عندما نعجز.. ماذا نفعل؟





- تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث من (العجز)؛ فما العجز المقصود؟ ولماذا يتعوذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ وما الفرق بين (العجز) وبين (الكسل)؟ وهل العجز مرتبط بالأفراد فقط؟ أم بالمجموعات والدول؟

- الالتِجاءُ إلى اللهِ مِن صَميمِ الإيمانِ؛ فاللهُ -سُبحانَه- هو القادِرُ على كلِّ شيءٍ، ويُجيرُ ويَحْمي مِن كُلِّ سُوءٍ. ومن هدي النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلجأ إلى الله في جميع أحواله، كما أنه يتعوذ بالله من كل ما يعتري الإنسان من نقص، أو يضعف همته عن كمال العمل، والدعوة إلى الله، فيقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ»، أي: أَحْتَمي بِكَ وأَسْتَجيرُ، ثم يذكر هذه الخصال المثبطة ويتعوذ منها.

- والاستعاذة من الأُمور التي تحمي من التَّقصيرِ عنْ أَداءِ الواجِباتِ، وتدفع إلى القيامِ بِحُقوقِ اللهِ -سُبْحانهُ وتَعالى-، وإزالَةِ المُنْكَرِ؛ فيتحصل من كل هذا شَجاعَة للنَّفْسِ وقُوّة متوازنة، تنعكس على إتمام العِبادات، والقيام بنَصْرِة المَظْلُومِ.

- ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، ..»، وهنا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - العجز مقرونا بالكسل، بل وذكره قبل الكسل؛ ليدل على أنه مختلف عن الكسل وأنه أشد منه.

- يقول ابن القيم -رحمه الله في (زاد الميعاد)-: «أما العجز فإنه يفتح عمل الشيطان، فإنه إذا عجز عما ينفعه، وصار إلى الأماني الباطلة بقوله: لو كان كذا وكذا، ولو فعلت كذا، يفتح عليه عمل الشيطان، فإن بابه العجز والكسل؛ ولهذا استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - منهما، وهما مفتاح كل شر، ويصدر عنهما الهم، والحزن، والجبن، والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال، فمصدرها كلها عن العجز والكسل، وعنوانها (لو)؛ فلذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإن (لو) تفتح عمل الشيطان»».

- وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: فَكُنْتُ أخْدُمُ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزوةِ خَيبَرَ(7 هـ) بيْن المُسلِمينَ واليَهودِ، كُلَّما نَزَلَ، في أيِّ وَقتٍ، وفي أيِّ مَكانٍ، فَكُنْتُ أسْمَعُهُ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ..».

- وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من (العجز والكسل)؛ لأنهما سبب لعدم الإنجاز وضعف العمل، وهذا قد يؤثر سلبا على المجتمع، وربما كان أدعى لتسلط الأعداء عليه؛ بحيث يصبح أفراده تابعين لغيرهم دائما، ليست لهم إرادة ولا همة، قال -تعالى- ذاما الكسل: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}؛ لأن (الكسل) يؤدي إلى عَدَمِ انبعاثِ النَّفْسِ للخيرِ مع ظُهورِ الاستطاعةِ والقُدرةِ على فِعْلِه.

- والفَرقُ بين (العجز) و(الكسل) أنَّ (الكَسَلَ) تَرْكُ الشَّيءِ مع القُدرةِ على فِعلِه، و(العَجزَ) عَدَمُ القُدرةِ. و(الكسل) هو تَباطُؤُ النَّفْسِ وتَثاقُلُها عن العَمَلِ وعَدَمُ إِقْبالِها عليه، وقيل: (العجز) هو وجود إرادة للفعل مع عدم وجود قدرة لإنجازه، أما (الكسل) فهو انتفاء تلك الإرادة؛ فأي فعل هو اجتماع الإرادة مع القدرة؛ فالإنسان إذا توافرت له الإرادة، فقد خرج من دائرة الكسل، وإذا كان عنده القدرة فقد خرج من دائرة العجز.


سالم الناشي