لماذا نكتب؟
د. شريف عوض الدخميسي



يحسَب البعضُ أننا عندما نكتُب، يدور بخَلَدِنا السعيُ وراء مجْدٍ أدبي، أو البحث عن أيِّ مَغْنَمٍ مادي نَحُوزه بأعمالنا.

ولكن الحق أقول لك:
إن المعضلة الكُبْرى تَكمُنُ في أحَدِنا عندما تُراوِدُه فكرةٌ تبدو في البداية رقيقةً، مُتسلِّلةً كالنسيم، ودُودة تُداعِبُ خيالَه؛ حتى تَملِكَ كِيانَه وتستوليَ على بُنيانِه..


آنذاك تستحيل إلى عاصفةٍ مسيطرة، تتحكَّم فيه، ولا تكفُّ حتى تصيرَ إعصارًا جامحًا ومستبِدًّا، حينئذٍ يتحوَّل هو أسيرًا لفكرته المتلبسة به، فلا ينفَكُّ عنها، ولا تَزيغ عنه، كأنهما التَصَقا بغِراءٍ جافٍّ، فيهتدي بعد مطاردة وعناءٍ إلى طريقه الوحيد لاستعادة حريَّتِه، ونزْع قيده، والتحرُّر من أغلال نفسه.

هو طَمَرَ بذورَها في طيَّات الأسْطُر، جاعلًا من قلمه حبَّاتِ رمْلٍ تُضجِر الأصدافَ؛ لتُنتِجَ لؤلؤًا يُزيِّن ببهائه الصفحات، فالكتابة آمال وأحلام، أفراح وأتراح، انكسار وانتصار، واقع وخيال.. فالكتابة حياة.


__________________