تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي



    بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك



    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، وبعد :
    فإن مجلس هيئة كبار العلماء درس موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك في دورته التاسعة والاربعين ، والخمسين ، والحادية والخمسين ، بناء على استفتاءات متعددة وردت إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ، واطلع على البحوث المعدة في الموضوع من قبل عدد من الباحثين .
    وفي دورته الثانية والخمسين المنعقدة في الرياض ابتداء من تاريخ 29/10/1420 هـ . استأنف دراسة هذا الموضوع ، وبعد البحث والمناقشة رأى المجلس بالأكثرية أن هذا العقد غير جائز شرعا لما يأتي :

    أولا : أنه جامع بين عقدين على عين واحدة غير مستقر على احدهما وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه . فالبيع يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشتري ، وحينئذ لا يصح عقد الإجارة على المبيع لأنه ملك للمشتري ، والإجارة توجب انتقال منافع العين فقط إلى المستأجر . والمبيع مضمون على المشتري بعينه ومنافعه ، فتلفه عليه عينا ومنفعة ، فلا يرجع بشيء منهما على البائع ، والعين المستأجرة من ضمان مؤجرها ، فتلفها عليه عينا ومنفعة ، إلا أن يحصل من المستأجر تعد أو تفريط .

    ثانيا : أن الأجرة تقدر سنويا أو شهريا بمقدار مقسط يستوفى به قيمة المعقود عليه ، يعده البائع أجرة من أجل أن يتوثق بحقه حيث لا يمكن للمشتري بيعه .
    مثال ذلك : إذا كانت قيمة العين التي وقع عليها العقد خمسين ألف ريال وأجرتها شهريا ألف ريال حسب المعتاد جعلت الأجرة ألفين ، وهي في الحقيقة قسط من الثمن حتى تبلغ القيمة المقدرة ، فإن أعسر بالقسط الأخير مثلا سحبت منه العين باعتبار أنها مؤجرة ولا يرد عليه ما أخذ منه بناء على أنه استوفى المنفعة . ولا يخفى ما في هذا من الظلم والإلجاء إلى الاستدانة لايفاء القسط الأخير .

    ثالثا : أن هذا العقد وأمثاله أدى إلى تساهل الفقراء في الديون حتى أصبحت ذمم كثير منهم مشغولة منهكة ، وربما يؤدي إلى إفلاس بعض الدائنين لضباع حقوقهم في ذمم الفقراء .
    ويرى المجلس أن يسلك المتعاقدان طريقا صحيحا وهو أن يبيع الشيء ويرهنه على ثمنه ويحتاط لنفسه بالاحتفاظ بوثيقة العقد واستمارة السيارة ونحو ذلك .
    والله الموفق .
    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .


    هيئة كبار العلماء :
    رئيس المجلس
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ .
    صالح بن محمد اللحيدان .
    راشد بن صالح بن خنين .
    محمد بن إبراهيم بن جبير . له وجهة نظر مخالفة لهذا القرار .
    عبدالله بن سليمان بن منيع . لي وجهة نظر مخالفة لهذا القرار .
    عبدالله بن عبدالرحمن الغديان .
    د/ صالح بن فوزان الفوازان .
    محمد بن صالح العثيمين .
    عبدالله بن عبدالرحمن البسام . غير موافق على تحريم العقد . ناصر بن حمد الراشد .
    محمد بن عبدالله السبيل .
    د/ عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ .
    محمد بن سليمان البدر .
    عبدالرحمن بن حمزة المرزوقي .
    د/ عبدالله بن عبدالمحسن التركي .
    محمد بن زيد آل سليمان .
    د/ بكر بن عبدالله أبو زيد .
    حسن بن جعفر العتمي .
    د/ عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان .
    د/ صالح بن عبدالرحمن الأطرم . لم يحضر لمرضه

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي


    ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك ؟السؤال؟


    بسم الله الرحمن الرحيم
    يمكن أن يؤجر مالك العين أيا كان نوعها عقارا أو آلية من الآليات كالطائرة والباخرة أو معدة من المعدات الثقيلة أو غير ذلك لعدة سنوات بأجرة سنوية محددة وموزعة بأقساط تدفع في مواعيد محددة ويشترط الطرفان في عقد الإجارة أن المالك ‏(((‏ المؤجر )))‏ يلتزم بأن يبيع العين المأجورة للمستأجر في نهاية مدة الإجارة بثمن يحددانه في العقد إذا وفي المستأجر بأقساط بدل الإيجار في مواعيدها وسائر التزاماته التي يوجبها عليه عقد الإجارة فترى الهيئة أن هذا الشرط مقبول ويعتبر صحيحا ملزما ويفي بالغرض المقصود استنادا على ما أثر لدى بعض فقهاء السلف وما نص عليه المذهب ‏ ‏الحنبلي ‏ ‏وفي هذه الحال يجب أن يكون عقد الإجارة ‏(((‏ والبيع )))‏ المشروط في المستقبل مقصودا بهما حقيقة معناهما وآثارهما وعلى الخصوص يلتزم المالك ‏(((‏ المؤجر )))‏ خلال الإيجار بتحمل تبعات الملك كتبعة هلاك العين أو نفقات التأمين عليها ونفقات الصيانة الواجبة شرعا على المالك على أن الهيئة الشرعية لا ترى مانعا شرعيا من اشتراط جعل تكاليف الصيانة العادية التي يحتاج إليها المأجور عادة نتيجة للاستعمال الطبيعي على عاتق المستأجر لأن هذا شيء معروف في العادة نوعا وقدرا مما ينفي الجهالة والغرر الفاحشين بخلاف إصلاح كل ما يطرأ على المأجور من غير الاستعمال الطبيعي فإن هذا لا يجوز اشتراطه على المستأجر بل هو من مسئولية المالك ‏(((‏ المؤجر )))‏ ‏
    والله أعلم .
    الفتاوى الاقتصادية .
    شركة الراجحي المصرفية للاستثمار
    قرار رقم 95 فتوى رقم 326 .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    قرار رقم : 44( 6/5)
    بشأن
    الإيجار المنتهي بالتمليك










    مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425
    04/12/2004







    ‏بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع ‏ ‏( ‏ ‏الإيجار المنتهي بالتمليك ‏ ‏) ‏ ‏واستماعه للمناقشات التي دارت حوله وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم ‏ ‏( 1 ) ‏ ‏في الدورة الثالثة بشأن الإجابة عن استفسارات البنك ‏ ‏الإسلامي للتنمية فقرة ‏ ‏( ب ) ‏ ‏بخصوص عمليات الإيجار ‏

    ‏تقرر ‏ ‏: ‏

    ‏أولا ‏ ‏: ‏ ‏الأولى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ‏ ‏ببدائل أخرى منها البديلان التاليان ‏ ‏: ‏

    ‏الأول ‏ ‏: ‏ ‏البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية ‏

    ‏الثاني ‏ ‏: ‏ ‏عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط ‏ ‏الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية ‏ ‏: ‏
    ‏- ‏ ‏مد مدة الإجارة ‏
    ‏- ‏ ‏إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها ‏
    ‏- ‏ ‏شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة ‏

    ‏ثانيا ‏ ‏: ‏ ‏هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف ‏ ‏الإسلامية لدراستها وإصدار القرار في شأنها ‏

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    مجمع الفقه الإسلامي:
    ‏بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك ‏ ‏الإسلامي للتنمية إلى المجمع بخصوص عمليات الإيجار ‏

    ‏قرر مجلس المجمع اعتماد المبادىء التالية فيها ‏ ‏: ‏

    ‏المبدأ الأول ‏ ‏: ‏ ‏إن الوعد من البنك ‏ ‏الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا ‏

    ‏المبدأ الثاني ‏ ‏: ‏ ‏إن توكيل البنك ‏ ‏الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعا والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك ‏

    ‏المبدأ الثالث ‏ ‏: ‏ ‏إن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد ‏

    ‏المبدأ الرابع ‏ ‏: ‏ ‏إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإيجار جائز بعقد منفصل ‏

    ‏المبدأ الخامس ‏ ‏: ‏ ‏إن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكا للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه ‏

    ‏المبدأ السادس ‏ ‏: ‏ ‏إن نفقات التأمين لدى الشركات ‏ ‏الإسلامية كلما أمكن ذلك يتحملها البنك ‏
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    بسم الله الرحمن الرحيم





    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين




    قرار رقم: 110 (4/12)[1]



    بشأن موضوع



    الإيجار المنتهي بالتمليك، وصكوك التأجير


    إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ ـ 1 رجب 1421هـ الموافق 23 – 28 أيلول ( سبتمبر ) 2000م.
    بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك، وصكوك التأجير). وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.

    قرر ما يلي:
    § الإيجار المنتهي بالتمليك:
    أولا: ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي:
    *أ- ضابط المنع:
    أن يرد عقدان مختلفان، في وقت واحد، على عين واحدة، في زمن واحد.

    *ب- ضابط الجواز:
    1. وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر، زمانا بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة. والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
    2. أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
    *ج- أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير تلف ناشئ من تعدي المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
    إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
    *د-يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة وأحكام البيع عند تملك العين.
    *ه- تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة.

    ثانيا: من صور العقد الممنوعة:
    *أ- عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة، دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعا تلقائياً.
    *ب- إجارة عين لشخص بأجرة معلومة، ولمدة معلومة، مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة، أو مضاف إلى وقت في المستقبل.
    *ج- عقد إجارة حقيقي واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، ويكون مؤجلا إلى أجل طويل محدد (هو آخر مدة عقد الإيجار).
    * د- وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية، ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.

    ثالثا: من صور العقد الجائزة:
    *أ- عقد إجارة يُمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر، معلقا على سداد كامل الأجرة وذلك بعقد مستقل، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة، وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم 13(1/3).
    *ب- عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة، وذلك وفق قرار المجمع رقم 44(6/5).
    *ج- عقد إجارة يمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان.
    *د- عقد إجارة يمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة، ويعطي المؤجر للمستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء، على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق، وذلك وفق قرار المجمع السابق رقم 44(6/5)، أو حسب الاتفاق في وقته.

    رابعا: هناك صور من عقود التأجير المنتهي بالتمليك محل خلاف وتحتاج إلى دراسة تعرض في دورة قادمة إن شاء الله تعالى.

    § صكوك التأجير:
    قرر المجمع تأجيل موضوع صكوك التأجير لمزيد من البحث والدراسة ليطرح في دورة لاحقة.



    والله الموفق ؛؛




    [1] مجلة المجمع ( العدد الثاني عشر ج 1، ص 313 ).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    الإيجار المنتهي بالتمليك عقد مهجن يجمع بين التأجير والبيع


    سعد السهيمي
    عثمان ظهير


    أكد عدد من الشرعيين والمهتمين بالشؤون الاقتصادية أن الإيجار المنتهي بالتمليك هو فكرة مستوردة من الغرب، وأن مناقشتها جاءت لأهمية الموضوع للمجتمع المسلم ولوضع النقاط على الحروف في الإشكالات التي وردت فيه، وأجمعوا أنه طرح في هيئات شرعية مختلفة، منها مجلس هيئة كبار العلماء في السعودية الذي ناقشه ثلاث مرات، المرة الأولى حصل شيء من الخلاف ولم ينته العلماء على شيء، ثم في الدورة التي بعدها كذلك أيضًا كان هناك نقاش كثير وطويل، ولم ينته العلماء على شيء، ثم في المرة الثالثة في الدورة الـ 51 قد صدر قرار بالأغلبية بتحريمه، وكان من أبرز العلماء في ذلك الوقت الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، رحمه الله، وهذا القرار لم يفصل في الصور التي تحيط بالإيجار المنتهي بالتملك، إنما اعتبروه صورة واحدة، بيد أن المجمع الفقهي بعد ذلك درس الموضوع وأصدر قراره فيه بذكر صور للجواز وصور للمنع، وذكر ضابط الجواز، وضابط المنع، ولهذا تميز قرار المجمع الفقهي بشموله وبدقته.

    واستكمالا لهذا الموضوع نلقي الضوء على جوانب أخرى تتعلق به.

    العقد يجمع تأجيرًا وبيعًا
    في البداية أكد الدكتور سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن التأجير المنتهي بالتمليك، موضوع مهم وقد جرى فيه بحوث ومناقشات طويلة، وأخذ حيزا كبيرا من النقاش عند كبار العلماء وهذا العقد يجمع تأجيرا وبيعا، ومعلوم أن لكل منهما خصائص، ولكن هذا العقد هو عقد مهجن يجمع بين خصائص البيع وخصائص الإجارة، ومن هنا وقع الإشكال في فهمه وفي تكييفه الفقهي، وفي حكمه الشرعي، وأشير هنا أولاً إلى بعض الأمور التي يختص بها البيع، والأمور التي تختص بها الإجارة، التي هي سبب وقوع الإشكال في فهم هذا العقد. أما البيع فهو عقد لازم، والإجارة عقد لازم، ولكن الإجارة بيع منافع، بينما البيع تنقل العين مع المنفعة. بينما في الإجارة إنما تملك المنفعة فقط، فيصح أن نقول: إن الإجارة نوع من البيع، لكنه نوع خاص، فهي بيع منافع، فمثلاً عندما تستأجر بيتا لمدة سنة، أنت تملك منفعة هذا البيت لمدة سنة، لذلك لو لم يتيسر لك الانتفاع بهذا البيت لك أن تؤجره غيرك، بشرط أن يكون مثلك أو أقل منك في الضرر، لا أكثر ضررا، كما نص على ذلك الفقهاء، بشرط أن يكون مثلك أو أقل منك، لا أكثر ضررًا، وذلك لأنك تملك المنفعة وبهذا نعرف أنه بالبيع تنتقل العين مع المنفعة، بينما في الإجارة إنما الذي ينتقل هو المنفعة فقط، وكان الناس في السابق لا يعرفون إلا البيع بالتقسيط، وهذا البيع ينتقل معه المبيع إلى المشتري وتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، ويبقى الدين في ذمته، فمثلاً من اشترى سيارة بـ 100 ألف ريال مقسطة، من حين الشراء تنتقل الملكية إلى المشتري، وتبقى الـ 100 ألف ريال هذه دينا في ذمته يسددها في مدة معينة قد تكون سنة أو سنتين أو أكثر، بينما في الإجارة لا تنتقل ملكية العين إلى المستأجر إنما تبقى ملكًا للمؤجر، فمن استأجر بيتا يبقى البيت ملكا للمؤجر، إنما فقط هذا المستأجر إنما ملك المنفعة، فهذا العقد يهدف إلى إظهار عقد البيع في صورة إيجار، فيتفادى البائع بذلك عدم اعتبار المشتري مالكًا للمبيع، وبالتالي يتفادى عدم تصرف - هذا الذي انتقلت إليه العين - عدم تصرفه في المبيع، وتبقى الملكية لهذا المؤجر.


    فإذاً الغرض والهدف من هذا العقد هو ضمان بقاء ملكية هذا الشيء الذي يراد انتقاله بالتأجير المنتهي بالتمليك وضمان بقائه للمؤجر، وعدم تصرف هذا المستأجر فيه ببيع أو غيره، هذا هو الغرض والهدف من هذا العقد.

    جميع صوره
    في السياق ذاته، يرى الشيخ الدخيل أن عقد التأجير المنتهي بالتمليك عقد حديث النشأة والظهور، وليس هو من جملة العقود المسماة في الفقه الإسلامي وأكثر من كتب في هذا العقد قد اعتنى ببيان حقيقته وصوره، وقد عرف بتعريفات منها:
    - أنه "تمليك المنفعة ثم تمليك العين نفسها في آخر المدة".
    - أنه "عقد يتفق طرفاه بموجبه على تمكين أحدهما من الانتفاع بشيء معين مقابل أُجرة لمدة محددة تعود ملكيته بعد انتهاء المدة للمستأجر".
    - أنه "عبارة عن عمليات تأجير المعدات والتجهيزات والآلات والعقارات ذات الاستعمال الصناعي غالباً، والمشتراة خاصة بقصد هذا التأجير من قبل مصارف أو شركات تبقى محتفظة بملكية هذه التجهيزات، وتخول هذه العمليات للمستأجر الحق في المطالبة بشراء التجهيزات التي استأجرها كلها أو بعضها عند نهاية عقد الإيجار مقابل ثمن متفق عليه، أو يتم الاتفاق عليه".


    ويشير الدخيل إلى أن هذا العقد يمكن تعريفه بشكل شامل لجميع صوره: وهو أنه تمليك منفعة عين معلومة، مدة معلومة، يتبعه تمليك للعين على صفة معلومة مقابل عوض معلوم.

    ويلفت النظر إلى تميز هذا العقد باستقلاله بطرق خاصة لتمويله، حيث يتمثل ذلك في تدخل طرف ثالث بين البائع المالك للسلعة، والمشتري الراغب في الإيجار هذا الطرف الثالث هو الذي يقوم بتمويل العقد، وذلك بشراء السلع والآلات المطلوبة ثم تأجيرها إلى من يرغب في التعاقد معه، لمدة محدودة، وبانتهاء المدة يستطيع المستأجر اختيار أحد ثلاثة خيارات، هي:
    ـ إما أن يتملك هذه السلع أو الآلات مقابل ثمن وغالباً ما يتم الاتفاق عليه مسبقاً عند التعاقد.
    ـ وإما إعادة هذه السلع أو الآلات إلى المؤجر.
    وإما الاتفاق على تجديد عقد الإيجار لفترة مقبلة، وعادة ما تكون بسعر أقل من الأجرة السابقة ويتكون هذا العقد من مرحلتين:
    ـ المرحلة الحتمية: حيث تحدد مدة طويلة وكافية تكون الأقساط فيها مرتفعة لأجل الحصول على جميع المصاريف مع رأس المال، إضافة إلى الربح المناسب لشركة الليزنج، وهذه المرحلة عقد الإيجار فيها لازم، وفسخ العقد في هذه المرحلة له أسوأ العواقب المالية بالنسبة للمؤجر.
    ـ المرحلة المتبقية: وهي التي يخير فيها المشتري بين الخيارات الثلاثة.

    التسمية الأصح
    يرى الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع أن التسمية الأصح لما يطلق عليه الإيجار المنتهي بالتمليك هو الإيجار مع الوعد بالتمليك، وهذه صدر بها فتوى من هيئة كبار العلماء بعدم جوازها، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي في جدة في دورته الأخيرة المنعقدة في الرياض بتفسير قرار هيئة كبار العلماء وذكر مجموعة من الصور المتعلقة بالتأجير مع الوعد بالتمليك، وأن المجمع أجاز هذه الصور، وذكر أن قرار هيئة كبار العلماء خاص فيما إذا كان جُمع بين عقد التأجير وعقد البيع، بحيث إن محل العقد قد تعلق به عقدان في آنٍ واحد وهذا ممنوع لدى مجموعة من أهل العلم، ولكن حيث إن التأجير مع الوعد بالتمليك ليس محله ينتابه عقدان وأتما هو عقد تأجير مع الوعد بالتمليك وليس الوعد بالتمليك عقداً وبهذا التصور جاز هذا النوع من التعامل.


    الآثار الإيجابية والسلبية للإيجار
    يتناول الدكتور راشد أحمد العليوي عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد والتمويل في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم جانبا مهما في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك وهو ما يتصل بالآثار الإيجابية والسلبية للإيجار المنتهي بالتمليك فإنه إن كان من الصور المحرمة فلا شك في وجود سلبياتها الكبيرة واعتبارها طريقة ضارة في التمويل اقتصادياً وقانونياً واجتماعياً.

    أما إن كانت من الصور الجائزة فتعتبر بديلاً لأساليب التمويل المحرم، وهي إيجابية في الجملة، علماً أن الشيء المباح قد لا يتضمن شيئاً سلباً، ولكن العبرة في الشرع والعقل هو الموازنة بين المصالح والمفاسد والإيجابيات والسلبيات، فما غلب فالحكم له إجازة أو منعاً تحليلاً أو تحريماً. ومن سلبيات الإفراط في التمويل بالإجارة المنتهية بالتمليك زيادة المديونية على الأفراد، وفي المنتهي بالتمليك زيادة المديونية على الأفراد وفي المجتمع عموماً، وهذا أمر لا ينبغي التوسع فيه وتشجيعه.

    أسباب عديدة
    ويحدد الدخيل أسبابا عديدة تحمل المستأجر على الإقدام على هذا العقد منها:
    أن عقد التأجير المنتهي بالتمليك يسهل على المستأجر الحصول على ما يريده بأقساط أجرة مريحة تنقلب فيما بعد إلى ملكه، فهي تفيد أولئك الذين لا يستطيعون شراء السلع بأثمانـها نقداً من ذوي الدخل المحدود، أو من لا يرغب في تجميد أمواله في سلعة واحدة كي يتسنى له تشغيلها في استثمارات متعددة.


    قد يلجأ المستأجر إلى مثل هذا العقد كي يقي نفسه من تحمل تبعات تلف وهلاك العين المؤجرة، إن تلفت بغير تعد أو تفريط منه، لأن يده عليها يد أمانة.

    عقد التأجير المنتهي بالتمليك يجعل المستأجر - في الغالب - غير محتاج إلى كفيل غارم، فلا يجعل لأحد عليه منةً وفضلاً، لأن هذه العين في ملك البائع وله استردادها، إن لم يلتزم بدفع الأقساط الإيجارية بانتظام.

    وقد يلجأ المستأجر إلى التعامل بـهذا العقد أحياناً رغبة منه في تجنب الضرائب التي قد تفرض على المُلاّك في بعض الأنظمة.

    ويعتبر الدخيل لجوء المستأجر إلى التعامل بـهذا العقد لأجل الحصول على الحوافز التي تضعها بعض الشركات والمؤسسات على سلعها المؤجرة تأجيراً ينتهي بالتمليك كالصيانة المجانية ونحوها من الأسباب التي تدفعه للإقدام على هذا العقد.

    الصعوبات والمشكلات
    يضيف الدخيل أن من أهم المشكلات التي يواجهها البائع في حالة فسخ العقد أثناء مدة الإجارة لأي سبب من الأسباب، فإن المؤجر يلحقه ضرر بالغ، وذلك لأجل انخفاض القيمة السوقية للعين المؤجرة "السلعة"، خصوصاً إن كانت من السلع التي لا يحتاج إليها إلا القليل من الناس.


    أما أهم المشكلات التي يواجهها المشتري فيما إذا عجز عن السداد، إذ يكون للمؤجر الحق في أن يسترد العين المؤجرة دون تعويض المستأجر بأيّ شيء، بحجة أن ما قبضه المؤجر من المستأجر يعتبر أقساط أُجرة مقابل ما نال من منفعة العين، مع أن المستأجر قد دفع أقساطاً لا تتناسب مع أُجرة المثل، بل تزيد عليها كثيراً، وما حمله على ذلك إلا لأجل ما سيؤول إليه العقد من التمليك في نـهاية العقد، وعندئذ يذهب عليه الثمن والمثمن.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي


    البدائل الشرعية للقرض الربوي

    المجيب: عبد الله بن إبراهيم الناصر

    قرأت هذا المقطع في أحد المواقع، وفي نفسي منه شيء، أرجو توضيح الأمر في كل هذه الصور، ولكم جزيل الشكر والتقدير،البديل الإسلامي للتمويل العقاري من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة بيع بالتقسيط ورهن العقار بالثمن، ويتم ذلك في اتفاقية واحدة بأن يشتري المقترض - بنكًا أو شركة من شركات التمويل العقاري - الوحدة السكنية من البائع ويسلم له الثمن، ثم في نفس الاتفاقية يبيع الوحدة إلى المشتري بالأجل على أقساط، وبثمن يزيد على ثمن الشراء مع تعهد المشتري برهن الوحدة لصالح الممول البائع ضمانًا لسداد الثمن، من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة تأجير تمويلي تتضمنها اتفاقية تنص على أن يشتري الممول العقار من البائع، ويؤجره للعميل في صورة عقد تأجير تمويلي مقابل أقساط، يراعى في تحديدها بجانب تغطية مقابل الانتفاع استرداد الممول لثمن العقار، وبحيث يمتلك العميل العقار في نهاية المدة، ويسمّى هذا في الشريعة الإسلامية "الإجارة المنتهية بالتمليك"، ومن الممكن أن يتم التمويل في إطار عقد "الاستصناع" المعروف في الشريعة الإسلامية؛ حيث يقوم على طلب شخص من شخص آخر إنشاء مبنى أو صناعة شيء مقابل ثمن معين دون شرط تعجيل الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها.



    الجواب: الصور التي ذكرها السائل هي بدائل شرعية للاقتراض بفائدة من البنوك الربوية.
    فالصورة الأولى تسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وتقوم على أساس أن الراغب في شراء سلعة أو عقار ما يبدي رغبته للممول الذي هو البنك أو شخص ثالث - سواء كان فرداً أو شركة أو غير ذلك - في أن يشتري شيئاً معيناً أو محدداً بأوصاف يذكرها، ثم يقوم الممول بشرائه من المالك الأصلي، وبعد حيازته يقوم ببيعه بعقد مستقل على الآمر بالشراء، وهو العميل بثمن مؤجل يناسب قدرته المالية، وحيث إن الثمن دين في ذمة المشتري مؤجل إلى أقساط محددة فإن البائع يقوم برهن هذا العقار وفاء بهذا الدين، وهذه الصورة جائزة بالشكل المذكور، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي يبين جواز هذه الصورة.
    أما الصورة الثانية فهي: الإجارة المنتهية بالتمليك، وهذه الصورة ظهرت نتيجة تطوير الصورة السابقة، وذلك لأن الممول الذي اشترى العقار أو السلعة يريد أن يضمن حقه أكثر فيجعل العقار باسمه ويؤجره على العميل الذي أمره بالشراء بأقساط سنوية تكون مرتفعة حتى تناسب القسط، وعند انتهاء الأقساط يقوم البائع وهو المؤجر بتمليك العقار للمستأجر وهو المشتري.
    وهذه الصورة حصل خلاف في جوازها بين الفقهاء المعاصرين ويرى الكثير منهم عدم صحتها شرعاً، لأنها لا تتفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات، فهي تحتوي على ظلم المستأجر، ذلك أن المستأجر لو لم يستطع سداد بعض الأقساط لترتب على ذلك ضياع حقه، وفي ذلك ظلم عليه، والذي يظهر لي أن هذه الصورة لا تختلف في حقيقة الأمر عن الصورة السابقة، فهي بيع مرابحة، وتنطبق عليها أحكامه وشروطه، وإن سميت بالإجارة المنتهية بالتمليك، إذ العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هي القاعدة الشرعية، وعلى ذلك فإن التعامل بينهما يخضع لأحكام عقد البيع، وتكون العلاقة بينهما علاقة بيع مع رهن السلعة كما هو الشأن في الصورة الأولى.
    أما الصورة الثالثة فهي عقد الاستصناع، وهو من العقود الجائزة شرعاً عند جمهور الفقهاء، وصفته في مثال التمويل العقاري أن يتفق المالك للأرض مع شركة مقاولات على أن تقوم ببناء الأرض وفق مخطط معين، وتكون المواد على الشركة وهو يقوم بعد ذلك بسداد القيمة على أقساط يتفق عليها مع الشركة.
    وهذه الصورة جائزة إذا تمت شروطها الشرعية، وهي من البدائل المناسبة للربا المحرم، والله أعلم.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    حكم عقد الإيجار المنتهي بالتمليك
    أريد شراء سيارة جمس من شركة لاتقبل نظام التقسيط وتقبل نظام التأجير، ومن الشروط أن تظل
    السيارة باسمهم إلى السداد كاملا وأنا مضطر للسيارة من هذه الشركة السؤال هل يجوز الشراء بنظام الشراء؟ ولكم الشكر.
    الفتوى
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

    فإن هذه الصورةداخلة فيمايعرف ب : الإيجار المنتهي بالتمليك والذي يظهر - والله أعلم - أنها لا تجوز لاشتمالها على عدة محاذير شرعية لا يمكن تجاوزها :
    منها :
    1- العقد على عين واحدة بعقدين غير مستقر على أحدهما، مع التنافر الواقع بين لازميهما ، وتنافر اللوازم يؤدي إلى تنافر الملزومات ، فالبيع يلزم منه انتقال العين بمنافعها إلى ملك المشتري ، فضمانها عليه ومنافعها له ، والإيجار يلزم منه أن تبقى العين في ملك صاحبها وينتفع المستأجر بالمنافع فقط ، ولا تصرف له في العين .
    2- أن القسط المحدد الذي يسميه البائع قسط إيجار لا يتناسب في الواقع مع إيجار مثل هذه العين ، بل الغالب فيه أن يكون ضعف إيجار المثل أو أكثر أو أقل ، لأنه نظر إليه في الواقع على أنه قسط من الثمن ، فلو أعسر المشتري ببعض هذه الأقساط سحبت منه العين ، وربما يكون قد دفع أقساطاً تساوي في الواقع أكثر قيمة العين ، يوضح ذلك المثال الآتي : بيت قيمته مائة ألف، إيجار مثله ألف ، يؤجر إيجاراً منتهياً بالتمليك بثلاثة آلاف ، عجز المؤجر عن السداد بعد أن دفع اثني عشر شهراً ، فسحب منه البيت ولم يرد إليه شيء بحجة أنه استوفى المنفعة ، ولا يخفى ما في هذا من أكل أموال الناس بالباطل .
    3- أن هذا العقد أدى إلى إفلاس كثير من الناس بسبب تساهلهم في أخذ الديون ، وربما يؤدي إلا إفلاس الدائنين أنفسهم ، ولهذه الأسباب المذكورة ، أفتت اللجنة الدائمة في السعودية بمنع هذه الصورة.
    ويغني عن هذا العقد الفاسد ويحقق مقاصده عقد البيع بالتقسيط ، مع أخذ الضمانات الكافية ، أو رهن المبيع إلى حين استيفاء القيمة ، وفي حال العجز عن السداد تقوّم العين ، ويخير المشتري بين الوفاء بالتزاماته أو بيع العين وقضاء ما عليه ، ويخير البائع بين أخذ العين بقيمتها في السوق ورد ما زاد عن حقه إلى المشتري ، وبين تحصيل ما بقي له بعد بيع العين لأجنبي .
    والله أعلم


    المفتـــي: مركز الفتوى

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي



    الإيجار مع الوعد بالتمليك ما له وما عليه
    عبد الله بن سليمان المنيع


    الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.
    فلقد اتصل بي مجموعة من اخواني واخواتي المستفتين عن طريق الرسائل والهاتف واللقاء، كلهم يسأل عن حكم ما يسمى بالايجار المنتهي بالتمليك، حيث ان كثيرا من المؤسسات التجارية تزاول هذا التعامل مع عملائهم حيث يقومون بتأجير سلع مختلفة سيارات، اراضي، منازل، معدات ثقيلة، مواد مختلفة ويجرون مع عملائهم عقود تأجير تجمع بين خصائص واحكام التأجير وبين خصائص واحكام البيع, وقد اوجد هذا الخلط الكثير من اللبس والغموض في حقيقة هذا النوع من التعامل، هل هو بيع أم تأجير؟ وما حكم التعامل به.
    واجابة مني على هذا التساؤل اقول بعد الاستعانة بالله واللجوء اليه تعالى في طلب التوفيق والسداد.
    اولاً: أرى ان تسمية هذا النوع من التعامل بالايجار المنتهي بالتمليك تسمية غير دقيقة وبالتالي غير صحيحة فالايجار لا ينتهي بالتمليك وانما ينتهي بانتهاء مدته ثم يأتي دور التمليك بعد انتهاء مدة الاجارة, والتسمية الصحيحة لهذا النوع من التعامل هي: الايجار مع الوعد بالتمليك بعد انتهاء مدة الاجارة.فمالك السلعة له حق تأجيرها على من يشاء وبما يتفق عليه طرفا الايجار من قدر الاجرة، ومدة الاجارة, والمستأجر بعد تمام عقد تأجيره وتسليمه العين المؤجرة تعتبر العين المؤجرة في يده امانة لا يتعلق بذمته ضمان العين المؤجرة في حالي تلفها او اصابتها الا اذا كان نتيجة تقصير منه او اعتداء او اهمال, فاذا كان التلف او الاصابة نتيجة تقصير او إهمال من المستأجر تعين عليه الضمان.فإذا حصل التعاقد بين مؤجر ومستأجر على استئجار عين محل للايجار وحصل مع هذا العقد وعد من المؤجر للمستأجر بتمليكه اياها ببيع او هبة فعلى القول المختار والصادر به قرار مجمع الفقه الاسلامي بجدة بان الوعد ملزم قضاء وديانة فعلى المؤجر ان يفي بوعده بتمليك المستأجر العين المؤجرة بعد تمام مدة الاجارة وفي حال نكول المؤجر عن الوفاء بوعده فللمستأجر الحق في مطالبة المؤجر بضرره من نكول المؤجر عن الوفاء بالوعد.هذه الاجارة صحيحة ولا يؤثر على صحتها ان الاجرة الدورية سنوية، شهرية، اسبوعية زائدة عن أجرة المثل حيث ان رضا المستأجر بارتفاع مقدار الاجرة عن اجرة المثل في مقابلة وعده بتمليكه العين المؤجرة هبة اوبيعا مخفَّضا, كما لا يؤثر على صحتها ان العقد صاحبه وعد بالتمليك, فهذا الوعد ليس له أثر في صحة الاجارة فجميع خصائص الاجارة مكتمل من حيث وجود المؤجر والمستأجر، والعين المؤجرة وصلاحيتها للتأجير، ومقدار الاجرة، ومدة الاجارة، وامكان الانتفاع بالعين المؤجرة مدة لاجارة واعتبار العين المؤجرة امانة في يد المستأجر، عليه ضمانها في حال التعدي او التفريط او التقصير او الاهمال.وبهذا يتضح ان الايجار مع الوعد بالتمليك بعد انتهاء مدة الايجار صحيح ما دام عقد الايجار منطبقة عليه احكام الاجارة وخصائصها من حيث المؤجر والمستأجر والعين المؤجرة وصلاحيتها للانتفاع بها مع بقاء عينها واباحة تأجيرها ومعرفة مدة الاجارة ومعرفة مقدار الاجرة الدورية سنوية، شهرية، اسبوعية ولا يؤثر على صحتها حصول الوعد من المؤجر للمستأجر بتمليكه اياها بيعا او هبة حسبما يجري الاتفاق عليه بين الطرفين المؤجر والمستأجر، ولو كان ذلك مصاحبا للعقد, ولكن نظرا الى ان ممارسي عقود التأجير مع الوعد بالتمليك من شركات او افراد او مؤسسات تجارية يضمنون هذه العقود شروطا تبعدها عن خصائص الاجارة واحكامها فليست بهذه العقود المشتملة على هذه الشروط عقود بيع ولا عقود اجارة وانما هي عقود مُهَجَّنة لا تظهر لنا وجاهة القول بصحتها وقد تظهر لنا قوة القول ببطلانها, هذه الشروط اهمها ما يلي:
    1 مطالبة المستأجر بدفعة مقدمة يعتبرها المؤجر حقا له على المستأجر وذلك عند العقد, والملاحظة على هذا الشرط ان هذه الدفعة ليست اجرة مقدمة ولا ضمانا لسداد الاجرة وقت استحقاقها في حال تعثر السداد وانما هي دفعة مقدمة للمؤجر يأخذها على اعتبارها جزءاً من حقه, فبأي حق يجوز للمؤجر اخذ هذه الدفعة الا ان تكون الاجارة بيعا مغلفا باسم الاجارة، فاذا كانت بيعا فيجب ان تأخذ احكام البيع وخصائصه وان يخلع منها لباس الاجارة.
    2 إلزام المستأجر بالتأمين على العين المؤجرة, والملاحظة على هذا الشرط ان التأمين لمصلحة المؤجر على العين التي يملكها المؤجر, والعين المؤجرة بيد المستأجر امانة عنده يستوفي منها المنفعة التي وقعت الاجارة عليها مع الحفاظ على العين ثم ردها للمؤجر بعد انتهاء الاجارة لتأتي مرحلة الوفاء بالوعد بالتمليك.فبأي حق يلزم المستأجر بالتأمين على العين التي هي بيده على سبيل الاجارة والامانة؟ فهذا الشرط يصدق عليه المثل الشعبي: يعرس سعيد ويسبح مبارك, فهذا شرط باطل, فإذا حصل التأمين على هذه العين المؤجرة فأقساط التأمين على المؤجر, واذا حصل التعويض فهو حق للمؤجر حيث ان العين المؤجرة ملكه له غنمها وعليه غرمها.
    3 إلزام المستأجر بالصيانة الاساسية للعين التي استأجرها وفي حال تلفها يلزمه ضمانها سواء أكان هذا التلف بدون سبب من المستأجر او كان على سبيل التقصير والاهمال او التعدي من المستأجر, وهذا شرط باطل لان العين المستأجرة في يد المستأجر على سبيل الامانة فإذا تلفت بدون تعد او تقصير او اهمال فلا ضمان عليه وإنما الضمان يتعلق بذمته في حال تلفها بتقصيره او اهماله او تعديه.4 الزام المستأجر بدفع دفعة أخيرة هي ثمن السلعة بعد استيفاء مدة الاجارة, هذا الشرط غير صحيح لان ثمن السلعة بعد انتهاء الاجارة لا يستحق لمالك السلعة الا بعد حصول عقد البيع وتملك المستأجر اياها بموجبه, فمطالبة الموعود بالتمليك وهو المستأجر بدفعة على حساب الشراء قبل وقته في غير محله فذمة المستأجر بريئة من حق لم يتعلق بعد بذمته.هذه الشروط المضمنة عقد الايجار لا اعلم ان احدا من اهل العلم اجازها على اعتبارها احكاما تتعلق بالاجارة ولكن اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان العقد لبطلانها او ان العقد صحيح وهي باطلة كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث بريرة حينما ارادت عائشة رضي الله عنها شراءها من اهلها واعتاقها, فاشترطوا لهم الولاء, فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: اشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن اعتق, فذكر صلى الله عليه وسلم بطلان الشرط وان رضيه الطرفان وصحة العقد ولعل القول بصحة عقد الاجارة وبطلان هذه الشروط هو القول الصحيح ان شاء الله.ويبقى لنا في هذه المسألة حكم الاتفاق بين طرفي العقد على زيادة مبلغ الاجرة عن اجرة المثل هل يؤثر ذلك على صحة الاجارة؟ والجواب على هذا ان العقد صحيح اذا انتفت عنه الشروط السابق ذكرها ولم يوجد في العقد من الشروط ما يتنافى معه ومع مقتضاه، ورضا المستأجر بدفع اجرة اكثر من اجرة المثل هو في مقابلة وعده بتمليكه العين التي استأجرها اما هبة او بيعا مخفضا ثمنه.ولو حصل على العين المؤجرة مدة الاجارة تلف بدون سبب من المستأجر من تقصير او تعد او اهمال في حفظها ضاع حقه في الوفاء بالوعد بالتملك وضياع هذا الحق عليه يعطيه حق مطالبة المؤجر برد ما زاد عن اجرة المثل، حيث ان بذله ذلك كان في مقابلة وعده بالتمليك فتعذر فله حق التعويض عن ذلك باسترداد مازاد عن اجرة المثل, اما اذا كان تلف العين المؤجرة بسبب عدوان المستأجر او تقصيره او اهماله في حفظها فعليه ضمانها لمالكها المؤجر، وعلى المؤجر دفع ما زاد عن اجرة المثل للمستأجر؛ لفوات حقه في التمليك الموعود به بتلف العين, على ان هذا يحتاج الى اجتهاد قضائي في تقدير حق كل من الطرفين المستأجر والمؤجر، لان التلف يحتمل ان يكون في اول مدة الاجازة او في وسطها او في نهايتها وفي حال وجود التلف في نهاية المدة فقد يُظلم المؤجر في حال الحكم عليه برد ما زاد عن اجرة المثل ويحكم له بقيمة السيارة وقت تلفها والحال ان المدة قد استهلك غالب عمر العين المؤجرة خلالها وعليه فان هذه المسألة خاضعة للقضاء, هذا ما تيسر ذكره والله المستعان.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي


    الموضوع الثالث : الإيجار المنتهي بالتمليك

    v تعريفه؟

    v أصله ومنشؤه؟

    v الخلاف الفقهي المعاصر حوله؟

    v الشروط والتعديلات التي يتطلبها بعض العلماء لجوازه؟

    v قرارات الهيئات والمجامع؟

    v الإيجار المنتهي بالبيع؟

    v الإيجار المنتهي بالهبة؟

    v حقوق الطرفين عند التخلف عن السداد؟

    v حقوق الطرفين عند إفلاس أحدهما؟

    v حقوق الطرفين عند تلف السلعة؟

    v الطرف الذي يتحمل الضرائب والرسوم ونفقات الصيانة والإصلاح والتامين؟

    v نماذج العقود؟

    http://islamiccenter.kaau.edu.sa/Mag/Elanat_3.HTM


    في بحث للدكتور شوقي احمد ..
    التأجير المنتهي بالتمليك أداة تجارية تمويلية مقبولة شرعا





    تناول الدكتور شوقي أحمد دنيا استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الشريف موضوع الإجارة المنتهية بالتمليك ضمن فعاليات مجمع الفقه الاسلامي المنعقد في مدينة الرياض.. وقد أشار في بحثه الى زهمية الايجار المنتهي بالتمليك باعتباره من ادوات التمويل في المعاملات العصرية مفرقا بين الإجارة التشغيلية والإجارة المالية وقد تم استعراض هذا البحث في جلسة يوم الاثنين 27/6/1421هـ ولأهمية هذا البحث تنشره "الرياض" كما ورد في نصه المقدم لمؤتمر مجمع الفقه الاسلامي.

    الإجارة أداة من أدوات التمويل المعتد بها في الاقتصاد الوضعي وفي الاقتصاد الاسلامي وهي أداة ذات مقومات وخصائص تميزها عما عداها من ادوات التمويل الأخرى (1) وقد تعرضت هذه الأداة القديمة الى الكثير من التعديلات كي تتلاءم ومتطلبات الحياة المعاصرة, وحتى تتمكن من تلبية اكبر قدر ممكن من احتياجات المؤجر في المقام الأول والمستأجر في المقام الثاني.

    وقد وصلت هذه التعديلات الى درجة جعلت من صيغة الإجارة صيغتين الصيغة القديمة او التقليدية المعروفة, والصيغة الحديثة التي هي من حيث الجوهر قد لا تمت للاجارة بصلة او بعبارة أخرى لا تأخذ من الإجارة الا اسمها والتطبيق المعاصر (2) اصبح يعرف جيدا مصطلحين متمايزين تماما, مصطلح الإجارة التشغيلية Operating Lease ومصطلح الإجارة المالية Finacial Lease وبحثنا هنا منصب على الإجارة المالية والتي من فصيلتها الإجارة المنتهية بالتمليك بحكم انها الصيغة الأحدث من جهة, والتي تداعب مصالح أجهزة التمويل المعاصرة من جهة ثانية.

    لكننا لن نغفل التعرض السريع للإجارة التشغيلية لعوامل عديدة من أهمها انها أمكن من الناحية الشرعية ثم انها لم تفقد صلاحيتها بل وفعاليتها التمويلية حتى في عصرنا هذا, خاصة اذا ما طورت من ناحية التصكيك (Securitization) بمعنى ايجاد "سندات او صكوك لها قابلة للتداول (3), ومن ناحية استخدامها من خلال صيغ أخرى كالوكالة والمضاربة.. الخ وبغض النظر عن ذلك فانها في ظل البيئة الاسلامية المعاصرة وما لها من خصائص اقتصادية مازالت لها مكانتها التمويلية.

    اما بالنسبة للاجارة فلنا معها وقفات طوال تغطي فيها بقدر الامكان اهم محاورها, والتي منها قضية المفاهيم والمصطلحات والصور المتعددة التي تتبدى فيها والتي تضفي على الموضوع قدرا كبيرا من الغموض بل واللبس, ثم تبريرات ظهور هذه الصور المتعددة والدوافع وراءها وهل كان وراء ذلك عجز الإجارة التشغيلية عن تلبية متطلبات جديدة أم عجز صيغ أخرى جعلت الفكر المالي يلجأ الى الإجارة مستخدما لها لكن مع خروج بها عن مألوفها؟ ثم ما هي الفوائد التي تحققها هذه الصيغة او هذه الأداة لكل من المؤجر والمستأجر والاقتصاد القومي عموما؟.

    وما هي الثغرات او المشكلات التي تثيرها هذه الأداة من الناحية العملية؟ ثم ما هو موقعها على خريطة التمويل للمصارف الاسلامية؟ وأخيرا موقف الفقه الاسلامي منها.

    1 ـ الإجارة التشغيلية: مفهومها وأهمية التمويل بها:

    أ ـ لو نظرنا لها من الناحية الشرعية والقانونية فهي عقد بين طرفين على تمليك منفعة (4) يستوي في ذلك ان تكون المنفعة منفعة اصل مالي مثل الآلة والعقار.. الخ, وان تكون منفعة انسان ما.

    والمهم في الموضوع ان تكون المنفعة مباحة شرعا وان تكون قابلة للانفصال عن الاصل دون هلاكه مباشرة وان تكون معروفة محددة بشكل يمنع الجهالة المفضية الى النزاع الى آخر ما هنالك من اشتراطات شرعية تستهدف جميعها قيام هذا العقد بانتاج آثاره وتحقيق مقصوده على الوجه الأمثل.

    ولو نظرنا لها من الناحية الاقتصادية فهي نشاط اقتصادي تبادلي قد يدخل في نطاق التجارة اذ هي قرينة البيع او أحد فروعه.

    ولو نظرنا لها من الناحية المالية فهي نشاط تمويلي وان كان البعض يتحفظ على ذلك ناظرا لها على انها نشاط تجاري (5) لكنها عن التحقيق لا تخلو من عناصر تمويلية بارزة اذا ما فهمنا التمويل بمعناه الواسع ويزداد بروز الجانب التمويلي فيها بتأجيل الإجرة أو الأجر وكذلك بايجاد صكوك لها.

    وبخصوص مدة الإجارة لم يضع الفقه في ذلك شروطا حاسمة, اللهم الا شرطا واحدا هو ان تظل العين خلالها صالحة لتقديم هذه المنفعة طالت المدة أو قصرت (6) ومن الواضح أن هذا الأمر ظني , متوقف على غلبة الظن والتوقع والا فهناك عوامل متعددة لا يمكن التأكد منها, لها دورها الحاسم في تحديد العمر الانتاجي للأصل المنتج اذن هي قابلة لامتداد المدة امتدادا طويلا بطول عمر الاصل المنتج للمنفعة, وهذه قضية مهمة نتعرف عليها بعد استعراضنا للاجارة المالية.

    ومن الجوانب الفقهية او الشرعية ذات الاهمية هنا ما يتعلق باللزوم والجواز في عقد الإجارة فهل الإجارة عقد لازم ام عقد جائز؟ أم هي عقد لازم لطرف وجائز للطرف الثاني؟ (7) وايضا فان لهذه الزواية اهمية كبرى في عصرنا الحاضر كما سنرى عند دراستنا للاجارة المالية.

    وأخيرا فان مسألة الصيانة والنفقة والضمان من المسائل بالغة الأهمية في ضوء التطور الحديث الذي جاء لنا بالإجارة المالية والمدون في فقه الإجارة انه لا ضمان على المستأجر الا بالتفريط او التعدي وما عدا ذلك فاشتراطه مناف لمقتضى العقد, ومن ثم فلا يصح, والمعروف كذلك لدى جميع الفقهاء ان صيانة الأصل المؤجر على المؤجر وليس على المستأجر ولو اشترطه على المستأجر فهو شرط فاسد لا أثر له, لكن حقيقة الصيانة وبنودها كل ذلك راجع الى العرف السائد والتأمين على سلامة الاصل مسؤولية المؤجر, لكن من حقه ان يوكل المستأجر في القيام بذلك على اساس انه اصبح جزءا من الأجرة المقررة (8), والمهم في الأمر كله الا يؤدي شيء من ذلك الى جهالة الأجرة ومن ثم الغرر والافضاء الى النزاع وبالتالي عدم قيام عقد الإجارة بتحقيق المقصد منها..

    ب ـ أهمية التمويل بالإجارة:

    يوفر التمويل بالإجارة للحياة الاقتصادية خدمات عديدة لا ينهض التمويل بغيرها بتوفيرها لما هنالك من تمايز في الخصائص والطبائع بين كل أداة تمويلية واخرى فليس كل فرد في حاجة الى منفعة ما بقادر على تملك الاصل المنتج لهذه المنفعة ومن ثم يقف عاجزا عن اشباع هذه الحاجة مما قد يرتب المزيد من المضار الاقتصادية. فهل كل مزارع لديه القدرة على امتلاك جرار زراعي او طلمة مياه او محراث؟ وهل كا صانع لديه القدرة على امتلاك محل لصناعته؟ وكذلك الحال في التاجر وفي الطبيب وغيرهما بل هل كل فرد بقادر على ان يؤمن بنفسه ولنفسه كل الخدمات المحتاج اليها من علاج لتعلم لتصنيع لما يحتاجه من حاجات غير محدودة في انواعها ونوعياتها؟ من هنا تظهر اهمية الإجارة على مستوى المستأجر, وعلى مستوى الاقتصاد القومي, ولا تقل اهميتها على مستوى المؤجر عن هذه الأهمية, فليس كل صاحب مال بقادر على استغلال ماله وتوظيفه بنفسه او براغب في ذلك وهو في الوقت ذاته غير مستغنى عنه. فلا هو بقادر او راغب في تشغيله, ولا هو براغب في نفس الوقت في التخلص منه بالبيع وبذلك يبقى المال معطلا من جهة ويبقى الخبرة والصنعة والحرفة. وهنا تجيئ الإجارة لتواجه هذه الوضعية (9) ومما هو جدير بالاشارة ان فقهاءنا القدامى قد اشاروا الى ذلك ونبهوا عليه في تراثنا الفقهي العريق, يقول ابن قدامة: "ان الحاجة الى المنافع كالحاجة الى الأعيان فلما جاز العقد على الأعين وجب ان تجوز الإجارة على المنافع ولا يخفى ما بالناس من الحاجة الى ذلك فانه ليس لكل احد دار يملكها, ولا يقدر كل مسافر على بعير او دابة يملكها, ولا يلزم اصحاب الأملاك اسكانهم وحملهم تطوعا وكذلك اصحاب الصناعئع يعملون بأجر ولا يمكن كل احد عمل ذلك, ولا يجد متطوعا به فلابد من الإجارة لذلك, بل ذلك مما جعله الله طريقا للرزق حتى ان اكثر المكاسب بالصنائع (10) ويقول الكاساني: "ان الله تعالى انما شرع العقود لحوائج العباد, وحاجتهم الى الإجارة ماسة, لأن كل واحد لا يكون له دار مملوكة يسكنها او ارض مملوكة يزرعها او دابة مملوكة يركبها, وقد لا يمكنه تملكها بالشراء لعدم الثمن ولا بالهبة والاعارة لأن نفس كل واحد لا تسمح بذلك فيحتاج الى الإجارة فجوزت لحاجة الناس كالسالم ونحوه" (11).

    وقد يكون من المفيد صياغة اهمية التمويل بالإجارة صياغة فنية مالية وذلك على النحو التالي (12):

    أولاا : بالنسبة للمستأجر:

    1 ـ الاستفادة من الأصول الرأسمالية في نشاطه دون الحاجة الى تخصيص جزء من سيولته لشرائها, مما يتيح له فرصة أوسع في توظيف أمواله واستخدامها في تحقيق مقصوده, فهي كما يقال تمويل من خارج الميزانية, وتظهر أهمية ذلك بشكل بارز كلما كبر ثمن هذه الأصول وكلما غلبت حالة الكساد.

    2 ـ الحماية من آثار التضخم, ويبدو ذلك جليا كلما كانت مدة الإجارة طويلة وكانت الأجرة محددة وشاعت حالة التضخم.

    3 ـ تتيح له التمويل بنسبة 100% حيث لا يتحمل عادة بأية نسبة من قيمة الأصول, عكس ما هو عليه الحال في العديد من أدوات التمويل الأخرى.

    4 ـ تحقيق إمكانية التوسع في مشروعه وسرعة الحصول على المعدات المطلوبة والمتطورة دون الاضطرار إلى التوسع في عدد الملاك أو طرح أسهم جديدة, وما قد ينجم عن ذلك من مشكلات.

    5 ـ تهيىء للمشروع فرصة جيدة لبرمجة نفقاته في المستقبل, والتعرف عليها سلفا , مع عدم تحميله لمشكلات الاستهلاك والمخصصات.

    6 ـ الاستفادة من ميزات ضريبية, حيث إن الاجرة تخصم من الأرباح قبل فرض الضريبة عليها, عكس ما لو كانت حصة مشاركة فهي توزيع للربح وليست عبئا عليه, ومن ثم فلا يستفيد من تخفيض الضرائب, مما يجعل التمويل بهذه الأداة غالبا أقل كلفة من غيره, خاصة وأن المؤجر, نظرا لما يتمتع به من ميزات ضريبية فإنه يعرض معداته بسعر منخفض.

    7 ـ ثم هي في النهاية تعد أداة مغايرة لغيرها من الأدوات التمويلية, ما يتيح لطالب التمويل الحصول على احتياجاته تحت أفضل الشروط.


    ثانيا : بالنسبة للمؤجر:

    1 ـ تتيح له فرصة توظيف ماله مع عدم التعرض لقيود الائتمان الداخلي.

    2 ـ وجود ضمان قوى, عكس ما لو تم التمويل من خلال البيع الآجل أو المنجم, حيث إن الأصل المؤجر مازال على ملكيته, ومن ثم يستطيع استرداده عند الحاجة دون قدرة المستأجر على التصرف فيه, أو مشاركة الغرماء له عند إفلاس المستأجر.

    3 ـ الاستفادة من بعض الميزات الضريبية التي يوفرها له الكثير من القوانين السائدة.

    4 ـ تتيح له امكانية تخطيط ايراداته المستقبلية, وفي بعض صور التأجير يضمن المؤجر استمرارية التأجير إلى نهاية العمر الإنتاجي للأصل, وكذلك تحميل المستأجر ببعض الضمانات والمخاطر.

    5 ـ يـمك ن التمويل بهذا الأسلوب المؤسسات الإسلامية من الاشتراك مع المؤسسات المالية التقليدية في تقديم التمويل المطلوب, مثل اشتراك شركة الراجحي مع بنك تشيز مانهاتن في تقديم تمويل لتأجير طائرات لشركة طيران الإمارات, مما يحقق للمؤسسات المالية مجالا أرحب وفرصا أوسع للاستفادة من خبرات الغير.

    6 ـ في بعض حالات تكون مخرجا جيدا لتوظيف الأموال دون التفريط في ملكيتها مثل أموال الوقف وبعض الأموال الحكومية.


    ثالثا : بالنسبة للاقتصاد الدولي:

    1 ـ تسهم بفاعلية في توظيف ما لدى المجتمع من موارد وطاقات وخبرات.

    2 ـ تسهم في اقامة المشروعات دون تباطؤ كبير في انتظار الحصول على التمويل اللازم, ومن ثم عدم التعرض للتضخم والارتفاع المستمر في أسعار المعدات, كما أنه يتيح للمشروعات الوطنية فرصة الاستفادة من المعدات الحديثة.

    3 ـ كما يعمل على المزيد من تراكم رؤوس الأموال.

    4 ـ لا يتسبب في ارهاق الميزان التجاري للدولة إذا ما كان القائم بالتمويل شركة أجنبية, حيث لا يضطر المستثمر الوطني إلى شراء هذه المعدات من الخارج.


    2 ـ الإجارة المالية ـ صور ومفاهيم:

    بداية تجدر الإشارة إلى أن التطبيق المعاصر لأداة الإجارة قد استحدث صورا وأساليب متعددة, ومن ثم فقد ظهر في القاموس التجاري الحديث , وكذلك القاموس المالي العديد من المصطلحات والتي تحمل مفاهيم متغايرة بدرجة أو بأخرى, فكثيرا ما نطالع مصطلحات: التأجير التمويلي, التأجير الساتر للبيع, التأجير الشرائي, التأجير المنتهي بالتمليك, الإجارة والاقتناء التمويل الايجاري...الخ.

    هذا التعدد الواسع في المصطلحات هو في حد ذاته مدعاة للغموض, خاصة إذا ما علمنا أننا إذا بحثنا في مفاهيم ومضامين هذه المصطلحات, وهل هي مفاهيم واحدة وبالتالي تكون هذه المصطلحات مترادفة أم هي مفاهيم مختلفة, ومن ثم تصبح هذه المصطلحات معبرة عن صور عديدة متنوعة الخصائص, إذا ما أردنا ذلك فإننا لا نستطيع الحسم في المسألة, مما يزيد الموقف غموضا , حيث نجدها أو بالأحرى بعضها يعامل عند البعض على أنه مترادفات, بينما لا يراه البعض الآخر كذلك.

    ثم إننا لا نملك اتفاقا بين الكتاب والتطبيقات حول ماهية كل صورة وخصائصها. وهكذا يجد القارئ لهذا الموضوع قدرا كبيرا من العناء في البحث والتحري وتجلية موضوعه ومقصوده, وربما كان مرجع ذلك كله أن هذه الاستحداثات الجديدة في استخدام صيغة أو أداة الإجارة التقليدية التي يعرفها الإنسان حق المعرفة منذ آماد وعصور بعيدة قد نشأت في ظل أنظمة وقوانين وضعية مختلفة ومتغايرة في نظراتها وتوجيهاتها, كما أنها جاءت بهدف تلبية رغبات متنوعة من مكان لآخر, فبعض القوانين الوضعية تعطي حقوقا للمؤجر والمستأجر لم تعطها لهما قوانين وضعية أخرى, وبعض القوانين تشترط في بعض الصور شرطا لم تر اشتراطها قوانين أخرى وربما تمنعها, وبعضها اهتم أكثر بعناصر التأجير بينما الآخر اهتم بعنصر التمويل أكثر..الخ(13).

    وفي ضوء هذا الغبش الفكري نجد من أنسب المناهج التي يمكن استخدامها في دراسة الموضوع جمع كل هذه الصور المستحدثة تحت مصطلح كبير جامع هو الإجارة المالية ليكون في مقابلة المصطلح الآخر المعروف بالإجارة التشغيلية, وعلى أساس أنه يندرج تحته كل الصور المستجدة وكل هذه المصطلحات المستحدثة, والتي سلفت الإشارة إليها(14) وربما كان أفضل تعريف للإجارة المالية هو تعريف لجنة الأصول المحاسبية الدولية, والذي يذهب إلى أنها "عقد الإجارة الذي تتحول من خلاله كل مخاطر ونفقات ملكية الأصل من المؤجر إلى المستأجر, سواء تحولت ملكية الأصل للمستأجر في النهاية أم لا"(15) وفيما يلي نعرض بعض الصور المشهورة للإجارة المالية(16):

    أ) الإجارة بدون خيار الشراء أو تجديد الإجارة: معنى ذلك أنه في نهاية مدة الإجارة يكون للمؤجر الحق الكامل في التصرف في الأصل المؤجر والاستفادة منه, وهذه الصور ليس لها رصيد واقعي كبير, لأنها غالبا ما لا تشبع للمؤجر رغباته, خاصة إذا كانت مدة الإجارة لا تقل عن العمر الإنتاجي المفترض للأصل المالي: كما أنها لا تحقق للمستأجر ميزة على الإجارة التشغيلية مع تحميلها إياه لعبء النفقات والصيانة ومخاطر الملكية.

    ب) الإجارة التي يمتلك فيها المستأجر بنص العقد الأصل المؤجر دون أية ثمن, بمعنى أنه بسداد القسط الأخير يصبح الأصل موضع الإجارة ملكا للمستأجر دون الحاجة إلى أية إجراءات جديدة ودون الالتزام بدفع أي شيء جديد, وهذه الصورة لها أكثر من مصطلح, فهي تسمى التأجير الشرائي أو البيعي, كما تسمى البيع عن طريق التأجير, وكذلك التأجير الساتر للبيع, وأيضا البيع الايجاري.

    وأيا كان المصطلح فهو مترجم عن Hire-Purchase ومن الواضح أن هذه الصورة هي من حيث الجوهر والحقيقة بيع وليست إجارة, فهو بيع مقسط تؤول الملكية فيه إلى المشتري "المستأجر" بسداده لأقساط الثمن "الأجرة"(17) ومن الواضح أن قسط الإيجار مراعى فيه سداد جزء من ثمن الأصل وتحقيق قدر من العائد(18). وصياغة العقد تحت بند الإجارة وليس البيع مرجعه تحقيق العديد من المزايا المؤجر, ومن ذلك ما يتعلق بالضرائب, والاحتفاظ بحق الملكية أيا كانت الظروف. وهذه الصورة من الإجارة غالبا ما تكون ثنائية الطرفين, ولا تتطلب طرفا ثالثا , كما هو الحال في بعض الصور الأخرى.

    جـ) الإجارة التي يمتلك فيها المستأجر الأصل في نهاية المدة بثمن رمزي. ويعنى ذلك أن ينص في العقد على المستأجر إذا سدد ما عليه دون تأخير فله حق تملك السلعة ملكية تامة بثمن رمزي مقداره كذا, وبالتأمل في هذه الصورة نلاحظ أن الأقساط الإيجارية هنا تعادل ثمن الأصل مع هامش ربح ارتضاه المؤجر, وإنما وضع هذا الثمن الرمزي الذي لا يمثل بحال ثمن الأصل بل ولا جزءا ذا بال منه ليظهر العقد في صورة عقد إجارة, وليس عقد بيع, حتى يتحقق للمؤجر ما يصبو إليه من ضمان لحقوق في الأصل كلمة, حتى يسدد المستأجر كل ما عليه من أقساط.

    د) الإجارة مع تملك المستأجر للأصل بعد سداد القسط الأخير ودفع ثمن حقيقي, والفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة أن الثمن هنا ثمن حقيقى, ومن الواضح أننا هنا أمام عقد إجارة حقيقي وليس عقدا صوريا قد اقترن به عقد بيع حقيقي, وهذا الثمن المتفق عليه قد يجري تحديده عند ابرام عقد الإجارة أو يتفق على أن يحدد عند انتهاء عقد الإجارة, ومما يترتب على ذلك اختلاف واضح في مقدار القسط الإيجار في الصورة عنها في الصورة السابقة.

    هـ) الإجارة ذات الوعد بالبيع في حالة سداد القسط الأخير, وهنا احتمالات عديدة قد يكون البيع بغير ثمن بعد دفع الأقساط, وقد يكون الثمن رمزيا , وقد يكون الثمن حقيقيا , وتكييف هذه الصورة من الناحية القانونية يتوقف على نوعية الثمن, فهل هو ثمن حقيقي أم هو ثمن رمزي أم هو بغير ثمن كلية؟ وكل حالة من هذه تلحق بالصورة المتفق معها السالفة, غاية الأمر أن هناك وعدا بالبيع, وفي الصور السابقة كان هناك عقد بيع.

    ي) الإجارة ذات الخيار المتعدد للمستأجر حيث يبرم عقد الإجارة على أساس للمستأجر في نهاية مدة الإجارة الحق في أحد ثلاثة أمور, إما مدة الإجارة, وإما إعادة الأصل للمؤجر وإما تملك الأصل من خلال ثمن محدد عند بداية التعاقد أو ثمن يحدد عند نهاية مدة الإجارة في ضوء الأسعار السائدة في ذلك الحين, ويلاحظ أن هذه الصيغة تعتبر عمليا أحدث تطوير طرأ على صيغة الإجارة وتسمى عادة لدى القانونيين بـ"عقد الليزنج" (Leasing) الذي يعني عربيا عقد تمويل المشروعات أو عقد التمويل الانتمائي, وهو عقد ثلاثي الأطراف, فهناك المؤجر, وهناك المستأجر, وهناك المورد أو البائع, معنى ذلك أن هذه الصورة تقوم على أطراف ثلاثة وليس على طرفين, كما هو المعتاد, والملاحظ كذلك ان هنا عدة عقود مقرونة بعدة وعود, ويشيع إطلاق مصطلح التأجير التمويلي على هذه الصورة, وهناك خلاف شديد بين القانونيين على تكييف هذا العقد, وأبسط تصوير لعقد التأجير ثلاثي الأطراف, ان هناك المستأجر الذي يطلب الأصل الإنتاجي وهو عادة يطلبه من المؤجر, الذي هو في تلك الحالة قد يكون إحدى شركات التأجير المتخصصة أو أحد المصارف أو غير ذلك, ومهمة هذا الطرف هنا تمويلية محضة بمعنى ان يلجأ إلى طرف ثالث يسمى المورد أو البائع والذي مهمته تصنيع الأصل للمؤجر أو بيعه له, وبالتالي فإن الاتفاق يبدأ بين المؤجر والمستأجر على ان يقوم المؤجر بتملك الأصل المعين المحدد من قبل جهة ما قد تكون محددة معينة على ان يقوم بتأجيره للمستأجر مدة كذا بإيجار كذا وأقساط كذا واتفاق بينهما على ما يؤول إليه الحال في نهاية مدة الإيجار, وعادة فإن الذي يمارس المفاوضة مع المورد هو المستأجر, بتوكيل وتفويض من المؤجر.

    3 ـ الإجارة التشغيلية والإجارة المالية ـ مقارنة:

    من خلال هذا العرض السريع للعديد من صور الإجارة المالية, بالاضافة إلى التعرف على مفهوما لدى الفكر الوضعي, وما هو معروف عن الإجارة التقليدية, أو بالتعبير الحديث الإجارة التشغيلية فإنه يمكن التعرف على أهم الفروق القائمة بين الصيغتين, ويمكن القول إن هناك العديد من الفروق بينهما بعضها تعد فروقا جوهرية وأخرى أقل جوهرية, وبعضها لا يتخلف في أي صورة من صور الإجارة المالية مخالفا بذلك الإجارة التشغيلية وبعضها يظهر في بعض صورها دون البعض الآخر, وقد تعرض الكثير من الكت اب لهذه المقارنة الأمر الذي يجعلنا هنا في غير حاجة ملحة إلى التعرض المفصل لها.

    وقد يكون من أهم الفروق بينهما ما يتعلق بمسألة المخاطر وتحمل النفقات, فهي في التشغيلية مسؤولة المؤجر بغير خلاف, لكنها في المالية مسؤولية المستأجر في كل صورها. وقد كان ذلك من أهم الدوافع وراء ظهور الإجارة المالية بصورها المختلفة.

    كذلك نلاحظ انه في معظم صور الإجارة المالية انها تنتهي بالتمليك, مهما كانت الصورة, سواء من خلال الوعد أو العقد, وسواء كان ذلك بغير ثمن محدد بعد أقساط الإجارة أو بثمن محدد, رمزيا أو حقيقيا, أو بثمن يحدد حسب سعر السوق عند انتهاء الاجارة, وسواء كان من خلال منح الحق للمستأجر في اختيار خيار الشراء عند انتهاء الإجارة, وبالتالي فإنه في غالب الحالات نجد المال انتقال ملكية الأصل إلى المستأجر.

    ونجد البداية هو القصد إلى ذلك, فكل منهما في غالب الأمر يدخل على التعاقد بنية انتهاء الإجارة بالتمليك العيني للأصل, أي بالبيع بعبارة أخرى, بينما لا مجال لذلك في الإجارة التشغيلية, يضاف إلى ذلك انه في غالب الأمر نجد ان مدة الإجارة المالية من الطول بمكان بحيث تصل أو تقارب العمر الانتاجي للأصل المؤجر, بينما الحال في الإجارة التشغيلية هو إمكانية قصرالمدة إلى حد كبير عن العمر الانتاجي للأصل, وكذلك إمكانية تطويلها بحيث تصل إلى عمر الأصل.

    كما نجد ان الإجارة المالية طابعها الإلزام وعدم إمكانية الانهاء قبل المدة المتفق عليها لا من قبل المؤجر ولا من قبل المستأجر, وألا تحمل الشرط الجزائي, حيث ان ذلك يتنافى ومقصود وطبيعة هذه الإجارة, بينما في الإجارة التشغيلية وان كانت لازمة شرعا إلا ان من الممكن انهاؤها في بعض الحالات دون تحمل شروط جزائية.

    4 ـ الإجارة المالية واحتياجات المؤجر والمستأجر:

    بعد استعراضنا لصيغتي الإجارة بصورها المختلفة يطرح علينا تساؤل له أهميته: ما الذي حققته الإجارة المالية من ميزات للمؤجر؟ أو بعبارة أخرى ما هو الجديد في الإجارة المالية من وجهة نظر المؤجر؟

    أ) سبق ان أشرنا إلى ان التطوير الذي أدخله التطبيق المعاصر على صيغة أو عقد الإجارة كان وراءه في المقام الأول رغبات واحتياجات للمؤجر لا ينهض بتلبيتها عقد البيع الآجل من جهة ولا عقد الإجارة التشغيلية من جهة أخرى, فما هي هذه الرغبات التي تلبيها الإجارة المالية؟

    إن التمويل من خلال التأجير له ميزاته وخصائصه, وله كذلك سلبياته. وبدراسة الإجارة المالية نجد انها من وجهة نظر المؤجر تحقق له أمورا ما كان للإجارة التشغيلية ان تحققها, ومن ذلك قضية نقل مخاطر وأعباء الملكية إلى المستأجر, فهو المسؤول عن أي خطر يلحق بالأصل, فنيا كان أو غير فني, وهو المسؤول عن صيانته والانفاق عليه بحيث يظل صالحا لتتقديم المنفعة.

    ولا شك ان ذلك يمثل أهمية كبرى لدى المؤجر لما يرفعه عن كاهله من مخاطر قد تكون جسيمة ومن نفقات قد تكون كبيرة, وبالتالي تجعله يقدم بقوة على القيام بهذا النشاط ذي الأهمية التجارية من جهة والتمويلية من جهة أخرى, عكس ما هو عليه الحال لو كانت الصيغة المستخدمة هي الإجارة التشغيلية, ثم إنها تضمن له في غالب الصور التأجير إلى نهاية عمر الأصل, وبالتالي يكون التوظيف والتشغيل مستمرا غير منقطع ولا متوقف, كما انها تحقق له التخلص من ملكية الأصل في النهاية, ومعنى ذلك انه قد وظف ماله توظيفا مستمرا محققا له العائد الذي يرجوه, مع عدم تحمل مخاطره ونفقاته.

    كذلك فإن الأنظمة الضريبية في بعض الدول الغربية تقدم ميزات جيدة للاستثمار في الأصول الثابتة جعلت الشركات تقوم على الاستثمار في هذه الأصول, فتقل الضرائب عليها من جهة وتستفيد من تأجيرها للغير من جهة ثانية, مع الاحتفاظ بحق الملكية إلى ان يتم سداد الثمن.

    ب) إلى أي مدى راعت الإجارة المالية احتياجات ومطالب ومصالح المستأجر؟ من الواضح ان الإجارة المالية, ظهرت في الأساس لتلبية رغبات المؤجر, ومن المعروف ان رغبات المؤجر قد لا تتمشى مع رغبات واحتياجات المستأجر, فهما طرفان متقابلان, ولذلك لا نعجب إن وجدنا ان الإجارة المالية لم تحقق للمستأجر حاجات ورغبات بقدر ما سلبت منه من ميزات قدمتها له الإجارة التشغيلية, مثل تحمل المخاطر والنفقات, وكذلك إلزامه بالتأجير لفترات طويلة, قد لا يكون في حاجة ملحة إليها, وأيضا قد لا يكون من مصلحتك تملك الأصل في النهاية إضافة إلى ما قد يكون هناك من مغالاة في قيمة الأقساط حيث لا تخضع للسعر السائد في السوق للأصول المناظرة, ومع ذلك فلم تعدم الإجارة المالية ان تقدم بعض الميزات للمستأجر حتى وان كان من خلال ما تقدمه من ميزات للمؤجر, وبالتالي يجد المستأجر بسهولة سوقا متاحة للتأجير, عكس ما لو لم تكن هناك ميزات فيها للمؤجر, ومع ذلك فهي توفر للمستأجر فرصة التملك للأصل بثمن مقسط يستطيع تحمله من خلال ما يحققه من إيراد من تشغيل هذا الأصل, كما أنها تتيح له فرصة الحصول على احتياجاته المحددة بسرعة وبدون الاضطرار إلى البحث عمن لديه هذه الأصول ويرغب في تأجيرها.

    5 ـ الإجارة المالية والمصارف الإسلامية:

    رغم ما للتمويل بالإجارة من أهمية لما يحققه لكل من طالب التمويل ومقدمه من فوائد ومنافع فإن استخدام المصارف الإسلامية له لم يكن على الوجه الذي يتفق وهذه الأهمية, ومرجع ذلك اعتبارات عديدة, منها ضعف الوعي بهذه الأداة وما تحققه من مزايا, إضافة إلى الانبهار ببعض الأدوات التمويلية الأخرى وخاصة أداة المرابحة, وأيضا ما هناك من قيود وعقبات قانونية ومؤسسية, وعدم انتشار المؤسسات المتخصصة في هذا النشاط, هذا كله مع ما للتمويل بالإجارة من خصائص قد لا تتمشى غالبا وطبيعة العمل المصرفي والقائم أساسا وحتى في ظل المصارف الإسلامية على إيداعات قصيرة الأجل مع ان التأجير عادة ما يكون متوسط أو طويل الأجل, يضاف إلى ذلك عدم توفر الخبرة الكافية لدى المصارف في شراء المعدات والأصول الإنتاجية وكذلك ما تتطلبه من صيانة وتخزين إضافة إلى ما تتعرض له من مخاطر الركود وعدم التشغيل, وما تستدعيه من استهلاكات ومخصصات, وما تتعرض له من مخاطر سوء استخدام المستأجر لهذه المعدات واحتمالات التوقف عن سداد الأقساط, وغير ذلك.

    ومن الواضح ان الإجارة المالية تزيل الكثير من هذه العقبات, فترفع عن المصارف المخاطر والأعباء والنفقات كما انها لا تحملها مؤونة الشراء والتخزين, حيث يتولى ذلك نيابة عنها المستأجر, وتقيها مخاطر التعطل, ولا تمكن المستأجر من المماطلة أو إنهاء العقد لأن ذلك في غير صالحه, وبرغم هذا فلم تخل من مشكلات وتحديات, منها ما يرجع إلى طول مدة التأجير, ومن ثم فإن هناك احتمالية تغير الأسعار والذي قد يغري المودعين بسحب إيداعاتهم مما قد يسبب أزمة للمصارف, وقد حاولت المصارف التغلب على ذلك بالاتفاق على تغيير القسط الإيجاري كل فترة محددة من الزمن مع وضع شروط جزائية تجعل من العسير على أي من الطرفين الإقدام على فسخ العقد.

    ومن الناحية العملية فإن هناك من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية من مارس التمويل بهذه الصيغة وقد ظهر ذلك بوضوح لدى مصرف فيصل ـ البحرين وشركة الراجحي والتي قامت باستخدامه في تمويل صفقات عديدة من الطائرات والسفن والعقارات, وطبقا لصيغ بعض العقود التي أبرمتها الشركة في هذا الصدد نجد انها من أقرب التطبيقات المعاصرة إلى القبول الشرعي, وكل ما لوحظ عليها ان تتعامل بالوعد الملزم بالبيع.

    ولم يصرح البنك المركزي للمصارف الإسلامية في مصر بممارسة هذا النشاط.

    6 ـ الإجارة المالية نظرة شرعية:

    الإجارة التشغيلية سواء نظرنا لها كنشاط تجاري أو كنشاط تمويلي هي أداة تجارية تمويلية مقبولة شرعا طالما التزمت بالشروط والأحكام الشرعية المعروفة.

    أما الإجارة المالية فهي موضع خلاف كبير بين الفقهاء المعاصرين, ولا ينجو من ذلك معظم صورها, وقد عقد لها مجمع الفقه الإسلامي جزءا من دوراته السابقة وقدمت فيها أبحاث عديدة لم تكن نتائجها متفقة إلى حد كبير وقد توصل إلى القول بجواز بعض الصور ورفض بعضها وتأجيل الحكم على بعضها الآخر لمزيد من الدراسة والبحث وهذا نص قراره في دورته الخامسة.

    أولا : الأولى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى منها البديلان التاليان:

    الأول: البيع بالتقسيط مع الحصول على الضمانات الكافية.

    الثاني: عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية:

    ـ مد مدة الإجارة.

    ـ إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها.

    ـ شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.

    ثانيا : هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة.

    ولنا ملاحظات عديدة على هذا القرار من حيث الشكل ومن حيث الموضوع, فهو في "أولا " يقول الأولى وليس في ذلك حسم للمسألة إذ معناه أن صور الإيجار المنتهي بالتمليك مقبولة شرعا لكنها ليست الأولى, ثم إن البديل الثاني هو داخل في عرف الاقتصاديين والماليين في صور الإجارة المنتهية بالتمليك. فكيف يكون بديلا عنها؟ وثالثا فإن "أولا " قد غطت كل صور الإجارة المنتهية بالتمليك كما هو نص الصياغة ثم تجئ "ثانيا " فتعارض ذلك وتقرر لها حكما أو موقفا مغايرا .

    وبالنظر في صور الإجارة المالية نجد أن مواطن النظر الفقهي قد انصرفت في معظمها إلى النواحي التالية:

    1ـ مسألة الصيانة وتحمل المخاطر, فمن الملاحظ ان كل الصور فيها تقوم على تحميل ذلك للمستأجر, وهذا مغاير للأصل القائمة عليه الإجارة التشغيلية الذي يحملها للمؤجر, طالما ان الأصل المالي ملكه, وطالما انه قد أجر منفعته لطرف آخر, فهو مسؤول عن تأمين هذه المنفعة, وقد خرجت الإجارة المالية على هذا الأصل, وعموما فإن اعمال الصيانة المعلومة يمكن أن يتحملها المستأجر على اساس انها جزء من الأجرة كما يمكن قيام التأمين على العين المؤجرة, وتحميله للمستأجر بضوابط معينة "26".

    وبالتالي فإن هذه الشبهة قد لا تقف حائلا امام شرعية هذا البند في الإجارة المالية.

    2ـ مسألة تأجير ما ليس عندك, ففي كثير من الحالات يبرم عقد الإجارة بين المؤجر والمستأجر دون ان يكون المؤجر قد امتلك الأصل المؤجر بعد, والمعروف ان هناك نهيا عن بيع ما ليس عندك, والإجارة نوع من البيوع, وإذن فلا مجال شرعا لقيام ذلك, وقد حاول بعض الفقهاء الخروج من ذلك بإيجاد وعد بالتأجير وليس عقدا للتأجير, لكن ذلك يدخلنا في مشكلة هل الوعد ملزم أم غير ملزم.

    فإن كان ملزما فهو بمثابة العقد, وإن لم يكن ملزما فقيمته قليلة وأثره في إغراء المؤجر يكاد يكون معدوما, وقدم بعض الباحثين مخرجا قد يكون قبوله والعملي العمل أكبر بكثير من فكرة الوعد, وهو الشراء مع الخيار لمدة محددة فإذا أنجز المستأجر ما وعد وإلا رد البيع على صاحبه "27".

    3ـ مسألة اجتماع أكثر من عقد, فهناك على الأقل في بعض الصور عقد تأجير وعقد بيع وقد يضاف عقود أخرى, وجمهور الفقهاء على جوار اجتماع عقد الاجارة مع عقد البيع "28" وبالتالي فلا تقف هذه الشبهة عائقا حيال القبول الشرعي لبعض صور الإجارة المالية, طالما ان كل عقد منهما قد استوفى أركانه وشروطه.

    4ـ مسألة وجود شروط في عقد الإجارة المالية, مثل اشتراط عدم تصرف المؤجر في السلعة طوال فترة الاجارة بما يضر بمصلحة المستأجر, وان يبيع المؤجر للمستأجر السلعة في نهاية المدة وان يكون للمستأجر الخيار بين كذا أو كذا, وقد اختلف الفقهاء في تقرير شرعية ذلك, فمنهم من ذهب إلى جوازه ومنهم من رفض "29".

    5ـ مسأل تعليق البيع, في صورة ما إذا كان تملك المستأجر يتم بعد سداد القسط الأخير دون دفع أي ثمن فمعنى ذلك ان الاقساط الإيجارية هي في الحقيقة اقساط ثمن الأصل. وقد كيف القانون الوضعي هذه الصورة بأنها بيع بالتقسيط دون الالتفات الى الصيغة المدونة. لكن قبول ذلك شرعا تحول دونه صعاب عديدة فالاقساط التي دفعت على انها اقساط إيجارية بحكم صيغة العقد, وبالتالي فهي أجرة, فكيف تحول إلى ثمن للأصل بعقد لاحق. إن ذلك لا يتمشى والأصول والقواعد الحاكمة والضابطة للعقود في الفقه الإسلامي. والمخرج من ذلك هو التحول من عقد الاجارة إلى عقد بيع مقسط مع اشتراط عدم نقل الملكية إلا بعد السداد لجميع الاقساط. وفي تلك الحالة لو توقف المشتري عند سداد بعض الاقساط فإن العقد يفسح وبأخذ البائع الأصل. وما سبق ان دفعه المستأجر يسوي من خلال القيمة الايجارية الحقيقية وما قد يكون هنالك من تعويض نتيجة الاخلال بالشروط "30". وتعليق عقود المعاوضات على بعض الشرط كما هو واضح في الاجارة المالية حيث عقد البيع معلق على الوفاء بجميع الاقساط, قال بعض الفقهاء بجوازه, وقال بعضهم بمنعه. وبالتالي فيمكن الأخذ برأي من قال بالجواز "31".

    6ـ مسألة الثمن الرمزي. سبق ان رأينا ان بعض صور الاجارة المالية ينص في عقدها على تملك المستأجر للأصل المالي بثمن رمزي. فهل يصح البيع بثمن رمزي؟ من حيث الاصل لا مانع على الطرفين, البائع المشتري في تحديد ما يريانه من ثمن للسلعة. لكن المسألة هنا ليست هكذا بوضوح, فهي مرتبطة بإجارة وبأقساط سبق دفعها, وهي في الغالب أكبر بكثير من الأقساط الإيجارية الحقيقية. ومعنى ذلك ان الثمن الرمزي المحدد ليس هو الثمن في الحقيقة بل هو جزء تافه من الثمن وبقيته ممثلة في الاقساط الإيجارية. وإذن فنحن كما لو كنا أمام انتقال الملك بمجرد سداد الاقساط. وقد رأينا سلفا ان الصواب في ذلك هو الابتعاد عن عقد الاجارة إلى عقد بيع منجم مشروط بعدم التصرف إلا بعد السداد لجميع الاقساط. وبعض المصارف واجهت ذلك عن طريق "الهبة" حيث ينص في عقد الاجارة انه بسداد جميع الاقساط يهب المصرف الاصل الانتاجي للشريك, ومن المعروف ان اجتماع عقد الاجارة مع عقد الهبة لاغبار عليه شرعا عند الكثير من الفقهاء. والمشكلة هنا ان عقد الهبة غير لازم في الكثير من القوانين الوضعية, ومعنى ذلك تعرض المصرف لمخاطر قد تكون جسيمة فيما لو أخل المستأجر بالاتفاق, ومع ذلك فهي من الناحية الشرعية محل تحفظ حيث ان حقيقتها ليست بهبة, خالصة وانما هي عملية معاوضة "32". يضاف إلى ذلك ان حالة السلعة محل البيع عند ابرام عقد الاجارة والذي هو في حقيقة عقد بيع لا تعرف لدى المتعاقدين عند انتهاء مدة الإجارة, ومن شروط صحة البيع المعرفة الجيدة بالسلعة محل التعاقد.

    7ـ الإجارة المالية ـ تقويم ختامي:

    مما سبق يمكن القول بإيجاز ان الاجارة التشغيلية مقبولة شرعا طالما استوفت أركانها وشروطها وهذه لا اشكال فيها, لكن المشكلة انها في كثير من الحالات قد لا تشبع رغبة المؤجر اساسا وكذلك رغبة المستأجر في أحيان قليلة, كما اذا كان له رغبة في تملك الأصل وليس معه ثمنه كاملا, ولا يجد من بيعه إياه بالتقسيط, لما قد يواجهه من مخاطر وأعباء.

    والإجارة المالية قد كفلت للمؤجر تلبية رغباته التي لم توفرها الاجارة التشغيلية, وكذلك البيع بالتقسيط. لكنها مع هذا كله تواجه بصعوبات شرعية تتطلب الحلول والمخارج, بعضها ممكن وبعضها غير ممكن إلا بالتحايل. كما انها في التطبيق العلمي ورغم مزاياها المتعددة فإنها تولد الكثير من المشكلات, مما جعل القانون الوضعي منقسما على نفسه في تكييفها من جهة وفي إجازة العمل بها من جهة ثانية. وكما يلاحظ فإن المصارف الإسلامية لم تمارس التمويل من خلالها إلا بنسب متواضعة وبعضها لم يمارسها على الاطلاق وبعضها محظور عليه ممارستها قانونا.

    وفي ضوء ذلك كله فإننا نرى التوسع في استخدام الاجارة التشغيلية والعمل على تطويرها بكل ما يمكن مع المحافظة على اصولها الشرعية وذلك مثل إيجاد سندات إيجارية. وكذلك فك الارتباط بينها وبين المصارف الاسلامية, بمعنى الترويح لها كوسيلة تمويلية مباشرة, لا تتطلب, أو بالأحرى لا تتوقف في معظم مجالاتها على قيام وسيط مصرفي, بل تقوم بذلك شركات تأجير متخصصة, وهي أقدر على ذلك من المصارف. إضافة الى التعرف على النماذج المختلفة التي يمكن من خلالها ممارسة عملية التمويل مثل الاجارة من خلال الوكالة والاجارة من خلال المضاربة والاجارة بطريقة المشاركة, وغير ذلك ما يمكن التعرف عليه واستخدامه. وقد تناول هذه النماذج بقدر من التفصيل دكتور سعود الربيعة. مع ملاحظة قد تكون لها أهميتها, وهي ان استخدام صيغة الاجارة المالية بصورها المختلفة حدث أولا في المجتمعات الغربية بدافع اساسي يتمثل في علاج مشكلات في التعامل بالبيع بالتقسيط ولم يكن الدافع بصفة عامة هو تطوير الاجارة التقليدية لتواجه ظروفا مستجدة.

    وليس معنى ذلك اغلاق الباب امام استخدام الاجارة المالية بكل صورها. فهذا أمر غير مقبول شرعا كما انه قد يكون غير مقبول عمليا, حيث ان السوق المالي في حاجة إليها. وإنما معناه ان نتحرى جيدا ما يمكن قبوله شرعا من صورها العديدة وما كان له رصيد عملي كبير في الحياة الاقتصادية حيث لا يثير من القضايا والمشكلات ما يجب ما لها من فوائد.

    وتجدر الإشارة إلى ان التعامل بالتأجير التمويلي أخذ في التناقص في الفترة الأخيرة لما يثيره من مشكلات عملية وقانونية.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    لقاءات الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين رحمه الله- (ج 201 / ص 20)
    حكم التأجير المنتهي بالتمليك:
    ______________________________ __________
    السائل: ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك؟ الشيخ: ما هو التأجير المنتهي بالتمليك؟ السائل: الذي يأجر سيارة لك وأنت تشتغل لمدة ثلاث سنوات وكل شهر تعطيه ثمانمائة ريال، ثم بعد ثلاث سنوات تملكها.
    ______________________________ __________
    الشيخ: تملكها من دون شيء؟! ما يصير هذا! هذا ما هو معقول! يقول: استأجر منك سيارة بمائة ريال كل شهر وبعد ثلاث سنين يملكها المستأجر، هذا ما هو معقول، لأن معنى ذلك الشركة تعطيك السيارة في النهاية مجاناً، وهي لا يمكن أن تفعل هذا. أجرت لك السيارة كل شهر بمائة ريال إلى ثلاث سنين وبعد ثلاث سنين أعطيتك إياها، صارت في النهاية السيارة جاءت (مجاناً) لأن المائة الريال مقابل انتفاعك بها، فتكون (مجاناً) هذا لا يمكن أن يعقل، لكن لا يمكن أن يقول: نأجرك بمائة ريال وبعد ثلاث سنين تكون لك، إلا إذا كانت الأجرة مضاعفة، بمعنى أنه لو استأجرتها من غير هذا، لكان بخمسين ريال في الشهر، عرفت أو لا؟ هذا هو المؤكد، فأنت الآن تدفع أجرة أكثر من العادة قطعاً، ولا يضمن لك أن السيارة تبقى إلى ثلاث سنوات بل قد تتلف باحتراق أو صدام أو غير ذلك، وإذا حدث هذا صار المستأجر غارماً أم غانماً؟ صار غارماً وخسرت كل شهر زيادة النصف وما استفاد. وإن بقيت السيارة فأنت غانم لأن السيارة جاءت (مجاناً) على أنني سمعت أنهم يقولون: إذا عجز عن تسديد آخر قسط أخذوا السيارة ولم يعطوه شيئاً، وهذا ظلم، لذلك هذه حيلة من أرباب الشركات والأموال أن يصطادوا أموال الناس في الماء العكر، وأصل الحيل في البيع والشراء جاءت من اليهود، فإنهم هم الذين تحايلوا لما حرمت عليهم الشحوم ماذا صنعوا؟ أذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها، وهذه المسألة الآن تحت أنظار هيئة كبار العلماء يبحثون فيها وسيصدرون فيها إن شاء الله فتوى في الجلسة القادمة، لأنهم حتى الآن لم يتصوروا كيف تتم هذه المعاملة، فلا تدخل في هذه المعاملة حتى يأتي الفتوى من هيئة كبار العلماء.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    لقاءات الباب المفتوح - (ج 205 / ص 7)
    حكم التأجير المنتهي بالتمليك في وكالات السيارات:
    ______________________________ __________
    السؤال: قضية التأجير المنتهي بالتمليك في وكالة سيارات, تأتي إليهم تستأجر سيارة فتدفع دفعة مقدمة, ثم تبدأ بالقسط الشهري، والسيارة باسم الشركة, أي: لا تملك بيعها إلا أنك تقودها فقط بإذن منهم, وفي النهاية هناك من الشركات من تطلب منك دفعة مؤخرة لكي تتملك بها السيارة, وهناك من تكتفي بسداد الأقساط، فما حكم ذلك؟
    ______________________________ __________
    الجواب: لماذا لا يقولون: أجرتك السيارة لمدة ثلاث سنوات, وبعد تمام ثلاث سنوات تشتريها أنت أو غيرك؟ لماذا لا يكون هذا؟ إذا أجرني السيارة لا يمكن أأجرها, لكن أتعرف ما هو السبب. أولاً: هم أذكياء، هم يريدون أنها إذا تلفت في هذه المدة تكون عليك أنت, لأنها ملكي أبيعها عليك. ثانياً: إذا كانت تؤجر في الشهر بألف ريال يكون عليك بألفي ريال, لأنك في النهاية ستملكها, ولهذا كانت هذه المعاملة قيد البحث والمناقشة في هيئة كبار العلماء، وربما إن شاء الله يصدرون فيها فتوى عن قريب, فأنت لا تستعملها حتى تخرج الفتوى.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 8 / ص 338)
    عقد الإيجار مع البيع
    المجيب د. سعد بن ناصر الشثري
    عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
    المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
    التاريخ 7/3/1425هـ
    السؤال
    ما حكم عقد شركة تويوتا وهو: عقد الإيجار مع البيع إذا أراد العميل، وليس وعد بالبيع بل بيع، وهذا ما ينص عليه عقد شركة عبداللطيف جميل (تويوتا)، ولدي جميع شروط العقد إن أراد المشايخ كتابتها جميعها وإرسالها (وهي طويلة جداً) فبالإمكان.. أفتونا مأجورين وما حكم الموظف الذي يكتب البيع بين الطرفين؟.
    الجواب
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فقد اطلعت على عقد الإيجار الصادر من الشركة المتحدة للبيع بالتقسيط المحدودة - قسم التأجير المنتهي بالتمليك-، وقد ظهر لي عدم صحة هذا العقد لكونه من باب العقدين في عقد واحد حسبما نصت عليه المادة السابعة من العقد، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيعتين في بيعة" رواه الترمذي (1231)، والنسائي (4632) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وورد أنه - صلى الله عليه وسلم- "نهى عن صفقتين في صفقة" رواه أحمد (3774) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد حكى طائفة الإجماع على ذلك.
    ويمكن تصحيح هذا العقد من خلال أحد الطرق الآتية:
    أولاً: جعله عقد بيع بالتقسيط فيه شرط جزائي عند عدم سداد الأقساط تنقلب الأقساط السابقة إلى أجرة عن المدة السابقة ويلغون البيع بها.
    ثانياً: جعله عقد بيع بالتقسيط على أن تكون السيارة مرهونة، فتقوم الشركة ببيعها عند عدم السداد وتستوفي بقية الثمن من قيمتها.
    ثالثاًً: أن يمتلك المشتري جزءاً من السيارة عند كل قسط يدفعه.

    رابعاً: أن يكون عقد الإجارة ينقلب بسداد جميع الأقساط إلى كونه عقد بيع ذاتياً بلا حاجة لعقد جديد، فهذه الصورة أرى جوازها وإن كان الأغلبية يرون المنع منها، ولا أنصح باستعمال هذه الطريقة داخل المملكة لكون القضاة لا يحكمون بها. أسأل الله للجميع التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 10 / ص 4)
    صفقة فيها مؤجل ومعجل وأقساط
    المجيب د. عبدالله بن ناصر السلمي
    عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
    التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
    التاريخ 9/1/1425هـ
    السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    اشتريت سيارة من إحدى الشركات دفعة مقدمة 10000 ريال، وقسط شهري 2400 ريال لمدة أربع سنوات مع دفعة مؤجلة 47000 ريال، ما حكم ذلك؟
    الجواب
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    مسألة الإيجار المنتهي بالتمليك كعقد الواضح فيه جواز ذلك غير أن الحكم يختلف حلاً أو حرمة أو صحة أو فساداً على حسب ما يوجد من الشروط في العقد، فلربما يوجد من الشروط ما يخالف مقتضى الإيجار المنتهي بالتمليك مثل ما يفعله غالب الشركات والمؤسسات التي تتعامل بالإيجار المتجدد في الواقع المعاصر حيث أن صورته تجارة وحقيقته بيع مع ما فيه من الظلم في الشروط التي تخالف مقتضى العقد؛ لأن الإيجار المقتضى فيه أن المستأجر لا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى، فإذا وجد ذلك فإن الإيجار المنتهي بالتمليك باطل وإذا وجد من الشروط ما لا يمنع من صحة العقد فإن العقد صحيح والشرط باطل.
    والفرق بين الأول والثاني هو أن يكون الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال فإذا كان الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال والبطلان أي: بطلان العقد، فإنه يدل على أن العقد باطل.
    وإذا كان لا يعود على أصل العقد بالإبطال فإن العقد صحيح والشرط باطل مثل أن يكون مخالفاً لمقصود الشارع.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    وهذا كلام نفيس للشيخ سعد الشثري في مأخذه في جواز عقد الإجارة المنتهية بالتمليك يقول حفظه الله في معرض شرحه لمنظومة القواعد الفقهية لابن سعدي


    المشغول لا يشغل
    وكل مشغول فلا يشغل
    مثاله المرهون والمسبل
    هذه قاعدة المشغول لا يشغل، المراد بالمشغول: هو الذي يكون موقوف التصرف على جهة من الجهات، فإنه لا يصح أن يتصرف فيه بتصرف آخر يكون مناقضا للتصرف الأول، مثاله: إذا بعت سلعة لا يجوز لك أن تبيع هذه السلعة مرة أخرى؛ لأن هذه السلعة و هذه العين مشغولة للبيع الأول.
    ويدل عليه قول النبي ( ( لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ونهى عن خطبة الرجل على خطبة أخيه ( لأن هذه السلعة أو هذه المرأة مشغولة بالبيع الأول والخطبة الأولى، ويدخل في هذه القاعدة الجمع بين عقدين في محل واحد، فلا يجوز أن يعقد عقدين على شيء واحد، من وجه واحد، في وقت واحد.
    ومن هنا لا يجوز أن نجمع بين الإجارة والمضاربة في وقت واحد ومن وجه واحد،
    مثال ذلك: إذا كان عندك عامل في الدكان ما يجوز أن تعطيه أجرا ونسبة من الأرباح؛ لأنك بذلك تكون قد جمعت له بين عقد الإجارة وعقد المضاربة في محل واحد.
    لكن لو كان كلٌ منهما مستقلا بنفسه جاز ذلك، بأن يكون هناك مثلا وقت الصباح له أجرة، ووقت بعد الظهر يأخذ نسبة من أرباح المبيعات بعد الظهر، هنا يجوز لاختلاف الزمان، أو كان لاختلاف السبب كأن يكون يستحق النسبة لكونه مشاركا لك في المال، ويستحق الأجرة لكونه يعمل، هنا يجوز.
    أما أن يستحق الأجرة والنسبة بعمل واحد، في وقت واحد من وجه واحد -فلا يجوز؛ ولهذه القاعدة -تحريم اجتماع العقدين في محل واحد، في زمن واحد من وجهين- فروع عديدة بجميع المسألة من أمثلة ما لم يجتمع من جهة واحدة، اجتماع أو بيع المؤجر إذا كان عندك سلعة مؤجرة، تؤجرها على غيرك، هل يجوز لك أن تبيعها؟
    تقول: نعم؛ لأن العقدين ليسا من وجه واحد، وليسا متعارضين، وكذلك إذا كانا في زمانين متفاوتين،
    ومنه بيع العربون: تعطيه مائة ريال، تشتري منه هذه السيارة بألف ريال، تقول: هذه مائة ريال، فإن أردت إتمام البيع بعد ذلك فإني سأسدد لك الثمن، فإن لم آت بالثمن في الزمن الفلاني فإنك تمتلك هذا المقدم.
    فهذه الصورة الصواب أنها جائزة؛ لوقوع إجماع الصحابة عليها، وهذا العقد كان في الزمان الأول بيعا، ثم لما لم يسدد انتقل إلى كونه هبة، فهنا العقدان لم يجتمعا في زمان واحد؛ ولهذا السبب أرى أن عقد الإجارة المنتهي بالتمليك عقد جائز؛ لأنه إجارة في الزمان الأول، وعند تسديد الثمن ينتقل إلى كونه بيعا، العقدان لم يجتمعا في زمان واحد، والممنوع منه اجتماع العقدين في زمان واحد.
    لكن لا بد أن يلاحظ أن تتطبق أحكام الإجارة على هذا العقد في الزمان الأول، وتطبق أحكام البيع في الزمان الثاني، فلو تلفت السلعة قبل سداد جميع الثمن لكانت مضمونة للمالك الأول المؤجر؛ لأن هذا هو مقتضى عقد الإجارة، ولا تكون بيعا إلا بسداد جميع الثمن.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    46,720

    افتراضي رد: الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة

    الإيجار المنتهي بالتمليك ..نظرة في أبحاث المعاصرين بين التحريم والإباحة



    د. فؤاد بن يحيى الهاشمي

    الإجارة المنتهية بالتمليك وصكوك الأعيان المؤجرة
    د. منذر قحف (1997)
    مقـدمــة 2
    القسـم الأول: الإجارة المنتهيـة بالتمليـك. 4
    تعريف الإجارة ، ومشروعيتها ولزومهـا 4
    تعريف الإجارة المنتهية بالتمليـك. 4
    التكييف الشرعي للإجارة المنتهيـة بالتمليـك وصورهـا 6
    أولاً : الإجارة المنتهيـة بالتمليك عن طريق الهبـة 10
    ثانيـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع بثمن رمزي أو غير رمزي يحدد في العقد. 12
    ثالثـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك بالبيع التدريجي للعين المؤجرة. 14
    رابعـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك مع تخيير المستأجر بالشراء قبل انتهاء مدة عقد الإجارة بثمن يعادل باقي أقساط الأجرة عدا ثمن المنفعة عن المدة الباقيـة. 15
    خامساً : الإجارة المنتهيـة بالتمليـك. 16
    نفقات الصيانـة والتـأمين. 17
    القسم الثاني: صكوك التأجير 21
    صكوك التأجير هي وثائق خطية تمثل أجزاء متساوية من أعيان مؤجرة 22
    تمهيد فقهي. 22
    1- توثيق عقد الإجـارة خطيـاً : 22
    2- بيع العيـن المؤجـرة: 23
    3- هبـة العيـن المؤجـرة ووقفهـا 24
    4- إجـارة المشــاع. 24
    5- بيــع المشـــاع. 25
    6- وقـت دفـع الأجـــرة 25
    7- الإجـارة الموصوفـة في الذمــة 26
    8- تأجيــر المستـأجـر. 26
    9- العمر الاقتصـادي للعـين المؤجــرة 26
    10- إجارة العين التي تنتج أعياناً استهلاكية غير ناضبـة 27
    11- البيـع مع استثنـاء بعض المنـافع. 28
    12- اجتمـاع الإجـارة والوكـالـة 28
    13- المخاطـرة في الإجـارة والشـركـة 28
    14- حـق الشفعــة 30
    تحويل الإجارة إلى صكـوك. 31
    صـور صكـوك التأجـير. 31
    الصورة الأولى: 32
    الصورة الثـانيـة: 33
    الصورة الثالثـة: 33
    الصورة الرابعـة: 33
    الصورة الخامسـة: 34
    الصورة السادسة: 39
    خصائص صكوك التأجيـر. 40
    أ) خضوع الصكـوك لعوامـل السـوق. 41
    ب) مرونـة صكـوك التأجيـر. 45
    1) إصدار صكوك التأجير من كل من قبل القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الخيري: 46
    2) صلاحيـة صكوك التأجير للوسـاطة الماليـة: 46
    3) صلاحيـة صكوك التأجيـر لتلبيـة حاجـات تمويلية متنوعـة 47
    4) توفر بدائل متعددة من صكـوك التأجيـر. 48
    5) الاستجابة للحاجات الخاصة لبعض زمر المحتاجين للتمويل. 48
    6) المرونـة في ميعـاد دفع الأجـرة 48
    مقـدمــة
    تتميز الإجارة ـ بين أدوات التمويل الأخرى ـ ببضع مزايا، من وجهة نظر كل من المؤجر، والمستأجر. فبالنسبة للمستأجر، أهم ما يميز الإجارة هو أنها تمويل من خارج الميزانية بمعنى أن إدارة المؤسسة المستأجرة، التي هي في العادة مطالبة بتقديم تبرير تفصيلي لاستعمالات أموالها، لا تحتاج إلى ذلك فيما يتعلق بالأعيان المستأجرة، لأن شراء الأصل المستأجر يتم من قبل المؤجر، ولا يتعلق التزام المستأجر إلا بدفع الأجرة، التي تعتبر نفقة إيراديـة، وليست رأسماليـة.
    ثم إن الإجارة تقدم ـ في الأغلب ـ تمويلاً كاملاً لشراء الأصل الثابت المستأجر بخلاف الأدوات الأخرى، وبخاصة القرض الربوي، التي تتطلب في العادة مشاركة المستفيد بنسبة معينة من ثمن الأصل الثابت المطلوب.
    وكذلك فإن الإجارة تساعد المستأجر على التخطيط والبرمجة لنفقاته، لأنه يعرف التزامه المالي مقدماً. وتعتبر وسيلة جيدة تحميه ضد التضخم ، خصوصاً إذا ارتبط بعقد إجارة ثابت الأجرة لوقت طويل. وهي تيسر الأعمال الإدارية والمحاسبية للمستأجر، بإعفائه من الخوض في مسائل احتياطيات الاستهلاكات، والتغير في قيمة الأصول الثابتة، وما لذلك من تأثير على تقدير الضرائب، والتقارير اللازمة لها وهي لا تضغط على سيولة المستأجر النقدية أو رأس المال العامل لديه، بقدر ضغط شراء الأصل المرغوب في منافعه مما يتيح له استعمال السيولة للأغراض الأخرى للشركـة.
    كما أن للإجارة مزايا أخرى بالمقارنة مع بعض الأدوات التمويلية الأخرى، كل على حدة. فهي مثلاً تحافظ على حصر ملكية الشركة بمالكيها الحاليين، إذا ما قورنت مع زيادة رأس المال عند الحاجة إلى تمويل لشراء أصول ثابتة جديدة. وهي أكثر ثباتاً، وتأكيداً من السحب على المكشوف والتسهيلات الائتمانية المصرفيـة، أو التجاريـة. كما أنها قد تتمتع بمزايا ضريبية، لأن الأجرة نفقة تنزل من الأرباح، إذا ما قورنت بوسائل التمويل التي تقوم على توزيع الأرباح ، كالمضاربـة.
    أما بالنسبة للممول ( المؤجر ) ، فالإجارة تشكل صيغة أخرى من صيغ التمويل، مما يزيد في مجال اختياراته بين الصيغ المعتمدة. وهي أقل مخاطرة من القراض والمشاركة، لأن الممول يملك الأصل المؤجر من جهة، ويتمتع بإيراد مستقر، وشبه ثابت، وسهل التوقع من جهة أخرى. وهي تدر إيراداً للممول ( المؤجر ) خلافاً للقرض الحسن. وفضلاً عن ذلك فإن بعض المزايا الضريبية ، التي نالها المؤجر يمكن أن تنعكس على المستأجر على شكل تخفيض في الأجرة، مما يجعل الإجارة أكثر كفاءة من أشكال التمويل التي لا تحقق مزايا ضريبيـة. كما أن التمويل عن طريق الاستئجار أقل تعقيداً من حيث الإجراءات والشروط القانونية ـ في العادة ـ من التمويل عن طريق زيادة رأس المال.([1]) يضاف إلى ذلك أن بقاء الملكية بيد المؤجر يعطيه ضماناً مفضلاً للتمويل الذي يقدمه، فما يجعله أكثر اطمئناناً من التمويل بالمرابحـة الذي ينقل الملكية إلى المشتري من تاريخ العقد.
    ويلاحظ أن الإجارة كصيغة تمويلية لم تلفت نظر الباحثين في البنوك الإسلامية خلال العقد الأول من وجود هذه المصارف([2]). ولعل من أوائل من كتب فيها تفصيلاً الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان باقتراح من كاتب هذه الورقة. وقد نشر المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بحثه في عام 1992. تلا ذلك كتاب سندات الإجارة والأعيان المؤجرة لمنذر قحف الذي نشر عام 1995.
    تحتوي هذه الورقة على قسمين. أبحث في القسم الأول منهما في الإجارة المنتهيـة بالتمليك وأخصص القسم الثاني لصكـوك التأجير.
    القسـم الأول: الإجارة المنتهيـة بالتمليـك
    تعريف الإجارة ، ومشروعيتها ولزومهـا
    ذكرت الموسوعة الفقهية تعريفاً للإجارة نسبته للفقهاء ! هو أنها "عقد معاوضة على تمليك منفعـة بعوض." ونقل الدكتور أبو سليمان تعريفات عن كل من المذاهب الأربعة ورجح منها تعريف الحنابلة وهو "عقد على منفعة مباحة معلومة ، مدة معلومة ، من عين معلومة ، أو موصوفة في الذمة ، أو عمل ، بعوض معلوم." ونلاحظ التفصيل في هذا التعريف من إدخال شرطي العلم والإباحة ، وأنه يشمل مدة معلومة وإنجاز عمل معلوم ، كخياطة ثوب أو نقل شخص مسافة معلومة ، بغض النظر عن المدة التي يأخذها ذلك العمل.
    وإن هذا التعريف يصلح كمقدمة لبحث الإجارة المنتهية بالتمليك لأنها إجارة تتحدد في العادة بالزمن وليس بإنجاز عمل معلوم.
    أما حكمها التكليفي فهو الجواز أو المشروعية. وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والعقل.([3]) وهي عقد لازم عند المذاهب الأربعة ،([4]) وحكى ابن رشد الجواز فيها ويرى الأحناف أن للمستأجر فسخ الإجارة للعذر الطارئ.([5])
    تعريف الإجارة المنتهية بالتمليـك
    قد يصعب وضع تعريف محدد للإجارة المنتهية بالتمليك قبل التعرف على صورها. فهي من جهة إجارة ينطبق عليها تعريف الإجارة المذكور ، ولكن فيها تخصيصاً أضيق لذلك التعريف لأنه يقصد منها أن يشتمل مجموع الأجرة خلال مدة العقد على ما يفي بسداد ثمن العين المؤجرة مع العائد الايجاري المرغوب به. فحقيقتها أنها ـ في جميع صورها ـ إجارة وشراء معاً ، مهما كان الشكل التعاقدي الذي يتخذه نقل الملكية ، سواء أكان ذلك عند انتهاء مدة الإجارة ، أم تنجيماً على أسهم أثناء مدة العقد.
    ولقد جاء في استفسار البنك الإسلامي للتنمية الموجه إلى مجمع الفقه الإسلامي وصف هذا العقد بأنه عقد إجارة يتضمن التزاماً من المؤجر بهبة العين المستأجرة عقب وفاء جميع أقساط الأجرة. أما الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي فقد عرفت الإجارة المنتهية بالتمليك بأنها عقد على انتفاع المستأجر بمحل العقد بأجرة محددة موزعة على مدة معلومة على أن ينتهي العقد بملك المستأجر للمحل.
    أما هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية فقد آثرت تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك من خلال تعداد حالاتها العملية وهي :
    ( أ ) الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق الهبـة.
    (ب) الإجارة المنتهية بالتملك عن طريق البيع بثمن رمزي أو غير رمزي يحدد في العقد.
    (ج) الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع قبل انتهاء مدة عقد الإجارة بثمن يعادل باقي أقساط الأجرة.
    (د ) الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع التدريجي.
    ويمكن إضافة حالة خامسـة هي :
    (هـ) الإجارة المبتدئة بالتمليك. وتنتقل فيها ملكيـة العين بعقد بيع في أول مدة الإجارة مقابل الدفعة النقدية المقدمة مع استثناء منافع العين من البيع لمدة الإجارة. ثم تباع هذه المنافع لمشتري العين نفسـه بعقد إجارة للمدة المعلومـة.
    وفي جميع هذه الحالات يكون نقل الملكية ملزماً ومطلوباً للطرفين. فهو من مقصود العقد نفسـه.
    أما القسط الذي يدفعه المستأجر فيمكن أن يتخذ أياً من ثلاثة أشكال هي :
    1. مبلغ ثابت متساو لجميع الأقساط ، محدد في العقد. يتألف كل قسط منه من جزء متزايد يقابل أصل ثمن العين المؤجرة ، ومن جزء متناقص يقابل أجرة محسوبة على أساس مجموع الأجزاء المتبقية من أصل الثمن.
    2. مبلغ متناقص بشكل تدريجي محدد في العقد ، يتألف كل قسط منه من جزء ثابت يقابل نسبة من أصل الثمن ( مثلاً 10% إذا كانت الإجارة لعشر سنوات ) ، وجزء متناقص يقابل أجرة محسوبة على أساس مجموع الأجزاء المتبقية من أصل الثمن.
    3. مبلغ متناقص يتألف من جزأين : جزء ثابت مماثل للشكل رقم ( 2 ) وجزء متناقص غير محدد بذاته في العقد ولكن قد حدد العقد طريقة حسابه ، كأن يكون معدل Libor + 2 % مثلاً ، بحيث يعلم مقداره قبل بدء كل فترة ايجاريـة.
    وإلى جانب الإجارة المنتهية بالتمليك نجد نوعاً من الإجارة التمويلية الشائعة ، وبخاصة في السيارات ، وهي إجارة منتهية بالتخيير، لا بالتمليك. ويكون التخيير فيها عادة للمستأجر بين إعادة العين المؤجرة إلى المالك أو شرائها بثمن يحدده العقد نفسه.([6])
    التكييف الشرعي للإجارة المنتهيـة بالتمليـك وصورهـا
    يتنوع تكييف الإجارة المنتهية بالتمليك باختلاف صورها. لذلك سنستعرض هذه الصورة الخمسة وتكييف كل منها مع ملاحظة أن جميع هذه الصور تتضمن اجتماع عقدين مع بعضهما أو إدخال شروط تمثل عقداً آخر في عقد الإجارة. لذلك فإنه مما يعين في فهم هذه الصور العودة إلى مسألة اجتماع العقود وقد نوقشت في الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي.
    فالأصل الشرعي في المعاملات حرية التعاقد وصحة الشروط إلا ما أبطله الشرع أو نهى عنه بنص أو قياس صحيح. ولقد تبين من النصوص المتعددة أن الاجتماع يؤثر في الصحة والبطلان والإباحة والحرمة ، كما في البيع والسلف وزواج المرأة مع أختها أو عمتها. ولقد فصل فضيلة الشيخ الدكتور حسن الشاذلي في آراء المذاهب في اجتماع العقـود. فإذا كانت العقود متفقة الأحكام " يصح عند الحنفية أن تحتوي الصيغـة على أكثر من عقد طالما توافـر في ذلك ثلاثـة شروط هي : 1 ) صلاحية المحل لورود جميع العقـود عليـه ، 2 ) انتفاء الجهالة ، 3 ) أن يصدر القبول موافقاً للإيجاب."([7])
    أما إذا كانت العقود مختلفة الأحكام فيطبق الأحناف على اجتماعها رأيهم المعروف في الشروط. فالشرط الذي لا يقتضيه العقد فاسد عندهم، ومفسد للعقد أيضاً.
    أما المالكية فيصح عندهم اجتماع الإجارة والبيع ، والإجارة والهبة لعدم تضاد هذه العقود. ومنعوا اجتماع البيع مع الشركة أو مع الصرف لوجود التضاد بينها.([8])
    وقد فصل الدكتور الشيخ نزيه حماد في مبدأ التضاد هذا ، وبين أن المقصود منه " وترتب التنافر في موجبات آثار كل من العقدين ،" ([9]) أو العقد والشرط ، لا مجرد الاختلاف والتباين في وضع العقدين وأحكامهما." وأن ذلك التضاد والتناقض إنما يكون إذا ورد العقدان على محل واحد مثل بيع عين وهبتها أو شراء أمة ونكاحها."([10])
    كما أوضح أن الاختلاف بين البيع والإجارة ، وبين الإجارة والهبة ليس من باب التضاد والتناقض رغم ما بينهما من اختلاف في الحكم وفي الآثار.([11])
    أما مذهب الشافعية ، فيخلص الدكتور الشيخ حس الشاذلي إلى القول بجواز اجتماع العقود اللازمة المختلفة الأحكام ، كالبيع والإجارة ، بعوض واحد في الأظهر من قولي الشافعي ، أما إذا حددت الصيغة عوضاً لكل عقد فيستظهر الصحة ، على قواعد المذهب ، قولاً واحداً. وأما اجتماع عقد لازم مع عقد جائز في صيغة واحدة فيرى فيه الصحة أيضاً ، ما لم يشترط قبض العوض في العقد اللازم في مجلس العقد.([12])
    وأما اجتماع عقدي الإجارة والبيع عند الحنابلة فيجعل الكل باطلاً على قول القاضي لأن ملك العين يقتضي ملك المنفعة فكيف يبيعها بعقد الإجارة ؟ ولكن الشيخ التقي يرى صحة ذلك لأنه يعني أن البيع قد استثنيت منه المنفعة لمدة محددة فجاز بيع ما استثني بعقد الإجارة ، وهذا ما يصححه الشيخ الشاذلي ، سواء أكانت الإجارة للمشتري أم لغيره.([13])
    ويخلص الأستاذ الدكتور نزيه حماد في ورقته القيمة إلى ثلاثة ضوابط لحظر اجتماع العقود هي :
    أ و لاً: أن يكون الجمع بينهما محل نهي في نص شرعي.
    ثانيـاً: أن يترتب على الجمع بينهما توسل بما هو مشروع إلى ما هو محظور.
    ثالثـاً: أن يكون العقدان متضادين وضعاً ومتناقضين حكماً.([14])
    وقد انتهت الندوة إلى التوصية التالية : " يجوز اجتماع العقود المتعددة في عقد واحد ، سواء أكانت هذه العقود متفقة الأحكام أم مختلفة الأحكام طالما استوفى كل عقد منها أركانه وشروطه الشرعية ، وسواء أكانت هذه العقود من العقود الجائزة أم من العقود اللازمـة ، أم منهما معاً ، وذلك بشرط ألا يكون الشرع قد نهى عن هذا الاجتماع ، وألا يترتب على اجتماعها توسل إلى ما هو محرم شرعاً."([15])
    وإذا عدنا إلى صور الإجارة المنتهية بالتمليك لتطبيق هذه الضوابط عليها فإنه من المفيد أن نبدأ بعقد الإجـارة المنتهيـة بالتخيير ( لا بالتمليك ) لأن قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 44 ( 6 / 5 ) في اجتماعه السنوي الخامس قد نص على جواز عقد الإجارة المنتهي بالتخيير باعتباره بديلاً مباحاً فقال في وصفه : " عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر ، بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الايجارية المستحقة خلال المدة ، في واحد من الأمور التاليـة:
    مـد مـدة الإجـارة.
    إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبهـا.
    شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة."
    وقد لاحظ فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي بأن هذا ليس في الحقيقة من باب الإجارة المنتهية بالتمليك وليس بديلاً حقيقياً عنها.([16]) لأنه لا انتهاء بالتمليك فيه. وأكد ذلك الدكتور محمد علي القري في بحثه المقدم في الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي بإشارته إلى المعنى التمويلي المتضمن في هذا العقد الذي يقتضي أن يحدد سعر البيع في العقد نفسه. لأن من مقصود العقد نفسه أن يتملك المستأجر العين المؤجرة عند انتهاء مدة الإجارة. ولكننا ينبغي أن نؤكد هنا أيضاً بأن شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة يمكن أن يدل على الانتهاء بالتمليك فعلاً بمقتضى العقد نفسه.([17]) لأن تطبيق هذا الشرط يمكن أن يتخذ إحدى ثلاث حالات هي كالآتي :
    ( أ ) أن يلتزم الطرفان بعقد بيع على العين المأجورة عند انتهاء مدة الإجارة ، بسعر السوق ، وأن يحددا في العقد نفسه أسلوباً معيناً للتعرف على سعر السوق هذا. كأن ينص العقد مثلاً على لجنة من الخبراء تحدد السعر ، أو على عرض العين في سوق معينة بالمزاد مثلاً ، فيكون السعر الملزم للطرفين هو ما تحدده لجنة الخبراء أو ما ينتهي إليه المزاد.
    ( ب ) أن يلتزم واحد من الطرفين ، البنك الإسلامي مثلاً ، بالسعر السوقي المحدد كما في الصورة ( أ ) دون الطرف الآخر.
    ( ج ) أن لا يكن السعر ملزماً لكلا الطرفين معاً ، فإن شاءا أمضيا العقد وإن لم يرغبا به أخذ المؤجر العين التي يملكها.
    ومن الواضح أن الحالة ( أ ) تنتهي بتمليك مؤكد. بعد مدة عقد الإجارة ، كما أن الحالة الثانية تنتهي بمثل ذلك أيضاً في الغالب ، وبخاصة إذا كان الممول هو صاحب الخيار لأنه يرغب في العادة بالاحتفاظ بالسلعة. أما الحالة ( ج ) فإنها تتضمن أكبر قدر من المخاطرة بحيث تكون غير محببة لكل من المصرف الإسلامي والعميل معاً ، فضلاً عن الموقف السلبي الذي يتوقع للمصرف المركزي أن يتخذه منها بسبب ارتفاع قدر المخاطرة فيها إلى حد يفوق ما يسمح به عادة من السلطة الرقابية النقديـة.
    أولاً : الإجارة المنتهيـة بالتمليك عن طريق الهبـة
    ينبغي أن لا يغيب عن بالنا أن الإجارة المنتهية بالتمليك هي عقد تمويلي يقصد منه تقديم بديل للتمويل القائم على أساس القرض الربوي. وهو ظاهرة إنما أثارتها على المستوى الشرعي البنوك الإسلامية في سعيها لتنويع البدائل عن الربا من عقود يُستربح فيها بالمال بما يتوافق مع أحكام الشريعة الغراء. وهو أيضاً عقد لم يتم اختراعه من قبل الخبراء المسلمين كما هو الشأن بالنسبة للمرابحة ، وإنما عرفته الأمم الغربية التي لم تعن به كبديل للربا ، لذلك يمكن أن نجد في بعض صوره ظواهر ربوية أو مخالفات شرعية أخرى جاءت بحكم استعارته من الغرب. مما يجعله بحاجة إلى التقنية والتصفية الشرعيتين.
    ولكننا بنفس الوقت ينبغي ن لا نندفع وراء التعريفات والتقسيمات الغربية لأنواعه ، لأن هذه التعريفات ليست معياراً شرعياً عندنا ، وإن كانت مفيدة في التعرف على خصائص كل صورة من صوره.
    والإجارة المنتهية بالتمليك ـ بصفتها عقداً تمويلياً ـ تطبق في العادة بأسلوب الإجارة للآمر بالشراء أي أنه عند إبداء العميل رغبته بالاستئجار لا تكون العين مملوكة للمصرف ، فيأمره بشرائها ويعِده باستئجارها بعد ذلك. وقد يسبق عقد الإجارة شراء المصرف للعيَن ، فتكون عندئذ إجارة لعين موصوفة. على أنه عند تطبيق الإجارة المنتهية بالتمليك على عين كانت مملوكة للعميل ، واشتراها البنك الإسلامي منه ليؤجرها له ، يتتالى العقدان ، بحيث يشتري البنك الإسلامي العين ، ثم يؤجرها نفسه إلى البائع إجارة منتهية بالتمليك.



    فالإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق الهبة عقد إجارة تكون فيها الأقساط عالية بحيث تتيح للمصرف الإسلامي استرداد رأس ماله مضافاً إليه عائد متفق عليه. وبالتالي فإن ما يبرر الهبة هو كون المؤجر قد استرد فعلاً قيمة العين المؤجرة من خلال أقساط الأجرة. على أن العقد يسميها دائماً أقساط أجرة ويعاملها على أنها أجرة من حيث استحقاقها ، واستمرار ملكية المؤجر للعين كاملة ، وعدم نشوء أي حق على العين المؤجرة نتيجة دفع الأجرة عن المدة السابقة إذا طرأ أما يقتضي إلغاء العقد أو الإقالة منه. كما أن الواضح أن العمر الاستعمالي للعين المؤجرة يفوق مدة الإجارة بحيث يكون المستأجر راغباً بامتلاك العين بعد انقضاء عقد الإجارة. وبمعنى آخر فإن قيمة العين المؤجرة في الإجارة المنتهية بالتمليك بجميع صورها تفوق ـ عند انتهاء عقد الإجارة ـ قيمة الخردة البحتة. وإلا لما رغب المستأجر في تملكها بعد عقد الإجارة.

    وتتخذ الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق الهبة إحدى صورتين فرعيتين هما :

    1 ) : إجارة مع وعد بالهبة ـ ويتم تنفيذ الوعد بعقد مستقل بعد الوفاء بجميع الأقساط الايجاريـة.
    2 ) : إجارة مع عقد هبـة فوري ولكنه معلق على سداد جميع الأقساط الايجاريـة.
    أما بالنسبـة للصورة الفرعية الأولى ـ وهي ما يطبقه حالياً البنك الإسلامي للتنمية فقد صدر قرار المجمع رقم (1 ) / د3/ 70/ 86 في اجتماعه السنوي الثالث لعام 1407هـ، باعتماد المبادئ التاليـة لها:
    المبدأ الأول : أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعـاً.
    المبدأ الثاني : أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعاً. والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
    المبدأ الثالث : أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
    المبدأ الرابع : أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.
    المبدأ الخامس: أن تبعـة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليـه.
    المبدأ السادس: أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلاميـة كلما أمكن ذلك ، يتحملها البنك.
    ومن الواضح أن الوعد بالهبة يحتاج إنجازه إلى عقد جديد ، ويرد عليه الخلاف المعروف حول لزوم الوعد. فمن يرى فيه الإلزام يستند إلى رأي المالكية في التبرعات إذا ترتب على الوعد بها دخول الموعود في التزامات مالية يؤدي النكول بالوعد إلى الإضرار به بشأنها. وهذه الالتزامات هنا هي سداد أقساط أجرة أعلى من أجرة المثل أملاً بتنفيذ هذا الوعـد.
    أما الصورة الفرعية الثانية فهي تخرج من الخلاف حول إلزامية الوعد وتدخل في خلاف غيره آخر حول جواز تعليق الهبـة على شرط. ويرى الجواز المالكية والاباضية وبعض الحنابلة والأحناف. أما الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) فعلى عدم صحة تعليق الهبة على الشرط.([18])
    ثانيـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع بثمن رمزي أو غير رمزي يحدد في العقد.
    ويكون السعر الرمزي عادة دولاراً واحداً ، وهو يقل كثيراً عن القيمة الحقيقية للعين المؤجرة عند انتهاء عقد الإجارة ، على اعتبار أن المؤجر/ البائع قد استوفى قيمة العين من خلال أقساط الأجرة. وبذلك فإن البيع بسعر رمزي عند نهاية أمد الإجارة لا يبعد عن هبة العين إلا من حيث الشكل فقط.
    ويلاحظ هنا أن البيع بسعر رمزي يحصل في البنوك الإسلامية تنفيذاً لوعد ملزم من طرف واحد هو المؤجر/ البنك الإسلامي ، ولا نحتاج إلى المواعدة لأنه ليس في غير صالح المستأجر اقتناء العين بالسعر الرمزي، حيث إنه قد دفع فعلاً ثمنها من خلال أقساط الإيجار.
    وينبغي أن نلاحظ في كل من البيع بسعر رمزي والهبة أن العقد لا يقدم حماية كافية للمستأجر، بما يحافظ على حقوقه المتمثلة بالزيادات في أقساط الأجرة الناشئة عن إدخال أجزاء الثمن ضمن هذه الأقساط، والتي قصد منها دفع ثمن العين تدريجياً. فإذا ما طرأ ما يمنع استمرار الإجارة إلى نهاية أجلها، فإن المؤجر يسترد العين وتضيع على المستأجر كل تلك المبالغ التي دفعها لقاء الثمن. يتضح ذلك من بنود صريحة في عقود الإيجار تجعل الأقساط مقابلة للمنافع وحدها بدلاً من المنافع وجزء من ثمن العين. فاتفاقية الإيجار للبنك الإسلامي للتنمية تنص في مادتها الثانية على أن " في مقابل إيجار المعدات للمستأجر يلتزم المستأجر بأن يؤدي للمؤجر أقساط الإيجار." وأن الهبة يلتزم بها المؤجر فقط بعد سداد جميع الأقساط ( المادة 12 ) ، وأن المؤجر يبقى مالكاً للعين حتى انتقال ملكيتها للمستأجر ( المادة 3 ).
    وفي هذا ظلم وعدم توازن في التزامات الطرفين العقديـة. ونرى أن السبب في ذلك هو أن هذه العقود قد عاملت الإجارة المنتهية بالتمليك، التي هي بطبيعتها عقد تمويلي ، معاملة الإجارة البسيطة التي لا تؤول إلى التمليك. فطبقت عليها قاعدة أن الأجرة مقابل المنفعة. في حين أن الطبيعة التمويلية للعقد تتضمن أن جزءاً من القسط الايجاري يقابل المنفعة والجزء الباقي يتجه نحو سداد ثمن العين.
    من أجل ذلك ألزمت بعض القوانين ( في أمريكا مثلاً ) مؤجري السيارات إيجاراً تمويلياً أن يلتزم المؤجر ببيع السيارة إلى المستأجر بثمن محدد في العقد نفسه. كما أن المنافسة بين شركات التأجير التمويلي للسيارات في أمريكا اضطرتها إلى تخفيض القسط الايجاري إلى الحد الذي يغطي فقط الاستهلاك الحقيقي الناشئ عن الاستعمال العادي للسيارة مضافاً إليه كلفة التمويل البديل المتاح هناك وهو التمويل الربوي البسيط.
    وإذا كان الوعد بالبيـع بسعر رمـزي في نهايـة أجل الإجارة ، الملزم للمؤجر وحده يفي بالمطلوب الشرعي المعلق بعدم إجراء عقد البيع، وهو ناقل لملكية العين ومنفعتها ، طالما أن المؤجر ما زال يحصل على ثمن منفعة العين ، فإن عقد الإجارة مع هذا الوعد لا يحقق التوازن بين التزامات وحقوق الطرفين ، لأنه يهدر حق المستأجر في هذه الزيادات ، إذا لم يصل عقد الإجارة إلى نهايته لأي سبب من الأسباب.
    أما البيع بثمن غير رمزي يحدده العقد فإنه يتم أيضاً تنفيذاً لوعد في عقد الإجارة نفسه. وإن طريقة تحديد هذا الثمن ، حيث يحقق للبنك الإسلامي الممول ما يحرص عليه من عائد تمويلي مع أخذ الأقساط الايجارية بعين الاعتبار ، تجعل البنك حريصاً على البيع بذلك الثمن ، فلا نحتاج إذن إلى أن يكون الوعد ملزماً له. لذلك يمكن الاكتفاء بإلزام العميل/ المشتري بالوعد ، فيكون الالتزام بالوعد من طرف واحد أيضاً ، كما هو الشأن في الوعد بالهبة والوعد بالبيع بثمن رمزي.
    وفي هذه الصورة حالة يمكن فيها للأقساط الايجارية أن تمثل ثمن المنفعة وحدها ( أو العائد التمويلي للبنك الإسلامي ) ، بحيث يبقى ثمن العين ليدفع عند انتهاء أمد الإجارة. وهذه الصورة الفرعية لا يكون فيها أي تغابن بين طرفي العقد. أما الحالة الثانية ، وهي الأغلب في التطبيق في العادة ، فتكون الأقساط الايجارية فيها أكثر بقليل من ثمن العين حتى يُجعل الثمن الموعود للبيع أقل من سعر السوق بقليل مما يشكل حافزاً إضافياً للعميل لتنفيذ وعده بالشراء. وفي كلا الحالتين يشمل القسط الإيجاري بطبيعة الحال ما يقابل الاهتلاك الحقيقي للعين المؤجرة والذي يعبر عنه عادة بمخصصات الاستهلاك. لأن ما يقابل الاهتلاك يدخل في تثمين المنفعة نفسها.
    ثالثـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك بالبيع التدريجي للعين المؤجرة.
    وتتألف هذه الصورة من عقود إجارة متتالية أو مترادفة للحصة التي يملكها الممول/ المؤجر من العين عند بدء كل فترة ايجارية ، فتكون الأجرة لقاء منفعة ذلك الجزء. ويترافق مع كل دفعة للأجرة دفع مبلغ إضافي لشراء أسهم أو أجزاء من العين نفسها وتملكها مع منافعها من تاريخ الدفع. ويستمر ذلك حتى دفع أصل ثمن العين بكامله ، عندئذ ينتهي دفع الأجرة.
    وتطبق هذه الصورة بشكل خاص في التمويل العقاري. فهي الصورة التي تطبقها الجمعية التعاونية ( الإسلامية ) السكنية في تورنتو ـ كندا. والصيغة التي تستعملها هذه الجمعية فيها هي صيغة التعاقد ـ لا الوعد ـ على البيع والإجارة. فيكون كل طرف ملزماً ـ بالعقد ـ بالبيع للأسهم المعلومة عند كل دفعة وبإستئجار الأسهم غير المملوكة من العين. ويتضمن هذا العقد عادة خياراً للمشتري بزيادة عدد الأسهم التي يشتريها عند كل دفعة أجرة.
    ولا يمكن فيها تطبيق الوعد الملزم لطرف واحد لأن أحوال التمويل العقاري خاصة هي من التغير والتبدل ، مع طول فترته في العادة ، بحيث يحتاج كل طرف إلى إلزام الطرف الآخر بعلاقة عقدية محددة ، لأنه قد توجد ظروف، في وقت أو آخر في المستقبل، تجعل من صالح أي طرف عدم تنفيذ بقية العقد.أي أن المخاطرة المتضمنة في وعد من طرف واحد هي دائماً أكبر مما يستطيع الطرف الآخر أن يتحمله.
    ومن الواضح إن هذه الصورة لا تحتوي على بيع ما لا يملك أو لم يقبض ، لأن العين المؤجرة في ملك البائع وضمانه. وقد قبضها فعلاً ثم سلمها للمستأجر/ المشتري لاستخلاص منافعها. وإن القبض لكل سهم يباع عند دفع ثمنه حاصل حكماً لوجود العين في يد المشتري بصفته مستأجراً.
    أما المواعدة الملزمة من الطرفين فإنها تغني عن التعاقد على البيوع المتتالية في هذه الحالة عند من يرها ملزمة شرعاً وقضاءً. وقد اعتبر مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة ( 1409هـ) أن المواعدة الملزمة للطرفين " تشبه البيع نفسه ، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع. " [ القرار رقم 2 ، 3 للدورة الخامسة المنعقدة في الكويت ، ديسمبر 1988 ]. وفي هذه الصورة من الإجارة المنتهية بالتمليك يحصل تجنب لهذا المحظور لأن البائع مالك للعين التي يبيعها ، وإن كانت البيوع المترادفة معلقة على المستقبل ، شأنها في ذلك شأن بيع التوريد.
    يضاف إلى ذلك أن هذه الصورة من الإجارة المنتهية بالتمليك تتميز تميزاً واضحاً عن المعاملة الربوية ، لوجود عين فعلية تباع وتشترى على أنجم ، وتستأجر الأنجم غير المملوكـة للمشتري عند بدء كل فترة ايجارية. فهي تتألف من عقود إجارة مترادفة على الأجزاء غير المملوكة للمشتري تتقابل فيها الأجرة في كل فترة ايجارية مع المنافع المملكة للمستأجر ، وعقود بيع مترادفة أيضاً على أنجم من العين تتقابل فيها التزامات الطرفين بانتقال ملكية الثمن وملكية النجم المبيع إلى المشتري. أما المعاملة الربوية فهي زيادة في الدين لا يقابلها شيء.
    رابعـاً : الإجارة المنتهية بالتمليك مع تخيير المستأجر بالشراء قبل انتهاء مدة عقد الإجارة بثمن يعادل باقي أقساط الأجرة عدا ثمن المنفعة عن المدة الباقيـة.
    الواقـع أن هذه ليست صورة مستقلـة. وإنما هي شرط كثيراً ما يضاف في الصور الثلاث السابقـة. وقد ذكرت سابقـاً أن قسط الأجرة يشمل جزأين: جزءاً لقاء المنفعـة خلال الفترة التي تقع بين القسطين ، وجزءاً من أصل ثمن العـين. ويساوي مجموع هذه الأجزاء أصـل ثمن العين، الذي دفعه المصرف الإسلامي للحصول على العين المؤجرة.
    وهذه الصورة من الإجارة المنتهية بالتمليك تتضمن تخيير المستأجر بشراء العين بما تبقى من أصل ثمنها في أي وقت يشاء. ويكون ذلك بالنص على وجود إيجاب مفتوح من الممول/المؤجر بالبيع بما تبقى من أصل الثمن في أي وقت ، أو هو وعد ملزم من طرفه فقط. أما المستأجر/المشتري فيستطيع أن يمارس هذا الحق في أي وقت يشاء خلال مدة العقد. وإذا لم يمارس هذا الحق بالشراء، فإن استمرار عقد الإجارة إلى أجله يعني قيامه بسداد جميع أقساط الأجرة بجزأيها، وبالتالي استحقاقه للعين المؤجرة تنفيذاً للوعد بالبيع بسعر رمزي أو بالهبة، أو بعد اكتمال البيوع التدريجية المتتاليـة.
    خامساً : الإجارة المنتهيـة بالتمليـك.
    وتكون هذه الصورة ببيع العين إلى المستفيد من التمويل مع استثناء منافعها لمدة الإجارة، بثمن يدفع عند العقد. ثم تباع المنافع المستثناة بعقد إجارة لمشتري العين نفسه. فتكون الدفعة النقدية الأولى لقاء ثمن العين ، وتكون الدفعات الدورية التالية لقاء أجرتها عن مدة استثناء المنافع.
    وتبقى العين المؤجرة على ضمـان البائـع لأنها لم يتم تسليمها بيعاً. إذ أن التسليم حصل بموجب عقد الإجارة لا بموجب عقد البيع. ولا يكون تسليم المبيع ـ في عقد البيع ـ إلا بعد انقضاء فترة الاستثناء. أي أن يد المستأجر/ المشتري على لعين خلال فترة الإجارة هي يد أمانة بموجب عقد الإجارة وليست يد ضمان بموجب عقد البيع لأن التسليم لم يتم بعد. وعند انقضاء فترة الإجارة تصبح العين على ضمان المشتري دون حاجة إلى عقد جديد ولا إلى قبض جديد لأنها في يده.
    وتمتاز هذه الصورة بأنها لا تحتاج إلى وعد ـ ملزم أو غير ملزم ـ بالهبة أو البيع. وهي لا تغير شيئاً يتعلق بالمسؤولية عن الصيانة والتأمين خلال فترة الإجارة ، لأن العين المبيعة لم يتم تسليمها للمشتري. والمؤجر ما يزال مطالباً بتمكين المستأجر من استخلاص المنافع التي اشتراها. وإن كانت تخفض قليلاً من الضمانات التي توفرها للممول بالإجارة مع الوعد بالهبة أو بالبيع ، لأن الارتباط بعقد البيع منذ بدء التمويل يجعل العين مملوكة للمشتري وإن لم تكن على ضمانه بسبب عدم القبض. فإذا لم يف المستأجر بجميع أقساط الأجرة فإنه ليس في يد المؤجر عدم نقل ملكية العين أو تأخير ذلك كما يحصل في حالة الوعد بالهبة أو بالبيع. وبالتالي فإن هذه الصورة ـ رغم أنها تبدو أوضح وأرجح من الناحية الفقهية ، فإنها تتطلب من المؤجر الحصول على ضمانات أكثر قوة من تلك التي يحصل عليها في الصور الأربعة الأولى.
    وهذه الصورة قد قال بها الحنابلة وهي قول عند غيرهم أيضاً كما رأينا في التمهيد الفقهي. وهي تتمتع بنفس المزايا التمويليـة للمستفيد من التمويل ولمقدمه ، التي أشرت إليها في مقدمة هذه الورقـة ، مثلها في ذلك مثل الصور الأخرى. ولا نجد مثلبة لهذه الصورة في مسألة ربط انتقال الملكية بوفاء جميع أقساط الأجرة لأن هذا الربط قليل الفائدة في الصور الأخرى على كل حال ، على اعتبار أن العين هي في يد المستأجر في جميع الأحوال واهتمام الممول ( المؤجر ) بنصب في واقع الأمر على حصوله على أقساط الأجرة أكثر مما ينصب على تأخير نقل الملكية إلى المستأجر. والممول في هذا يحرص على تحصيل ضمانات كافية لسداد دين الأجرة أكثر من اهتمامه بالإمساك عن نقل ملكيـة العين نفسها ، وهو يستطيع تحصيل تلك الضمانات في كلا الحالتين على السواء.
    ولكننا ينبغي أن نلاحظ أن استثناء المنافع لمدة معلومة يختلف عن الصور الأخرى للإجارة المنتهية بالتمليك من جانب آخر ، هو حق المؤجر باجرة عن المدة الإضافية الناتجة عن التأخير. لأن بقاء العين أو أية أجزاء منها على ملكه مدة إضافية يتيح له استحقاق أجرة لها عن هذه المدة المضافة ، في حين لا يمكن زيادة مدة المنافع المستثناة من البيع. وهذا فرق مهم بين هذه الصورة والصورة السابقة ، مما يضيق من إمكان استعمال هذه الصورة في جميع الحالات التي لا تتوفر فيها ضمانات كافيـة لعدم التأخير.
    نفقات الصيانـة والتـأمين
    من الواضح أن المؤجر مطالب بإبقاء العين المؤجرة بحالة يستطيع معها المستأجر استخلاص منافعها المتعاقد عليها. لذلك فقد أقر مجمع الفقه الإسلامي ، أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك (المؤجر) بصفته مالكاً.([19]) ويبدو أن للعرف أثراً كبيراً في تحديد ما يقع على المؤجر من أعمال الصيانة.([20]) ذلك لأن مسؤولية المؤجر تقتصر على الصيانة والإصلاح ، اللازمين لتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة. أما ما كانت الصيانة لاستيفاء المنافع مثل مراجعة معايير الحرارة ، والمياه ، والزيوت ، وأعمال الصيانة الوقائية الدورية ، فإنها تقع على عاتق المستأجر.([21])
    يضاف إلى ذلك أن كل ما كان معلوماً من نفقات الصيانة الجوهرية، التي تتعلق بتمكين المستأجر من الانتفاع ، يمكن أيضاً تحميله بالشرط على المستأجر ، لأنه يكون ـ عند الشرط ـ جزءاً من الأجرة.
    أما ما هو غير معلوم ، نحو نفقات إصلاح جدار ، أو سقف ، إنهدما ، فإنه لا يصح اشتراطه على المستأجر لأنه يُدخل جهالة في مقدار الأجرة مما يفسد العقد. وإن كان من الجائز توكيل المستأجر بالقيام به ، على أن يعود على المؤجر بما يدفع.([22]) ويلاحظ أن معظم أعمال الصيانة غير المتوقعة ، بل جميعها في المجتمعات المعاصرة ، هو مما يخضع للتأمين في الوقت الحاضر.
    أما ما يتعلق بنفقـة التأميـن على العين المؤجـرة ، فإذا كانت معلومة ، فهي مما يجوز ـ بالشرط في العقد ـ وضعه على عاتق المستأجر ، واعتباره جزءاً من الأجرة ، سواء أكان التأمين تجارياً عند من يرى جوازه بشروطه ، أم تعاونياً عند من لا يبيح التأمين التجاري ويعتبر أن التأمين التعاوني القائم على التبرع هو وحده المقبول في الشريعـة.
    يضاف إلى ذلك أن التأمين التعاوني ، القائم على التبرع ، يمكن اشتراط نفقته على المستأجر ، لأنها اشتراط تبرع لطرف ثالث ، حتى لو لم تكن معلومة عند العقد ، لأن دفع القسط في هذا التأمين ، يكون على سبيل التبرع ، ولا بأس أن يتبرع غير المالك ، وأن يشترط المتبرع لغيره الاشتراك معه في المنفعـة.([23])
    على أنه لنا أن نلاحظ ، أنه يمكن في جميع الأحوال أن يشترط في عقود الإجارة ، وبخاصة تلك التي تصدر بموجبها صكوك تأجير ، أن يقوم المستأجر بأعمال الصيانة والتأمين. فإذا كانت هذه الأعمال معلومة النفقة ، واشترط أن يتحملها المستأجر ، فهي جزء من الأجرة. وإذا كانت معلومة ، واشترط قيام المستأجر بها ، وكالة عن المالك ، فإنها معتبرة عند حساب الأجرة الصافيـة ، بمعنى أن ما يعود على حامل الصك هو الأجرة ، منقوصاً منها المبلغ المعلوم للصيانة والتأمين. وطالما أنها معلومة فإنها لا تؤثر على مشروعية الإجارة المنتهية بالتمليك ، ولا صكوك التأجير. ولا تؤثر كذلك على مردود الإجارة للممول ، سواء رجع فيها المستأجر على المؤجر أم لم يرجع ، لأنه لو رغب المؤجر بعائد صاف محدد لَضم هذه النفقة المعلومة إلى إجمالي الأجرة بحيث يبقي الصافي هو المقدار المرغوب فيه.
    أما إذا كانت نفقة الصيانة والتأمين غير معلومة ، وكانت مما لا يجوز أن يتحمله المستأجر بالشرط ، فإن قيام المستأجر بها وكالة عن المالك يلقي على المؤجر عبئاً مالياً فقط ، يتمثل بقدر من المخاطرة يتحمله المالك ، ويؤثر بالتالي على العائد المتوقع للمؤجر.
    على أننا ينبغي أن نلاحظ أن كون الإجارة المنتهية بالتمليك عقداً تمويلياً يعني أن اهتمام الممول يتركز في الحصول على العائد المناسب بطريقة تبيحها الشريعة. لذلك فإن التأمين المناسب لهذا العقد ينبغي أن يشمل الهلاك والتعيب والعائد ( الأجرة ) الفائت نتيجة الهلاك والتعيب وخلال فترة التعطل بسبب الصيانة التي تقع على عاتق المؤجر.
    وهناك ملاحظتان لا بد من إضافتهما في معرض الحديث عن نفقات الصيانة والتأمين غير المتوقعة. الملاحظة الأولى تركز على إمكان تحميل المستأجر هذه النفقات بصفة يده يدَ أمانة ، بالشرط على الرأي الذي يرى أن تضمين يد الأمانة بالشرط جائز طالما أنه ليس فيه توسل إلى محظور. وليس في تضمين المستأجر هلاك أو تعييب العين المؤجرة توسل إلى محظور، وبخاصة إذا اتضح في الذهن الفارق المميز بين التمويل الإسلامي المشروع والتمويل الربوي.
    فالتمويل المشروع يستند إلى وجود سلعة حقيقية تُنتَج أو تُمتلَك ، ويتم تداولها أو تداول منافعها. وذلك من خلال المشاركات والبيوع والاجارات. أما التمويل الربوي فيقوم على الزيادة في الديون ، سواء عند إنشائها بالإقراض الربوي ، أم عند إعادة جدولتها بـ " أنسئ وأرب."
    والإجارة بأشكالها تستند إلى وجود عين حقيقية تمتلك وتباع منافعها. فهي تختلف اختلافاً جوهرياً مؤثراً في الحكم عن المعاملة الربوية. فلا يكون في ضمان يد الأمانة فيها توسل لاستباحة محظور ، وذلك لبقاء الفارق المميز منذ بدء المعاملة التمويلية الإيجارية إلى نهايتها.
    أما الملاحظة الثانية فتتعلق بخدمة التأمين نفسها. وهنا لا بد من تأكيد أن الأخطار المؤمن عليها يمكن أن تشمل الهلاك التام والجزئي وكل تعيب يؤدي إلى فوات المنافع أو صعوبة كبيرة في تحصيلها ، إضافة إلى بدل المنافع الفائتة أو ثمنها ( الأجرة ). فهو يشمل إذن جميع أنواع الصيانة غير المعلومة عند عقد الإجارة فضلاً عن فوات الأجرة بسببها. وخدمة التأمين هذه هي مما يمكن وصفه وبيانه بدقة كبيرة بحيث
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •