعالى (لما خلقت بيدي) بان اليدين هما القدرة أو النعمة .

جـ/ كل تأويل لا يحتمله السياق المعين ، وإن جاز في غيره كتأويل قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ) بأن إتيان الرب هو إتيان بعض آياته .

د/ كل تأويل لم يؤلف فيه استعمال اللفظ في ذلك المعنى في لغة التخاطب ، وإن كان هذا المعنى مألوفاً كاصطلاح خاص ، كتأويلات الفلاسفة ، واصطلاحاتهم .

هـ/التأويل الذي لا دليل عليه من سياق أو قرينة .

4-خطورة التأويل : حيث أن التأويل كان الباب المفتوح لكل بدعة ظهرت في الإسلام على يد الباطنية أو المتكلمين ، ومن سار على نهجهم من الطوائف الأخرى .

5- التأويل في باب الصفات : عرض المؤلف تاريخ مذهب المؤولة و (المعطلة للصفات ) وأورد شبههم والرد عليهم .

الفصل الخامس : المنهج النحوي عند ابن تيميه .

يبين المؤلف في جهود ابن تيميه النحوية ، ويبدأها بالسمات العامة حيث استنبطها المؤلف من مؤلفات ابن تيميه :-

1- من شواهد العربية :

أ/ النحو كان ابن تيميه رحمه الله شديد التمسك بما روى عن العرب لأنهم أهل اللغة وهم أعرف بلغتهم ، فالتمسك بما روى عنهم يتمثل المعين الأمثل لفهم الكتاب والسنة .

ب/ القرآن الكريم وقراءاته : يتميز ابن تيميه لكثرة استدلالاته بآياته القرآن الكريم ، فلا يكاد القارئ يجد مبحثاً لغوياً له إلا وآي الكتاب جزء كبير منه ، وقد أورد المؤلف عدة أمثلة تبين ذلك، أما موقف ابن تيميه من القراءات القرآنية فهو موقف القبول بها ، فلم يردها أو يصفها بالخطأ والقبح بمجرد أنها تخالف قاعدة نحوية ، وكان يقول : أن هذه القراءات التي يتغاير معناها كلها حق ، يجب الإيمان بها كلها .

جـ/ الحديث النبوي : ظهرت دعوى عدم الاحتجاج بالحديث النبوي ، عندما أكثر ابن مالك من الإستشهاد به ، وابن تيميه كان كغيره من السابقين ممن احتج بالحديث النبوي على قلة منه . وأورد المؤلف عدة أمثلة لذلك .

2- عدم تعصبه لمذهب معين : فلم يكن ابن تيميه فيما عرض له من مسائل الخلاف النحوي متعصباً لمذهب نحوي معين يدافع عنه ، إنما كان اختياره في مناصرة الرأي الذي يقصده الدليل ، وقد ذكر المؤلف عدة أمثلة تبين ذلك ومن تلك المسائل إضافة الموصوف إلى الصفة ، نحو دار الآخرة ، حيث أجازه الكوفيون ، وذهب البصريون إلى المنع لأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد ، وقد ذهب ابن تيميه إلى رأي الكوفيين ، وذلك لأن المحذوف الذي يقدره نحاة البصرة ليس في اللفظ ما يدل عليه ، وأن هذا الأسلوب له نظائر كثيرة في القرآن وكلام العرب .

3- نقده لآراء من سبقه .

1- مع سيبويه : ما اشتهر عن ابن تيميه أنه انتقد سيبويه في ثلاثين موضعاًَ في كتابه ، وكان هذا سبب الجفوة بين أبي حيان وابن تيميه ، والقصة مشهورة وقد شكك المؤلف في صحة القصة لعدة وجوه منها : ضرب ابن تيميه المثل بسيبويه وإمامته في فنه ، وتعظيمه لكتاب سيبويه ، وأنه لم يؤلف في العربية مثله ، وأيضاً ليس هناك ذكر لاسم ابن تيميه رحمه الله في تفسير ابن حيان ، إلا بعض الإشارات التي قد تكون عن ابن تيميه في بعض آرائه ، وقد تثبت المؤلف من صحة نسبتها لابن تيميه (ص377) .

وقد رد ابن تيميه على الزجاج والزمخشري في بعض المسائل النحوية .

4- حمله النصوص على ظاهرها الذي يوافق المعنى وبعده عن التكلف في التوجيه .

وهذه سمه يمكن إبرازها من خلال :

1- التقويم والتأخير : حيث أنه يقر أنه من خصائص لغة العرب ، ولا ينكره أحد، ولكنه مع ذلك هو خلاف الأصل ، فالأصل إبراز الكلام على نظمه وترتيبه لا تغيير ترتيبه ، ولا يجوز مخالفة الأصل إلا مع قرينه .

2- الحذف والتقدير : فإن من محاسن العرب كما يقول ابن تيميه أنها تحذف الكلام ما يدل المذكور عليه إختصاراً أو ايجازاً ، ولكن لا يسوغ إدعاء الحذف إلا إذا دل عليه دليل ، ومن أمثلة التقديرات المردودة تقدير المعطوف (إن نفعت الذكرى ) فالذي عليه المفسرون من السلف والجمهور إن قبلت الذكرى ، وما ورد عن تقدير معطوف : إن نفعت وإن لم تنفع فهذا مردود ، وتقدير المحذوف الذي يعزز المعنى ويقويه هو المقبول الذي لا خير فيه ، أما التقديرات التي لا يقتضيها المعنى فهذا مردود .

5- اعتماده على المعنى في التوجيه النحوي .

يرى ابن تيميه رحمه الله أن فائدة النحو هو تصحيح المعنى ، فالمعنى هو الغاية ، وصحة المعنى وقوته حكماً يلجأ إليها عند اختلاف الآراء .

6- ميله إلى البحث عن أسرار العربية في التعبير .

من الأشياء التي تدل على سعة إطلاع ابن تيميه في علم العربية ، هو وقوفه عند قوانينها والإطلاع على ما تحويه من أسرار في التعبير ومن هذه الأسرار :

أولاً / في نظم الكلام : (التقدم والتأخر ) : حيث يقول إن الابتداء يكون في كل مقام بما يناسبه ، فتارة : يقتضي الابتداء بالأعلى ، وتارة بالأدنى : ومن الأمثلة التي ذكرها ابن تيميه في الابتداء بالأدنى : قوله تعالى (يوم يفر المرء من أخيه ...الآية ) حيث بدأ بذكر الأدنى (الأخ) فلو ذكر الأقرب أولاً (الأب والأم ) والزوجة لم يكن في ذكر الأبعد فائدة طائلة .

وغيرها من الأمثلة التي ذكرها المؤلف .

ثانياً / في استعمال (من) الموصولة : مثل قوله تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ...) حيث يقول ابن تيميه : إن القرآن استعمل الإسم الموصول (من ) ، ولم يستعمل (ما) والسر في هذا الاستعمال (أنه لما اجتمع ما يعقل ، وما لا يعقل غلب ما يعقل ، وعبر عنه بـ(من) لتكون أبلغ فإنهم مع كونهم من أهل العلم والمعرفة ، لا يعلم أحد منهم الغيب إلا الله ) .

ثالثاً / في إعادة الإسم الظاهر بدل المضمر : مثل قوله تعالى (يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه ، قل قتال فيه كبير) فما الفائدة من إعادة ذكر لفظ القتال مع أنه يكتفي بضميره ، فيجيب ابن تيميه أن ذلك فيه بلاغة بديعية ، فلو اكتفى بالمضمر فقال هو كبير ، لتوهم اختصاص الحكم بذلك القتال المسؤول عنه ، وليس هو ذلك ، وإنما هو عام في كل قتال دفع في شهر حرام .

وغيرها من الوقفات البلاغية التي ذكرها المؤلف لشيخ الإسلام .

الفصل السادس : من المباحث النحوية عند ابن تيميه .

وقد رتب المؤلف المباحث التي استخلصها من مؤلفات ابن تيميه حسب ترتيب ألفية بن مالك فبدأ بالكلام وأقسامه ، ومعاني الحروف ، ثم مباحث الأسماء وهي باب المعرفة والنكرة . والتعريف ، وباب الضمائر ، وأسماء الاشارة ، والأسماء الموصولة ، والمعرف بأل ، وباب المبتدأ والخبر ، والنواسخ ، وما الحجازية ، وإن وأخواتها والاستثناء وأقسامه ، ومن باب الأسماء العاملة ، المصدر واسم الفاعل ، ومن مباحث الأفعال : أقسام الأفعال ، وافتقار الفعل إلى فاعل ، ودلالة الفعل المضارع ، وأدوات الشرط ، ومن مباحث الحروف حروف الجر ، وحروف العطف .

منقول