الاحتفال به محرم ولا يجوز - (الهالوين) أصله وحكم الاحتفال به


الفرقان

من المؤسف جدًا أن نرى مظاهر الاحتفال بما يسمى (الهالوين) أو (عيد الرعب والهلع) تنتشر في بلاد المسلمين؛ تقليدًا منهم للكفار والغربيين، دون أدنى إدراك لحقيقة هذا العيد الوثني، الذي ينبذه المسيحيون المحافظون، ويرونه عيدًا وثنيًا شيطانيا، ومع ذلك يسارع كثير من شباب المسلمين، للتشبه بالغربيين والكفار في مظاهر هذا الاحتفال؛ مصداقًا لقوله - صلى الله عليه وسلم » لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ؟».
ما (الهالوين)؟
بحسب كثير من الباحثين فإن الهالوين بدأ مهرجانا وثنيا ينطق باسم (سامهاين) واحتفلت به شعوب (الكلت) (Celtic) أو (السلت) في أيرلندا وبريطانيا وشمال فرنسا، بعامهم الجديد في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)؛ حيث عدوا هذا اليوم، هو نهاية الصيف والحصاد، وبداية الشتاء المظلم البارد؛ لأن العام ينقسم عندهم إلى نصفين، نصف للنور، وهو موسم الصيف، وموسم للظلمة والموت، وهو موسم الشتاء، الذي يبدأ في 1 نوفمبر.
اعتقاد باطل
وقد اعتقد الكلت وجود حاجز بين عالم الأحياء وعالم الأموات، وأن هذا الحاجز يزول أو يكاد في ليلة (سامهاين) وهو ما يجعل الحدود بين عالم الأحياء والأموات غير واضحة، فأرواح من رحلوا في العام المنتهي تكون عالقة ولا تغادر إلى العالم الآخر إلا في تلك الليلة، وترجع أشباح الموتى إلى الأرض، وتزور أهلها؛ لذا وضعوا كراسي فارغة حول الموائد وتركوا أبواب البيوت مفتوحة، أما الأرواح الشريرة التي يخشون من إيذائها، فقد أشعلوا النيران على قمم التلال لطردها، وارتدوا الأقنعة لكي لا تتعرف عليهم، وبسبب قدوم الأرواح اعتقد (الكلت) أن هذا يسهل على الكهنة التنبؤ بالغيب وما يحدث في المستقبل، وسؤال الكهنة عن الصحة والزواج والموت، وغيرها من أمور المستقبل والغيب.
مظاهر الاحتفال بالهالوين
يعد إشاعة الرعب من أبرز مظاهر الهالوين؛ حيث يقوم المحتفلون بارتداء أقنعة مخيفة، أو ارتداء ملابس أشباح، ومصاصي الدماء، أو نشر حكايات الرعب ومشاهدة أفلام الرعب، أو عمل المقالب المخيفة، وأصل ذلك كما ذكرنا، أن شعوب «الكلت» كانت تعتقد أن ارتداء هذه الأقنعة يحميهم من شر الأشباح التي تعود للأرض في هذه الليلة، فلا تتعرف عليهم بسبب هذه الأقنعة، ومن أهم مظاهره كذلك، نحت اليقطين؛ حيث يقوم المحتفلون بنحت يقطينة ووضع النار بداخلها؛ حيث تمثل النار سحر الشمس الجيد، وتمثل اليقطين الحصاد، على اعتقاد أن السحر الجيد سيحافظ على الطعام المحصود خلال النصف المظلم.
عادة (مقلب أم حلوى؟)
ومن أهم المظاهر كذلك، عادة (مقلب أم حلوى؟)؛ حيث يقوم الأطفال والشباب، بطرق البيوت؛ لطلب الحلوى منهم، أو تهديدهم بإلقاء السحر عليهم، وأصل هذه العادة القبيحة، في عادات «الكلت» أنهم كانوا يتركون قطعا رمزية من الحصاد للأرواح الشريرة التي يعتقدون رجوعها في هذه الليلة؛ لتكف شرهم عنها، ويحتفل عبدة الشيطان بهذا اليوم بارتداء الأزياء الشيطانية، والاعتداء على الأطفال والحيوانات لتقديمهم قرابين للشياطين، وتعاطي المخدرات، وممارسة الزنا واللواط تمجيدًا للشيطان.
حكم الاحتفال بالهالوين
لا شك أن الاحتفال بالهالوين محرم، ولا يجوز، وذلك لأسباب كثيرة:
(1) أنه يدخل في موالاة الكفار المحرمة
قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة: 51) ولا شك أن التشبه بهم من أعظم صور الموالاة؛ وذلك لأن التشبه بهم في الظاهر يورث مودتهم وموالاتهم في الباطن. فكل آيات النهي عن موالاة الكفار، تكون نهيًا عن التشبه بهم، قال العلماء: «ومن موالاتهم التشبُّه بهم، وإظهارُ أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائها في بلاد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم، فقد أعانهم على إظهارها».
(2) أنه يدخل في التشبه المحرم بالكفار
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:»من تشبَّهَ بقومٍ فَهوَ منْهم»، ولا شك أن من أعظم صور التشبه بالكفار التشبه بهم في أعيادهم؛ فإن الأعياد من خصائص الأمم؛ ولذلك لما «قدِمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ ولَهُم يومانِ يَلعبونَ فيهِما فقالَ: ما هذانِ اليومانِ ؟قالوا: كنَّا نَلعبُ فيهِما في الجاهليَّةِ فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: قد أبدلَكُمُ اللَّهُ بِهما خيرًا منْهُما: يومَ الأضحى ويومَ الفِطرِ»، وهذا دليل واضح على عدم جواز التشبه بالكفار في أعيادهم، ويؤكد ذلك قوله -تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (الحج: 67) قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أي: عِيدًا.
(3) نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه بأعياد الكفار
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه بالمشركين في أعيادهم خصوصًا، أو موافقتهم في أعيادهم بأي صورة، وهذا أخص من النهي العام عن مشابهتهم، وذلك في أحاديث كثيرة، منها الحديث السابق: «قد أبدلَكُمُ اللَّهُ بِهما خيرًا منْهُما: يومَ الأضحى ويومَ الفِطرِ»، ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:»إنَّ لِكلِّ قومٍ عيدًا وَهذا عيدُنا»، وهذا يدل على اختصاص كل أمة بعيدهم. ومنها حديث ثابتِ بنِ الضَّحَّاكِ أنَّ رَجُلًا نذر أن يذبحَ إبِلًا ببَوانةَ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هل كان فيها وَثَنٌ من أوثانِ الجاهِليَّةِ يُعبَدُ؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيدٌ مِن أعيادِهم؟ قالوا: لا. قال: أَوْفِ بنَذْرِك؛ فإنَّه لا وفاءَ لنَذرٍ في معصيةِ اللهِ، ولا فيما لا يملِكُ ابنُ آدَمَ»، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيا عنه، فكيف الموافقة في العيد نفسه بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم؟!
(4) المفاسد الواقعة في هذا الاحتفال
وهي مما تزيد التحريم؛ فإنه لو كان هذا العيد يخلو منها، لكان محرمًا للوجوه السابقة، فكيف إذا انضافت إليه هذه المفاسد التي لا يشك فيها العقلاء؟ فمن هذه المفاسد ما يلي:
- اعتقاد عودة الأرواح وتأثيرها بالضر والنفع، ولا شك أن هذا من الشرك، وهو مشابه لاعتقاد المشركين في الجن الضر والنفع من دون الله -تعالى-، ومن ذلك الخوف من هذه الأرواح وتقديم القرابين لها، وهو من الشرك في العبادة، وهو مطابق لما كان عليه أهل الجاهلية من الخوف من الجن وعبادتهم، كما قال -تعالى-: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (الجن: 6)
- ومن ذلك سؤال الكهنة والعرافين عن علم الغيب، ولا شك في منافاة ذلك للتوحيد، قال -تعالى- {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (الأنعام: 59). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَتَى *عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».
- ومن ذلك: إلقاء الرعب في نفوس الأطفال والناس، ولا شك في حرمة ذلك، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهم كانوا يسيرون مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فنام رجلٌ منهم فانطلق بعضُهم إلى حبلٍ معه فأخذه؛ ففزِع؛ فقال رسولُ اللهِ -[-:»لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مسلمًا».
- ومن ذلك تعويد الأطفال على التسول وسؤال الناس أموالهم، ولا شك في قبح ذلك؛ فإن سؤال الناس أموالهم محرم لغير ضرورة، بل ينبغي تعويد الأولاد على العفة والأدب.
- ومن ذلك: الأثر النفسي الضار من إشاعة الرعب وأفلامه وحكايات الأشباح، ولا سيما على الأطفال الذين يتأثرون بلا شك من مثل هذه الحكايات.
- ومن ذلك العنف الذي يصاحب هذه الاحتفالات، ففي ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي (1930) ومع ضيق الأحوال وقت الكساد الكبير، زادت المقالب والتخريب الذي وصل أحيانا إلى درجة العنف فتحول الهالوين إلى عيد خطر، وفكرت بعض المدن في حظره. بل في هذا العام الحالي (2022) شهدت مدينة في كوريا الجنوبية، حادثا مروعًا بسبب الاحتفال بالهالوين، مات بسببه قرابة 150 شخصا.
- ومن ذلك: إنفاق المال الكثير في غير مصلحة، فوفقًا لموقع شبكة (ABC) الأمريكية، «فالإنفاق على عيد الهالويين خرج عن السيطرة، فالأمريكيون ينفقون 8.8 مليار دولار على الأزياء والديكورات والزينة هذا العام، أي 86 دولارًا لكل شخص يخطط للاحتفال، ويشمل ذلك نصف مليار دولار على الأزياء التي يشتريها الأمريكيون لحيواناتهم الأليفة» فانظر لهذا السفه في الوقت الذي يموت فيه بعض الناس جوعا من قلة الطعام والدواء!
فكيف يسوغ لمسلم بعد ذلك أن يشارك في مثل هذا السفه والدجل المناقض للدين والعقل والذوق والأدب والأعراف؟!
الكنيسة تحرم الاحتفال بالهالوين
رغم محاولة الكنيسة الكاثوليكية تحويل الاحتفال الوثني لعيد مسيحي ديني، إلا أن الطابع الوثني لاحتفالات الهالوين، صارت هي الغالبة والطاغية، وهو ما جعل رجال الكنائس المختلفة يحرمون ويحذرون أتباعهم من المشاركة في الهالوين.