هذه نتائج كتاب" الأنكحة الفاسدة دراسة فقهية مقارنة"
للشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالرحمن شميلة الأهدل​
عرض /محمد بن فائد السعيدي





قال الشيخ وفقه الله في خاتمة الكتاب

خاتمة
تناولت في هذه الرسالة موضوع النكاح الفاسد وأحكامه وعرضته في قسمين رئيسيين وتمهيد .
فالتمهيد
دراسة إجمالية عن النكاح وأركانه وشروطه وحقيقة النكاح الفاسد ، وانتهيت فيه إلى ما يأتي :
1 _ أن لفظة النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء ويكون المقصود به في الشرع حينئذ عند إطلاقه عقد التزويج ، ما لم يصرفه عنه دليل وعليه جمهور العلماء .
2 _ إن النكاح مستحب إلا في حالة الخوف من الوقوع في محظور ، فيجب وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة وأوجبه أهل الظاهر مطلقا .
3 _ أن الإيجاب والقبول ركنان في النكاح باتفاق العلماء .
4 _ أن الولي شرط في صحة النكاح وبدونه يكون فاسداً وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة . خلافاً لأبي حنيفة القائل باستحباب الولاية في حق المرأة البالغة إذا كانت حرة عاقلة .
ووجوبها في حق الصغيرة أو المجنونة ، وخلافاً أيضاً لداود الظاهري حيث اشترطها في البكر دون الثيب .
5 _ أن الإشهاد شرط لصحة النكاح ، وأن محله وقت إبرام العقد ، وعليه جمهور العلماء .
خلافاً للقائلين باستحبابها . وللمالكية القائلين بأنه شرط لتمام العقد لا لصحته حيث يكون العقد فاسدا ، إذا لم يقع الإشهاد عليه قبل الدخول .
6 _ أن النكاح الفاسد هو ما ورد الشرع بتحريمه أو اختل ركن من أركانه .


****

القسم الأول
النكاح الفاسد لذاته

وقد انتهيت فيه إلى ما يأتي :
1 _ إن المحرمات بالنسب جميع نساء القرابة غير ولد العمومة والخؤولة .
2 _ تحريم نكاح البنت من السفاح على الزاني ، كما هو مذهب أبي حنيفة وأحمد ومشهور مذهب مالك ، خلافاً للشافعي القائل بعدم التحريم .
3 _ إن كل امرأة حرمت من النسب حرم مثلها من الرضاع ، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت على نحو ما ذكرنا في النسب ، إلا أربع نسوة استثناهن العلماء يحرمن في النسب مطلقاً وفي الرضاع قد لا يحرمن : يجمعهن قول الناظم :
أربع هن في الرضاع حلال وإذا مانسبتهـن حرام
جـدة ابـن وأخته ثم أم لأخيه وحافد والسلام
4 _ أن القدر المحرم من لبن المرضعة خمس رضعات ، كما هو مذهب الشافعي ، والصحيح من مذهب أحمد .
خلافاً لأبي حنيفة ومالك والقائلين بعدم تحديد القدر المحرم ، وأن قليل الرضاع وكثيره سواء .
وخـلافاً أيضاً لأبي ثور ومن وافقه القائلين بأن التحريم لا يثبت إلا بثلاث رضعات .
5 _ إن شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين ، ولا يحرم بعد ذلك وهو مذهب الأئمة الثلاثة ، وقال أبو حنيفة :إن التحريم يكون في ثلاثين شهراً ولا يحرم بعده .
وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رضاع الكبير يحرم .
وقال ابن تيمية : إن الرضاع يعتبر فيه الصغر ، إلا ما دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير ، الذي لا يستغنى عن دخوله إلى المرأة .
6 _ إن لبن الفحل يحرم ، وهو أن ترضع المرأة طفلاً بلبن جاءها بسبب حمل من رجل ، فيحرم الطفل على الرجل وأقاربه ، كما يحرم ولده من النسب ، وبه قال جمهور العلماء ، منهم الأئمة الأربعة ، خلافاً لسعيد بن المسيب ومن وافقه القائلين بأن لبن الفحل لا يحرم .
7 _ إن المحرمات بالمصاهرة تنحصر في أربعة أصناف :
الأول : زوجة الأب والجد وإن علا ، من نسب أو رضاع دخل الأب أو الجد بها أو لم يدخل ، ولا خلاف في ذلك .
الثاني : زوجة الابن وابن الابن وابن البنت وإن نزلوا ، دخل الفرع بزوجته أو لم يدخل ، سواء كان الابن من نسب أو رضاع قريباً كان أو بعيداً ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة .
وخالف في ذلك ابن تيمية وابن القيم فأجازا للرجل أن يتزوج بحليلة ابنه من الرضاع .
الثالث : أم الزوجة وجداتها من جهة الأب أو من جهة الأم ، من نسب أو رضاع فإنهن يحرمن بمجرد العقد على البنت ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة .
خلافاً لبعض الفقهاء القائلين بأن أم الزوجة لا تحرم حتى يدخل بها وهو مروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وزيد بن ثابت .
الصنف الرابع :
بنات الزوجة وبنات بناتها وبنات أبنائها مهما نزلن ، من نسب أو رضاع على حسب ما ذكرنا في البنات إذا دخل بالأم ، ولا خلاف في هذا ، واشترط أهل الظاهر أن تكون البنت في حجر الرجل والإجماع على خلاف هذا الرأي .



****

القسم الثاني
النكاح الفاسد لسبب مقترن بالعقد

وقد انتهيت فيه إلى ما يأتي :
1 _ أن نكاح المتعة حرام وأنه كبير من كبائر الآثام ،وهو النكاح إلى أجل لا ميراث فيه ، والفرقة تقع عند قضاء الأجل من غير طلاق ، وسواء عقد بلفظ التمتع أو بلفظ النكاح أو التزويج وما يقوم مقامهما(1) فهو باطل ومبتغيه من العادين المجيزين ما أحل الله إلى ما حرم ، لإجماع السلف والخلف على تحريمه ، إلا من لا يلتفت إليه من الشيعة الإمامية بحليته .
2 _ إن نكاح الشغار فاسد ، وهو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ، وليس بينهما صداق سواء جعل البضع صداقاً أو لم يجعله .
خلافاً للشافعية القائلين بصحة النكاح إن لم يجعل البضع صداقاً وبطلانه إن جعل صداقاً(2) .
وخلافاً للحنفية القائلين بصحة النكاح في الصورتين وثبوت مهر المثل .
3 _ نكاح المحلل حرام وباطل ، سواء اشترط عليه في صلب العقد أن يطلقها بعد إصابتها لتحل لزوجها الأول ، أو حصل التواطؤ على ذلك قبل العقد ، أو نوى بقلبه أن يتزوجها وفي نيته أن يطلقها إذا دخل بها لتحل للأول ، وعليه جمهور العلماء منهم الإمام مالك وأحمد ، وخالف في ذلك أبو حنيفة ، فقال بصحة النكاح ، لأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة(3) .

ــــــــــــ
1 _ الحنفية يفرقون بين ما عقد بلفظ التمتع ، وبين ما عقد بلفظ التزويج ، فيسمون الأول نكاح متعة ، والآخر نكاح التأقيت وكلتا الصورتين عندهم باطلتان ونازع زفر في الصورة الثانية ، وهي العقد بلفظ النكاح أو التزويج فقال : النكاح جائز ، والشرط باطل انظر ص : 103 من هذه الرسالة .
2 _ وقد روى البيهقي بإسناده عن الشافعي ما يخالف المنقول انظر ص : 129 .
3 _ انظر ص : 137 .

وقال الشافعي ببطلان الصورة الأولى فقط ، وهي اشتراط الطلاق في صلب العقد لتحل لزوجها الأول ، وبه أخذ أهل الظاهر .
وأما إذا اشترط عليه الطلاق ، ولكنه غير رأيه ، وعقد على المرأة راغباً فيها قاصداً لدوام عشرتها ، كما هو المشروع من النكاح ، فإن هذا العقد صحيح ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة .
4 _ أن الحر ليس له أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات بإجماع العلماء ، وخالف في ذلك بعض أهل الظاهر ، فأجازوا له أن يجمع بين تسع نسوة وذهب بعضهم إلى أقبح من هذا ، وهو جواز الجمع بين ثمانية عشر وهو خرق للإجماع .
5 _ العبد لا يجوز له الجمع إلا بين اثنتين فقط ، لإجماع الصحابة على ذلك ، خلافاً لمالك في المشهور عنه أنه يجوز للعبد أن ينكح أربعاً ، وهو مذهب أهل الظاهر .
6 _ إذا طلق الرجل إحدى زوجاته الأربع طلاقاً رجعياً ، حرم عليه العقد على خامسة ، باتفاق العلماء منهم ، ويجوز العقد على خامسة أثناء اعتداد الرابعة المبتوتة(*) وبه قال مالك والشافعي .
خلافاً للحنفية والحنابلة القائلين : لا يجوز ذلك حتى تنقضي عدتها .
وهذا الخلاف يجري في حكم نكاح العبد ثالثة ، في أثناء اعتداد الثانية المبتوتة وعليه الجمهور .
أو خامسة على رأي المالكية وأهل الظاهر ، القائلين هو كالحر في جواز نكاح أربع نسوة .
7 _ أنه لا يحل لأحد أن يتزوج المعتدة من الغير ، سواء كانت عدة وفاة أو طلاق أو شبهة نكاح أو دخول في نكاح فاسد .
لأن الاعتداد مانع من موانع الصحة ، أما الزوج المفارق أعني صاحب العدة ، فله أن يتزوجها إذا لم يكن طلاقه مكملاً للثلاث .
ــــــــــــ
* _ أي المطلقة ثلاثاً .

8 _ إذا تزوج المرأة المعتدة فإن كانا عالمين بالتحريم وعدم انتهاء العدة ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنا ، ولا مهر لها ولا يلحقه النسب ، وإن كانا جاهلين بالعدة أو التحريم ثبت النسب .
وانتفى الحد ووجب مهر المثل ، وإن علم بالتحريم دونها فعليه الحد والمهر ، ولا يلحقه النسب ، وإن علمت هي دونه فعليها الحد ولا مهر لها ، والنسب لا حق به ، فإذا انقضت عدتها فله أن يتزوجها ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة ، وقال مالك : لا تحل له أبدا وهي رواية عن أحمد .
9 _ أن المرأة لو نكحت في أثناء عدتها ، فإن لم يدخل بها فالعدة على حالها ، وإن دخل بها فيجب عليها أن تكمل عدة الأول ، فإذا أكملتها وجب عليها أن تعتد من الثاني . ولا تتداخل العدتان لأنهما من رجلين ، وعليه الجمهور منهم الشافعي وأحمد ورواية عن مالك ، وقال أبو حنيفة : إن العدتين تتداخلان ، فتأتي بثلاثة قروء تكون عن بقية الأول ، وعدة الثاني وهي رواية عن مالك .
10 _ لا يجوز العقد على الحامل من الزنا ، كما هو رأي المالكية والحنابلة وزفر وأبو يوسف من الحنفية ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز العقد عليها ويحرم عليه وطؤها حتى تضع .
11 _ أن للمسلم أن يتزوج الحرة الكتابية ، يهودية أو نصرانية ، ولكنه خلاف الأولى . وأن المشركة لا يجوز نكاحها للتنافر الشديد بين الإسلام والأديان الوثنية وعليه جمهور العلماء ، منهم الأئمة الأربعة ، وخالف في ذلك بعض الإمامية والزيدية ، فقالوا بتحريم الكتابيات لأنهن مشركات .
12 _ بطلان العقد على الأمة الكتابية ، وجواز وطئها بملك اليمين ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة .
وقال أبو حنيفة : يجوز نكاحها ، أي العقد عليها .
13 _ تحريم تزويج الكافر بالمسلمة لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه .

14 _ أن الصابئة إن وافقوا اليهود أو النصارى ، في أصول الدين من تصديق الرسل والإيمان بالكتب ، كانوا ممن وافقوه(*) ، وإن خالفوهم في أصول الدين فليسوا منهم .
15 _ تحريم نكاح المجوسيات ، وبه قال عامة الفقهاء ، منهم الأئمة الأربعة ، وخالفهم أبو ثور وأهل الظاهر ، فقالوا بإباحة نكاحهن .
16 _ المتمسكون بصحف إبراهيم وشيث وزبور داود يحرم التزوج منهم ، وهو رأي الشافعية ورواية عن أحمد ، وذهب أبو حنيفة إلى صحة الزواج منهم وهو وجه للحنابلة .
17 _ المرتدة من دين الإسلام إلى دين آخر ، أو انتقالها من دين لآخر .. لا يجوز التزوج منها ولا يصح(**) .
18 _ الجمع بين محرمين في النكاح حرام ، كجمع الأختين أو المرأة وعمتها ، أو المرأة وخالتها ، وإن علت درجتهن من نسب أو رضاع ، وتحريم من ذكر موضع اتفاق بين العلماء بشرط أن تكون المحرمية ثابتة من الجانبين .
وهو أن يكون كل واحدة منهما لو قدرت ذكراً حرمت على الأخرى . أما إذا كان فرض إحداهما يحرم الأخرى دون العكس ، أو لم يتأت افتراض الذكورية في الثاني ، فلا يحرم الجمع بينهما عند الجمهور خلافا لزفر إذ يقول بتحريم الجمع بينهما لأنه اكتفى من القاعدة في تحقيق المحرمية بوجود التحريم افتراضاً في شق واحد ، وشذ قوم ممن لا تعد مخالفتهم خلافاً ، وهم الخوارج ، فأباحوا الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها .
19 _ يجوز للرجل أن يملك أختين ، ولكن ليس له ان يطأهما معا بالتسري ، أو بالنكاح أو أحداهما بالتسري والأخرى بالعقد ، ولكن إذا كانتا مملوكتين له ، فله أن يطأ أيتهما شاء ومتى وطئها حرمت الأخرى ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة .
ــــــــــــ
* _ أي : فإن وافقوا اليهود فهم منهم ، وإن وافقوا النصارى فهم منهم .
** _ لأنها في حكم المرتدين .

وروي التوقف عن بعض الصحابة منهم عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وقال داود الظاهري :يجوز الجمع بينهما في الوطء بالملك ، وهو مروي عن ابن عباس وعكرمة مولاه . وخالف ابن حزم فقال : يحرم وطء إحداهما ما دامتا في ملكه ، حتى تخرج إحداهما من يده ببيع أو موت أو غير ذلك .
20 _ يجوز الجمع في النكاح بين ابنتي العم أو الخال من كل قريبتين لو قدرت إحداهما ذكراً لحلت له إلا أنه يكره ، خلافاً للشافعية القائلين بعدم الكراهة .
21 _ يكره للمحرم أن يخطب المرأة وإن كانت حلالاً كما يكره أن يخطب المحرمة وإن كان حلالاً ، وعليه جمهور العلماء ، خلافاً لأهل الظاهر القائلين بحرمة ذلك .
22 _ أنه متى تزوج المحرم أو زوج مولاته وهو محرم أو زوجت محرمة فالنكاح فاسد .
ولا يصح أن يوكل الزوج أو الولي المحرمان الحلال في مباشرة العقد بالوكالة ، ولا أن يتوكل المحرم فيه ، وعليه جمهور العلماء ، منهم الأئمة الثلاثة ، وقال أبو حنيفة بصحة نكاح المحرم ، وقال بعض الشافعية يجوز أن ، يزوج المحرم بالوكالة العامة .
23 _ يجوز للمحرم أن يراجع مطلقته في العدة ولو كانت محرمة ، كما يجوز أن تزف المحرمة لزوجها المحرم إن كان العقد سابقاً على الإحرام .
24 _ يجوز إشهاد المحرمين على عقد النكاح مع الكراهة ، خلافاً لبعض الشافعية القائلين ببطلان هذا العقد .
25 _ الشروط التي يجب توفرها في الولي وتعطيه حق الولاية هي : كمال الأهلية بأن يكون الولي ذكراً ، فلا تلي المرأة نفسها ، وعليه الجمهور منهم الأئمة الثلاثة .
وقال أبو حنيفة لها أن تلي نفسها إذا كانت بالغة عاقلة كما يشترط في الولي أن يكون بالغاً عاقلاً حراً .
ويشترط فيه العدالة ، وبه قال الشافعي في المشهور عنه ، وهي رواية عن مالك وأحمد .
وقال أبو حنيفة : لا تشترط العدالة ، وهي رواية عن الأئمة الثلاثة .
تنبيه : لا يعد العمى مانعاً من الولاية ، والأخرس إذا كان مفهوم الإشارة لا يمنع من الولاية أيضاً .
26 _ ترتيب الأولياء في تزويج المرأة كالتالي :
الأب فالجد أب الأب ثم أبوه وإن علا ، ثم الأخ الشقيق فالأخ لأب ، ثم ابن الأخ الشقيق فابن الأخ لأب ،ثم العم الشقيق فالعم لأب ،ثم ابن العم الشقيق فابن العم لأب ، فإن لم يوجد نسب زوج المعتق ثم عصبته ، فإن لم يوجد زوج السلطان ، وبه قال الشافعي ، وأما مالك فيجعل الولاية لأبناء المرأة ويقدمهم على الأب ، ويقدم الأخ وابنه على الجد ، والحنابلة يدخلون أبناء المرأة ثم أبناءهم بين مرتبة الآباء والأخوة والظاهرية يقدمون الأخوة على الجدودة .
27 _ إذا زوج المرأة وليان مأذون لهما وكانا في درجة واحدة ، فإن علم المتقدم منهما فهو الصحيح والثاني باطل ، دخل بها الأول أو لم يدخل وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة خلافاً لمالك فإنه قال : هي للأول إن لم يتلذذ بها الثاني بمقدمات وطء ، أو تلذذ بها عالماً أنه ثان ، أما إن تلذذ بها الثاني بلا علم أنه ثان فهي له .
28 _ إن عقد بالمرأة وليان في آن واحد ، ولم يعلم أيهما كان سابقاً أو علم ولم يتعين وأيس من تعيينه فالنكاح فاسد ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال مالك بفسخ الحاكم النكاح ، وهي رواية عن أحمد ، وهناك رواية أخرى عن أحمد أنه يقرع بينهما ، فمن تقع له القرعة أمر الحاكم الآخر بالطلاق ، ويجدد القارع نكاحه .
وقال أبو ثور والثوري يجبران على الطلاق فإن أبيا فرق بينهما .
وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز وحماد بن سليمان أنها تخير ، هذا فيما إذا أذنت للوليين معاً في تزويجها ، أما لو كانت أذنت لواحد دون الثاني ، فنكاح غير المأذون له غير معتبر تقدم أو تأخر .
29 _ إذا زوج الولي الأبعد امرأة ،وهنالك من هو أقرب منه صلة بها ، كأن تولى عقدها العم مع وجود الأب ، ولم يكن هناك مانع شرعي ، ككفره مثلاً ، فالنكاح فاسد وعليه الجمهور ، منهم الأئمة الثلاثة ، وقال مالك : النكاح مفسوخ ، ومرة قال : للأقرب أن يجيز أو يفسخ هذا فيما عدا الأب في ابنته البكر ، والوصي في محجورته فلا يختلف قوله: إن النكاح في هذين مفسوخ .
30 _ إن الولاية لا تثبت لذوي الرحم عند عدم العصبات ، وعليه جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة ، خلافاً لأبي حنيفة حيث أثبتها لهم .

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين ،،