الترويح عن النفس
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان

لا أظنُّ أننا نحتاج إلى من يُبين لنا أهمية الترويح عن النفس وحاجتنا إليه؛ لأن الكثير من الناس جعل حياته لهوًا ولعبًا؛ لكن لا يمنع أن الإنسان إذا وجد أن حياته العملية قد طغت عليه، وأصبح جديًّا في أموره كلها، فلا بأس أن يُروِّح عن نفسه؛ حتى لا يكلَّ أو يملَّ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((يا حنظلة، ساعة وساعة)) [1].

فالترويح عن النفس بعد العمل الدؤوب، والكد الكثير، لا بد منه؛ لأنه يبعث النشاط من جديد، ويُحرِّك الدورة الدموية؛ ممَّا يُجدِّد الحيوية فيها مرة أخرى.

وجاء عن علي رضي الله عنه أنه قال: روِّحوا القلوب، واطلُبوا لها طرف الحكمة، فإنها تملُّ كما تملُّ الأبدان[2].

وما زال أهل الفضل والعلم، والأدب يُعجبهم الملح، وشيء من الطُّرف، وعجائب الأخبار، ويبشون لها، ويسعدون بها، وما ذلك إلا لأنها تريح القلب، وتُنعش النفس، وتُجدِّد النشاط [3].

فإن من العوامل المهمة في تغيير الذات، وتطوير النفس - أخْذَ شيء من الاستجمام، والترفيه البريء للنفس والجسد؛ لأن الحياة مليئة بالضغوط، وكثرة المصاعب، فيُخفِّف الإنسان أحمال الهموم، ومتاعب العمل، فيذهب مثلًا إلى رحلة في الصحراء، أو في روضة من الرياض الخضراء، فيدخل على قلبه البهجة والسرور، ويملأ نفسه بالسعادة والحبور، فتزداد رغبته في العمل، ويكون عنده همَّة عالية لمواصلة السير في دروب الحياة.
------------------------------------
[1] مسلم (6900).

[2] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع؛ للخطيب البغدادي (2/ 129)، رقم (1389).

[3] أخبار الحمقى والمغفَّلين؛ لابن الجوزي، ص (6) وما بعدها.