تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: شرح قول الشيخ إسحاق ابن عبد الرحمن وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي شرح قول الشيخ إسحاق ابن عبد الرحمن وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين

    فلا زال الحديث مع الشيخ إسحاق رحمه الله تعالى مبيِّنًا لردّه على الشبهة التي ألصقت بالشيخ رحمه الله تعالى من أنه لا يُكفر المعين في من تلبّس بالشرك الأكبر محتجًا بقوله : أنه لا يكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر .
    وقد عرفنا أن المصنف رحمه الله تعالى ذكر ثلاثة أجوبة على هذه الشبهة .
    قال رحمه الله تعالى : ( فلنذكر من كلامه ما يُنبهك على الشّبه التي استدل بها من ذكرنا في الذي يعبد قبة الكواز ) أنه لا يكفرهم
    ( وأن الشيخ توقف في تكفيره ، ونذكر أولاً مساق الجواب ، وما الذي سيق لأجله ؟ وهو أن الشيخ محمد ومن حكى عنه هذه القصة يذكرون ذلك معذرة له عن ما يدَّعِيه خصومه عليه من تكفير المسلمين ) .
    وقرأنا الرسالة بكاملها البارحة وعرفنا أنه رحمه الله تعالى أنه لا يمنع من تكفير المعين مطلقًا ،
    وإن كان في آخر الرسالة ذكر هذه الجملة وتمسك بها من تمسك من أن الشيخ رحمه الله تعالى يمنع مطلقًا من تكفير المعين ،
    بمعنى أن القاعدة العامة المطلقة دون تفصيل في الشرك وغيره أن من وقع في الكفر حينئذٍ لم يقع الكفر عليه ، حينئذٍ لا بد من ماذا ؟ لا بد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع حتى في الشرك الأكبر ؟
    قالوا : نعم حتى في الشرك الأكبر ولا فرق بين الشرك وغيره ،
    وبيَّنَّا أن المصنف رحمه الله تعالى ذكر في أول الرسالة أن الأعداء على أربعة أنواع وكفرهم كلهم ، حكم عليهم بماذا ؟ بالتكفير والقتال ،
    فحينئذٍ قرن بين الأمرين ، بل السؤال كان عن ما يكفر به وعن ما يقاتل عليه ، ولاسيما إذا جمع بين التكفير والقتال معناه أراد به الأشخاص ، ولا يتصور حينئذٍ أن يريد به ماذا ؟ النوع ، يعني الكفر النوعي لأن الكفر النوعي هذا قولٌ وفعل ، حينئذٍ كيف يقاتل ، وإنما يُنَزّل الحكم أولاً على الشخص فيقال كافر ، ثم بعد ذلك يقاتل .
    إذًا المصنف رحمه الله تعالى حتى في الموضع الذي نقلوا عنه هذا النص قد كفّر أناسًابأعيانهم،حينئذٍ يجمع بين الأمرين،ولاسيماإذا جمعنا أقواله،وعرفناأنه رحمه الله تعالى أنه إذانفى التكفير لايعني إثبات الإسلام.[أحسنت]،إذانفى التكفير.قال:لاأكفر،ليسمعنا ماذا؟أنه مسلم،وليسمعنا أنه ينفي عنه ماذا؟الأحكام الدنيوية،وإنما لانكفر بمعنى لا نحكم عليه بكونه كافرًا باطنًا وظاهرًا ، وذلك التكفير يقتضي التعذيب ،
    حينئذٍ هذا منفي لأن هذا معلقٌ بماذا ؟ بالحجة الرسالية لقوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : 15]
    .وما قال ماذا؟ وماكنا مسمين بالمشركين حتى نبعث رسولاً ،
    وإنما قال : ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ﴾ فمتعلق الحكم حينئذٍ ما هو ؟ التعذيب .
    إذًا قيام الحجة
    السؤال هنا : قيام الحجة هل هو لإثبات الاسم أو لإثبات الحكم في الآخرة ؟
    لإثبات الحكم في الآخرة ،
    هكذا تجيب بهذا السؤال الذي يحصر لك المسألة ،
    هل قيام الحجة شرطٌ في تنزيل الاسم ؟ الجواب : لا .
    لأن الاسم يثبت كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :
    فاسم الشرك ثبت قبل الرسالة وبعد الرسالة .
    إذًا ثبت قبل الرسالة
    وهذا محل الشاهد مع الجهل والجاهلية المطبقة العامة سماهم مشركين ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ
    اللّهِ﴾ [ التوبة : 6] . إذًا قبل السماع ما أقيمت عليه الحجة وسماه ماذا ؟ سماه مشركًا بالنص ،
    تكفي آية واحدة لإثبات وصف الشرك ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ
    ما بعد ( حتى ) مخالف لما قبل ( حتى ) هكذا في لسان العرب حينئذٍ ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ﴾ . إذًا سماه
    مشركًا ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ ﴾ وهو لم يسمع كلام الله . إذًا الاسم شيء والحكم شيءٌ آخر ،
    لا بد من التفريق بين النوعين ، فقيام الحجة شرطٌ في الحكم الأخروي بمعنى أننا لا نحكم عليه بكونه خالدًا مخلدًا في النار حتى تقام عليه الحجة ، هذا الذي تنضبط به المسألة .
    فالمصنف رحمه الله تعالى يُفرق بين النوعين
    فإذا قال : لا أكفر . حينئذٍ لم يحكم عليه بكونه مسلمًا ،
    ثم متعلق التكفير عنده ماذا ؟ ما يتعلق بالآخرة لا بالدنيا .
    قال : ( معذرة له عن ما يدَّعِيه خصومه عليه من تكفير المسلمين ) وهكذا إذا كفَّر المشركين كأن الناس لم يكون حينئذٍ في كل زمان إلا وهم ماذا ؟ إلا وهم عُبّاد قبور ، فإذا كفّرهم فقد كفر ماذا ؟ المسلمين هكذا ادُّعي عليه رحمه الله تعالى
    فأجاب بهذا الجواب الذي ذكرناه بالأمس .
    ( وإلا ) هذا أمرٌ ثاني ( فهي نفسها دعوى لا تصلح أن تكون حجة بل تحتاج لدليل وشاهد من القران والسنة ) يعني قوله : لا أكفر من عبد الصنم .. إلى آخره هذه دعوى ، كلام بشر ، وكلام البشر هذا يحتاج إلى ماذا ؟ يحتاج إلى شاهد ، يحتاج إلى دليلٍ من كتابٍ أو سنة ،
    فإذا لم يأت عليه بدليل ولو كان الشيخ محمد رحمه الله تعالى حينئذٍ لا يقبل ، هو ومن هو أكبر منه ، صحيح أو لا ؟ حينئذٍ هذه مجرد دعوى ، يعني حكمٌ لا بد له من ماذا ؟ من دليل ، لو قال قائل في مسألة ما : هذه حرام ، يكفي ؟ قل : هذه دعوى ، أنت ادَّعَيْت أن هذا الفعل أو هذا القول أو هذا المشروط أو هذا المأكول أنه حرام ، يحتاج إلى ماذا ؟ هكذا نأخذ حرام ونمشي ؟ نقول : لا ، لا بد من دليلٍ يدل عليه من كتابٍ أو سنة ، فإذا لم يأت بدليل ؟ قلنا : هذه مجرد دعوى . إذًا إذا حكم دون دليل قلنا : هذه دعوى وتفتقر إلى دليل ، وهذه التي معنا لو سلَّمنا جدلاً أن الشيخ رحمه الله تعالى عناها معنًى وحكمًا ، بمعنى أنه قصد بالفعل أنه لم يكفر مطلقًا لا ظاهرًا ولا باطنًا ، قلنا : هذا لم يذكر له دليلاًَ ، حينئذٍ نحتاج إلى ماذا ؟ إلى دليل ، ونزن هذا القول كما نزن أقوال سائر العلماء بماذا ؟ بالكتاب والسنة هو الميزان ، فإذا جاء بدليل حينئذٍ قُبِلَ وإلا رُدّ عليه .
    قال : ( ومن فتح الله بصيرته وعوفي من التعصب )
    والهوى ولم يكن شيءٌ في نفسه من أجل أن يتصيد ماذا ؟ المتشابه من كلام أهل العلم ، لأن المتشابه من كلام أهل العلم كثير ، وإذا أراد أصحاب الهوى أن يجدوا من كلام أهل العلم ما يُؤيد بدعتهم فسيجدون الكثير والكثير ،
    فإذا سَلِمَ من التعصب والهوى حينئذٍ عرف كيف يُجيب عن هذه الإشكالات التي ترد على كلام الأئمة على جهة العموم .
    قال:( وكان ممن اعتنى ) برسائل الشيخ ومصنفاته عَلِمَ علمًا يقينًا أن الشيخ ( بين هذه المسألة بيانًا شافيًا وجزم بكفر المعين في جميع مصنفاته ، ولا يتوقف في شيءٍ منها ) يعني يُفَسَّر هذا القول بسائر أقواله ، وهذا الأصل المطرد عند أهل العلم الراسخين في العلم أنهم إذا أرادوا أن يُحقِّقُوا مذهب علمٍ من العلماء جمعوا بين أقواله ، ولا يجعلون ماذا ؟ أقواله متضاربة متناقضة ،
    وإنما يأتون بالمحكم فيجعلونه أصلاً ، وهو الواضح البين ، ثم ما وقع فيه شيءٌ من التشابه :
    -
    إما أن يحمل على المحكم إن أمكن .
    - وإلا طرح لا يلتفت إليه . ثم قال رحمه الله تعالى : ( ولنرجع إلى مساق الجواب الذي أشرنا إليه . قال الشيخ عبد اللطيف ، على قول العراقي : قد كفَّرتم الحرمين وأهلها )
    يعني من الشّبه التي أوردها هذا العراقي على أئمة الدعوة ودعوة الشيخ رحمه الله تعالى أنه قد كفّر الحرمين يعني مكة والمدينة ( وأهلها ، فذكر كلامه وأجاب عنه إلى أن قال : قال العراقي : ومن المعلوم أن المنع من تكفير المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب وإن أخطئوا من أحق الأغراض الشرعية ، وهو ) أي العالم ( إذا اجتهد فله أجران إن أصاب ، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد )
    وأخذ يأتي بماذا ؟ بكلامٍ للشيخ ابن تيمية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يُؤيد ذلك ، وابن تيمية رحمه الله تعالى إنما يتكلم عن مطلق الاجتهاد ، ويتكلم
    عن بعض المسائل التي وقع فيها نزاع سواء كان بين السلف أو عند الخلف،فحينئذٍلاينبغي أن يُكفِّربعضهم بعضًا لمجرد النزاع، ولم يكن حديثه حينئذٍ عن ماذا؟عمايتعلق بالشّرك، ابن تيمية وغيره من أهل العلم يُفرقون بين ذنبين : - الذنب الأول الشرك الأكبر ، وله أحكامٌ خاصةٌ تتعلق به لا يستوي معه ذنبٌ آخر البتة . - وما عدا الشرك . حينئذٍ النظر فيما عدا الشرك يكون بحسبه ، فإذا تكلم ابن تيمية رحمه الله تعالى عن بعض المسائل أن هذا من الاجتهاد ، ولا ينبغي أن يُكفِّر بعضهم بعضًا ، والمجتهد مأجور .. إلى آخره لا يعني به أنه إذا اجتهد فاختار الشرك وتلبّس به يكون مأجورًا ، هذا نقضه في مواضع عديدة وحكا الإجماع على بطلانه ،
    ولذلك قال : من دعا عليًّا فقد كفر ،ومن شكّ في كفره فهو كافر . صحيح أو لا ؟ و
    حكى إجماعات كثيرة تتعلق بهذه المسألة ، حينئذٍ [ إذا عنى ] إذا أطلق هذه الجمل فيما يتعلق بالاجتهاد وإثبات الاجتهاد والأجر ونحو ذلك إنما يريد به ما يَسُوغ فيه الاجتهاد ،
    وأما ما لا يسوغ فيه الاجتهاد فهذا لا يقال بأنه ماذا ؟ بأنه مأجور ؛ لأنه بَيَّنَ رحمه الله تعالى في مواضع أن الشرك الأكبر يُنافي الإسلام ،
    ومرّ معنا الإشراك يُنافي الإسلام ، والاستكبار ينافي الإسلام ، يعني لا يجتمعان . إذا قيل : الإشراك الشرك بالله تعالى ينافي الإسلام ،
    معناه ماذا ؟ يجتمعان ؟ لا يجتمعان البتة ، فدل ذلك على أنه لم يقصد بمثل هذه العبارات أنه يُنَزّل كلامه على الشرك بالله تعالى .
    قال هنا:(انتهى كلام العراقي.والجواب أن يُقال:هذاالكلام من جنس تحريفه)تحريفه هو،هوحرّف كثيرًا ألّف رسالةً وجمع فيها أكثرمن خمسين قولاًل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وابن القيم كلها تدل على ماذا ؟ على أن المجتهد إذا اجتهد فأخطأ
    وأدخل ماذا ؟ عُباد القبور والمستغيثين بغير الله تعالى .. إلى آخره
    أدخلهم في هذا الكلام ، وزعم أن ابن تيمية رحمه الله تعالى لا يُكفر هذا النوع ، وأنه مجتهد ، بل هو مأجورٌ ،
    هذه الجاحظية التي ذكرناه سابقًا .
    قال رحمه الله تعالى : ( والجواب أن يُقال : هذا الكلام من جنس تحريفه الذي قرّرناه ، فإن في هذا تحرفين ، أحدهما أنه أسقط السؤال ) يعني الاعتراض ، أورد هذا الاعتراض ( وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها خلافٌ ونزاعٌ بين أهل السنة والجماعة )
    يعني ثَمَّ فرقٌ بين مسائل وقع الإجماع عليها لاسيما في مقامنا هذا ونحن نبحث في الشرك بالله تعالى ،
    وبين غيرها من المسائل ،
    فحينئذٍ خلط بين الأمرين ،
    فكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إذا نظرت إليه لاسيما فيمن يستدل بالمتشابه ، ارجع مباشرة إلى الكلام الذي قبله والكلام الذي بعده ، حينئذٍ تنظر في أي سياقٍ ذكر هذا الكلام ، هل هو يتحدث عن الفرق والبدع والمقالات الخفية ؟ أو يتحدث عن الشرك بالله تعالى ؟ لا بد من النظر في ما قبل الكلام المنقول وبعده ؛ لأن هذا هو الذي يُبين لك ماذا ؟ يبين لك أو يكشف لك حقيقة هذا الكلام المجمل الذي ذكره ،
    لأنك إذا اقتصصت كلمةً من ضمن كلامٍ أو جملة أو جمل أو أسطرًا حينئذٍ قد تكون مجمّلة ، وقد يكون فيها شيءٌ من التشابه ،
    حينئذٍ المرجع يكون إلى معرفة ما قبله وما بعده .
    قال : ( وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها خلافٌ ونزاعٌ بين أهل السنة والجماعة والخوارج والروافض ، فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه ) الخوارج والروافض يُؤصلون أصولاً مبتدعة ،
    يعني من
    عند أنفسهم على وفق أهوائهم ، ثم من لم يوافقهم فهو كافر ، فردّ ابن تيمية رحمه الله تعالى عليهم هذه البدعة ، وبيَّن أن ثَمّ أصولاً قد يقع فيها تنازع بين السلف ،
    وإنما نقول : أصولاً لا باعتبار الأصول المطلقة العامة في باب المعتقد .

    قال : ( فإنهم كفّروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه وما أصَّلوه ووضعوه ، وذهبوا إليه وانتحلوه ، فأسقط هذا خوفًا من أن يقال دعاء أهل القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب ، ولم يتنازع في هذه المسألة المسلمون ، بل هي مجمع على أنها من الشرك الْمُكَفِّر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ) .
    إذًا هذه المسألة لم يقع فيها نزاع ، وأنت نقلت عن ابن تيمية رحمه الله تعالى في مسائل وقع فيها ماذا ؟ وقع فيها نزاع ،
    وهو قد حكى الإجماع على أن الشرك بالله تعالى إذا تلبّس به متلبسٌ فهو كافرٌ مشركٌ هذا باعتبار الدنيا ،
    فحينئذٍ هذا وفاقٌ مجمعٌ عليه فناقضت بين قوليه .
    قال رحمه الله تعالى : ( ولم يتنازع في هذه المسألة المسلمون ، بل هي مجمع على أنها من الشرك الْمُكَفِّر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجعلها مما لا خلاف في التكفير بها ) وله نصوصٌ عديدة في هذا الباب .
    قال : ( فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ) . إذًا إذا نقل عنه أنه لا ينبغي التكفير في مسائل وقع فيها نزاع ... إلى آخره ،
    وأن السلف قد اختلفوا في كذا وكذا ، حينئذٍ قل : هذا الكلام كله - وهو كثير جدًا رحمه الله تعالى له في هذا المقام -
    لا يجوز حمله على الشرك بالله ، لماذا ؟ لأن له نصوصًا أخرى تدل على أن المتلبّس بالشرك الأكبر فهو مشركٌ كافر ،
    وحكى الإجماع على ذلك . إذًا إذا حكى خلافًا في موضع وحكى إجماعًا في موضعٍ آخر وأطلق الذنب ،
    حينئذٍ نفصل بينهما أو نسوي بينهما ؟ لا شك أننا نفصل بينهما ، ونُفصّل في القول ، ولا نجعل مراده فيما تنزاع فيه هو بعينه ما حكى عليه الإجماع ، وإلا صار ماذا ؟ صار تناقضًا ، صار هذا القول مختلفًا مع القول الآخر .

    قال رحمه الله تعالى : ( فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ، ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولاً مختلفًا ) . يعني متناقضًا،وهو كذلك، لو كان كلام العراقي الذي أورده أن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر أن المجتهد له أجر إن أصاب ، والسلف قد تنازعوا في مسائل عديدة هكذا بهذا الإطلاق،وقدحكى الإجماع في مواضع عديدة على الشرك الأكبر صار كلامه ماذا؟متناقضًا،صار حينئذٍ السلف أجمعوا على أن الشرك مكفر،وكذلك اختلفوا فيه ، صحيح أو لا ؟ حينئذٍ كيف يُنظر إلى هاتين المسألتين ، ولا شك أن العالم إذا كان له قولان لو ثبت ، لو ثبت عنه قولان وكان أحد القولين بدعة مثلاً حينئذٍ لا بد من حمل كلامه على ما يُوافق السنة ،
    ويُطرح القول الثاني ، هذا لو سُلِّم بأن له ماذا ؟ بأن له قولين ، وكيف وليس له إلا قولٌ واحدٌ .
    قال : ( وقد نزّهه الله وصانه عن هذا ) . يعني لعلمه ومكانته رحمه الله تعالى ، وإلا هو بشر ليس بالمعصوم ، قد يقع عنده شيء من التعارض ، لكن في هذا المقام وما حكاه من الشرك الأكبر وأنه مجمع عليه لا إشكال فيه .
    قال : ( فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض . إذا عرفت هذا ، عرفت تحريف العراقي في إسقاطه بعض الكلام وحذفه ، وأيضًا فالحذف لأصل الكلام يُخرجه عن وجهه وإرادة المقصود ) . الحذف لأصل الكلام بماذا ؟ بمعنى أنه لا يأتي بأوله وآخره ، وإنما يُفسر الكلام بأوله وآخره ، ففصلٌ عقده في المقالات الخفيّة ،
    وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معروف في أسلوبه ماذا ؟ كثير الاستطراد ، يأتي إلى مسائل ثم يخرج تجد عشرين صفحة أحيانًا خرج عن ماذا ؟ عن المقصود ، ثم يقول : والمقصود كذا . يرجع ، فيأتيك من هذه العشرين صفحة التي خرج فيها فيأتي ببعض الأقوال ، وهذا وجدته بالفعل يأخذ بعض الأقوال من هذه للاستطراد ، ويرجع يقول هذا الأصل مختلف فيه ، وهو مجمع عليه فيما ذكره أولاً .
    [ ( التحريف الثاني ) ] إذًا قصد بالأول أن ابن تيمية رحمه الله تعالى له كلام لا يتعلق بالشرك الأكبر ، وإنما يتعلق بماذا ؟ بما وقع فيه نزاع بين السلف أو بين الخلف ، ولا يصل إلى حد الكفر والتكفير ، حينئذٍ لا ينبغي أن يُكفّر بعضهم بعضًا ، وهذا حقٌّ أم لا ؟ هذا حقٌّ ، إسقاط هذا الكلام على مسألة الشرك هذا باطل ، تسوية بين النقيضين
    .
    ( التحريف الثاني أن الشيخ رحمه الله قال ) يعني ابن تيمية ( أصل التكفير للمسلمين ) هكذا عبارته ، أصل التكفير للمسلمين ، وعُباد القبور تقرر ماذا ؟ أنهم ليسوا مسلمين . إذًا ليست عبارته في ماذا ؟ في المسلمين ، أليس كذلك ؟ قال : ( أصل التكفير للمسلمين ) . وابن تيمية لا يُسميهم ماذا ؟ لا يُسميهم مسلمين ، بل يُسميهم مشركين في مواضع عديدة لا حصر لها ، ابن تيمية رحمه الله تعالى لا يُسمي هؤلاء ، أو لا يصفهم بوصف الإسلام ، وإنما يُعبر بالشرك كما مر معنا في كلام الشيخ كذلك محمد بن عبد الوهاب أنه إذا نفى التكفير لا يلزم منه إثبات وصف الإسلام ، فإذا قال : لا نكفر من عبد الصنم . سماه عبد الصنم ،ولم يسمه مسلمًا ،وحينئذٍ نقول:فرقٌ بين الحكم وبين الوصف،(أن الشيخ)يعني ابن تيمية (رحمه الله تعالى قال:أصل التكفير للمسلمين.وعبارات الشيخ)
    يعني ابن تيمية ( أَخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين ) .
    إذًا البحث ليس في الشرك الأكبر ، وإنما هو فيما إذا كان ثَمَّ ذنبٌ أو بدعة لا تُخرج صاحبها عن الإسلام .
    إذًا بحث في هذا النوع ، ( وعبارات الشيخ أَخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين ، كما سننقل )
    لك جملة ( من عباراته كلامه في الحكم عليهم بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام ) ،
    وقد سبق في أول الرسالة كذلك ، لاسيما فيما يتعلق بأهل الفترة ، أنهم بالإجماع لا يُسمون مسلمين ، وإنما يُسمون مشركين ،
    لماذا ؟ لعدم قيام حقيقة
    الإسلام بهم،
    وكل من فقد حقيقةالإسلام فهو كافر مشرك ليس بمسلم،
    وإنما لا بد من ماذا ؟ لا بد من أن تقوم به حقيقة الإسلام ، عبادة الله تعالى وحده وتوحيده وطاعة رسوله r . قال:(بأنهم لايدخلون في المسلمين فيمثل هذا الكلام ) .
    إذا قال : ( أصل
    التكفير للمسلمين).إذًالم يعنِ به المشركين ، وإنما خصّ الحكم بالمسلم ، والمسلم لا يجوز تكفيره ، صحيح أو لا ؟ المسلم الذي لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام وبقي على وصف الإسلام لا يجوز تكفيره ، وهذا محل وفاق .
    قال : ( فذكر كلامًا ) . ( فذكر ) أي الشيخ عبد اللطيف ، ( كلامًا ) أي لابن تيمية رحمه الله تعالى في أثناء كلام له في النهي عن التفرق والاختلاف وترك التعصب لمذهبٍ أو قبيلة أو طريقة ونحو ذلك .
    قال : ( كلامًا فيمًا ) ( فيمَا ) . هكذا ( فيمًا ) ( فيمَا أخطأ من المسلمين في بعض الفروع ) يعني سياق كلامه ليس في الشرك الأكبر ،
    وإنما هو فيما أخطأ
    أو فيمن أخطأ من المسلمين في بعض الفروع ، حينئذٍ لا يُكفر ، لا يُكفر ،
    إذا بحث المسألة ونظر في الأدلة ، وخرج أن تارك الصلاة كسلاً لا يكفره ، نكفره ؟ لا نكفره ، لا أحد من أهل العلم يقول بماذا ؟ بأننا نكفره . إذًا هذه المسائل التي هي قابلة للنزاع أو قابلة للأخذ والعطاء لا نكفر أحدًا بمجرد المخالفة ،
    ( إلى أن قال ) يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن بيّن أن من أخطأ من المسلمين في الفروع أنه لا يُكفر ختم كلامه بقوله : ( فمن اعتقد في بشرٍ أنه إله ، أو دعا ميتًا وطلب منه الرزق والنصر والهداية ، أو توكل عليه وسجد له ، فإنه يستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه . انتهى ) .
    هذا يدل على ماذا ؟ على أنه يفرق بين البابين ، تكلم :
    أولاً : فيما يتعلق بمن أخطأ من المسلمين في الفروع لا في الأصول .
    ثانيًا : ختم كلامه بماذا ؟ بمن تلبّس بالشرك وذكر ما يتعلق بأنه اعتقد في بشر أنه إله ، أو دعا ميتًا ، حينئذٍ ما حكمه ؟
    قال : ( يستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه ) . يستتاب الشخص ذاته ، الفاعل القائل ذاته ، المعتقِد ، المشرك نفسه ، الكافر نفسه هو الذي يستتاب ، ( وإلا ضُربت عنقه ) ردّة عن الإسلام ،
    وانتبه هنا الاستتابة ليست لإثبات الوصف ، وإنما للقتل ، من أجل أن يُقال له ماذا ؟ ارجع إلى الإسلام هكذا الاستتابة ، ترجع وإلا قتلناك ، لا نقول له : تخرج . وإلا ما قُتل ، لو لم يخرج ما قتل ، وإنما متى يُقتل إذا خرج عن الإسلام ، صحيح أو لا ؟ فيقال له ماذا ؟ ارجع إلى الإسلام وإلا قتلناك ، فإن لم يرجع قتلناه على أنه مرتد ، وإلا لو كان مسلمًا ما قتلناه ، يبقى على ماذا ؟ على أصله .

    قال رحمه الله تعالى:(وإلاضُربت عنقه).(فبطل استدل الالعراقي وانهدم من أصله).
    إذًافرق بين المسألتين ،
    ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يُقرر أولاً قال : فليس كل من أخطأ يكون كافرًا ، ولا فاسقًا ، ولا عاصيًّا ،
    بل قد عفا الله لهذه الأمة عن
    الخطأ والنسيان..إلى آخر كلامه،وهذا كلام كثير يردده رحمه الله تعالى،أن ليس كل من أخطأ حينئذٍ يكون كافرًا أو فاسقًا أو عاصيًّا إلى آخره ، ليس مطلقًا هذا ، مقيد ، هذا مقيد بماذا ؟ بكونه [ ليس في أو ] فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، إن شئت أن تُعبر بهذا ، فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، أو التأويل ونحو ذلك ، أما ما لا يسوغ فيه الاجتهاد فحينئذٍ لا بد من تنزيل الحكم وهو إما أن يكون كافرًا أو فاسقًا أو عاصيًّا . قال:(فبطل استدل الالعراقي وانهدم من أصله،كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولاً لمن يدعوا لصالحين ويستغيث بهم مع الله).إذا قال ابن تيمية:لا نكفر،لا ينبغي ، لا يجوز أن تكفر المسلمين فتدخل حينئذٍ ماذا ؟ عُباد القبور ، لا يجوز ، لماذا ؟ لأنه إذا قيل : لا تُكفر المسلمين . وأدخلت عباد القبور إذًا أدخل اليهود والنصارى ، لا فرق بين هذا وذاك ،
    لا فرق بين اليهود والنصارى والمشركين ،
    فحينئذٍ إذا نهى عن تكفير المسلمين وأدخل عباد القبور وهم مشركون ليسوا مسلمين كمن أدخل اليهود والنصارى .
    قال : لا تكفر المسلمين ، واليهود مسلمون ، والنصارى مسلمون . قل : هذا يعتبر باطلاً .

    قال رحمه الله تعالى : ( لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله ، ويصرف لهم من العبادات ما لا يستحقه إلا الله ، وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة . ومن عجيب جهل العراقي ) هو جاهل ( أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى )
    هذا من عجيب صنيع العراقي ،
    وكذلك حتى المعاصرون اليوم ، أنه يأتي بالكلام مطلقًا هكذا دون دليل من الكتاب والسنة ويجعله حجة .
    قال : ابن تيمية يعذر بالجهل . ويأتي بنصوص لابن تيمية رحمه الله تعالى . هذه وحي ؟ ليست بوحي . إذًا لابد من ماذا؟لابد من شاهدٍ من كتاب أو سنة،وإل الايقبل، لا لابن تيمية ولا لغيره ، لا من فوقه ولا من تحته ، لا بد من أن تُثْبَت هذه الدعاوى بدليلٍ من كتابٍ أو سنة ، وكلّ من يستدل بكلام ابن تيمية فإذا به على هذا النحو . قال : ( ومن عجيب جهل العراقي أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى ، والدعوى لا تصلح دليلاً ) . الكلام نفسه ذاته لا يصلح أن يكون ماذا ؟ أن يكون دليلاً ، لا يجوز لك أن تكفر من عبد الصنم ، لماذا ؟ لأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قال : لا أكفر من عبد الصنم . هكذا ؟ يصح هذا استدلال ؟ لا يصح ، وهذا الذي عناه رحمه الله تعالى .
    قال : ( والدعوى لا تصلح دليلاً ، فإن دعوى العراقي لإسلام عُبَّاد القبور تحتاج دليلاً قاطعًا على إسلامهم ) .
    أثبت أولاً أنهم مسلمون ثم بعد ذلك قل : لا يجوز تكفير المسلمين . صحيح أو لا ؟ عندنا أصل وعندنا فرع ،
    عندما تقول : لا يجوز تكفير المسلمين . هذا فرع ،
    وكون عُباد القبور كونهم مسلمين يحتاج إلى ماذا ؟ هذا أصلٌ ويحتاج إلى دليل من كتابٍ أو سنة ،
    فأثبت أولاً أنهم مسلمون ، وبعد ذلك نبحث هل هم كفار أم لا ؟ صحيح أو لا ؟ [ هل ، لا ، ليس كفار أو لا ] ،
    وبعد ذلك نبحث
    هل يجوز تكفيرهم أم لا ؟ لأنه جعل قول ابن تيمية رحمه الله تعالى تكفير ، [التكفير]لايجوز تكفيرالمسلمين جعل عباد القبور داخلين تحت هذا الوصف ،
    حينئذٍ نطالبه بماذا ؟ نطالبه بأن يجعل أولاً أنهم يستحقون وصف الإسلام ، ثم بعد ذلك ينظر في تكفيرهم .

    قال رحمه الله تعالى : ( فإن دعوى العراقي لإسلام عُبَّاد القبور تحتاج دليلاً قاطعًا على إسلامهم ، فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم ) . إذًا نمنع متى ؟ إذا ثبت أنهم مسلمون ، وأما قبل ذلك فنحتاج إلى أن يُثبت هل هم مسلمون أو لا ؟
    ولذلك قلت لك : البحث هذا يُشير إلى المسألة السابقة ،
    أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى يجمعون بين المسألتين ، ولا غضاضة في ذلك .

    المسألة الأولى : ما يتعلق بتحقيق الأسماء .
    المسألة الثانية : ما يتعلق بالأحكام . يجمعون بينهما ،
    وهنا فرَّق ،
    فدل ذلك على ماذا ؟ على أن وصف الإسلام إنما يثبت بالبحث في حقيقة الإسلام وحقيقة الشرك ،
    لا علاقة بمسألة العذر بالجهل هنا ، وإنما نبحث في ماذا ؟ هل تحقّق به وصف الإسلام ؟
    وما هو الإسلام أصلاً ؟ ما حقيقة الإسلام ؟ وما حقيقة الشرك ؟ ومتى نحكم على الرجل أو العبد بأنه مسلم أو أنه كافر ؟ هذا أولاً ، ثم بعد ذلك نتكلم هل يُعذر أو لا يعذر ؟
    فهنا قال رحمه الله تعالى
    أولاً
    يحتاج هذا العراقي إلى دليل قاطع يثبت أنهم ماذا ؟ أنهم مسلمون ،
    ثم بعد ذلك نبحث أنهم مسلمون فلا يجوز حينئذٍ تكفيرهم .
    قال : ( فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم ، والتفريع ليس مشكلاً ) .
    هذا اقتباس من كلام الإمام مالك رحمه الله تعالى .
    وذو انتصاب في انفصال جعلا( إياي والتفريع ليس مشكلا(
    (إياي)هذاالأصل،(إياي)،( إيانا ) ، ( إياكَ ) ، ( إياكِ ) ، ( إياكما ) ، ( إياكم ) ، ( إياكنَّ ) ، هذا تفريع أم لا ؟ تفريع على ( إياي ) . قال رحمه الله تعالى : ( ومعلوم أن من كَفَّر المسلمين لمخالفة رأيه وهواه كالخوارج والرافضة ) . يعني ليس من شأن أهل العلم والراسخين ، وليس من مذهب أهل السنة والجماعة أن يكفر من كفّره ، أو أن يكفر لمجرد ماذا ؟ هواه ، يعني يُكفر بغير مكفّر هكذا النتيجة ، أن يكفر بغير مكفر ، وأما إذا كفر بمكفر فهو على الأصل،إن أصاب فهو مأجور ، أليس كذلك ؟ هذا الأصل فيه ، ( أن من كَفَّر المسلمين لمخالفة رأيه وهواه كالخوارج والرافضة ) أي تكفير هؤلاء بالهوى،(أو كَفَّر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً وفروعًا ) وكذلك ، يعني مما يتعلق بماذا ؟ أنه قد يكون بدعة قد يصل إلى البدعة ، خالف في كون الإيمان يزيد وينقص كافر ؟ ليس بكافر ، صحيح أو لا ؟ مع كونه قد خالف في أصلٍ من أصول أهل الجماعة لا يكفر ، صحيح أو لا ؟ لا يكفر .
    قال رحمه الله تعالى : ( أو كَفَّر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً وفروعًا ، فهذا ونحوه ) يعني المكفِّر بغير مكفر ( مبتدع ضالٌّ ) وهو كذلك ، من كفَّر بغير مكفر فهو مبتدع ضالٌّ إن لم يكن خارجيًّا فهو أقرب إليهم . قال : ( مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين ، ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب)رحمه الله تعالى(لايكفّر أحدًا بهذا الجنس ) شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى الذي اتهم أنه كفر الحرمين وأهلهاحينئذٍ لايُكفر بهذاالنوع،يعني مما لايصل إلى حد التكفير،يعني لايكفر إلا بمكفِّر، وبحثه كما عرفنا مرارًا دعوة الشيخ رحمه الله تعالى إنما يبحث لم يكن جدال مع الجهمية ولا المعتزلة ولا الأشاعرة ولا غيره من أهل البدع ، وإنما بحثه مع المشركين،ولذلك يسميهم علماء المشركين ،هذابحثه فيمايتعلق بالشرك الأكبر .
    قال رحمه الله تعالى : ( ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ) رحمه الله تعالى ( لا يكفر أحدًا بهذا الجنس ، ولا من هذا النوع ، وإنما يُكفر من نطق بتكفيره الكتاب العزيز وجاءت به السنة الصحيحة ، وأجمعت على تكفيره الأمة ) .
    قال هنا : قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى : أجمع العلماء سلفًا وخلفًا من الصحابة والتابعين والأئمة وجميع أهل السنة أن المرء لا يكون مسلمًا إلابالتجرد من الشرك الأكبر والبراءة منه وممن فعله وبغضهم ومعاداتهم . يعني لا بد أن يتحقق بماذا ؟ بالكفر بالطاغوت ، هكذا ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ ﴾ [ البقرة : 256] ، لا بد أن يتجرد عن الشرك الأكبر ، وإلا صار كافرًا ، صار مشركًا ، إن لم يتجرد عن الشرك الأكبر فهو مشرك ، وكذلك لو تجرد عن الشرك الأكبر لم يكفر لكن لم يعادِ ، لم يبغض المشركين ، حينئذٍ يُلحق بهم لعدم كفره بالطاغوت . قال رحمه الله تعالى : ( وأجمعت على تكفيره الأمة ، كمن بدل دينه ) . فصار يهوديًّا ، كمن بدل دينه فصار نصرانيًّا ، كمن بدل دينه فصار مشركًا ، لا فرق بين هذه الملل الثلاثة ، الشرك ملة كما أن النصرانية ملة واليهودية ملة ، ( كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين ويدعونهم ) مع الله ( فإن الله كفرهم ) كفرهم في مواضع عديدة منالقرآن، كفرهم بمعنى حكم بماذا ؟ بكفرهم ، ولا فرق بين متقدم ومتأخر ، لا فرق بين قبل البعثة وبعد البعثة ، فالفعل هو الفعل ، وإنما ينتفي ماذا ؟ ما يتعلق بالتعذيب، لمابعث النبيr
    حينئذٍ لم يكن ثَمَّ جهلٌ انتهت الجاهلية . قال : (
    فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره، نبيًّا ) كان ذلك المعبود (أووليًّا أو صنمًا)لافرق بين هذا وذاك،(لافرق في الكفر بينهم)يعني الكفر ملل وملة كذلك،يجوز الوجهان. قال:(كما دل عليه الكتاب العزيز و السنة المستفيضة،وبَسْطُ هذا يأتيك مفصلاً).ذكره في((منهاج التأسيس))(وقد مر بعضه) .
    ( وقال ) الشيخ عبد اللطيف كذلك ( وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهّال فقرر أن من قامت عليه الحجة ، وتأهل لمعرفتها يَكفر بعبادة القبور ) . تأهل بمعنى أنه ماذا ؟ صار ذا أهلية ، عنده عقل ، أما المجنون والصبي الذي لا يُميز فهذا ليس أهلاً ، حينئذٍ كيف تقام عليه الحجة ، فلا يُكفّر ، لكنه يكون ماذا ؟ يكون مشركًا ، نحكم عليه بكونه مشركًا ، وتنزل عليه الأحكام بحسب ماذا ؟ بحسب حاله ، بمعنى أنه لا يُصلى عليه ، لو وجد مشرك وهو مجنون يفعل الشرك ، ما حكمه ؟ مشرك ، يُصلى عليه لو مات ؟ لا يُصلى عليه ، لماذا ؟ لأن الحكم كما ذكرنا بالأمس ، الأحكام الشرعية هذه المبنية على وصف الإسلام تسقط بسقوط الأصل ، ما هو الأصل ؟ وصف الإسلام ، فإذا انتفى الإسلام سقطت ، لا نحكم عليه بكونه مسلمًا لكونه تلبس بالشرك الأكبر . إذًا هل نصلي عليه ؟ هل يُورث ؟ هل يُترحم عليه ؟ هل يبقى النكاح ؟ إلى آخر الأحكام الشرعية المبنية على هذا الأصل ، فإذا سقط الوصف الأصل الإسلام سقطت جميع الأحكام المتعلقة به ، ولو كان مجنونًا ؟ ولو كان مجنونًا ، ولو كان صبيًّا لا يميز ؟ ولو كان صبيًّا لا يميز . قال رحمه الله تعالى : ( وقد سُئل عن مثل هؤلاء الجهال فقرر أن من قامت عليه الحجة ، وتأهل لمعرفتها يَكفر بعبادة القبور ) . كفّار ، ( وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله ) ، توقف ، هذا لا بأس به ، يعني لا يكون مُشكلاً ، قد تأتي عبارة لبعض أهل العلم بأنه توقف في نوعٍ في شخصٍ فلا إشكال فيه ، لا نقول بمعنى أنه يكفر .. إلى آخره ، إنما نقول : الأصل المطرد عند الشيخ رحمه الله تعالى أن من تلبّس بالشرك فهو ماذا ؟ فهو كافر ، لكن ثَمَّ نوع من الناس أو شخص من الناس أو طائفة توقف فيهم لأمر ما ، لشبهةٍ عنده .. إلى آخره ، لا نقول بأنه ماذا ؟ لم يكفر بالطاغوت . قال:(وقد سبق من كلامه) .يعني الشيخ محمد رحمه الله تعالى(مافيه كفاية،مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفِّرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته ) جزم يعني قطع بكفرهم في الدنيا والآخرة ، وجعل هذا التكفير مرتبًا عليه الحكم بماذا ؟ بدخول النار ، متى ؟ إذا تمكنوا ، بمعنى أنهم على قدرة أن يتعلموا ، على قدرة أن يسألوا عن الدين . قال رحمه الله تعالى : ( مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة ) . لاسيما فيما يتعلق بالشرك الأكبر ، متى ؟ ( إذا تمكَّنوا من طلب الحق ومعرفته ) ، فجعل الحكم معلَّقًا ، وكلامه في (( طريق الهجرتين )) في طبقات المكلّفين ، الطبقة السابعة عشرة ، وسيأتي نصّها جزم بماذا ؟ بأن من تمكّن ، فعلّق الحكم كما ذكرنا سابقًا كشيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى علّق الحكم بماذا ؟ بالإمكان ، العلم نوعان : - علم بالفعل ، أن يصل إليه ماذا ؟ القرآن . -علمبالقوة،يعنييمكنهلوأراد أن يتعلم تعلم ، لكنه أعرض لأي أمرٍ كان . هذا والأول سيان في الحكم ، لا فرق بينهما البتة ، وإنما العاجز الذي لو أراد أن يتعلم لم يتمكن حينئذٍ هذا له نظرٌ آخر ، لا نحكم عليه في الآخرة ، لأنه يمتحن ، وأما في الدنيا فعلى حسب ما تلبّس به ، فهو مشرك كافر . قال رحمه الله تعالى : ( إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته ، وتأهَّلوا لذلك وأعرضوا ولم يلتفتوا ) . هذا يُسمى كفر إعراض ، ما بلغه شيء ، ومع ذلك هو كافر ، صحيح أو لا ؟ كيف قامت عليه الحجة ؟ كفّره ابن القيم أو لا ؟ كفّره ، بمعنى أنه معرضٌ لم يلتفت ، يسمع بأن ثَمَّ قرآنًا وثَمَّ رسولاً لكنه لم يسأل لا يعنيه لا يهمه شيء من ذلك ، واشتغل بدنياه وهواه ، حينئذٍ كافر هذا أم لا ؟ كافر ، [ كفره ] وهو جاهل ، كفره حينئذٍ يعتبر كفر إعراض ، لأنه معرض عن الشرع،ولايُسمى في الشرع بماذا ؟ لا يُسمى جاهلاً ، هذا الأصل ، وإنما الجاهل هو الذي يعجز عن العلم ، هذا الذي يُناط به الحكم ،
    وقد نصّ ابن القيم رحمه الله تعالى كما سيأتي على ذلك .
    قال:(وأعرضوا ولم يلتفتوا،ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ماجاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ) . انتبه ،
    قسّم الطائفة هنا إلى نوعين :
    - نوع تمكن . - ونوع لم يتمكن . من تمكّن جزم بماذا ؟ بكفره ، ما مراده بأنه جزم بكفره ؟ بمعنى أنه اعتقد أنه كافر باطنًا ظاهرًا ، فيُحكم عليه في الآخرة بماذا ؟ بكونه خالدًا مخلدًا في النار ، إذا علمنا أن هذا بهذا الوصف حينئذٍ لم نحكم عليه بماذا ؟ بالكفر باطنًا وظاهرًا ، فنحكم عليه ونعتقد أنه خالد مخلد في النار ، وأما من لم يتمكن العاجز ، الذي يُسميه بعض المعاصرين اليوم بالجهل الْمُعْجِز ، هذا ابن القيم رحمه الله تعالى جعله من جنس أهل الفترات ، وما الحكم في أهل الفترات ؟ كفار ومشركون في الدنيا ، وفي الآخرة يُمتحنون . إذًا النتيجة ما هي ؟ أنهم في الدنيا كفار مشركون،وهذا الذي يعنينا،
    أما يدخلون النار لا يدخلون هذا ليس من شأننا ، إن ظهر أنه متمكن لأنه قد يلتبس أنت ترى شخصًا ما حينئذٍ وتحكم عليه تلبّس بالشرك ، تلبس بالشرك فهو مشرك كافر ، وتترتب عليه ماذا ؟ الأحكام ، أما كونه قامت عليه الحجة ، أو كونه متمكنًا أو غير متمكن قد يخفى عليك ، حينئذٍ تتوقف فيما يتعلق بالآخرة ، أليس كذلك ؟ لا تدري عن كل شخصٍ ، تسمع بعباد قبور في بلدٍ ما و.. إلى آخره فحينئذٍ تحكم عليهم بأنهم مشركون كفار ، لكن بأعيانهم هل هم في النار أم لا ؟ الله أعلم بذلك ، وإنما تحكم على من علمت بحاله ، بمعنى أنه تمكن وبلغته الحجة ، صحيح أو لا ؟ إذًا النظر يكون باعتبار الدنيا وباعتبار الآخرة ،
    فابن القيم رحمه الله تعالى فصل بين النوعين ، فمن تمكّن جزم بكفره ، بمعنى أنه خالد مخلد في النار ، ومن لم يتمكن جعله من جنس أهل الفترات ، في الدنيا مشركون وفي الآخرة يمتحنون .
    قال رحمه الله تعالى:( ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل ، وكلا النوعين لا يُحكم بإسلامهم ) . كلا النوعين ، تمكن أو لم يتمكن ، لماذا ؟ لتلبّسهم بالشرك ، القاعدة المطردة كل من تلبّس بالشرك فهو مشرك ، بلغته الدعوة ما بلغته هذه مسألة أخرى ، البحث في الاسم لا يتعلق ببلوغ الدعوة ، وإنمابمجردتلبّسهبالشركالأكبر، فنحكم عليه بأنه مشرك ، هذا لا إشكال فيه ، الكلام لابن القيم رحمه الله تعالى ليس كلام الدكتور فلان ولا المعيد فلان ، أليس كذلك ؟ واضح بيّن لا إشكال فيه ، يفرق بين النوعين .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شرح قول الشيخ إسحاق ابن عبد الرحمن وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين

    قال : ( لا يحكم بإسلامهم ، فلا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفّر ) . انتبه هذا تعبير دقيق ،
    لا يدخلون في مسمّى المسلمين حتى عند من يُكفر باطنًا ،
    أما ظاهرًا متفق عليه لا إشكال فيه ،
    ظاهرًا بمعنى أنه تلبّس بالشرك الأكبر فهو مشرك كافر ، هذا ظاهرًا ،
    أما باطنًا فنحكم عليه بأنه في الآخرة هذا قد ينفيه بعض الناس ،
    بعض أهل العلم يقول : لا ، لا نكفرهم ، ولا يلزم من ذلك إثبات وصف الإسلام .
    إذًا حتى من توقّف ولم يكفر هؤلاء الذين لم تبلغهم الدعوة لا يحكم عليهم بماذا ؟ بأنهم مسلمون .
    إذًا اتفقوا على وصف الشرك والكفر ، فهو كفار مشركون ، واختلفوا فيما يتعلق بالآخرة ،
    ومرّ معنا أن أهل الفترات كذلك فيهم خلاف بين أهل العلم ، منهم من قال : يُمتحن . هذا كفّرهم أو لا ؟ من قال : أهل الفترات يُمتحنون من لم تبلغه الدعوة قال يمتحنون في الآخرة ، كفّرهم أو لا ؟

    ........ لا،لم يكفرهم ، لم يكفرهم باعتبار الآخرة ، من قال : بأنهم يدخلون النار . وهو قولٌ كذلك لبعض أهل العلم ،
    جزم به النووي وغيره حينئذٍ كفّرهم أو لا ؟ كفرهم ،
    وكلا النوعين لا يستلزم أن نحكم عليه بماذا ؟ بالإسلام في الدنيا .
    إذًا من لم يتمكن من العلم ، لم تبلغه رسالة ،
    حينئذٍ نقول : هذا فيه قولان لأهل العلم ، منهم من كفّر ومنهم من لم يكفّر ، بمعنى ماذا ؟ أنه يدخل النار مباشرة أو لا يدخل النار مباشرة ،
    بل يمتحن ، فمن لم يُكفر معناه ماذا ؟ أنه قال بأنه يمتحن ، ومن كفّر قال : لا ، يدخل النار مباشرة . لأن المقتضي من الفطرة والعقل قد وجد ، وهو قولٌ كذلك في بعض المواضع لابن تيمية و ابن القيم أوردناه في أول الرسالة .
    قال رحمه الله تعالى : ( فلا يدخلون في مسمّى المسلمين حتى عند ما لم يكفر ) .
    أي لم يحكم لهم بأحكام الكفار الذين قامت عليهم الحجة في الآخرة من التعذيب والخلود في النار وما إلى ذلك ،
    هكذا قال المحقق . قال : ( فلا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند ما لم يكفر بعضهم )
    وسيأتيك كلامه ، كلام ابن القيم رحمه الله تعالى هذا باعتبار الآخرة كفَّر أو لم يكفر ،
    ( وأما الشرك ) الاسم ( فهو يصدق عليهم ، واسمه يتناولهم ) ،
    ( وأما ) هذه تفصيلية ، يعني هذا حكم جديد بدأنا فيه ، وهو ما يتعلق بماذا ؟ بالاسم ، فما سبق يتعلق بالحكم في الآخرة . إذًا فرَّق بين الأسماء والأحكام ، هكذا أهل العلم يفرقون بين الاسم والحكم ،
    أما المتأخرون اليوم لم يفرقوا بين الاسم ولا الحكم ، جعلوا الكل يدخله ماذا ؟ الجهل ،
    فالعذر بالجهل عندهم حتى في الاسم ،
    وهنا حكاية إجماعات على أنه لا يتناولهم ، لا يتناولهم الاسم ، يعني لا يكون
    مسلمًا،
    وإنمايتناوله وصف الشرك ، ولو قال : لا إله إلا الله ؟ ولو قال : لا إله إلا الله ، ولو صلى وصام ،
    لأن لا إله إلا الله ليست مجرد كلمة لا بد من التحقق بمعناها ، بطلت عنده ، لما لم يترك الشرك الأكبر تلبس به بطلت هذه الكلمة ، لا تنفعه .
    قال :
    ( وأما الشرك فهو يصدق عليهم ، واسمه يتناولهم ) . أي يُسمون مشركين ،
    وأما العقاب فهو باعتبار ماذا ؟ باعتبار قيام الحجة ،
    هل قامت عليهم
    أم لا ؟قال ابن تيمية رحمه الله تعالى كما مر معنا في (( مجموع الفتاوى )) الجزء العشرين الصفحة سبع وثلاثين :
    فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة .
    هم يقولون ماذا ؟ المشرك الأصلي ، هكذا كلما جاءت آية أو حديث جعلوه في ماذا ؟ في الأصلي ،
    وأما الآخر فهو تقليد ، لأنه يقول : لا إله إلا الله . هكذا يُحرفون الكلم عن مواضعه ، فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة
    فيقال لهم : أنتم نفيتم وصف الشرك عن المسلم ، هذا الذي عندكم مسلم للجهل ، وثبت وصف الشرك كما قال ابن تيمية قبل الرسالة ،
    مع وجود الجهل ، كيف يكون ثابتًا مع وجود الجهل ويكون الجهل بعد الرسالة مانعًا ؟
    فمن بابٍ أولى أن يكون مانعًا قبل الرسالة ، صحيح أو لا ؟
    فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة ، قبل الرسالة جاهلية محضة ، أو لا ؟ جاهلية محضة ، حينئذٍ الجهل ثابت أو لا ؟ فهو مانع أو لا ؟ عندهم ليس مانعًا قبل الرسالة ، لا بد أن يسلم ابن تيمية هنا رحمه الله تعالى ، حينئذٍ بعد الرسالة الجاهلية المحضة قد ارتفعت ببعثة النبي
    r ،
    فثبوته بعد بعثة النبي
    r من بابٍ أولى وأحرى .
    وعلّله قال : فإنه يشرك بربه ويعدل به ويجعل معه آلهة أخرى ويجعل له أندادًا قبل الرسول..
    إلى
    أن قال:
    وأما التعذيب فلا . إذًا فرق بين الاسم وبين الحكم .
    قال رحمه الله تعالى : ( وأي إسلامٍ يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا اله إل االله) .أي إسلام يبقى بعد مناقضة الكلام ،كلمةالتوحيد ،وأعظم مايناقضها الشرك بالله ، الشرك بالله إذا لم يترك العبد فليس بمسلم ، ولو قال : لا إله إلا الله . ولو قال : لا إله إلا الله . ثم تلبّس بعد ذلك ، قد يكون مسلمًا ثم تلبس بعد ذلك بالشرك الأكبر ، صار ماذا ؟ مبطلاً لهذه الكلمة كالحدث بعد الطهارة .
    قال رحمه الله تعالى : ( وقاعدته الكبرى شهادة أن لا اله إلا الله ، وبقاء الإسلام ومسمّاه مع بعض ما ذكره الفقهاء في باب حكم المرتد أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم ) . صحيح أو لا ؟ يعني مسلمٌ يقول : لا إله إلا الله . ويصلي ويصوم .. إلى آخره ، وجحد وجوب الصلوات الخمس ، كفر ؟ كفر ، انتفى وصف الإسلام ؟ انتفى وصف الإسلام ، أظهر من ذلك ما هو ؟ أن يُشرك بالله تعالى ، صحيح أو لا ؟ فهو رحمه الله تعالى
    يقول : إذا بقاء الإسلام لو سُلّم بأنه يبقى مع النواقض التي هي دون الشرك بالله لكان ماذا ؟ أظهر ، لكنه مع ذلك ماذا ؟ ينتفي ، إذا سبّ الله تعالى ، سبّ نبيه
    r ، أنكر القرآن ، أنكر جِبْرَئِيل عليه السلام ، أنكر الملائكة .. إلى آخره انتفى وصف الإسلام ، ويحكون إجماعًا على ذلك . إذًا انتفاء وصف الإسلام مع الشرك من بابٍ أولى وأحرى ، صحيح أو لا ؟
    قال : ( وبقاء الإسلام ومسماه مع بعض ما ذكره الفقهاء في باب حكم المرتد ) . يعني من أسباب الردة كجحد ملكٍ مثلاً ( أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم ) ، ومع ذلك حكموا بانتفائه ، وليس المراد أنه يُثبت بقاء وصف الإسلام . قال : ( ولكن العراقي يَفِرُّ ) كما يفر غيره ( من أن يُسَمَّى ذلك عبادة ودعاء ، ويزعم أنه توسل ونداء ، ويراه مستحبًّا ) هذه جريمة عظمة ، يعني كونه يسلم أنه شرك أكبر وهو مسلم هذا أخف كفرًا - وإن كان كافرًا - أخف كفرًا مما قال ماذا ؟ هذا ليس بشرك أكبر ، بل هذا مستحب ، بل هذا عبادة ، بل هذا توسل ، بل هذا شرك أصغر ، أليس صحيح أو لا ؟ فحينئذٍ الكفر على مراتب . قال : ( ويزعم أنه توسل ونداء ، ويراه مستحبًّا ، وهيهات هيهات ، أين المفر والإله الطالب قد حيل بين العير والنزوات ) . هذا بيت ، وإنما لَفَّق بين بيتين ، لعله يعني الناسخ وإلا قد يكون أراد الأول من الأول والثاني من الثاني ، أصله :
    أين المفر والإله الطالب( والأشرمالمغلوبليسالغالب(
    هذا بيت قاله نفير بن حبيب . والثاني قاله صخر بن عمرو السلمي أخو الخنساء .
    أهُمّ بِأمْر الحزم لو أستطيعه( وقد حيل بين العير والنزوان(
    يعني الوثب . قال : ( بما مَنَّ الله به من كتابه العزيز ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وبما جاء به محمد عبد الله ورسوله من الحكمة والهدى والبيان لحدود ما أنزل الله عليه ،
    ولا يزال الله سبحانه وتعالى يغرس لهذا الدين غرسًا تقوم به حججه على عباده ، ويجاهدون في بيان دينه وشرعه من ألحد في كتابه ودينه وصرفه عن موضوعه .. إلى آخر ما ذكر
    ) .
    يعني الشيخ عبد اللطيف رحمه الله تعالى في (( منهاج التأسيس )) في ردّه على هذا العراقي .

    قال الشيخ إسحاق رحمه الله تعالى : ( فتأمل قوله ) . يعني قول عبد اللطيف ( دعاء القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب ) ، ( ليست من هذا الباب ) يعني مما حكى فيه ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه لا يكفّر لوجود النزاع ، فوجود النزاع يمنع أن تكون المسألة ماذا ؟ مفروضة في الشرك بالله ، لأن هذا مجمع عليه . إذًا هذا باب وهذا باب آخر . قال : ( ولم يتنازع فيها المسلمون ) . وهو كذلك ، لم يحصل نزاع بين المسلمين في كون عبادة غير الله تعالى شركٌ أم لا ؟ وأنه يخرج به من الملة أو لا ؟ لا نزاع بين أهل العلم ، وأول ناقضٍ يُذكر في كتب الفقه عند الفقهاء في باب المرتد هو ماذا ؟ الشرك بالله ، ولا يذكرون فيه ماذا ؟ تعريفًا ، ولا يذكرون فيه إقامة حجة ، بل بمجرد أن يقع في الشرك الأكبر فهو ماذا ؟ فهو مشرك كافر فارق الملة .
    قال رحمه الله تعالى:(فتأمل قوله رحمه الله دعاء القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب ، ولم يتنازع فيها المسلمون ، بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفِّر ، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه ، وجعله مما لا خلاف بالتكفير به).
    وهذا مرّ معنا نقل إجماعات له رحمه الله تعالى على ذلك ، إجماعات تدل على ذلك ، وبالأمس ذكرنا قوله : والكافر لا يكون مسلمًا باتفاق المسلمين . باتفاق المسلمين هذا محل إجماع لا خلاف فيه بينهم البتة .
    قال : ( ولا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر ) . ما أورد فيه نزاعًا ، ما أورد فيه خلافًا لا يحمل على ماذا ؟ على الكفر ، وإنما أراد به ما دون ذلك . ( قلت ) قال الشيخ إسحاق رحمه الله تعالى ( قلت : ويدل عليه كلامه المتقدم ، أن من دعا عليًّا فقد كفر ) ، ( دعا عليًّا ) مثال واحد ، لا يحتاج أن يقول ماذا؟دعا عليًّا والبدوي..إلى آخره، لا بد أن يأتي بأنواع الشرك الأكبر كلها،وإنماذكر واحدًا فدل على أن من تلبّس بالشرك الأكبر فهو ماذا ؟ فهو كافر،(من دعا عليًّا) يعني صرف إليه نوعًا من أنواع العبادة،
    وقال
    :(دعا) . فيحتمل حينئذٍ الدعاء بنوعيه : - العبادة . - ودعاء المسألة . ( فقد كفر ) يعني الكفر الأكبر ناقلاً عن الملة ، وهذا هو الأصل في إطلاق وصف الكفر أنه ماذا ؟ كفرٌ ناقل عن الملة . قال : ( فقد كفر . ثم قال : التحريف الثاني ) يعني الشيخ عبد اللطيف ( الذي قال فيه ) ابن تيمية رحمه الله تعالى ( أصل التكفير للمسلمين ) وعباد القبور ليسو مسلمين . إذًا هذه الجملة ليست في محل بحثنا إنما هي في بحثٍ آخر . (وعبارات الشيخ أَخرجت عبادالقبور)يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى، ( أَخرجت عباد القبور من مسمّى المسلمين ، فتأمل كلامه الأول والثاني أن هذا شيء مجمع عليه ، وأن عباد القبور ليسوا بمسلمين ، ولا يدخلون في مسمّى الإسلام ) سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا ، صحيح ؟ سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا ، لماذا ؟ لأن الاسم لا علاقة له بالحجة ، الحجة لها علاقة بماذا؟بالتعذيب،﴿وَمَاكُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّ ىنَبْعَثَ رَسُولاً[الإسراء:15]،وما قال:وماكنا مسمين بالمشركين حتى نبعث رسولاً.بل هم ماذا؟مشركون،دليله آيةبراءة وغيرها.قال ماذا؟
    ﴿وَإِنْ أَحَدٌمِّنَ الْمُشْرِكِينَ[التوبة:6]سماهم ماذا؟ سماهم مشركين،نظرت في القرآن لايسميهم الله عزو جل إل ابالمشركين.
    قال:(ولايدخلون في مسمى الإسلام)سواء أقيمت الحجة عليهم أم لا ( وأن هذا هو عين كلام الشيخ شيخ الإسلام ابن تيمية ) رحمه الله تعالى ( إلى أن قال : يستتاب ) ، يستتاب يعني تطلب منه التوبة ، والتوبة هنا المراد بها ماذا ؟ الرجوع إلى الإسلام ، ارجع إلى الإسلام وإلا ضربنا عنقك ، هذا الأصل . قال : ( يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل بضرب عنقه ، ولم يقل يُعرَّف ) يعرف يعني تقام عليه الحجة ، ( ولا قال : ما يكفر حتى يعرف ) .
    قال هنا : قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن : وقول شيخنا رحمه الله في جوابه للشريف : ونكفره بعد التعريف إذا عرفناه وأنكر قول صحيح . قال العلماء رحمهم الله ذكروا أن المرتد يستتاب ويعرّف ، فإن أصرّ وأنكر يكفر بذلك ، يعني مراده ماذا ؟ أن الحكم معلّق بالقتل بالتعريف .
    قال رحمه الله تعالى : ( ولا قال ما يكفر حتى يعرف كما ظن ذلك من لا علم عنده ، ومن هو مدخول عليه في أصل دينه ) . انتبه لهذه ( مدخول عليه في أصل دينه ) ، يعني لم يعرف حقيقة الإسلام ، هو في أصل دينه في عقيدته في توحيده ليس بموحد ،
    إذا حكم على عُباد القبور أنهم مسلمون حينئذٍ انتقضت عنده الكلمة ، هو بنفسه فكيف بالفاعل للشرك ،
    ولذلك قال هذه فائدة عظيمة تبين لك ماذا ؟ محل النزاع ومناط الخلاف مع هؤلاء .
    قال : ( ومن هو مدخول عليه في أصل دينه ) عنده خلط ، عنده سوء فهم ، عنده قلبٌ للحقائق ، عنده عدم تحقيق لمعنى حقيقة الإسلام وحقيقة الشرك ، ومن هو المسلم ، ومن هو الكافر والمشرك ، فاختلطت عنده المسائل ، فالتبس عليه ، فحكم على المشرك بكونه مسلمًا .

    ثم قال : ( ثم تأمل كلامه في ردّه على العراقي بقوله : فبطل استدلال العراقي وانهدم من أصله ، كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولاً لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم ؟ قال : وهذا باطل بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة . إلى أن قال : وإنما يُكفر الشيخ محمد ) رحمه الله تعالى ( من نَطق الكتاب والسنة بتكفيره ، وأجمعت الأمة عليه ، كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية ، الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين ويدعونهم ، فإن الله كَفَّرهم وأباح دماءَهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره ، نبيًّا أو وليًّا أو صنمًا ، لا فرق في الكفر بينهم كما دل عليه الكتاب العزيز ) انتهى كلامه . واضح ؟
    إذًا المسألة من أوضح ما يكون ، لكن لمن سلم عن الهوى ، وأما من كان عنده شيء من الهوى وأراد أن يحكم على هؤلاء لمجرد قولهم : لا إله إلا الله . حينئذٍ تكون هذه ماذا ؟ عنده من الطلاسم .

    قال رحمه الله تعالى : ( قلت : وهذا من أعظم ما يبين الجواب عن قوله في الجاهل العابد لقبة الكواز ) . أنه لا يكفّره ، يبين ماذا ؟ أنه أراد التكفير بمعنى نفي العقوبة ، وأما في الدنيا فلا يحكم عليه بكونه مسلمًا ،
    قد مرت نصوص في ذلك البارحة .

    قال هنا : سئل أبناء الشيخ عبد اللطيف عبد الله وإبراهيم والشيخ سليمان بن سحمان أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لا يكفر من كان على قبة الكواز ونحوه ، يعني من كان يعبد ، ولا يكفر الوثني حتى يدعوه وتبليغه الحجة ، فأجابوا فيقال : نعم ،
    فإن الشيخ محمد رحمه الله لم يكفر الناس ابتداءً إلا
    بعد قيام الحجة والدعوة، لأنهم إذ ذاك في زمن فترة وعدم علم بآثار الرسالة .
    وهذا كذلك أسلوب أو وجه آخر ،
    يعني يُستدل به أنه لم يكفر باعتبار الآخرة لكونه جعل زمنه زمن أهل الفترة ، وهذا كثير كذلك في كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ،
    ولذلك يُتبع كلامه لقلة الآثار والعلم بالرسالة والنبوة ونحو ذلك ، فدل
    ذلك على أنه يعامله معاملة أهل الفترة فنرجع حينئذٍ إلى مسألة أهل الفترة ، أنهم في الدنيا مشركون وفي الآخرة حينئذٍ يمتحنون .. إلى آخره .
    قال رحمه الله تعالى : ( لأنه لم يستثنِ في ذلك لا جاهلاً ولا غيره ، وهذه طريقة القرآن تكفير من أشرك مطلقًا ) .
    طريقة القرآن إطلاق الشرك بإطلاقٍ سواء كان جاهلاً أو معاندًا ، لا فرق بين النوعين ،
    ( وتوقفه في بعض الأجوبة يُحمل على أنه لأمر من الأمور ) الله أعلم بها ، لأن هذه تعتبر من ماذا ؟ تعتبر من التنزيل ،
    والعالم له جهتان :

    الجهة الأولى : باعتبار التأصيل ، فيأتي يقول : حكم الله تعالى . هكذا حكم الله ، ينسبه إلى الله ، والدليل كذا وكذا ويُطلق ، ثم إذا جاء في التنزيل والتعامل مع الأشخاص وواقعه قد يتوقف في بعضٍ ، قد يُنقل لماذا توقف وقد لا ينقل ، والحجة حينئذٍ لا تكون في ماذا ؟ فيما أَصَّل لا فيما نَزَّل ، لأن التنزيل هذا محتمل،وهو الذي يأتي فيه ماذا ؟ تحقق الشروط وانتفاء الموانع فيما عدا الشرك ،
    لكن باعتبار التوقف في بعض الأشخاص ، ولذلك هنا أطلق قال : ( لأمر من الأمور ) . الله أعلم بها .
    قال : ( وأيضًا فإنه كما ترى توقف مرة كما في قوله : وأما من أخلد إلى الأرض فلا أدري ما حاله ) . يعني باعتبار الآخرة ، هل يكون ناجيًا أو لا ، نحمله هكذا،أما ما أدري كيف حاله ، يعني في الدنيا هل هو مسلم أو مشرك ؟ لا ، لأن له نصوص أخرى تدل على ماذا ؟ على أنه مشرك كافر . إذًا ما أدري ما حاله حينئذٍ يكون باعتبار الآخرة ، البحث في الآخرة ، أما في الدنيا لا نزاع في أنه ماذا ؟ يتناوله اسم الشرك ، لأنه إذا تناول المشرك فاعل الشرك قبل الرسالة فمن بابٍ أولى أن يتناوله بعد الرسالة ، فإذا توقف حينئذٍ نحمله على ماذا ؟ باعتبار الآخرة ، هل يدخل مباشرة النار فيكون من الخالدين فيها ، أو أنه يمتحن ؟ الله أعلم ، قد يتردد الإنسان في ذلك ، أنت الآن قد تحكم على بعض من يعبد غير الله تعالى في بلادٍ أخرى بالشرك وأنهم مشركون كفار ، يجب عليك أن تعتقد هذا ، لكن فلان بعينه هل هو من أهل النار أو لا ؟ لا تستطيع أن تجزم بهذا ، صحيح أو لا ؟ لا تجزم ، ولا يجوز لك أن تجزم ، لماذا ؟ لأنه قد لا تكون الرسالة قد بلغته ، قد يكون ثَمَّ عذرٌ له إلى آخره ، حينئذٍ يكون شأنه شأن أهل الفترات ،
    لكن باعتبار حاله في الدنيا فهو كافر مشرك ولا إشكال في ذلك .
    قال رحمه الله تعالى : ( فيا لله العجب ، كيف يترك قول الشيخ في جميع المواضع مع دليل الكتاب والسنة وأقوال شيخ الإسلام وابن القيم كما في قوله : من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة . ويقبل في موضع واحد مع الإجمال ) .
    يعني صاحبها أول الرسالة ، الذي استدل بأن الشيخ رحمه الله تعالى لا يكفر معينًا تلبّس بالشرك الأكبر ، ما دليلك ؟ قال :
    قال الشيخ رحمه الله تعالى : لا أكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر . وترك عشرات النصوص ، مع الدليل كتابًا وسنة وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ترك هذه كلها ووقف مع ماذا ؟ مع قولٍ واحد فيه اشتباه . إذًا فيه إجمال ، لذلك عبر بماذا ؟ بالإجمال ، وهكذا تصنع مع ابن تيمية مع ابن القيم مع أي أحد من علماء السنة ، إذا جاء لفظ يتعلق بأنه لا يُكفر أو أنه لا يحكم بالشرك ، أو يحكم على عباد القبور بأنهم مسلمون حينئذٍ لا بد من التأويل ، لأن النصوص أولاً قبل هؤلاء العلماء النصوص تدل على ماذا ؟ على أن فاعل الشرك مشركٌ ، ولا نحكم عليه بالإسلام مطلقًا ، ولا نزاع بين الصحابة في ذلك . إذًا هذا أصل أصيل تقرر عندنا ، حينئذٍ نفهم كلام أهل العلم على وفق هذا الأصل ، فما كان كلامه ظاهرًا واضحًا استدللنا به ، وما كان فيه اشتباه قلنا : هذا مراده كذا ومراده كذا ، هكذا نجمع بين الأمرين ،
    وهكذا أهل العلم قاطبةً .
    قال رحمه الله تعالى : ( فقد قامت عليه الحجة ويقبل في موضع واحد مع الإجمال . وتفطن أيضا فيما قال الشيخ عبد اللطيف فيما نقله عن ابن القيم أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة ) أقل ما يمكن أن يكون أنه ملحقٌ بأهل الفترة ، الذين لم يتمكنوا من العلم ،
    مر معنا الذين لم يتمكنوا من العلم أقل أحوالهم أن يكونوا من أهل الفترة ( الذين هلكوا قبل البعثة ، ومن لا تبلغه دعوة نبيٍ من الأنبياء .. إلى أن قال وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم ) يعني لم يكفرهم باطنًا ، قيّده لتفهم العبارات على وجهها ، لم يكفرهم باطنًا يعني لم يجزم بكونهم في النار ولم يلحقهم بأهل الفترة .
    قال هنا : قال الشيخ عبد اللطيف في أثناء رده على العراقي : لم يفقه هذا - يعني العراقي - لغلظ فهمه وعدم علمه ، بل هو يعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ينفي اسم الشرك والفجور ونحو ذلك . أراد أن يفرق بين المسألتين
    فالشيخ عبد اللطيف هنا في (( منهاج التأسيس )) يقول ماذا ؟
    يقول : أراد هذا العراقي بل هو يعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ينفي اسم الشرك ،
    إذا قال : لا نكفر حتى تقوم عليه الحجة هذا كثيرٌ في كلام أهل العلم ،
    ظن هذا الظانّ لسوء فهمه أن تقييد أهل العلم التكفير نفي التكفير بقيام الحجة معناه ماذا ؟ أن يُنفى عنهم وصف الشرك
    قال : لا تلازم بين النوعين .
    قال : بل هو يعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ينفي اسم الشرك والفجور ونحو ذلك من الأفعال والأقوال التي سمّاها الشارع بتلك الأسماء ..
    إلى أن قال : وهذه من الأعاجيب التي يضحك منها اللبيب ، فعدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية ،
    بل هي باقيةٌ على أصلها ، بل يسمى ما سماه الشارع كفرًا أو شركًا أو فسقًا باسمه الشرعي ولا ينفيه عنهم وإن لم يعاقب فاعله .
    وإن لم يعاقب العقوبة هي المتعلقة بماذا ؟ بقيام الحجة وأما الاسم والأسماء الشرعية فهي ثابتة ،
    ولا تقيد بماذا ؟ بقيام الحجة .
    وإن لم يعاقب فاعله إذا لم تقم عليه الحجة ولم تبلغه الدعوة .
    قال رحمه الله تعالى : ( ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند ما لم يكفر بعضهم ) يعني لم يكفرهم باطنًا لم يُثبت كفر التعذيب ومع هذه يسميهم ماذا ؟ يسميهم مشركين . قال : ( وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم ، وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا اله إلا الله )
    ثم قال : ( ولنذكر كلامًا ) .
    قال رحمه الله تعالى : ( ولنذكر كلامًا لابن القيم ذكره في (( طبقات المكلفين ))
    نقله عنه الشيخ عبد اللطيف في ردّه على العراقي مثل التفسير لما ذكرنا لك
    ) يعني ما سبق أراد أن يستدل عليه بماذا ؟ بأنه قد سبقه عالمٌ جليل كابن القيم رحمه الله تعالى فحينئذٍ كأنه أعاد ما ذكره سابقًا .
    قال : ( مثل التفسير لما ذكرنا لك ويجلو ) يعني يزيل ( عنك بقايا هذه الشبهة ) إن بقي شيء من الشبهة يُزله ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى .
    ( قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب ( طبقات المكلفين )) هذه ذكره في ((طريق الهجرتين))(لماذكر رؤوس الكفار) الزعماء الكبار (رؤوس الكفار الذين صدّوا عن سبيل الله وأن عذابهم مضاعف،ثم قال:الطبقة السابعة عشرة طبقة المقلدين) مقلدٌ لغيره،لأن الشرك الأكبر لايكون مانعًا منه ماذا؟ التقليد،يعني في الاسم وفي الحكم كذلك ، فإذا قلّد غير حينئذٍ نقول : هذا ماذا ؟ هذا يعتبر مشركًا وكذلك ما يتعلق بالآخرة هذا الأصل . قال : ( طبقة المقلدين وجهال الكفر وأتباعهم وحميرهم ) سماهم حمير ولا إشكال فيه ، ( وحميرهم الذين هم معهم تبعٌ ، يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمةً ) على دينٍ وملة فاتبعوهم يعني كالحمار الذي يسير إلى ما أراده منه صاحبه على حسب ما عوّده وما ربّاه عليه . قال : ( إنا وجدنا آباءنا على أمةً ولنا أسوة بهم ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام ) ليس بينهم عداء ( غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصب له أولئك أنفسهم من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته ، بل هم بمنزلة الدواب ) يعني فرّق بين طائفتين كفار رؤساء زعماء نازعوا الإسلام والمسلمين حاربوا يعني يعتبرون من المحاربين ، وهؤلاء لا ، ليسوا محاربين وإنما هم ماذا ؟ كالخدم لأولئك . قال:(وقد اتفقت الأمة على هذه الطبقة) مع كونهم مقلدين جهالاً اتفقت على ماذا؟ على أن هذه الطبقة(كفار وإن كانوا جهالاً مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلامايُحكى عن بعض أهل البدع) منهم (أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة) وهذاكلام خطير لابن القيم رحمه الله تعالى يدل على ماذا؟على أن هؤلاء : أولاً الجهل لم يمنع من التكفير صحيح أو لا ؟ قال : ( اتفقت الأمة على ) أن ( هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالاً ) . إذًا الجهل لم يكن مانعًا من التكفير ، وهؤلاء المعاصرون يجعلون ماذا ؟ يجعلون الجهل مانعًا من التكفير . إذًا خالفوا ابن القيم رحمه الله تعالى وهم يدندنون بكلام ابن القيم رحمه الله تعالى . ( كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم ) قال : حكم عليهم بكونهم كفارًا ظاهرًا وباطنًا ، بمعنى أنهم في النار خالدون مخلدون فيها ( إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع ) حكموا عليهم في الدنيا بكونهم كفار ، وفي الآخرة ماذا ؟ يمتحنون ، جعل هذا القول من أقوال أهل البدع ، واضح هذا ؟ فهؤلاء المقلدون وإن كانوا جهالاً فهم في الدنيا كفار ، وفي الآخرة ماذا ؟ خالدون مخلدون في النار ، إلا قولٌ يحكى لبعض أهل البدع من المتكلمين حكموا عليهم بكونهم كفارًا في الدنيا لكن جعلوهم في الآخرة بمنزلة من لم تبلغه الدعوة ، فجعلهم ماذا ؟ من أقوال أهل البدع ، ولذلك إذا علمت أنه بلغته الحجة تحكم عليه بأنه خالدٌ مخلدٌ في النار ، يعني تكفره باطنًا وظاهرهًا لا ظاهرًا فقط .
    قال رحمه الله تعالى : ( إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار ) يعني يسميهم مشركين لكن ما يحكم عليهم بماذا ؟ ( بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم ) حكاية إجماع ، ثم يقولون : المسألة خلافية ، وابن القيم يقولها وابن تيمية ، لا ندري كيف يفهمون كلام العلماء . ( وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدَث في الإسلام . وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :« ما مولود إلا وهو يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه » فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية أو النصرانية أو المجوسية ) مع كونه جاهلاً ، هو صغير طفل ، ثم ينشئ على اليهودية وصار يهوديًا له عذرٌ ؟ ليس له عذرٌ البتة . قال : ( فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية والنصرانية والمجوسية ولم يعتبر في ذلك غير المربِّي والمنشَّأ على ما عليه الأبوان ) فقط لم يذكر شيئًا آخر ، وإنما جعل الوصف بكونه يهوديًّا كونه ماذا ؟ رُبِّيَ على يدي والديه فصار يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا ، ومع ذلك سماه ماذا ؟ يهوديًّا ونصرانيًّا ومجوسيًّا . قال : ( وصحّ عنه أنه قال ) عليه الصلاة والسلام (« إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة ») احتراز أو لا ؟ إذًا المشرك لا يدخل وهذا الذي تلبّس بالشرك،مااسمه؟ مشرك ، والجنة لا يدخلها إلا مسلم . إذًا فرقٌ بين النوعين . ( وهذا المقلد ليس بمسلم ) ، المقلد ) و ( ليس بمسلم ) جمع بين الأمرين أو لا ؟ جمع بين الأمرين ، وإذا لم يكن ثَمَّ إسلامٌ ثبت الكفر والشرك . قال : ( ليس بمسلم وهو عاقل مكلّف ، والعاقل لا يخرج عن الإسلام أو الكفر ) فإذا انتفى الإسلام ولو كان مقلِّدًا ولو كان جاهلاً ثبت الشركُ ، وابن القيم رحمه الله تعالى لا يجعل الجهل مانعًا من التكفير . ( وأما من لم تبلغه الدعوة ) انتقل إلى مسألةٍ أخرى ، من لم تبلغه الدعوة ، ما بلغه شيء ما سمع لا بقرآن ولا برسولٍ ( فليس بمكلف في تلك الحال وهو بمنزلة الأطفال والمجانين ) لا فرق بينه وبين الطفلِ الذي يكون منسوبًا إلى أبويه وهما كافران ، وكذلك المجنون الذي وُلد مجنونًا مثلاً لأبوين كافرين حكمه حكمهم . قال : ( وقد تقدم الكلام عليهم ) . قال : ( قلت : وهذا الصنف أعني من لم تبلغهم الدعوة هم الذين استثناهم شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقل عنه العراقي ، واستثناهم شيخنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ) . ثم قال : ( قال ابن القيم ) وصنف شيخ الإسلام رسالة في أن الشرائع لا تلزم إلا بعد البلاغِ وقيام الحجة . الشرائع من حيث هي يعني لا يعاقب عليها لا تلزم يعني لا يعاقب عليها إلا بعد [ ها ] قيام الحجة ، وأما قبل ذلك فلا ، وأما الأسماء فلا علاقة بقيام الحجة بها البتة . ثم قال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيِّنًا وصف الإسلام ، متى نقول هذا مسلم ، ومتى نقول هذا ليس بمسلمٍ ، فعرّف حقيقة الإسلام . فقال : ( والإسلام ) الذي من تحقّق به صار مسلمًا ( هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ) إذا لم يُوحِّد الله ليس بمسلمٍ ، إذا أشرك مع الله تعالى ليس بمسلمٍ ، ( والإيمان برسوله وإتّبَاعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم ) ، ( فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم ) . إذًا إذا تحقق بهذا الوصف فهو مسلمٌ . قال : ( فليس بمسلم ، وإن لم يكن كافرًا معاندا فهو كافر جاهل ) إذًا كفرٌ عن عناد ، وكفرٌ عن جهل ، هذا المقلّد وهذا الذي اتبع غيره أو كان جاهلاً إن لم يكن معاندًا بمعنى أنه علم وبلغته الدعوة وأعرض فهو كافرٌ كفر عناد ، أو لم يكن كافرًا كفر عناد بل كان ماذا ؟ كافرًا جاهلاً ، واضح هذا ؟ هذه عبارة ابن القيم رحمه الله تعالى تُبين لك المغزى هنا . قال رحمه الله تعالى : ( وإن لم يكن كافرًا معاندا فهو كافر جاهل ، فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارًا ، فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى وكذّب رسوله إما عنادًا وإما جهلًا وتقليدًا لأهل العناد ) . وهذا كلام محرر من ابن القيم رحمه الله تعالى أن الكافر على نوعين : - قد يكون جاهلاً مقلّدًا . - وقد يكون معاندًا . وكونه ليس بمعاند لا يخرجه عن كونه كافرًا . قال : ( وإما جهلًا وتقليدًا لأهل العناد ، فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد ، وقد أخبر الله تعالى في القرآن في غير موضع بعذاب المقلِّدين لأسلافهم من الكفار ، وأن الأتباع مع متبوعيهم ) يعني في النار ( وأنهم يتحاجون في النار ، ثم ذكر آياتٍ في هذا وأحاديث ، ثم قال : وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو مجرد إتباعهم وتقليدهم ) مجرد الإتباع والتقليد يعني فعلوا الشرك كما فعل المتبوع ، هل هذا يعتبر مانعًا من تنزيل الحكم عليهم ؟ الجواب : لا . ولو كانوا مقلدين ؟ ولو كانوا مقلدين . والمقلد جاهل ، حينئذٍ لا يكون مانعًا لا التقليد ولا الجهل . قال رحمه الله تعالى : ( ثم قال : نعم ، لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال ) فيما يتعلق بالآخرة ليس بالدنيا لأننا عرفنا ماذا ؟ أن من لم يتحقق بوصف الإسلام ، أنت تجمع بين كلامه في الأول والآخر ، ذكر حقيقة الإسلام ، ثم قال : من لم يأت بهذا فليس بمسلمٍ ، انتهينا من ماذا ؟ من الأسماء بقي ما يتعلق بالأحكام . قال:(يزول)به(الإشكال وهو الفرق بين مقلّد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ،ومقلّد لم يتمكن من ذلك بوجه) يعني مقلد متمكّن من العلم، ومقلد لم يتمكّن من العلم كلاهما في الدنيا كافرٌ مشرك ،(والقسمان واقعان في الوجود)يعني موجودون،(فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عندالله) العذر مع التفريط لا يجتمعان ،ونص على ذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى كذلك في مواضع ، أن المفرّط لا يكون معذورًا في الشرع ، ولذلك قال هنا رحمه الله تعالى:(فالمتمكّن)الذي استطاع أن يصل إلى العلم لكنه أعرض(مفرط تارك لواجب عليه لا عذر له عند الله ، وأما العاجز عن السؤال والعلم ) لو أراده ما حصّله ( الذي لا يتمكن من العلم بوجه ، فهم قسمان أيضًا ) الثاني الذي لم يتمكن ( فهم قسمان أيضًا أحدهما مريدٌ للهدى مؤثر له محب غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده ، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة ) يعني من لم يتمكّن من العلم قد يكون مؤثرًا محبًّا للحق لكنه لم يتمكن منه ، حينئذٍ يكون حكمه حكم أهل الفترات ، يعني يمتحن في الآخرة . ( فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة ) . ( الثاني ) لم يتمكن من العلم لكنه ماذا ؟ ( مُعْرض لا إرادة له ولا يُحدث نفسه بغير ما هو عليه ، فالأول يقول : يا رب لو أعلم لك دينًا خيرًا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره ، فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي . والثاني راض بما هو عليه لا يُؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته ) . إذًا هذا ماذا ؟ هذا غير متمكّن ، لكن أحدهما مؤثرٌ للحق محبٌّ للحق ، والثاني لا يحدث نفسه . قال رحمه الله تعالى : ( وكلاهما عاجز ، وهذا لا يجب أن يُلحق بالأول لما بينهما من الفرق ) ليس في الدنيا وإنما في الآخرة ، وحينئذٍ من كان متمكّنًا ، وهومؤثرٌ للحق هذا قد يُقال بأنه في الآخرة ماذا؟ يمتحن ،وأما إذا كان معرضًا حينئذٍ توقف ابن القيم وفي موضعٍ آخر جزم بأنه كذلك ليس مُلْحَقًابأهل الفترات . ( فالأول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزًا وجهلاً . والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه ، وإن كان لو طلبه لعجز عنه ، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض ) . إذًا كلاهما عاجزٌ لم يتمكن من ماذا ؟ من معرفة العلم ، إلا أن أحدهما ماذا ؟ طالبٌ له مؤثرٌ محبٌ له ،
    والثاني معرضٌ ، ونحن لا نستطيع أن نطلع على هذا وذاك
    ،صحيح أولا؟لأن هذامتعلق بالإرادات والنيات والقلوب وإنما لنا ماذا ؟ الظاهر ،
    وهذا التقسيم من ابن القيم رحمه الله تعالى لا فائدة فيه في الدنيا ، وإنما الفائدة باعتبار ماذا ؟ باعتبار المعين عند الله تعالى ، ونحن لا نحكم على المعين في هذه باعتبار الآخرة ، وإنما نحكم به باعتبار ماذا ؟ باعتبار الدنيا أو نحكم عليه باعتبار الدنيا .
    قال رحمه الله تعالى : ( والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ، فهذا مقطوع به في جملة الخلق ، وأما كون زيدٍ ) الذي لم يتمكن من العلم ، البحث في ماذا ؟ في الآخرة ليس مطلقًا بحثه ليس في كل من وقع في الشرك الأكبر ، وإنما في نوعٍ معين الذي يتحدث عنه هو العاجز . قال : ( وأما كون زيدٍ بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا ؟ فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه ) فإذا جهلتَ هذا المشرك هل قامت عليه الحجة أم لا ؟ فليس من شأنك أن تحكم عليه بأنه في النار أو أنه يمتحن ونحوذلك ،الله أعلم بحاله،وإنما نحكم عليه بماذا ؟ بما ظهر ، فمن أظهر الشرك الأكبر حكمنا عليه بأنه مشركٌ ، إذا بلغته الدعوة حكمنا عليه بأنه في الآخرة خالدٌ مخلدٌ في النار،وإذا لم تبلغه الدعوة فالله أعلم بحاله قد يكون مريدً اللحق، وقد لا يكون مريدًا للحق ، ولا ندخل في هذه المسائل . قال : ( فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه ، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان ) هكذا ( أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر ) والشرك دينٌ أم لا ؟ دينٌ ، حينئذٍ ( فهو كافر ) هذه قاعدة عامة ، فإذا أظهر الكفر كفّرناه
    وأما ما يتعلق بالآخرة وحينئذٍ هل بلغته الدعوة أم لا فننظر باعتبار هذا المعنى . ( وأن الله تعالى لا يُعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول ، هذا في الجملة ، والتعيين موكول إلى علم الله ، وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب ) هذا تقييد ( في أحكام الثواب والعقاب ) يعني يُثاب أو لا يثاب ، يعاقب أو لا يعاقب .

    ( وأما أحكام الدنيا ) فصل بين النوعين ، فصل بين حكم الآخرة وحكم الدنيا ،
    وهذا ابن القيم رحمه الله تعالى . إذًا قوله ليس محدثًا عندما نقول : عندنا أسماء وعندنا أحكام ، والحكم الدنيوي غير الحكم الأخروي .
    قال رحمه الله تعالى : ( وأما أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر ) على ظاهره ، من أظهر الكفر فهو كافر ( فأطفال الكفار ومجانينهم كفار ) أطفال الكفار فهم كفار ، والمجانين المنسوبون إلى الكفار فهم ماذا ؟ فهم كفار ولو كانوا غير متأهلين لماذا ؟ لقيام الحجة لكن نحكم بما ظهر . قال : ( ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة ) .
    إذًا فرقٌ بين الحكم الدنيوي والحكم الأخروي ، وفرقٌ بين الاسم وبين الحكم ،
    وابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الموضع نص على ذلك أتم البيان .
    قال رحمه الله تعالى : ( وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة وهو مبني على أربعة أصول ) مرت معنا في (( مفيد المستفيد )) ( أحدها : أن الله سبحانه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه ) هذا في التعذيب ليس في الأسماء ، ( كما قال تعالى ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : 15] . وقال تعالى : ﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [ النساء : 165] . وذكر آيات ، ثم قال : وقالتعالى﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ﴾ [ الزخرف : 76] . ثم قال : والظالم من عرف ما جاء به الرسول أو تمكَّن ) ، ( عرف ) تحقق العلم بالفعل ، ( أو تمكن ) يعني بالقوة ، ( من معرفته ثم خالفه وأعرض عنه ، وأما من لم يكن عنده من الرسول ) خبر علمٌ . هذا ساقط . قال : ( وأما من لم يكن عنده من الرسول علم)وفي نسخةٍ:خبرٌ.(أصلاً،ولاتُمْكِنُ معرفته بوجه، وعَجِز عن ذلك فكيف يقال أنه ظالم ؟ ) يعني نازع في الاسم ، ويُنازع هو ، إن كان المراد به الظلم الذي هو الشرك فيسمى كذلك قبل ماذا ؟ قبل الخبر ، وله مواضع أخرى تدل على ماذا ؟ على أنه كذلك يُثبت الاسم ، هذا الأصل الأول أنه لا تعذيب إلا [ ها ] ؟ إلا مع الرسول إلا الحجة لا بد من قيام الحجة وهذا متفقٌ عليه . ( الأصل الثاني : أن العذاب يستحق بسببين ، أحدهما : الإعراض عن الحجة وعدم إرادته لها ولموجبها ) يعني يعلم بالحجة ولكنه يعرض عنه ، وهو كفر الإعراض الذي مرّ بيانه . ( الثاني : العناد لها بعد قيامها ) بلغه العلم فعاند ،
    الأول لم يبلغه علم لكنه ماذا ؟ أعرض سمع بها لكنه لم يتحرك .
    قال رحمه الله تعالى : ( الثاني : العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها . فالأول كفر إعراض ، والثاني كفر عناد ) كلاهما كفرٌ ( إعراض ) أعرض سمع بها وأعرض عنها ، والثاني بلغته وعاند
    ( وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكّن من معرفتها فهذا هو الذي نفى الله التعذيب عليه حتى تقوم حجته بالرسل ) ومع ذلك يُسمى مشركًا كافرًا .
    إذًاأثبت ماذا؟قال:(كفرالجهل)مع عدم قياما لحجة(وعدم التمكن)كذلك(من معرفتها)ومع ذلك فهو جاهلٌ،لكن لايُعذب حتى تقام عليه الحجة. ( الأصل الثالث : أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص ، فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان ) هذا ما يتعلق بالعذاب لا بالأوصاف والأسماء ، ( وفي بقعة وناحية دون أخرى ، كما أنها تقوم على شخص دون آخر ، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون ، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يُحضر ترجمان يترجم له ، فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئًا ولا يتمكن من الفهم ، وهو أحد الأربعة الذين يُدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما .. إلى آخره . ثم قال الشيخ : فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع ) يعني الشيخ عبد اللطيف لما أورد كلام ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا مر معنا مرارًا ، وهو ما ذكره الشيخ إسحاق في أول أمره . قال : قف وتأمل ( فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين رحمهما الله ) في كونه ماذا؟لا يُكفر . لا يكفر يعني لا نحكم عليه بأنه في الآخرة خالدٌ مخلدٌ في النار .
    وأما في الدنيا فهو على ما أظهر . (وأماالعراقي وإخوانه المبطلون فشبّهوا) ولبّسوا على الناس(بأن الشيخ)ابن تيمية رحمه الله تعالى وكذلك الشيخ محمد رحمه الله تعالى(لا يُكفر الجاهل ) ، كل جاهل لا يكفر وهذا باطل لا شك فيه ( وأنه يقول : هو معذور ) معذورٌ في الدنيا وفي الآخرة وهذا كذلك باطل .
    ( وأجملوا القول ولم يفصلوا وجعلوا هذه الشبهة تُرْسًا يدفعون به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وصاحوا به على عباد الله الموحدين كما جرى لأسلافهم من عبّاد القبور والمشركين ، وإلى الله المصير ، وهو الحاكم بعلمه وعدله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون ،
    إلى آخر ما ذكر الشيخ .
    فتأمل إن كنت ممن يطلب الحق بدليله ، وإن كنت ممن صَمَّمَ على الباطل وأراد أن يستدل عليه بما أُجمل من كلام العلماء فلا عجب ) . الحجة إنما هي في ماذا ؟ في الدليل كتابًا وسنة وإجماعًا ، وقد ثبت الدليل بالكتاب والسنة والإجماع على أن فاعل الشرك في الدنيا يُعتبر ماذا ؟ يعتبر مشركًا ، ولا علاقة لقيام الحجة بماذا ؟ بالأسماء ،
    وأما في الآخرة ما يتعلق بالعذاب فهو منوطٌ بماذا ؟ بالرسالة على التفصيل الذي ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى .
    قال : ( وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين ) . والله تعالى أعلم .
    وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين . من شرح الشيخ احمد ابن عمر لرسالة حكم تكفير المعين للشيخ اسحاق ابن عبد الرحمن ابن حسن


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •