الدلالة على المثبت بالمنفي
د. إبراهيم عوض




عند المتنبي غرامٌ باستعمال النفي بدل الإثبات.
وأحيانًا ما يبدأ باستعمال النفي ثم يقفي عليه بالإثبات.

وأحيانًا ما ينفي النفي فيحصل بذلك على الإثبات.
هل رغبة في لفت الأنظار بترك السبيل المتوقعة المباشرة أحيانًا إلى سبيل معاكسة ملفوفة؟
إن هذا الميل إلى التعبير الملفوف واضح عند الكتاب الإنجليز، فهم مثلًا بدلًا من أن يقولوا: "Like him"، كثيرًا ما يقولون: "Not unlike him"، ولست أقصد بهذا أن أعقد مقارنةً بين أسلوب المتنبي والأسلوب الإنجليزي، فليس هناك وجه لمثل هذه المقارنة، وإنما الشيء بالشيء يذكر، والآن مع الأمثلة:

يطأنَ مِن الأبطالِ مَن لا حملنه
ومِن قصَدِ المرَّانِ ما لا يقوَّمُ


♦ ♦ ♦


يقرُّ له بالفضلِ مَن لا يودُّهُ
ويقضي له بالسعدِ مَن لا ينجمُ


♦ ♦ ♦


فما بسطوا كفًّا إلى غير قاطعٍ
ولا حملوا رأسًا إلى غير فالقِ

لقد أقدَموا لو صادفوا غيرَ آخذٍ
وقد هربوا لو صادفوا غيرَ لاحقِ


♦ ♦ ♦


ومبثوتة لا تُتَّقى بطليعةٍ
ولا يُحْتمى منها بغورٍ ولا نجدِ


♦ ♦ ♦


لا بقومي شرُفتُ بل شرُفوا بي
وبنفسي فخرتُ لا بجدودي