شرح ظن وأخواتها


أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن



(ظن) وأخواتها هي القسم الثالث مِن نواسخ المبتدأ والخبر، وهي كلها أفعال كـ(كان) وأخواتها، وليست أحرفًا كـ(إن) وأخواتها[2].
و(ظن) وأخواتها من النواسخ التي تدخل على جملة المبتدأ والخبر، بعد استيفاء فاعلها، فتنصبهما على أنهما مفعولان لها، وعليه فإن الأفعال (ظن) وأخواتها مع ما تدخل عليه تشتمل على أمور ثلاثة؛ هي:
1 - الفاعل، فمرفوعها يسمى فاعلًا لها، لا اسمًا لها، كما قلنا في (كان) وأخواتها.
2 - والمبتدأ، وهي تنصبه، ويسمى مفعولَها الأول.
3 - والخبر، وهي تنصبه أيضًا، ويُسمَّى مفعولَها الثاني[3].
ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هود: 27]، فالفعل (نظنُّ) هنا قد رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر فيه (نحن)، ونصب المبتدأ الذي هو كاف المخاطب على أنه مفعولٌ به أول له، ونصب الخبر الذي هو (كاذبين) على أنه مفعول به ثانٍ له.
وإنما قلنا: إن الكاف مبتدأٌ، و(كاذبين) خبر، قلنا ذلك باعتبار أصلهما؛ لأن أصل هذه الجملة قبل دخول الفعل (نظن) عليها هو: أنتم كاذبون؛ فـ(أنتم) مبتدأ، و(كاذبون) خبر؛ ولذلك يقولون: إن الأفعال (ظن) وأخواتها تنصب مفعولينِ أصلُهما المبتدأ والخبر.
وبالنظر إلى عمل (ظنَّ) وأخواتها في المبتدأ والخبر، وإلى ما مضى من عمل (كان) وأخواتها، و(إن) وأخواتها فيهما، وبالنظر كذلك إلى تجرُّد جملة المبتدأ والخبر عن النواسخ مطلقًا، نجد أن للمبتدأ والخبر من حيث إعرابهما أحوالًا إعرابية أربعة[4]؛ هي:
1 - أن يكون كلٌّ من المبتدأ والخبر مرفوعًا، وذلك إذا لم يدخل عليهما ناسخٌ من هذه النواسخ الثلاثة المذكورة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29].
2 - أن يكون كل من المبتدأ والخبر منصوبًا، وذلك إذا دَخَلَ عليهما الناسخ (ظن) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [الكهف: 36].
3 - أن يكون المبتدأ مرفوعًا والخبر منصوبًا، وذلك إذا دخل عليهما (كان) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40].
4 - أن يكون المبتدأ منصوبًا والخبر مرفوعًا، وذلك إذا دخل عليهما (إن) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].
والأفعال (ظن) وأخواتها تنقسم من حيث معناها إلى:
1 - أفعال القلوب، وسميت بذلك؛ لأنها إما أفعال يقين، وإما أفعال ظن، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكلٌّ من اليقين والظن إنما يُدركان بالحس الباطن، فمعاني هذه الأفعال قائمة بالقلب متصلة به؛ كالعلم، والظن، والزعم، ونحوها، وهذه الأفعال تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أفعال الرجحان، وهي التي تفيد ترجيح وقوع الخبر (المفعول الثاني)، وقد ذكر ابن آجروم منها هنا أربعة أفعال؛ وهي: (ظن، حسِب، خال، زعم).
والقسم الثاني؛ أفعال اليقين، وهي التي تفيد اليقين وتحقيق وقوع الخبر (المفعول الثاني)، وقد ذكر ابن آجروم منها ثلاثة أفعال؛ هي: (رأَى، علِم، وجَد).
2 - أفعال التحويل والتصيير، وهي التي تدل على تحول الشيء وانتقاله من حالة إلى حالة أخرى، وقد ذكر ابن آجروم هنا منها فعلين؛ هما: (اتخذ، وجعل).
3 - ما يفيد حصول النسبة في السمع، وهو فعل واحد؛ هو: (سمع).
وإليك الكلام على هذه الأفعال العشرة بالتفصيل:
أولًا: أفعال القلوب:
1 - أفعال الرجحان:
ذكرنا في الصفحة الماضية أن أفعال الرجحان التي ذكرها ابن آجروم رحمه الله؛ هي:
1 - ظن، ومثال رفعها فاعلًا، ونصبها لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [الكهف: 36]، فالفعل (أظن) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر (أنا)، ونصب مفعولينِ، أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (الساعة)، وهي المفعول الأول، و(قائمة)، وهي المفعول الثاني.
وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام هو: الساعة قائمة.
2 - (حسب)، وهي أيضًا بنفس معنى (ظن)، ومثال رفعها فاعلًا ونصبها لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر قوله تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ﴾ [النور: 11]، فالفعل (تحسب) هنا رفع فاعلًا، هو واو الجماعة، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (الهاء)، وهي المفعول الأول، و(شرًّا) وهي المفعول الثاني.
وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام هو: هو شر لكم[5].
3 - (خال)، وهي أيضًا بمعنى (ظن)، ولم يَرِدْ هذا الفعل في القرآن الكريم، ومثال رفع (خال) فاعلًا ونصبه مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر: قول الشاعر:
إخالُك[6] إِنْ لم تغضُضِ الطرفَ ذا هوًى *** يسومُكَ ما لا يستطاعُ مِن الوجدِ
فالفعل (إخال) هنا فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا)، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول، والمفعول الثاني هو قوله: (ذا)، منصوب بالألف؛ لأنه مِن الأسماء الخمسة، وهو مضافٌ، و(هوى) مضاف إليه.
وكان أصل هذين المفعولينِ المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام؛ أنت ذو هوًى.
4 - (زعم)، وهي أيضًا بمعنى (ظن)[7]، ومثال رفعها فاعلًا ونصبها لمفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، قول الشاعر:
زعمَتْني شيخًا ولستُ بشيخٍ *** إنما الشيخُ مَن يدبُّ دبيبَا
فالفعل (زعم) هنا قد رفع فاعلًا، هو الضمير المستتر (هي)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، أولهما: ياء المتكلم من (زعمتني)، والثاني كلمة (شيخًا).
وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: أنا شيخ.
2 - أفعال اليقين:
ذكرنا فيما تقدم أن أفعال اليقين التي ذكرها ابن آجروم؛ هي:
1 - (علم)، ومثال رفعه فاعلًا، ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قولك: علمتُ الغِيبةَ محرَّمةً، فالفعل (علم) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير (تاء الفاعل)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر؛ هما: (الغِيبة) وهي المفعول الأول، و(محرمة) وهي المفعول الثاني.
وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام قبل دخول الفعل والفاعل (علمت): الغيبة محرمة[8].
2 - (وجد)، وهو بمعنى (علم واعتقد)، ومثال رفعه فاعلًا، ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى:﴿ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾ [الأعراف: 102]، فالفعل (وجد) هنا رفع فاعلًا، هو الضمير (نا)، ونصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما: (أكثرهم)، وهي المفعول به الأول، و(لَفاسقين)[9]، وهي المفعول به الثاني[10].
3 - (رأى)، وهو أيضًا بمعنى (علم)، وليس المراد هنا (رأى) التي بمعنى (أبصر بعينيه)، فالمراد هنا رؤية القلب التي تفيد العلم، لا رؤية العين الباصرة التي تفيد المشاهدة، فالذي ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر هو الفعل (رأى)، الذي بمعنى (علم)، وتسمى (رأى) هذه (رأى) العلمية.
ومثال عملها الرفع في الفاعل، والنصب في المفعولين، قوله تعالى: {﴿ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 7]، فإن المعنى: ونعلَمُه قريبًا، وليس المعنى أننا نُبصِره بأعيننا قريبًا، فإن هذا ليس مرادًا بلا شك، ولذلك فقد تعدَّى الفعل (نرى) هنا إلى مفعولين، هما الهاء، وهي المفعول الأول، و(قريبًا)، وهي المفعول الثاني، وكان أصلهما المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام قبل دخول الفعل (نرى): هو قريب[11].
ثانيًا: أفعال التحويل والتصيير:
ذكرنا فيما تقدَّم أن أفعال التحويل والتصيير التي ذكرها ابن آجروم رحمه الله؛ هي:
1 - (اتخذ)، ومثال رفعه فاعلًا ونصبه مفعولين: أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، فإن الفعل (اتخذ) هنا قد رفع فاعلًا هو لفظ الجلالة (الله)، وقد نصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما (إبراهيم) وهو المفعول به الأول، و(خليلًا) وهو المفعول به الثاني.
وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: إبراهيم خليل.
2 - (جعل)، ومثال رفعه فاعلًا ونصبه مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، فإن الفعل (جعل) هنا قد رفع فاعلًا هو الضمير (نا)، وقد نصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، هما الضمير الهاء، وهو المفعول به الأول، و(هباء)، وهو المفعول به الثاني، وكان أصل هذين المفعولين المبتدأ والخبر؛ لأن أصل الكلام: هو هباء منثور.
ثالثًا: ما يفيد حصول النسبة في السمع:
ذكرنا فيما تقدم أن الذي يفيد حصول النسبة في السمع فعل واحد، هو: (سمع)، وهذا الفعل إما أن يدخل على:
ما يُسمَع، وفي هذه الحالة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فقط باتفاق النحاة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ﴾ [ق: 42]، فـ(الصيحة) مفعول به، ولا نقول: إنها مفعول به أول؛ لأن الفعل (يسمعون) هنا إنما دخل على ما يسمع، وهو (الصيحة)، فلا يتعدى إلا إلى مفعول به واحد، وهذا بالاتفاق، كما ذكرت آنفًا.
ومثال ذلك أيضًا؛ أن تقول: سمعت كلام زيد.
وإما أن يدخل على ما لا يُسمع؛ نحو: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول، فإنه إلى الآن لم يذكر الشيء المسموع.
فإذا كان الفعل (سمع) داخلًا على ما لا يسمع، فإنه قد اختلف فيه النحاة: هل يتعدى إلى مفعولين أو إلى مفعول واحد؟
على قولين:
القول الأول: قول أبي علي الفارسي، وتبعه عليه ابن آجروم، وهو أن الفعل (سمع) إذا دخل على ما لا يسمع، فإنه يتعدى إلى مفعولين، ولكن هذا القول ضعيف، بل قد نسبه بعض النحويين إلى الشذوذ.
والقول الثاني: قول جمهور النحاة، وهو أن (سمع) لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فقط، سواء دخل على ما يسمع، أم على ما لا يسمع، وذلك لأنه من أفعال الحواس، وأفعال الحواس لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد.
وبِناءً على هذين القولين، فإن لك في هذا المثال المذكور - سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول - إعرابين:
الإعراب الأول: أن تكون كلمة (النبي) مفعولًا به أول، وتكون جملة (يقول) المكونة من الفعل (يقول) والفاعل الضمير المستتر (هو) في محل نصب: مفعولًا به ثانيًا، وهذا قد ذكرت أنه قول ضعيف.
والإعراب الثاني: أن تكون كلمة (النبي) مفعولًا به، بينما تكون جملة (يقول) في محل نصب، حالًا من المفعول به (النبي)، وهذا هو الذي عليه جمهور النحاة، وهو الصحيح.
وإنما قلنا في الإعراب الثاني: إن جملة (يقول) في محل نصب حال؛ لأن القاعدة عند النحاة أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، وجملة (يقول) هنا قد أتت بعد معرفة، وهي كلمة (النبي)[12] صلى الله عليه وسلم، فأعربت حالًا.
وبِناءً على ذلك، فإنه إذا كان مكان جملة (يقول) اسمٌ، فإنه يكون منصوبًا، ولكن لا يكون نصبه على أنه مفعول به ثانٍ، وإنما يكون نصبه على الحالية، فيما إذا كان قد أتى بعد معرفة، ومثال ذلك أن تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا.
ويكون نصبه على الوصفية فيما إذا أتى بعد نكرة؛ كأن تقول مثلًا: سمعت رجلًا قائلًا، فـ(قائلًا) هنا صفة لـ(رجلًا)، وليست حالًا منه؛ لأن (رجلًا) نكرة.
وإنما قلنا في الإعراب الثاني: إن جملة (يقول) في محل نصب حال؛ لأن القاعدة عند النحاة أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، وجملة (يقول) هنا قد أتت بعد معرفة، وهي كلمة (النبي)[13] صلى الله عليه وسلم، فأعربت حالًا.
وبِناءً على ذلك فإنه إذا كان مكان جملة (يقول) اسم فإنه يكون منصوبًا، ولكن لا يكون نصبه على أنه مفعول به ثان، وإنما يكون نصبه على الحالية فيما إذا كان قد أتى بعد معرفة، ومثال ذلك أن تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا.
ويكون نصبه على الوصفية، فيما إذا أتى بعد نكرة؛ كأن تقول مثلًا: سمعت رجلًا قائلًا، فـ(قائلًا) هنا صفة لـ(رجلًا)، وليست حالًا منه؛ لأن (رجلًا) نكرة.


[1] لا يزال ابن آجروم رحمه الله يذكر العوامل والنواسخ الداخلة على المبتدأ والخبر، ويذكر عملها فيهما، فقد انتهى من (كان) وأخواتها، التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، ومن (إن) وأخواتها التي تنصب المبتدأ وترفع الخبر، والآن في هذا الباب (باب ظن وأخواتها) سيبين إن شاء الله تعالى أن هذه الأفعال (ظن وأخواتها) تنصب المبتدأ والخبر جميعًا، ويصير المبتدأ مفعولًا به أول، والخبر مفعولًا به ثانيًا.

[2] فهي كلها أفعال، وليس بينها حروفٌ أبدًا، وهذا بالاتفاق، وهي تعمل مطلقًا؛ أي: سواء كانت مضارعة أم ماضية أم أمرًا، كما سيتضح ذلك بالأمثلة، إن شاء الله تعالى.

[3] ولَمَّا كانت (ظنَّ) وأخواتها تنصبُ المبتدأ والخبر على أنهما مفعولانِ لها، كان حقُّها أن تذكر في باب النواصب، ولكن ابن آجروم رحمه الله ذكرها هنا استطرادًا لتتميم بقية النواسخ.

[4] وليس هناك حالة خامسة، فهذه القسمة حاصرة.

[5] ومِن رفع الفعل (حسب) أيضًا لفاعل ونصبه لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر - قوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ [البقرة: 273]، وقوله عز وجل: ﴿ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19].

[6] كذا بكسر الهمزة، قال عباس بن حسن في (النحو الوافي) 1 /48: "الفعل المضارع (إخال) الأفصح فيه كسر همزتِه لا فتحها؛ لأن الكسر هو المسموع الكثير، والفتحُ لغةٌ قليلة مسموعة أيضًا"؛ اهـ.

[7] والغالب في (زعم) أن تستعمل للظن الفاسد، وهو حكاية قول يكون مظنَّة للكذب، فيقال فما يشك فيه، أو فيما يعتقد كذبه، ولذلك يقولون: (زعموا) مطيةُ الكذب؛ أي إن هذه الكلمة مركبٌ للكذب، ومِن عادة العرب أن مَن قال كلامًا وكان عندهم كاذبًا، قالوا: زعم فلانٌ، ولهذا جاء في القرآن الكريم في كل موضع، ذُمَّ القائلون به؛ نحو قوله تعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ [التغابن: 7]، وقوله تعالى:﴿ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48]، وقوله عز وجل: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [القصص: 62].

[8] ومثال رفع (علم) كذلك فاعلًا، ونصبه مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قول الشاعر:
علمتُكَ منَّانًا، فلستُ بآملٍ *** نداك، ولو ظمآنَ، غرثانَ، عاريَا

[9] وليُنتَبه هنا إلى أن اللام في (لَفاسقين) مفتوحة، فهي لام التوكيد، وليست لام الجر؛ لأن لام الجر إذا دخلَتْ على اسم ظاهر كانت حركتها الكسر، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 189].

[10] ومن رفع (وجد) أيضا فاعلًا، ونصبه مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، فالفعل (تجدوه) فعل مضارع مجزوم؛ لكونه جوابًا لاسم الشرط (ما)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل، والمفعول به الأول هو الهاء في (تجدوه)، و(خيرًا) هي المفعول به الثاني.

[11] فإذا كانت (رأى) بمعنى (أبصر بعينه)، فإنها لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا فقط، وتسمى (رأى) البصرية، ومثالها قوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ﴾ [الكهف: 53]، فإن الفعل (رأى) هنا بمعنى (أبصر بعينِه)، وليس بمعنى (علم)، ولذلك لم ينصب إلا مفعولًا واحدًا فقط، وهو (النار).

[12] وأداة التعريف فيها (أل).

[13] وأداة التعريف فيها (أل).