السلام عليكم
جاء في تفسير الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية/ الجزء الأول:
واختلف في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}[البقرة:29]، على أقوال:
القول الأول: أن «الإستواء»، بمعنى: العلو والارتفاع: أي: علا إلى السماء، فسرها به أبو العالية([1])، والحسن([2])، والربيع([3]). وهو قول أكثر مفسري السلف([4]). وبه قال الخليل بن أحمد الفراهيدي([5])، وأبو ربيعة الأعرابي([6])، وأبو عبيدة([7])، والدارمي([8])، وابن تيمية-في أحد قوليه-([9])، وابن القيم-في أحد قوليه- كذلك([10])، وهو أحد القولين لأهل اللغة([11])، وينسب لابن عباس([12]).
قال البغوي: "{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: أي: ارتفع إلى السماء"([13]).
وعن عبد الله بن عباس -من طريق الكَلْبِيِّ، عن أبي صالح- في قوله: "{ثم استوى إلى السماء}، يعني: صَعَد أمرُه إلى السماء"([14]).
قال محمد بن الجهم: حدثنا يحيى بن زياد الفراء، قال: "وقد قال ابن عباس في {*ثم *استوى *إلى *السماء} صعد. وهو كقولك للرجل: كان قاعدا فاستوى قائما، وكان قائما فاستوى قاعدا. وكل في كلام العرب جائز"([15]).
عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: "{ثم استوى إلى السماء}، قال: ارتفع"([16]).
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- {ثم استوى إلى السماء}، يقول: ارْتَفَع إلى السماء"([17]). وروي عن الحسن مثله([18]).
قال شيخ الاسلام: "وهو قول إجماع السلف"([19]).
قال الذهبي:" {*ثُمَّ *اسْتَوَى *إِلَى *السَّمَاء وَهِيَ دُخَان}: وهذا بمعنى: العلو والارتفاع بإجماع السلف"([20]).
روي عن النضر بن شميل: حدثني الخليل بن أحمد، قال:" أتيت أبا ربيعة الأعرابي، وكان من أعلم من رأيت، وكان على سطح، فلما رأيناه أشرنا إليه بالسلام، فقال: استووا. فلم ندر ما قال. فقال لنا شيخ عنده: يقول لكم ارتفعوا. قال الخليل هذا من قوله تعالى: {*ثم *استوى *إلى *السماء وهي دخان} يقول: ارتفع"([21]).
ورجَّح ابن جرير الطبري -أيضًا- أنَّ الاستواء -ها هنا- بمعنى العلوّ فقال -بعد أن أورد الأقوال في ذلك-: وأولى المعاني يقول الله جلَّ ثناؤه {جَمِيعًا *ثُمَّ *اسْتَوَى *إِلَى *السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ}: على عليهنَّ وارتفع، فدبَّرهن بقدرته، وخلقهنَّ سبع سماوات. والعجب ممَّن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: {*ثُمَّ *اسْتَوَى *إِلَى *السَّمَاءِ} الذي هو بمعنى العلو والارتفاع. . . ثم شرع يرد على الذين أوَّلوا ذلك"([22]).
ثم اختلف متأوّلو الاستواء بمعنى «العلوّ والارتفاع»، في الذي استوى إلى السّماء([23]):
أحدها: أن الذي استوى إلى السماء وعلا عليها، هو خالقُها ومنشئها.
والثاني: وقيل: بل العالي عليها: الدُّخَانُ الذي جعله الله للأرض سماء([24]).
قال ابن عطية: وهذا يأباه رصف الكلام"([25]).
وقال الإمام الطبري: الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه([26]):
أحدها: انتهاء شباب الرجل وقوّته، فيقال إذا صار كذلك: قد استوى الرجل.
الثاني: استقامة ما كان فيه أَوَدٌ من الأمور والأسباب، يقال منه: استوى لفلان أمره: إذا استقام له.. بعد أود، ومنه قول الطرماح بن حكيم([27]):
طالَ على رَسْمٍ مَهْدَدٍ أبَدُهْ ... وعَفا واسْتَوَى بِهِ بَلَدُهْ
يعني: استقام به.
الثالث: الإقبال على الشيء بالفعل، كما يقال: استوى فلان على فلان بما يكرهه ويسوءه بعد الإحسان إليه.
الثالث: الاحتياز والاستيلاء، كقولهم: استوى فلان على المملكة، بمعنى احتوى عليها وحازها.
الرابع: العلوّ والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره، يعني به: علوّه عليه. اختاره الإمام الطبري([28]).
تبيه:
إن نسبةُ هذا القول لابن عباس -رضي الله عنها- محتملةٌ، وليست صريحةً، وذلك من خلال دليلين لها([29]) :
الدليل الأول: ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه لما سأله رجلٌ عن آيات تُشكِل عليه، فكان مما أجابه به: (وأما قوله: "... { أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 27 - 30]، فإنه خلق الأرض في يومين قبل خلق السماء، ثم استوى إلى السماء فسوَّاهُنَّ في يومين آخرين، ثم نزل إلى الأرض فدحاها"([30]).
فقابل ابن عباس رضي الله عنهما بين "الاستواء إلى السماء" وبين "النزول إلى الأرض"، مما يدلُّ على أن معنى {استوى إلى}؛ أي: ارتفع، وكما يتَّضِح فليست الدلالة منه صريحة.
الدليل الثاني: نسب كثيرٌ من أهل العلم هذا القول إلى ابن عباس، ولكن في نسبته إليه نظر من وجهين:
الوجه الأول: من ناحية إسناده؛ فقد ذكره البيهقي، وذكر أن إسناده ضعيف([31]) .
الوجه الثاني: من ناحية الاستدلال به، فليس في الأثَرِ تصريحٌ بأن (صعد) تفسير لآية ﴿ اسْتَوَى إِلَى ﴾؛ بل وردت في بعض النُّسَخ بدون إضافة حرف الجر (إلى) فجاءت مجردةً (استوى)، ونصُّ الأثَرِ في بعض المراجع هو: (قال عبدالله بن عباس: {ثُمَّ اسْتَوَى}: صعد)، وفي البعض الآخر: "قال ابن عباس: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ }: صعد"، وهذا التردُّد والاحتمال يُضعِف الاستدلال، ولعلَّ هذا من تصرُّف بعض النُّسَّاخ.
فممن ذكر الأثر مُجردًا عن حرف الجر: البيهقي([32])، والذهبي([33]) وابن تيمية([34])، وممَّن ذكر الأثر مقرونًا بحرف الجر: الأزهري([35])، والقرطبي([36])، والألباني([37]).
أدلة أصحاب هذا القول:
1-التمسُّك بحَمْل لفظ :«استوى»، على ظاهره، وتفويضا لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله عز وجل([38]).
ويجدر القول: إن إضافة معنى القصد والإقبال والعَمْد لكلمة "استوى" التي عُدِّيَتْ بـ "إلى" لا يُخرِج اللفظ عن ظاهره.
2-إن تفسير {استوى إلى} بمعنى: "عمد إلى" أو "قصد إلى" لا يُعرَف في لغة العرب ([39]).
المناقشة:
والحق أن هذا المعنى معروف في لغة العرب كما سيأتي في الترجيح.
3- إن تفسير {استوى إلى}، بمعنى "عمد إلى" أو "قصد إلى"، لم يُنقَل عن أحد من السلف([40]).
المناقشة:
إنه قد ورد القول بذلك عن بعض السلف كما سيأتي في نسبة القائلين بالقول الثاني.
4- إنه قد حُكي الإجماع على أن معنى (استوى إلى)؛ أي: علا وارتفع([41]).
المناقشة:
إنه على التسليم بصحَّة هذا الإجماع، فإنه لا يفيد حصر معنى (استوى إلى) في العلوِّ والارتفاع؛ بل قد تدخل معانٍ أخرى.
5- إغلاق الباب على من أراد من أهل التأويل، نقل تفسير جملة (استوى إلى) الذي معناه قصد وأقبل وعمد إلى جملة (استوى على)، وذلك قَصْدًا من أهل التأويل لإبطال استواء الله على العرش بمعنى ارتفاعه وعلوه على العرش ([42]).
المناقشة:
يمكن إغلاق الباب على أهل التأويل بدون نفي معنى القَصْد والعَمْد والإقبال.
6- إن تفسير (استوى إلى) بالارتفاع هو المناسب لسياق الآيات، فإن (قوله: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ [فصلت: 11]؛ إنما فسَّروه بأنه ارتفع؛ لأنه قال قبل هذا ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [فصلت: 9 - 12]، وهذه نزلت في سورة "حم(فصلت) بمكة، ثم أنزل الله في المدينة سورة البقرة ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 28، 29]، فلما ذكر أن استواءه إلى السماء كان بعد أن خلق الأرض وخلق ما فيها، تضمَّن معنى الصعود؛ لأن السماء فوق الأرض، فالاستواء إليها ارتفاع إليها"([43]).
المناقشة:
إن السياق يفيد دخول معنى العلو والارتفاع في تفسير (استوى إلى)، ولكن لا يفيد حصر المعنى في العلوِّ والارتفاع.
القول الثاني: أن "الإستواء: بمعنى: قصد إليها وأقبل عليهما؛ وهذا قول سفيان بن عيينة([44])، والحسن([45])، وابن كيسان([46])، والفراء([47])، وأبو العباس ثعلب([48])، وابن أبي زمنين([49])، والبغوي([50])،وأبو القاسم الأصبهاني([51])، والسمعاني([52])، وابن جزي([53])، وابن تيمية في أحد قوليه([54])، وابن القيم في آخر قوليه ([55])، وابن كثير([56])، والسعدي([57])، وابن عثيمين([58]). وغيرهم([59]).وهو أحد القولين لأهل اللغة([60])، ونسبه البغوي لجماعة من النحويين([61]).
فكما تقول: كان فلان مقبلا على فلان، ثم استوَى عليّ يشاتمني - واستوَى إليّ يشاتمني، بمعنى: أقبل عليّ وإليّ يشاتمني، ومن الشواهد على أنّ «الاستواء» بمعنى «الإقبال»، قول الشاعر([62]):
أَقُولُ وَقَدْ قَطَعْنَ بِنَا شَرَوْرَى ... سَوَامِدَ، وَاسْتَوَيْنَ مِنَ الضَّجُوعِ
فقوله:" وَاسْتَوَيْنَ مِنَ الضَّجُوعِ": أي: خرجن من الضّجوع، أي: أقبلن([63]).
وقال ابن قتيبة: "وأما قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ }، فإنه أراد عَمَد لها وقَصَد، فكل من كان في شيء ثم تركه لفراغٍ أو غير فراغ، وعَمَد لغيره فقد استوى إليه"([64]).
قال ابن كثير: "أي: قصد إلى السماء، والاستواء -ها هنا-مضمَّنٌ معنى: القصد والإقبال؛ لأنّه عُدّي بـ (إلى)"([65]).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: "{اسْتَوَى}: ترد في القرآن على ثلاثة معانٍ: فتارة لا تُعدى بالحرف، فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى}، وتارة تكون بمعنى (علا) و (ارتفع): وذلك إذا عُدّيت بـ(على)، كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}، و {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ}، وتارة تكون بمعنى: (قصد) كما إذا عُدّيت بـ (إلى) كما في هذِه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات فسواهنَّ سبع سماوات"([66]).
قال الواحدي: "أقرأني سعيد بن محمد الحيري -رحمه الله- عن أبي الحسن بن مقسم وأبي علي الفارسي عن الزجاج قال: قال قوم في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} عمد وقصد إلى السماء، كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا ثم استوى إلى بلد كذا، معناه: قصد بالاستواء إليه، قال: وقول ابن عباس: «{ثم استوى إلى السماء}، أي: صعد»، معناه: *صعد *أمره *إلى *السماء"([67]).
قلت: وهذا تأويل وصرف لقول ابن عباس-رضي الله عنهما-.
عن الأزهري، قال: "أخبرني المنذري، قال: سئل أحمد بن يحيى عن (الاستواء) في صفة الله، فقال: الاستواء: الإقبال على الشيء"([68]).
قال الحافظ أبو القاسم اللالكائي في "كتاب السنة":" وجدت بخط الدارقطني عن إسحاق الكاذي، قال سمعت أبا العباس ثعلب، يقول: {استوى}: أقبل عليه وإن لم يكن معوجا، {*ثم *استوى *إلى *السماء}: أقبل، و﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ [فصلت: 11]، ﴿ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الفرقان: 59]: علا، واستوى وجهه: اتصل، واستوى القمر: امتلأ، واستوى زيد وعمرو: تشابها، واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصُهما، هذا الذي يُعرَف من كلام العرب"([69]).
قال ابن عثيمين:" وهذا القول- أي: الاستواء هنا بمعنى القصد- ليس صرفا للكلام عن ظاهره ، وذلك لأن الفعل استوى اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء، فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به، ألا ترى إلى قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان : 6]، حيث كان معناها يروى بها عباد الله ، لأن الفعل يشرب اقترن بالباء فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى ، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام "([70]).
القول الثالث: أن قوله {ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاءِ}، يعني به: استوت، كما قال الشاعر([71]):
أقُولُ لَهُ لَمَّا اسْتَوَى في تُرَابِهِ ... على أيّ دِينٍ قَبَّلَ الرأسَ مُصْعَبُ
القول الرابع: أنه لم يكن ذلك من الله جل ذكره بتحوّل، ولكنه بمعنى فعله، كما تقول: كان الخليفة في أهل العراق يواليهم ثم تحوّل إلى الشام، إنما يريد تحوّل فعله. قاله الاخفش([72]).
القول الخامس: أن معنى قوله:{ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّماءِ}: عَمَدَ لها. وكل من كان يعمل عملا فتركه بفراغ أو غير فراغ وعمد لغيره، فقد استوى له واستوى إليه. قاله ابن قتيبة([73])، وحكاه الطبري([74])، وبه قال ابن عيسى([75])، والثعلبي([76]).
قال الثعلبي:" {*ثُمَّ *اسْتَوَى *إِلَى *السَّمَاءِ}: عمد إلى خلق السماء وقصد تسويتها، والاستواء من صفة الأفعال([77]) على أكثر الأقوال"([78]).
ويترجَّح - والله أعلم - القول بأن المعنى المناسب لـ {استوى إلى}: هو قَصَد وأقْبَل وعَمَد مع العلوِّ والارتفاع، وذلك لما يلي:
1- أن هذا التفسير مستفاد من أسلوب عربي، وهو تضمين الفعل معنًى يناسب حرف الجر، وهو أولى من القول بتناوُب حروف الجر.
والتضمين فيه إثبات للمعنى الأول وزيادة المعنى المضمن، وهو في معنى العطف، فبدل أن تعطف فعلًا على آخر؛ فيطول الكلام، تُثبِت الفعل الأصلي وتُعَدِّيه بحرف جر لا يُناسب هذا الفعل، وإنما يناسب فعلًا آخر، فنستدل بالفعل على المعنى الأصلي، ونستدل بحرف الجر على الفعل الْمُضمَّن.
فنستدل بـ (استوى) على العلو والارتفاع، ونستدل بـ (إلى) على الفعل الذي ضُمِّن في (استوى) يناسب (إلى) وهو القَصْد والعَمْد والإقبال([79]).
(والعرب تُضمِّن الفعل معنى الفعل وتُعدِّيه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، كما يقولون في قوله: ﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ﴾ [ص: 24]؛ أي: مع نعاجه و﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 52]؛ أي: مع الله ونحو ذلك.
والتحقيق ما قاله نُحاة البصرة من التضمين، فسؤال النعجة يتضمَّن جمعَها وضمَّها إلى نعاجه، وكذلك قوله: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الإسراء: 73] ضمن معنى يزيغونك ويصدونك، وكذلك قوله: ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ [الأنبياء: 77] ضمن معنى نجَّيناه وخلصناه، وكذلك قوله: ﴿ يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ [الإنسان: 6] ضمن يروى بها، ونظائره كثيرة([80]).
والفروق لهذه المواضع تدِقُّ جدًّا عن أفهام العلماء، ولكن نذكر قاعدة تشير إلى الفرق؛ وهي: أن الفعل المعدَّى بالحروف المتعددة لا بد أن يكون له مع كل حرف معنًى زائدٌ على معنى الحرف الآخر، وهذا بحسب اختلاف معاني الحروف، فإن ظهر اختلاف الحرفين ظهر الفرق؛ نحو: رغبت عنه، ورغبت فيه، وعدلت إليه، وعدلت عنه، وملت إليه وعنه، وسعيت إليه وسعيت به، وإنْ تَفاوَتَ معنى الأدوات عسُر الفرق؛ نحو: قصدت إليه، وقصدت له، وهديته إلى كذا، وهديته لكذا، وظاهرية النحاة يجعلون أحد الحرفين بمعنى الآخر.
وأما فقهاء أهل العربية فلا يرتضون هذه الطريقة؛ بل يجعلون للفعل معنًى مع الحرف ومعنًى مع غيره، فينظرون إلى الحرف وما يستدعي من الأفعال، فيُشرِبون الفعل المتعدَّى به معناه، هذه طريقة إمام الصناعة سيبويه رحمه الله تعالى، وطريقة حُذَّاق أصحابه يُضمِّنون الفعل معنى الفعل، لا يقيمون الحرف مقام الحرف، وهذه قاعدة شريفة جليلة المقدار، تستدعي فطنة ولطافة في الذهن، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ [الإنسان: 6]؛ فإنهم يُضمِّنون يشرب معنى يروي، فيُعدُّونه بالباء التي تطلبها فيكون في ذلك دليلٌ على الفعلين:
أحدهما: بالتصريح به.
والثاني: بالتضمُّن والإشارة إليه بالحرف الذي يقتضيه مع غاية الاختصار، وهذا من بديع اللغة ومحاسنها وكمالها، (ومن هذا قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ ﴾ [الحج: 25]، وفعل الإرادة لا يتعدَّى بالباء ولكن ضُمِّن معنى يهمُّ فيه بكذا، وهو أبلغ من الإرادة فكان في ذكر الباء إشارة إلى استحقاق العذاب عند الإرادة، وإن لم تكن جازمة، وهذا باب واسع لو تتبَّعناه لطال الكلام فيه([81]).
وفائدة التضمين هي أن تؤدي كلمة مؤدَّى كلمتين، فالكلمتان معقودتان معًا قصدًا وتبعًا([82]).
قال ابن جني: "اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر، وكان أحدهما يتعدَّى بحرف، والآخر بآخر، فإن العرب قد تتَّسِع فتُوقِع أحد الحرفين موقِعَ صاحبه؛ إيذانًا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه"([83])."ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئًا كثيرًا لا يكاد يُحاط به، ولعلَّه لو جُمِع أكثرُه لا جميعه لجاء كتابًا ضخمًا، وقد عرفت طريقه، فإذا مرَّ بك شيء منه فتقبَّله وأْنَس به؛ فإنه فَصْلٌ من العربية لطيف حسن يدعو إلى الأُنْس بها والفقاهة فيها"([84]).
2-إن هناك فرقًا بين أهل السنة وبين أهل التأويل في هذا الباب، فأهل السنة لا ينفون المعنى الأصلي لـ (استوى إلى)؛ وإنما يُضيفون إليه معنًى جديدًا يُناسب حرف الجر (إلى)، فيكون المعنى أنه سبحانه ارتفع على السماء قاصدًا عامدًا.
بخلاف المؤولين فإنهم يقولون: استوى بمعنى (قصد) ويُزيلون معنى العلوِّ، وهذا ليس من طريقة أهل السنة.
فأهل السنة في باب التضمين يقولون: المعنى الأول مراد، ومعه المعنى الثاني الذي يُناسب التعدية بـ (إلى)، وأما أهل البدعة فيقصدون إلى التفسير بالمعنى الثاني لأجل نفي المعنى الأول.
3- إن من معاني {استوى إلى}، في لغة العرب: أقبل وقصد ([85]).
قال أبو القاسم الأصبهاني عند تعداده لمعاني الاستواء: (ومنه الاستواء بمعنى القصد، ويستعمل مع إلى، يُقال: استويت إلى هذا الأمر، أي: قصدته؛ قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ﴾ [فصلت: 11]؛ أي: قصدها. ولا يُقال: استوى عليه بمعنى: قصده، فمن خالف موضوع اللغة، فقد خالف طريقة العرب، والقرآن عربي، ولو كان الاستواء على العرش بمعنى الاستواء إلى العرش، لقال تعالى: إلى العرش استوى"([86]).
ولعلَّ كثيرًا من أصحاب القول الأول المانعين لا يخالفون في ذلك؛ وإنما يمنعون تفسير لفظ (استوى)، وهو مجرد عن الإضافة بمعنى القَصْد والعَمْد والإقبال، أو يمنعون من تفسيره بذلك عند إضافته لحرف الجر (على)، أو يمنعون من تفسيره بذلك عند إضافته لحرف الجر (إلى) مع نفي المعنى الأصلي للاستواء وهو العلو والارتفاع.
4- إن تفسير الاستواء بزيادة معنى "القَصْد" خاصٌّ بإضافته إلى حرف الجر (إلى) دون إضافته لحرف الجر (على)([87])([88]).
5- إن بعض أصحاب القول الأول مُقِرُّون بوجود الفرق في المعنى بين (استوى إلى) وبين (استوى على)، (فإذ قال القائل: استوى يحتمل خمسة عشر وجهًا أو أكثر أو أقل، كان غالطًا؛ فإن قول القائل: استوى على كذا له معنى، وقوله: استوى إلى كذا له معنى، وقوله: استوى وكذا له معنى، وقوله: استوى بلا حرف يتصل به له معنى، فمعانيه تنوَّعت بتنوُّع ما يتَّصل به من الصلات كحرف الاستعلاء والغاية وواو الجمع أو ترك تلك الصلات([89]).
وقول القائل " الاستواء له عدة معانٍ تلبيس آخر؛ فإن الاستواء الْمُعدَّى بأداة "على" ليس له إلا معنًى واحد، وأما الاستواء المطلق فله عدة معانٍ، فإن العرب تقول: استوى كذا إذا انتهى وكمل، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14]، وتقول استوى وكذا: إذا ساواه؛ نحو قولهم: استوى الماء والخشبة، واستوى الليل والنهار، وتقول: استوى إلى كذا: إذا قصد إليه علوًّا وارتفاعًا؛ نحو: استوى إلى السطح والجبل، واستوى على كذا؛ أي: إذا ارتفع عليه وعلا عليه، لا تعرف العرب غير هذا، فالاستواء في هذا التركيب نصٌّ لا يحتمل غير معناه، كما هو نص في قوله: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14] لا يحتمل غير معناه، ونص في قولهم: استوى الليل والنهار في معناه لا يحتمل غيره"([90])، فعلى هذا إذا اقترن استوى بحرف الاستعلاء دلَّ على الاعتدال بلفظ الفعل، وعلى العلوِّ بالحرف الذي وصل به، فإذا اقترن بالواو دلَّ على الاعتدال بنفسه، وعلى معادلته بعد الواو بواسطتها، وإذا قرن بحرف الغاية دلَّ على الاعتدال بلفظه، وعلى الارتفاع قاصدًا لما بعد حرف الغاية بواسطتها([91]).
ومما يتعلَّق بهذه المسألة أنه لو قيل: إذا كان الله لا يزال عاليًا على المخلوقات، فكيف يُقال: ثم ارتفع إلى السماء وهي دخان؟
قيل: هذا كما أخبر أنه ينزل إلى السماء الدنيا، ثم يصعد، ورُوي ثم يعرج وهو سبحانه لم يزل فوق العرش، فإن صعوده من جنس نزوله، وإذا كان في نزوله لم يصر شيء من المخلوقات فوقه، فهو سبحانه يصعد، وإن لم يكن منها شيء فوقه([92])، والمراد أنه يرتفع ارتفاعًا يليق به سبحانه لا يشبه ارتفاع المخلوقين، ولا نعلم كيفيته، وهو مثل استوائه على العرش بعد أن لم يكن مستويًا عليه([93]) .





([1]) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم(308):ص1/75.

([2]) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم:1/75.

([3])أنظر: تفسير ابن أبي حاتم:1/75.

([4]) انظر: تفسير البغوي: 1/78.

([5]) انظر: العلو للعلي الغفار، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (ت ٧٤٨هـ) :ص(437):ص159.

([6]) انظر: العلو للعلي الغفار، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (ت ٧٤٨هـ) :ص(437):ص159.

([7])انظر: "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم: 1/ 167، نسبه إليه وأحال على تفسير الطبري،وتفسير البغوي، ، ولم أجِدْه في الموضعين.

([8])انظر: الرد على الجهمية: ص33، "باب: استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق"، فقوله: (وارتفاعه إلى السماء) فيه إشارة إلى آية ﴿ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ [البقرة: 29]؛ حيث غايَرَ بين الاستواء على العرش وبين الارتفاع إلى السماء".

([9]) انظر: مجموع الفتاوى: 5/522.

([10]) انظر: مختصر الصواعق المرسلة، ابن الموصلي: 3/889.
وفي نسبة هذا القول لابن القيم نظر؛ لأن هذا مخالفٌ لقول ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة، وهو أصلٌ لمختصر الصواعق الذي فُهِم منه أن ابن القيم يقول بهذا القول، وفيما يلي نَقْل للموضعَينِ من الكتابين ليَتبيَّن الفرْقُ بينهما:
قال ابن القيم في الصواعق: "الاستواء الْمُعدَّى بأداة "على" ليس له إلَّا معنى واحد، وأما الاستواء المطلق فله عدة معانٍ؛ فإن العرب تقول: استوى كذا: إذا انتهى وكَمَلَ، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14]، وتقول: استوى وكذا: إذا ساواه؛ نحو قولهم: استوى الماء والخشبة، واستوى الليل والنهار، وتقول: استوى إلى كذا: إذا قصَد إليه علوًّا وارتفاعًا؛ نحو: استوى إلى السطح والجبل، واستوى على كذا؛ أي: إذا ارتفع عليه، وعلا عليه، لا تعرف العرب غير هذا، فالاستواء في هذا التركيب نصٌّ لا يحتمل غيرَ معناه، كما هو نصٌّ في قوله: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14] لا يحتمل غير معناه، ونص في قولهم: استوى الليل والنهار في معناه لا يحتمل غيره، فدعوا التلبيس؛ فإنه لا يجدي عليكم إلا مقتًا عند الله وعند الذين آمنوا". [مختصر الصواعق المرسلة: 1م195]
وقال الموصلي في مختصر الصواعق: "لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى بلُغتهم، وأنزل بها كلامه "نوعان": مطلق، ومقيد، فالمطلق: ما لم يوصل معناه بحرف؛ مثل قوله: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14]؛ وهذا معناه كَمَل وتمَّ، يُقال: استوى النبات واستوى الطعام".
أما المقيد فثلاثة أضرب:
أحدها: مقيد بإلى؛ كقوله: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة: 29]، وهذا بمعنى العلوِّ والارتفاع بإجماع السلف.
♦ الثاني: مُقيَّد بعلى؛ كقوله تعالى: ﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ﴾ [الزخرف: 13]، وهذا أيضًا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.
♦ الثالث: المقرون بواو "مع" التي تعدي الفعل إلى المفعول معه؛ نحو: استوى الماء والخشبة، بمعنى: ساواها.
وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم".[مختصر الصواعق المرسلة: 3/888]
على أن عبارة الموصلي يمكن أن تحمل على تفسير أصْلِ معنى الاستواء، لكنها تبقى مُوهِمةً.
وهنا تنبيه: وهو أن كثيرًا من الباحثين ينقلون نصوصًا وينسبونها إلى ابن القيم، ثم يحيلون على مختصر الصواعق، وهذا فيه إيهام؛ لأنه كما سبق تتفاوَتُ عبارات الأصل عن عبارات المختصر، والصواب عند نقل شيء من النصوص من مختصر الصواعق أن تُنسَب للموصلي في مختصر الصواعق.

([11]) انظر: المحكم لابن سيدة: 8/640.

([12])ذكره البغوي في تفسيره:1/78.

([13]) انظر: تفسير البغوي: 1/78.

([14])أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (872).

([15]) العلو للعلي الغفار: (438):ص159.

([16])أخرجه البخاري 6/ 2698، وابن جرير -كما في التغليق 5/ 344، والفتح 3/ 405 - ، وابن أبي حاتم(308):ص1/75. وعَلَّقه البيهقي في الأسماء والصفات (عَقِب 872). وهو في تفسير الطبري 1/ 456 من قول الربيع.-كما سيأتي-.

([17])أخرجه الطبري(588):ص1/429، وابن أبي حاتم:1/75.

([18])علَّقه ابن أبي حاتم 1/ 75.

([19]) مجموع الفتاوى: 5/521.

([20]) العرش: 1/190.

([21]) العلو للعلي الغفار، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (ت ٧٤٨هـ) :ص(437):ص159، وانظر: العرش:2/18. رواه أبو عمرو في "التمهيد": 7/132.
وأبو عمر: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما، قال الباجي: "أبو عمر أحفظ أهل المغرب"، من مؤلفاته: "التمهيد"، و"الاستيعاب"، و"جامع بيان العلم وفضله"، ولد سنة (368هـ) وتوفي سنة (463هـ) . انظر الوفيات (7/66-72) وتذكرة الحفاظ (1128).

([22]) انظر: تفسير الطبري: 1/429، و تفسير ابن كثير: 1/213.

([23])انظر: تفسير الطبري: 1/429.

([24]) انظر: تفسير الطبري: 1/429.

([25]) المحرر الوجيز: 1/115.

([26]) تفسير الطبري: 1/429.

([27])) ديوانه : 110 ، واللسان (سوى) قال : " وهذا البيت مختلف الوزن ، فالمصراع الأول من المنسرح ، والثاني من الخفيف " . والرسم : آثار الديار اللاصقة بالأرض . ومهدد اسم امرأة . والأبد : الدهر الطويل ، والهاء في " أبده " راجع إلى الرسم . وعفا : درس وذهب أثره . والبلد : الأثر يقول : انمحى رسمها حتى استوى بلا أثر .

([28]) انظر: تفسير الطبري: 1/429.

([29]) انظر: ثم استوى إلى السماء (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "8": د. زياد بن حمد العامر. [مقال منشور في موقع الآلوكة]

([30])أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، رقم (10594) 10/ 300 (وهذا لفظه)، وأبو الشيخ في العظمة، رقم (559) 3/ 1040، وابن منده في كتاب التوحيد، رقم (19)، ص 109، والبيهقي في الأسماء والصفات، رقم (809) 2/ 247، والذهبي في العلو، رقم (87) 1/ 471.
وأصل الحديث في البخاري موصولًا - فإنه ذكر الأثَرَ ثم ذكر الإسناد بعده - في كتاب: التفسير، تفسير سورة حم السجدة (سورة فصلت) 6/ 128، لكن بدون زيادة (ثم نزل إلى الأرض)، وقال ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية، ص 158: (وهذه الزيادة وهي قوله "ثم نزل إلى الأرض" ليست عند البخاري، وهي صحيحة )، ويُنظَر: مختصر العلو، للألباني، ص 94.

([31]) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي: 2/310.

([32])انظر: الأسماء والصفات للبيهقي: 2/310.

([33]) انظر: العلو للذهبي 2/ 1044، وفي كتابه الآخر العرش 2/ 212.

([34]) انظر: بيان تلبيس الجهمية 8/ 305.

([35]) انظر: تهذيب اللغة: 13/125.

([36]) انظر: تفسير القرطبي: 1/381.

([37]) انظر: مختصر العلو: 171.

([38])انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، ابن عثيمين: 52، ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين: 3/ 312.

([39]) انظرك مجموع الفتاوى: 5/521.

([40]) انظرك مجموع الفتاوى: 5/521.

([41]) انظرك مجموع الفتاوى: 5/521، ومختصر الصواعق للموصلي 3/ 888.

([42]) انظر: التبصير في الدين، للإسفراييني، ص 158، والأسماء والصفات، للبيهقي 2/ 310، ومجموع الفتاوى 5/ 403، 409، 520.

([43]) مجموع الفتاوى: 5/522.

([44]) انظر: تفسير القرطبي: 1/382.

([45]) انظر: تفسير ابن أبي زمنين: 1/131.

([46]) انظر: تفسير البغوي: 1/78، وتفسير القرطبي: 1/382.

([47]) انظر: معاني القرآن :1/25. قال فيه:" الاستواء في كلام العرب على جهتين: إحداهما أن يستوى الرجل و ينتهى شبابُه، أو يستوي عن اعْوِجاج، فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول: كان مقبلا على فلان ثم استوى على يُشاتمني وإلى سَوَاءٍ ، على معنى: أَقْبَلَ إلى وعليّ، فهذا معنى قوله: {*ثُمَّ *اسْتَوى *إِلَى *السَّماءِ} والله أعلم. وقال ابن عباس:{*ثم *استوى *إلى *السماء}: صعِد، وهذا كقولك للرجل: كان قائما فاستوى قاعدا، وكان قاعدا فاستوى قائما. وكلٌّ في كلام العرب جائزٌ".

([48]) نقلا عن: العلو للعلي الغفار(532):ص213. والعرش: 1/203.
وهو: العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار، البغدادي النحوي، الشيباني أو ثعلب( 200 هـ-291 هـ ) ((816-904م، إمام الكوفيين في عهده، وثالث ثلاثة قامت على أعمالهم مدرسة الكوفة النحوية، العلامة المحدث، وإمام النحو، صاحب الفصيح والتصانيف، ولد ببغداد في السنة الثانية من خلافة المأمون وبها مات.

([49]) انظر: تفسير ابن أبي زمنين: 1/131، 4/147.

([50]) انظر: تفسيره: 4/126. في تفسير سورة «فصلت»، ولفظه:" أي: عمد إلى خلق السماء".

([51]) انظر: الحجم في بيان المحجة: 2/258.

([52]) انظر: تفسير السمعاني: 5/39.

([53]) انظر: التسهيل: 1/61، 2/289.

([54]) انظر: درء تعارض العقل والنقل 1/ 279، ومجموع الفتاوى 17/ 374، 33/ 185.

([55]) انظر: الكافية الشافية لابن القيم، رقم البيت (1973-1974) 2/ 524، الصواعق المرسلة 1/ 195، وكتاب الصواعق يعتبر من أواخر ما كتب ابن القيم، يُنظَر: الصواعق 1/ 82، وذكرت أنه آخر القولين؛ نظرًا لأن الكافية الشافية قد ألَّفها ابن القيم في آخر حياته بعد تأليف كتابه الصواعق بدليل أنه أحال على كتابه الصواعق فيها؛ يُنظَر: الكافية الشافية، رقم البيت (1929) 2/ 517.

([56]) انظر: تفسير ابن كثير:1/332.

([57]) انظر: تفسير السعدي: 745.

([58]) انظر: شرح القواعد المثلى: ص 257، وتفسير ابن عثيمين: 1/76. وتفسير العثيمين-الفاتحة البقرة-:1/110، وفيه قال:" الاستواء هنا بمعنى القصد التام، والإرادة الجازمة".

([59]) انظر: الدر المصون للسمين الحلبي 1/ 242.

([60])المحكم لابن سيده 8/ 460، وتهذيب اللغة للأزهري 13/ 124.

([61]) انظر: تفسير البغوي: 1/78.

([62])البيت لتميم بن أبي بن مقبل (معجم ما استعجم : 795 ، 857) ، وروايته " ثواني " مكان " سوامد " . وشرورى : جبل بين بني أسد وبني عامر ، في طريق مكة إلى الكوفة . والضجوع - بفتح الضاد المعجمة - : موضع أيضًا بين بلاد هذيل وبني سليم . وقوله : " سوامد " جمع سامد . سمدت الإبل في سيرها : جدت وسارت سيرًا دائمًا ، ولم تعرف الإعياء . وسوامد : دوائب لا يلحقهن كلال . والنون في " قطعن " للإبل

([63])انظر: معاني القرآن :1/25، وتفسير الطبري: 1/428.
وضعفه الطبري: قائلا:" وهذا من التأويل في هذا البيت خطأ، وإنما معنى قوله : "واستوين من الضجوع"، استوين على الطريق من الضجوع خارجات، بمعنى: استقمن عليه". [انظر: تفسير الطبري: 1/428].

([64])لاختلاف في اللفظ، والرد على الجهمية والمشبهة ص 37، ويُنظَر: تفسير غريب القرآن ص 45، 388.

([65]) تفسير ابن كثير:1/332.

([66])تيسير الكريم الرحمن" للسِّعدي (ص 30).

([67]) .التفسير البسيط: 1/207، انظر: "البسيط" [البقرة: 29]، وانظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 74، 75، والنص أقرب إلى ما في "تهذيب اللغة" 13/ 125.

([68])"تهذيب اللغة" (لفيف السين) 2/ 1794.

([69])شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، رقم (668) 3/ 443، والعلو للعلي الغفار(532):ص213. والعرش: 1/203، واجتماع الجيوش الإسلامية 1/ 167.

([70])مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: 3/ 312.

([71]) البيت ورد في تفسير الطبري: 1/428، ولم أجد قائله.

([72]) انظر: معاني القرآن: 1/62.

([73]) غريب القرآن: 45.

([74]) انظر: تفسير الطبري: 1/429.

([75]) .انظر: النكت والعيون: 5/172

([76]) انظر: الكشف والبيان: 23/259-260.[ط .دار التفسير]

([77])الصفات الفعلية: هي التي تنفك عن الذات، أو التي تتعلق بالمشيئة والقدرة، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، ومنها: الاستواء -المجيء- الإتيان -النزول- الخلق. انظر: "الصفات الإلهية تعريفها وأقسامها" لمحمد التميمي 1/ 65.

([78]) انظر: الكشف والبيان: 23/259-260.[ط .دار التفسير]

([79]) انظر: مختصر الصواعق المرسلة 3/ 941.

([80]) مجموع الفتاوى: 13/342.

([81]) انظر: بدائع الفوائد 2/ 423، ويُنظَر: 1/ 357، وحادي الأرواح لابن القيم 1/ 391..

([82])الكليات للكفوي ص267، ويُنظَر: مغني اللبيب 2/ 179، 6/ 561..

([83]) الخصائص: 2/308.

([84]) المصدر نفسه:2/310.

([85]) انظر: تهذيب اللغة للأزهري 13/ 125، والأسماء والصفات للبيهقي رقم (871)، 2/ 310، وتاج اللغة وصحاح العربية 6/ 2385، والمحكم لابن سيده 8/ 640، وتاج العروس 38/ 331، ولسان العرب 6/ 447.

([86]) الحجة في بيان المحجة: 2/258.

([87]) انظر: لتسهيل لابن جزي 1/ 303، والحجة في بيان المحجة 2/ 258، والكليات للكفوي ص 109، والمواقف للإيجي 3/ 144، ومختصر الصواعق المرسلة للموصلي 3/ 941..

([88]) ذكر الشيخ السعدي: أن كلمة(استوى) ترد في القرآن على ثلاثة معاني:
أحدها: لا تعدى بالحرف، فيكون معناها: «الكمال والتمام»، كما في قوله عن موسى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص : 14].
الثاني: أن تكون بمعنى: «علا» و«ارتفع»، وذلك إذا عديت بـ «على»، كما في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف : 54]، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]، وقوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف : 13].
الثالث: أن تكون بمعنى: «قصد»كما إذا عديت بـ«إلى»، كما في هذه الآية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة : 29]، أي: لما خلق تعالى الأرض، قصد إلى خلق السماوات { فسواهن سبع سماوات } فخلقها وأحكمها، وأتقنها". [انظر: تفسير السعدي: 1/48].

([89])درء تعارض العقل والنقل 1/ 279،وانظر: مجموع الفتاوى 17/ 374، 33/ 185..

([90])الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم 1/ 195..

([91])مختصر الصواعق المرسلة للموصلي 3/ 943.

([92]) مجموع الفتاوى: 5/521.

([93]) انظر: ثم استوى إلى السماء (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "8"، د. زياد بن حمد العامر. [مقال منشور في موقع الألوكة]



المصدر:الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية، عبدالله خضر حمد/ الجزء الأول: