اتخاذ القرار

د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان


اتخاذ القرار مهمٌّ جدًّا في حياتنا، إن كل ناجح في العالم في أي مجال من مجالات الحياة، ليكون ناجحًا ويستمر في نجاحه، لا بد أنه قد اتخذ قرارات كثيرة على مستوى حياته اليومية، فأي قرار ستتَّخِذه معناه تغيير جديد، وتطوير حديث لحياتك، فكلما اتخذت قرارات أكثر، استمتعت بحياتك أكثر، لماذا؟

لأن القرارات هي الطريق الصحيح للحصول على ما تريد في هذه الحياة.

انظر إلى أبي بكر اتخذ قرارين مهمَّين في التاريخ: ما هما؟
1- قرار إنفاذ جيش أسامة بن زيد.
2- قرار محاربة المرتدين.
وكان لهذين القرارين شأنٌ عظيمٌ في التاريخ الإسلامي.

انظر إلى الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، لقد قرَّر هذا الرجل أن يقف بجانب السنة، ويُناصرها ضد البدعة، فقدَّم تضحياتٍ على مدى 18 سنة، تعرَّض للتعذيب والأذى والإهانة، ومع هذا لم يَنثَنِ عن قراره، ولم يتنازل.

ما كان عنده أي نفوذ، ولا مال، ولا منصب؛ لكن عنده إيمان، وعلم وإرادة وتصميم وثباتٌ على الحق، فاجتمعت هذه الأمور مع القرار الكبير الذي أصرَّ عليه، واتخذه داخل نفسه، وكان مستعدًّا أن يُضحِّي من أجله، بعدها رفع الله ذكره؛ لذلك يقول أهل التاريخ: وقفتانِ في التاريخ لولاهما بعد الله لضَعُفَ هذا الدين: وقفة أبي بكر في الرِّدة، ووقفة أحمد بن حنبل ضد المبتدعة[1].

فإلى متى تتأخَّر، وتُسوِّف في اتخاذ القرار؟! إن الأمر بيدك، وليس لأحد سواك، فقرارُكَ بيدكَ، فاعزم وبادِرْ باتِّخاذه.

اتخذْ قرارَ التصحيح، وقرار التطوير والتغيير، فأنت محتاج إلى هذا القرار في هذه اللحظة، وهذه الساعة، وكلما تأخَّرت، بَعُدَ عنك النجاح، وتجاوزك الطامحون، وظللت في مكانك.

يقول د. سليمان العلي: ويوم أن كنا طلبة درستُ في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية قصة لطيفة ظلت في ذهني، وهي أن امرأة اسمها (روزا باركس) وهي امرأة سوداء، وفي عام 1955م كان فيه تفرقة عُنْصرية، فالسود لهم مطاعمُهم الخاصة بهم، ولهم وضع مُعيَّن يُخالف البيض، وحينما يركبون في الحافلات، لا بد أن يقفوا ولا يجلسوا، ولَمَّا ركبت هذه المرأة، وقرَّرت في داخلها عدم الوقوف، وأن تجلس مثلها مثل البيض، ولما جاء البيض وركبوا الحافلة لم تقُمْ، ونفَّذَتْ ما كانت قد عزَمت عليه.

هذا الفعل منها أشعل حركة في كل أنحاء أمريكا، سُمِّيَتْ فيما بعد: "حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية"، التي كانت نتيجتها أن وضع في الدستور قضية حقوق الإنسان، وعدم التفرقة بينهم، بناءً على العِرْق أو اللون أو الدين[2].


فقرار هذه المرأة، وتنفيذه على أرض الواقع، كان له تأثيرٌ كبير في تغيير الوضع بالنسبة للسود؛ فاتخِذِ القرار الآن، ولا تؤجِّل ساعة الميلاد الجديدة، فقرارك بيدك، فابدأ الآن.
----------------------------------
[1] مستفاد من: متعة الفشل؛ د. سليمان بن علي العلي، مجموعة أشرطة، اليوم السادس قوة اتخاذ القرار وجه ب، قرطبة للإنتاج الفني بالرياض.

[2] المرجع السابق.