قصتي مع مخطوط نادر: عجائب الأشعار وغرائب الأخبار
د. سعد الله المحمدي



كانَ من عادة القُدماء من أهل العلم والتأليف ومحبِّي ومقتني الكتب والمخطوطات أنَّهم يدوِّنون بعض المعلومات والأبيات على أغلفة الكتب التي امتلكوها مع وضع الأختام، وكتابة الأسماء والتعليقات عليها، كما كان من عادتهم كتابة التواريخ والعهود والأزمان على المخطوطات الفريدة، ووضع أختام المالكين وخزائنهم عليها؛ للدلالة على الارتباط والامتلاك لهذه النُّسَخ.

ويجد الناظر الشيء الكثير من أمثال هذه التواريخ والإثباتات والتوقيعات والأبيات والأختام والأسماء على مخطوط "عجائب الأشعار وغرائب الأخبار"؛ لأمين الدولة أبي الغنائم مسلم بن محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزري، المتوفَّى بعد 622هـ، الذي يُعتبرُ من أندر المخطوطات على مستوى العالم؛ حيثُ لا توجد له إلا نسخة واحدة، تنقَّلت بين القصور الملكية، وخزائن السلاطين، وأيادي أهل العلم والأدب، وارتحلت من بلاد العرب إلى شبه القارة الهندية حتى استقرَّت في مكتبة الكلية الإسلامية ببشاور، باكستان، تحت رقم 1155.

ومما قرأتُه على هذا المخطوط الفذِّ أبيات جميلة لبعض الشعراء، كتَبها أحد المُلَّاك أعلى اليمين منْ صفحة التعليقات والأختام، ومنها قول الشاعر:
وحسبكَ قولُ الناس فيما ملكته ♦♦♦ لقد كانَ هذا مرَّةً لفلانِ

وبعده بيت للمتنبي:
ولَوْ قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقِّ رأسِهِ ♦♦♦ من السُّقمِ ما غيَّرْتُ من خطِّ كاتِبِ

وبيت آخر للمتنبي كذلك:
كَفَى بجِسْمي نُحُولًا أنَّني رَجلٌ ♦♦♦ لَوْلا مُخاطَبَتي إيَّاكَ لمْ تَرَني
وأبيات لشعراء آخرين.

بدأتْ علاقتي بهذا المخطوط النادر في عام 1997م عندما كنتُ طالبًا بمرحلة الماجستير في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد؛ حيثُ حصلتُ على نسخةٍ مصوَّرة منه عن طريق أستاذي الفاضل الشيخ سعيدالرحمن بن سيد أنور الأفغاني، الذي حثَّني على تحقيقه كرسالةٍ لنيل درجة الدكتوراه في الأدب العربي، فأخفيتُ الأمر لحاجةٍ في نفسي، واحتفظتُ بصورة المخطوط، وانشغلتُ عنه ببحثي لمرحلة الماجستير بعنوان "أدب العلَّامة الأمير محمد صديق حسن خان، وآراؤه النقدية"[1]؛ حيث أخذ البحث منِّي وقتًا أطول؛ وذلك لأنني أخذتُ العَهْد على نفسي أن أصلَ إلى مؤلفات الأمير التي طُبِعت في بهوبال، لأسباب كثيرة، منها تحقيق نسبة بعض المؤلفات إلى الأمير، ولاشتمال تلك النُّسَخ على التقاريظ والمدائح التي قيْلت في الأمير وفي مؤلفاته ممَّا لا وجود لها في معظم النُّسَخ الحديثة للأسف، ومن هُنا نسيتُ المخطوط المذكور وشأنه لعدَّة سنواتٍ، والخيرُ ما اختاره الله كما يقول المثل.

وبعد حصولي على درجة الماجستير في الأدب العربي من الجامعة الإسلامية العالمية في عام 2001 وقبولي بمرحلة الدكتوراه في نفس الجامعة، بدأت أُقلِّب النسخة المصورة الموجودة لديَّ من المخطوط، وأقرأ فيها حيث وجدتُها خزانة مليئة بالدُّرر واللآلئ، تتألَّق حُسنًا وجمالًا وبهاءً ورونقًا، تتطلَّع إلى منْ يمسحُ عن جبينها الوضَّاح ووجْهِها المشرق، وثغرها الباسم غبارَ التَّعَب والسفر والحبس في الخزائن.

وبما أنني كنتُ طالبًا بالسَّنة المنْهجية لمرحلة الدكتوراه، فإنني جهَّزتُ خطَّةً مبدئية لتحقيق المخطوط، وأرسلتُها عن طريق البريد السريع إلى أحبِّ أساتذتي إلى قلبي - ولكلٍّ منهم محبة ومعزة خاصة - وهو الأستاذ الدكتور شعبان محمد مرسي، أستاذ الأدب والنقد بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، طالبًا منه توجيهي بشأن المخطوط، ويغلبُ لديَّ أنَّ رسالتي لم تصل إلى الدكتور؛ ولذا لم يأتِني الردُّ.

وفي تلك الأثناء وصل إلى علْمي من بعض الإخوة المهتمِّين بالمخطوطات، والرسائل العلمية، أنَّ هذا المخطوط الفريد قدْ تمَّ تسجيلُه من قِبَل باحثٍ أردني بقسْم اللغة العربية بجامعة بنجاب - وهي منْ أعرق الجامعات الباكستانية التي أُنشئت في عام 1882م - ولكنَّه سافرَ أو انقطع عن الجامعة! وهُنا توقَّفْتُ عن موضوع المخطوط وتحقيقه نهائيًّا إلى موضوع آخر؛ لعدم اقتناعي بتكرار الجهود العلمية، قائلًا: قدَّر الله وما شاء فعل، ومعزِّيًا نفسي بقول شاعر أهل الشام، عدي بن الرِّقاع العَاملي:
وممَّا شجاني أنني كنتُ نائمًا
أُعلِّلُ من بَرْدِ الكَرى بالتَّنَسُّمِ


إلَى أَنْ بَكَتْ وَرْقَاءُ في غُصْنِ أَيْكَة ٍ
تُرَدِّدُ مَبْكَاهَا بِحُسْنِ التَّرَنُّمِ


فَلَوْ قَبْلَ مَبْكَاهَا بَكَيْتُ صَبَابَة ً
بسُعْدَى شَفَيْتُ النَّفْسَ قَبْلَ التَّنَدُّمِ


ولكِنْ بَكَتْ قَبْلِي فَهَاج لِيَ البُكَا
بُكاهَا فقلتُ الفضلُ للمتقدِّمِ[2]



ثم قرأتُ شيئًا عن المخطوط ومكانته في كتب التاريخ والأدب، ولكن مما نبَّهني وشدَّني إليه من جديد، هو ما ذكره الباحث والمحقِّق الباكستاني الدكتور أحمد خان في كتابه "فهرس المخطوطات العربية بباكستان" من أنها نسخة فريدة في العالم، ومكثت في خزائن ملوكية وبها أختامهم"[3]، ومن هنا أصبح موضوع تحقيق المخطوط في عداد الأمنيات كمشروع خارج البيئة الجامعية.
مُنًى إِنْ تَكُنْ حَقًّا تَكُنْ أَحْسَنَ الْمُنَى
وَإِلَّا فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَنًا رَغْدَا


أَمَانِيَّ مِنْ سُعْدَى عِذابٌ كَأَنَّما
سَقَتْنا بِها سُعْدَى عَلَى ظَمَأٍ بَرْدَا[4]



وفي عام 2006م وخلال اطِّلاعي ومشاهدتي لبعض المخطوطات الموجودة في الكلية الإسلامية ببشاور - التي تحدثتُ عنْها وعن نوادرها ضمن مقالي المنشور بمجلة الفيصل، العدد رقم 366 ذو الحجة 1427هـ ديسمبر 2006م - لفت نظري صندوقٌ زجاجيٌّ مُحْكم من كلِّ الجهات لأجدَ فيه المخْطوطَ في شكله الأصلي، وبما أنه يُعتبر من نوادر المخطوطات على مستوى العالم، فإنَّه محميٌّ بشكلٍ خاصٍّ ومعقَّم للحفاظ عليه وسلامته من التَّعرُّض للأضرار والآفات حسب نظام حفظ المخطوطات.


وقد ألَّفهُ صاحبه لخزانة صاحب اليمن الملك المظفر إسماعيل بن طغتكين الأيوبي الذي ولي الملك بعد وفاة والده الملك العزيز سيف الإسلام طغتكين بن نجم الدين أيوب سنة 593هـ، ويقولُ المصنِّف في مدح كتابه:
هذا الكتاب على تأخُّر عصره
أضحى لفضلك في البرية مُفْردا


يلقى العصور لحُسْن ذكرك ناشرًا
حُلل المكارم والثناء مُؤبدا


فيه من الآداب كل غريبة
تُبْقي نفيس المدح فيك مُخلَّدا[5]



وممن تملَّك هذا المخطوط النادر أعظم ملوك شبه القارة الهندية الملك المغولي المسلم (شاه جهان) صاحب تاج محل الذي يُعَدُّ جوهرة الفنِّ الإسلامي في الهند، وإحدى الروائع الخالدة في العالم، ثم تداولته الأيادي، وآخر مَنْ تملَّك هذا المخطوط هو العالم الحافظ غلام جيلاني الذي اشتهر برحلاته العلمية وحرصه على تحصيل الكتب النادرة في صورتها الأصيلة، وكان عالِمًا وكاتبًا، يسكن مدينة بشاور، بمنطقة آسيا كيت (بوابة آسيا)، قبل زمن الطباعة الأتوماتيكية، يجوبُ القرى والْمُدن والأمصار لجمع الكتب النادرة والمخطوطة مجانًا؛ إذ كان من عادة بعض أهل المناطق إخراج الكتب القديمة إلى المقابر، فيجمعها من هناك، أو يطلبها من أصحابها - دينًا - أو يستأذن في استنساخها للقراءة والاحتفاظ بها، حتى تكوَّنَتْ لديه كمية كبيرة، وتُوفِّي رحمه الله، وكان هذا الكتاب في مكتبته الخاصة، وترك وراءه زوجةً وبنتًا فقط[6].

وعندما علم حاكم أفغانستان الأمير حبيب الله خان المتوفَّى 1919م بوفاة الشيخ غلام جيلاني أرسل مائة وخمسين ألف روبية إلى أسرته، والتمس منهم وقف هذه الكتب على إحدى المكتبات الوطنية في كابل؛ لكن الأسرة لم توافق على الطلب؛ بل خصَّت الكليَّة الإسلاميَّة الموجودة في بشاور بهذه التحف الثمينة والكتب والمخطوطات [7].

وتبيَّن لي فيما بعد أن الباحث الأردني الذي سجَّل المخطوط لنيل درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة بنجاب بإشراف الأستاذ الدكتور ظهور أحمد أظهر، هو الأخ د. عطاالله بن يوسف بن محمد قبلان؛ حيث قام بتحقيق الجزء الأول من الكتاب المشتمل على اثني عشر بابًا، وحصل على درجة الدكتوراه في العام الجامعي 1999/2000م أي قبل ثمانية عشر عامًا من الآن.

يقع تحقيق الدكتور عطاالله للجزء الأول للكتاب في 391 صفحة، من بينها 365 صحفة للنص المحقَّق والمقدمة، و26 صفحة للفهارس، وقد بذل جهدًا كبيرًا في العمل والبحث والتنقيب فخاطبَ الجهات المعنيَّة بالمخطوطات في الأردن والسعودية والباكستان والهند وغيرها؛ للإفادة بشأن المخطوط أو العمل به، كما تحمَّل عناءً كبيرًا في نَسْخِ المخطوط من جديد بيد الشيخ شير أحمد بن كل زاده الوردجي الأفغاني حسب قواعد نَسْخ المخطوطات إلى أن يسَّر الله تعالى أمر تصْويره على مايكرو فيلم من قبل الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد.

وبإلقاء نظرة سريعة على تحقيق الدكتور عطاالله، نجدُ أنه يشتمل على تمهيد من صفحة واحدة بعنوان: بين يدي الكتاب، أشار فيه إلى اطِّلاعه على المخطوط في أوَّل زيارة له إلى مدينة بشاور عام 1988م، ثمَّ تسجيله له بشكلٍ رسمي في عام1992م لنيل درجة الدكتوراه لدى جامعة بنجاب.

ثم أورد المقدمة التي أشار فيها إلى قيمة المخطوط العلمية، وموضوعه، وسبب تأليفه، ووصف المخطوط بذكر أوراقه ونوعية الخط، والإشارة إلى الأخطاء الإملائية الواردة فيه، وذكر مصادر المحقق في الضبط، وأسباب اختياره ومنهجه في التحقيق.

ثم تطرَّق لحياة مؤلف الكتاب وعصره، وثقافته ومكانته العلمية وصِلاتِه بملوك وعلماء عصره، وبيان لمؤلفاته ووفاته، ثم تحقيق الجزء الأول من الكتاب، ثم ملاحق البحث وفيها مخاطباته ومراسلاته لجهات عديدة حول الكتاب، ثم فهرس المصادر والمراجع المشتمل على 175 مصدرًا ومرجعًا، وفهرس الموضوعات [8].

وتحدثت إليه يوم السبت 16 من ربيع الأول لعام 1440هـ الموافق لــ 24 من شهر نوفمبر لعام 2018م فوضَّح لي أنَّه أكمل تحقيق الجزء الثاني من المخطوط كذلك، وأنه يعملُ حاليًّا على ترتيب الفهارس العامة للجزء الثاني، وقال لي: إن كبير المحققين العرب، الدكتور إحسان عباس رحمه الله قد أثنى كثيرًا على تحقيقي للكتاب.


ومن المميزات التي لاحظتها على عمله هي:
1- السبق المطلق إلى تحقيق هذه المخطوطة اليتيمة، وإماطة اللثام عنها، وبذل الجهد والمال في خدمتها.

2- مخاطبة العديد من الجامعات ومراكز البحث العلمي والمهتمِّين بالمخطوطات؛ للبحث عن نسخة ثانية للمخطوط والحصول على معلومات عنها في فترة شحِّ المعلومات عن هذا المخطوط ونَدْرتها.

3- الأسلوب الجميل الذي اختاره الباحث في المقدمة؛ حيث يذكر شيئًا ويتركه، وينتقل إلى جزئية ثانية، ثم يعود إلى الموضوع الأول في سياق كلام آخر على غرار أسلوب الجاحظ أحيانًا.

4- اعتناؤه في تحقيق الكتاب بالجوهر وهو النصُّ وخدمته وتقديمه إلى المكتبة العربية، وذكره لأرقام صفحات المخطوط داخل النصِّ المحقَّق.

ثم وجدتُ على الإنترنت أنَّ أخي وزميلي منذ أيام الجامعة، الدكتور إسماعيل بن عمارة عقيب العقلاوي سجَّل الجزء الأول من المخطوط كأطروحة علميَّة لنيل درجة الدكتوراه من قسم الأدبيات بكلية اللغة العربية والحضارة الإسلامية، بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد، بإشراف الأستاذ الدكتور مؤيد فاضل، وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي في العام الجامعي 2007 - 2008م أي بعد مناقشة بحث الدكتور عطاالله بثماني سنوات تقريبًا.

وتحدَّثْتُ إليه بتاريخ 21 ربيع الأول 1440ه الموافق 29 من شهر نوفمبر 2018م، فقال لي: إنه لم يطَّلِع على بحث الأخ الدكتور عطاالله إلا قبل أسبوعين تقريبًا، فالدكتور إسماعيل وإن لم يصل إليه خبر تحقيق الدكتور عطاالله للمخطوط، إلا أن مثل هذا العذر ربما يصعب قبوله في الأوساط الأكاديمية خاصة في بلد واحد وبين جامعتين لا تتجاوز المسافة بينهما عن 700 كيلومتر؛ على أي حال لا نستطيع إلا أن نقول: قدر الله وما شاء فعل، ونتمنَّى الخير لكلا الشيخين المكرَّمين ونشيدُ بجهودهم، ونسألُ الله تعالى أن يثيبهم ويتقبَّل منهم على ما قدَّموا، فإن العلم رَحِمٌ بين أهله.

وبتصفُّح بحث الأخ الدكتور إسماعيل بن عمارة عقيب العقلاوي تبيَّن لي أنه يشتملُ على 444 صفحة، من بينها 340 صفحة مخصَّصة للنصِّ المحقَّق مع المقدمة، و104 صفحات للفهارس العامة، وهي فهرس الأشعار، والأعلام، والأماكن والقبائل والفِرق، والمصادر والمراجع، والمحتويات، ويقول في المقدمة:
"فإنَّ تحقيق تراث الأجداد وإحياءه، ونشره لطلاب العلم والباحثين من أعظم الأعمال العلمية التي تربط الأجيال المتأخِّرة بالأجيال المتقدِّمة، والحاضر بالماضي والتي تجعل الحضارة الإسلامية موصولةً بسلفها، ومن فضل الله عليَّ أن وجدت مخطوطةً نادرةً وفريدةً، لم تُحقَّق لأديب وشاعر شاميٍّ، لم يحْظ باهتمام الباحثين وطلاب العلم، ورغبة منِّي في إحياء تراث هذا العالم الأديب - ليتبوَّأ مكانه بين علماء عصره وشعراء طبقته ومعاصريه - أحببتُ أن أقوم بدراسة وتحقيق الجزء الأول من هذا المخطوط القيِّم (عجائب الأشعار وغرائب الأخبار) وبالله التوفيق [9].

ثم قسم الدراسة إلى قسمين:
القسم الأول: دراسة الكتاب، موزَّعًا على تمهيد وفصلين.
فتحدَّث في التمهيد عن العصر الذي عاش فيه المؤلف من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية.

وتناول في الفصل الأول التعريف بمؤلف الكتاب، ونشأته وأسرته وأولاده، وذكر أنَّ أسرته كانت عريقةً في المجد، باذخةً في الشرف، مشهورة بالشجاعة والبذل، ثم تطرَّق إلى ثقافته وشيوخه ورحلاته وعلاقته بالملوك وكتبه وآثاره ووفاته.

وتطرَّق في الفصل الثاني إلى التعريف بالكتاب ونسبته إلى صاحبه، ووصف المخطوط وسماته ومكانه، وحجمه ومسطرته وخطَّه، وسمات الطريقة الكتابية في المخطوط، وتاريخ تصنيفه، وبيان قيمته العلمية، ومميزاته، ومنهج المؤلف، ومدى التزامه بتطبيق منهجه، والمآخذ على الكتاب، مع الإشارة إلى منهج الباحث في التحقيق، ومصادره ومراجعه التي وصلت إلى 105 مصادر ومراجع.

القسم الثاني: تحقيق الجزء الأول من الكتاب، ثم الخاتمة التي يطلب فيها المحقق - بأسلوب أهل العلم والفضل -من المهتمين بالأدب العربي إبداء ملاحظاتهم وتصويباتهم بشأن البحث؛ فجلَّ مَنْ لا يخطئ ولا يسهو ولا يكلُّ ذهنه ولا يجبل [10].

ومن المميزات التي لاحظتها على عمله هي:
1- الأسلوب العلمي في البحث من العناية بوضع العناوين لكل فقرة، والاهتمام على تنظيم وترتيب الأفكار وتسلسلها.

2- المقدمة الجميلة التي تقرِّب الكتاب إلى الباحثين.
3- الفهارس الفنِّية العديدة التي ستُسهِّل سُبُل الاستفادة من الكتاب بشكل أكبر بإذن الله تعالى.

4- تلخيص شامل لأبواب الجزء الأول، وهي: باب في المدح، وباب في الغزل، وباب في المنامات، وباب في النصح والتحريض، وباب في العتاب، وباب في المغتالين بالوجْد، وباب في التخيُّلات، وباب في أشعار الجانِّ وأخبارها، وباب في الهجاء، وباب في الرثاء، وباب في التفاؤل والطيرة، وباب في الإجازة؛ حيث ذكر الباحث ملخَّصًا لهذه الأبواب قبل البدء في تحقيق النص [11].

وبما أن الشيء بالشيء يُذكَر اتَّصل بي أحد الإخوة الأفاضل من المدينة المنورة عن طريق صديقي الغالي الدكتور حياةالله عتيد، خبير التنمية البشرية، يرغب في تحقيق الجزء الثاني من الكتاب، والحصول على نسخة منه، وللأمانة فقد كان الأخ لطيفًا جدًّا في الحديث معي كعادة أهل المدينة المنورة - حرسها الله - ولا أدري ما الذي حصل له، هل بدأ بالعمل على الجزء الثاني أم لا؟ بعد أن شرحتُ له الأمور، واعتذرتُ إليه عن توفُّر النسخة الموجودة لديَّ في البحرين، وأرجو ألَّا يكون قد بدأ؛ لأنَّ الدكتور عطاالله قام بتحقيق الجزء الثاني كذلك، وقال لي: إنه يعملُ حاليًّا على الفهارس، كما أخبرني الزميل الدكتور إسماعيل بن عمارة عقيب إنه مستمرٌّ حاليًّا في تحقيق الجزء الثاني كذلك، وهو سهل بالنسبة للأول الذي قضى وقتًا طويلًا فيه.


على أيِّ حال هذه كانت قصتي مع المخطوط سجَّلتها حتى يستفيد منها طلبة العلم في مجال أهمية وضرورة البحث، والتأكُّد من تحقيق المخطوطات قبل البدء بمشاريعهم العلمية، وحتى لا يقع طلبة العلم الآخرون في إحراجات عند تسجيلهم الجزء الثاني من المخطوط كرسائل علمية، وبالله التوفيق.

شمعة أخيرة:
شكرًا لأخي الدكتور إسماعيل عقيب عمارة الذي تفضَّل بمراجعة المقال، وكتب لي رسالةً بعنوان: الحديث ذو شجون، وشكراً لأخي الدكتور عطا الله بن يوسف بن محمد قبلان الذي قرأ المقال وأثنى عليه ثناءً عطراً، وجزاهم الله خيرًا على جهودهما.



[1] انظر نماذج من شعر الأمير في مقالي بعنوان: شعر العربية للأمير صديق حسن خان، دراسة أدبية نقدية في شبه القارة الهندية، سعدالله المحمدي، مجلة آفاق الثقافة والتراث، مركز جمعة الماجد، دبي، العدد التسعون، شعبان 1436هـ يونيو 2015م ص: 134 - 168.

[2] ديوان عَدي بن الرِّقاع العاملي، شاعر أهل الشام، الدكتور حسن محمد نور الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410ه 1990م ص: 101 - 102.

[3] فهرس المخطوطات العربية في باكستان، الدكتور أحمد خان، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، الطبعة الأولى 1426ه 2005م ص: 316.

[4] شعر ابن ميادة، جمعه وحققه الدكتور حنا جميل حداد، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1402ه 1982م، ص:245.

[5] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار؛ لمسلم بن محمود الشيزري، دراسة وتحقيق عطاالله بن يوسف بن محمد قبلان، أطروحة دكتوراه، بجامعة بنجاب 1999م، ص: 365.

[6] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار، دراسة وتحقيق عطاالله بن يوسف بن محمد قبلان، المرجع السابق، ص: 5- 6، من مقدمة المحقق.

[7] بشاور، مدينة التاريخ والتراث والثقافة، سعدالله المحمدي، مقال في مجلة الفيصل، الرياض، العدد 216 ذو الحجة 1427هـ ديسمبر 2006م ص: 50-63.

[8] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار، دراسة وتحقيق، عطاالله بن يوسف بن محمد قبلان، ص: 1- 22 من مقدمة المحقق.

[9] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار، صعنة مسلم بن محمود الشيزري، دراسة وتحقيق الجزء الأول، إسماعيل بن عمارة عقيب العقلاوي، أطروحة دكتوراه، بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد 2008م ص: 3 من مقدمة المحقق.


[10] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار، دراسة وتحقيق، إسماعيل بن عمارة عقيب العقلاوي، المرجع السابق، ص: 3-4، وكذا ص: 319-320

[11] عجائب الأشعار وغرائب الأخبار، دراسة وتحقيق، إسماعيل بن عمارة عقيب العقلاوي، المرجع السابق، ص: 43-58.