تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 25 من 25

الموضوع: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

    [عبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدين]
    ثم ذكر ﵀ تعالى آيات، ثم قال: وعبادة الله وحده لا شريك له، هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، قال تعالى: ﴿ولَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ﴾ [سورة النحل آية: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إلاَّ نُوحِي إلَيْهِ أنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ أنا فاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء آية: ٢٥]، وكان ﷺ يحقق التوحيد، ويعلمه أمته، حتى قال له
    رجل: ما شاء الله وشئت، قال: «أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده»، ونهى عن الحلف بغير الله، فقال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشر ك» ١ وقال في مرض موته: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ٢ يحذر ما صنعوا؛ وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد»، وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني» ٣.
    ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا الصلاة عندها، وذلك لأنه من أكبر أسباب عبادة الأوثان، وتعظيم القبور؛ ولهذا اتفق العلماء، على أنه من سلم على النبي ﷺ عند قبره، أنه لا يتمسح بحجرته، ولا يقبلها، لأنه إنما يكون ذلك لأركان بيت الله، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق؛ كل هذا لتحقيق التوحيد، الذي هو أصل الدين، ورأسه، الذي لا يقبل الله عملا إلا به، ويغفر لصاحبه، ولا يغفر لمن تركه، قال تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [سورة النساء آية: ٤٨] الآية.
    ولهذا كانت كلمة التوحيد، أفضل الكلام، وأعظمه، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [سورة البقرة آية: ٢٥٥]. وقال ﷺ: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة» ٤ والإله هو الذي تألهه القلوب، عبادة
    ١ الترمذي: النذور والأيمان (١٥٣٥)، وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٥١)، وأحمد (٢/‏٣٤،٢/‏٦٩،٢/‏٨٦،٢/‏١٢٥).
    ٢ البخاري: الجنائز (١٣٣٠)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١)، والنسائي: المساجد (٧٠٣)، وأحمد (١/‏٢١٨،٦/‏٣٤،٦/‏٨٠،٦/‏١٢١،٦/‏٢٥٢،٦/‏٢٥٥،٦/‏٢٧٤)، والدارمي: الصلاة (١٤٠٣).
    ٣ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢)، وأحمد (٢/‏٣٦٧).
    ٤ أبو داود: الجنائز (٣١١٦)، وأحمد (٥/‏٢٣٣،٥/‏٢٤٧).


    له، واستعانة به، ورجاء له، وخشية، وإجلالا، انتهى كلامه ﵀.
    فتأمل أول الكلام وآخره، وتأمل كلامه فيمن دعا نبيا أو وليا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغثني، ونحوه، أنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، هل يكون هذا إلا في المعين؟ والله المستعان؛ وتأمل كلامه في اللات والعزّى ومناة، وما ذكر بعده، يتبين لك الأمر، إن شاء الله تعالى.

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

    «قال عمرو بن عبسة: لما أتيت النبي ﷺ بمكة قلت: ما أنت؟ قال: نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يعبد الله لا يشرك به شيئ. قلت: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد»، ومعه يومئذ أبو بكر، وبلال.
    فهذا صيغة بدو الإسلام وعداوة الخاص والعام له، وكونه في غاية الغربة؛ ثم قد صح عنه ﷺ أنه قال: «بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ» ١. فمن تأمل هذا وفهمه، زالت عنه شبهات شياطين الإنس، الذين يجلبون على من آمن برسول الله ﷺ بخيل الشيطان ورجله.
    فاصبروا يا إخواني، واحمدوا الله على ما أعطاكم، من معرفة الله سبحانه، ومعرفة حقه على عباده، ومعرفة ملة أبيكم إبراهيم - في هذا الزمان - التي أكثرُ الناس منكر لها؛ واضرعوا إلى الله أن يزيدكم إيمانا ويقينا وعلما، وأن يثبت قلوبكم على دينه، وقولوا كما قال الصالحون، الذين أثنى الله عليهم في كتابه: ﴿رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الوَهّابُ﴾ [سورة آل عمران آية: ٨]
    ١ مسلم: الإيمان (١٤٥)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦)، وأحمد (٢/‏٣٨٩).
    واعلموا أن الله سبحانه، قد جعل للهداية والثبات أسبابا، كما جعل للضلال والزيغ أسبابا؛ فمن ذلك: أن الله سبحانه أنزل الكتاب، وأرسل الرسول، ليبين للناس ما اختلفوا فيه، كما قال تعالى: ﴿وما أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ إلّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وهُدىً ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [سورة النحل آية: ٦٤] فبإنزال الكتب، وإرسال الرسول، قطع العذر، وأقام الحجة، كما قال تعالى: ﴿ئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [سورة النساء آية: ١٦٥]
    فلا تغفلوا عن طلب التوحيد وتعلمه، واستعمال كتاب الله وإجالة الفكر فيه؛ وقد سمعتم من كتاب الله ما فيه عبرة، مثل قولهم: نحن موحدون، نعلم أن الله هو النافع الضار، وأن الأنبياء وغيرهم لا يملكون نفعا ولا ضرا، لكن نريد الشفاعة، وسمعتم ما بين الله في كتابه، في جواب هذا، وما ذكر أهل التفسير وأهل العلم، وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا، وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله، لكن نريد بجاههم؛ وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله.
    وقد منّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا كله، سمعتم إقرارهم أن هذا الذي يفعل في الحرمين، والبصرة، والعراق، واليمن، أن هذا شرك بالله، فأقروا لكم أن هذا الدين الذي ينصرون أهله، ويزعمون أنهم

    السواد الأعظم، أقروا لكم أن دينهم هو الشرك.
    وأقروا لكم أيضا أن التوحيد الذي يسعون في إطفائه، وفي قتل أهله وحبسهم، أنه دين الله ورسوله؛ وهذا الإقرار منهم على أنفسهم، من أعظم آيات الله، ومن أعظم نعم الله عليكم، ولا يبقى شبهة مع هذا إلا للقلب الميت، الذي طبع الله عليه، وذلك لا حيلة فيه.
    ولكنهم يجادلونكم اليوم بشبهة واحدة، فأصغوا لجوابها، وذلك أنهم يقولون: كل هذا حق، نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير، والقتال؛ والعجب ممن يخفى عليه جواب هذا! إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره، وقتل من أمر به وحبسهم، كيف لا يكفر من أمر بحبسهم؟! كيف لا يكفر من جاء إلى أهل الشرك، يحثهم على لزوم دينهم وتزيينه لهم؟! ويحثهم على قتل الموحدين، وأخذ مالهم، كيف لا يكفر، وهو يشهد أن هذا الذي يحث عليه، أن الرسول ﷺ أنكره ونهى عنه؟! وسماه الشرك بالله، ويشهد أن هذا الذي يبغضه، ويبغض أهله، ويأمر المشركين بقتلهم، هو دين الله ورسوله!.
    واعلموا: أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين ولو لم يشرك، أكثر من أن تحصر، من كلام الله، وكلام رسوله،

    وكلام أهل العلم كلهم.
    وأنا أذكر لكم آية من كتاب الله، أجمع أهل العلم على تفسيرها، وأنها في المسلمين، وأن من فعل ذلك فهو كافر في أي زمان كان، قال تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ إلّا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمانِ﴾ [سورة النحل آية: ١٠٦] إلى آخر الآية وفيها ﴿ذَلِكَ بِأنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الحَياةَ الدُّنْيا عَلى الآخِرَةِ﴾ [سورة الأنفال آية: ٢٣]؛ فإذا كان العلماء، ذكروا أنها نزلت في الصحابة لما فتنهم أهل مكة؛ وذكروا: أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه، مع بغضه لذلك وعداوة أهله، لكن خوفا منهم، أنه كافر بعد إيمانه؛ فكيف بالموحد في زماننا، إذا تكلم في البصرة، أو الإحساء، أو مكة، أو غير ذلك خوفا منهم، لكن قبل الإكراه؛ وإذا كان هذا يكفر، فكيف بمن صار معهم، وسكن معهم، وصار من جملتهم؟! فكيف بمن أعانهم على شركهم، وزينه لهم؟ فكيف بمن أمر بقتل الموحدين، وحثهم على لزوم دينهم؟
    فأنتم وفقكم الله تأملوا هذه الآية، وتأملوا من نزلت فيه، وتأملوا إجماع العلماء على تفسيرها، وتأملوا ما جرى بيننا وبين أعداء الله، نطلبهم دائما الرجوع إلى كتبهم التي بأيديهم، في مسألة التكفير والقتال، فلا يجيبوننا إلا بالشكوى عند الشيوخ، وأمثالهم؛ والله أسأل أن يوفقكم

    لدينه القيم، ويرزقكم الثبات عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

    [ذكر ما في قصة عمرو بن عبسة من الفوائد]
    وقال أيضا ﵀ تعالى:
    ذكر ما في قصة عمرو بن عبسة من الفوائد:
    الأولى: كون الشرك يعرف قبحه بالفطرة، لقوله: كنت أظن الناس ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان. الثانية: الحرص على طلب العلم، لأنه سبب للخير، وفسر به قوله: ﴿ولَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ﴾ [سورة الأنفال آية: ٢٣]، لقوله: فسمعت أن رجلا بمكة يخبر أخبارا فقعدت على راحلتي، فوجدته مختفيا، فتلطفت حتى دخلت عليه.
    الثالثة: قوله فقلت له: ما أنت؟ قال: «نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله ﷿» ١. فهذه المسألة هي أصل العلوم كلها، وهي فهم القلب فهما جيدا أن الله أرسل إليك رسولا، فإذا عرفتها هان عليك ما بعدها. الرابعة: قوله: بأي شيء أرسلك؟ قال: «بكذا وكذا» وهذه توضح ما قبلها بالفعل.
    الخامسة: قوله: «بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يعبد الله لا يشرك به شيء» ٢. الأول: حق الخلق، والثاني حق الخالق، وذكر هذه مع هذه، تفسير سياسة المدعو والرفق به، والتلطف في إدخال الخير إلى قلبه؛
    ١ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٨٣٢)، وأحمد (٤/‏١١٢).
    ٢ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٨٣٢)، وأحمد (٤/‏١١٢).
    والثاني فيها تعريف الأمر قبل الدخول فيه، لأن الداخل لا يستقيم له الدخول إلا بمعرفته ولو صعب. السادسة: حسن فهم عمرو، لقوله: من معك على هذا؟ السابعة: قوله حر وعبد، والله أعلم.

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

    [أربعة وعشرون مسألة شنع بها الأعداء]
    وله أيضا أسكنه الله الفردوس الأعلى:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من محمد بن عبد الوهاب، إلى عبد الله بن سحيم، وبعد: أتانا مكتوبك، وما ذكرت فيه من ذكرك، وما بلغك؛ ولا يخفاك أن المسائل التي ذكرت أنها بلغتكم، في كتاب من العارض، جملتها أربع وعشرون مسألة، بعضها حق، وبعضها بهتان وكذب.
    وقبل الكلام فيها، لا بد من تقديم أصل؛ وذلك: أن أهل العلم إذا اختلفوا، والجهال إذا تنازعوا، ومثلي ومثلكم إذا اختلفنا في مسألة، هل الواجب اتباع أمر الله ورسوله، وأهل العلم؟ أو الواجب اتباع عادة الزمان، الذي أدركنا الناس عليها، ولو خالفت ما ذكره العلماء في جميع كتبهم؟
    وإنما ذكرت هذا - ولو كان واضحا - لأن بعض المسائل التي ذكرت أنا قلتها، لكن هي موافقة لما ذكره العلماء في كتبهم، الحنابلة وغيرهم، ولكن هي مخالفة لعادة الناس التي نشؤوا عليها، فأنكرها علي من أنكرها، لأجل مخالفة العادة، وإلا فقد رأوا تلك في كتبهم عيانا، وأقروا بها وشهدوا أن كلامي هو الحق، لكن أصابهم ما أصاب الذين قال الله فيهم: ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾ [سورة البقرة آية: ٨٩] وهذا هو ما نحن فيه بعينه؛ فإن الذي راسلكم، هو عدو الله ابن سحيم وقد بينت ذلك له فأقر به؛ وعندنا كتبه بيده في رسائل متعددة، أن هذا هو الحق وأقام على ذلك سنين، لكن أنكر آخر الأمر، لأسباب أعظمها: البغي أن ينْزل الله من فضله على من يشاء من عباده، وذلك أن العامة قالوا له ولأمثاله: إذا كان هذا هو الحق، فلأي شيء لم تنهونا عن عبادة شمسان وأمثاله؟ فتعذروا: إنكم ما سألتمونا، قالوا: وإن لم نسألكم، كيف نشرك بالله عندكم، ولا تنصحونا؟ وظنوا أنه يأتيهم في هذا غضاضة، وأن فيه شرفا لغيره.
    وأيضا: لما أنكرنا عليهم أكل السحت والرشا، إلى غير ذلك من الأمور، فقام يدخل عندكم وعند غيركم بالبهتان، والله ناصر دينه ولو كره المشركون، وأنت لا تستهون مخالفة العادة على العلماء فضلا عن العوام؛ وأنا أضرب لك مثلا بمسألة واحدة، وهي: مسألة

    الاستجمار ثلاثا فصاعدا، من غير عظم ولا روث، وهو كاف مع وجود الماء، عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو إجماع الأمة، لا خلاف في ذلك، ومع هذا لو يفعله أحد، لصار هذا عند الناس أمرا عظيما، ولنهوا عن الصلاة خلفه، وبدعوه، مع إقرارهم بذلك، ولكن لأجل العادة.
    إذا تبين هذا، فالمسائل التي شنع بها، منها ما هو من البهتان الظاهر، وهي قوله: إني مبطل كتب المذاهب، وقوله: إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وقوله: إني أدعي الاجتهاد، وقوله: إني خارج عن التقليد، وقوله: إني أقول إن اختلاف العلماء نقمة، وقوله: إني أكفّر من توسل بالصالحين، وقوله: إني أكفّر البوصيري، لقوله يا أكرم الخلق، وقوله: إني أقول: لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة، لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزابا من خشب، وقوله: إني أنكر زيارة قبر النبي ﷺ، وقوله: إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم، وإني أكفر من حلف بغير الله؛ فهذه اثنتا عشرة مسألة، جوابي فيها أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
    ولكن قبله من بهت النبى محمدا ﷺ أنه يسب عيسى بن مريم، ويسب الصالحين، تشابهت قلوبهم، وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار، فأنزل الله في

    ذلك: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الحُسْنى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ الآية [سورة الأنبياء آية: ١٠١]
    وأما المسائل الأخر، وهي: أني أقول لا يتم إسلام الإنسان، حتى يعرف معنى لا إله إلا الله، ومنها أني أعرف من يأتيني بمعناها؛ ومنها: أني أقول الإله هو الذي فيه السر، ومنها: تكفير الناذر، إذا أراد به التقرب لغير الله، وأخذ النذر كذلك، ومنها: أن الذبح للجن كفر، والذبيحة حرام، ولو سمى الله عليها إذا ذبحها للجن. فهذه خمس مسائل كلها حق، وأنا قلتها، ونبدأ بالكلام عليها، لأنها أم المسائل وقبل ذلك ذكر معنى لا إله إلا الله.
    فنقول: التوحيد نوعان: توحيد الربوبية وهو: أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير، عن الملائكة والأنبياء وغيرهم؛ وهذا حق لا بد منه، لكن لا يُدخل الرجل في الإسلام، لأن أكثر الناس مقرون به، قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبْصارَ﴾ [سورة يونس آية: ٣١] إلى قوله: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾.
    وإنما الذي يُدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية، وهو أن لا يعبد إلا الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وذلك أن النبي ﷺ بُعث وأهل الجاهلية يعبدون أشياء مع الله، فمنهم من يدعو الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى، ومنهم من يدعو الملائكة، فنهاهم عن هذا،


    وأخبرهم: أن الله أرسله ليوحَّد، ولا يدعى أحد من دونه، لا الملائكة ولا الأنبياء.
    فمن تبعه ووحد الله فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة، واستنصرهم، والتجأ إليهم، فهو الذي جحد لا إله إلا الله، مع إقراره أنه لا يخلق، ولا يرزق إلا الله؛ وهذه جملة لها بسط طويل، لكن الحاصل: أن هذا مجمع عليه بين العلماء. ولما جرى في هذه الأمة، ما أخبر نبيها ﷺ حيث قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» ١، وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ﴾ ٢.
    فصار ناس من الضالين، يدعون أناسا من الصالحين، في الشدة والرخاء، مثل عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وعدي بن مسافر، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح، فأنكر عليهم أهل العلم غاية الإنكار وزجروهم عن ذلك، وحذروهم غاية التحذير والإنذار، من جميع المذاهب الأربعة، في سائر الأقطار والأمصار، فلم يحصل منهم انزجار، بل استمروا على ذلك غاية الاستمرار.
    أما الصالحون الذين يكرهون ذلك، فحاشاهم من
    ١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦)، ومسلم: العلم (٢٦٦٩)، وأحمد (٣/‏٨٤،٣/‏٨٩).
    ٢ سورة التوبة آية: ٣١.


    ذلك؛ وبين أهل العلم أن مثل هذا هو الشرك الأكبر، وأنت ذكرت في كتابك: ما تقول يا أخي؟ ما لنا والله دليل إلا من كلام أهل العلم؛ وأنا أقول: كلام أهل العلم رضى، وأنا أنقله لك، وأنبهك عليه، فتفكر فيه، وقم لله ساعة ناظرا ومناظرا مع نفسك، ومع غيرك.
    فإن عرفت أن الصواب معي، وأن دين الإسلام اليوم من أغرب الأشياء - أعني دين الإسلام الصرف، الذي لا يمزج بالشرك والبدع، وأما الإسلام الذي ضده الكفر، فلا شك أن أمة محمد ﷺ آخر الأمم، وعليها تقوم الساعة - فإن فهمت أن كلامي هو الحق فاعمل لنفسك؛ واعلم أن الأمر عظيم، والخطب جسيم، فإن أشكل عليك شيء، فسفرك إلى المغرب في طلبه غير كثير، واعتبر لنفسك حيث كتبت لي فيما مضى، أن هذا هو الحق الذي لا شك فيه، لكن لا نقدر على التغيير، وتكلمت بكلام حسن.
    فلما غربلك الله بولد المويس، ولبس عليك، وكتب لأهل الوشم يستهزئ بالتوحيد، ويزعم أنه بدعة، وأنه خرج من خراسان، ويسب دين الله ورسوله، لم تفطن لجهله وعظم ذنبه، وظننت أن كلامي فيه من باب الانتصار للنفس؛ وكلامي هذا لا يغيرك، فإن مرادي أن تفهم أن الخطب جسيم، وأن أكابر أهل العلم يتعلمون هذا،

    ويغلطون فيه فضلا عنا وعن أمثالنا، فلعله إن أشكل عليك تواجهني، هذا إن عرفت أنه حق.
    وإن كنت إذا نقلت لك عبارات العلماء، عرفت أني لم أفهم معناها، وأن الذي نقلت لك كلامهم أخطؤوا، وأنهم خالفهم أحد من أهل العلم، فنبهني على الحق، وأرجع إليه إن شاء الله تعالى.
    فنقول: قال الشيخ تقي الدين: وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر، ومن أهل العبادة، حتى قلبوا حقيقته: فطائفة ظنت أن التوحيد هو نفي الصفات، وطائفة ظنوا أنه الإقرار بتوحيد الربوبية.
    ومنهم من أطال في تقرير هذا الموضع، وظن أنه بذلك قرر الوحدانية، وأن الألوهية هي القدرة على الاختراع ونحو ذلك، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد، قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الأرْضُ ومَن فِيها إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ١ الآيات؛ وهذا حق لكن لا يخلص به عن الإشراك بالله الذي لا يغفره الله، بل لا بد أن يخلص الدين لله، فلا يعبد إلا الله، فيكون دينه لله؛ والإله هو المألوه الذي تألهه القلوب؛ وأطال ﵀ الكلام.
    وقال أيضا في «الرسالة السنية» التي أرسلها إلى
    ١ سورة المؤمنون آية: ٨٤.


    طائفة من أهل العبادة، ينتسبون إلى بعض الصالحين، ويغلون فيه، فذكر حديث الخوارج، ثم قال: فإذا كان في زمن النبي ﷺ وخلفائه الراشدين، ممن ينتسب إلى الإسلام، من مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم: أن المنتسب إلى الإسلام قد يمرق من الدين وذلك بأمور منها: الغلو الذي ذمه الله، مثل الغلو في عدي بن مسافر أو غيره، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه، فكل من غلا في نبي، أو صحابي، أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا في حسبك، ونحو هذا، فهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
    فإن الله سبحانه إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعبد وحده ولا يُدعى معه إله آخر؛ والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل الشمس والقمر، والصالحين، والتماثيل المصورة على صورهم، لم يكونوا يعتقدون أنها تنْزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ فبعث الله الرسل، وأنزل الكتب تنهى أن يُدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة؛ وأطال الكلام ﵀. فتأمل كلامه في أهل عصره من أهل النظر، الذين يدّعون العلم، ومن أهل العبادة الذين يدّعون الصلاح.

    وقال في «الاقناع» - في باب حكم المرتد، في أوله -: فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته، أو وحدانيته، إلى أن قال: أو استهزأ بالله أو رسله، قال الشيخ: أو كان مبغضا لرسوله، أو لما جاء به اتفاقا، وقال: أو جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويتوكل عليهم، ويسألهم، كفر إجماعا، إلى أن قال: أو أنكر الشهادتين أو إحداهما … فتأمل هذا الكلام بشراشر قلبك، وتأمل: هل قالوا هذا في أشياء وجدت في زمانهم واشتد نكيرهم على أهلها، أو قالوها ولم تقع؟ وتأمل الفرق بين جحد الربوبية والوحدانية، والبغض لما جاء به الرسول.
    وقال أيضا في أثناء الباب: ومن اعتقد أن لأحد طريقا إلى الله، غير متابعة محمد ﷺ، أو لا يجب عليه اتباعه، أو أن لغيره خروجا عن اتباعه، أو قال: أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أو قال: إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، كفر في هذا كله. ولو تعرف من قال هذا الكلام فيه، وجزم بكفرهم، وعلمت ما هم عليه من الزهد والعبادة، وأنهم عند أكثر أهل زماننا من أعظم الأولياء، لقضيت العجب.
    وقال أيضا في الباب: ومن سب الصحابة، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي، أو أن جبرائيل غلط، فلا

    شك في كفر هذا، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره؛ فتأمل هذا؛ إذا كان كلامه هذا في علي، فكيف بمن ادعى أن ابن عربي، أو عبد القادر إلها؟! وتأمل كلام الشيخ في معنى الإله الذي تألهه القلوب.
    واعلم: أن المشركين في زماننا، قد زادوا على الكفار في زمن النبي ﷺ بأنهم يدعون الأولياء والصالحين، في الرخاء والشدة، ويطلبون منهم تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، مع كونهم يدعون الملائكة والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتقرب بهم، وإلا فهم مقرّون بأن الأمر لله؛ فهم لا يدعونهم إلا في الرخاء، فإذا جاءتهم الشدائد أخلصوا لله، قال الله تعالى: ﴿وإذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلّا إيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُمْ إلى البَرِّ أعْرَضْتُمْ﴾ ١ الآية.
    وقال أيضا في الإقناع، في الباب: ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله، وهو عقد ورقى، وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه أو عقله، ومنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته، فيمنعه وطأها، ومنه ما يبغّض أحدهما للآخر، ويحبب بين اثنين.
    ويكفر بتعلمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه، أو إباحته؛ فتأمل هذا الكلام، ثم تأمل ما جرى في الناس،
    ١ سورة الإسراء آية: ٦٧.


    خصوصا الصرف، والعطف، تعرف أن الكفر ليس ببعيد. وعليك بتأمل هذا الباب في الإقناع وشرحه، تأملا جيدا، وقف عند المواضع المشكلة، وذاكر فيها كما تفعل في باب الوقف والإجارة، يتبين لك إن شاء الله أمر عظيم.
    وأما الحنفية، فقال الشيخ قاسم، في «شرح درر البحار»: النذر الذي يقع من أكثر العوام، وهو أن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء، قائلا: يا سيدي فلان، إن رد غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك كذا، وكذا، باطل إجماعا لوجوه؛ منها: أن النذر للمخلوق لا يجوز.
    ومنها: ظن أن الميت يتصرف في الأمر، واعتقاد هذا كفر، إلى أن قال: إذا عرف هذا، فما يؤخذ من الدراهم والشمع، والزيت ونحوها، وينقل إلى ضرائح الأولياء، فحرام بإجماع المسلمين؛ وقد ابتلي الناس، لا سيما في مولد أحمد البدوي؛ فتأمل قول صاحب النهر، مع أنه بمصر، ومقر العلماء، كيف شاع بين أهل مصر ما لا قدرة للعلماء على دفعه فتأمل قوله من أكثر العوام، أتظن أن الزمان صلح بعده؟
    وأما المالكية، فقال الطرطوشي، في كتاب «الحوادث والبدع»: روى البخاري عن أبي واقد الليثي، قال: "خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها، وينوطون بها

    أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال: الله أكبر! هذا كما قال بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من قبلكم». فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة يقصدها الناس، وينوطون بها الخرق، فهي ذات أنواط، فاقطعوها.
    وقال ﷺ:«بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس» ١، ومعنى هذا: أن الله لما جاء بالإسلام، فكان الرجل إذا أسلم في قبيلته، غريبا مستخفيا بإسلامه، قد جفاه العشيرة، فهو بينهم ذليل خائف، ثم يعود غريبا، لكثرة الأهواء المضلة، والمذاهب المختلفة، حتى يبقى أهل الحق غرباء في الناس، لقلتهم وخوفهم على أنفسهم.
    وروى البخاري، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: (والله ما أعرف فيهم من أمر محمد، إلا أنهم يصلون جميعا)؛ وذلك: أنه أنكر أكثر أفعال أهل عصره وقال الزهري: «دخلت على أنس بن مالك بدمشق، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: ما أعرف فيهم شيئا مما أدركت، إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت». انتهى كلام الطرطوشي.
    فليتأمل اللبيب هذه الأحاديث، وفي أي زمان قيلت،
    ١ مسلم: الإيمان (١٤٥)، وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦)، وأحمد (٢/‏٣٨٩).


    وفي أي مكان، وهل أنكرها أحد من أهل العلم؟ والفوائد فيها كثيرة، ولكن مرادي منها ما وقع من الصحابة، وقول الصادق المصدوق، إنه مثل كلام الذين اختارهم الله على العالمين لنبيهم: اجعل لنا إلها.
    يا عجبا إذا جرى هذا من أولئك السادة، كيف ينكر علينا أن رجلا من المتأخرين غلط في قوله: يا أكرم الخلق؛ كيف تعجبون من كلامي فيه، وتظنونه خيرا وأعلم منهم؟ ولكن هذه الأمور لا علم لكم بها، وتظنون أن من وصف شركا أو كفرا، أنه الكفر الأكبر المخرج عن الملة. ولكن أين كلامك هذا من كتابك، الذي أرسلت إلي قبل أن يغربلك الله بصاحب الشام؟ وتذكر وتشهد أن هذا هو الحق، وتعتذر أنك لا تقدر على الإنكار؛ ومرادي أبين لك كلام «الطرطوشي» ما وقع في زمانه من الشرك بالشجر، مع كونه في زمن القاضي أبي يعلى، أتظن الزمان صلح بعده؟!
    وأما كلام الشافعية، فقال الإمام محدث الشام أبو شامة، في كتاب «الباعث على إنكار البدع والحوادث» وهو في زمن الشارح، وابن حمدان: وقد وقع من جماعة من النابذين لشريعة الإسلام، المنتمين إلى الفقر، الذي حقيقته الافتقار من الإيمان، من اعتقادهم في مشايخ لهم ضالين مضلين، فهم داخلون تحت قوله: {أمْ لَهُمْ شُرَكاء

    شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ١؛وبهذا الطريق وأمثالها، كان مبادي ظهور الكفر، من عبادة الأصنام وغيرها.
    ومن هذا القسم، ما قد عم الابتلاء به، من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان، والعمد، وسرج مواضع في كل بلد، يحكي لهم حاك: أنه رأى في منامه أحدا ممن شهر بالصلاح؛ فيفعلون ذلك، ويظنون أنهم يتقربون إلى الله، ثم يجاوزون ذلك، إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لهم، وهي ما بين عيون، وشجر، وحائط وحجر.
    وفي دمشق - صانها الله من ذلك - مواضع متعددة، كعوينة الحمى، والشجرة الملعونة خارج باب النصر، سهل الله قطعها، فما أشبهها بذات أنواط؛ ثم ذكر كلاما طويلا - إلى أن قال: أسأل الله الكريم معافاته من كل ما يخالف رضاه، ولا يجعلنا ممن أضله فاتخذ إلهه هواه. فتأمل ذكره في هذا النوع، أنه نبذ لشريعة الإسلام، وأنه خروج عن الإيمان، ثم ذكر أنه عم الابتلاء به في الشام.
    فأنت قل لصاحبكم: هؤلاء العلماء من الأئمة الأربعة، ذكروا أن الشرك عم الابتلاء به وغيره، وصاحوا
    ١ سورة الشورى آية: ٢١.


    بأهله من أقطار الأرض، وذكروا أن الدين عاد غريبا؛ فهو بين اثنين: إما أن يقول كل هؤلاء العلماء جاهلون، ضالون مضلون، خارجون؛ وإما أن يدعي أن زمانه، وزمان مشايخه صلح بعد ذلك.
    ولا يخفاك: أني عثرت على أوراق، عند ابن عزاز، فيها إجازات له من عند مشايخه، وشيخ مشايخه، رجل يقال له: عبد الغني، ويثنون عليه في أوراقهم، ويسمونه العارف بالله؛ وهذا اشتهر عنه أنه على دين ابن عربي، الذي ذكر العلماء أنه أكفر من فرعون، حتى قال ابن المقري الشافعي: من شك في كفر طائفة ابن عربي فهو كافر.
    فإذا كان إمام دين ابن عربي والداعي إليه، هو شيخهم، ويثنون عليه أنه العارف بالله، فكيف يكون الأمر؟! ولكن أعظم من هذا كله، ما تقدم عن أبي الدرداء وأنس، وهما بالشام، ذلك الكلام فيه العظيم، واحتج به أهل العلم، على أن زمانهم أعظم؛ فكيف بزماننا؟
    وقال ابن القيم ﵀، في الهدي النبوي، في الكلام على حديث وفد الطائف لما أسلموا، وسألوا النبي ﷺ أن يترك لهم اللات لا يهدمها سنة، ولما تكلم ابن القيم على المسائل المأخوذة من القصة، قال: ومنها: أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت، بعد القدرة على هدمها وإبطالها، يوما واحدا؛ فإنها شعائر الشرك

    والكفر، وهي أعظم المنكرات؛ فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة.
    وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتبرك والنذر والتقبيل؛ لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض، مع القدرة على إزالته؛ وكثير منها بمنْزلة اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم شركا عندها وبها. والله المستعان.
    ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت، يعتقد أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم؛ فاتبع هؤلاء سنن من قبلهم، وسلكوا سبيلهم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة.
    وغلب الشرك على أكثر النفوس، لغلبة الجهل، وخفاء العلم، وصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، انتهى كلامه.

    وقال أيضا في الكلام على هذه القصة، لما ذكر «أن النبي ﷺ أخذ مال اللات وصرفه في المصالح»: ومنها: جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه الطواغيت في الجهاد، ومصالح المسلمين؛ فيجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تصرف إليها، ويصرفها على الجند والمقاتلة، ومصالح المسلمين، كما أخذ النبي ﷺ أموال اللات.
    وكذا الحكم في وقفها، والوقف عليها باطل، وهو مال ضائع، فيصرف في مصالح المسلمين؛ فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ولرسوله، فلا يصح على مشهد ولا قبر يسرج عليه، ويعظم وينذر له، ويعبد من دون الله؛ وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الدين، ومن اتبع سبيلهم، انتهى كلامه.
    فتأمل كلام هذا الرجل الذي هو من أهل العلم، وهو أيضا من أهل الشام، كيف صرح أنه ظهر في زمانه فيمن يدعي الإسلام في الشام وغيره، عبادة القبور، والمشاهد، والأشجار، والأحجار، التي هي أعظم من عبادة اللات، والعزى، أو مثلها، وأن ذلك ظهر ظهورا عظيما، حتى غلب الشرك على أكثر النفوس، وحتى صار الإسلام غريبا، بل اشتدت غربته.

    أين هذا من قول صاحبكم لأهل الوشم في كتابه - لما ذكروا له: إن في بلدانكم شيئا من الشرك -: يأبى الله أن يكون ذلك في المسلمين؟ وكلام هؤلاء الأئمة من أهل المذاهب الأربعة، أعظم وأعظم وأطم، مما قال ابن عبدان وصاحبه، في أهل زمانهما، أفترى هؤلاء العلماء أتوا فرية عظيمة، ومقالة جسيمة؟ فهذا ما يسر الله نقله، من كلام أهل العلم، على سبيل العجلة.
    فأنت تأمله تأملا جيدا، واجعل تأملك لله، مستعيذا بالله من اتباع الهوى، ولا تفعل فعلك أولا، ولما ذكرت لك: أنك تأمل كلامي وكلامه، فإن كان كلامي صحيحا لا مجازفة فيه، وأن شاميكم لا يعرف معنى لا إله إلا الله، ولا يعرف عقيدة الإمام أحمد، وعقيدة الذين ضربوه، فاعرف قدره، فهو بغيره أجهل؛ واعرف أن الأمر أمر جليل، فإن كان كلامي باطلا، ونسبت رجلا من أهل العلم إلى هذه الأمور العظيمة، بالكذب والبهتان، فالأمر أيضا عظيم، فأعرضت عن ذلك كله، وكتبت لي كتابا في شيء آخر.
    فإن كان مرادك اتباع الهوى - أعاذنا الله منه -، وأنك مع ولد المويس كيف كان، فاترك الجواب، فإن بعض الناس يذكرون عنك، أنك صرت معه، لأجل شيء من أمور الدنيا؛ وإن كنت مع الحق، فلا أعذرك من تأمل

    كلامي هذا، وكلامي الأول، وتعرضهما على كلام أهل العلم، وتحرره تحريرا جيدا، ثم تتكلم بالحق.
    إذا تقرر هذا، فخمس المسائل التي قدمت جوابها في كلام العلماء، وأضيف إليها مسألة سادسة، وهي: إفتائي بكفر شمسان وأولاده، ومن شابههم، وسميتهم طواغيت؛ وذلك أنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله، عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى بأضعاف، وليس في كلامي مجازفة، بل هو الحق، لأن عبادة اللات والعزى، يعبدونها في الرخاء، ويخلصون لله في الشدة، وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياهم، في شدائد البر والبحر.
    فإن كان الله أوقع في قلبك معرفة الحق، والانقياد له، والكفر بالطاغوت، والتبرؤ ممن خالف هذه الأصول، ولو كان أباك أو أخاك، فاكتب لي وبشرني، لأن هذا ليس مثل الخطأ في الفروع؛ بل ليس الجهل بهذا، فضلا عن إنكاره، مثل الزنى والسرقة، بل والله ثم والله ثم والله، إن الأمر أعظم؛ وإن وقع في قلبك إشكال، فاضرع إلى مقلب القلوب، أن يهديك لدينه ودين نبيه.

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدرر السنية فى الاجوبة النجدية

    وأما بقية المسائل، فالجواب عنها ممكن، إذا خلصنا من شهادة أن لا إله إلا الله، وبيننا وبينكم كلام أهل العلم؛ لكن العجب من قولك: إني هادم قبور الصحابة؛ وعبارة «الإقناع» في الجنائز: يجب هدم القباب التي على القبور،
    لأنها أسست على معصية الرسول،؛ والنبي ﷺ صح عنه: أنه بعث عليا لهدم القبور؛ ومثل صاحب كتابكم، لو كتب لكم: أن ابن عبد الوهاب ابتدع، لأنه أنكر على رجل تزوج أخته، فالعجب كيف راج عليكم كلامه فيه؟!
    وأما قولي: إن الإله الذي فيه السر؛ فمعلوم: أن اللغات تختلف، فالمعبود عند العرب، والإله الذي يسمونه عوامنا السيد، والشيخ، والذي فيه السر؛ والعرب الأولون: يسمون الألوهية ما يسمون عوامنا السر، لأن السر عندهم هو القدرة على النفع والضر، وكونه يصلح أن يدعى ويرجى، ويخاف ويتوكل عليه.
    فإذا قال رسول الله ﷺ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ١، وسئل بعض العامة: ما فاتحة الكتاب؟ ما فسرت له إلا بلغة بلده؛ فتارة تقول: هي فاتحة الكتاب، وتارة تقول: هي أم القرآن، وتارة تقول: هي الحمد؛ وأشباه هذه العبارات التي معناها واحد، ولكن إن كان السر في لغة عوامنا ليس هذا، وأن هذا ليس هو الإله في كلام أهل العلم، فهذا وجه الإنكار، فبينوا لنا.
    ١ البخاري: الأذان (٧٥٦)، ومسلم: الصلاة (٣٩٤)، والترمذي: الصلاة (٢٤٧)، والنسائي: الافتتاح (٩١٠،٩١١)، وأبو داود: الصلاة (٨٢٢)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٣٧)، وأحمد (٥/‏٣١٦،٥/‏٣٢١)، والدارمي: الصلاة (١٢٤٢).


    [تصريح الشيخ ابن عبد الوهاب بكفر ابن سحيم]
    وله أيضا، أعلى الله منازله في عليين:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الذي يعلم به سليمان بن سحيم أنك زعجت قرطاسة فيها عجائب؛ فإن كان هذا قدر فهمك، فهذا من أفسد الأفهام، وإن كنت تلبس به على الجهال، فلا أنت برابح. وقبل الجواب، نذكر لك أنك أنت وأباك، مصرحون بالكفر، والشرك، والنفاق، ولكن صائر لكم عند «خمامة» في معكال، قصاصيب وأشباههم، يعتقدون أنكم علماء؛ ونداريكم نود أن الله يهديكم ويهديهم؛ وأنت إلى الآن أنت وأبوك، لا تفهمون شهادة أن لا إله إلا الله، أنا أشهد بهذا شهادة يسألني الله عنها يوم القيامة، أنك لا تعرفها إلى الآن، ولا أبوك.
    ونكشف لك هذا كشفا بينا، لعلك تتوب إلى الله، وتدخل في دين الإسلام، إن هداك الله، وإلا تبين لكل من يؤمن بالله واليوم الآخر، حالكما، والصلاة وراءكما، وقبول شهادتكما، وخطؤكما، ووجوب عداوتكما، كما قال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَن حادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ ١. وأكشف ذلك بوجوه:
    الأول: أنكم تقرون، أن الذي يأتيكم من عندنا هو
    ١ سورة المجادلة آية: ٢٢.


    الحق، وأنت تشهد به ليلا ونهارا، وإن جحدت هذا، شهد عليك الرجال والنساء؛ ثم هذه الشهادة «أن هذا دين الله»، أنت وأبوك مجتهدان في عداوة هذا الدين، ليلا ونهارا، ومن أطاعكما، وتبهتون وترمون المؤمنين بالبهتان العظيم، وتصورون على الناس الأكاذيب الكبار؛ فكيف تشهد أن هذا دين الله، ثم تتبين في عداوة من تبعه؟!
    الوجه الثاني: أنك تقول إني أعرف التوحيد، وتقر أن من جعل الصالحين وسائط، فهو كافر، والناس يشهدون عليك أنك تروح للمولد، وتقرؤه لهم، وتحضرهم وهم ينخون ويندبون مشايخهم ويطلبون منهم الغوث والمدد، وتأكل اللقم من الطعام المعد لذلك؛ فإذا كنت تقر: أن هذا كفر، فكيف تروح لهم، وتعاونهم عليه، وتحضر كفرهم؟!
    الوجه الثالث: أن تعليقهم التمائم، من الشرك، بنص رسول الله ﷺ. وقد ذكر تعليق التمائم صاحب الإقناع، في أول الجنائز؛ وأنت تكتب الحجب، وتأخذ عليها شرطا، حتى إنك تكتب لامرأة حجابا، لعلها تحبل، وشرطت لك أحمرين، وطالبتها تريد الأحمرين، فكيف تقول: إني أعرف التوحيد، وأنت تفعل هذه الأفاعيل؟ وإن أنكرت، فالناس يشهدون عليك بهذا.
    الوجه الرابع: أنك تكتب في حجبك طلاسم، وقد ذكر في الإقناع أنها من السحر، والسحر يكفر صاحبه؛ فكيف تفهم التوحيد، وأنت تكتب الطلاسم؟ وإن جحدت

    فهذا خط يدك موجود.
    الوجه الخامس: أن الناس فيما مضى، عبدوا الطواغيت، عبادة ملأت الأرض، بهذا الذي تقر أنه من الشرك، ينخونهم ويندبونهم، ويجعلونها وسائط، وأنت وأبوك تقولان: نعرف هذا، ولكن ما سألونا؛ فإذا كنتما تعرفانه، كيف يحل لكما أن تتركا الناس يكفرون ما تنصحانهم ولو ما سألوكما؟
    الوجه السادس: أنا لما أنكرنا عبادة غير الله، بالغتم في عداوة هذا الأمر وإنكاره، وزعمتم أنه مذهب خامس، وأنه باطل؛ وإن أنكرتم فالناس يشهدون عليكم بذلك، وأنتم مجاهرون به؛ فكيف تقولون هذا كفر، ولكن ما سألونا عنه؟ فإذا قام من يبين للناس التوحيد، قلتم إنه مغير الدين، وآت بمذهب خامس؛ فإذا كنت تعرف التوحيد، وتقر أن كلامي هذا حق، فكيف تجعله تغييرا لدين الله، وتشكونا عند أهل الحرمين؟
    والأمور التي تدل على أنك أنت وأباك، لا تعرفان شهادة أن لا إله إلا الله لا تحصر، لكن ذكرنا الأمور التي لا تقدر أن تنكرها؛ وليتك تفعل فعل المنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ﴾ ١ لأنهم يخفون نفاقهم، وأنت وأبوك، تظهران للخاص والعام.
    ١ سورة النساء آية: ١٤٥.


    وأما الدليل على أنك رجل معاند ضال على علم، مختار الكفر على الإسلام، فمن وجوه:
    الأول: أني كتبت ورقة لابن صالح من سنتين، فيها تكفير الطواغيت، شمسان وأمثاله، وذكرت فيها كلام الله ورسوله، وبينت الأدلة، فلما جاءتك، نسختها بيدك لموسى بن سليم، ثم سجلت عليها، وقلت: ما ينكر هذا إلا أعمى القلب. وقرأها موسى في البلدان وفي منفوحة، وفي الدرعية وعندنا، ثم راح بها للقبلة. فإذا كنت من أول موافقا لنا على كفرهم، وتقول: ما ينكر هذا إلا من أعمى الله بصيرته، فالعلم الذي جاءك بعد هذا يبين لك أنهم ليسوا بكفار، بينه لنا.
    الوجه الثاني: أني أرسلت لك رسالة الشيخ تقي الدين، التي يذكر فيها أن من دعا نبيا، أو صحابيا، أو وليا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أنه كافر بالإجماع؛ فلما أتتك استحسنتها، وشهدت أنها حق، وأنت تشهد به الآن، فما الموجب لهذه العداوة؟
    الوجه الثالث: أنه إذا أتاك أحد من أهل المعرفة، أقررت ان هذا دين الله، وأنه الحق، وقلته على رؤوس الأشهاد، وإذا خلوت مع شياطينك «قصاصيبك» فلك كلام

    آخر.
    الوجه الرابع: أن عبد الرحمن الشنيفي ومن معه، لما أتوك وذاكروك، أقررت بحضرة شياطينك، أن هذا هو الحق، وشهدت أن الطواغيت كفار، وتبرأت من طالب الحمضي، وعبد الكريم، وموسى بن نوح؛ فأي شيء بان لك بعد هذا، أن هذا باطل؟ وأن الذي تبرأت منهم، وعاديتهم أنهم على حق؟
    الوجه الخامس: أنك لما خرجت من عند الشيوخ، وأتيت عند الشنيفي، جحدت الكلام الذي قلت في المجلس؛ فإن كان الكلام حقا، فلأي شيء تجحده؟ وأنت وأبوك: مقران أنكما لا تعرفان كلام الله ورسوله، لكن تقولان نعرف كلام صاحب «الإقناع» وأمثاله. وأنا أذكر لك كلام صاحب الإقناع، أنه مكفرك، ومكفر أباك، في غير موضع من كتابه.
    الأول: أنه ذكر في أول سطر من أحكام المرتد، أن الهازل بالدين يكفر، وهذا مشهور عنك، وعن ابن أحمد بن نوح، الاستهزاء بكلام الله ورسوله، وهذا كتابكم كفركم.
    الثاني: أنه ذكر في أوله، أن المبغض لما جاء به الرسول، كافر بالإجماع، ولو عمل به؛ وأنت مقر أن هذا الذي أقول في التوحيد، أمر الله ورسوله؛ والنساء والرجال

    يشهدون عليكم: أنكم مبغضون لهذا الدين، مجتهدون في تنفير الناس عنه، والكذب والبهتان على أهله؛ فهذا كتابكم كفركم.
    الثالث: أنه ذكر من أنواع الردة، إسقاط حرمة القرآن؛ وأنتم كذلك، تستهزئون بمن يعمل به، وتزعمون أنهم جهال، وأنكم علماء.
    الرابع: أنه ذكر أن من ادعى في علي بن أبي طالب ألوهية، أنه كافر، ومن شك في كفره فهو كافر، وهذه مسألتك التي جادلت بها في مجلس الشيوخ، وقد صرح في «الإقناع»: أن من شك في كفرهم فهو كافر؛ فكيف بمن جادل عنهم، وادعى أنهم مسلمون؟ وجعلنا كفارا لما أنكرنا عليهم؟
    الخامس: أنه ذكر أن السحر يكفر بتعلمه وتعليمه؛ والطلاسم من جملة السحر. فهذه خمسة مواضع في «الإقناع». في باب واحد، أن من فعلها فقد كفر، وهي دينك ودين أبيك؛ فإما أن تبرؤوا من دينكم هذا، وإلا أجيبوا عن كلام صاحب «الإقناع»، وكلامنا هذا لغيرك الذين عليهم الشرهة، مثل الشيوخ، أو من يصلي وراءك، لعل الله أن يهديهم، ويعزلوك أنت وأباك عن الصلاة بالناس، لئلا تفسد عليهم دينهم، وإلا فأنا أظنك لا تقبل، ولا يزيدك هذا الكلام إلا جهالة وكفرا.

    وأما الكلام الذي لبست به على الناس، فأنا أبينه إن شاء الله كلمة كلمة، وذلك أن جملة المسائل التي ذكرت أربع:
    الأولى: النذر لغير الله، تقول إنه حرام ليس بشرك.
    الثانية: أن من جعل بينه وبين الله وسائط كفر، أما الوسائط بأنفسهم فلا يكفرون.
    الثالثة: عبارة العلماء، أن المسلم لا يجوز تكفيره بالذنوب.
    الرابعة: التذكير ليلة الجمعة، لا ينبغي الأمر بتركه. هذه المسائل التي ذكرت.
    فأما المسألة الأولى: فدليلك قولهم: إن النذر لغير الله حرام بالإجماع؛ فاستدللت بقولهم حرام، على أنه ليس بشرك، فإن كان هذا قدر عقلك، فكيف تدعي المعرفة؟ يا ويلك! ما تصنع بقول الله تعالى: ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ألّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾ ١ فهذا يدل على أن الشرك حرام ليس بكفر، يا هذا الجاهل الجهل المركب!
    ما تصنع بقول الله تعالى: ﴿قُلْ إنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ والأِثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطانًا﴾ ٢، هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه؟ يا ويلك! في أي كتاب وجدته، إذا قيل لك هذا حرام أنه ليس بكفر؟ فقولك: إن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذب وافتراء على أهل العلم.
    ١ سورة الأنعام آية: ١٥١.
    ٢ سورة الأعراف آية: ٣٣.


    بل يقال: ذكر أنه حرام، وأما كونه كفرا، فيحتاج إلى دليل آخر، والدليل عليه: أنه صرح في الإقناع، أن النذر عبادة، ومعلوم: أن لا إله إلا الله معناها لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذر عبادة، وجعلتها لغيره، كيف لا يكون شركا؟
    وأيضا: مسألة الوسائط تدل على ذلك، والناس يشهدون: أن هؤلاء الناذرين يجعلونهم وسائط، وهم مقرون بذلك؛ وأما استدلالك بقوله: من قال: انذروا لي، أنه إذا رضي وسكت لا يكفر، فبأي دليل؟ غاية ما يقال: إنه سكت عن الآخذ الراضي، وعلم من دليل آخر.
    والدليل الآخر: أن الرضاء بالكفر، كفر صرح به العلماء؛ وموالاة الكفار كفر، وغير ذلك. هذا إذا قدر أنهم لا يقولونه، فكيف وأنت وغيرك تشهد عليهم أنهم يقولون، ويبالغون فيه، ويقصون على الناس الحكايات، التي ترسخ الشرك في قلوبهم، وتبغض إليهم التوحيد، ويكفرون أهل العارض، لما قالوا: لا يعبد إلا الله؛ وأما قولك: ما رأينا للترشيح معنى في كلام العلماء، فمن أنت حتى تعرف كلام العلماء؟!.
    وأما الثانية: وهي أن الذي يجعل الوسائط هو الكافر، وأما المجعول فلا يكفر، فهذا كلام تلبيس

    وجهالة؛ ومن قال: إن عيسى، وعزيرا، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن الخطاب، وغيرهم من الصالحين، يلحقهم نقص بجعل المشركين إياهم وسائط، حاشا وكلا ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ ١.
    وإنا كفّرنا هؤلاء الطواغيت، أهل الخرج وغيرهم، بالأمور التي يفعلونها هم؛ منها: أنهم يجعلون آباءهم وأجدادهم وسائط، ومنها: أنهم يدعون الناس إلى الكفر، ومنها: أنهم يبغضون عند الناس دين محمد ﷺ ويزعمون: أن أهل العارض كفروا لما قالوا: لا يعبد إلا الله، وغير ذلك من أنواع الكفر؛ وهذا أمر أوضح من الشمس، لا يحتاج إلى تقرير.
    ولكن أنت رجل جاهل مشرك، مبغض لدين الله، وتلبس على الجهال الذين يكرهون دين الإسلام ويحبون الشرك ودين آبائهم؛ وإلا فهؤلاء الجهال، لو مرادهم اتباع الحق، عرفوا أن كلامك من أفسد ما يكون.
    وأما المسألة الثالثة: وهي من أكبر تلبيسك الذي تلبس به على العوام، أن أهل العلم قالوا: لا يجوز تكفير المسلم بالذنب، وهذا حق، ولكن ليس هذا ما نحن فيه؛ وذلك أن الخوارج يكفرون من زنى، أو سرق، أو سفك الدم، بل كل كبيرة إذا فعلها المسلم كفر؛ وأما أهل السنة فمذهبهم: أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك.
    ١ سورة الأنعام آية: ١٦٤.


    ونحن ما كفّرنا الطواغيت وأتباعهم، إلا بالشرك؛ وأنت رجل من أجهل الناس، تظن أن من صلى وادعى أنه مسلم لا يكفر؛ فإذا كنت تعتقد ذلك، فما تقول في المنافقين، الذين يصلون ويصومون ويجاهدون، قال الله تعالى فيهم: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ﴾ ١.
    وما تقول في الخوارج، الذين قال فيهم رسول الله ﷺ: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد، أينما لقيتموهم فاقتلوهم» ٢؟ أتظنهم ليسوا من أهل القبلة؟ ما تقول في الذين اعتقدوا في علي بن أبي طالب ﵁ مثل اعتقاد كثير من الناس في عبد القادر وغيره، فأضرم لهم علي بن أبي طالب ﵁ نارا، فأحرقهم بها؟ وأجمعت الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس أنكر تحريقهم بالنار، وقال: يُقتلون بالسيف؛ أتظن هؤلاء ليسوا من أهل القبلة؟ أم أنت تفهم الشرع، وأصحاب رسول الله ﷺ لا يفهمونه؟
    أرأيت أصحاب رسول الله ﷺ لما قاتلوا من منع الزكاة، فلما أرادوا التوبة، قال أبو بكر: لا نقبل توبتكم، حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار؛ أتظن أن أبا بكر وأصحابه، لا يفهمون، وأنت وأبوك الذين تفهمون؟ يا ويلك أيها الجاهل المركب! إذا كنت تعتقد
    ١ سورة النساء آية: ١٤٥.
    ٢ البخاري: التوحيد (٧٤٣٢)، ومسلم: الزكاة (١٠٦٤)، والنسائي: الزكاة (٢٥٧٨)، وأبو داود: السنة (٤٧٦٤)، وأحمد (٣/‏٦٨،٣/‏٧٣).


    هذا، أن من أم القبلة لا يكفر، فما معنى هذه المسائل العظيمة الكثيرة، التي ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، التي كثير منها في أناس، أهل زهد وعبادة عظيمة؟ ومنهم طوائف، ذكر العلماء: أن من شك في كفرهم، فهو كافر.
    ولو كان الأمر على زعمك، بطل كلام العلماء في حكم المرتد إلا مسألة واحدة، وهي: الذي يصرح بتكذيب الرسول، وينتقل يهوديا، أو نصرانيا، أو مجوسيا ونحوهم، هذا هو الكفر عندك، يا ويلك! ما تصنع بقوله: ﷺ «لا تقوم الساعة، حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان»؟ وكيف تقول هذا، وأنت تقر: أن من جعل الوسائط كفر؟ فإذا كان أهل العلم في زمانهم، حكموا على كثير من أهل زمانهم، بالكفر والشرك، أتظن أنكم صلحتم بعدهم؟ يا ويلك!
    وأما مسألة التذكير، فكلامك فيها من أعجب العجاب، أنت تقول بدعة حسنة، والنبي ﷺ يقول: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ١، ولم يستثن شيئا. تشير علينا نصدقك أنت وأباك، لأنكم علماء! ونكذب رسول الله! والعجب من نقلك الإجماع، فتجمع مع الجهالة المركبة، الكذب الصريح والبهتان؛ فإذا كان في «الإقناع» في باب الأذان، قد ذكر كراهيته في مواضع متعددة، أتظن أنك أعلم من صاحب «الإقناع»؟ أم تظنه مخالفا للإجماع؟ وأيضا
    ١ مسلم: الجمعة (٨٦٧)، والنسائي: صلاة العيدين (١٥٧٨)، وابن ماجه: المقدمة (٤٥)، وأحمد (٣/‏٣١٠)، والدارمي: المقدمة (٢٠٦).


    لما جاءك عبد الرحمن الشنيفي، أقررت لهم أن التذكير بدعة مكروهة، فمتى هذا العلم جاءك؟!
    وأما قولك: أمر الله بالصلاة على نبيه على الإطلاق، فأيضا أمر الله بالسجود على الإطلاق، في قوله: ﴿ارْكَعُوا واسْجُدُوا﴾ ١، أفيدل هذا على السجود للأصنام؟ أو يدل على الصلاة في أوقات النهي؟ فإن قلت ذاك قد نهى عنه النبي ﷺ، قلنا: وكذلك هذا، نهى النبي ﷺ عن البدع، وذكر أن «كل بدعة ضلالة» ٢؛ ومعلوم أن هذا حادث من زمن طويل، وأنكره أهل العلم، منهم صاحب «الإقناع». وقد ذكر السيوطي في كتاب «الأوائل» أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة، ليتهيأ الناس لصلاتها، بعد السبعمائة، في زمن الناصر بن قلاوون؛ فأرنا كلام واحد من العلماء أرخص فيه، وجعله بدعة حسنة؛ فليس عندك إلا الجهل المركب، والبهتان والكذب.
    وأما استدلالك بالأحايث التي فيها إجماع الأمة والسواد الأعظم، وقول: «من شذ شذ في النار» ٣ و«يد الله على الجماعة» ٤ وأمثال هذا، فهذا أيضا من أعظم ما تلبس به على الجهال، وليس هذا معنى الأحاديث، بإجماع أهل العلم كلهم، فإن النبي ﷺ أخبر أن الإسلام سيعود غريبا، فكيف يأمرنا باتباع غالب الناس؟! وكذلك الأحاديث الكثيرة، منها قوله: "يأتي على الناس زمان، لا يبقى من
    ١ سورة الحج آية: ٧٧.
    ٢ مسلم: الجمعة (٨٦٧)، والنسائي: صلاة العيدين (١٥٧٨)، وابن ماجه: المقدمة (٤٥)، وأحمد (٣/‏٣١٠)، والدارمي: المقدمة (٢٠٦).
    ٣ الترمذي: الفتن (٢١٦٧).
    ٤ النسائي: تحريم الدم (٤٠٢٠).


    الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه».
    وأحاديث عظيمة كثيرة، يبين ﷺ أن الباطل يصير أكثر من الحق، وأن الدين يصير غريبا، ولو لم يكن في ذلك، إلا قوله ﷺ: «ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة». هل بعد هذا البيان بيان؟ يا ويلك! كيف تأمر بعد هذا باتباع أكثر الناس؟!
    ومعلوم: أن أهل أرضنا، وأرض الحجاز، الذي ينكر البعث منهم أكثر ممن يقر به، والذي يعرف الدين أقل ممن لا يعرفه، والذي يضيع الصلاة أكثر من الذي يحافظ عليها، والذي يمنع الزكاة أكثر ممن يؤديها؛ فإن كان الصواب عندك: اتباع هؤلاء، فبين لنا، وإن كان عنزة، وآل ظفير، وأشباههم من البوادي، هو السواد الأعظم، ولقيت في علمك وعلم أبيك: أن اتباعهم حسن، فاذكروا لنا، ونحن نذكر كلام أهل العلم، في معنى تلك الأحاديث، ليتبين للجهال الذين موهت عليهم.
    قال ابن القيم ﵀، في «إعلام الموقعين» واعلم أن الإجماع والحجة، والسواد الأعظم، هو العالم صاحب الحق، وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض؛ وقال عمرو بن ميمون، سمعت ابن مسعود، يقول: «عليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة،» وسمعته يقول: "سيلي عليكم ولاة، يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصل الصلاة

    وحدك، وهي الفريضة، ثم صل معهم، فإنها لك نافلة. قلت: يا أصحاب محمد، ما أدري ما تحدثون؟ قال: وما ذاك؟ قلت: تأمرني بالجماعة، ثم تقول صل الصلاة وحدك؛ قال: يا عمرو بن ميمون، لقد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية، أتدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة، الجماعة: ما وافق الحق، وإن كنت وحدك».
    وقال نعيم بن حماد: «إذا فسدت الجماعة، فعليك بما كان عليه الجماعة، قبل أن تفسد الجماعة؛ وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ» وقال بعض الأئمة - وقد ذكر له السواد الأعظم -: أتدري ما السواد الأعظم؟ هو محمد بن أسلم الطوسي وأصحابه، الذين جعلوا السواد الأعظم، والحجة والجمهور والجماعة؛ فجعلوهم عيارا على السنة، وجعلوا السنة بدعة، وجعلوا المعروف منكرا، لقلة أهله، وتفردهم في الأقطار والأمصار، وقالوا: من شذ شذ في النار؛ وعرف المتخلفون: أن الشاذ ما خالف الحق، وإن كان عليه الناس كلهم إلا واحدا، فهم الشاذون.
    وقد شذ الناس كلهم في زمن أحمد بن حنبل، إلا نفرا يسيرا، فكانوا هم الجماعة؛ وكان القضاة يومئذ، والمفتون والخليفة وأتباعهم، كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد

    وحده، هو الجماعة؛ ولما لم تحمل ذلك عقول الناس، قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين، أتكون أنت وقضاتك، وولاتك، والفقهاء والمفتون، على الباطل؟ وأحمد وحده على الحق؟ فلم يتسع علمه لذلك، فأخذه بالسياط والعقوبة، بعد الحبس الطويل؛ فلا إله إلا الله، ما أشبه الليلة بالبارحة، انتهى كلام ابن القيم، ﵀ تعالى.
    يا سلامة ولد أم سلامة، هذا كلام الصحابة في تفسير السواد الأعظم، وكلام التابعين، وكلام السلف، وكلام المتأخرين، حتى ابن مسعود ذكر في زمانه: أن أكثر الناس فارقوا الجماعة؛ وأبلغ من هذه: الأحاديث المذكورة عن رسول الله ﷺ من غربة الدين، وتفرق هذه الأمة أكثر من سبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة؛ فإن كنت وجدت في علمك، وعلم أبيك، ما يرد على رسول الله ﷺ والعلماء، وأن عنزة، وآل ظفير، والبوادي، يجب علينا اتباعهم، فأخبرونا؛ وصلى الله على محمد[الدرر السنية فى الاجوبة النجدية- المجلد التاسع والعاشر]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •